الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الحيض قال أهل العلم: إنه دم طبيعة وجبلة يعتاد الأنثى إذا صلحت للحمل في أيامٍ معلومة، وقالوا: إن الله عز وجل خلقه لغذاء الولد في بطن الأم، ولهذا إذا حملت المرأة انقطع عنها الحيض غالباً.
ثم إن هذا الحيض الطبيعي إذا أصاب المرأة تعلق به أحكامٌ كثيرة:
ونستفيد أيضاً من هذا الحديث أن طواف الوداع يسقط عن المرأة الحائض، كما جاء ذلك صريحاً في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض).
وليعلم أن الأصل في الدم الذي يصيب المرأة إذا كان في سن الحيض أن يكون حيضاً، حتى يأتي ما يخرجه عن هذا الأصل، والذي يخرجه عن هذا الأصل أن نعلم أن هذا الدم خرج من عرق وليس دم طبيعة، مثل أن يكون ذلك إثر عملية أجرتها المرأة، أو يكون هذا الشيء لروعة أصابتها، أو نحو هذا من الأسباب التي توجب خروج الدم غير الطبيعي، فإنها في هذه الحال لا تعتبر هذا الدم دم حيض، وكذلك إذا أطبق عليها الدم وكثر حتى استغرق أكثر مدة من الشهر، فإنها في هذه الحالة تكون مستحاضة، وترجع إلى عادتها التي كانت عليها قبل حصول هذه الاستحاضة، فتجلس مدة عادتها ثم تغتسل وتصلي ولو كان الدم يجري.
وكثير من الناس-نسأل الله لنا ولهم الهداية-يتسرعون في هذا الأمر، فيطلق زوجته وهي حائض، أو يطلقها في طهرٍ جامعها فيه قبل أن يتبين حملها، وكل هذا حرام، يجب على المرء أن يتوب إلى الله منه، وأن يعيد امرأته التي طلقها على هذه الحالة.
ومن الأحكام التي تتعلق بالحيض والنفاس ما أشرنا إليه في حلقةٍ سابقة وهو وجوب الغسل على الحائض والنفساء إذا طهرتا من الحيض والنفاس.
وأحكام الحيض والنفاس كثيرة جداً، ونختصر منها على هذا القدر، ولعل فيه كفايةً إن شاء الله تعالى.
الشيخ: إذا لم ينزل منها دمٌ في حال النفاس فإنها ليست نفساء، ولا يلزمها شيء، يعني: لا يلزمها غسل، ولا يحرم عليها صلاة ولا صيام.
الشيخ: الأصل في هذا الجواز، وأنه يجوز للمرأة أن تأكل ما يمنع الحيض إذا كان ذلك بإذن زوجها، ولكن بلغني عن بعض الأطباء أن هذه الحبوب المانعة من نزول الحيض ضارةٌ جداً على المرأة، ضارة للرحم والأعصاب والدم وغير ذلك، حتى قال لي بعضهم: إذا استعملتها امرأة بكر فإنه تكون هذه المرأة عقيمة، وهذا خطرٌ عظيم، وما قاله بعض الأطباء ليس ببعيد؛ لأن الدم-أعني: دم الحيض-دم طبيعة، فإذا حاول الإنسان أن يمنعه بهذه العقاقير فقد حاول مخالفة الطبيعة، ولا شك أن مخالفة الطبيعة مضر على البدن؛ لأنه يقتضي أن ينحبس هذا الدم عن وقت خروجه الذي كان من طبيعة المرأة.
لهذا أنا أنصح جميع نسائنا في هذه المسألة بأن لا يتناولن هذه الحبوب لا في رمضان، ولا في غير رمضان، لكن في مسألة الحج والعمرة ربما تدعو الحاجة أو الضرورة إلى استعمال هذه الحبوب، وهو استعمال مؤقت، وربما لا تعود المرأة إليه مدى عمرها، فمثل هذا أرجو ألا يكون فيه بأسٌ ولا ضرر.
المقدم: لكن إذا ثبت ضررها فما حكمها؟
الشيخ: إذا ثبت ضررها فمعلومٌ أن كل ما تحقق ضرره فإنه لا يجوز للإنسان أن يتناوله؛ لأن الله عز وجل يقول: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29] ، وقد استدل عمرو بن العاص بهذه الآية حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ وكان رضي الله عنه قد أجنب في ليلةٍ باردة، فتيمم وصلى بأصحابه، فلما قال له النبي عليه الصلاة والسلام: أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ قال: يا رسول الله! ذكرت قول الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29]، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم أو ضحك) وأقره على هذا، وهذا يدل على أن كل ما يكون فيه ضررٌ على بدن الإنسان فإنه لا يجوز له أن يتناوله.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر