أخبرنا قتيبة عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان، فإذا ارتفعت فارقها، فإذا استوت قارنها، فإذا زالت فارقها، فإذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في تلك الساعات)].
يقول النسائي رحمه الله: (باب: الساعات التي نهي عن الصلاة فيها). والساعات التي نهي عن الصلاة فيها يراد به ثلاثة أوقات قصيرة، وهي: عند طلوع الشمس حتى ترتفع، وعند قيامها حتى تزول، وعند قربها من الغروب حتى تغرب، فهذه الأوقات نهى رسول الله عليه الصلاة والسلام عن الصلاة فيها.
وقد أورد النسائي فيه أحاديث منها: حديث أبي عبد الله الصنابحي: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان، فإذا ارتفعت فارقها، فإذا استوت قارنها، فإذا زالت فارقها، فإذا قربت من الغروب قارنها، فإذا غربت فارقها)، والمراد من ذلك أن الشيطان عند طلوع الشمس وعند غروبها يخرج، فتطلع وتغرب على قرن الشيطان، ومعنى: (أنه يكون قرنه عند طلوعها)، أن يحصل له سجود الذين يعبدون الشمس ويسجدون لها فيكون له؛ لأن من الناس من يعبد الشمس، فهم يصلون لها، والذين يعبدون الشمس ويسجدون لها، يريد الشيطان أن يكون سجودهم له، فنهي المسلمون أن يصلوا في هذه الأوقات حتى لا يصح التشبه بالكفار الذين يصلون في هذه الأوقات، والتي يحرص الشيطان على أن يكون بارزاً فيها، أي: عند طلوع الشمس وعند غروبها، ليكون معبوداً للذين يعبدون الشمس ويسجدون لها، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في هذه الثلاثة الأوقات: عند طلوع الشمس، وعند قيامها، وعند غروبها.
وحديث الصنابحي هذا ما ورد فيه يشهد له أحاديث عديدة، إلا فيما يتعلق بالنسبة لقيامها، وأنه يقارنها عند قيامها، وإذا زالت فارقها، فهذا ليس له ما يشهد له ويؤيده، فيكون ما ورد في حديث الصنابحي في هذا الموضع منكراً وغير ثابت. أما كونه يكون عند طلوع الشمس وغروبها، فهذا جاء فيه أحاديث كثيرة.
والصنابحي هذا ليس بصحابي، بل هو تابعي، وروايته عن الرسول صلى الله عليه وسلم مرسلة؛ لأنه ما أدرك النبي عليه الصلاة والسلام، ولكنه أدرك زمنه وما لقيه، فإنه قدم إلى المدينة من اليمن ليلقى الرسول عليه الصلاة والسلام، ولما كان بالجحفة وهو الموضع القريب من رابغ، مر بهم راكب وأخبرهم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم توفي، فواصل السير إلى المدينة، ووصلها بعد وفاته بخمسة أيام، ولهذا قال بعض العلماء في ترجمته: كاد أن يكون صحابياً، ليس بينه وبين الصحبة إلا شيئاً يسيراً، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالجحفة في طريقه إلى المدينة، فلم يحصل له هذا الشرف، ولم يظفر بهذا الشرف الذي هو صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا فهو من كبار التابعين، وروايته عن الرسول صلى الله عليه وسلم مرسلة، وهذا مرسل.
فإذاً: هذا الذي ورد فيما يتعلق بكون الشيطان يقارن الشمس عند قيامها، ما جاء فيه أحاديث أخرى، والذي عند طلوع الشمس وغروبها ثابت في أحاديث عديدة، فيكون ما جاء عند طلوع الشمس وعند غروبها له ما يشهد له، ويكون هذا المقدار منه صحيحاً، وما كان عند قيام الشمس، وليس له ما يؤيده، والراوي مرسِل وليس صحابياً، فإنه يكون هذا غير ثابت، وقد نبه على هذا الشيخ ناصر الدين الألباني في ضعيف سنن النسائي، فإنه قال: إن الحديث صحيح ما عدا ما جاء من المقارنة عند استواء الشمس، فإن هذا هو الذي ليس له ما يؤيده.
قتيبة هو: ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
وهو ابن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه الإمام المشهور، صاحب المذهب المعروف، أحد الأئمة الأربعة رحمة الله عليه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن زيد بن أسلم العدوي المدني].
وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء بن يسار الهلالي].
هو مولى ميمونة رضي الله تعالى عنها، وهو ثقة، فاضل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله الصنابحي].
عبد الله الصنابحي ليس اسمه عبد الله، وإنما اسمه عبد الرحمن، وهو عبد الرحمن بن عسيلة، وكنيته أبو عبد الله، وقد جاء هذا الحديث عند ابن ماجه وذكره بلفظ أبي عبد الله الصنابحي، وليس هناك من الرواة من يسمى: عبد الله الصنابحي، وهو من كبار التابعين، ورمز الحافظ في التقريب أنه من رجال الكتب الستة.
أورد النسائي حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله تعالى عنه، أنه قال: (ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: عندما تطلع الشمس حتى ترتفع، وعندما يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، وعندما تضيف للغروب حتى تغرب)، فهذه الساعات الثلاث وهي أوقات قصيرة، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها، وعن قبر الموتى في هذه الأوقات، وهو بمعنى الحديث المتقدم حديث الصنابحي.
قوله: (نهى عن الصلاة فيها)، أي: في هذه الساعات، وهو دال على ما دل عليه ذلك الحديث المتقدم من حيث النهي عن الصلاة في هذه الثلاث الساعات، لكن ذكر كون الشيطان يقارنها عند الاستواء ما جاء إلا في حديث الصنابحي، والصنابحي ليس صحابياً، وحديثه مرسل، فهذا المقدار لا يكون ثابتاً، والثابت غيره.
أما النهي عن الصلوات في هذه الأوقات فهذا ثابت في حديث الصنابحي وفي هذا الحديث وفي غيرها من الأحاديث، وهو دال على النهي عن الصلاة في هذه الأوقات، وعن قبر الموتى في هذه الصلوات. و(أو) هنا بمعنى الواو، يعني: نهانا أن كذا وأن نقبر فيها موتانا.
سويد بن نصر هو: المروزي الذي يلقب بالشاه، وهو ثقة، خرج حديثه الترمذي، والنسائي، وهو راوية عبد الله بن المبارك.
[حدثنا عبد الله بن المبارك].
وهو المشهور الذي قال عنه الحافظ في التقريب: إنه ثقة، حجة، جواد، مجاهد، جمعت فيه خصال الخير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن موسى بن علي بن رباح].
وهو موسى بن علي بن رباح اللخمي، وهو صدوق ربما أخطأ، وقد خرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[سمعت أبي يقول].
وهو بضم العين وتصغيرها علي، وقيل أنه كان يغضب أن يقال له: علي، وهذا هو المشهور فيه، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، فالرواة عنه وعن ابنه سواء، كل منهما روى عنه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، والابن صدوق ربما أخطأ، والأب ثقة، الذي هو علي بن رباح اللخمي.
[سمعت عقبة بن عامر الجهني].
وهو عقبة بن عامر الجهني، صحابي جليل مشهور، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
أخبرنا قتيبة عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: باب النهي عن الصلاة بعد الفجر. وقد أورد فيه حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس)، والحديث يدل على أن هذين الوقتين وقت نهي، وهما وقتان طويلان؛ لأنه من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس، ومن صلاة العصر إلى غروب الشمس، وكل منهما متصل بالوقت القصير الذي مر في حديث الثلاث الساعات التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها، وهي: عند غروبها، وعند طلوعها، وعند قيامها، فإن هذين الوقتين متصلين بالغروب ومتصلين بالطلوع، أحدهما متصل بالطلوع، والثاني متصل بالغروب، وقد نهى رسول الله عن الصلاة في هذين الوقتين الطويلين.
وقد مر ذكرهما قريباً.
[عن محمد بن يحيى بن حبان].
وهو محمد بن يحيى بن حبان بن منقذ ابن حبان بفتح الحاء، وهو ثقة، فقيه، خرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعرج].
هو عبد الرحمن بن هرمز، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة رضي الله عنه].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق، إذ لم يرو عن صحابي من الحديث قريباً مما روي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. وهذا الإسناد رجاله خرج لهم أصحاب الكتب الستة، قتيبة، ومالك، ومحمد بن يحيى بن حبان بن منقذ، والأعرج، وأبو هريرة، هؤلاء الخمسة كلهم حديثهم عند أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث عبد الله بن عباس الذي يرويه عن جماعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو من أحبهم إليه، فهذا الحديث يعتبر من مسند عمر ويرويه عنه ابن عباس، كما يرويه عن غيره من الصحابة، وهذا فيه رواية الصحابة عن الصحابة، والحديث بمعنى الحديث المتقدم في النهي عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس.
وهو ثقة، حافظ، خرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا هشيم].
وهو ابن بشير الواسطي، وهو ثقة، كثير التدليس والإرسال الخفي، والتدليس: هو رواية الراوي عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ يوهم السماع، كعن وقال، أما المرسل الخفي: فهو رواية الراوي عمن عاصره ولم يعرف أنه لقيه؛ فيظن أنه قد سمعه للمعاصرة، أما إذا كان لم يعاصره فالإرسال واضح؛ لأنه ما أدرك زمانه، فالإرسال هذا جلي وواضح، أما الإرسال الخفي فليس بواضح؛ لأنه مدرك لزمانه وعصرهما واحد، إلا أنه ما لقيه، فـهشيم بن بشير كثير التدليس والإرسال الخفي، يعني: أنه يروي عن شيوخه ما لم يسمعه منهم، ويروي عمن عاصروه، وهذا هو كما ذكرت الإرسال الخفي، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا منصور].
وهو ابن المعتمر، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
وهو قتادة بن دعامة السدوسي، وهو ثقة، حديثه أيضاً عند أصحاب الكتب الستة، وهو مدلس معروف بالتدليس.
[حدثنا أبي العالية].
وهو رفيع بن مهران الرياحي، وهو ثقة كثير الإرسال، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين زادت أحاديثهم على ألف حديث، وهو من صغار الصحابة، وهو يروي عن الصحابة، ويروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، ولكن كثيراً من روايته عن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن المعلوم أن رواية الصحابي عن الصحابي عمدة وحجة ومعتبرة؛ لأن رواية ابن عباس عن الرسول صلى الله عليه وسلم منها ما هو رواية عنه مباشرة، ومنها ما هو رواية عنه بواسطة ولم تذكر الواسطة، ولكن مرسل الصحابي معتبر وحجة؛ لأنهم لا يأخذون غالباً إلا عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وهو هنا يروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم بواسطة جماعة من الصحابة، منهم عمر وقال: وكان من أحبهم إلي.
منهم عمر وكان أحبهم إلي.
وهو: الخليفة أبو حفص عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه الراشد الفاروق، ذو المناقب الكثيرة، والفضائل المشهورة، وهو أحد الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة الذين سردهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث واحد، وقد أخبره بأنه رأى قصراً في الجنة، وسأل عنه لمن؟ فقيل: هذا لـعمر بن الخطاب، ومناقبه جمة وفضائله كثيرة، ومن مناقبه رضي الله تعالى عنه وأرضاه: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما سلكت فجاً إلا وسلك الشيطان فجاً غير فجك)، لا يجتمع عمر، والشيطان في طريق واحد، فإذا كان عمر في الطريق هرب الشيطان من ذلك الطريق الذي فيه عمر، (ما سلكت فجاً إلا وسلك الشيطان فجاً غير فجك)، وتولى الخلافة بعد أبي بكر بعهد من أبي بكر، وبإجماع من الصحابة على تنفيذ عهد أبي بكر، ويعتبر عهد أبي بكر إليه من أعظم حسنات أبي بكر، ومن أعظم ما أسداه إلى المسلمين من الخير، وقد حصل في خلافته النفع العظيم وانتشار الفتوح، ومكث عشر سنوات وأشهراً، حصل فيها اتساع البلاد الإسلامية، ودخول الناس في دين الله عز وجل، بل قضي على الدولتين الكبيرتين في ذلك الزمان، وهي دولة فارس والروم، وتحقق ما أخبر به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من إنفاق كنوزهما في سبيل الله عز وجل، فإن تلك الكنوز جاءت وأحضرت إلى عمر في المدينة، وتولى قسمتها رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يتحر أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس وعند غروبها)].
أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة، وهي: باب: النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس. وهذا داخل فيما تقدم في ذكر الساعات التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، ولكنه أورده بترجمة مستقلة، وأتى بما يتعلق بذلك الوقت، وبوقت الغروب، وأن يتحرى الصلاة في هذه الأوقات، فلا يجوز للإنسان أن يصلي عند طلوع الشمس حتى ترتفع، وعندما تضيف للغروب حتى تغرب.
وقد مر ذكرهما.
[عن نافع].
نافع هو مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
وهو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد العبادلة الأربعة في الصحابة، وأحد المكثرين من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين زادت أحاديثهم على ألف حديث.
وهذا الإسناد رباعي من رباعيات النسائي، فهو من أعلى الأسانيد عند النسائي: قتيبة، مالك، نافع، ابن عمر، ثم أيضاً هو مشتمل على السلسلة الذهبية التي تعتبر أصح الأسانيد عند الإمام البخاري، وهي: مالك عن نافع عن ابن عمر.
أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه، قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى عند طلوع الشمس وعند غروبها)، فهو دال على ما ترجم له المصنف من النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس، وكذلك أيضاً دال على النهي عنها، أي: الصلاة عند غروب الشمس.
وهو أبو مسعود البصري، وهو ثقة، خرج حديثه النسائي.
[حدثنا خالد].
وهو ابن الحارث، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبيد الله].
وهو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وهو الذي يقال له: المصغر، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
أخبرنا حميد بن مسعدة حدثنا سفيان وهو ابن حبيب عن موسى بن علي عن أبيه سمعت عقبة بن عامر رضي الله عنه يقول: (ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل، وحين تضيف للغروب حتى تغرب)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: باب النهي عن الصلاة نصف النهار، وأورد فيه حديث عقبة بن عامر الجهني المتقدم، لدلالته على ما ترجم له، كما أنه دال على النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، ولهذا تقدم ذكره فيما مضى بدلالته أيضاً على غير ما ترجم له المصنف هنا.
وهو صدوق، خرج له مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
وهو ابن حبيب، ثقة، خرج له البخاري في الأدب المفرد، والأربعة، وكلمة ( وهو ابن حبيب )، هذه ما قالها حميد بن مسعدة الذي هو تلميذه، وإنما قالها من دونه؛ لأن التلميذ لا يحتاج إلى أن يعبر بهذه العبارة، يقول: سفيان بن حبيب رأساً، دون أن يقول: هو، لكن من دونه عندما يريد أن يوضح ذلك الذي ذكره التلميذ مهملاً، فإنه يأتي بكلمة: هو، حتى يتبين أنها ليست من التلميذ، وإنما هي ممن دون التلميذ ليوضح هذا الذي أهمله التلميذ، ويأتون بمثل هذه العبارة: هو، أو يقولون: الفلاني، أو يعني ابن فلان.
[عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر].
وقد تقدم ذكرهم في الرواية المتقدمة.
الجواب: اللبس في غير الخنصر ما أعرف عنه شيئاً، للحافظ ابن رجب رحمه الله كتاب واسع في أحكام الخواتيم أو الخواتم، وضح فيه كل ما يتعلق بذلك، فيمكن أن يرجع إليه، أما أنا فلا أعرف شيئاً فيما يتعلق بلبسها في غير الخنصر.
الجواب: لعل السائل يقصد صلاة الإشراق، التي يقال لها: صلاة الإشراق. يعني: كما هو معلوم إذا ارتفعت الشمس قيد رمح بدأ وقت صلاة الضحى إلى زوال الشمس، كل هذا وقت لصلاة الضحى، فإذا صلاها الإنسان بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح، فإنه يكون صلى صلاة الضحى، وإذا كان أخذ بالحديث الذي جاء: (من صلى الصبح في جماعة ثم جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين فهو بحجة وعمرة تامة تامة)، والحديث صححه بعض أهل العلم، فإذا كان من عادته أن يصلي الضحى، وصلى هذا الوقت، فإنه يجزئ عن صلاة الضحى؛ لأنه وقت لصلاة الضحى.
وجاء في الحديث في صحيح مسلم: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)، والمراد من ذلك صلاة الضحى في وقت شدة حرارة الشمس، والفصال: أولاد الإبل أو البقر التي تصيبها الرمضاء وتشتد عليها، فمعناه في وقت شدة الحرارة، فهذا الحديث يدل على أن هذا هو الأولى، لأنه قال: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)، والمراد من ذلك صلاة الضحى.
الجواب: العصر وقتها إلى اصفرار الشمس، أو إلى أن يكون ظل الشيء مثليه، وهذا هو الوقت الاختياري، لكن كما هو معلوم الأفضل الابتعاد عن المحذور، وعن أن يقع الإنسان في خروج الوقت، أو يكون هناك ضيق عليه، فالابتعاد عما فيه محذور هو الذي ينبغي، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ثم قال: ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه)، فالإنسان إذا أخر إلى وقت الاضطرار أو قريباً منه يمكن أن يقع في الأمر المحذور من غير ضرورة وكذلك أيضاً فيما يتعلق بصلاة الصبح، يعني: الإسفار، جاء ما يدل على ذلك، وقد مر بنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (حتى ينفسح البصر)، ووقتها يمتد إلى طلوع الشمس، لكن المبادرة بها في أول أوقاتها هذا هو الذي ينبغي، وهذا هو المطلوب الذي فيه المسارعة إلى أداء الواجب، وفيه المسابقة إلى الخيرات، والصلاة إذا صليت في الوقت فهو أداء لها، لكن كون الإنسان يؤديها في أول وقتها، ويتخلص من أن يتعرض لتأخيرها حتى يخرج وقتها، هذا هو الذي على الإنسان أن يحرص عليه.
الجواب: ذوات الأسباب مثل: صلاة الجنازة، ومثل: صلاة الكسوف، عندما تأتي في وقت النهي فإنها تصلى؛ لأنها أنيطت بسبب، لكن تحية المسجد من العلماء من قال: إنها من ذوات الأسباب، وأن الإنسان إذا دخل فإنه يصليها وتكون مستثناة من النهي، ومنهم من قال: إنها ليست من ذوات الأسباب؛ لأنها تتعلق بفعل الإنسان، والإنسان يمكنه أن يدخل، وأن يتعمد دخول المسجد في وقت النهي فيصلي؛ لأن هذا بفعله وبسببه، بخلاف الكسوف فإنه لا قبل للإنسان به، وكذلك صلاة الجنازة عندما تحضر تصلى، لكن تحية المسجد هي محل خلاف، والذي يظهر في هذا أن الأمر واسع، من دخل وصلى لا حرج، ومن دخل وجلس لا حرج؛ لأنه إن صلى فمعه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، وإن جلس فمعه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس).
الجواب: الأشاعرة هم من أقرب الفرق إلى أهل السنة والجماعة؛ لأنهم يوافقون أهل السنة والجماعة في أمور ويخالفونهم في أمور، لكنهم لا يقال: إنهم من أهل السنة والجماعة الذين هم على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ لأنهم مخالفون لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في كثير من الأمور، ولكنهم هم من أقرب الفرق التي حصل منها الخروج عما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لكن لا يقال: إنهم من أهل السنة والجماعة الذين هم على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ لأنهم كانوا على عقيدة ولدت بعدما مضى عصر الصحابة، كانت ميتة في زمن الصحابة، وولدت بعد ذلك الوقت بمدة طويلة، فهي عقيدة محدثة، وليست على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، بل هي نبتت وولدت بعد ذلك بزمن طويل، فلا يقال: إنهم من أهل السنة والجماعة الذين هم على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولكنهم موافقون لأهل السنة في بعض الأمور، ومخالفون لهم فيها، وهم من أقرب الفرق إلى أهل السنة والجماعة.
مداخلة: هل تأويل الأسماء والصفات عندهم يخرجهم من أهل السنة والجماعة أم لا؟
الشيخ: هذا يخرجهم، لكن لا يقال: إنهم ليسوا على سنة أبداً، بل عندهم شيء من السنة، وعندهم موافقة في بعض الأمور، لكن إذا قيل: أهل السنة والجماعة من كان على ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإنه يقال: إنهم ليسوا من هؤلاء، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، ثم قال: فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ)، فالاختلاف كثير، لكن الذي هو منهج السلامة والنجاة، والذي هو طريقة أهل السنة والجماعة، هو الأخذ بما أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ).
الجواب: كما هو معلوم أن من المبتدعة من يكون صاحب بدعة ويدعو إليها وينشرها مثل الجهم بن صفوان فهذا يقال له: مبتدع، وأيضاً مثل: الجعد بن درهم يقال له: مبتدع، ومثل أناس كثيرون من المبتدعة يوصفون بأنهم مبتدعة، ومن العلماء من يحصل منه بدعة، ويحصل منه مخالفة، لكن لا يقال: إنه من المبتدعة الذين يعاملون معاملة المبتدعة، بل يستفاد من علمه ويترحم عليه يدعى، وما حصل منه من خطأ في بعض الأمور، فيرجى أن يكون مغموراً في جانب حسناته وفضله، وأن يحصل له عفو الله ورحمته، وأن يدخل في سعة عفو الله ورحمته بما حصل منه من الخير الكثير.
مداخلة: لكن هل يلزم من فعل البدعة أن يكون مبتدعاً؟
الشيخ: من يفعل البدع ويدعو إليها، ويكون مرجعاً فيها، ومن الناس من يكون حصل منه خطأ، ويكون حصل منه خير كثير، فيرجى له العفو والتجاوز من الله عز وجل.
الجواب: الابتداع في العقيدة كما هو معلوم مخالفة ما جاء في الكتاب والسنة مما يجب اتباعه والأخذ به، وهو السير على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأما المناهج في الدعوة فإنها متفاوتة، فإذا كانت على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فهي الحق الذي لا شك فيه، وإذا كان فيها انحراف، فلا شك أن ذلك بحسبه من الذنب، وهو يتفاوت قرباً وبعداً إلى منهج أهل السنة والجماعة، ولا شك أن هذا فيه مخالفة وهذا مخالفة، لكن المخالفة في العقيدة لا شك أن أمرها خطير وأمرها عظيم، وكذلك المخالفة في المنهج أيضاً؛ لأنها تنبني أيضاً على الاهتمام بالعقيدة، أو عدم الاهتمام بالعقيدة.
الجواب: لا يدرس عليهم إذا وجد غيرهم ممن يغني عنهم، وإذا احتيج إلى الدراسة عليهم ولم تكن الدراسة فيما يتعلق بالبدعة، فإن الإنسان يستفيد منهم حيث لا يجد غيرهم ممن فيه السلامة، ولكن يحذر بدعتهم، وإذا كان سيترتب على دراسته أن يقع في البدعة فليفر منهم فراراً مثلما قال: (فر من المجذوم فرارك من الأسد)، يعني: يفر منهم كما يفر الإنسان من الأسد حتى لا يقضي عليه.
الجواب: هذا السؤال كتب العلماء الجواب عنه، فقالوا: قوله: (تطلع بين قرني شيطان) أي: يكون معترضاً عند طلوعها حتى تكون عبادة الذين يعبدونها له؛ الذين يعبدون الشمس ويسجدون لها تكون عبادتهم له، أما الكيفية والوصف، فما أحد يستطيع أن يعرف كيفية الشيطان ووصف الشيطان.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر