إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. المقدمة وكتاب الطهارة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب الطهارة - (باب السواك إذا قام من الليل) إلى (باب هل يستاك الإمام بحضرة رعيته؟)

شرح سنن النسائي - كتاب الطهارة - (باب السواك إذا قام من الليل) إلى (باب هل يستاك الإمام بحضرة رعيته؟)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • وأما تخريج الحديث فقد خرجه جماعة كثيرون، وفي مقدمتهم أصحاب الكتب الستة: البخاري و مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجه ، بل إن المعلق على جامع العلوم والحكم -وهو الشيخ شعيب الأرناءوط - ذكر تخريجه عن تسعة عشر إماماً، وفي مقدمتهم أصحاب الكتب الستة، وفي مقدمة الذين خرجوه البخاري و مسلم في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفة.

    والإمام النووي رحمه الله لما ذكر الحديث عازياًَ إليهما ذكر ذلك في أول الأمر فقال: (رواه إماما المحدثين: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري الجعفي ) ، ونسبته إلى الجعفي نسبة ولاء، ونسبة الولاء تكون أحياناً بالعتق، وتكون -أيضاً- بسبب الإسلام، ونسبة البخاري إلى الجعفيين نسبة ولاء بسبب الإسلام؛ لأن أحد أجداده دخل في الإسلام على يد رجل من الجعفيين، ولهذا يقولون في ترجمته: الجفعي مولاهم.

    وأما مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري فهو قشيري، وهو منهم نسبة أصل وليست نسبة ولاء، ولهذا يقولون عنه: القشيري من أنفسهم، فإذا كان الشخص ينسب نسبة ولاء قالوا: مولاهم. وإذا كان فيهم أصلاً أتوا بكلمة (من أنفسهم) أي أنه ينتسب إليهم نسبة أصل، وليست نسبة ولاء، فـمسلم بن الحجاج من بني قشير، وأما البخاري فنسبته إلى الجعفيين نسبة ولاء، وليست نسبة أصل.

    وهذا الحديث من غرائب (صحيح البخاري )، فقد جاء من طريق واحدة، فهو فرد مطلق، فرواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولم يروه عن عمر إلا علقمة بن وقاص الليثي ، ولم يروه عن علقمة بن وقاص الليثي إلا محمد بن إبراهيم التيمي ، ولم يروه عن محمد بن إبراهيم التيمي إلا يحيى بن سعيد الأنصاري ، ثم كثر الآخذون والراوون له عن يحيى بن سعيد حتى قيل: إن الذين رووه عنه يبلغون السبعين وقيل: إنهم يبلغون المائتين. وقيل: أكثر من ذلك. وهو غريب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يحيى بن سعيد .

    ومثله الحديث الذي ختم به البخاري (صحيحه)، وهو حديث أبي هريرة (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)، فإنه -أيضاً- غريب، فلم يروه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا أبو هريرة ، ولم يروه عن أبي هريرة إلا أبو زرعة بن عمرو بن جرير ، ولم يروه عن أبي زرعة إلا عمارة بن القعقاع ، ولم يروه عن عمارة بن القعقاع إلا محمد بن فضيل بن غزوان ، ثم انتشر بعد ذلك وكثر الآخذون والراوون له عن محمد بن فضيل بن غزوان ، ففاتحة صحيح البخاري وخاتمته حديثان من غرائب الصحيح، فلم يأتيا إلا من طريق واحدة، وقد قال الترمذي عندما خرج الحديث الأخير في جامعه -وهو: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن ..)- قال: حديث حسن غريب صحيح. ويعني بقوله: (غريب) أنه جاء من طريق واحدة.

    وقد افتتح البخاري -رحمه الله- صحيحه بحديث عمر السابق، وكذلك الإمام النووي رحمه الله بدأ به الأربعين إشارة إلى تصحيح النية، وأن الإنسان إذا عمل عملاً فإنه يستحضر الإخلاص، ويستحضر حسن القصد، وأن يفعل ذلك ابتغاء وجه الله، وابتغاء مرضاته سبحانه.

    فقد بدأ الأربعين بحديث (إنما الأعمال بالنيات)، وثنى بحديث عمر في قصة جبريل، فبدأ بأول حديث في البخاري ، وثنى بأول حديث في صحيح مسلم ، فحديث عمر الذي في قصة جبريل هو أول حديث في صحيح مسلم في كتاب الإيمان، وأول حديث في صحيح البخاري هو حديث (إنما الأعمال بالنيات).

    وقد سبق المؤلف إلى هذا الصنيع الإمام البغوي في كتابيه (شرح السنة) و(مصابيح السنة)، فإنه بدأ كلا الكتابين بحديث (إنما الأعمال بالنيات)، وثنى بحديث جبريل في تعليم الدين.

    وكذلك -أيضاً- بدأ المؤلف كتابه (المجموع شرح المهذب) بهذا الحديث؛ لأنه بعدما انتهى من المقدمة عقد فصلاً في إخلاص النية وحسن القصد، وأن يكون ذلك في الأمور الواضحة والجلية، ثم ذكر ثلاث آيات من كتاب الله، ثم ذكر حديث عمر بن الخطاب (إنما الأعمال بالنيات).

    وقد فعل ذلك -أيضاً- بعض المؤلفين فبدءوا بما بدأ البخاري به صحيحه، ومنهم: السيوطي ، فقد بدأ كتابه (الجامع الصغير) بهذا الحديث، وكذلك: عبد الغني المقدسي في كتابه (عمدة الأحكام)، فإنه بدأ بهذا الحديث، وكل هذا إشارة منهم إلى هذا الغرض النبيل الذي هو حسن القصد، والبدء بشيء يذكر الإنسان وهو يعمل عملاً ما بضرورة الإخلاص وحسن النية، وأن يريد الإنسان بعمله ذلك وجه الله عز وجل والتقرب إليه سبحانه وتعالى.

    1.   

    السواك إذا قام من الليل

    شرح حديث: (كان رسول الله إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب السواك إذا قام من الليل.

    أخبرنا إسحاق بن إبراهيم وقتيبة بن سعيد عن جرير عن منصور عن أبي وائل عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك) ].

    هنا أورد النسائي رحمة الله عليه عدة أبواب تتعلق بالسواك، وأولها: باب السواك إذا قام من الليل.

    أي: أنه يُستحب السواك إذا قام الإنسان من نوم الليل؛ وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، ومن المعلوم أن السواك فيه تطهير وفيه تنظيف، ومن المعلوم أن الطهارة منها ما هو مستحب، ومنها ما هو متعين والسواك من الأمور المستحبة للصلاة ولغير الصلاة.

    وهذه الترجمة تتعلق بما إذا قام من الليل فإنه يستاك؛ وذلك لأن الإنسان إذا نام هذه المدة الطويلة فإنه يمسك فيها عن الحركة وعن الكلام, فيحصل شيء من الروائح التي تتصاعد من الجوف، فإذا أتى بعد النوم بالسواك يكون في ذلك تنظيف وتطهير وحصول رائحة طيبة بدل الرائحة الكريهة التي جاءت بعد طول المكث، فشرع الاستياك عند القيام من النوم؛ لتحقيق هذه المصلحة, وتحصيل هذه الفائدة.

    وكما جاء في الحديث الذي سيأتي: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) يعني: فيه تطهير للفم وتنظيف له, وإبقاء على الأسنان نظيفة وحصول الرائحة الطيبة بسبب الاستياك، فمشروعية السواك في هذا الوقت تحقق هذه المصلحة, وتحقق هذه الفائدة التي يستفاد حكمها من فعل رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

    وقوله: (يشوص فاه بالسواك) يعني: يدلك فاه بالسواك؛ ويدلك أسنانه بالسواك؛ حتى تذهب الرائحة الغير الحسنة, ويحل محلها الرائحة الطيبة.

    وكلمة (كان) تستعمل غالباً لما حصلت المداومة عليه، وكان يفعل كذا؛ معناه: أنه يداوم عليه؛ لكن هذا ليس بمطرد، فقد تأتي (كان) ولا تفيد المداومة، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها: (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم, ولحله قبل أن يطوف بالبيت) ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما حج إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع، فقولها: (ولحله قبل أن يطوف بالبيت) تعني: مرة واحدة، وليست مرات كثيرة؛ لأن الرسول ما حج حجات كثيرة حتى يقال: إنه في كل حجة من الحجات عندما يريد أن يطوف بالبيت بعدما يتحلل التحلل الأول أنها كانت تطيبه.

    فهذا يدل على أن (كان) قد تأتي أحياناً ولا يراد بها المداومة، مثل هذا الموضع الذي لا يقبل المداومة، ولا مجال للمداومة فيه؛ لأنه ما حصل إلا مرة واحدة منها.

    أما بالنسبة للعمرة أو للإحرام فالرسول عليه الصلاة والسلام اعتمر مرات، لكنه ما حج إلا مرة واحدة، فقولها: (كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم, ولحله قبل أن يطوف بالبيت) أي: أنها ما طيبته إلا مرة واحدة، لكن الغالب على (كان) هو استعمالها فيما يفيد المداومة.

    تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك)

    قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم وقتيبة بن سعيد].

    وقتيبة بن سعيد هو شيخه في الإسناد الأول، وهنا ذكر الحديث عن شيخين هما: إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ابن راهويه الإمام المعروف, وقتيبة بن سعيد ، ولا أعرف طريقة النسائي عندما يروي الحديث عن شيخين؟ ولا اللفظ لأيهما؟ أما البخاري فقد عرف أن طريقته إذا أورد الحديث عن شيخين فاللفظ الذي يذكره للثاني منهما وليس للأول، أما النسائي فأورد الحديث عن شيخين, ولكن حتى الآن لا ندري ما هي طريقة النسائي في صاحب المتن من شيوخه الذين يذكرهم ويقرن بينهم؟ ولا ندري لأيهم اللفظ؟

    وإسحاق بن إبراهيم هو: الحنظلي , وهو: ابن راهويه ، وهو إمام من الأئمة الحفاظ المتقنين، وله مسند فيه أحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والمعروف من طريقته أنه يستعمل (أخبرنا)، كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في فتح الباري: أنه عندما يأتي إسحاق غير منسوب يحتمل ابن راهويه ويحتمل غيره، فإذا كان الحديث أو الإسناد فيه تعبير بأخبرنا, فإنه غالباً ما يكون ابن راهويه؛ لأنه معروف من عادته أنه يعبر بأخبرنا، وقد يستعمل (حدثنا)، لكن هذا هو الغالب على عادته.

    [عن جرير].

    وجرير هنا غير منسوب، وهو جرير بن عبد الحميد وهو من الثقات, الحفاظ.

    [ عن منصور].

    هو ابن المعتمر وهو من الثقات, الحفاظ.

    [عن أبي وائل].

    هو شقيق، وهو معروف, مشهور بكنيته , ومشهور باسمه، ولهذا أحياناً يأتي ذكره أبو وائل بالكنية، وأحياناً يأتي باسمه فيقال: شقيق، وهو هو، إلا أنه أحياناً يذكر باسمه وأحياناً بكنيته، وهذه من الأمور المهمة كون الإنسان الذي عرف بكنيته يعرف باسمه أو العكس؛ حتى إذا ذكر مرة باسمه ومرة بكنيته لا يقال: هذا غير هذا، بل يعلم أن هذا هو هذا، ولكنه مرة جاء في الإسناد مذكوراً بالاسم، ومرة جاء في الإسناد مذكوراً بالكنية.

    [ عن حذيفة ].

    هو حذيفة بن اليمان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي كان عنده علم عن المنافقين، وهو الذي كان يقال له: صاحب السر أي: الذي أسر له بالمنافقين، فرضي الله تعالى عنه وأرضاه.

    1.   

    كيف يستاك

    شرح حديث أبي موسى الأشعري: (دخلت على رسول الله وهو يستن وطرف السواك على لسانه...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: حدثنا أحمد بن عبدة عن حماد عن غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبي موسى قال: (دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يستن، وطرف السواك على لسانه، وهو يقول: عأ عأ).

    هنا أورد النسائي رحمة الله عليه: باب كيف يستاك.

    أورد فيه حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه، وهو (أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يستن, وطرف السواك على لسانه، وهو يقول: عأ عأ) والمقصود بـ(يستن) أي: من الاستنان, وهو افتعال من الأسنان؛ يعني: أنه يحرك أو يدير السواك على أسنانه؛ لتحصل النظافة والنقاء، وأبو موسى الأشعري رضي الله عنه يخبر بأنه دخل على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يعمل هذا العمل, الذي هو الاستياك.

    قال: (وطرف السواك على لسانه وهو يقول: عأ عأ) ، وفي رواية للبخاري: (أع أع) ، وهناك أيضاً روايات أخرى, وكلها تحكي الصوت الذي يخرج من الفم؛ بسبب دخول السواك فيه.

    والحديث جاء في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.

    تراجم رجال إسناد حديث أبي موسى الأشعري: (دخلت على رسول الله وهو يستن وطرف السواك على لسانه...)

    قوله: [حدثنا أحمد بن عبدة عن حماد].

    هو شيخ النسائي، أحد الثقات، وحماد بن زيد شيخ شيخه، وهو أيضاً من الحفاظ، الثقات، المتقنين، وهو أحد الحمادين المشهورين بالحديث، وهما: حماد بن زيد, وحماد بن سلمة ، وحماد بن زيد هو الذي روى عنه أصحاب الكتب الستة، وروى عنه البخاري كثيراً، وأما حماد بن سلمة فقد روى له البخاري في التعاليق، وروى عنه الباقون.

    وبعض العلماء يفضل حماد بن سلمة على حماد بن زيد؛ وذلك لأن نسب حماد بن زيد بن درهم، وحماد بن سلمة بن دينار؛ أي: أن أحدهما وهو حماد بن سلمة جده دينار ، وحماد بن زيد جده درهم ، فبعض العلماء يقول في ترجيح أو تقديم حماد بن سلمة على حماد بن زيد : الفرق بينهما كالفرق بين الدينار والدرهم، فكلهم من الثقات الأثبات، إلا أن الإمام البخاري لم يرو عن حماد بن سلمة إلا في التعليقات, ولم يرو عنه في الأصول.

    وأما حماد بن زيد فقد روى عنه الجميع، فقد روى عنه البخاري في الأصول وأكثر عنه، وجاء في صحيح البخاري عنه أحاديث كثيرة.

    [عن غيلان بن جرير].

    هو غيلان بن جرير الضبي وهو أيضاً من الثقات.

    [عن أبي بردة].

    هو أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، وهو مشهور بكنيته، ويقال: إن اسمه عامر، وقيل: الحارث، ولكنه مشهور بكنيته وهي: أبو بردة، ولم يشتهر باسمه, ويأتي كثيراً يروي عن أبيه أبي موسى الأشعري.

    [عن أبي موسى الأشعري].

    هو أبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه أحد الصحابة الأجلاء المشهورين رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

    وقد علم من طريقة المحدثين أنه إذا كان الرجل ممن تشرف بصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم, فإنهم لا يضيفون إليه شيئاً أكثر من كونه صحابياً، إلا إذا أرادوا أن يبينوا كونه مكثراً, أو كونه بدرياً، أو كونه من أهل بيعة الرضوان، أو ما إلى ذلك من الصفات، أما من حيث التعديل والتوثيق فلا يحتاجون إلى تعديل أو توثيق؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد عدلهم وأثنى عليهم في كتابه, وأثنى عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم، فليسوا بحاجة إلى تعديل المعدلين وتوثيق الموثقين بعد أن حصل لهم التعديل, وحصل لهم الثناء من الله ومن رسوله صلى الله عليه وسلم.

    ولهذا يكفي عن الصحابي أن يقال: إنه صحابي، وإذا كان مجهولاً ولا يعرف شخصه، ولكن عرف بأنه صحابي، فإن ذلك أيضاً لا يؤثر، بخلاف الجهالة في غير الصحابة فإنها تؤثر، ولا يعول على الإسناد، أما بالنسبة للصحابة فالمجهول فيهم لا تؤثر فيه الجهالة، ويكفي أن يقول التابعي: عن رجل صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وأما الذين يحتاجون إلى معرفة, ويحتاجون إلى تعديل وتوثيق فهم من دون الصحابة، أما الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فهم لا يحتاجون إلى هذا، بل يكفي الواحد منهم أن يقال: إنه صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا عند التراجم يقال عنه: صحابي، ولا يضاف إليه شيء آخر بأن يقال: ثقة, أو أن يقال: متقن, أو أن يقال: حافظ, أو أن يقال: كذا، فهؤلاء أبداً لا يحتاجون إلى شيء منه بعد تعديل الله عز وجل لهم وثنائه سبحانه وتعالى، وثناء رسوله صلى الله عليه وسلم عليهم، رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

    1.   

    هل يستاك الإمام بحضرة رعيته؟

    شرح حديث أبي موسى الأشعري: (أقبلت إلى النبي ومعي رجلان من الأشعريين... ورسول الله يستاك...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب هل يستاك الإمام بحضرة رعيته.

    أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى وهو ابن سعيد حدثنا قرة بن خالد حدثنا حميد بن هلال حدثني أبو بردة عن أبي موسى رضي الله عنه أنه قال: (أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعي رجلان من الأشعريين، أحدهما عن يميني والآخر عن يساري، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك، فكلاهما سأل العمل، قلت: والذي بعثك بالحق نبياً ما أطلعاني على ما في أنفسهما، وما شعرت أنهما يطلبان العمل، فكأني أنظر إلى سواكه تحت شفته قلصت، فقال: إنا لا، أو لن نستعين على العمل من أراده، ولكن اذهب أنت، فبعثه على اليمن، ثم أردفه معاذ بن جبل رضي الله عنهما)].

    هنا أورد النسائي رحمه الله هذا الحديث الذي هو عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه، ويرويه عنه ابنه أبو بردة ، ويحكي فيه أبو موسى الأشعري أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو واثنان من الأشعريين من جماعته وبني قومه، جاءوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأبو موسى يمشي في الوسط بينهما، حتى وصلوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ووجدوه يستاك، فلما دخلوا عليه كل واحد من الأشعريين اللذين على يمينه وعلى يساره طلب العمل؛ يعني: طلب منه أن يوليه على عمل من الأعمال.

    وأبو موسى رضي الله عنه خشي أن يظن أنه جاء قصده قصدهم، وأنهم متفقون، وأن هذين هما اللذان تكلما، فأراد أن يدفع عن نفسه ما قد يظن من أنه جاء للقصد الذي قصداه، وأنه يريد الذي أراداه، فأقسم قائلاً: (والذي بعثك بالحق نبياً ما أطلعاني على ما في أنفسهما) وأنه ما يدري عن هذا القصد الذي أبدياه للرسول صلى الله عليه وسلم، فدافع عن نفسه وأبعد التهمة عن نفسه؛ لأنهم جاءوا سوية وهو وسطهم، وهم من جماعة واحدة، واثنان طلبا العمل، فالثالث إذا سكت فسوف يظن أن الطريق واحدة، وأن المهمة واحدة، وأن القصد متحد، وهم أشعريون، وأبو موسى في الوسط، فأراد أن يبرئ نفسه، وأن يبرئ ساحته من أن يظن به ذلك؛ لوجود هذه القرائن المتعددة.

    وفيه دليل على جواز الحلف من غير استحلاف؛ لأن الرسول ما استحلفه، وما طلب منه أن يحلف، ولكنه حلف للتأكيد بدون أن يستحلف، فهو دليل على جواز الحلف من غير استحلاف؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم حلف كثيراً على أمور دون أن يستحلف، والمقصود من ذلك تأكيد الكلام الذي يحلف عليه، وكثيراً ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحلف ويقول: (والذي نفسي بيده)، (والذي نفس محمد بيده)، فهذا من جملة الأدلة الدالة على جواز الحلف من غير استحلاف.

    وفيه أيضاً دليل على أن الإنسان إذا كان هناك مظنة لأن يتهم في شيء فإنه يبادر إلى نفي التهمة عنه، ونفي ما قد يقع في النفس في حقه؛ لأن أبا موسى رضي الله عنه وأرضاه لما كانت القرائن قائمة على أنه قد يظن به ذلك الشيء الذي حصل من الاثنين بادر في دفع ذلك الذي قد يظن في حقه, وأقسم على ذلك رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ولما طلبا العمل أبدى ما في نفسه, وأنه ما كان فكر في الذي فكرا فيه، وأنه لا يعلم ما في أنفسهما، وأن هذا شيء ما تواطأ معهما عليه، وأنهما لم يطلعاه على ما في أنفسهما.

    وقوله: (إنا لا، أو لن نولي هذا العمل أحداً طلبه) فيه دليل على أن من يحرص على العمل لا ينبغي أن يمكن منه، وقد جاء في الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام النهي عن سؤال الإمارة, وقال: (إنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها)؛ لأن الحرص على الشيء قد يكون الدافع له الرغبة في الظهور، والرغبة في الولاية، فيكون في ذلك محذور، وإذا كان الإنسان ما طلب الشيء ثم إنه ابتلي به وكلف به، فإنه حري أن يعان عليه؛ لأنه ما شغل باله, وما أشغل نفسه في البحث عنه وفي تحصيله.

    فالرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بين أن من طلب العمل, وأراد العمل لا يولى العمل، وأنه لا يستعان به في العمل، وإنما يستعان بالذي ما طلبه حيث يكون كفؤاً، فهو الأولى به والأحق به، ولهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ما ولى الذين طلباه وولى الذي لم يطلبه وهو أبو موسى الأشعري، وقال: (إنا لا نستعين على هذا الأمر بأحد أراده، ولكن اذهب أنت إلى اليمن) فأرسله إلى اليمن، ثم أردفه بـمعاذ بن جبل رضي الله عنه ,كما جاء ذلك مبيناً في الصحيحين وفي غيرهما.

    والحديث في الصحيحين من طرق، وفي البخاري في مواضع متعددة مطولاً ومختصراً، وفي بعضها: أنه كان جعل اليمن مخلافين؛ يعني: قسمين، قسم ولايته لـأبي موسى , وقسم ولايته لـمـعاذ بن جبل ، فكان أبو موسى أو معاذ ينصب خيمة في طرف المخلاف الذي هو وال عليه, وكان الثاني عندما يأتي يتجول في مكان ولايته ويؤدي عمله يأتي ويزور صاحبه في مكان ولايته.

    وقوله: (إنا لا أو لن نستعين على هذا العمل بأحد أراده) هذا شك من الراوي (لا أو لن)؛ لأن الرسول قال أحدهما، قال: لن نولي, أو: لا نولي، فهو أتى به هنا على الشك إما (لا أو لن) نولي أو نستعين على هذا العمل بأحد أراده.

    ففيه دليل على تقديم من لم يحرص على الولاية، وأنه هو الأحق، وأنه هو الأولى، وهو الحري بأن يعان، بخلاف من كان حريصاً وراغباً, فإنه قد يكون له أهداف غير المصالح العامة وإفادة المسلمين.

    حكم الاستياك بحضرة الناس

    والمقصود من إيراد الحديث هنا هو الذي ترجم له النسائي قال: باب هل يستاك الإمام بحضرة رعيته؟ ومحل الشاهد من ذلك: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستاك لما جاءه هؤلاء الثلاثة من الأشعريين، وهو مطابق للترجمة من حيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الإمام استاك بحضرة ثلاثة من رعيته، ففي هذا دليل على جواز مثل ذلك، وأنه لا بأس به، وأنه كونه يحصل الاستياك في الأماكن العامة لا بأس بذلك، لكن ترجمة النسائي بكون الإمام يستاك بحضرة الرعية يستشعر منه أنه ليس على إطلاقه؛ بمعنى: أنه ليس كل واحد يستاك في أي مكان يكون فيه اجتماع؛ لأن قوله: (هل يستاك الإمام بحضرة رعيته؟) يشير إلى أن ذلك سائغ في حق من لا يستقذر ذلك منه، كأن يكون المتبوع وحوله الأتباع، وكون ذلك يحصل منه ليس مثل كونه يحصل من غيره، فتعبير النسائي بقوله: هل يستاك الإمام بحضرة رعيته؟ ولم يقل: هل يستاك الإنسان بحضرة الناس؟ حتى يكون عاماً، وإنما أتى به مطابقاً لما حصل, ومطابقاً لما وقع وهو: أن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الإمام كان يستاك بحضرة بعض الرعية، فمن العلماء من أخذ من ذلك الجواز على سبيل العموم, وأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك بحضرة الناس، ومنهم من رأى أنه يقيد في حق من لا يعاب ذلك عليه وهو المتبوع بحضرة الأتباع، والإمام بحضرة الرعية، ولهذا النسائي قال: باب هل يستاك الإمام بحضرة رعيته؟

    ومن المعلوم أن التراجم أحياناً يؤتى بها على سبيل العموم حيث يكون الأمر واضحاً، وأن هذا لا يخص من حصل منه، وأنه للجميع، وأحياناً قد يكون الأمر خاصاً لا يتعدى إلى الغير, ولا يقاس الغير عليه، كما فعل البخاري رحمه الله في بعض التراجم التي فيها: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم زار أحد أصحابه, وقد أغمي عليه، فتوضأ ثم أخذ فضل وضوئه ورشه عليه فأفاق)، فترجم له البخاري قال: باب صب فضل وضوء الرسول صلى الله عليه وسلم على الإنسان، فأتى بالترجمة مضافة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن التبرك إنما هو بالرسول صلى الله عليه وسلم، ليس لأحد من الناس أن يفعل كما فعل الرسول إذا زار مريضاً يتوضأ ثم يرش عليه من فضل وضوئه؛ لأنه لا يتبرك به، وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو يتبرك بفضل وضوئه، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يأخذون شعره وفضل وضوئه, وكذلك يحرصون على لمس جسده حتى يصيبهم عرقه صلى الله عليه وسلم يتبركون به، بل كانوا يأخذون نخامه عليه الصلاة والسلام ويدلكون بها جلودهم رضي الله عنهم وأرضاهم؛ لأن التبرك بالرسول صلى الله عليه وسلم جاءت به أحاديث كثيرة، ولم يأت عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنهم تبركوا بأحد من كبار أصحابه كـأبي بكر, وعمر, وعثمان, وعلي, وأخذوا فضل وضوئهم، أو أخذوا نخامهم، أو تبركوا بعرقهم، وما حصل منهم هذا، فعلم أن هذا خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم، فالذي ترجم له البخاري في كونه صب على المريض من وضوء الرسول صلى الله عليه وسلم ترجمة مطابقة؛ لأنه لا يلحق به غيره، ولا يتبرك بأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأشياء التي تخرج منه، مثل: البصاق, ومثل: العرق، وكذلك ما يتساقط من جسده من فضل وضوئه عليه الصلاة والسلام من شعره، فهذا لا يقاس عليه غيره، ولا يلحق به غيره عليه الصلاة والسلام، ولهذا أجمع الصحابة على هذا, وتركوا صنع ذلك مع غير الرسول صلى الله عليه وسلم.

    أما هذه الترجمة فهي محتملة هل هي خاصة بالإمام؟ أو له ولغيره؟ لأن مسألة الاستياك قد تكون كما خصص النسائي الترجمة في الإمام بحضرة الرعية، وقد تكون عامة، وأن الرسول فعل هذا ليقتدى به، لكن إذا كان هناك استقذار من بعض الناس في المجالس العامة, وفي غير الأماكن التي وردت مشروعية السواك فيها, فقد يكون له وجه، وليس الأمر في ذلك بالواضح باختصاص الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك, كما كان الأمر واضحاً بالاختصاص بالتبرك بفضل وضوئه، وبما يسقط من جسده الشريف صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

    تراجم رجال إسناد حديث أبي موسى الأشعري: (أقبلت إلى النبي ومعي رجلان من الأشعريين... ورسول الله يستاك...)

    قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].

    هو عمرو بن علي الفلاس, وهو من رجال الكتب الستة، وهو من الحفاظ النقاد، وهو من المعروفين بالجرح والتعديل.

    [حدثنا يحيى].

    هو يحيى بن سعيد القطان ، وهو أيضاً من الذين يعول عليهم في الجرح والتعديل، وهو من أئمة الجرح والتعديل، وهو من الحفاظ, المتقنين، وهو من رجال الكتب الستة، وهو وعبد الرحمن بن مهدي ممن عرفوا بالتقدم والتعويل عليهم في الجرح والتعديل، ولهذا لما ذكر الذهبي في كتابه (من يعتمد قوله في الجرح والتعديل) ذكر أناساً على مختلف الأزمان، فذكر يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي، وأثنى عليهما، وقال: إنهما إذا اجتمعا على تعديل شخص فتعديلهم له أهميته ومنزلته، وإذا اجتمعا على جرح شخص قال الذهبي : فهو لا يكاد يندمل جرحه؛ يعني: أن كلامهم أصاب المحك، وأصاب الهدف، فأثنى عليهما ثناءً عظيماً.

    ويحيى بن سعيد القطان هو من شيوخ شيوخ النسائي ، وكذلك أصحاب الكتب الستة هو من شيوخ شيوخهم، وهناك من هو في زمانه ومن طبقته وهو يحيى بن سعيد الأموي وهما في طبقة واحدة، ويحصل اللبس بينهما، ولكن يعرف ذلك بالشيوخ والتلاميذ، ويعرف ذلك أيضاً بكون الأموي يروي عنه ابنه سعيد ، وهو معروف بالرواية عنه، فإذا روى سعيد بن يحيى عن يحيى بن سعيد فهو الأموي ؛ يعني: عن أبيه، فهما اثنان في طبقة واحدة، وهما من طبقة شيوخ شيوخ أصحاب الكتب الستة.

    وهناك اثنان بهذا الاسم: يحيى بن سعيد، ولكنهما في طبقة صغار التابعين، وهما يحيى بن سعيد التيمي , ويحيى بن سعيد الأنصاري فهؤلاء في طبقة عالية، وهي طبقة صغار التابعين، ولا يلتبس هذان بهذين؛ لأن بينهما تفاوتاً في الطبقات، ولكن الالتباس فيما إذا لم تحصل النسبة بين يحيى بن سعيد الأموي , ويحيى بن سعيد القطان ، وكذلك بين يحيى بن سعيد الأنصاري , ويحيى بن سعيد التيمي، وهما من صغار التابعين، فعندما يأتي ذكر يحيى بن سعيد في طبقة شيوخ شيوخ البخاري , ومسلم , وأبي داود , والترمذي , وابن ماجه لا يفكر بأنه يحيى بن سعيد الأنصاري أو يحيى بن سعيد التيمي ؛ لأن هؤلاء في طبقة عالية، وهذه هي فائدة معرفة الطبقات وهي كون الإنسان يعرف أزمان العلماء وطبقاتهم, وأن هذا في الوقت الفلاني, وهذا في الوقت الفلاني، وهذا متقدم, وهذا متأخر، فهذا هو الذي يجعل الإنسان يعرف من يصلح أن يكون هو فلان ومن لا يصلح؛ لأن الإنسان الذي لا يعرف الطبقات يمكن أن ينقدح في باله عندما يأتي من شيوخ شيوخ البخاري يحيى بن سعيد يمكن يأتي في باله التيمي , أو الأنصاري ، لكن الذي يدري أن الأنصاري أو التيمي من طبقة صغار التابعين, وأنهم في زمن متقدم لا يلتبس عليه الأمر، بل لو حصل انقلاب في الإسناد أو حصل تقديم وتأخير يعرف أن هذا خطأ، أو أن المقصود بهذا فلان أو فلان، لكن الإنسان الذي لا يعرف قد يجعل المتقدم متأخراً والمتأخر متقدماً.

    [حدثنا قرة بن خالد].

    وهذا أيضاً من الثقات الأثبات.

    [حدثنا حميد بن هلال].

    وهو كذلك أيضاً من الثقات.

    والطريق إلى معرفة الطبقات هي: كثرة المراس، وكثرة التأمل, ومعرفة الأشخاص, ومعرفة التابعين، وأتباع التابعين, ومن يكون بعدهم, ومن يكون متأخراً, ومن يكون متقدماً، فهذا لا يعرف إلا بكثرة المراس, وملاحظة من يكون متقدماً، ومعرفة الأزمان، ومعرفة تاريخ الوفاة, ومعرفة تاريخ الولادة، ومعرفة أن هذا يروي عن هذا، وهذا لا يروي عن هذا، وهذا متقدم على هذا، ومتأخر عن هذا، وأن هذا يأتي في طبقة التابعين وهذا في طبقة أتباع التابعين، وهذا في طبقة شيوخ أصحاب الكتب الستة، وهذا في طبقة شيوخ شيوخهم، وهكذا يعرف بهذه الطريقة.

    وقوله: (وهو ابن سعيد) هذه الطريقة وهي: أن الشخص إذا جاء في الإسناد الاسم غير مستوفى فيأتي بما يوضحه، مثاله قال: يحيى وهو ابن سعيد، وكلمة (هو ابن سعيد)، هذه لا يقولها عمرو بن علي؛ لأن عمرو بن علي هو تلميذ يحيى بن سعيد ينسبه كما يريد، تارة يقول: حدثنا يحيى ، وعندما يريد أن يوضح يقول: يحيى بن سعيد؛ لأنه هو الذي يأتي بنسبه كاملاً أو ناقصاً، لكن من تحته ومن وراءه إذا وجد شيخه, أو شيخ شيخه ذكر الاسم على صيغة معينة، ليس له أن يزيد في الإسناد فيقول: يحيى بن سعيد؛ لأنه لو زاد لظن أن تلميذه هو الذي قال هذا الكلام، فيكون قوله ما لم يقل، فعندما يريد من تحت التلميذ أن يأتي بما يلحق فيقول: (هو) أو (يعني)؛ حتى يفهم بأن هذا ليس من التلميذ، وإنما هو ممن دون التلميذ، فهذا لا يكون إلا من النسائي, أو ممن دون النسائي، فكلمة: (هو ابن سعيد), هو الذي يمكن أن يقول هذا الكلام، أما تلميذ يحيى بن سعيد القطان الذي هو عمرو بن علي الفلاس , فلا يقول: (هو)؛ لأنه يمكنه أن يذكر نسبه، لكن من دونه إذا أراد أن يوضح ذلك الرجل بما يعينه ويوضح من هو لا يأتي به دون أن يأتي بما يدل على ذلك بكلمة: (يعني: فلاناً), أو (هو: ابن فلان).

    نكتفي بهذا القدر، وصل اللهم! على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718756

    عدد مرات الحفظ

    768429284