أخبرني إبراهيم بن هارون حدثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه أن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (سار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، حتى إذا انتهى إلى بطن الوادي خطب الناس، ثم أذن
يقول النسائي رحمه الله: (باب الجمع بين الظهر والعصر بعرفة). هذه الترجمة تتعلق بهذا الجمع المخصوص الذي حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم يوم عرفة وهو جمع تقديم، حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر ركعتين ثم العصر ركعتين وهو جمع تقديم، وذلك ليكون الحاج بعد صلاته مشتغلاً بالذكر والدعاء، والإقبال والتوجه إلى الله سبحانه وتعالى حتى تغرب الشمس، من حين ما يصلي الظهر والعصر في أول وقت الظهر ويستمر حتى غروب الشمس وهو في الدعاء والذكر والاستغفار وسؤال الله عز وجل من خير الدنيا والآخرة.
وقد أورد النسائي رحمه الله في هذا حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما والذي فيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم سار حتى أتى عرفة ووجد القبة قد نصبت له في نمرة فنزل بها، ثم إنه سار حتى جاء الوادي فخطب الناس فيه، ثم أمر
فهذا الحديث دال على ما ترجم له المصنف من حصول الجمع بين الظهر والعصر من رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرفة، وكان ذلك اليوم يوم جمعة، وصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين، يعني صلاها صلاة المسافر، ولم يحصل منه التجميع، ولهذا صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين، ولو كانت جمعة فالجمعة يجهر فيها بالقراءة ثم الجمعة لها خطبتان، وإنما خطب خطبة واحدة بين للناس فيها أحكام الحج، وصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين جامعاً بين الظهر والعصر في أول وقت الظهر.
هو البلخي، وهو صدوق، خرج له الترمذي في الشمائل، والنسائي .
[ حاتم بن إسماعيل] .
وهو صدوق يهم، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[جعفر بن محمد].
هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو المشهور بالصادق، وهو أحد الأئمة عند أهل السنة.
وهو أحد الأئمة الاثني عشر عند الرافضة الذين يغلون فيهم وينزلونهم منازل ليسوا أهلاً لتلك المنازل، بل يتجاوزون فيهم بأن يجعلوهم أفضل من الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين، وهذا القول ليس قول أشخاص عاديين من الرافضة. بل قول بعض كبرائهم وزعمائهم الذين لهم شأن عندهم ولهم منزلة رفيعة عندهم، حيث يقول إمامهم وزعيمهم الذي هلك قبل ثلاث سنوات: وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل.
فهو أحد الأئمة الاثني عشر عند الرافضة، وهو أحد الأئمة عند أهل السنة، وأهل السنة يعرفون لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حقهم وفضلهم وينزلونهم المنزلة التي يستحقونها، ومن كان من أهل البيت من المؤمنين المتقين فإنهم يحبونه لتقواه ولقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يغلون، ولا يجفون، ولا ينقصون عما يستحقه الإنسان، ولا يتجاوزون الحد الذي يستحقه الإنسان، بل اعتدال وتوسط لا إفراط ولا تفريط، لا غلو ولا جفاء فهذه طريقة أهل السنة وهذا هو منهج أهل السنة، ولهذا فإنهم يتولون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحبون من كان منهم مؤمناً لإيمانه ولقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعفر بن محمد الملقب: بـالصادق، صدوق، خرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
محمد بن علي بن الحسين، وهو الملقب الباقر، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أن جابر بن عبد الله].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أحد الصحابة المشهورين، وهو من السبعة الذين رووا الأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين زادت أحاديثهم على ألف حديث، رضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين.
وقال: أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد أن أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه أخبره: (أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً)].
وهنا أورد النسائي هذه الترجمة وهي الجمع بين المغرب والعشاء في المزدلفة. وهذا من هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام في حجته حجة الوداع أنه كما جمع بين الظهر والعصر بعرفة أو بالوادي الذي هو قريب من عرفة فإنه جمع بين المغرب والعشاء في المزدلفة، وقد جاءت الأحاديث في ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ومنها حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه هذا الذي أخبر بأنه لما حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعاً، أي جمع بينهما. فهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمع بين المغرب والعشاء في المزدلفة.
هو ابن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك بن أنس].
