الجواب: هذه الآية قيل: إنها نزلت في اليهود، واستدل هؤلاء بأنها كانت في سياق توبيخ اليهود، قال الله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44]، وقيل: إنها عامة لليهود وغيرهم، وهو الصحيح؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولكن ما نوع هذا الكفر؟ قال بعضهم: إنه كفر دون كفر، ويروى هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر )، وهذا كفر دون كفر، بدليل قول الله تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:9-10]، فجعل الله تعالى الطائفتين المقتتلتين إخوة للطائفة الثالثة المصلحة، وهذا قتال مؤمن لمؤمن فهو كفر، لكنه كفر دون كفر.
وقيل: إن قوله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44]، ينطبق على رجل حكم بغير ما أنزل الله بدون تأويل مع علمه بحكم الله عز وجل لكنه حكم بغير ما أنزل الله معتقداً أنه مثل ما أنزل الله أو خير منه، وهذا كفر؛ لأنه استبدل دين الله بغيره.
الجواب: أما بالنسبة للمكث في المسجد فالحائض لا يحل لها أن تمكث لا بوضوء ولا بغير وضوء، ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم منع عائشة من الطواف بالبيت؛ لأن الطواف مكث، وأما حديث الخمرة فإن إحضار الخمرة من المسجد ليس مكثاً في المسجد بل هو مرور فيه، ويجوز للحائض أن تمر في المسجد إذا أمنت تلويثه.
وأما الجنب فلا يحل له أن يمكث في المسجد إلا بوضوء، والصحابة الذين ينامون في المسجد لنا أن نقول: من قال لك: إنهم يجنبون؟ ثم إذا أجنبوا ولم يستيقظوا فالنائم لا إثم عليه، وإن استيقظوا كفاهم الوضوء؛ لأن الجنب يجوز أن يمكث في المسجد إذا توضأ.
أما قراءة القرآن فالجنب لا يحل له أن يقرأ القرآن حتى يغتسل، والحائض يجوز أن تقرأ القرآن لحاجة أو مصلحة، فالحاجة مثل أن تقرأ القرآن لئلا تنساه، أو تقرأ القرآن تعلم ابنتها أو ما أشبه ذلك، أو تقرأ القرآن؛ لأنها مدرسة تدرس البنات، أو تقرأ القرآن؛ لأنها طالبة تريد أن تسمع المعلمة، كل هذا لا بأس به، وأما أن تقرأه تعبداً فالاحتياط أن لا تفعل؛ لأن جمهور العلماء على منعها من قراءة القرآن، وهي ليست بحاجة إلى ذلك، فإذا قرأت القرآن للتعبد بتلك التلاوة كانت دائرة بين الإثم والأجر، آثمة عند بعض العلماء مأجورة عند آخرين، والسلامة أسلم.
والخلاصة الآن: أن الجنب يجوز أن يمكث في المسجد إذا توضأ، وأن الجنب لا يحل له أن يقرأ القرآن أبداً؛ لأن الأمر بيده، يغتسل ويقرأ القرآن. أما الحائض فلا يجوز لها أن تمكث في المسجد أبداً، ويجوز أن تمر به عابرة، والحائض يجوز لها أن تقرأ القرآن لحاجة أو مصلحة.
الجواب: نعم، القنوت يجوز قبل الركوع وبعده، ولكن ليعلم أنه لا قنوت في الفرائض، إنما القنوت في وتر الليل، أما الفرائض فيجوز إذا نزل بالمسلمين نازلة أن يقنت الإمام الأعظم، أي: رئيس الدولة، ويقنت أيضاً من يأمره رئيس الدولة بالقنوت، وإذا لم يأمر رئيس الدولة بالقنوت فلا قنوت؛ لأن الأمر في القنوت في النوازل يرجع إلى رئيس الدولة لا إلى أفراد الناس، بدليل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قنت في النوازل ولم نحفظ أنه أمر الناس بذلك، أي: أمر بقية المساجد، فالأمر في قنوت النوازل إلى الإمام يعني: رئيس الدولة، إن أمر به فسمعاً وطاعة، وإن لم يأمر به فلا، والحمد لله الدعاء ليس خاصاً بالقنوت، فتدعو الله تعالى وإن كنت في السجود، وإن كنت بين الأذان والإقامة، وليس الدعاء المستجاب محصوراً في دعاء القنوت.
الجواب: إذا كان في صلاة سرية فنعم؛ لأنه لو سجد لشوش على المصلين وحصل ارتباك، وأما إذا كان في جهرية فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ومر بسجدة فسجد، ولا ينبغي الخروج عن هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والإمام يحتج به، فربما يظن بعض العوام الذين خلفه أن هذه السجدة التي ترك السجود فيها ليست بسجدة فيمرون بها ولا يسجدون، فلا ينبغي للإمام في الصلاة الجهرية إذا مر بآية سجدة إلا أن يسجد.
الجواب: نعم، هذا والله من البدع، ويجب الكف عنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما حث على الصلاة عليه ثم الدعاء بالوسيلة له، فإذا فرغ المؤذن من الأذان قال: اللهم صل على محمد، اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد، وكذلك يقول من كان يتابع المؤذن، ولكن لا يقوله في الميكرفون أو على المنارة، يقول ذلك سراً في نفسه؛ لأن ألفاظ الأذان محفوظة منقولة بالتواتر بين المسلمين، وليست فيها هذه الزيادة، فالدعاء يكون سراً ولا يكون جهراً.
الجواب: نعم يأثم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من البدع تحذيراً بالغاً، وقال: ( كل بدعة ضلالة ). وهل يمكن للإنسان أن يتجرأ على الضلالة كل وقت، ولا سيما وأنه ينادي للصلاة وللفلاح.
الجواب: الصلاة في المسجد الذي فيه قبر ينظر: هل المسجد بني على القبر؟ أو أنه سابق على القبر ثم دفن فيه الميت؟ فإن كان الأول فإن الصلاة فيه حرام لا تجوز، يعني: إن كان المسجد بني على القبر فالصلاة فيه لا تصح، ويجب أن يهدم المسجد؛ لأنه إذا كان الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم في مسجد الضرار: لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا [التوبة:108]، فكيف بمسجد وسيلة للشرك؟ فلا تحل الصلاة فيه ولا تصح الصلاة فيه، ويجب أن يحفر القبر وينقل الميت إلى المقابر.
أما إذا كان المسجد سابقاً ثم دفن فيه هذا الميت فهنا يجب إخراج الميت من المسجد وجوباً؛ لأنه لا حق لأحد أن يدفن ميته في بيت من بيوت الله، فالمسجد للمصلين وليس للميتين، فيجب أن ينبش القبر ويدفن الميت مع الناس، فإن قدر أنه لم يكن هذا وأن نبشه غير ممكن لغلبة الجهل، وضعف السلطة، وضعف الدين، فالصلاة في المسجد صحيحة، بشرط: أن لا يكون القبر أمام المصلين، أي: في قبلتهم، بل يكون عن اليمين أو الشمال أو الوراء.
الجواب: إذا أخل بركن من أركان الإيمان الستة جحداً وتكذيباً فهو كافر، وأما إذا كان عن تأويل كالذين أنكروا مسائل في باب القدر فهذا لا يكفر؛ لأنه متأول، لكن أحياناً يكون التأويل بعيداً، وأحياناً يكون التأويل قريباً.
الجواب: الاغتسال يوم الجمعة واجب على كل بالغ عاقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( غسل الجمعة واجب على كل محتلم )، فصرح النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه واجب.
ومن المعلوم أن أعلم الخلق بشريعة الله رسول الله، ومن المعلوم أن أنصح الخلق لعباد الله رسول الله، ومن المعلوم أن أعلم الناس بما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أفصح العرب، فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة وقال: ( غسل الجمعة واجب على كل محتلم )، فكيف نقول: ليس بواجب؟ لو أن هذه العبارة جاءت في متن من المتون الذي ألفه عالم من العلماء وقال فيه: فصل: غسل الجمعة واجب؛ لم يشك أحد يقرأ هذا الكتاب إلا أن المؤلف يرى وجوبه، هذا وهو آدمي معرض للخطأ والصواب، فكيف والقائل بذلك محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!
ثم إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قيد هذا الوجوب بما يقتضي الإلزام، حيث قال: ( على كل محتلم )، أي: بالغ، وهذا يدل على أن الغسل ملزم به، وأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غسل الجمعة: ( من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل )، فهذا فيه نظر من جهة سنده ومن جهة متنه، ثم لا يمكن أن يعارض به حديث أبي سعيد الثابت في الصحيحين وغيرهما الصريح الواضح وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( غسل الجمعة واجب على كل محتلم ).
ولكن متى يبتدئ هذا الوجوب؟
أقرب ما يقال: إنه يبتدئ إذا طلعت الشمس؛ لأن ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس وقت للفجر، الأحوط أن يكون اغتساله بعد طلوع الشمس، والأفضل أن يكون عند إرادة الذهاب إلى المسجد.
إذا قلنا: إنه واجب فهل تصح الجمعة بدونه؟ يعني: لو تعمد تركه وصلى هل تصح؟ الجواب: نعم تصح؛ لأن هذا الغسل ليس عن جنابة، ولكنه أوجبه النبي صلى الله عليه وسلم ليتبين ميزة هذا اليوم عن غيره، ويدل لهذا أنه ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يخطب فدخل عثمان وهو يخطب فكأنه عرض به - أي: عرض بـعثمان - أنه تأخر إلى الخطبة، فقال عثمان : والله يا أمير المؤمنين ما زدت على أن توضأت ثم أتيت، فقال: والوضوء أيضاً وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل )، وصلى عثمان بدون غسل.
وفي هذا الأثر عن عمر دليل واضح على أن غسل الجمعة واجب، وإلا فكيف يوبخ عمر عثمان رضي الله عنه أمام الناس على تركه.
الجواب: إن اغتسل قبل الفجر فلا ينفعه؛ لأن اليوم لم يدخل بلا إشكال، وإن اغتسل بعد الفجر ففيه احتمال لكن الأفضل أن يكون بعد طلوع الشمس.
الجواب: الأفضل أن يقرأ السور القصيرة، ولتكن قراءته في المفصل من سورة ق إلى آخر سورة الناس، وتكون قراءته في الفجر من طوال المفصل، وفي المغرب من قصار المفصل، وفي الباقي من أوساط المفصل، قال أهل العلم: المفصل طواله من ق إلى عم، وقصاره من سورة الضحى إلى آخر القرآن، وأوساطه ما بين ذلك، وسمي مفصلاً لقصر سوره وكثرة فواصله.
ومن الحكمة في الاستمرار بقراءة المفصل: أن المأمومين كلما تكررت عليهم السور حفظوها وسهل عليهم قراءتها، بخلاف ما إذا كان يقرأ من كل سورة آيتين أو ثلاثاً فإنه يبعد أن يحفظها العوام، ثم إن ابن القيم رحمه الله قال في زاد المعاد: ليس من هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم -يعني: في الفريضة- أنه يقرأ من أواسط السور، وأظنه قال: أو أواخرها، فلا ينبغي العدول عما ذكره أهل العلم واستدلوا له بالآثار النبوية.
وأما كون بعض الناس لا يقرأ إلا من أواسط السور دائماً فينبغي أن يراجع نفسه ويراجع ما قاله أهل العلم في هذا الباب، ثم إن في قراءة الإنسان من أوساط السور ولا سيما إذا كانت السورة طويلة، تشويشاً على المصلين الذين يحفظون القرآن؛ لأنه إذا قرأ من أوسط السورة الطويلة سيبقى هذا متشوشاً: هل سيقرأ إلى آخر السورة؟ هل سيقرأ آيتين أو ثلاثاً؟ ثم يكون في نفسه نوع من الاضطراب، أما إذا قرأ من السور القصيرة عرف المبتدى والمنتهى فاطمأن.
مداخلة: في الآية يا شيخ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل:20]، ما ينطبق هذا على منتصف السور؟
الشيخ: نعم تنطبق، ونحن لا نقول: إن هذا حرام لكن الأفضل.
الجواب: الحيض هو الدم الذي يسيل، الدم الخالص الذي يسيل، وأما الكدرة والصفرة فهذه ليست بشيء كما قالت أم عطية رضي الله عنها: ( كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً )، أخرجه البخاري ، وفي رواية أبي داود : ( بعد الطهر شيئاً )، ثم ليعلم أن الصفرة أو الكدرة -التي ذكرتها المرأة هذه- إذا كانت في أثناء أيام الحيض فهي تابعة له.
الجواب: ليس هناك كتب معينة، الفقهاء رحمهم الله تكلموا عن الحيض وجعلوا له باباً مستقلاً، لكن بعض الفقهاء رحمهم الله وعفا عنهم ذكروا مسائل لا يفهمها ولا طالب العلم، ونعلم أن هذا ليس مراداً في الشريعة، فالشريعة أهون من هذا، دم الحيض معروف تعرفه النساء، وهو لابد أن يسيل؛ لأن الحيض مأخوذ من السيلان، وأما ما يذكره بعض الفقهاء يرحمهم الله من تفصيلات ومتحيرة وشاكة ومترددة وما أشبه ذلك مما لا يكاد يعرفه طالب العلم، حتى إن بعضهم يوصل باب الحيض إلى مائة وخمسين صفحة مثلاً، فهذا أقول: فيه نظر، ولذلك لا أستطيع أن أحيل أحداً على شيء من الكتب.
الجواب: هذا لا يؤثر على الصلاة، وأما الاقتصار على ضفيرة واحدة فإن بعض العلماء كرهه وقال: إنه لا ينبغي أن ينقص عن ثلاث ضفائر ولكن أنا ليس عندي علم في هذه المسألة.
الجواب: لا يحل للمدرسة أن تشير إلى موضع أسئلة الامتحان سواء بتدريس المواضع التي تريد أن تأخذ منها الأسئلة أو بالإشارة إلى ذلك، مثل أن تقول: هذا هام أو هذا غير هام، المهم أنه لا يجوز أن تشير لا تصريحاً ولا تلميحاً إلى مواضع الأسئلة، وهي مؤتمنة على هذا، وليس الشأن أن نكدس طلبة أو طالبات معهم الشهادات، لكن الشأن أن يكون الطالب نجح عن جدارة.
مداخلة: بعض المعلمات هداهن الله يحددن الاختبار مثلاً مادة التعبير والإملاء تكون عشرة مواضيع، فتقوم المعلمة بتحديد ثلاثة مواضيع فقط للاختبار، هل هذا العمل جائز؟
الشيخ: هذا كالأول.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر