إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [673]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • السؤال: هل الخمار للمرأة واجب؟ وإذا لم تلبسه هل عليها إثم؟ أفيدونا أفادكم الله ونفع بعلمكم.

    الجواب: إذا لم يكن عند المرأة إلا نساء أو محارم أو زوج فإنه لا يجب عليها لبس الخمار؛ لأنه يجوز أن تكشف رأسها لهؤلاء، وإذا كان عندها رجال أجانب أو أرادت أن تخرج إلى السوق وجب عليها لبس الخمار.

    ولبس الخمار كان من عادة نساء الصحابة، قال الله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31]. وكان من عادتهن أيضاً النقاب، لبس النقاب وهو أن تستر المرأة وجهها بغطاء وتنقب لعينيها من أجل النظر لكن بقدر الحاجة، ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في المرأة إذا أحرمت: ( لا تنتقب ). فدل هذا على أن النقاب كان من عادتهن، وهو كذلك.

    لكن لو قال قائل: هل نفتي بالنقاب في وقتنا الحاضر؟

    فالجواب: أما إذا كنا في بلد محافظ -كبلادنا في المملكة العربية السعودية- فإننا لا نفتي بجوازه وإن كان جائزاً، لماذا؟ لأن النساء بدأن يتوسعن في هذا، فلم تقتصر المرأة على نقاب بقدر الضرورة، بل استعمله بعض النساء وتوسعن فيه، وظهرت الأجفان والحواجب وأعلى الخدود وصارت المرأة مع ذلك تجمل عينيها بالكحل وأهدابها بالألوان الأخرى، فلذلك رأيت من الحكمة أن لا أفتي بالجواز لمثل شعبنا في المملكة العربية السعودية.

    فإن قال لي قائل: لماذا تمتنع من الإفتاء به وهو موجود في عهد الصحابة؟

    قلت: لأن الشيء المباح إذا تضمن مفسدة فإن من الحكمة منعها، ودليل ذلك السياسة العمرية التي هي من أحسن السياسات بعد سياسة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم سياسة أبي بكر ، فإنه رضي الله عنه -وأعني به عمر بن الخطاب - لما رأى الناس تتابعوا وهلكوا في جمع الطلاق الثلاث في كلمة واحدة أو بفم واحد منعهم من المراجعة، وقد كان الناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر يجعلون الطلاق الثلاث واحدة، فإذا قال الرجل لزوجته: أنتِ طالق ثلاثاً. أو تابع ذلك فإنها واحدة. ويقال للرجل: راجع زوجتك إن شئت.

    لما كثر هذا في الناس وكان هذا حراماً لأنه لا يجوز للإنسان أن يتعدى حدود الله، وطلاق السنة أن يطلقها واحدة، لما تجرأ الناس على هذا وكثر فيهم منعهم عمر من المراجعة، مع أنها كانت حلال لهم، لكن منعهم ليكفهم عن فعل المحرم وهو الطلاق الثلاث.

    وكذلك بيع أمهات الأولاد، يعني: المرأة يتسراها سيدها، الأمة يتسراها سيدها ثم تأتي منه بولد، كان بيعها جائزاً في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعهد أبي بكر وأول خلافة عمر ، لكن لم يكن أحد يبيع المرأة السرية مفرقاً بينها وبين أولادها، فلما تهاون الناس في هذا منعهم عمر من بيع أمهات الأولاد، فأنا لا أفتي بجواز النقاب بالنسبة لشعب المملكة العربية السعودية خوفاً من التوسع الممنوع.

    أما في البلاد الأخرى التي اعتاد النساء فيها أن يكشفن وجوههن فلا شك أن النقاب خير من كشف الوجه كله، ويعتبر إفتاؤهن بالنقاب مرحلة إلى تغطية الوجه، فيجب أن يعرف إخواننا في البلاد الأخرى التي ظن بعض الناس فيها أننا لا نفتي بجواز النقاب -يعني أن النقاب ممنوع وكشف الوجه جائز- ليعلم إخواننا هؤلاء أننا لا نريد هذا، وأننا نقول: النقاب في البلاد التي اعتادت النساء فيها أن يكشفن وجوههن خير من كشف الوجه كله؛ لأن الأدلة عندنا تدل على تحريم كشف الوجه -وجه المرأة لغير المحارم والزوج-، اللهم إلا القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يكشفن وجوههن، كما قال الله تعالى: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [النور:60].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087496204

    عدد مرات الحفظ

    772673140