أخبرنا إسماعيل بن مسعود ومحمد بن عبد الأعلى قالا: حدثنا خالد عن شعبة عن أبي صدقة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا زالت الشمس، ويصلي العصر بين صلاتيكم هاتين، ويصلي المغرب إذا غربت الشمس، ويصلي العشاء إذا غاب الشفق، ثم قال على إثره: ويصلي الصبح إلى أن ينفسح البصر)].
يقول النسائي رحمه الله: (باب: آخر وقت الصبح). كما جاء في الحديث الذي تقدم: (من أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها)، أي: أن طلوع الشمس هو آخر وقت صلاة الصبح، ولكن المبادرة إلى الصلوات في أول أوقاتها هذا هو المطلوب، وهذا هو الذي ينبغي ويستحب، وذلك أن المبادرة إليها في أول أوقاتها فيه مسارعة إلى الخير، وفيه مبادرة إلى أداء الواجب، والتخلص مما هو دين على الإنسان، وذلك في أول وقت يوقع فيه ذلك الفعل.
وقد عرفنا فيما مضى أن الصلوات كلها تصلى في أول وقتها، والتبكير بها في أول وقتها هو المستحب، ويستثنى من ذلك الظهر في وقت شدة الحر، فإنه يبرد بها، وكذلك صلاة العشاء فإنه يستحب تأخيرها إلا إذا ترتب على ذلك مشقة ومضرة، فإنها تقدم، وتعجل في أول وقتها.
وقد أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد ذكر فيه أوقات الصلوات، (فكان يصلي الظهر إذا زالت الشمس)، والمراد من ذلك أنه كان يصليها في أول وقتها؛ لأن أول وقتها يبدأ بالزوال، (فكان يصليها إذا زالت الشمس)، أي: يبكر بها.
ومن المعلوم أنه جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة)، فيبرد بصلاة الظهر في وقت شدة الحر، وفي غير ذلك التبكير هو الأولى.
قوله: (ويصلي العصر بين صلاتيكم هاتين)، أي: الظهر، والعصر، فالمقصود من ذلك أنهم يؤخرون صلاة العصر، وهدي الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يقدمها في أول وقتها، ومعنى ذلك: أن صلاة العصر إذا صليت في آخر وقتها الاختياري -وهو أن يكون فيء الشيء مثليه، وأول وقتها أن يكون فيء الشيء مثله- معنى هذا: أن صلاة العصر في أول وقتها يكون بين الصلاتين؛ صلاة الظهر في أول وقتها، وصلاة العصر في آخر وقتها الاختياري؛ لأنها إذا صليت في أول وقتها عندما يكون فيء الشيء مثله -وآخر وقت صلاة العصر الاختياري إذا كان فيء الشيء مثليه، وآخر وقت الظهر إذا كان فيء الشيء مثله، أي: المنتصف والوسط هو حيث يكون فيء الشيء مثله- فتكون بين الصلاتين، صلاة الظهر في أول وقتها، وصلاة العصر في آخر وقتها الاختياري.
وأما قوله: (ويصلي المغرب إذا غربت الشمس)، هذا هو أول وقتها، يصلي المغرب إذا غربت الشمس، وتوارت بالحجاب، وغاب القرص، وذهب، فإنه يبدأ أو يدخل وقت صلاة المغرب، فكان عليه الصلاة والسلام يصليها إذا غربت الشمس.
قوله: (ويصلي العشاء إذا غاب الشفق)، وهذا هو أول وقتها إذا غاب الشفق؛ وهو الضياء الذي يكون تبعاً لغروب الشمس، فإذا غاب الشفق واشتد الظلام، وكان المغرب مثل المشرق؛ كله ظلام دامس عند ذلك يبدأ وقت صلاة العشاء، فكان يصليها في ذلك الوقت.
قوله: (ويصلي الصبح إلى أن ينفسح البصر)، أي: يتسع، بأن يرى الإنسان الشيء أمامه، فيرى مسافة بعيدة دون أن يحجبه ظلام، وليس المقصود من هذا أن هذا آخر وقت صلاة الفجر، بل آخر وقته طلوع الشمس، كما جاء ذلك في الحديث: (من أدرك ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك)، أي: الصلاة، يعني: أدركها في وقتها، وإنما المقصود من ذلك أنه كان يصليها في وقت متأخر، ولكنه لا يصل إلى النهاية، ومن المعلوم أن التأخير إلى النهاية يترتب عليه مضرة، وهي خوف الفوات وخروج الوقت، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يصليها إلى أن ينفسح البصر، أي: يتسع، ويرى الإنسان المسافة البعيدة دون أن يحجبه ظلام، فهذا هو الذي كان عليه عليه الصلاة والسلام، ولكن هذا لا يعني: أن هذا آخر وقت صلاة الصبح، بل آخرها كما جاء في الحديث: طلوع الشمس، ومن أدرك ركعة من الصلاة قبل طلوع الشمس فإنه يكون مدركاً الصلاة في وقتها.
وهو إسماعيل بن مسعود أبو مسعود البصري، وهو ثقة، خرج حديثه النسائي.
وهو محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[قالا: حدثنا خالد].
وهو خالد بن الحارث، وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
وهو المحدث، الثقة، الثبت، الذي وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو من الأوصاف الرفيعة والألقاب العالية التي لم يظفر بها إلا النادر من المحدثين ومنهم شعبة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي صدقة].
أبو صدقة، هو: توبة مولى أنس بن مالك، وهو مقبول، خرج حديثه النسائي وحده.
[عن أنس بن مالك].
أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة من الصحابة المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين زادت أحاديثهم على ألف حديث، والذين قال عنهم السيوطي في الألفية:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدريِ وجابر وزوجة النبيِ
فـأنس رضي الله عنه هو أحد هؤلاء السبعة، وهو من صغار الصحابة المعمرين، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره عشرون سنة، وقدم الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة وعمره عشر سنوات، وخدمه عشر سنوات منذ قدم المدينة، واستفاد الناس من علمه، وحديثه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
وحديثه عند أصحاب الكتب الستة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
أخبرنا قتيبة عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة)].
أورد النسائي هذه الترجمة: (باب من أدرك الصلاة). وإيراد النسائي لهذا الباب في كتاب المواقيت يشعر بأن المقصود منه الدلالة على إدراك الصلاة في وقتها، وأنه إذا أدرك ركعة من الصلاة في الوقت فإنه يكون مدركاً للصلاة في الوقت، ويوضح هذا ما جاء وما تقدم: (من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس... إلخ، ومن أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس... إلخ)، فإنه يكون مدركاً للصلاة في وقتها، فتكون هذه الأحاديث في هذا الباب بمعنى تلك الأحاديث التي فيها بيان آخر وقت صلاة العصر، وآخر وقت صلاة الفجر، وأن الوقت يدرك بإدراك ركعة من الصلاة في الوقت، وأن الصلاة تدرك أداءً في إدراك ركعة من الصلاة فيكون مدركاً لها، ويكون هذا الحديث بمعنى الأحاديث التي ستأتي، وهذا الحديث أولها، وهو بمعنى: الأحاديث المتقدمة في إدراك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس، وركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام المحدث، الفقيه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
ابن شهاب الزهري، محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو: إمام، محدث، فقيه، مكثر من رواية الحديث، وهو الذي قام بجمع السنة وتدوينها بتكليف من عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه في زمن خلافته، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة].
وهو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال في السابع منهم، فقد اختلف العلماء هل هو أبو سلمة بن عبد الرحمن أو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أو سالم بن عبد الله بن عمر ؟ فـأبو سلمة هذا هو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال في السابع من الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
أبو هريرة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المكثرين من رواية الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق، لم يرو عن صحابي مثلما روي عنه من كثرة الحديث رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
هنا أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو بمعنى الحديث الأول.
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].
وهو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد المشهور بـابن راهويه، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو فقيه أيضاً، ومن الفقهاء المعروفين المشهورين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
[أخبرنا عبد الله بن إدريس].
وهو عبد الله بن إدريس الأودي، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبيد الله بن عمر].
وهو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وهو الذي يقال له: عبيد الله المصغر، وهو الثقة، أما أخوه عبد الله المكبر فهو ضعيف، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، ولهذا يفرقون بينهما بأن يقولوا: المصغر والمكبر، بأن هذا عبيد الله بتصغير عبد، وهناك عبد الله بالتكبير، فالمصغر ثقة، والمكبر ضعيف.
[عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهم سابقاً.
وهنا أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو بمعنى ما تقدم من الروايات عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قوله: [أخبرني يزيد بن محمد بن عبد الصمد].
وهو صدوق، روى له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا هشام العطار].
هشام العطار، وهو ثقة، خرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا إسماعيل وهو ابن سماعة].
إسماعيل بن سماعة، ثقة، قديم الموت، من الثامنة، خرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن موسى بن أعين].
موسى بن أعين الجزري مولى قريش أبو سعيد ثقة، عابد، من الثامنة، خرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن أبي عمرو الأوزاعي].
أبو عمرو الأوزاعي، وهو: عبد الرحمن بن عمرو، كنيته توافق اسم أبيه، أبي عمرو الأوزاعي وهو عبد الرحمن بن عمرو، وهو فقيه الشام، ومحدثها، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة].
وهؤلاء هم الذين جاءوا في الإسنادين قبل هذا.
وهنا أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى رابعة، وهو بمعنى ما تقدم.
قوله: [أخبرني شعيب بن شعيب بن إسحاق].
هو شعيب بن شعيب بن إسحاق الدمشقي، وهو صدوق، خرج له النسائي وحده، وقيل: إنه توفي أبوه وهو حمل في بطن أمه، فسمي باسم أبيه، فهو شعيب بن شعيب بن إسحاق الدمشقي.
[أخبرنا أبو المغيرة].
أبو المغيرة، وهو عبد القدوس بن الحجاج الحمصي، ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة.
مر ذكرهم في الأسانيد الماضية
[عن سعيد بن المسيب].
سعيد بن المسيب الفقيه، المحدث، أحد الفقهاء السبعة المشهورين في عصر التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
وقد تقدم ذكره.
هنا أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: (من أدرك ركعة من الجمعة أو غيرها فقد تمت صلاته)، هذا اللفظ قد يكون المقصود منه المسبوق إذا أدرك ركعة من الجمعة فإنه يكون مدركاً للصلاة، وإذا لم يدرك ركعة من الجمعة فإنه يدخل مع الجماعة، ولكن يتمها ظهراً.
وهو موسى بن سليمان بن إسماعيل بن القاسم المنبجي، وقد قال عنه الحافظ في التقريب: أنه صالح الحديث إلا في الرواية عن بقية، وهذا الحديث هو من روايته عن بقية.
[حدثنا بقية].
وبقية مدلس، وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، وذاك الذي هو المنبجي خرج حديثه النسائي، وبقية خرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، ولكن الحديث كما هو واضح جاء من طرق متعددة.
[عن يونس].
يونس بن يزيد الأيلي، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثني الزهري].
وقد تقدم ذكره.
[عن سالم ].
وهو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال في السابع، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
عبد الله بن عمر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي جليل، وهو من صغار الصحابة، وأحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هنا أورد النسائي حديث سالم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أدرك ركعة من صلاة من الصلوات فقد أدركها، إلا أنه يقضي ما فاته)، وسالم هو من التابعين كما هو معلوم فإذا أضاف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حديثاً فهو مرسل، وهو معروف بالرواية عن أبيه، فالحديث الذي قبل هذا هو من روايته عن أبيه، وهذا مرسل، ولكن مطابق للأحاديث التي وردت في هذا الباب، فيكون صحيحاً بها، أما لو لم يأتِ الحديث إلا من هذه الطريق فإنه يكون مرسلاً، والمرسل معروف حكمه عند المحدثين؛ أنه لا يكون حجة على القول الصحيح؛ لأن التابعي إذا أضاف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون روى عن صحابي أو تابعي، وذاك التابعي يحتمل أن يكون ثقة أو ضعيفاً، وإذا كان ثقة فيحتمل أن يكون روى عن تابعي ثقة أو ضعيف، واحتمال الضعف فيه من جهة أنه يكون تابعياً ضعيفاً، فإنه لا يحتج بالحديث المرسل، ولكن الحديث جاء من طرق عن أبي هريرة وعن غيره، وهو بمعنى تلك الأحاديث، فيكون ثابتاً ولا يكون ضعيفاً.
هو محمد بن إسماعيل بن يوسف السلمي أبو إسماعيل الترمذي، ثقة، خرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[حدثنا أيوب بن سليمان].
هو أيوب بن سليمان بن بلال القرشي، ثقة لينه التاجي بلا دليل، وقد خرج له البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، يعني: ما خرج له مسلم، ولا ابن ماجه.
[حدثنا أبو بكر].
أبو بكر، وهو عبد الحميد بن عبد الله الأويسي، ثقة، خرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن سليمان بن بلال].
سليمان بن بلال، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يونس].
وهو يونس بن يزيد الأيلي، وقد تقدم ذكره.
[عن ابن شهاب].
وابن شهاب، كذلك تقدم.
[عن سالم].
هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقد تقدم.
الجواب: إذا وصل المسافر إلى بلد وعند دخوله فيها عزم على الإقامة أربعة أيام فأكثر، فإنه يعتبر مقيماً، وعليه أحكام المقيم، بمعنى: أنه يتم، وحكمه حكم المقيمين، والدليل على هذا: أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يثبت عنه أنه مكث في بلد أو في مكان مدة عند الدخول يعلم المدة التي يمكثها إلا في حجة الوداع، فإنه لما دخل مكة في اليوم الرابع من شهر ذي الحجة، وكان يريد أن يخرج منها في اليوم الثامن إلى منى، فهذه إقامة محققة، فيكون في خلال تلك المدة المسافر يقصر.
وأما إذا نوى إقامة أكثر من ذلك فإنه يتم؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم إقامة تزيد على هذه المدة، وذلك عند الدخول أنه يريد أن يبقى هذه المدة، نعم الرسول صلى الله عليه وسلم مكث في أماكن أكثر من هذه المدة، ولكن ما جاء أنه كان عند الدخول يريد أن يمكث هذه المدة، ومن المعلوم أن المسافر إذا دخل وله حاجة، وهو لا يعلم متى تنتهي فإنه يقصر ولو طالت المدة.
وأما إذا كان عند الدخول عنده عزم على مكث هذه المدة التي هي أكثر من أربعة أيام فإنه في هذه الحالة يتم، إلا إذا كانت أربعة أيام فأقل؛ لأن هذا هو الذي جاء فيه دليل في حجة الوداع لما قدم النبي مكة في اليوم الرابع وخرج منها في اليوم الثامن.
الجواب: لا يحدد بالساعة؛ لأن الليل يطول ويقصر، ولكن تحديده من وقت غروب الشمس إلى طلوع الفجر، والمنتصف بينهما هو آخر وقت صلاة العشاء الاختياري، مثلاً: هذه الأيام المغرب يكون السابعة إلا عشرين دقيقة، والفجر يكون على الخامسة إلا عشر دقائق، يعني: هذه المدة منتصفها هو منتصف الليل.
الجواب: الأولى له أن يذهب إلى المسجد ويدرك الصف الأول ويصلي ركعتي الفجر، يعني: في المسجد؛ لأنه كما هو معلوم لا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة، والصف الأول هو الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه)، فالمبادرة إلى المساجد، ولو كان ذلك قبل الأذان، وإذا أذن المؤذن يقوم ويأتي بركعتي الفجر هذا أولى له من أن يبقى في البيت حتى يؤذن ويصلي ثم يذهب، فإن المبادرة إلى الصلاة لا سيما إذا تمكن قبل أن يؤذن، ثم جلس ينتظر الصلاة، وإذا أذن المؤذن قام وأتى بالركعتين هذا هو الذي ينبغي للإنسان.
ومن المعلوم أن صلاة الرجل في بيته أفضل من المكتوبة، ولكن هناك أمور يراد إدراكها، وهي كثرة المكث في المسجد وانتظار الصلاة، وأيضاً تحصيل الصف الأول، فهو يدرك في هذا التبكير فضيلة الصف الأول، وشأنها كبير، وفضيلة التبكير الذي يكون في صلاة ما دام ينتظر الصلاة.
الجواب: الإنسان إذا كان يتنفل وأقيمت الصلاة، فإن كان في أولها فإنه يقطعها، وإن كان في آخرها فإنه يتمها خفيفة؛ لأن إتمامها خفيفة لا يترتب عليه فوات شيء، وأما إذا كان في أولها فإنه يترتب عليه فوات الدخول مع الإمام في الصلاة من أولها، فالمسألة فيها تفصيل.
الجواب: تصلي ركعتين ثم تجلس في الدرس لحديث: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، سواء كان لدرس أو لغير درس، من دخل المسجد وسيجلس فإنه يصلي ركعتين قبل أن يجلس، ثم يدخل في الدرس.
الجواب: الصفرة والكدرة في زمن العادة حيض؛ وأما إذا كانت خارج الحيض وليست في زمن العادة فإنها طهر ولا تعتبر حائضاً، ولا تمتنع من الصلاة ولا من الصيام ولا من غير ذلك، والامتناع عن الأمور الواجب عليها أداؤها كالصلاة والصيام إنما يكون في زمن العادة، وأما إذا كانت في غير العادة فإنها لا تعد شيئاً، وإذا كان أنه حصل كدرة وما حصل بعدها الحيض، وإنما حصل صفرة فلا يؤثر؛ لأن الصفرة والكدرة تتصل بالحيض، يعني: إما أن تكون في أوله أو في آخره، فإذا كان بعد الكدرة والصفرة طهر وما حصل شيء من الحيض فذلك لا يؤثر، وأما إذا أعقب الكدرة والصفرة الحيض واتصل بها الحيض فهذا حيض، فلا ندري ما هو الواقع بالنسبة لهذه المسألة، هل هي صفرة وكدرة وخلاص وما جاء بعدها شيء من الحيض؟ أو أنها صفرة وكدرة وتبعها الحيض؛ لأن هذا أول الحيض؟
الجواب: المقصود بأول الوقت هو أول وقت يمكن للإنسان أن يؤدي فيه الصلاة، ولو أداها قبله لم يصح، وصلاته باطلة، مثل الزوال، إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر، فلو صلاها قبل الزوال فصلاته باطلة، وبعد الزوال يبدأ الوقت؛ لأن الوقت له بداية وله نهاية، فأول الوقت هو البداية التي يمكن للإنسان أن يصلي الصلاة فيها، ويكون في وقتها.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر