إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. المقدمة وكتاب الطهارة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب الطهارة - (باب مسح المرأة رأسها) إلى (باب مسح الأذنين مع الرأس وما يستدل به على أنهما من الرأس)

شرح سنن النسائي - كتاب الطهارة - (باب مسح المرأة رأسها) إلى (باب مسح الأذنين مع الرأس وما يستدل به على أنهما من الرأس)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بين الشارع أنه لا فرق في الأحكام الشرعية بين الرجال والنساء إلا فيما خصه الدليل، ومن جملة ذلك المسح على الأذنين في الوضوء فهو مشترك بينهما،كما جاء ببيان أن الأذنين من الرأس وحقهما المسح معه.

    1.   

    مسح المرأة رأسها

    شرح حديث عائشة في مسح المرأة رأسها

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب مسح المرأة رأسها.

    أخبرنا الحسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى عن جعيد بن عبد الرحمن أخبرني عبد الملك بن مروان بن الحارث بن أبي ذباب أخبرني أبو عبد الله سالم سبلان وكانت عائشة تستعجب بأمانته وتستأجره، فأرتني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، فتمضمضت واستنثرت ثلاثاً، وغسلت وجهها ثلاثاً، ثم غسلت يدها اليمنى ثلاثاً واليسرى ثلاثاً، ووضعت يدها في مقدم رأسها ثم مسحت رأسها مسحة واحدة إلى مؤخره، ثم أمرت يديها بأذنيها، ثم مرت على الخدين، قال سالم: كنت آتيها مكاتباً ما تختفي مني، فتجلس بين يدي وتتحدث معي، حتى جئتها ذات يوم، فقلت: ادعي لي بالبركة يا أم المؤمنين, قالت: وما ذاك؟ قلت: أعتقني الله، قالت: بارك الله لك، وأرخت الحجاب دوني, فلم أرها بعد ذلك اليوم].

    يقول النسائي رحمه الله: باب: مسح المرأة رأسها. ذكر النسائي في التراجم السابقة بعض التراجم المتعلقة بمسح الرأس، وأورد فيه بعض الأحاديث التي فيها بيان كيفية المسح، وعدد ذلك، ثم أورد هذه الترجمة وهي باب: مسح المرأة رأسها.

    ومن المعلوم أن أحكام الشريعة هي مشتركةٌ بين الرجال والنساء، فلا فرق بين الرجال والنساء في الأحكام, إلا إذا جاء دليل يخص الرجال بشيء، أو يخص النساء بشيء، وحيث لا دليل على تخصيص أي منهما؛ فإن أحكام الشريعة مشتركة بينهما.

    وقد أورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث: عائشة رضي الله عنها الذي يرويه عنها سالم سبلان، وكانت تستعجب من أمانته وتستأجره، أي: أن هذا الرجل الرقيق كانت تستأجره, وتعرفه بالأمانة والجد في العمل، فأرته كيف الوضوء، فتوضأت وهو يرى، فأتت بماءٍ فأخذت منه وتمضمضت واستنشقت ثلاثاً، ثم غسلت وجهها ثلاثاً، ثم يديها إلى المرفقين ثلاثاً، ثم مسحت رأسها ومسحت أذنيها مع رأسها، ثم غسلت رجليها، والمقصود من ذلك: مسح الرأس؛ لأنها أمرت يدها على رأسها، ثم مسحت بأذنيها، أي: أن حكمهما المسح، وليستا من الوجه فيكون فرضهما الغسل، وإنما هما من الرأس ففرضهما المسح.

    وقد جاء في ذلك أحاديث في مسحهما مع الرأس، وفي بيان كيفية مسحهما.

    وحديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها هذا فيه مسح الأذنين مع الرأس، وفي الحديث أنها لما مسحت أذنيها مرت بيديها على خديها، وهذا كما هو معلوم لا دخل له في الوضوء؛ لأن الخدان من الوجه، وقد غسلا قبل غسل اليدين؛ لأن من فروض الوضوء غسل الوجه، ثم إن الوجه يدخل فيه الخدان، ولكن قيل: إن إمرارها يدها على خديها بعد أن مسحت أذنيها، ليذهب ما في يدها من الماء في الخدين، أو يحتمل أن يكون أيضاً: أن اليدين مرت على الخدين وهما في طريقهما للنزول، ويكون مرورهما إنما هو في الطريق إلى إرسالهما, بعد أن فرغت من مسحهما إلى إرسالهما, والاشتغال بغسل الرجلين، فليس لذكر الخدين بعد المسح على الأذنين بيان حكم فيما يتعلق بأحكام الوضوء.

    ومن المعلوم أن عدم ذكر الرجلين لا ينفيهما، وإنما هذا من اختصار الرواة، يعني: أحياناً يأتينا بالحديث مختصراً، وأحياناً يأتينا به مطولاً، وعدم إيراده لا يعني عدم ذكره.

    وفي الحديث أنه كان مكاتباً، وكان يأتي إليها وتجلس بين يديه فتتحدث إليه، ثم المكاتب هو: الذي اتفق مع أوليائه على أن يفدي نفسه بأن يجمع لهم الأموال، ويأتي بها إليهم شيئاً فشيئاً، فإذا أدى الذي اتفق معه عليه صار حراً، وما دام بقي عليه درهم فهو رقيق، وكان يأتي إليها وهو مكاتب، ثم إنه في مرةٍ من المرات جاء إليها، وقال: (ادعي لي بالبركة يا أم المؤمنين! قالت: وما ذاك؟ قال: أعتقني الله، قالت: بارك الله لك، ثم أرخت الحجاب, ولم يرها بعد ذلك اليوم).

    ومن المعلوم أن ملك اليمين يمكن التكشف له، وهو ممن ذكره الله عز وجل في القرآن بقوله: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:3]، فإن ملك اليمين تبدي له المرأة أو سيدته زينتها، ولا تحتجب عنه، وهنا في هذا الحديث هو ليس مولى لها، ولا عبداً لها، وإنما هو عبد لغيرها، قال بعض العلماء: ولعله كان مولاً لأقربائها, أو عبداً لأقربائها، فكانت لا تحتجب عنه، وأنها ترى جواز ذلك بالنسبة لمن يكون عبداً للقريب، ومن المعلوم أن القرآن إنما جاء بأنها لا تحتجب عن ملك يمينها، أما ملك يمين غيرها ولو كان من أقربائها، فالواضح والأظهر أنه يُحتجب عنه، ولكن لعل عائشة رضي الله عنها وأرضاها كانت ترى هذا الشيء، ثم لما عتق وصار حراً أرخت الحجاب دونه, ولم يرها بعد ذلك اليوم الذي التقى بها، وطلب منها أن تدعو له بالبركة؛ لأن الله تعالى قد أعتقه.

    وفي هذا الحديث: مثل ما في الذي قبله من حرص الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم على بيان السنن والحق والهدى، رجالهم ونسائهم، هذا شأنهم وديدنهم، يبينون الحق للناس ابتداءً من دون أن يكون ذلك التوجيه والإرشاد مبني على سؤال؛ فإن عائشة رضي الله عنها وأرضاها أرته كيفية الوضوء, وتوضأت وهو يراها.

    وفيه أيضاً: بيان التعليم بالفعل, كما يكون بالقول، وهنا علمته, وبينت له بفعلها رضي الله تعالى عنها وأرضاها.

    تراجم رجال إسناد حديث عائشة في مسح المرأة رأسها

    قوله: [أخبرنا الحسين بن حريث ].

    الحسين بن حريث هو: الخزاعي المروزي، وهو ثقةٌ, خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه .

    [ حدثنا الفضل بن موسى].

    وهو: الفضل بن موسى السيناني المروزي، هو أيضاً مروزي مثل تلميذه، وهو ثقةٌ, خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن الجعيد بن عبد الرحمن].

    الجعيد بن عبد الرحمن هنا جاء مصغراً، ويأتي مكبراً فيقال: الجعد، يأتي مصغراً كما هنا فيقال: الجعيد. ويأتي منسوباً إلى أبيه وإلى جده، وهو الجعد بن عبد الرحمن بن أوس؛ يقال: الجعد بن عبد الرحمن، ويقال: الجعد بن أوس، وهو ثقةٌ, خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه ، مثل: الحسين بن حريث شيخ النسائي هنا.

    [ عن عبد الملك بن مروان بن الحارث بن أبي ذباب ].

    وهذا الرجل وصفه الحافظ في التقريب: بأنه مقبول، ولم يخرج له إلا النسائي، وكلمة (مقبولٌ) كما عرفنا فيما مضى تعني أنه يحتاج إلى من يعضده ويساعده، ومن المعلوم أن صفة الوضوء وكيفيته , جاء فيها أحاديث كثيرة، وله شواهد عديدة عن جماعة من الصحابة، كلها تدل على بيان صفة الوضوء، مثل ما جاء عن عائشة وغيرها.

    [عن أبي عبد الله سالم سبلان].

    وهو: سالم بن عبد الله المصري، يقال له: سالم سبلان، وهو صدوقٌ, خرج له مسلم, وأبو داود, والنسائي, وابن ماجه، ولم يخرج له البخاري, ولا الترمذي.

    وأما عائشة فهي أم المؤمنين, التي مر ذكرها في الأسانيد الماضية مراراً وتكراراً، وهي صاحبة المناقب الكثيرة، والصفات الحميدة، وهي من أوعية العلم والسنة، حفظت الكثير من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, ورضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي التي أنزل الله تعالى براءتها من فوق سبع سماوات في عشر آياتٍ من سورة النور، بين الله تعالى فيها براءتها مما رميت به، فهي الصديقة بنت الصديق، المبرأة بالوحي من الله عز وجل، وكانت مع هذا الفضل الذي حصل لها، وهو إنزال الله عز وجل الوحي ببراءتها متواضعة لله عز وجل، وقد جاء في الصحيح أنها كانت تقول رضي الله عنها وأرضاها: وكنت أتمنى أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه رؤيا يبرؤني الله تعالى بها، ولشأني في نفسي أهون من أن ينزل الله تعالى فيَّ آيات تتلى، أي: مثلها, وهي مع علو مكانتها تتواضع لله عز وجل.

    1.   

    مسح الأذنين

    شرح حديث ابن عباس: (رأيت رسول الله توضأ... ومسح برأسه وأذنيه مرة ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب مسح الأذنين

    أخبرنا الهيثم بن أيوب الطالقاني حدثنا عبد العزيز بن محمد حدثنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، فغسل يديه, ثم تمضمض واستنشق من غرفة واحدة، وغسل وجهه، وغسل يديه مرة مرة، ومسح برأسه وأذنيه مرة، قال عبد العزيز: فأخبرني من سمع ابن عجلان يقول في ذلك: وغسل رجليه].

    ثم ذكر النسائي هذه الترجمة وهي باب: مسح الأذنين، لما ذكر مسح الرأس ذكر مسح الأذنين، وذلك أن الأذنين من الرأس، ويكون حكمهما المسح، كما أن حكم الرأس المسح، وليس حكمهما الغسل؛ لأنهما لا يعتبران من الوجه فيغسلان، وإنما يعتبران من الرأس فيمسحان.

    وقد أورد فيه حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو في بيان صفة وضوء النبي عليه الصلاة والسلام مرةً مرة، أي: أن كل عضو من أعضاء الوضوء يغسله مرةً واحدة، وقد عرفنا فيما مضى: أن السنة جاءت بالغسل مرةً مرة، واثنتين اثنتين، وثلاثاً وثلاثاً، وبالتفاوت، يعني: يكون مرة ومرتين، أو ثنتين وثلاث، كل هذا جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فحديث ابن عباس يدل على الغسل للأعضاء في الوضوء مرةً مرة، وبين فيه كيفية وضوء النبي عليه الصلاة والسلام، وأنه تمضمض واستنشق، وغسل وجهه مرة، وغسل يديه مرة مرة، ومسح رأسه مع الأذنين مرة.

    وذكر أن عبد العزيز بن محمد قال: أخبرني من سمع محمد بن عجلان أنه قال بعد ذلك: ثم غسل رجليه؛ لأن الرواية التي ذكرها ليس فيها ذكر غسل الرجلين، ولكنه أتى إلى طريقٍ أخرى فيها الإشارة إلى غسل الرجلين تبعاً لأعضاء الوضوء، والمقصود من إيراد الحديث هنا: أن ابن عباس توضأ ومسح رأسه مع الأذنين.

    وقوله: (ومسح برأسه وأذنيه مرة)، أي: أنه عطف الأذنين على الرأس، وجعل حكمهما المسح، كما أن حكم الرأس المسح، وأن ذلك مرة، وهذا مبنيٌ على هذه الصفة التي هي حصول الفعل مرةً مرة، وقد سبق أن مر الحديث من بعض الطرق.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس: (رأيت رسول الله توضأ ... ومسح برأسه وأذنيه مرة ...)

    قوله: [أخبرنا الهيثم].

    وهو: الهيثم بن أيوب الطالقاني، وهذا هو شيخ النسائي ثقةٌ, انفرد النسائي بإخراج حديثه، ولم يخرج له بقية أصحاب الكتب الستة، أي: في طبعة التقريب المصرية ذكر فيها بعد رمز السين رمز الخاء، وهو خطأ؛ لأن البخاري لم يخرج له، ثم أيضاً هذا مع كونه خطأ، فترتيبه أيضاً خطأ؛ لأن الأصل أن يبدأ بالخاء إذا كان البخاري خرج له، ولا يكون ذكره بعد النسائي، وإنما يكون ذكر البخاري قبل النسائي، وهنا جاء بحرف السين, ثم جاء بعدها بحرف الخاء، فهو خطأ من حيث ذكره؛ حيث لم يخرج له البخاري، وخطأ من حيث الموضع؛ لأن البخاري يذكر مقدماً على غيره.

    [عن عبد العزيز بن محمد].

    عبد العزيز بن محمد الدراوردي هذا أيضاً يأتي ذكره لأول مرة، وهو صدوقٌ، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن زيد بن أسلم].

    زيد بن أسلم، وهو ثقةٌ, من رجال الجماعة.

    [عن عطاء بن يسار ].

    عطاء بن يسار شيخه، وهو ثقة، من رجال الجماعة.

    قوله: [عن ابن عباس].

    وكذلك ابن عباس رضي الله عنه مر مراراً وتكراراً، وحديثه في الكتب الستة، وهو أحد الصحابة المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذين هم سبعة جمعهم السيوطي في بيتين، قال فيهما:

    والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر

    وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي

    والبحر المقصود به: ابن عباس، يقال له: البحر، ويقال: الحبر.

    1.   

    مسح الأذنين مع الرأس وما يستدل به على أنهما من الرأس

    شرح حديث ابن عباس: (توضأ رسول الله... ثم مسح برأسه وأذنيه ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب مسح الأذنين مع الرأس، وما يستدل به على أنهما من الرأس

    أخبرنا مجاهد بن موسى حدثنا عبد الله بن إدريس حدثنا ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فغرف غرفة فمضمض واستنشق، ثم غرف غرفة فغسل وجهه، ثم غرف غرفة فغسل يده اليمنى، ثم غرف غرفة فغسل يده اليسرى، ثم مسح برأسه وأذنيه باطنهما بالسباحتين، وظاهرهما بإبهاميه، ثم غرف غرفة فغسل رجله اليمنى، ثم غرف غرفة فغسل رجله اليسرى)].

    ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي باب: مسح الأذنين وما يستدل به على أنهما من الرأس، أي: أنهما يمسحان، فيكون فرضهما المسح، هذا هو المقصود بكونهما من الرأس، فيكون المقصود هو: هل حكمهما حكم الرأس فيمسحان أو حكم الوجه فيغسلان؟ المقصود أن حكمهما حكم الرأس فيمسحان.

    وأورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى وفيه: أنه مسح رأسه مع أذنيه، جعل السباحتين في داخلهما وإبهامه في ظاهرهما، أي: أن كيفية المسح أن يجعل السبابة أو السباحة في داخل الأذن, والإبهام في خارجها، فالسبابة تمسح داخلها، والإبهام تمسح خارجها، والسبابة وهي: الإصبع التي تلي الإبهام، يقال لها: السبابة، ويقال لها: السباحة والمسبحة؛ لأنه يسبح الله بها، ويشار إلى وحدانية الله عز وجل بها، فيقال لها: السباحة، ويقال لها: السبابة؛ لأنه يسب الشيطان بها؛ ولأنهم كانوا في الجاهلية عندما يكون سباب يشيرون بها، يعني: سباً أو من أجل السب.

    وهذه الترجمة التي عقدها النسائي هنا, مما يستدل به على أن الأذنين من الرأس، يعني: فيمسحان، واستدل بما حصل من مسحهما فيكون حكمها حكم الرأس، وفيه إشارة إلى ما ورد من حديث (الأذنان من الرأس)، وفيه كلام، ولكنه ثابت، ولكن للكلام الذي فيه لعل النسائي اختار أن يستدل على أن الأذنين من الرأس فيمسحان، بحديث ابن عباس هذا, فيكون هذا الحديث صحيح يؤدي ما يؤديه ذلك الحديث، وهو ثابت، يعني: حديث: (الأذنان من الرأس).

    تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس: (توضأ رسول الله ... ثم مسح برأسه وأذنيه ...)

    قوله: [عن مجاهد بن موسى].

    هو الخوارزمي، شيخ النسائي، ثقة، خرج حديثه مسلم, وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن عبد الله بن إدريس].

    عبد الله بن إدريس هو: الأودي الكوفي، وهو ثقة, عابد، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن عجلان].

    هو محمد بن عجلان، وهو ممن خرج حديثه البخاري تعليقاً, ومسلم, وأصحاب السنن، وهو صدوق، وسبق أن ذكرت لكم: أنهم ذكروا في ترجمته أن أمه حملت به وبقي في بطنها ثلاث أو أربع سنين.

    [عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس].

    وبقية الإسناد كالذي تقدم، زيد بن أسلم، عطاء بن يسار، ابن عباس.

    شرح حديث: (إذا توضأ العبد المؤمن ... فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة وعتبة بن عبد الله عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه, حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه, حتى تخرج من تحت أظفار يديه، فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه, حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه, حتى تخرج من تحت أظفار رجليه، ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة له)، قال قتيبة عن الصنابحي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال].

    هنا أورد النسائي حديث عبد الله الصنابحي، ومقصوده منه بيان مسح الأذنين، والاستدلال على أنهما من الرأس، والحديث من حديث فضائل الأعمال، وأحاديث الترغيب، وفيه بيان فضل الوضوء، وما يحصل به من حط الخطايا والسيئات، فإنه جاء في هذا الحديث أن الإنسان إذا توضأ فغسل وجهه، خرجت الذنوب حتى تخرج من بين أشفار عينيه، بمعنى: أنها تخرج الذنوب من عينيه، يعني: ما حصل من النظر في عينيه، وما إلى ذلك، وكذلك إذا غسل يديه تخرج من تحت أظفار أصابع يديه، وإذا مسح رأسه خرجت من أذنيه، وهذا مما يدل على أن الأذنين من الرأس، فلما ذكر الرأس قال: (خرجت) يعني: خرجت خطاياه من أذنيه، وهذا معناه: أن الأذنين من الرأس، وأن حكمهما حكم الرأس في المسح، وهذا هو الذي أراده النسائي من إيراد الحديث هنا، وكذلك إذا غسل رجليه تخرج الذنوب والخطايا من أظفار قدميه، ثم يكون مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة، يعني: أنها كفرت سيئاته بفعله الوضوء، فيكون مشيه وصلاته نافلة، يعني: زيادة في الثواب، وزيادة في الأجر عند الله عز وجل.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إذا توضأ العبد المؤمن... فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه ...)

    قوله: [أخبرنا قتيبة وعتبة بن عبد الله].

    قتيبة هو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الثقات, الأثبات.

    أما عتبة بن عبد الله فهو: عتبة بن عبد الله بن عتبة اليحمدي، وهو صدوقٌ, خرج حديثه النسائي وحده.

    [عن مالك].

    ومالك هو إمام دار الهجرة, الذي مر ذكره مراراً وتكراراً.

    [عن زيد بن أسلم عن عطاء].

    وزيد بن أسلم يروي عن عطاء، وكل منهما مر ذكره في الأحاديث الماضية.

    [ عن عبد الله بن الصنابحي ].

    وعبد الله الصنابحي اختلف فيه، بل قال الحافظ ابن حجر في التقريب: اختلف في وجوده، يعني: وجود شخص مثل عبد الله الصنابحي؛ لأن من العلماء من قال: إنه موجود، وأنه صحابي وله صحبة، ومنهم من قال: إنه لا يوجد أحد يقال له: عبد الله الصنابحي، وإنما يوجد عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، المخضرم الذي لم يلق النبي عليه الصلاة والسلام، وقد ذكروا في ترجمته أنه جاء قادماً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولما كان في الجحفة في الطريق جاءه الخبر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم توفي، فلم يحصل له شرف صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال بعض العلماء أظنه الذهبي: كاد أن يكون صحابياً، ما بينه وبين الصحبة إلا شيء يسير، فهو مخضرم، وهو من كبار التابعين، وهو هذا عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، وحديثه عند أصحاب الكتب الذي هو الصنابحي.

    ثم بالمناسبة الصنابحي ذكر أنه من رجال البخاري، وهو ليس من رجاله، وإنما له ذكر في البخاري، وطريقة المزي أن الرجل عندما يكون له ذكر في البخاري، يرمز له بأنه من رجال البخاري، وإن لم يكن من رواة البخاري.

    أما عبد الله وكنيته الصنابحي الذي هو عبد الرحمن بن عسيلة أبا عبد الله، فقالوا: إن هذا الذي هو عبد الله الصنابحي هو أبو عبد الله الصنابحي، وإنما حصل خطأ فانقلبت الكنية فصارت اسماً، وهذا هو المشهور عند العلماء أن الصنابحي هو: عبد الرحمن بن عسيلة، وحديثه مرسل، وليس بصحابي، وما يرويه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهو من قبيل المرسل، وليس من المتصل؛ لأنه لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم.

    والشيخ الألباني لما ذكر هذا الحديث في صحيح الترغيب والترهيب، وذكر كلام العلماء في عبد الله الصنابحي؛ لأن المشهور أنه عبد الرحمن بن عسيلة، قال: وإنما أوردته مع كونه مرسل, لوجود الشواهد الكثيرة في معناه، التي تدل على ما يدل عليه ذلك الحديث، فيكون من شواهده، يكون ثابتاً من شواهده، أما لو لم يأت في معناه, إلا هذا الحديث؛ فإنه كما هو معلوم لا يكون ثابتاً, لوجود الانقطاع فيه, لأن الصنابحي تابعي وليس بصحابي، فحديثه يكون مرسلاً، ومن المعلوم أن الحديث المرسل منقطع ليس بمتصل، وابن حجر وكذلك المزي لما ترجموا لـعبد الله الصنابحي رمزوا له بالدال والسين والقاف، يعني: لـأبي داود , والنسائي, وابن ماجه .

    أما عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي فقد جاء ذكره في الكتب الستة، لكن من جاء بلفظ عبد الله الصنابحي فهو في ثلاثة كتب، في أبي داود , والنسائي , وابن ماجه .

    ثم إنه في آخر الحديث قال: قال قتيبة عن الصنابحي : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال.

    فالمقصود من ذكر هذه الجملة هنا: أن سياق الإسناد يبدو أنه لـعتبة، وليس لـقتيبة، ثم إنه يمكن أن يستدل بهذا الصنيع على أن طريقة النسائي عندما يروي عن شيخين، فيكون اللفظ للثاني منهما؛ لأن الآن هنا السياق للثاني، وشيخه الأول الذي هو قتيبة أتى بعد ذكر سياق الحديث بلفظ الثاني، ما بينه وبينه من المخالفة، إنما هي يسيرة جداً؛ لأن عتبة إسناده وسياقه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم..، وهذا قال: أن النبي صلى الله عليه وسلم، فالفرق بينهما: كلمة رسول ونبي، فهذا يشعر ويدل على هذا.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767947757