الجواب: أولاً: هل هو يدعو بهذا الدعاء في نفس الصلاة أو في غيرها؟ إن كان يدعو بذلك في نفس الصلاة فإن صلاته تكون باطلة فيما يظهر لي؛ لأن هذا دعاء يقرب أن يكون شركاً، فالنبي عليه الصلاة والسلام ليس طب القلوب ودواؤها على وجه حسي، بمعنى: إذا مرض القلب مرضاً حسياً جسمانياً فإن النبي صلى الله عليه وسلم ليس طبيبه، إذ إن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات الآن، ولا يمكن أن ينتفع به أحد من الناحية الجسمية.
أما إذا أراد أن الإيمان به طب القلوب ودواء القلوب فهذا حق، ولا شك أن الإيمان بالرسول عليه الصلاة والسلام أنه يشفي القلوب من أمراضها.. الأمراض الدينية وأنه دواء لها.
كذلك يقال في عافية الأبدان، النبي عليه الصلاة والسلام ليس عافية الأبدان، بل هو عليه الصلاة والسلام يدعو للمرضى أن يشفيهم الله عز وجل وليس هو الذي يعافيهم، بل الذي يعافيهم هو الله عز وجل، وهو نفسه صلوات الله وسلامه عليه يدعو بالعافية يقول: ( اللهم عافني ) فكيف يكون هو العافية، هذا أيضاً دعاء باطل لا يصح.
وكذلك (نور الأبصار وضياؤها) هذا خطأ، فنور الأبصار صفة من صفات الجسم الذي خلقه الله عز وجل، فنور الأبصار من خلق الله سبحانه وتعالى وليس هو الرسول عليه الصلاة والسلام، وليس هو الذي خلق نور الأبصار.
فنصيحتي لهذا الإمام ولغيره ممن يدعو بهذا الدعاء: أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يعلم أن أفضل الأدعية ما جاء في القرآن والسنة لأنه جاء من لدن حكيم خبير، فياليت هؤلاء يجمعون أدعية القرآن التي جاءت في القرآن وكذلك الأدعية التي جاءت في السنة ويدعون الله بها لكان خيراً لهم من هذه الأسجاع التي قد تكون من الكفر وهم لا يدرون عنها، نصيحتي لهذا الداعي بهذا الدعاء وغيره أن يتوب إلى الله تبارك وتعالى، وأن يرجع إلى الدعاء الذي في الكتاب والسنة فإنه أجمع الأدعية وأفضلها وأنفعها للقنوت.
الجواب: أوجه المسلمين أولاً بكلمة إلى علمائهم، فإنه يجب على علماء المسلمين أن يبصروا عامتهم؛ لأن العلماء بمنزلة النجوم في الأرض يهتدى بهم في ظلمات الجهل، فعلى العلماء أن يتقوا الله عز وجل، وأن يستمدوا علمهم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح رضي الله عنهم ثم يرشدوا الناس إلى هذا، والناس إذا صلح علماؤهم صلحوا، وإذا انحرف علماؤهم صاروا سبباً لانحرافهم، فعليهم -أي على العلماء- أن يتقوا الله تعالى في تبصير الأمة.
ثم على العامة أن يأخذوا بقول علمائهم المعروفين بالعلم والأمانة، دون أن يأخذوا من علماء جهال أو من علماء ليسوا أمناء على دين الله ولا على عباد الله، والكتب المبنية على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة وذلك مثل كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتلميذه ابن القيم وغيرهما من العلماء المتقدمين والمتأخرين.
الجواب: من المعلوم أن المواقيت التي وقتها الرسول عليه الصلاة والسلام يجب على كل من مر بها وهو يريد الحج أو العمرة أن يحرم منها؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بذلك، فمن تجاوزها وهو يريد الحج أو العمرة ولم يحرم وأحرم من دونها فإن عليه عند أهل العلم فدية جبراً لما ترك من الواجب يذبحها بمكة ويوزعها كلها على الفقراء ولا يأكل منها شيئاً.
وأما قول العلماء: إن الإحرام ركن فمرادهم بالإحرام: نية النسك لا أن يكون الإحرام من الميقات؛ لأن هناك فرقاً بين نية النسك وبين كون النية من الميقات، فمثلاً: قد يتجاوز الإنسان الميقات ولا يحرم ثم يحرم من بعد ذلك فيكون هنا أحرم وأتى بالركن لكنه ترك واجباً وهو كون الإحرام من الميقات.
والرجل حسب ما فهمنا من سؤاله قد أحرم بلا شك لكنه لم يحرم من الميقات، فيكون هنا حجه صحيحاً، ولكن عليه فدية عند أهل العلم تذبح في مكة وتوزع على الفقراء، إن استطاع أن يذهب هو بنفسه وإلا فليوكل أحداً، وإن لم يجد من يوكله ولم يستطع أن يذهب فمتى وصل إلى مكة في يوم من الأيام أدى ما عليه.
الجواب: نعم. لنا توجيه لهؤلاء وغيرهم ممن يعبدون الله تعالى على غير علم، فإن كثيراً من الناس يصلون ويخلون بالصلاة وهم لا يعلمون وإن كان هذا قليلاً؛ لأن الصلاة والحمد لله تتكرر في اليوم خمس مرات ولا يخفى أحكامها الكلية العامة على أحد، لكن الحج هو الذي يقع فيه الخطأ كثيراً لا من العامة ولا من بعض طلبة العلم الذين يفتون بغير علم، لذلك أنصح أخواني المسلمين وأقول: إذا أردتم الحج فاقرؤوا أحكام الحج على أهل العلم الموثوقين بعلمهم وأمانتهم أو ادرسوا من مؤلفات هؤلاء العلماء ما تهتدون به إلى كيفية أداء الحج، وأما أن تذهبوا إلى الحج مع الناس، ما فعل الناس فعلتموه وربما أخللتم بشيء كثير من الواجب فهذا خطأ.
وإني أضرب لهؤلاء الذين يعبدون الله تعالى على غير علم أضرب لهم مثلاً برجل أراد أن يسافر إلى المدينة مثلاً وهو لا يعرف الطريق، فهل هو يسافر بدون أن يعرف الطريق؟ أبداً، لا يمكن أن يسافر إلا إذا عرف الطريق: إما برجل يكون دليلاً له يصاحبه، وإما بوصف دقيق يوصف له المسير، وإما بخطوط مضروبة على الأرض ليسير الناس عليها. وأما أن يذهب هكذا يعوم في البر فإنه لا يمكن أن يذهب، وإذا كان هذا في الطريق الحسي فلماذا لا نستعمله في الطريق المعنوي؟ الطريق الموصل إلى الله، فلا نسلك شيئاً مما يقرب إلى الله إلا ونحن نعرف أن الله تعالى قد شرعه لعباده.
هذا هو الواجب على كل مسلم أن يتعلم قبل أن يعمل، ولهذا أورد البخاري رحمه الله ذلك في كتابه الصحيح فقال: باب العلم قبل القول والعمل، ثم استدل لذلك بقوله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ َلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [محمد:19].
الجواب: الصحيح أن هذه قصة مفتعلة مأخوذة عن بني إسرائيل، وما أكثر أخبار بني إسرائيل التي لا أساس لها من الصحة، وإني أنصح أخي السائل وغيره أن يقتصروا في القصص على ما جاء في القرآن والسنة فقط والسنة الصحيحة أيضاً، وذلك لقول الله تبارك وتعالى: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ [إبراهيم:9]، فإذا كان لا يعلمهم إلا الله فإن الواجب أن نتلقى أخبارهم من الله سبحانه وتعالى من القرآن أو من السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وربما كان في هذه القصص ما يقدح في التوحيد من حيث لا يعلم الإنسان.
وأضرب للسائل مثلاً في قصة داود عليه الصلاة والسلام في قول الله تبارك وتعالى: وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ [ص:21-25] يزعم بعض القصاص أن داود عليه الصلاة والسلام أعجبته امرأة رجل عنده وكان داود عليه الصلاة والسلام عنده تسع وتسعون امرأة، فأعجبته هذه المرأة وهي مع زوج ففكر ماذا يصنع في الوصول إليها، فأمر هذا الرجل أن يذهب للغزو في سبيل الله لعله يقتل فيتزوجها داود من بعده. وهذا من أعظم المنكرات، هذا لا يليق برجل عاقل فضلاً عن مؤمن، فضلاً عن نبي من الأنبياء، فهي قصة مكذوبة تخدش في العقيدة، داود عليه الصلاة والسلام مبرأ من هذا الخلق الذميم، والقصة على ظاهرها: خصمان اختصما عند داود عليه الصلاة والسلام، وكان داود قد انفرد يعبد الله تبارك وتعالى في محرابه وأغلق عليه الباب اجتهاداً منه، وكان داود عليه الصلاة والسلام هو الذي يحكم بين الناس، والحاكم بين الناس يجب أن يفتح لهم الباب وأن يفسح لهم المجال حتى يختصموا ويحكم بينهم، ففتنه الله عز وجل وذلك بأن اختبره سبحانه وتعالى لما انفرد في محرابه وأغلق الباب بعث الله إليه هذين الخصمين فتسوروا المحراب، يعني: أنهم قفزوا من فوق الجدار، ففزع منهم كيف يدخلون عليه والباب مغلق؟ فقالوا: لا تخف، خصمان بغى بعضنا على بعض وذكروا البغي، فقال: إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة، والنعجة هنا ليست المرأة كما قيل، بل هي الشاة، ولي نعجة واحدة فقال: أكفلنيها وعزني في الخطاب، أي: هبها لي لأجل أكمل مائة، فيبقى هو عنده مائة نعجة، وهذا ليس عنده شيء، يقول: عزني في الخطاب يعني غلبني كأنه فصيح ذو بيان شديد، فقال داود عليه الصلاة والسلام: لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه.
فهنا القصة تجد فيها أولاً: أن داود عليه الصلاة والسلام انفرد في محرابه في عبادته الخاصة دون أن يفتح بابه للحكم بين الناس.
ثانياً: أنه استمع إلى الخصم دون أن يأخذ حجة الخصم الآخر.
ثالثاً: أنه حكم بقول الخصم دون أن ينظر ما عند الخصم الآخر، فلذلك علم داود أن الله تعالى اختبره وفتنه فخر راكعاً وأناب وتاب إلى الله عز وجل من كونه انفرد في محرابه وأغلق الباب عليه، وكونه أخذ بقول الخصم دون أن يسأل الخصم الآخر، وكونه حكم له دون أن ينظر ما عند الآخر من مدافعة.
هذه هي القصة وهي واضحة في القرآن، ولا حاجة أن نصطنع قصصاً مكذوبة وفيها خدش للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأمثال هذا كثير.
لذلك أنصح إخواننا الذين يقرءون في كتب التفسير المشحونة بهذه الإسرائيليات أنصحهم من أن يتمادوا في هذا،
وأقول لهم: اتركوا هذه التفاسير وإن كان فيها خير كثير، لكن هذا الشر الذي لا يعلم عنه إلا العلماء قد يغتر به بعض العامة الذين يطالعون هذه الكتب.
الجواب: رفع اليدين في الصلاة يكون في أربعة مواضع:
الموضع الأول: عند تكبيرة الإحرام.
والموضع الثاني: عند الركوع.
والموضع الثالث: عند الرفع من الركوع.
والموضع الرابع: عند القيام من التشهد الأول.
وينتهي الرفع إلى فروع الأذنين أو إلى شحمة الأذنين أو المنكبين، هذه السنة: يعني: إما أن ترفع يديك إلى فروع الأذنين أو إلى شحمة الأذنين أو إلى المنكبين، وأما رفعها إلى الصدر لا تبلغ المنكبين فهذا خطأ، هذا في الحقيقة عبث لا يثاب عليه الإنسان؛ لأنه لم يأت بالسنة ولم يأت بالسكون، فهو تحرك حركة غير مشروعة فيكون ذلك من العبث في الصلاة، لذلك نقول للإخوان الحريصين على فعل السنة في رفع اليدين: أن يرفعوا أيديهم إلى المناكب على الأقل أو إلى فروع الأذنين أو إلى شحمة الأذنين، والأحسن أن يفعل هذا مرة وهذا مرة حتى يحيي السنة على جميع وجوهها.
الجواب: نعم، يجوز للإنسان أن يضع قماشاً يحول بينه وبين مس المصحف ويقرأ فيه ولو كان على غير وضوء. وهنا يقول السائل: هل يجوز مس المصحف مع وضع قماش، وهذا التعبير غير صحيح؛ لأنه إذا كان هناك قماش لم يكن هناك مس، المس لا يمكن إلا إذا لم يكن هناك حائل، والصحيح أنه لا يجوز مس المصحف والإنسان على غير وضوء بدون حائل، لقوله في الحديث الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لـعمرو بن حازم : ( أن لا يمس القرآن إلا طاهر ) وهذا الحديث وإن كان مرسلاً لكنه قد اعتبره أهل العلم وأخذوا به وفرعوا عليه مسائل كثيرة في الفقه.
وعليه؛ فلا يجوز مس المصحف إلا إذا كان على طهارة، وأما إذا وضع حائلاً فإنه ليس بماس له فلا حرج.
فإن قال قائل: ما تقولون في الصبيان الذين يحملون جزءاً من القرآن الكريم وهم على غير وضوء؟
نقول: إن بعض العلماء قال: إن الصبيان يستثنون من هذا؛ لأن الصبي غير مكلف، فلا يجب عليه شيء. ومنهم من قال: إنه وإن لم يجب عليه شيء لكن يجب على وليه أن يمنعه من مس المصحف بلا وضوء، ولكن هنا الحاجة قائمة لمس المصحف بدون وضوء؛ لأن الصبي قد يكون غير عارف بالوضوء، ثم لو توضأ فليس مضموناً أن يحفظ نفسه من الحدث، فيعفى عن ذلك للمشقة، والله أعلم.
الجواب: في الصلاة السرية للإمام لابد أن يرفع صوته حتى يقتدي الناس به، وأما غير الإمام فلا يرفع صوته؛ لأنه لا حاجة لذلك.
ثم هنا مسألة أنبه عليها وهي: أن بعض المأمومين الذين يصلون وراء الإمام تسمعهم يجهرون إما بالتكبير وإما بقول سبحان ربي الأعلى وإما بقول سبحان ربي العظيم وإما بالقراءة فيشوشون على من حولهم، وهذا أقل أحواله الكراهة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يقرؤون ويجهرون بالقراءة فنهاهم وقال: ( لا يؤذين بعضكم بعضاً في القراءة ) فجعل صلى الله عليه وسلم هذا إيذاءً، وصدق فإن الإنسان الذي يجهر بالصلاة وحوله من يصلي يؤذيه بلا شك، لهذا ننهى إخواننا الذين يصلون وراء الإمام أن يجهروا بشيء من أذكار الصلاة، لا القراءة ولا التسبيح ولا الدعاء لئلا يشوشوا على من حولهم.
الجواب: القصر في الصلاة للمسافر مؤكد جداً جداً، ولو قيل بالوجوب لم يكن بعيداً، لكن الصحيح بعد أن تأملت أن القصر ليس بواجب، ودليل ذلك: أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون خلف عثمان بن عفان رضي الله عنه حين صار يتم الصلاة في منى ولم يعيدوا الصلاة، ولو كان القصر واجباً ما تابعوه على الأربع، فالصواب أنه ليس بواجب، لكنه سنة مؤكدة جداً ما دام الإنسان في سفر، فلا يزيد في الرباعية على ركعتين.
أما الجمع فهو مسنون إذا كان الإنسان يسير، يعني: قد جد به السير فالسنة أن يجمع حسب الأرفق به: إما جمع تقديم وإما جمع تأخير. أما إذا كان المسافر نازلاً فإن الأفضل أن لا يجمع، وإن جمع فلا بأس، فصار الجمع يختلف عن القصر، القصر سنة مؤكدة جداً جداً ما دام الإنسان على سفر وإن طالت مدة سفره، والجمع إن كان سائراً -يعني: على الطريق- فالأفضل أن يجمع حسب الأرفق به: إما جمع تقديم، وإما جمع تأخير، وإن كان نازلاً فإن الأفضل أن لا يجمع، وإن جمع فلا بأس.
بقي لو أن الإنسان أتم ولم يجمع في السفر لقلنا: هذا جائز لكنه خلاف السنة، السنة أن يقصر في السفر على كل حال، وأن يجمع إذا دعت الحاجة إلى الجمع.
الجواب: أما المشهور عند الحنابلة رحمهم الله فإن جميع الإقعاء مكروه سواء كان بنصب القدمين والجلوس على العقبين، أو كان بوضع الإلية على الأرض ورفع الساقين، أم كان بنصب القدمين والجلوس بينهما، أي: أنهم يكرهون الإقعاء بكل أصنافه.
وذهب بعض العلماء إلى أن الإقعاء بين السجدتين سنة لحديث ابن عباس رضي الله عنه أنه سأله رجل عن الإقعاء وقال: ( نرى إنه جفاء. فقال: سنة نبيكم )، ولكن أكثر العلماء على أنه ليس بمشروع، وهذا هو الحق إن شاء الله أن الإقعاء المذكور وهو أن ينصب قدميه ويجلس على عقبيه ليس بمشروع لا بين السجدتين ولا في التشهدين، ولعل ابن عباس رضي الله عنهما كان يحفظ هذه السنة ثم نسخت كما كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إذا ركع طبق بين يديه وجعلهما بين فخذيه، وإذا صلى باثنين صار بينهما اعتماداً على سنة كانت سابقة ثم نسخت، ولكنه لم يعلم -أعني ابن مسعود - بنسخها، فلعل ابن عباس بالنسبة للإقعاع كان يحفظ ذلك في أول الأمر ثم نسخ.
والمهم أن القول الصحيح أنه لا إقعاء في الصلاة، وإنما يفترش ما عدا التشهد الأخير في الصلاة الثلاثية والرباعية فإنه يكون متوركاً.
الجواب: لا يمكن الإحاطة بها، تحتاج إلى مجلس علم، لكن هنا مسألة وهي: أن بعض أهل العلم رحمهم الله يتساهلون في مسألة النسخ، فقد يكون الأمر ليس بنسخ بل هو تخصيص ويقولون: إنه نسخ، وهذا وإن كان يطلق عليه اسم النسخ في عرف المتقدمين، أي: أنهم يسمون التخصيص نسخاً، لكن النسخ في المعنى المصطلح عليه بعض الناس يتساهل فيه، فتجده يعد آيات كثيرة منسوخة وأحاديث كثيرة منسوخة مع إمكان الجمع، والأحكام المنسوخة لا تتجاوز عشرة أحكام أو نحوها تزيد قليلاً.
أما ما يفعله بعض العلماء رحمهم الله من كونه كلما عجز عن الجمع بين النصين قال منسوخ؛ فهذا تهاون في النسخ، والتهاون في النسخ ليس بالأمر الهين؛ لأن لازمه إبطال أحد النصين، وإبطال النص أمر صعب لا يمكن، فالواجب الجمع ما أمكن، فإذا تعذر الجمع نظرنا إلى التاريخ، ولابد من علم التاريخ، فالمتقدم منسوخ والمتأخر ناسخ.
الجواب: جلسة الاستراحة كغيرها من الجلسات، أي: أن الإنسان يفترش ويستقر ثم يقوم، وهذه الجلسة مشروعة إذا كان الإنسان في وتر من صلاته، يعني: إذا قام إلى الثانية أو إلى الرابعة فإنه يجلس يستقر، يستوي قاعداً ثم يقوم، لكن العلماء اختلفوا فيها، فمنهم من قال: إنها سنة بكل حال، ومنهم من قال: إنها ليست بسنة بكل حال، ومنهم من قال: إنها سنة عند الكبر، عند الضعف، عند المرض، حتى لا يشق على الإنسان أن يقوم من السجود إلى القيام مباشرة، وهذا القول المفصل أصح، فالإنسان الذي يحتاج إلى أن يستريح ولا ينهض من السجود إلى القيام يسن له أن يفعل ذلك ومن لا فلا.
ولكن هنا مسألة وهي: إذا كان الإمام يرى سنية الجلوس فهل المأموم يتابعه أو يبقى ساجداً حتى يظن أنه قد قام؟ أو يقوم قبل أن يقوم الإمام؟
نقول: يجب أن يتابعه ويجلس معه؛ لأن الإنسان مأمور بمتابعة إمامه، لقوله عليه الصلاة والسلام: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) حتى وإن كنت ترى أنها ليست بسنة فاجلس مع الإمام تبعاً له، وإذا كان بالعكس مأموم يرى أنها سنة والإمام لا يرى أنها سنة ولا يجلس؛ فإن المأموم لا يجلس وإن كان يرى أنها سنة متابعة لإمامه، لكن هل يجب عليه أن يدع الجلوس من أجل المتابعة؟ هذا محل نظر، ولهذا نقول: الأفضل أن لا يجلس، ولا نقول بالوجوب لأن التخلف هنا تخلف يسير، ليس تخلفاً طويلاً حتى نقول إنه حرام، بل هو تخلف يسير.
وعلى كلٍ فإذا كان الإمام لا يرى الجلوس والمأموم يرى الجلوس فليقم مع إمامه ولا يجلس فإن ذلك خير له وأقرب إلى اتباع السنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا )، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم المأموم أن يسجد فور سجود إمامه وأن يركع فور ركوع إمامه، وأن يكبر فور تكبير إمامه لكن يكون بعده.
الجواب: الصلاة ليست باطلة إذا خرج الدم من الأنف، أما لو خرج من الدبر أو من القبل فإن الوضوء ينتقض فتبطل الصلاة، وأما إذا خرج من الأنف أو من جرح آخر فإن الصلاة لا تبطل بذلك، لكن ربما يكون عاجز عن إتمامها إذا كثر خروج الدم؛ ففي هذه الحال ينصرف من صلاته حتى يقف الدم ثم يتوضأ ويعيد الصلاة من جديد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر