الجواب: لا بأس أن يبتدئ القنوت بالحمد والثناء على الله عز وجل، والصلاة والسلام على نبيه، وإن ابتدأه بقوله: اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك، فحسن، وإن ابتدأه بقوله: اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، فلا بأس، والأمر في هذا واسع، والمهم أن الإنسان يقنت، ولكن هل القنوت سنة كلما أوتر، أو أحياناً، أو في وقتٍ مخصوص؟ في هذا خلاف بين أهل العلم، والراجح عندي أنه لا يقنت إلا أحياناً، والأصل عدم القنوت؛ لأن الواصفين لصلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ووتره في الليل لا يذكرون أنه كان يقنت، وإن كان ورد بذلك شيء فهو على وجهٍ ضعيف، فالأصل في الوتر عدم القنوت، وإن قنت فلا بأس، واستحب بعض العلماء المداومة عليه في شهر رمضان في التراويح، وقال: بأن الناس مجتمعون، والدعوة حريةٌ بالإجابة مع الاجتماع عليها.
الجواب: هذا لا يمكن أن نجيب عليه هكذا عموماً، وإنما يجب أن ينظر إلى كل قضيةٍ بعينها، فإذا جاءنا إنسان يستفتي عن هذا في أمرٍ واقع، استفصلنا منه استفصالاً تحريرياً حتى يتسنى لنا أن نفتي فيه.
مداخلة: وبالنسبة لطلاق الحامل، هل يصح هذا الطلاق؟
الشيخ: طلاق الحامل جائز وواقع، حتى إنه يجوز ولو كان الإنسان قد جامعها قبل أن يغتسل من الجنابة؛ لقول الله تبارك وتعالى، في سورة الطلاق: ياأيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1].. إلى أن قال: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4]، يعني الصغار، يعني أن عدتهن ثلاثة أشهر، ثم قال: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4]، وبهذه المناسبة أود أن أقول: إن الحامل هي أم المعتدات، بمعنى أن عدتها تنتهي بوضع حملها، سواءٌ فورقت بطلاق أو بفسخ، أو بتبين فساد النكاح، أو بموت، أي مفارقة تقع وفيها عدة والمفارقة حامل، فعدتها بوضع الحمل، طالت المدة أو قصرت، وعلى هذا فلو مات إنسان وزوجته حامل، ثم أخذها الطلق ووضعت قبل أن يغسل الميت، انتهت عدتها، وحلت للأزواج، ولو طلقت ووضعت إثر قول زوجها لها: أنت طالق، انتهت عدتها، ولو بعد قوله: أنت طالق بدقيقة، انتهت عدتها، ولو طلقت وبقي الحمل في بطنها سنةً أو سنتين أو ثلاثاً أو أربعاً، بقيت في عدتها؛ لعموم قول الله تبارك وتعالى: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4]، وفي الصحيحين أن ضباعة الأسلمية وضعت بعد موت زوجها بليالٍ، فأذن لها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تتزوج.
مداخلة: وبالنسبة لطلاق الحائض؟
الشيخ: المذاهب الأربعة وجمهور الأمة على أن طلاقها يقع ويحسب، فإذا كان آخر طلقة بانت من زوجها حتى تنكح زوجاً غيره، وذهب بعض أهل العلم إلى أن طلاق الحائض لا يقع، وهذه أيضاً لا نفتي بها إلا في قضيةٍ وقعت من شخصٍ معين جاء يستفتي فإننا نستفصل منه، ونفتيه بحسب ما يظهر لنا.
الجواب: لا شك أن بر الوالدين واجب وأن عقوقهما محرم، بل من كبائر الذنوب، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس وقال: ألا وقول الزور، ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قالوا: ليته سكت )، ولكن أحياناً يقع من بعض الأمهات غيرة إذا رأت من ولدها محبةً لزوجته، فتكره الزوجة وتحاول أن يفارقها زوجها، وتسعى بالإفساد بينها وبين ولدها، وربما تصرح فتقول: إما أنا وإما زوجتك، في هذه الحال لا يلزم الزوج إذا أمرته أمه أن يطلق زوجته، لا يلزمه أن يطلقها، بل له أن يقول: يا أمي! هذه زوجتي لا أستطيع أن أطلقها، وأن يداري أمه وأن يلاطفها، وأما أن نقول: فارق زوجتك لطلب أمك فلا.
فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر عبد الله بن عمر -حين أمره عمر أن يطلق زوجته- أن يطيع عمر وأن يطلقها؟
فالجواب: بلى، لكن عمر رضي الله عنه لم يأمر ابنه أن يطلق زوجته إلا لسببٍ شرعي، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر أن يطلق الزوجة، وقد أورد هذا على الإمام أحمد رحمه الله فسأله رجل يقول: إن أبي أمرني أن أطلق زوجتي أفأطلقها؟ قال: لا تطلقها. قال: أليس النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمر أن يطلق زوجته لما أمره عمر ؟ قال: وهل أبوك عمر ؟ ففرق، فإذا كان الحامل لأمر الأم ابنها أن يطلق زوجته هو الغيرة فلا يطعها، ولا يعد عاقاً، أما إذا كان الحامل لذلك سبباً شرعياً فهنا يطلق الزوجة، لا لأن أمه أمرته، ولكن لأن أمه بينت له ما فيها من سببٍ شرعي يقتضي طلاقها، وفي هذه الحال للزوج أن يتحرى، هل أمه متأكدة أو غير متأكدة؟ لأن الأم يمكن أن تسمع شيئاً، ومن شدة شفقتها على الابن تظن أن هذا الشيء يوجب أن الابن يطلق الزوجة، وليس كذلك، فهنا يتأكد وينظر ما هو السبب.
الجواب: العلماء رحمهم الله يقولون: إن الأفضل أن يقرأ القرآن كله بالجماعة حتى يدركوا سماعه كله، ولكن هذا استحسان من بعض العلماء، فإن تيسر فهو خير، وإلا فليس بواجب، وكثيرٌ من الناس يحبون أن يختموا القرآن من أجل دعاء الختمة التي تكون في الصلاة، مع أن الختمة التي تكون في الصلاة عند انتهاء القرآن محل خلافٍ بين العلماء، منهم من استحبها، ومنهم من لم يستحبها.
ومن الشيء الذي ينكر أن بعض الأئمة يقرأ القرآن كله، لكن يوزعه، يقرأ به في الفرائض، يعني: يقرأ من قراءته في التراويح في الفرائض، فيكون هنا لا أسمع الجماعة ولا ختم بهم القرآن، وهو تصرفٌ ليس عليه دليل، فالأولى أن يقرأ بما تيسر، وأن لا تحمله قراءته على أن يسرع إسراعاً يجعل القرآن هذىً، فيبقى القرآن ليس له طعم ولا لذة، ويكون ليس هم الإمام إلا أن يخلص ما كان مقرراً قراءته.
الجواب: أرجو أن يحصل له أجر إن شاء الله، لكن الذي ينبغي أن يبدأ أولاً بالراتبة التي بعد الصلاة، وهي ركعتان، ثم يأتي بأربع الركعات التي قبل الصلاة على ركعتين ركعتين.
الجواب: نعم، هذا له أصل من السنة، وهو حديث معاوية رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن توصل صلاة بصلاة حتى يخرج أو يتكلم.
الجواب: الفقهاء رحمهم الله يقولون: إن هذا يكره؛ لأنه يوجب التشويش على المصلين، ولأنه يسجد سجدةً بقراءةٍ لم يسمعها المأمومون، فيقال: إنه يكره للإمام في صلاة السر أن يقرأ آيةً فيها سجدة، وإذا قرأها يكره أن يسجد، ولكن إذا قدر أنه قرأ، فإنه ينبغي إذا مر بآية السجدة أن يجهر بها بعض الشيء، حتى يعرف الناس أنه سجد للتلاوة، والجهر في بعض الآيات في قراءة السر جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يسمع الصحابة القراءة في صلاة السر أحياناً.
الجواب: لا يحل لإنسان إذا ظلمه أحد ولم يوفه حقه أن يأخذ من ماله بغير علمه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك )، وأخذه بلا علمه خيانة إلا في النفقة فقط، فإن للذي له النفقة إذا لم يقم بها من تجب عليه أن يأخذ من ماله بغير علمه، وذلك لأن هند بنت عتبة سألت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقالت: إن أبا سفيان رجلٌ شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي، أفآخذ من ماله بغير علمه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف ).
الجواب: الواجب عليكم أن تنصحوه؛ لأنه جاركم، وله حقٌ عليكم، ولكن انصحوه لا على سبيل التوبيخ والزجر، بل على سبيل الحكمة، مثل أن تدعوه إلى البيت وتؤنسوه، أو تذهبوا إلى بيته وتؤنسوه، ثم تتحدثون حديثاً رقيقاً رفيقاً، وتدعوه إلى أن يصلي مع الجماعة، وتبينوا له الفضل في صلاة الجماعة، وتحذروه من التخلف عنها، وتبينوا له الوعيد.
الجواب: السدل؛ لا أدري ماذا يريد: هل يريد إرسال اليدين عند القيام أو يريد السدل سدل الرداء؟ فلنجب عليهما جميعاً، أما بالنسبة لسدل الرداء فإنه مكروه، لا سيما إذا لم يكن تحت الرداء فنيلة أو نحوها، وأما السدل الذي هو إرسال اليدين، فهو خلاف السنة؛ فالسنة أن الإنسان إذا قام يصلي عليه أن يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، سواءٌ كان قبل الركوع أو بعد الركوع، هكذا جاء في صحيح البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: ( كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل -يعني: إذا صلى- يده اليمنى على ذراعه اليسرى، يعني في الصلاة ).
الجواب: الواجب على المريض أن يصلي الصلاة في وقتها، وله أن يجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء إذا شق عليه أن يصلي كل صلاةٍ في وقتها، فيصلي أولاً حيث يتطهر بالماء، فإن شق عليه أو خاف الضرر به تيمم، ثانياً: يجب عليه أن يصلي قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنب، ثالثاً: يجب عليه أن يصلي وهو طاهر الثوب والفراش، فإن عجز صلى وإن لم يكن ثوبه طاهراً، ولا فراشه طاهراً، إذا لم يستطع تغييرهما، وكذلك إذا لم يكن عنده ماء ولا ما يتيمم به، فإنه يصلي ولو بلا تيمم ولا ماء، المهم أن لا يؤخر الصلاة عن وقتها بأي حالٍ من الأحوال.
الجواب: أولاً: لا بد أن ننظر: هل القبر سابقٌ على المسجد، أم المسجد سابقٌ على القبر؟ فإن كان القبر سابقاً على المسجد، بمعنى أن القبر كان متقدماً فبنوا عليه مسجداً، فالمسجد هنا لا تصح فيه الصلاة على كل حال؛ لأنه مسجد يجب هدمه، فقد نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يبنى على القبور، لا سيما إذا كان المبني مسجداً، وإنما قلنا: يجب هدمه؛ لأنه يشبه مسجد الضرار الذي يجب هدمه، ومسجد الضرار هو المسجد الذي يبنى بقرب مسجدٍ آخر، فيؤثر على أهل المسجد الأول ويفرقهم، فهذا مسجد ضرار، فيهدم على كل حال، وأما إذا كان المسجد سابقاً، ودفن فيه الميت، فإنه يجب أن ينبش الميت، ويدفن مع الناس.
أما من تبرك بهؤلاء -أي: بأهل القبور- سواءٌ في المسجد أو في غير المسجد، فإن كان يدعوهم، أو يستغيث بهم، أو يستعين بهم، أو يطلب منهم الحوائج، فهذا شركٌ أكبر مخرجٌ عن الملة، وإن كان لا يدعوهم ولكن يتبرك بترابهم ونحوه، فهذا شركٌ أصغر لا يصل إلى حد الشرك الأكبر، إلا إذا اعتقد أن بركته يحصل بها الخير من دون الله، فهذا مشركٌ شركاً أكبر.
الجواب: بيع التقسيط له أمثلة كما قال السائل، والمثال الجائز: هو أن يشتري السلعة الموجودة عند البائع من قبل -تساوي ألفاً- بألفٍ وخمسمائة إلى سنة، وهو يريد السلعة نفسها، وهذا جائز بالإجماع، أو يريد أن يتجر بهذه السلعة، بأن يشتريها في هذا البلد، ويذهب بها إلى بلدٍ آخر ليزيد ثمنها، هذا أيضاً جائز بالإجماع، ومثال ذلك: أتى رجل إلى شخص عنده فيلا تساوي أربعمائة ألف نقداً، فقال: أريد أن أشتريها منك بخمسمائة ألف مؤجلة إلى سنة، فاتفقا على ذلك، فلا بأس في هذا بالإجماع؛ لأن الرجل اشتراها ليسكنها، لكن زاد في ثمنها من أجل أنه ثمنٌ مؤخر، ومعلومٌ أن الثمن المؤخر يختلف عن الثمن المقدم، أو إنسان اشترى سلعةً بثمنٍ مؤجل، يريد بها الربح، فهذا أيضاً جائز، كإنسان اشترى من شخص فيلا تساوي أربعمائة نقداً بخمسمائة إلى أجل، يريد أن يربح فيها، فلعلها تكون بستمائة إلى أجل، أو بخمسمائة نقداً فيربح، هذا لا بأس به بالإجماع.
الصورة الثالثة: أن يأتي شخصٌ إلى تاجر، فيقول: أنا محتاج إلى سيارة صفتها كذا وكذا، فيقول التاجر: اذهب إلى المعرض وتخير السيارة التي تريد، ثم ائتني حتى أشتريها من المعرض، ثم أبيعها عليك بثمنٍ مؤجل أكثر مما اشتراها به، فهذا حرام؛ وذلك لأن البائع لم يشتر السلعة إلا من أجل الطالب الذي طلبها، ولولا طلبه إياها لما اشتراها، فيكون كالذي أقرض المحتاج إلى السيارة، أقرضه دراهم إلى أجل بزيادة، وما شراء التاجر لهذه السيارة ليبيعها على هذا المحتاج إلا حيلة فقط، وإلا فليس له غرض في السيارة، هذا حرام، وإن كان بعض الناس قد يفتي بجوازه، فإن قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات )، يدل على منعه؛ لأن هذا التاجر ما نوى إلا الزيادة، ما له غرض بالسيارة، وقول بعضهم: إن التاجر يقول: إذا اشتريتها فأنت أيها المحتاج بالخيار، هذا وإن قاله فهو تدليس، يعني من المعلوم أن الذي احتاج السلعة لن يردها، يريدها على كل حال، هذه ثلاثة صور، الصورة الأخيرة غير جائزة.
وصورة رابعة تسمى مسألة التورق، وهي أن يحتاج الإنسان إلى دراهم، فيأتي إلى صاحب المعرض ويشتري منه السيارة التي تساوي خمسين ألفاً بستين ألفاً إلى سنة، وقصد المشتري الدراهم، فقد اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة، فمنهم من قال: إنها جائزة؛ لأن البائع يقول: أنا ما لي وللمشتري وغرضه، أنا بعت سيارة، والمشتري يفعل ما شاء، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن ذلك حرام، وأنه من العينة التي حذر منها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والورع أن يتركها الإنسان، وأن لا يتعامل بها، فهذه أربعة صور في مسألة البيع بالتقسيط.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر