أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن نافع عن ابن عمر: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء)].
يقول النسائي رحمه الله: (باب الحال التي يجمع فيها بين الصلاتين)، الحال: أي الهيئة التي يكون بها الجمع بين الصلاتين؛ وذلك مثل كون السير جد بالإنسان فإنه يجمع بين الصلاتين من أجل مواصلة السير؛ لأن نزوله عند كل صلاة قد يحصل معه شيء من التأخير، والله تعالى يسر وخفف فشرع الجمع بين الصلاتين وجعل ذلك سائغاً، وذلك في حال كون السير جد بالإنسان، وحتى يواصل سيره، وينزل نزولاً واحداً يصلي فيه الصلاتين معاً كالمغرب والعشاء والظهر والعصر.
وقد أورد النسائي رحمه الله حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء)، يعني أنه ينزل نزولاً واحداً فيصلي فيه الصلاتين المغرب والعشاء، إذا كان سائراً قبل غروب الشمس. وغربت الشمس وهو سائر فإنه يؤخر المغرب ثم ينزل ويصليها ويصلي معها العشاء، فيكون بذلك جامعاً بين الصلاتين.
هو ابن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
هو ابن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، صاحب المذهب المشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
هو مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت أيضاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما].
هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة في الصحابة، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
وهذا الإسناد رباعي، ومن أعلى أسانيد النسائي؛ لأن النسائي ليس عنده إسناد من الثلاثيات، بل أعلى شيء عنده الإسناد الرباعي، وهذا السند من هذه الأسانيد العالية: قتيبة عن مالك عن نافع عن ابن عمر، بين النسائي -وكانت وفاته سنة: (303هـ)- وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص قتيبة، ومالك، ونافع، وعبد الله بن عمر، رضي الله تعالى عنهما.
وقد ذكرت فيما مضى: أن أصحاب الكتب الستة ثلاثة منهم أعلى ما عندهم الثلاثيات، وثلاثة أعلى ما عندهم الرباعيات، فالثلاثة الذين أعلى ما عندهم الثلاثيات هم: البخاري، فإن عنده اثنين وعشرين حديثاً ثلاثياً في صحيحه، والترمذي عنده ثلاثي واحد، وابن ماجه عنده خمسة ثلاثيات، وكلها بإسناد واحد.
وأما مسلم، وأبو داود، والنسائي فهؤلاء الثلاثة ليس عندهم ثلاثيات بل أعلى ما عندهم الرباعيات، وهذا الإسناد الذي معنا هو من الرباعيات.
ثم هذا الإسناد فيه مالك عن نافع عن ابن عمر، وهذه هي السلسلة التي تعتبر أصح الأسانيد عند الإمام البخاري، والأربعة كلهم حديثهم عند أصحاب الكتب الستة.
وهنا أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما من طريق أخرى، وفيه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جد به السير أو حزبه أمر جمع بين المغرب والعشاء)، فهو مثل الذي قبله إلا أن فيه الزيادة: (أو حزبه أمر)، وهذه الزيادة ذكر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني أنها شاذة؛ لأن جميع أصحاب نافع الذين رووا هذا الحديث وغيرهم ما ذكروا هذه الزيادة (أو حزبه أمر)، ثم قال: ويحتمل أن تكون مصحفة؛ لأن هذا الحديث بهذا الإسناد موجود في مصنف عبد الرزاق، وفيه بدل: (أو حزبه أمر) (أو جد به السير، أو أجد به المسير)، فتكون الكلمة قريبة من الجملة السابقة فيكون فيها تصحيف.
كما قال: إن كلمة (أو حزبه أمر) هذه لم يروها أحد من أصحاب نافع، وإنما جاءت في هذا الإسناد. والحديث هنا كالذي قبله (إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء)، وفيه هذه الزيادة التي هي شاذة أو مصحفة.
هو ابن مخلد، المشهور بـابن راهويه، وهو محدث، فقيه، مصنف، وله كتاب المسند، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه، وهو ممن وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث وهو وصف عال ولقب رفيع لم يظفر به إلا النادر من المحدثين.
[حدثنا عبد الرزاق].
هو ابن همام بن نافع الحميري، مولاهم الصنعاني، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وهو شيخ الإمام أحمد، وقد أكثر من الرواية عنه، وهو الذي رويت عنه صحيفة همام بن منبه؛ لأن إسنادها: عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة.
وعبد الرزاق مكثر من الرواية، وهو مصنف، وله كتاب (المصنف)، وهو كتاب واسع عظيم، فيه الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه الآثار عن الصحابة ومن بعدهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وذكروا في ترجمته أنه كان يتشيع، ولكن التشيع أحياناً يراد به ما لا يضر وما لا يؤثر؛ وذلك أنه يقول، وقاله أيضاً غيره: إن علياً أفضل من عثمان، فبعض العلماء يعتبر هذا تشيعاً، ويصف من يقول بهذا القول بأنه تشيع، ولكن هذا لا يؤثر؛ لأن تفضيل علي على عثمان قال به بعض السلف وقال به بعض الأئمة الكبار من المحدثين، وهذا كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (العقيدة الواسطية) في آخرها: إن الخلفاء الراشدين مرتبون في الخلافة على حسب ما وقع وحصل أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، وخلافتهم حق، وهم مرتبون هذا الترتيب، ولا يقدح في خلافتهم والقدح فيها ابتداع، ويبدع من يتكلم في تقديم بعضهم على بعض في الخلافة على خلاف الذي تم وحصل، وعثمان مقدم على علي بالخلافة كما وقع وكما حصل، وكما اختاره أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام واتفقوا على بيعته، وكان الأمر دائراً بينه وبين علي، واختاروا تقديم عثمان على علي، أما كون عثمان أفضل من علي، فهذا هو المعروف عن أهل السنة وهو المشهور عن أهل السنة، وقد جاء به حديث عبد الله بن عمر: (كنا نخير ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا فنقول:
وعبد الرزاق هذا ممن يقول بتقديم علي على عثمان في الفضل، ومنهم: عبد الرحمن بن أبي حاتم، والأعمش، وابن جرير .
[حدثنا معمر].
وهو معمر بن راشد الأزدي البصري نزيل اليمن، وهو شيخ عبد الرزاق والذي أكثر عبد الرزاق من الرواية عنه، وصحيفة همام بن منبه هي من رواية عبد الرزاق عن معمر، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن موسى بن عقبة].
هو ثقة، فقيه، إمام في المغازي، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
قد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
هنا أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو بمعنى ما تقدم، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء، فهذه هي الحال التي يجمع فيها المسافر وهي كون السير يجد به، بمعنى أنه مواصل السير، ونزوله لكل صلاة قد يكون فيه مشقة، فرخص الجمع بين الصلاتين المغرب والعشاء والظهر والعصر.
قد عرفنا فيما مضى أن محمد بن منصور الذي يروي عن سفيان هو الجواز المكي، وقد مر في إسناد عند النسائي أن نسبه، وقال: محمد بن منصور المكي، والنسائي له شيخان:
أحدهما: محمد بن منصور الجواز المكي.
والثاني: محمد بن منصور الطوسي، ولكن حيث جاء يروي عن سفيان فإن المراد به: محمد بن منصور الجواز المكي، وسفيان بن عيينة مكي، ومحمد بن منصور الجواز مكي، والغالب أن الشخص إذا كان شيخه من بلده أنه يكثر الرواية عنه، بخلاف الذي يكون في بلد آخر غير بلده فإنه لا يروي عنه إلا إذا التقى به في سفر؛ في رحلة، أو في عمرة، أو حج، هذا هو الذي يحصل به الالتقاء بين الراويين.
إذاً محمد بن منصور هو المكي الجواز، وهو ثقة، خرج حديثه النسائي وحده.
[عن سفيان].
سفيان بن عيينة وهو مكي، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[سمعت الزهري] .
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، محدث، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني سالم].
هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو محدث، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة المشهورين في عصر التابعين، فـسالم هو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال في السابع؛ لأن ستة منهم معدودون في الفقهاء السبعة بلا إشكال، والسابع فيه خلاف، فمن العلماء من قال: السابع سالم بن عبد الله بن عمر هذا، ومنهم من قال: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، ومنهم قال: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
[عن أبيه]، وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
أخبرنا قتيبة عن مالك عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهـما أنه قـال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً من غير خوف ولا سفر)].
هنا أورد النسائي هذه الترجمة وهي باب الجمع بين الصلاتين في الحضر؛ لأنه ذكر الجمع في السفر بين المغرب والعشاء وبين الظهر والعصر، وهنا ذكر هذه الترجمة التي هي الجمع بين الصلاتين في الحضر، يعني وهو حاضر مقيم غير مسافر، وقد أورد النسائي فيها حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ثمانياً الظهر والعصر، وسبعاً المغرب والعشاء)، ثمانياً جميعاً، يعني أربع للظهر وأربع للعصر وسبعاً جميعاً ثلاث للمغرب وأربع للعشاء يعني جمعاً بدون قصر، ففي الحضر جمع ولم يقصر.
وقد جاء في بعض الروايات أنه لما سئل الصحابي عن ذلك قال: (أراد أن لا يحرج أمته)، أن لا يجعل عليها حرجاً، وذلك بكونه إذا حصل أمر اقتضى ذلك في يوم من الأيام لضرورة دعت إليه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في المدينة من غير خوف ولا سفر، وفي بعض الروايات: (من غير خوف ولا مطر).
هو ابن سعيد، وقد مر ذكره.
[عن مالك] .
وقد مر ذكره أيضاً.
[عن أبي الزبير] .
هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي، وهو صدوق يدلس، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن جبير] .
وهو ثقة، فقيه، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس رضي الله عنهما].
وهو ابن عم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد صغار الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وهو أحد العبادلة الأربعة في الصحابة، وهم: ابن عباس، وابن عمر، وابن عمرو، وابن الزبير، وهو أحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، ورضي الله تعالى عن ابن عباس وعن الصحابة أجمعين.
وهنا أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الظهر والعصر جميعاً في المدينة، والمغرب والعشاء، من غير خوف ولا مطر)، وهذا يدل على أن الخوف والمطر من أسباب الجمع، أو من الأشياء التي يجمع من أجلها، ولما سئل ابن عباس: (لم يفعل هذا وهو في الحضر؟ قال: أراد أن لا يكون على أمته حرج) بمعنى أنها عندما تضطر إلى ذلك فإنه مرخص لها أن تفعل مثل هذا الفعل.
يعني أن أبا رزمة -الذي هو جده- هذه كنيته، ولكن اسمه غزوان، وهو مروزي، ثقة، خرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة، يعني لم يخرج له مسلم.
[حدثنا الفضل بن موسى].
الفضل بن موسى، ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش].
هو سليمان بن مهران الكوفي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بلقبه هذا، واسمه سليمان بن مهران، ويأتي ذكره أحياناً باسمه وأحياناً بلقبه، ومعرفة ألقاب المحدثين مهمة، وهو نوع من أنواع علوم الحديث، وفائدة معرفتها أن لا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر مرة باسمه ومرة بلقبه، فإن من لا يعرف أن هذا لقب لهذا يظن أن هذا شخص وهذا شخص آخر والواقع أنهما شخص واحد.
[عن حبيب بن أبي ثابت] .
وهو أيضاً ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن جبير] .
وهو ثقة، فقيه، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
وقد مر ذكره.
وهنا أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من طريق أخرى، قال: (صليت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانياً جميعاً وسبعاً جميعاً)، يعني الظهر والعصر ثمانياً؛ لأنه جمع ولم يقصر وسبعاً جميعاً المغرب والعشاء جمع ولم يقصر، والمتن الذي قبل هذا (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالمدينة يجمع بين الصلاتين بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر).
التعبير بـ(كان) المتبادر منه أنه يدل على تكرر الفعل، كان يفعل كذا، يعني -يتكرر منه الفعل، ولكن أحياناً يأتي لفظ (كان) ولا يدل على التكرار ولا يقتضي التكرار ولعل هذا من هذا القبيل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما عرف عنه تكرار هذا الجمع وإنما فعله في المدينة مرة وقال الراوي: (أراد أن لا يحرج أمته)، أي أن لا يقع عليها حرج، وقد ذكر هذا ابن حجر في (فتح الباري) وقال: إن (كان) تأتي أحياناً لغير التكرار ومثل لذلك بمثال واضح أن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت)، والرسول ما حج إلا مرة واحدة، فهذا يدل على أن (كان) لا تقتضي التكرار، وهذا من هذا القبيل (أنه جمع في المدينة بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر أو من غير خوف ولا مطر) فهذا ما تكرر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه فعله ليبين أن ذلك سائغ عندما يوجد أمر يقتضي ذلك.
هو الصنعاني، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا خالد].
هو ابن الحارث، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن جريج] .
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، ثبت، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن دينار].
هو عمرو بن دينار المكي، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الشعثاء].
هو جابر بن زيد مشهور بكنيته أبي الشعثاء، وكذلك يأتي ذكره كثيراً باسمه جابر بن زيد، وهو ثقة، فقيه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
قد مر ذكره فيما مضى.
الجواب: أولاً: نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المتحابين فيه وأن يوفقنا جميعاً لما يرضيه. وأما الحديث الذي هو القلة والذلة، ما أعرف عنه شيئاً، وأما الاستعاذة من الفقر فهي ثابتة في أحاديث، وأما القلة والذلة ما أعرف عنهما، ولكن إذا ثبت وصح فالقلة معروفة، يعني هي بمعنى الفقر، وكذلك أيضاً قد تكون أيضاً مع الفقر قلة الأعوان وقلة الأقارب والمعينون والمساعدون، هذا إذا ثبتت هذه اللفظة، وأما الفقر فقد ثبت.
الجواب: لا يشترط؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع في تبوك وهو نازل، كان نازلاً في منزله في مخيم، أو في المكان الذي هو ساكن فيه في تبوك، وخرج وجمع بين الظهر والعصر ثم خرج وجمع بين المغرب والعشاء، فدل هذا على أن الجمع جائز في حال الإقامة وبغير جد السير، ولكن المعروف من عادته أنه كان إذا جد به السير يجمع، وفعله في تبوك يدل على جواز الجمع من غير جد في السير.
الجواب: الذي يبدو أن الإنسان عندما يقول: يقول الله عز وجل ما يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وإنما يأتي بالآية رأساً؛ لأنه ما يقرأ قرآناً حتى يستعيذ، وإنما هو يأتي بآية يستدل بها على شيء، فالاستعاذة تكون عند قراءة القرآن فيقدم الاستعاذة: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ [النحل:98]، ولكن كونه يريد أن يستشهد بآية في أثناء الكلام ثم يقول: يقول الله عز وجل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كذا. فهذا خلاف المعروف والمشهور في الكتب والتي امتلأت به الكتب من المتقدمين والمتأخرين المعروف أنهم يقولون: يقول الله تعالى: كذا، ويأتون رأساً بالآية.
الجواب: الصحابة ما قالوا: إن علياً أفضل من عثمان، الصحابة كما قال عبد الله بن عمر: كنا نخير يعني نقول: فلان خير من فلان، نقول: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، فهذا هو المعروف عن الصحابة، وهذا هو المشهور عمن بعد الصحابة، ولكن جاء عن بعض السلف وهم قليلون أن علياً أفضل من عثمان، وعلى هذا القول لا تلازم بين التفضيل وبين الخلافة؛ لأن الذين قالوا بالتفضيل يقولون: بأن عثمان أولى بالخلافة؛ لأن الصحابة قدموه وليس هناك تلازم بين التفضيل وبين أنه لا يقدم في الخلافة إلا الأفضل، فإنه قد يقدم المفضول مع وجود الفاضل، وقد يؤمر من هو دون غيره ممن أمر عليه، مثلما حصل في غزوة ذات السلاسل، فقد أمر عمرو بن العاص وفيها أبو بكر وعمر، ولهذا لما رأى أنه أمر سأل الرسول عليه الصلاة والسلام: (من أحب الناس إليك يا رسول الله؟ قال:
فإذاً التقديم بالخلافة ما فيه إشكال ولا يقول به أحد، ومن قال به فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار ويبدع من قال: إن علياً أولى من عثمان بالخلافة؛ لأن الصحابة قدموه فهم ما أجمعوا على ضلاله وإنما أجمعوا على حق.
وأما كونه أفضل فأكثر أهل السنة على أن عثمان أفضل وقلة قليلة ممن جاء بعد الصحابة على أن علياً أفضل، ولكن هؤلاء القائلين بأنه أفضل لا يقولون بأنه أولى منه في الخلافة، وكما قلت: ليس هناك تلازم بين الفضل وبين الخلافة، بل قد يكون المفضول يؤمر ويولى مع وجود من هو أفضل منه؛ وذلك يمكن أن يكون لهذا الذي ولي، فقد يكون له ميزة على غيره ممن هو أفضل منه، يعني في هذا الشيء الذي أُسند إليه، فكون بعض السلف قال: إن علياً أفضل من عثمان فليس بلازم أن يكون ولى منه بالخلافة.
الجواب: إذا مست ذكره فإنها تتوضأ، وأما مجرد مجيء النجاسة على يدها، فإنه لا ينقض وضوءها مجيء النجاسة على يدها بل تغسلها وهي على طهارتها وعلى وضوئها.
الجواب: الله تعالى يقول: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ [النور:31]، هذا هو قول الله عز وجل، وهو الفيصل في هذا، وأما ما حصل من عائشة رضي الله عنها فهي ترى أشخاصاً من بعد، يعني تنظر لأشخاص من بعد يقفزون ويتحركون ويمشون، فالرؤية من بعد ليست كالرؤية من قرب ومشاهدة الوجوه والنظر إليها، يعني مثل الإنسان ينظر أشخاصاً من بعيد يتحركون، فلا يقال: إن هذا فيه نظر إليهم، وأنه فيه رؤية هيئاتهم ووجوههم وما إلى ذلك؛ لأنه نظر من مسافة، وكذلك الحديث لا يقال: فيه جواز نظر المرأة إلى الرجل، والله عز وجل يقول: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ [النور:31]، قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النور:30]، فغض البصر مطلوب ومأمور به. وما جاء عن عائشة في الحديث فهو محمول على ما ذكرت.
الجواب: لا يجوز للإنسان أن يخلو مع النساء ولو كن أكثر من واحدة إذا كن أجنبيات منه، وأما إذا كان فيهن من هي من أقاربه، وكان حضورهن لأمر يقتضي ذلك أو اجتماعهن به لأمر يقتضي ذلك، ومعهن أحد من محارمه فإنه لا بأس بذلك.
الجواب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلوب من الجميع، وكما هو معلوم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)، ولكن ما يلزم أن يكون هناك تجمع فيمكن للإنسان إذا رأى أمراً منكراً أن يأتي إلى من يراه يعمل ذلك فيقول له: يا فلان! اتق الله، وإذا كان عنده فتوى من بعض المشايخ المعتبرين، مثل الشيخ ابن باز، أو الشيخ ابن عثيمين، يعني: مكتوبة فيعطيها إياه ويقول: هذا كلام أهل العلم وهذا بيان الحكم الشرعي، فهذا أمر مطلوب، وهذا شيء طيب.
وأما حصول تجمعات وما إلى ذلك، أو كون الإنسان يمد يده ثم يترتب على ذلك مضرة فلا، وأما كون الإنسان يأمر وينهى ويدل على الخير فالناس لا يزالون بخير ما تناصحوا، والمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً وخير ما يهدى إلى الإنسان أو يعان به الإنسان أن يؤمر بمعروف أو يُنهى عن منكر أو يدل على خير؛ لأن هذا فيه إعانته على التخلص من العذاب وعلى السلامة من العذاب.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر