يقول النسائي رحمة الله عليه: ذكر الأقراء. والأقراء جمع قرء، والقرء: هو اسمٌ لمدة الطهر أو الحيض عند النساء؛ لأنه من الألفاظ التي تطلق على الأضداد، تطلق على الشيء وضده، على الطهر والدم، والنسائي رحمه الله، لما ذكر المستحاضة، وما جاء فيها من الأحاديث الدالة على أنها تترك الصلاة وقت مجيء الحيض لها، وأنها في الأوقات الزائدة على ذلك فأنها تصلي، وتؤدي ما كان يجب عليها، وأن الاستحاضة ليست كالحيض، وهي لا تمنع من الصلاة، ولا تمنع من قراءة القرآن، ولا من الجماع؛ لأن الحيض يخالف الاستحاضة، ولما كان ذكر الاستحاضة أتى بعدها ذكر القرء في الأحاديث، فعقد هذه الترجمة فقال: باب ذكر الأقراء؛ لأن الأحاديث المتعلقة بالاستحاضة جاء فيها ذكر الأقراء، ولهذه المناسبة عقد هذه الترجمة، فما هي الأقراء؟ الأقراء: جمع قرء، وكذلك يجمع على قروء، وقد جاء في القرآن: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228]، وفُسر القرء بأنه: الحيض، وفُسر بأنه: الطهر، وهو اسم لزمان الطهر، أو زمان الحيض، وعلى هذا فهو من الأضداد، يعني: يطلق اللفظ على الشيئين المتضادين، يطلق على الشيء وضده؛ والقرء من الأضداد يطلق على الطهر وعلى الحيض، وهما متقابلان ومتضادان، ومن ذلك: (عسعس)، فإنه بمعنى أقبل وأدبر، والإقبال والإدبار من الأضداد، وهناك ألفاظٌ كثيرة تأتي في اللغة يطلق اللفظ على الشيئين المتضادين، يطلق على الشيء وضده.
والأحاديث التي أوردها النسائي هنا تدل على أن القرء يراد به الحيض، كل الأحاديث التي وردت في هذا الباب، في باب ذكر الأقراء، هي في أن القرء يراد به الحيض، وأول الأحاديث التي أوردها النسائي في هذا الباب حديث عائشة رضي الله عنها: في قصة أم حبيبة بنت جحش أخت زينب بنت جحش أم المؤمنين رضي الله عنها، وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وأنها كانت تستحاض، فذكر شأنها لرسول الله عليه الصلاة والسلام، يعني: ذكر شأنها من أجل الاستفتاء، وفي استفتائه ماذا تصنع، وهل تمتنع من الصلاة في حال الاستحاضة كما هو شأنها في حال الحيض، أو أن الأمر يختلف؟ فأجاب رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إن ذلك ليس بالحيضة، وإنما هي ركضة من الرحم)، يعني: تحصل في الرحم، وهي سيلان عرق فيه، يحصل معه جريان الدم باستمرار في وقت الحيض، وفي غير وقت الحيض، فبين عليه الصلاة والسلام بأن هذا عرقٌ يكون في الرحم، يسيل منه الدم بصفةٍ مستمرة، وأنها إذا جاء وقت القرء الذي هو الحيض، فإنها تمتنع من الصلاة، وإذا أدبر القرء الذي هو الحيض، فإنها تغتسل وتصلي.
وفي هذه الرواية أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة، وقد ذكرت فيما مضى: أن بعض العلماء قال: إن ذكر الاغتسال لكل صلاة إنما هو من فعلها، وليس من أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام، والأحاديث التي جاءت في الصحيحين ليس فيها ذكر هذه الزيادة، أنه أمرها بالاغتسال لكل صلاة، وإنما فيها أنه أمرها بالاغتسال عند انقضاء دم الحيض، وعند إدبار الحيضة، وأنها هي التي كانت تغتسل لكل صلاة باجتهادٍ منها، وبفعلٍ منها رضي الله تعالى عنها وأرضاها، لكن هذه الرواية التي معنا فيها أن اغتسالها لكل صلاة، إنما هو بأمر رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وذكرت فيما مضى: أن العلماء اختلفوا في ذلك، فمنهم من رأى إيجاب ذلك عليها، ومنهم من رأى أن ذلك مستحب، لكن اغتسالها عند انقضاء العادة الذي هو دم الحيض، فهذا أمرٌ لا بد منه، وهو واجب، أي: اغتسالها من الحيض.
إذاً: فالحديث الذي أورده النسائي هنا مشتمل على ما ترجم له النسائي من ذكر القرء، وأنه بمعنى الحيض، وهو أحد المعنيين اللذين يرد لهما لفظ القرء، وهما المعنيان المتضادان: الطهر والحيض، أو زمن الطهر وزمن الحيض.
وهو إسحاق بن بكر بن مضر، وهو صدوق، فقيه، خرج حديثه مسلم، وأبو داود، والترمذي.
[عن أبيه].
وهو بكر بن مضر، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه .
[عن يزيد بن عبد الله].
وهو ابن الهاد، وهو ثقةٌ، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقيل له: ابن الهاد؛ لأن جده لقب الهاد؛ لأنه كان يوقد النيران في الطريق حتى يهتدي المسافرون بها، وحتى يعرفوا الطريق بها، فقيل له: ابن الهاد.
[عن أبي بكر بن محمد].
وهو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم المدني، وهو ثقةٌ، عابد، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرة].
وهي بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية، وهي ثقةٌ، خرج حديثها أصحاب الكتب الستة، وهي مكثرةٌ من الرواية عن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
[عن عائشة].
وعائشة أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق مر ذكرها مراراً، وهي الصحابية التي لم يرو أحدٌ من الصحابيات مثل ما روت من الحديث، وهي أحد السبعة من الصحابة المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، الذين زادت أحاديثهم على ألف حديث، والذين سبق أن ذكرت مراراً أن السيوطي نظمهم في ألفيته فقال:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
زوجة النبي المراد بها عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
ثم أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها المتعلق أيضاً بـأم حبيبة بنت جحش أخت زينب بنت جحش أم المؤمنين رضي الله تعالى عنهما، والمتعلق بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن شأنها، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمرها بأن تترك الصلاة قدر أقرائها وحيضها، والمراد بالحيض هو الأقراء، من عطف الشيء على مثله؛ لأن الحيض هو القرء هنا؛ لأنه قال: (تترك الصلاة قدر أقرائها وحيضتها)، فهو من عطف الشيء على مثله مع مغايرته بالمعنى؛ لأن القرء هنا بمعنى الحيض، فهي تترك الصلاة قدر الأقراء التي هي الحيض، ثم بعدما تدبر الأقراء التي هي الحيض وعندما تنتهي كل حيضة، فإنها تغتسل وتصلي كل الصلوات في حال استحاضتها؛ لأن الاستحاضة لا تمنع الصلاة، وإنما الذي يمنعها الحيض.
والاستحاضة كما سبق أن ذكرت أنها مثل سلس البول، يعني: خروج نجاسة بصفةٍ مستمرة، لا يتمكن الإنسان من الخلاص منها، فلا يمنع ذلك من الصلاة، فهي تصلي على حسب حالها، كما أن الذي به سلس البول يصلي على حسب حاله، وإن كان يخرج منه البول بصفة مستمرة، فكذلك هذه تصلي ولو كان يخرج منها الدم، أي: دم الاستحاضة بصفةٍ مستمرة.
المقصود من إيراد الحديث هو ذكر الأقراء وهي الحيض، فهو مطابق لما ترجم له المصنف.
ومحمد بن المثنى هو العنزي الملقب بـالزمن، وقد مر ذكره كثيراً، وهو أحد الثقات، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو رفيق محمد بن بشار الملقب بندار الذي قال عنهما الحافظ في التقريب: وكانا كفرسي رهان؛ لأنهما ولدا في سنةٍ واحدة وماتا في سنة واحدة، واتفقا في الشيوخ والتلاميذ، وكونهما من بلدٍ واحد صار بينهما تشابهٌ وتماثل حتى قيل في وصفهما: إنهما كفرسي رهان.
[عن سفيان].
وسفيان يروي عن الزهري، والمراد بـسفيان هو ابن عيينة؛ لأنه إذا جاء ذكر سفيان يروي عن الزهري، فالمراد به سفيان بن عيينة؛ لأن الحافظ ابن حجر ذكر في الفتح بأن سفيان معروف بالرواية عن الزهري بخلاف الثوري، وقد قال أيضاً في موضع آخر من فتح الباري: بأن الثوري لا يروي عن الزهري إلا بواسطة، وقد ذكرت فيما مضى: أن ابن عيينة مكثر من الرواية عن الزهري، بخلاف الثوري، فإنه مقل من الرواية عنه، وأن هذا الذي ذكرته مبني على ما ذكره ابن خلكان في وفيات الأعيان، لكن الذي ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح: بأن الثوري لا يروي عن الزهري إلا بواسطة، وأن الذي هو معروف بالرواية عن الزهري إنما هو سفيان بن عيينة.
فعلى هذا، إذا جاء سفيان غير منسوب، وهو الذي يسمى المهمل في علم المصطلح يروي عن الزهري فإنه يحمل على أنه ابن عيينة، وليس على أنه الثوري؛ لأن القاعدة المعروفة عند المحدثين: أنه عندما يذكر شخص غير منسوب، وهو يحتمل شخصين، فإنه يحمل على من يكون أكثر ملازمة، ومن يكون له علاقة خاصة بذلك الذي يروي عنه؛ لأنه في الغالب إنما يهمل فيما إذا كان معروفاً بكثرة الرواية عنه، ثم أيضاً هو من بلده؛ لأن سفيان بن عيينة مكي، والزهري مدني، يعني: أن كلاً منهما من أهل الحجاز، فهما متقاربان مكة والمدينة، وأما سفيان الثوري فهو من أهل الكوفة، وهي في العراق.
إذاً فعندما يأتي ذكر سفيان غير منسوب يروي عن الزهري، فإنه يحمل على سفيان بن عيينة، ولا يحمل على الثوري.
وسفيان بن عيينة ثقة، ثبت، حجة، إمام، عابد، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو مشهورٌكما ذكرت سابقاً بالنسبة إلى جده زهرة بن كلاب فيقال له: الزهري، ومشهوراً أيضاً بالنسبة إلى أحد أجداده شهاب حيث يقال له: ابن شهاب، وأحياناً يأتي ذكره باسمه واسم أبيه، فيقال: محمد بن مسلم، وهذا قليلٌ في الاستعمال، وإنما الكثير في الاستعمال أحد هذين اللفظين، وهما ابن شهاب أو الزهري.
وهو ثقة، فقيهٌ إمام، جليل، مكثر من رواية الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو الذي جمع السنة بتكليفٍ من الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، وحديث الزهري عند أصحاب الكتب الستة.
وهي عمرة بنت عبد الرحمن وعائشة قد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
هنا ذكر النسائي حديثاً آخر: وهو حديث قصة فاطمة بنت أبي حبيش، وهو قيس بن المطلب، وهي أحياناً يقال لها: فاطمة بنت قيس، وأحياناً يقال: فاطمة بنت أبي حبيش، وتنسب أحياناً إلى أبيها باسمه، وأحياناً إلى أبيها بكنيته، وهي سواء جاءت بذكر نسبتها إلى أبيها باسمه، أو إلى كنيته؛ لأنها امرأة واحدة وليست امرأتين؛ لأن فاطمة بنت أبي حبيش وفاطمة بنت قيس هي بمعنى واحد؛ لأن أبا حبيش هو قيس، فإذا جاء مرة فاطمة بنت قيس، ومرة بنت أبي حبيش، فهي هي.
وفيه: أنها استفتت الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال لها عليه الصلاة والسلام: (انظري إذا جاء قرؤك -أي: الحيض- فدعي الصلاة)، يعني: اتركي الصلاة في حال القرء، يعني: أن دم الاستحاضة مستمر، وأحياناً يأتي الحيض مع الاستحاضة، فهي في الوقت الذي يأتي الحيض هي تمتنع من الصلاة، فإذا أدبر قرؤها، أي: حيضتها، فإنها ترجع إلى الصلاة وتصلي ما بين القرء والقرء، يعني: من الحيضة إلى الحيضة، فالطهر الذي بين الحيضتين هو طهر، بمعنى أنه طهرٌ من الحيض، وإن كان دم الاستحاضة موجوداً، ما هناك طهر، يعني: سلامته من الدم، لكن هناك طهر من الحيض الذي تترك فيه الصلاة، وأما الباقي الذي هو بين القرأين الذي هو دم الحيض في المرة الأولى، والمرة التي بعدها، يعني: بين القرأين، أي: الحيضتين، فإنها تصلي ولا تترك الصلاة؛ لأن ذلك ليس بحيض، وإنما هو عرق الذي هو الاستحاضة.
قال: وفي هذا دليل على أن القرء يراد به الحيضة، وأن الأقراء هي الحيض.
ثم ذكر النسائي أن هشام بن عروة رواه عن عروة، ولم يذكر ما ذكره المنذر بن المغيرة الذي روى عن عروة، ثم أتى بهذا الاستنباط الذي هو ذكر أن القرء يراد به الحيض، هذه من المنذر الذي في الإسناد، المنذر بن المغيرة الذي يروي عن عروة بن الزبير.
وعيسى بن حماد هو: ابن مسلم المصري، ولقبه زغبة، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي. وابن ماجه لم يخرج له ولا الترمذي.
[الليث].
وهو الليث بن سعد المصري، الفقيه، المحدث، الثقة، الثبت، الذي خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يزيد بن أبي حبيب].
يزيد بن أبي حبيب، هو أيضاً مصري، وهو ثقة، يرسل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن بكير بن عبد الله].
هو بكير بن عبد الله بن الأشج، وهو أيضاً ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن المنذر بن المغيرة].
والمنذر بن المغيرة قال عنه في التقريب: إنه مدني، وإنه مقبول، وإن حديثه خرجه أبو داود، والنسائي.
[عن عروة].
هو: عروة بن الزبير بن العوام، أحد الفقهاء السبعة في المدينة المشهورين الذين مر ذكرهم كثيراً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن فاطمة بنت أبي حبيش].
وفاطمة بنت أبي حبيش مر ذكرها، وهي: فاطمة بنت قيس، وهي صحابية مشهورة، لها هذا الحديث في الاستحاضة، وخرج حديثها أبو داود، والنسائي.
ثم أورد النسائي حديث عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش، وأنها جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقالت: (إني استحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ قال: لا، إنما ذلك عرقٌ وليس بالحيضة، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي)، وليس فيه ذكر القرء، يعني: كما ترجم له المصنف، ولكن في الروايات التي قبله فيما يتعلق بحديث فاطمة بنت أبي حبيش، فيه ذكر القرء، والمراد بالقرء هو الحيض؛ لأن القرء يأتي ويراد به الحيض، ويراد به الطهر، وهو هنا في هذا الباب يراد به الحيض.
وهو ابن راهويه الحنظلي، وهو ثقة، محدث، فقيه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه؛ لأنه خرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
قوله: [أخبرنا عبدة]
عبدة هو ابن سليمان الكلابي، وقد مر ذكره قريباً، وهو ثقة ثبت، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[و وكيع].
وهو ابن الجراح الرؤاسي، وهو ثقة، محدث، فقيه، وقد مر ذكره كثيراً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[و أبو معاوية].
وهو محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة ثبت، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا هشام بن عروة].
و هشام هو ابن عروة بن الزبير، وهو أحد الثقات الأثبات، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
وهو عروة بن الزبير، وهو أحد الفقهاء السبعة الذين مر ذكرهم كثيراً، وقد مر في الحديث الذي قبل هذا.
[عن عائشة].
وعائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وقد مر ذكرها في الأحاديث السابقة وفي غيرها.
الجواب: التسول في المساجد الذي ينبغي للإنسان ألا يفعل هذا، لكن لا أعلم فيه ما يمنع منه، ولا شك أن الاستغناء عن السؤال والابتعاد عنه، وخاصة في المساجد هو الأولى، لكنني لا أعلم عن شيء يدل على المنع، والأصل هو الجواز، وإذا احتاج الإنسان وكان ممن تحل له المسألة فليسأل، وينبغي أن يكون ذلك في غير المساجد، لكن لا أعلم ما يدل على منعه، وعلى تحريمه.
الجواب: قراءة القرآن، وإهداء ثوابه للأموات لم يرد دليل يدل عليه من السنة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، والذي ورد ذكره من انتفاع الأموات بسعي الأحياء هو الدعاء للأموات، فإنه ينفعهم، فدعاء الأحياء للأموات ينفعهم، وصدقة الأحياء للأموات تنفعهم، وقد جاءت بذلك السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكذلك الحج والعمرة تنفعهم؛ لأنه جاء ما يدل عليها، وكذلك الأضحية؛ لأنه جاء ما يدل عليها في العموم، والصوم إذا كان واجباً، وقد جاء ما يدل عليه، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (من مات وعليه صيام، صام عنه وليه)، سواء كان ذلك الصيام صوم نذر أوجبه الإنسان على نفسه، أو واجب عليه بحكم الشرع، كصيام رمضان، هذا الذي أعلم أنه ورد في الأدلة ما يدل عليه، أما قراءة القرآن، وإهداء ثوابه للأموات فلم يرد ما يدل عليه، والذي ينبغي هو ألا يفعل، ومن أراد أن ينفع ميته بشيء، فلينفعه بما جاءت به السنة، وهي الأمور التي ذكرتها.
الجواب: لا يجوز للإنسان أن يطأ امرأته في فرجها في حال حيضها؛ لأن ذلك حرام، وإنما له أن يباشرها، ويفعل كل شيءٍ إلا الجماع في الفرج، ويبتعد عن فرجها حتى لا يقع في المحظور الذي جاء تحريمه في كتاب الله، وفي سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ومن حصل منه الجماع في الفرج وهي حائض، فإنه آثم؛ لأنه حصل منه المعصية والمخالفة، وعليه أن يتصدق بدينار، أو نصفه، وهي كفارة، وقد جاء بذلك حديثٌ عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وأما قوله: هل الزوجة آثمة إذا لم تكن راضية؟
فالجواب: لا، إذا كانت مكرهة ولم تتمكن من منعه، فهي لا تأثم؛ لأنها مكرهة، لكن إذا كانت راضية وموافقة، فلا شك أنها آثمة.
الجواب: من به سلس البول إذا أصاب ثيابه البول، فهي نجسة، وعلى الإنسان أن يغسل ثيابه، ولا يستعمل الثياب النجسة، لكن إذا تطهر وتوضأ وذهب للصلاة، أو صلى بعدما تطهر وحصل على ثيابه شيء، فإنه لا شيء عليه في ذلك، ولكن عليه كما عرفنا فيما مضى، أنه عندما يتوضأ يرش على فرجه شيئاً من الماء؛ حتى لا يكون هناك شيءٌ من الوسواس، أو شيء يشوش عليه، لكن كما هو معلوم الإنسان يغسل النجاسة عنه، ولكنه إذا توضأ وذهب للصلاة وحصل ذلك المستمر معه، فإنه يصلي على حسب حاله، والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وهو لا يستطيع أكثر من هذا.
مداخلة: لكن هو ينزل منه بعض قطرات البول بعد الوضوء دائماً، وأحياناً لا تنزل شيء من ذلك؟
الشيخ: إذا كان بعد الاستنجاء، فعليه ألا يستعجل حتى يفرغ منه، وينزل هذا الذي كان بعد الاستنجاء، أما إذا كان بصفة مستمرة بعد الوضوء وفي الأوقات المختلفة، فهذا هو الذي ذكرته في الجواب السابق.
الجواب: لا يشمله ذلك، يعني: حمل القرآن، فكون الإنسان يحمل القرآن وينقله من مكان إلى مكان، فإن ذلك لا يؤثر، وإنما الذي هو ممنوع هو كون الإنسان يقرأ ويفتش، أما كونه يمسه مثلاً بحائل أو بدون حائل فلا بأس بذلك.
الجواب: أبداً، ما ثبت أن فاطمة رضي الله عنها لا تحيض، وإنما شأنها شأن بنات آدم، ومن المعلوم أن التي تحمل هي التي تحيض، وهي تحمل وتلد، والتي هي آيسة وهي التي انقطع عنها الدم لا تحمل، وإنما الحمل يكون مع الحيض، وعلامة إمكانية الحمل هو وجود الحيض، فلم يأت شيء يدل على أنها لا تحيض، بل كونها تحمل يدل على أنها تحيض، والأصل أنها كغيرها، والرسول صلى الله عليه وسلم لما حاضت عائشة قال: (هذا شيءٌ كتبه الله على بنات آدم)، وهي من بنات آدم، ولم يأت شيء يخصها رضي الله عنها وأرضاها، لكن ورد في فضلها ما يكفي ويشفي، ورد أنها سيدة نساء أهل الجنة، وهذا شرف عظيم لها رضي الله عنها وأرضاها.
الجواب: كون الإنسان يتخذ مكاناً يصلي فيه دائماً في بيته، فلا بأس بذلك، وكونه يخصص مكاناً للصلاة، فإن هذا معروف في زمنه عليه الصلاة والسلام، كانوا يتخذون أماكن في بيوتهم للصلاة، وقد كانوا يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي ويصلي بها لأول مرة ثم يتخذونها مصلى. وأما بالنسبة للمسجد، فلا يتخذ الإنسان مكاناً معيناً ثابتاً يصلي فيه إلا الإمام؛ لأن الإمام هو الذي يصلي في مكانه أمام الناس، أما اتخاذ أحد من المأمومين مكاناً لا يصلي فرضه إلا فيه، فهذا ورد فيه حديث يدل على المنع.
الجواب: أما كونه في مكان من البيت فلا بأس أن يصلي الإنسان في مكانٍ معين، وقد كانوا يتخذون أماكن في بيوتهم للصلاة، وقلت: أنهم كانوا يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: بعضهم كان يطلب منه أن يأتي ليصلي في هذا المكان، ويتخذه مصلى، مثل ما حصل لـعتبان بن مالك الأنصاري رضي الله تعالى عنه.
الجواب: على كلٍ، الإنسان إذا صلى بجواره مصل فلا يضره من يصلي بجواره، سواء كان من الرافضة أو من غير الرافضة، أقول: ليس عليه شيء في مجاورة الرافضي له أو غير الرافضي من أهل البدع.
الجواب: ما أدري ركضة من الشيطان هل هي ثابتة، المعروف هو ركضة من الرحم، هذا الذي مر في الحديث، أما من الشيطان فما أدري، ولعلها تأتي فيما يأتي من الأحاديث فنتعرض لها.
الجواب: الدينار يعادل اثنا عشر درهماً.
الجواب: أولاً: اتخاذ الحيوانات سواء كانت مصورة أو محنطة لا ينبغي، هذا ولو كانت محنطة؛ لأن هذا قد يؤدي إلى محظور في المستقبل، وأيضاً: قد يكون فيه اعتقاد أنه يدفع شيئاً، أو ما إلى ذلك، واعتقاده مثل هذا لا يسوغ؛ لأن الذي ينفع ويضر هو الله سبحانه وتعالى، ومثل وجود رأس يوضع أو حيوان محنط، يوضع ليدفع به شيئاً، أو يعتقد أنه يدفع شيئاً، لا يصح هذا ولا يسوغ، وترك ذلك والابتعاد عنه لا شك أنه هو الذي ينبغي أن يفعله المسلم، ولا ينبغي للإنسان أن يفعل ذلك، حتى ولو كان للزينة، فلا يصح مثل هذا بل يتخذ من الزينة غير هذه الصور الحقيقية، أو الأشياء الحقيقية المحنطة.
الجواب: أولاً لا يوجد مسجد باسم مسجد بلال، وإنما هذه مساجد تسمى بأسماء الصحابة، والصحابة ما لهم مساجد خاصة، وكيف يكون لهم مساجد قرب مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم يصلون بها، ويتركون الصلاة خلف رسول الله؟! وبنو سلمة يأتون من منازلهم، وهي في أطراف المدينة ليصلوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، والصحابة يصلون رمية حجر في مساجد حول مسجده صلى الله عليه وسلم، هذا لا يصح ولا يليق، ومن ذهب ليصلي بها، ويترك الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه قد فاته صلاة بألف صلاة، ولا يحصل إلا على صلاة واحدة؛ لأنها هي كغيرها من المساجد، لكن كونه يصلي بها ويترك الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم مع قربه منه، فهذا لا شك أنه فوت على نفسه خيراً كثيراً.
حتى في غير وقت الفريضة لا يشغل نفسه، فإذا كان عنده شيء من الوقت فليقضه في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم الذي هو خير، والذي الثواب فيه محقق، والذي فيه الأجر مضاعف، أما تلك فلم يرد فيها شيء.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر