الجواب: التسوية بين الأولاد في الإنفاق من طعام وشراب وإرضاع وغيرها, يكون بحسب الحاجة, فإذا كانت البنت تحتاج إلى سنتين في الرضاعة, والابن لا يحتاج إلا إلى سنة ونصف فلا بأس أن يقتصر إرضاعها للابن على سنة ونصف, ويكون إرضاعها للبنت سنتين, كما في الإنفاق, إذا كان هذا الطفل يحتاج إلى عشرة دراهم في اليوم وأخوه الذي أكبر منه يحتاج إلى عشرين, فلا بأس أن يفضل بينهم لدفع حاجتهم.
الجواب: القنوت في صلاة الفجر ليس بسنة, وكذلك ليس بسنة في بقية الصلوات الخمس؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يقنت في صلاة فجر كل يوم, ولا في صلاة فريضة أخرى, وإنما قنت صلى الله عليه وسلم لعارض في الصلوات الخمس ثم تركه, ولكن لو كان الإمام يقنت في صلاة الفجر تقليدا لقول بعض أهل العلم فإنه لا حرج أن يأتم الإنسان به ويتابعه في قنوته ويؤمن على دعائه, كما ذكر ذلك الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وذلك تأليفاً للقلوب, وابتعادا عن الفرقة والنزاع.
الجواب: تلقين الميت بعد دفنه مبني على حديث أبي أمامة رضي الله عنه, وقد تنازع الناس في صحته, والصواب أنه حديث ضعيف لا تقوم به حجة, وأن تلقين الميت بعد دفنه بدعة؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا عن أصحابه في حديث يركن إليه, وإنما ورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه, وقال: ( استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل ). فيقف بعد الدفن على القبر, ويقول: اللهم اغفر له, اللهم اغفر له, اللهم اغفر له, اللهم ثبته, اللهم ثبته, اللهم ثبته, ثلاث مرات. ثم ينصرف, وإنما اخترنا أن يقوله ثلاث مرات؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان غالبا إذا دعا يكرر الدعاء ثلاث مرات, وأما تلقينه بما ذكر السائل: يا فلان ابن فلانة! ينسبه إلى أمه, اذكر ما خرجت عليه من الدنيا من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله .. إلخ, فهو حديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: هذا أيضاً من البدع المنكرة التي يجب على أهل العلم أن يبينوها للناس ويحذروهم منها؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حذر منها, فقال: ( إياكم ومحدثات الأمور, فإن كل بدعة ضلالة ). والعلماء ورثة الأنبياء, فعليهم أن يبينوا للناس ما بينه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليحققوا بذلك إرث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عبادة ودعوة.
الجواب: نوجهكم إلى أن تدعو التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأن ذلك من البدع؛ ولأن جاه النبي صلى الله عليه وسلم لا ينفعك, والله تبارك وتعالى إنما يتوسل إليه بما يكون سببا ووسيلة لحصول المقصود, وجاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم باعتبار الداعي لا يفيده, ونحن لا نشك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم, وأن له جاهاً عظيماً عند الله عز وجل كسائر إخوانه من المرسلين, ولكن جاهه عند الله إنما ينتفع به هو صلى الله عليه وعلى آله وسلم أما نحن فلا, وقد أبدلنا الله تعالى عن التوسل المحرم بتوسل مباح, فلماذا نعدل عن التوسل المباح المشروع إلى توسل لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة, وليس أيضاً هو سبباً لحصول المقصود, فمن التوسل في الدعاء, التوسل إلى الله تبارك وتعالى بأسمائه عموماً, مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الدعاء المشهور: ( أسألك اللهم بكل اسم هو لك, سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحد من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي, ونور صدري.. إلخ ).
أو يتوسل باسم خاص من أسماء الله مناسب لما يدعو به, مثل: أن يقول: اللهم يا واسع المغفرة أغفر لي, أو يا رحيم ارحمني, أو يقول: اللهم أغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم, وما أشبه ذلك, ومنه حديث: (اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني إذا علمت الحياة خير لي وتوفني إذا علمت الوفاة خير لي).
أو يتوسل إلى الله تعالى بصفاته, أي: بصفة من صفاته, مثل: (اللهم إني أستخيرك بعلمك, وأستقدرك بقدرتك, وأسألك من فضلك العظيم .. إلخ), دعاء الاستخارة المشروع.
أو يتوسل إلى الله تعالى بفعل من أفعاله مثل قوله: اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد, أو يقول: اللهم كما مننت على فلان بالعلم والعمل أنعم علي بمثل ذلك.
أو يتوسل إلى الله تعالى بالإيمان به واتباع رسوله مثل: قوله تعالى: رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ [آل عمران:53]، ومثل قوله: الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران:16]، ومثل قوله تعالى: رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا [آل عمران:193]، ومن ذلك توسل أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبقت عليهم صخرة عجزوا عن إزالتها عن باب الغار, فتوسلوا إلى الله تعالى بصالح أعمالهم, والحديث في ذلك مشهور معلوم.
أو يتوسل إلى الله عز وجل بحاله, أي: بحال الداعي, مثل أن يقول: اللهم إني ظلمت نفسي فأغفر لي, أو يقول: اللهم إني فقير فأغنني, وكقول موسى عليه الصلاة والسلام: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص:24]. أو يتوسل إلى الله تبارك تعالى بدعاء العبد الصالح الذي ترجى إجابته, مثل قول عكاشة بن محصن لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب, قال: ادع الله أن يجعلني منهم.
فهذه الأنواع من التوسل أنواع مشروعة, وفيها الكفاية عن التوسل إلى الله تعالى بما ليس بوسيلة, فالتوسل إلى الله تعالى بجاه الرسول صلى الله عليه وسلم توسل بدعي ممنوع, وفي التوسل المشروع المباح غناية عنه.
الجواب: هذه تشبه القسم, أمانة افعل كذا, أو أمانة لا تفعل كذا, لكن إذا كانت الأمانة بمعنى الوصية، مثل: أن يخبره بسر, فيقول: أمانة ألا تخبر أحداً. فهذا لا بأس به, أو يوصيه لشخص يقول: أمانة أن تبلغه عني كذا وكذا, فهذه ليست بقسم فلا بأس بها, أما الصورة الأولى: أمانة أن تفعل كذا أو ما أشبه ذلك مما لا يفيد معنى الوصية فإنه بمعنى: الحلف بالأمانة, والحلف بغير الله تعالى نوع من الشرك.
الجواب: الواقع أنني ما عرفت معنى الحجب بالضبط؛ لأن المعروف أن الحجب هي عبارة عن أوراق يكتب فيها أدعية وتعوذات وآيات قرآنية يحملها الإنسان على صدره مربوطة في عنقه يرى أنها تحجبه من الشر ومن الشياطين, وبعضهم يفعل ذلك إذا مرض يرى أن الله يشفيه بها, هذا معنى الحجب التي نعرف, وأما ما يفيده ظاهر كلامها فكأنها تريد بذلك نقض السحر, ونقض السحر بالسحر ممنوع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة, فقال: ( هي من عمل الشيطان ). لكن قد يكون هناك حالات خاصة ينظر فيها بعينها.
الجواب: الدعاء عبادة من العبادات, لقول الله تبارك وتعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60]. فالداعي -أعني: داعي الله عز وجل- غانم على كل حال؛ لأن مجرد الدعاء عبادة, ثم إن الدعاء لا يشترط لإجابته ساعة معينة, بل الله تعالى أطلق فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]. وقال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186]. لكن هناك حالات تكون أقرب إلى الإجابة, وأوقات تكون أقرب إلى الإجابة, وربما أمكنة تكون أقرب إلى الإجابة.
أما الحالات التي تكون أقرب إلى الإجابة فهي حال المضطر, فإن الله تعالى يجيب دعوة المضطر ولو كان كافراً, لقول الله تعالى: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت:65]، وقوله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ [النمل:62].
ومنها حال الظلم, فإن المظلوم تجاب دعوته, لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن, بما أوصاه به من شرائع الدين, فقال له: ( واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ).
ومنها كون الإنسان ساجداً في صلاته, فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.
وهناك أزمنة ترجى فيها الإجابة كآخر الليل, فإن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: (من يدعوني فأستجيب له, من يسألني فأعطيه, من يستغفرني فأغفر له), وكذلك في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه, وأقرب ما تكون هذه الساعة هي ما بين أن يخرج الإمام إلى أن تقضى الصلاة, ثم ما بعد العصر.
ومنها أي: من الأزمنة التي ترجى فيها الإجابة ما بين الأذان والإقامة, فإن الدعاء ما بين الأذان والإقامة لا يرد, وأما الأمكنة فالظاهر أن الدعاء في المساجد أقرب إلى الإجابة من الدعاء في غير المساجد, لاسيما في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام, والمسجد النبوي, والمسجد الأقصى.
لكن للدعاء آداب منها: أكل الحلال, فإن أكل الحرام مظنة رد الدعاء, لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( حين ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر, يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب! ومطعمه حرام, وملبسه حرام, وغذي بالحرام, فأنى يستجاب لذلك ). فاستبعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يستجاب لهذا الرجل؛ لأنه كان يأكل ويشرب الحرام, ويتغذى به.
ومن الآداب أن يخلص في الدعاء, فيدعو الله عز وجل بعزم وثبات وإيقان بالإجابة إلا لسبب, وأما أن يدعو دعاء المستغني الذي لا يبالي أُجيب أم لم يجب فإن إجابته بعيدة.
ومن آداب الدعاء أن يرفع يديه إلا في المواضع التي لم يرد فيها رفع اليدين, إما صريحاً وإما ظاهراً فالأفضل ألا يرفع يديه, فمثلاً: الدعاء في التشهد لا ترفع فيه الأيدي, الدعاء في خطبة الجمعة لا ترفع فيه الأيدي, إلا في الاستسقاء أو في الاستصحاء, دعاء الاستفتاح: اللهم باعد بيني وبين خطاياي لا ترفع فيه الأيدي, الاستغفار بعد الصلاة لا ترفع فيه الأيدي.
المهم أن من آداب الدعاء أن يرفع الإنسان يديه إلا إذا وردت السنة صريحاً أو ظاهراً بعدم الرفع فلا ترفع الأيدي.
ومن آداب الدعاء أن يبدأه بالحمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونختمه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وليعلم أن الله لا يقبل الدعاء بإثم, ولا بقطيعة رحم, ولا بظلم فلو دعا الإنسان دعاء يأثم به لم يستجيب الله عز وجل, ولو دعا الله تعالى بقطيعة رحم لم يستجيب الله عز وجل, ولو دعا الله بظلم بأن دعا على شخص بغير سبب يبيح له الدعاء عليه, فإن الله لا يستجيب له؛ لأن الدعاء حينئذٍ ظلم وقد قال الله تعالى: إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [الأنعام:21].
الجواب: الواقع أن كثيراً من مسائل الفقه في الدين لا تخلو من خلاف, وإذا كان العامي الذي لا يعرف يطالع كتب العلماء ويعمل بالأسهل عنده فإن هذا حرام, ولهذا قال: العلماء من تتبع الرخص فقد فسق, أي: صار فاسقاً, والمعلوم من اختيار شيخ الإسلام هو ما ذكره السائل, أن المتمتع يكفيه السعي الأول الذي في العمرة, وله أدلة فيها شبهة, ولكن الصحيح أن المتمتع يلزمه سعيان, سعي للحج وسعي للعمرة, كما دل ذلك حديثا عائشة وابن عباس رضي الله عنهم وهما في البخاري وعليهما جماهير أهل العلم, والنظر يقتضي ذلك؛ لأن كل عبادة من العمرة والحج في التمتع منفردة عن الأخرى, ولهذا لو أفسد العمرة لم يفسد الحج, ولو أفسد الحج لم تفسد العمرة, ولو فعل محظوراً من المحظورات في العمرة لم يلزمه حكمه في الحج, بل الحج منفرد بأركانه وواجباته ومحظوراته, والعمرة منفردة بأركانها وواجباتها ومحظوراتها, فالأثر والنظر يقتضي انفراد كل من العمرة والحج بسعي في حق المتمتع, وعلى هذا فإن كنت متبعا لقول شيخ الإسلام بناء على استفتاء من تثق به في علمه وأمانته فليس عليك شيء, لكن لا تتعود لمثل ذلك, والتزم سعيين سعياً في الحج وسعياً في العمرة إذا كنت متمتعاً.
الجواب: الدم الذي يأتي للنفساء ليس دم حيض ولا دم استحاضة ولا دم نفاس, بل هو دم عرق, دم فساد, لا تترك من أجله الصلاة ولا الصيام في رمضان, ولا يتجنبها زوجها, إلا إذا جاء قبل الولادة بيوم أو يومين مع الطلق فهو نفاس, أو صار مستمراً على عادته الأولى في أوائل الحمل فهو حيض, وهذه المرأة التي استفتت الطبيبة أخطأت؛ لأن الطبيبة ليست فقيهة في دين الله في الغالب, والطبيبة آثمة إذا كانت أفتتها بغير علم, وهي آثمة حيث استفتت الطبيبة عن مسألة شرعية دينية, وأرى أنه يلزمها أن تقضي الأيام التي لم تصلها في ذلك الدم, وأن تتوب إلى الله, وأن لا تسأل عن العلم إلا أهله, فالطبيبة تُسأل عن الطب, ولا تُسأل عن العلم الشرعي, والعالم الشرعي يسأل عن العلم الشرعي ولا يسأل علم الطب, إذا لم يكن لديه علم.
الجواب: إذا زاد على أربعين يوماً وكان على وتيرة واحدة لم يتغير فهو نفاس, إلى ستين يوماً وإن تغير فليس بشيء إلا إذا صادف العادة, فإنه يكون عادة, يعني: مثل أن تكون عادتها من أول الشهر, فيصادف تمام الأربعين آخر الشهر السابق, ويكون الدم الذي اختلف عن دم النفاس موافقا لدم العادة فيكون عادة, وإلا فهو دم فساد, أو استحاضة, لا تترك لها الصلاة ولا صيام رمضان.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر