إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. المقدمة وكتاب الطهارة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب الطهارة - (باب ذكر ترك المرأة نقض ضفر رأسها عند اغتسالها من الجنابة) إلى (باب إعادة الجنب غسل يديه بعد إزالة الأذى عن جسده)

شرح سنن النسائي - كتاب الطهارة - (باب ذكر ترك المرأة نقض ضفر رأسها عند اغتسالها من الجنابة) إلى (باب إعادة الجنب غسل يديه بعد إزالة الأذى عن جسده)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لا يجب على المرأة نقض شعرها في الغسل إلا الحائض عند إرادة الإحرام فإنه يجب عليها أن تنقض شعرها، ويجب على الجنب أن يزيل الأذى والأوساخ التي علقت به سواء في يده أو جسده.

    1.   

    ذكر ترك المرأة نقض ضفر رأسها عند اغتسالها من الجنابة

    شرح حديث أم سلمة في ترك المرأة نقض ضفر رأسها عند اغتسالها من الجنابة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر ترك المرأة نقض ضفر رأسها عند اغتسالها من الجنابة.

    أخبرنا سليمان بن منصور عن سفيان عن أيوب بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: (قلت: يا رسول الله! إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضها عند غسلها من الجنابة؟ قال: إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماء، ثم تفيضين على جسدك)].

    يقول النسائي رحمه الله: باب ذكر ترك نقض المرأة رأسها عند الاغتسال من الجنابة. هذه الترجمة معقودة لبيان أن المرأة لا يلزمها ولا يجب عليها أن تنقض ضفائرها عند إرادة الاغتسال من الجنابة، بل لها أن تبقيها وأن ترويها بالماء، وأن تصب عليها الماء حتى تروى، وأما نقضها فإن ذلك ليس بلازم، هذا هو مقصود الترجمة التي عقدها النسائي رحمه الله، وقد أورد تحتها حديث أم المؤمنين أم سلمة رضي الله تعالى عنها، أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنها كانت تشد ضفر رأسها، أفتنقضها عند الاغتسال من الجنابة؟ فقال: إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين الماء -أي على جسدك)، فكونها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقض شعر رأسها عند الاغتسال من الجنابة وأجابها النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يكفيها أن تحثو عليه ثلاث حثيات يدل على أن نقض شعر الرأس ليس بلازمٍ للمرأة، بل لها أن تغتسل وضفائر شعرها مشدودة؛ لكن ترويها بالماء، والحديث واضح الدلالة على ما ترجم له المصنف، وهو أن المرأة لا تحتاج ولا يلزمها أن تنقض شعر رأسها عند الاغتسال من الجنابة.

    تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة في ترك المرأة نقض ضفر رأسها عند اغتسالها من الجنابة

    قوله: [أخبرنا سليمان بن منصور].

    هو سليمان بن منصور البلخي، ويلقب زرغندة، وهو ثقة، خرج حديثه النسائي، وقد مر ذكره فيما مضى.

    [عن سفيان].

    وسفيان هنا غير منسوب، ويحتمل سفيان بن عيينة ويحتمل سفيان الثوري، وفي ترجمة أيوب بن موسى قيل: إنه روى عنه السفيانان، وفي ترجمة سليمان بن منصور كما في تهذيب التهذيب: إنه روى عن ابن عيينة، فيكون هذا المهمل الذي لم ينسب هو: سفيان بن عيينة، ولم يذكر الثوري، وابن عيينة ثقة حجة إمام، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره كثيراً، وقد صرح بأنه ابن عيينة كما عند مسلم وأبي داود.

    وإذا كان قد صرح به في الأسانيد، فهذه من الطرق التي يعرف بها، أو بل هي من أهم وأفضل الطرق التي يعرف بها تعيين المهمل، وذلك أن ينظر في الأسانيد، فإذا كان مصرحاً بتسميته في بعضها فيكون ذلك واضحاً في بيان المراد، ومن الطرق الأخرى -وهي التي أشرت إليها-: أن ينظر في التلاميذ والشيوخ؛ لأنه في ترجمة سليمان بن منصور ما ذكروا أن من شيوخه الثوري، وإنما ذكروا ابن عيينة من شيوخه.

    [عن أيوب بن موسى].

    وهو أيوب بن موسى، وهو ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن سعيد بن أبي سعيد].

    وهو سعيد بن أبي سعيد المقبري، وقد مر ذكره كثيراً، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الله بن رافع].

    وهو المدني، وكنيته أبو رافع، فيذكر بكنيته ويذكر باسمه، وكنيته توافق اسم أبيه؛ لأن أبا رافع، هو عبد الله بن رافع، فكنيته توافق اسم أبيه، فقد ذكرت مراراً أن من الأمور المهمة في علم المصطلح، معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وذلك لدفع احتمال التصحيف فيما إذا كان مشهوراً أو من بعض الناس يعرفه مشهوراً بنسبه، ثم يذكر بكنيته مع اسمه، فمن لا يعرف يظن أن ذلك تصحيف، فكونه مشهوراً بأنه عبد الله بن رافع، قد يأتي في بعض الأسانيد: عبد الله أبا رافع، فيظن بعضهم أن كلمة أبو مصحفة عن ابن؛ لكن من عرف أن كنيته أبو رافع، وهو عبد الله بن رافع، يعلم أنه لا تصحيف، وأنه إن جاء بابن فهو على النسب، وإن جاء بلفظ أبي فهو على الكنية ولا لبس في ذلك، وهو ثقةٌ، وخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن أم سلمة].

    وهي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وقد مر ذكرها كثيراً، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.

    1.   

    ذكر الأمر بذلك للحائض عند الاغتسال للإحرام

    شرح حديث عائشة في أمر الحائض بنقض شعر رأسها عند الاغتسال للإحرام

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر الأمر بذلك للحائض عند الاغتسال للإحرام.

    أخبرنا يونس بن عبد الأعلى أخبرنا أشهب عن مالك: أن ابن شهاب وهشام بن عروة حدثاه عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، فأهللت بالعمرة، فقدمت مكة وأنا حائض، فلم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: انقضي رأسك وامتشطي، وأهلي بالحج ودعي العمرة، ففعلت، فلما قضينا الحج، أرسلني مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت، فقال: هذه مكان عمرتك). قال أبو عبد الرحمن: هذا حديث غريب من حديث مالك عن هشام بن عروة لم يروه أحد إلا أشهب].

    أورد النسائي رحمه الله ترجمة وهي: الأمر بذلك للحائض عند الاغتسال للإحرام، أي: أمر الحائض عند الاغتسال للإحرام بنقض شعر رأسها عند ذلك الاغتسال، وقد أورد فيه حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضها في قصة حجها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، وأنها أحرمت بالعمرة مثل أمهات المؤمنين؛ لأنهن أحرمن بالعمرة متمتعات، ولما كانوا في الطريق حاضت عائشة رضي الله عنها وأرضاها، ثم إنه جاء وقت الحج والحيض عليها، ولم تطف بالبيت ولم تسع بين الصفا والمروة للعمرة، ومعنى ذلك أن الحج قد وصل، وهي لم تنتهي من عمرتها، فأمرها الرسول عليه الصلاة والسلام أن تنقض شعرها وتمتشط وتستعد للإحرام، فتدخل الحج على العمرة، فتحرم بالحج وتكون قارنة؛ لأن الإحرام بالعمرة باق، وهو غير منتهي، بل هو باق في ذمتها، ولم يحصل لها ذلك لعدم طهارتها من الحيض، فلما جاء الحج أمرها رسول الله عليه الصلاة والسلام أن تحرم بالحج فتدخله على العمرة.

    فلما فرغ الناس من الحج طلبت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتمر، وأبدت رغبتها الشديدة في ذلك وتأثرها لعدم تمكنها من الإتيان بالعمرة المستقلة، كالذي حصل لأمهات المؤمنين اللاتي كن محرمات بعمرة، ولم يحصل لهن ما حصل لها، فتمكنَّ من أداء العمرة وحدها، وطفن طوافين وسعين سعيين، طواف وسعي للعمرة وطواف وسعي للحج، أما عائشة فلم تطف إلا طوافاً واحداً، وسعياً واحداً وهو لحجها وعمرتها، لكنها رأت أن لم يحصل منها زيادة في العمل الذي حصل من غيرها من المعتمرات المتمتعات اللاتي لم يحصل لهن ما حصل لها من الحيض، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال لها: (يكفيك طوافك وسعيك لحجك وعمرتك)؛ لأنها كانت قارنة، والقارن طوافه وسعيه بعدما يأتي من عرفة لحجه ولعمرته، فهي كذلك مثل قارنيه، طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة لحجها وعمرتها، فقالت: يرجع الناس بطوافين وسعيين، وأرجع بطواف واحد وسعي واحد، قال: (إنما ذلك لحجك وعمرتك)، فألحت عليه، فأمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر أن يذهب معها إلى التنعيم فاعتمرت، وأتت بعمرة مستقلة.

    والرسول صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه لم يذهبوا إلى العمرة، بل لم يأت عبد الرحمن الذي ذهب معها بعمرة، إذاً: فهذا يدل على أن العمرة في حق الحجاج الذين يأتون للحج ويعتمرون من التنعيم ويكررون ذلك، أنه لم يأت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرسول ما فعله ولا فعله أصحابه، وإنما أذن لـعائشة لما ألحت بسبب أنه فاتها ما حصل لأمهات المؤمنين من أنهنّ طفن وسعين للعمرة عندما دخلن مكة وطفن وسعين للحج بعد الحج، فكان عملها في نظرها لا يتفق مع عمل أمهات المؤمنين اللاتي طفن طوافين وسعين سعيين.

    والمقصود من الحديث هو: كون الرسول صلى الله عليه وسلم أمرها أن تنقض شعرها عند إرادة الإحرام للحج وإرادة الاغتسال له، وهذا يدل على ما ترجم له المصنف.

    والمقصود بكونها تدع العمرة ليس معناه أنها ترفضها وتلغيها؛ لأن الإحرام قد وجد، ولا يتخلص من الإحرام بعد وجوده إلا في النهاية؛ لأن الله عز وجل يقول: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، فإذا أحرم إنسان بحج أو عمرة فعليه أن يتمه ولو كان ذلك نفلاً، وليس له أن يرفضه وأن يتركه، وإنما قوله: (دعي العمرة)، يعني: دعي أعمالها من طواف وسعي؛ لأنها حائض، والحائض لا يمكنها أن تطوف وتسعى، إذاً فالإحرام بالعمرة موجود ومستمر، وإنما أضيف إليه الإحرام بالحج، فصار الحج أو الإحرام بالحج مضموماً إلى الإحرام بالعمرة الذي كان موجوداً من قبل.

    وأما قوله: (دعي عمرتك)، يعني: تدع أعمالها، بمعنى أنها لا تستمر فيها لأن الحج قد وصل، ولو استمرت في انتظارها فقد يفوتها الحج، والحج هو يوم عرفة، ومن فاته الوقوف فاته الحج، فقوله: (دعي العمرة)، يعني: دعي أعمالها، ولا تستمر بها وحدها حتى تطوف وتسعى؛ لأنه يترتب على ذلك فوات الحج، فهذا هو المقصود بأمرها بأن تدع عمرتها، وذلك أنه فيما بعد قال: (طوافك وسعيك لحجك وعمرتك)، يعني: أنها قارنة.

    [(قالت: ففعلت، فلما قضينا الحج أرسلني مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت، فقال: هذه مكان عمرتك)]. يعني: التي كانت فاتتها، حيث أنها لم تعمل أعمالها مستقلة، وإلا فإنها قد اعتمرت، وعمرتها هذه الثانية؛ لأن عائشة اعتمرت في تلك السفرة مرتين: مرة العمرة المقرونة مع الحج، ومرة هذه التي جاءت بعد الحج، وكونها مكانها، يعني: من حيث إنها طافت طوافاً مستقلاً، وسعت سعياً مستقلاً، وليس معنى أن تلك ألغيت وأن هذه عوض عنها وأنها تحل محلها؛ لأن العمرة التي أحرمت بها من ذي الحليفة قد أُدخل عليها الحج، فحصل الطواف والسعي للحج والعمرة معاً؛ ولكن العمرة التي حصلت لأمهات المؤمنين، وكونهن طفن طوافاً مستقلاً وسعياً مستقلاً، فهذا هو الذي حصل لها بهذه العمرة فيما بعد، وبهذا تكون عائشة رضي الله عنها اعتمرت في تلك السفرة مرتين: الأولى: العمرة المقرونة مع الحج، والثانية: هذه العمرة التي جاءت بعد الحج.

    قوله: [قال أبو عبد الرحمن: هذا حديث غريب من حديث مالك عن هشام بن عروة لم يروه أحد إلا أشهب].

    أي إن أشهب انفرد بروايته عن مالك من حديث عروة، وهو معروف عن مالك عن الزهري ومشهور بهذا، وأكثر أصحاب مالك رووه عنه من طريق الزهري؛ لكن روايته عن مالك عن هشام بن عروة لم يحصل إلا عن طريق أشهب، فهو غريب بهذا الاعتبار، أي: باعتبار تفرد أشهب به عن مالك، ولا يؤثر ذلك على صحة الحديث شيئاً، بل الحديث ثابت من ذلك الطريق، وهو أيضاً عنده طريق أخرى، وهو أنه يرويه عن مالك عن هشام بن عروة عن عروة.

    تراجم رجال إسناد حديث عائشة في أمر الحائض بنقض شعر رأسها عند الاغتسال للإحرام

    قوله: [أخبرنا يونس بن عبد الأعلى].

    وهو يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري، وهو ثقة، وخرج حديثه مسلم والنسائي وابن ماجه .

    [عن أشهب].

    هو أشهب بن عبد العزيز بن داود المصري، وهو ثقة، وخرج حديثه أبو داود والنسائي.

    [عن مالك].

    مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، الإمام المشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن شهاب].

    وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن حارث بن زهرة بن كلاب، مشهور بنسبته إلى جده زهرة بن كلاب فيقال: الزهري، ومشهور بالنسبة إلى جده شهاب فيقال له: ابن شهاب، وهو جد وليس قريباً، وإنما هو جد جده، إذاً فهو مشهور بنسبته إلى شهاب وإلى جده زهرة بن كلاب الذي هو أخو قصي بن كلاب، وعند ذلك يلتقي مع نسب الرسول صلى الله عليه وسلم.

    و الزهري هو إمام محدث، فقيه مشهور، ومكثر من رواية الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، بل هو الذي قام بتدوين السنة بتكليفٍ من الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، والذي يقول فيه السيوطي في ألفيته:

    أول جامع الحديث والأثر ابن شهابٍ آمرٌ له عمر

    هشام].

    هو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن عروة بن الزبير].

    عروة بن الزبير أحد الفقهاء السبعة في المدينة المشهورين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن عائشة].

    هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق، التي أنزل الله براءتها من الإفك في آياتٍ تتلى من كتاب الله عز وجل، ومناقبها جمة، وفضائلها كثيرة، وهي من أوعية العلم وأوعية السنة، وقد حفظت الكثير من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهي الصحابية الوحيدة التي اشتهرت بكثرة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هي واحدة من سبعة رواة زادت أحاديثهم على ألف حديث، وهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الذين جمعهم السيوطي في ألفيته في بيتين من الشعر، حيث يقول:

    والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر

    وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي

    وقد مر ذكرها كثيراً رضي الله تعالى عنها وأرضاها.

    1.   

    ذكر غسل الجنب يديه قبل أن يدخلهما الإناء

    شرح حديث: (إن رسول الله كان إذا اغتسل من الجنابة... فيصب على يديه قبل أن يدخلهما الإناء...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر غسل الجنب يديه قبل أن يدخلهما الإناء.

    أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا الحسين عن زائدة حدثنا عطاء بن السائب حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن حدثتني عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة وضع له الإناء، فيصب على يديه قبل أن يدخلهما الإناء، حتى إذا غسل يديه أدخل يده اليمنى في الإناء، ثم صب باليمنى وغسل فرجه باليسرى، حتى إذا فرغ صب باليمنى على اليسرى فغسلهما، ثم تمضمض واستنشق ثلاثاً، ثم يصب على رأسه ملء كفيه ثلاث مرات، ثم يفيض على جسده)].

    أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي: غسل الجنب يديه قبل إدخالهما في الإناء عند الاغتسال من الجنابة، ومراده من هذه الترجمة: أن الجنب إذا أراد أن يغتسل، فإنه يفرغ على يديه من الإناء ولا يغمسهما في الإناء قبل غسلهما، بل يفرغ عليهما بحيث يصغي الإناء حتى يصب فيغسلهما، هذا هو المقصود من الترجمة.

    وقد عرفنا فيما مضى أن غسل الأيدي خارج الإناء مطلقاً مطلوب ومستحب في جميع الأحوال، يعني: كون الإنسان يريد أن يغتسل فإنه قبل أن يدخل يديه في الإناء يغسلهما بدون أن يدخل اليد في الماء، وإنما يميل الإناء حتى يصب على يده فيغسلهما، ثم بعد غسلهما يدخل يده اليمنى في الإناء ويستخرج الماء بها، ويصبه على يده اليسرى أو يجمع به في يديه جميعاً، إلا فيما يتعلق بالقيام من نوم الليل، فهذا ورد فيه الحديث الذي سبق أن مر، وهو أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يغسلهما ثلاثاً قبل أن يدخلهما في الإناء، حيث قال: (إذا قام أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء قبل أن يغسلهما ثلاثاً)، وهو أول حديث في سنن النسائي.

    وقد اختلف العلماء في حكمه؛ فمنهم من قال: إن الغسل خارج الإناء واجب، ومنهم من قال: إنه مستحب، أما ما عدا ذلك، أي: ما عدا غسل اليدين بعد القيام من النوم، فإنه مستحبٌ في جميع الأحوال، حتى ولو كان الإنسان متحقق نظافة اليدين، فإنه يغسلهما عند إرادة الوضوء أو إرادة الاغتسال قبل أن يدخلهما في الإناء.

    وقد أورد النسائي رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها وصفت غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه كان إذا أراد أن يغتسل وضع له إناؤه، فيدخل يديه فيغسلهما، ثم بعد ذلك يدخل يده اليمنى ويأخذ بها الماء ويصبه على يده اليسرى، ثم يغسل بها فرجه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إن رسول الله كان إذا اغتسل من الجنابة... فيصب على يديه قبل أن يدخلهما الإناء...)

    قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].

    هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو من شيوخ النسائي، وقد أكثر عنه النسائي، وهو ثقة، ولم يخرج حديثه إلا النسائي.

    [حدثنا الحسين].

    هو الحسين بن علي الجعفي، وهو ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن زائدة].

    هو زائدة بن قدامة الثقفي أبو الصلت، وهو ثقة ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.

    [عن عطاء بن السائب].

    هو عطاء بن السائب الكوفي الثقفي، وهو صدوق، اختلط حديثه، خرج له البخاري وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن أبي سلمة بن عبد الرحمن].

    هو: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم؛ لأن سابعهم اختلف فيه: هل هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام؟ أو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف؟ أو سالم بن عبد الله بن عمر؟ والستة الباقون متفق عليهم، ولا خلاف في عدهم ضمن الفقهاء السبعة المشهورين في المدينة، في عصر التابعين.

    [عن عائشة].

    وقد مرَّ ذكرها قريباً.

    1.   

    ذكر عدد غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء

    شرح حديث عائشة في غسل النبي يديه ثلاثاً في غسل الجنابة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر عدد غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء.

    أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا يزيد أخبرنا شعبة عن عطاء بن السائب عن أبي سلمة قال: (سألت عائشة رضي الله عنها عن غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة؟ فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرغ على يديه ثلاثاً، ثم يغسل فرجه، ثم يغسل يديه، ثم يمضمض ويستنشق، ثم يفرغ على رأسه ثلاثاً، ثم يفيض على سائر جسده)].

    أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة باب: ذكر عدد غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، وذكر عدد غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، فالترجمة السابقة هي لذكر الغسل ومشروعيته، وهذه الترجمة لذكر عدده، وقد أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وفيه: ( إن الرسول صلى الله عليه وسلم يفرغ على يديه ثلاثاً قبل أن يدخلهما في الإناء، ثم يغسل فرجه، ثم يغسل يديه بعد غسل فرجه، ثم يتمضمض ويستنشق، ثم يحثو على رأسه ثلاثاً، ثم يفيض الماء على سائر جسده ).

    والمقصود من الحديث: أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يفيض على يديه من الإناء عند الاغتسال من الجنابة قبل أن يدخلهما في الإناء، ثم يفرغ على يديه ثلاثاً، بمعنى أنه يميل الإناء الذي يتوضأ به حتى يصب على اليد خارج الإناء فيغسلهما ثلاثاً، فإذاً فيه: مشروعية غسل اليدين ثلاثاً، وذلك مستحب.

    تراجم رجال إسناد حديث عائشة في غسل النبي يديه ثلاثاً في غسل الجنابة

    قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].

    هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو شيخ النسائي كما في الإسناد المتقدم.

    [عن يزيد].

    يزيد هنا غير منسوب، وهو: يزيد بن هارون، وهو ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن شعبة].

    وهو شعبة بن الحجاج الذي مر ذكره كثيراً، وقد وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل، وبقية الإسناد هو الإسناد المتقدم قبل هذا.

    1.   

    إزالة الجنب الأذى عن جسده بعد غسل يديه

    شرح حديث عائشة في إزالة الجنب الأذى عن جسده بعد غسل يديه

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [إزالة الجنب الأذى عن جسده بعد غسل يديه.

    أخبرنا محمود بن غيلان حدثنا النضر أخبرنا شعبة حدثنا عطاء بن السائب قال: (سمعت أبا سلمة أنه دخل على عائشة رضي الله عنها فسألها عن غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة؟ فقالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى بالإناء، فيصب على يديه ثلاثاً فيغسلهما، ثم يصب بيمينه على شماله فيغسل ما على فخذيه، ثم يغسل يديه ويتمضمض ويستنشق، ويصب على رأسه ثلاثاً، ثم يفيض على سائر جسده)].

    ذكر النسائي ترجمةً أخرى وهي: إزالة الجنب الأذى عن جسده بعد غسل يديه، وأورد فيه حديث عائشة من طريق أخرى، وفيه: أن النبي عليه الصلاة والسلام بعدما يفرغ على يديه ثلاثاً، يغسل فرجه وما علق بفخذيه من أثر الجنابة، ثم يغسل يديه، يعني: بعدما علق بهما من ذلك الأثر فيغسلهما ثم يتمضمض.

    والمقصود أن الترجمة يراد بها: أنه بعد غسل اليدين يغسل ما أصاب جسده من أثر الجنابة، يعني: يغسل فرجه وما أصاب جسده إذا كان قد أصابه شيء من أثر الجنابة.

    تراجم رجال إسناد حديث عائشة في إزالة الجنب الأذى عن جسده بعد غسل يديه

    قوله: [أخبرنا محمود بن غيلان].

    هو محمود بن غيلان، وهو ثقة، وخرج حديثه الجماعة إلا أبا داود.

    [حدثنا النضر].

    وهو النضر بن شميل، وهو ثقة ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [أخبرنا شعبة].

    أخبرنا شعبة، وعند ذلك يتفق مع الإسناد الذي قبل هذا.

    1.   

    إعادة الجنب غسل يديه بعد إزالة الأذى عن جسده

    شرح حديث عائشة في إعادة الجنب غسل يديه بعد إزالة الأذى عن جسده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب إعادة الجنب غسل يديه بعد إزالة الأذى عن جسده.

    أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عمر بن عبيد عن عطاء بن السائب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: (وصفت عائشة غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة، فقالت: كان يغسل يديه ثلاثاً، ثم يفيض بيده اليمنى على اليسرى فيغسل فرجه وما أصابه. قال عمر: ولا أعلمه إلا قال: يفيض بيده اليمنى على اليسرى ثلاث مرات، ثم يتمضمض ثلاثاً، ويستنشق ثلاثاً، ويغسل وجهه ثلاثاً، ثم يفيض على رأسه ثلاثاً، ثم يصب عليه الماء)].

    باب إعادة غسل الجنب يديه بعد إزالة الأذى عن جسده، والمقصود من هذه الترجمة: هو بيان أنه بعدما يغسل يديه خارج الإناء أولاً، ثم يغسل فرجه وما أصاب جسده، عند ذلك يعيد غسل يديه؛ من أجل إزالة ما علق بهما من أثر ذلك الذي أزاله من فرجه وفخذيه وما أصاب من جسده؛ فغسل اليدين بعد ذلك لهذه الحكمة، ولهذه الفائدة، فهذا هو المقصود من هذه الترجمة، وقد أورد فيه حديث عائشة من طريق أخرى، وهو دال على ما ترجم له المصنف.

    تراجم رجال إسناد حديث عائشة في إعادة الجنب غسل يديه بعد إزالة الأذى عن جسده

    قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].

    هو إسحاق بن إبراهيم بن راهويه الحنظلي، وهو ثقة ثبت، محدث فقيه إمام، وقد وصف بأنه من أمراء المؤمنين في الحديث؛ لأن جملة من المحدثين أطلق عليهم هذا الوصف، ومنهم: إسحاق بن راهويه وشعبة وسفيان الثوري والبخاري، وجماعة آخرين وصفوا بهذا الوصف، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً، وكلمة (راهويه) عند أهل اللغة: تكون مختومة بـ(ويه)، فالواو تكون مفتوحة والياء ساكنة، وأما عند المحدثين: فتكون الياء مفتوحة والواو ساكنة وما هو قبل الواو مضموم، وهذه الألفاظ ليست عربية، وليست اسماً عربياً.

    [أخبرنا عمر بن عبيد].

    هو عمر بن عبيد بن أبي أمية، وهو صدوق، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عطاء بن السائب].

    وبعد ذلك يتفق هذا الإسناد مع الأسانيد السابقة.

    1.   

    الأسئلة

    مدى عموم النهي في ترجيل الشعر كل يوم

    السؤال: هل النهي عن الترجل كل يوم عام للرجال والنساء؟

    الجواب: والله الذي يبدو أنه عام؛ لكونه جاء باستمرار؛ لأن هذا من الترفه، وطبعاً هو للتنزيه وليس للتحريم، فالفعل لا بأس.

    مدى صحة قول: (اللهم عاملنا برحمتك ولا تعاملنا بعدلك)

    السؤال: هل يصح أن يقول القائل في الدعاء: اللهم عاملنا برحمتك ولا تعاملنا بعدلك؟ أم يقول: اللهم عاملنا بعدلك ورحمتك؟ وهل الرحمة منفصلة عن العدل؟

    الجواب: معلوم أن الثواب والإحسان إنما هو بفضل الله عز وجل، وأما ما يحصل من عقوبة وما يحصل من ضرر فهو بعدله سبحانه وتعالى؛ لأن كل ما يحصل من الله عز وجل لعباده فهو عدلٌ، وما يحصل من ثوابٍ فهو بفضله، كقول الشاعر:

    ما للعباد عليه حق واجب كلا ولا سعي لديه ضائع

    إن نعموا فبفضله أو عذبوا فبعدله وهو الكريم الواسع

    إن نعموا فبفضله، أو عذبوا فبعدله، فتعذيبهم إياه بالعدل؛ لأن حصول ما يحصل من ضرر هو بالعدل، وأما ما يحصل من ثواب وإحسان فهو فضل وامتنان، فهو فضل من الله عز وجل، وامتنان على من حصل له ذلك الفضل، وهذا هو المقصود بالمعاملة بالعدل، فبعض الناس إذا أراد أن يدعو على أحد دعا أن يعامله بعدله، يعني: يدعو عليه بأن يصيبه شيء.

    الواجب على من حصل لها كما حصل لعائشة رضي الله عنها في الحج

    السؤال: المرأة التي حصل لها مثل ما حصل لـعائشة رضي الله عنها، هل تفعل مثل ما فعلت؟

    الجواب: المرأة التي يحصل لها مثل ما يحصل لـعائشة وتريد أن تفعل فلها أن تفعل، وإن أرادت أن تكتفي بما أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم عائشة فيكفيها ذلك؛ لكن إن أرادت فلها أن تفعل ذلك كما فعلت عائشة رضي الله تعالى عنها.

    شكوى عدم الإخلاص في العمل الخيري

    السؤال: إذا أردت أن أقوم بعمل خيري أريد به وجه الله، تأتيني أفكار كأني لا أريد به وجه الله، وبعد ذلك لا أخلو من حالين: إما أن أحجم، أو أحجم على ضعف، ولا أثق من نفسي.

    الجواب: الإنسان إذا أراد فعل خير فيعمل، ويحرص على أن يكون الحافز له والدافع له على ذلك الثواب من الله عز وجل، ولا يكون الدافع له أن يمدح وأن يحمد وأن يثنى عليه، ويقال: فلان يفعل كذا، وفلان يتصدق، وفلان كذا، وإنما يكون الدافع له طلب وجه الله عز وجل والدار الآخرة، وأن يحصل الثواب على هذا العمل من الله سبحانه وتعالى، فهذا هو الواجب على الإنسان عندما يريد أن يعمل عملاً، وإذا انقدح في ذهنه أن هذا قد يكون فيه رياء وأنه قد يترتب على ذلك إحجام، فهذا من عمل الشيطان الذي يريد أن يحول بين الإنسان وبين الخير، وإنما عليه أن يعزم ويصمم، وأن يبعد تلك الهواجس وتلك الوساوس عن نفسه، ويكون الدافع له والحافز له على ذلك هو وجه الله، ويصرف الوساوس والهواجس التي تطرأ عليه والتي قد تكون سبباً في تركه ذلك العمل الطيب الذي يفكر فيه.

    توجيه قول النسائي في التراجم: باب وإهماله في البعض الآخر

    السؤال: لماذا يذكر النسائي رحمه الله في بعض التراجم باب، وفي بعضها لم يذكر؟

    الجواب: لا أدري لماذا يذكر النسائي في بعض التراجم باب، وفي بعضها بدون ذكر الباب.

    مقدار المسافة بين السترة والمصلي

    السؤال: هل للسترة مقدار محدد؟

    الجواب: المصلي يتخذ سترة وتكون قريبة منه، فيقرب منها، وأما إذا لم يكن له سترة فالمقدار ثلاثة أذرع من موضع قدمه، بعد ذلك يصح للإنسان أن يمر بعد تلك المسافة، هذا إذا لم يكن له سترة، وأما إذا كان له سترة فيمر المار من ورائها.

    وضع المسبوق للسترة بعد سلام الإمام من الصلاة

    السؤال: هل يشرع للإنسان -مثلاً- وهو يصلي في الجماعة -وقد جاء متأخراً- أن يضع شيئاً يستره أو يستتر به بعدما يسلم الإمام والناس يخرجون ويمرون؟

    الجواب: ليس للإنسان عندما يكون مسبوقاً ثم يدخل في الصلاة أن يبحث عن شيء يضعه أمامه، وإنما إذا كان أمامه عمود أو أمامه شيء يمكن أن يقرب منه ويتخذه سترة فلا بأس بذلك، أما كونه يتحرك من أجل أن يبحث له عن شيء يضعه فهذا ليس مطلوباً منه.

    غسل الجنابة والجمعة بنية واحدة

    السؤال: إذا اغتسل رجل من الجنابة في يوم الجمعة، هل يجزئ ذلك الغسل للجمعة؟ وهل يجوز إدخالهما في نية واحدة أم لكل واحدة منهما نية؟

    الجواب: نعم، غسل الجنابة يجزئ عن غسل الجمعة، فإذا اغتسل الإنسان من الجنابة فإنه يجزيه عن غسل الجمعة، وإذا كان الإنسان عليه جنابة، واغتسل وأراد بذلك غسل الجنابة وغسل الجمعة، فإن ذلك مجزئ ولا بأس به.

    ترك غسل اليدين في الوضوء بحجة غسلهما عقب القيام من النوم

    السؤال: هذا السائل يقول: إذا استيقظ الرجل من النوم ثم أراد الوضوء، فغسل يديه ثلاثاً قبل إدخالهما، فهل يعيد غسل اليدين للوضوء، أم يعتبر ذلك الغسل من الوضوء؟

    الجواب: لا يعتبر ذلك الغسل من الوضوء، وعليه أن يغسل يديه، فالإنسان إذا غسل يديه قبل أن يبدأ بالوضوء (عند القيام من النوم) فإنه عندما يتوضأ أو عندما يصل إلى اليدين بعدما يغسل وجهه، فإنه يغسل كامل يديه؛ لأن غسل اليدين إنما يكون بعد غسل الوجه، ومن اليدين الكفان، فيكون غسلهما بعد غسل الوجه بأكملهما، ولا يقول في ذلك الذي غسلته في أول الأمر: لا أغسله؛ لأن غسل اليدين محله بعد غسل الوجه، وذاك الغسل إنما هو من أجل استعمال كون اليدين تدخل في الإناء؛ فهذا تمهيد لإدخالهما في الإناء بعد غسلهما، فلا يدخلهما وهو لم يغسلهما، فقبل أن يبدأ بالوضوء يغسلهما خارج الإناء، ثم يبدأ ويغسل وجهه، ثم يتمضمض ويستنشق ويغسل وجهه، ثم يغسل اليدين بأكملهما.

    وقد ذكر النسائي في السنن الكبرى ترجمة فيها ذكر الإشارة إلى الاكتفاء بغسل الذراعين دون اليدين، وهي ترجمة باب في سنن النسائي الكبرى، وأورد فيه حديثاً فيه ذكر الذراعين، أنه غسل ذراعيه، لكن هذا ليس بواضح، ومن المعلوم أن ذراع اليد كلها تعتبر ذراع، ولهذا عندما يقال: مقدار الذراع، فالمقصود به: من المرفق إلى طرف الوسطى، فكل هذا يقال له: ذراع. يعني أن: النسائي عقد تلك الترجمة، وأورد تحتها ذلك الحديث وهو ليس بواضح، ولا ينبغي للإنسان أن يتهاون في هذا الأمر حتى ولو كان ذلك محتملاً؛ فإن قطع الشك باليقين، والأخذ بالاحتياط، و(دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، كما قال ذلك رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

    حكم التسمية في الوضوء قبل غسل الجنابة

    السؤال: ورد في صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتوضأ قبل الاغتسال وضوءه للصلاة، فهل يسمي على هذا الوضوء؟

    الجواب: أقول: سيأتي في ذكر الوضوء كونه يتوضأ وضوءه للصلاة قبل أن يغتسل، أما الغسل الكامل المشروع هو: أن يتوضأ أولاً، ثم يغتسل، ثم في الآخر يغسل رجليه، أما الغسل المجزئ هو: أن يصب الماء على جسده بحيث يأتي الماء على سائر الجسد، فهذا الذي يحصل به الأجزاء.

    المشروع على من أحرمت بالعمرة من الميقات وهي حائض ثم طهرت في مكة

    السؤال: هل الحائض إذا أتت الميقات تحرم للعمرة؟ وإذا طهرت في مكة وكانت قد أحرمت وهي حائض، هل يلزمها أن تخرج إلى الحل؟ أي: التنعيم، أو يكفيها أن تكمل عمرتها بإحرامها الأول؟

    الجواب: المرأة إذا أحرمت من الميقات فإنها إذا دخلت مكة لا تدخل المسجد ولا تطوف بالكعبة ولا تسعى بين الصفا والمروة، وإنما تنتظر حتى تطهر من حيضها، فإذا طهرت اغتسلت من الحيض، ثم دخلت المسجد وطافت وسعت وقصرت شعر رأسها، وبذلك انتهت عمرتها، ولا تحتاج إلى أن تذهب للحل أو لغير الحل؛ لأنها لا تزال محرمة من حين الميقات، وإنما الذي حصل لها هو ذلك الحيض الذي منعها من الطواف والسعي، فإذا طهرت من حيضها اغتسلت، ثم دخلت المسجد وطافت وسعت، وبذلك أنهت عمرتها.

    الطواف من بعد موضع السجود في حق من لم يتخذ له سترة

    السؤال: إذا لم يتخذ المصلي سترة، فهل يجوز الطواف من بعد موضع السجود؟ وما الدليل؟

    الجواب: معلوم في مكة أن الحق في المكان للطائفين، فيمكن للإنسان أن يطوف ولو كان أمام الذي يصلي؛ لأن الذي يصلي ليس له حق أن يصلي في ذلك المكان، وإنما يبتعد عن المطاف؛ لأن الطواف إنما يكون حول الكعبة، والصلاة تكون في أي مكان من المسجد، فيمكن أن يمر بين يديه؛ لكن إذا كان الناس في المطاف قليل، وهذا الذي يصلي بينه وبين الطائفين مسافة، فلا يمر بين يديه، وإنما يبتعد عنه؛ لكن إذا احتاج إلى أن يمر بين يديه أو وصل الطائفون إلى ما بين يدي من يصلي، فليمر بين يديه، وذلك ليس له أن يصلي في هذا المكان.

    الاكتفاء بالغسل عن الوضوء

    السؤال: هل يكتفى بالغسل عن الوضوء إذا لم يتوضأ في هذا الغسل؟

    الجواب: إذا كان الغسل غسل جنابة فإنه يمكن أن يكتفى به؛ لأن فيه رفع حدث أكبر فيدخل تحته الأصغر، أما إذا كان الاغتسال للجمعة أو للتبرد أو ما إلى ذلك، فلا يكفي الاغتسال عن الوضوء، ولا بد من الوضوء قبله أو بعده، وإذا توضأ قبله فلا يمس فرجه؛ لأن مس الفرج ينقض الوضوء، وأما إذا كان غسل الجنابة فإن الاغتسال يغني عن الوضوء.

    نوع حج عائشة المذكور في الحديث: (خرجنا مع الرسول عام حجة الوداع...)

    السؤال: عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها هل حجت متمتعة أو قارنة؟

    الجواب: عائشة في أصل إحرامها متمتعة؛ لأنها أحرمت بالعمرة؛ ولكن الحيض الذي حصل لها في الطريق واستمراره معها حتى جاء وقت الحج لم تتمكن معه من أن تكون متمتعة، فأدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة، فحجها قران وهو في أوله تمتع، ولكنه ما تم لها ما أرادته، وإنما الذي تم وحصل هو القران؛ لأنها أدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة.

    والدليل على أنها قارنة: أنها لما أحرمت بالعمرة لم تأت بها، والعمرة لا تتم إلا بطواف وسعي، وهي لم تطف ولم تسع، والحج قد وصل، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرها أن تدخل الحج على العمرة، ولهذا لما رجعت وتريد أن تأتي بعمرة بعد الحج وقالت: يرجع الناس بطوافين وسعيين، وأنا أرجع بطواف واحد وسعي واحد، قال: (يكفيك طوافك وسعيك لحجك وعمرتك)، فهذا هو الدليل على أنها قارنة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718712

    عدد مرات الحفظ

    765759360