إسلام ويب

مختصر التحرير [33]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من العبادات ما يقضى وذلك عند فواتها، وتأخير القضاء لا يجعل العبادة المؤداة بعده توصف بأنها قضاء القضاء. والقضاء هو ما فعل بعد وقت الأداء، والأداء ما فعل في وقته المقدر له شرعاً.
    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، هذا الفصل يريد المؤلف أن يذكر فيه العبادة، ماذا توصف به؟ هل توصف بالأداء أو بالقضاء أو بالإعادة؟

    يقول رحمه الله فيما سبق: [إذا لم يعين وقتها لم توصف بأداء، ولا قضاء، ولا إعادة]، كالزكاة مثلاً، الزكاة ليس لها وقت، لا يقال مثلاً: أدى الزكاة من كذا إلى كذا، متى تم الحول وجبت الزكاة، تحية المسجد ليس لها وقت؛ لأنها مقيدة بسبب متى وجد وجب الحكم، هذه لا توصف بأداء ولا قضاء ولا إعادة.

    وإن عين ولم يحد وصفت بأداء فقط، مثل الحج معين له وقت، الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة:197]، لكن لم يحدد، فلا يوصف إلا بالأداء فقط، يقال: أدى الحج، ولا يقال: قضاء، ولا يقال: إعادة.

    لكن أورد المؤلف جواب إشكال يقع فقال: [وإطلاق القضاء في حج فاسد لشبهه بالمقضي]، يعني: الحج يوصف بالأداء، ولا يوصف بالإعادة ولا بالقضاء، فكأن المؤلف استشعر أن سائلاً سيأتي، أليس الفقهاء يقولون: إذا جامع بعد التحلل الأول فسد الحج ووجب قضاؤه؟ فقال: بلى، لكن أُطلق عليه القضاء لشبهه بالمقضي، وهو ليس قضاء في الواقع، بل هو إعادة لفاسد، لأن القضاء ما فعل بعد الوقت؛ لكن ما فعل إلا مرة، وهذا الآن فعل مرتين، المرة الأولى الفاسدة السابقة، والمرة الثانية إعادة لتصحيح، لكن يشبه القضاء.

    قال: [وفعل صلاة بعد تأخير قضائها لا يسمى قضاء القضاء].

    وهذا صحيح، فالصلاة مؤقتة بوقت محدد، فتوصف بالأداء والقضاء والإعادة، فإذا أخر القضاء فإنه لا يسمى فعله قضاء القضاء، مثاله: نسي صلاة الصبح حتى طلعت الشمس، ولما طلعت الشمس من الصبح ذكر أنه لم يصل، ولكن مع ذلك لم يصل حين ذكر، بل أخرها إلى ساعتين أو ثلاث، فهل نسمي هذه الصلاة قضاء القضاء؟ لا، بل نسميها قضاء مؤخراً، فيأثم بالتأخير ولكن القضاء لم يزل اسماً لهذه الصلاة، فلا تسمى قضاء القضاء.

    قال: [وإن حد وصفت بالثلاثة سوى جمعة]، أي: إن حد وقت العبادة فقيل: من كذا إلى كذا فإنها توصف بالثلاثة، أي: الأداء، والقضاء، والإعادة، فالصلاة مثلاً محدد وقتها من كذا إلى كذا، الفجر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فتوصف بالأداء والقضاء والإعادة، فإذا صلاها أول مرة في وقتها فهي أداء، وإن أعادها ثانية في وقتها فهي إعادة، وإن لم يصليها إلا بعد طلوع الشمس فهي قضاء.

    الخلاف في هذا هل هو خلاف له معنى؟ يعني: خلاف معنوي أو خلاف لفظي؟

    الجواب: هو خلاف معنوي؛ لأن الرجل لو نوى بالأداء القضاء فإنها لا تصح، قالوا: لأنه متلاعب، فإذا نوى وهو يصلي الفجر في وقتها أنها قضاء فإنها لا تصح؛ لأنه متلاعب؛ لأن صلاته في الوقت أداء وليست بقضاء، كذلك في باب الإعادة إذا صلى مثلاً في مسجد ثم ذهب إلى مسجد آخر ووجد مصلين وصلى معهم فهذه إعادة، ولا يصح أن ينويها أداءً، لماذا؟ لأنها إعادة، والأداء هو ما فعل لأول مرة في الوقت، فإذا نواها أداءً صار متلاعباً.

    يقول المؤلف: (وإن حد وصفت بالثلاثة سوى جمعة)، الجمعة وقتها محدد على مذهب الحنابلة: من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى دخول وقت العصر، ولكن أكثر أهل العلم يقولون: إنها من الزوال أو قبل الزوال بساعة إلى دخول وقت العصر، الجمعة إذا فاتت لا توصف بقضاء؛ لأنها لا تقضى، فإن الإنسان إذا فاتته الجمعة صلى ظهراً، لكن توصف بالأداء وتوصف بالإعادة، فإنه يمكن أن يصلي جمعة في مسجد، ثم يذهب إلى مسجد آخر فيجدهم لم يصلوا فيصلي معهم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087861409

    عدد مرات الحفظ

    774461898