هو إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، وصاحب المذهب المشهور، أحد الأئمة الأربعة الذين لهم مذاهب اشتهروا بها ولهم أتباع عنوا بجمع فقههم وتدوينه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن سعيد] .
هو الأنصاري المدني، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من صغار التابعين.
[عن عدي بن ثابت].
هو أيضاً ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن يزيد] .
هو عبد الله بن يزيد الخطمي، وهو صحابي صغير، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[أن أبا أيوب الأنصاري أخبره].
هو خالد بن زيد رضي الله تعالى عنه، وهو أحد الصحابة المشهورين، وهو الذي نزل النبي عليه الصلاة والسلام في داره أول ما قدم المدينة، وأبو أيوب الأنصاري، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
هنا أورد النسائي حديث: عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سعيد بن جبير: (إنه كان معه في الحج وأنه لما جاء المزدلفة جمع فيها بين المغرب والعشاء، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم فعل مثل هذا) يعني في هذا المكان، فالحديث دال على ما ترجم له المصنف من الجمع بين المغرب والعشاء في المزدلفة.
هو الدورقي، وهو ثقة، حافظ، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، فقد رووا عنه جميعاً مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا هشيم].
هو ابن بشير الواسطي، وهو ثقة، ثبت، كثير التدليس والإرسال الخفي، والتدليس: هو أن يروي الراوي عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ موهم السماع، كعن، أو قال وأما الإرسال الخفي: فهو أن يروي عمن عاصره ما لم يسمعه منه؛ لأنه معاصر له ولم يسمع منه، فإذا روى بلفظ عن، أو قال فهو مرسل؛ لأنه ليس من شيوخه؛ لأن التدليس هو تدليس في الرواية عن الشيوخ، وأما الإرسال فليس في الرواية عن الشيوخ وإنما عن غير الشيوخ وقد يكون معاصراً لذلك الذي أرسل عنه وقد يكون غير معاصر له، فإذا كان غير معاصر فهذا إرسال جلي وإرسال واضح، وأما إذا كان معاصراً له فإنه يقال له: الإرسال الخفي.
وحديث هشيم بن بشير خرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن إسماعيل بن أبي خالد].
وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والإمام مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه لما ذكر الثقات الأثبات الذين هم في القمة، ذكر من بينهم: إسماعيل بن أبي خالد، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو إسحاق].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، المشهور بـالسبيعي، وأبو إسحاق السبيعي مشهور بكنيته وكذلك مشهور بنسبته السبيعي، وسبيع بطن من همدان، نسبة خاصة وهمدان نسبة عامة، وهو ثقة، مدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن جبير].
وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر]
هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وأحد الصحابة المشهورين وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة الأربعة في الصحابة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
وهذا الإسناد: يعقوب بن إبراهيم الدورقي عن هشيم بن بشير عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن جبير عن ابن عمر فهؤلاء الستة كلهم حديثهم عند أصحاب الكتب الستة.
وهنا أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة)، يعني جامعاً بين المغرب والعشاء بالمزدلفة.
قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].
هو اليشكري السرخسي، وهو ثقة، مأمون، سني، أظهر السنة في بلاده، وقد خرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي .
[حدثنا عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن مهدي، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا مالك] .
هو ابن أنس إمام دار الهجرة، وقد مر ذكره قريباً.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، محدث فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
هو ابن عبد الله بن عمر، ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم؛ لأن ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة والسابع فيه خلاف، وأحد الأقوال الثلاثة في السابع أنه سالم بن عبد الله بن عمر، والثاني: أنه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، والثالث أنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.
[عن أبيه].
عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
هنا أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، وفيه أنه قال: (ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين صلاتين إلا بمزدلفة، وصلى الصبح يومئذ قبل وقتها)، والحديث دال على ما ترجم له المصنف من حصول الجمع بين المغرب والعشاء في المزدلفة، وما جاء في هذا الحديث من قول ابن مسعود: (ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين صلاتين إلا بين المغرب والعشاء..)، يفيد بأنه اطلع على هذا الجمع الذي هو بين المغرب والعشاء ولا يعني أن غيره مما لم يطلع عليه لم يحصل، فقد جاء في الأحاديث الكثيرة المتواترة حصول الجمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في أماكن متعددة، ولكن هذا هو الذي أخبر به ابن مسعود بأنه شاهده وعاينه.
أما قوله: (صلى الصلاة قبل وقتها الفجر)، فليس المقصود أنه صلاها قبل دخول الوقت، وإنما صلاها قبل الوقت المعتاد الذي كان يصليها به، وهو أنه بعدما يدخل الوقت، وينتظر اجتماع الناس يصلي، لكنه في يوم ليلة مزدلفة صلى الصلاة حين تبين الفجر، يعني في أول وقتها، فالمقصود بقوله: (قبل وقتها) ليس قبل دخول الوقت، وإنما قبل الوقت المعتاد الذي كان يصليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، يعني: بعدما يمضي شيء قليل من دخول الوقت في انتظار الناس يصلي، هذا الوقت المعتاد، ولكن هذه الصلاة بكر بها، من حين ما طلع الفجر صلاها دون تأخير، وهذا هو معنى كلام ابن مسعود.
قد مر ذكره.
[عن سفيان].
هو ابن عيينة؛ لأن قتيبة روى عن سفيان بن عيينة، ولم يرو عن سفيان الثوري، فإذا جاء قتيبة يروي عن سفيان، وسفيان غير منسوب، فالمراد به: ابن عيينة، فيكون هذا الإهمال محمولاً على من عرف أنه روى عنه، وهو ابن عيينة، وسفيان بن عيينة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، مدلس، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، واشتهر بلقبه الأعمش، واسمه سليمان بن مهران، ومعرفة ألقاب المحدثين من أنواع علوم الحديث؛ وفائدتها حتى لا يظن الشخص الواحد شخصين، فيما إذا ذكر باسمه أحياناً وبلقبه أحياناً أخرى، فإن من لا يعرف يظن أن الأعمش شخص وأن سليمان بن مهران شخص آخر، ولكن من يعرف يلتبس كونه يذكر بلقبه أو يذكر باسمه.
[عن عمارة].
هو ابن عمير التيمي الكوفي، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن يزيد].
هو عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن مسعود].
وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد الصحابة المشهورين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا الحسين بن حريث حدثنا سفيان عن إبراهيم بن عقبة ومحمد بن أبي حرملة عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: (وكان النبي صلى الله عليه وسلم أردفه من عرفة، فلما أتى الشعب نزل فبال ولم يقل: أهراق الماء، قال: فصببت عليه من إداوة فتوضأ وضوءاً خفيفاً، فقلت له: الصلاة فقال: الصلاة أمامك، فلما أتى المزدلفة صلى المغرب ثم نزعوا رحالهم ثم صلى العشاء)].
وهنا أورد النسائي هذه الترجمة، وهي باب كيف الجمع. أي كيفية الجمع، وقد جاء الجمع كما في الحديث الذي أورده النسائي هنا على وجود فاصل بين المغرب والعشاء، وهو نزع الرحال، وجاء في غير هذا الحديث أنه ما كان هناك فاصل بين الصلاتين المجموعتين، كما تبين في حديث جابر الذي مر (أن الرسول خطب الناس، ثم أمر بلالاً فأذن وأقام للظهر، ثم أقام للعصر) يعني أنه جاء الفصل بين الصلاتين بشيء يسير أو بعمل يسير، وجاء عدم الفصل بينهما، فهذا الحديث الذي معنا وهو حديث ابن عباس رضي الله عنهما، فيه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام لما جمع بالمزدلفة فإنهم صلوا المغرب أولاً ثم نزعوا رحالهم ثم صلوا العشاء بعد ذلك)، فيفيد أن الفصل اليسير بين الصلاتين المجموع بينهما لا يؤثر على الجمع شيئاً.
قوله: [عن ابن عباس رضي الله عنهما عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: (وكان النبي صلى الله عليه وسلم أردفه من عرفة فلما أتى الشعب نزل فبال ولم يقل: أهراق الماء)].
فالرسول صلى الله عليه وسلم لما انصرف من عرفة أردف معه أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما؛ أردفه معه من عرفة إلى مزدلفة، وقد جاء في حديثه هذا أنه لما كان في الشعب يعني في الطريق نزل فبال وتوضأ وضوءاً خفيفاً، وقد جاء أن هذا الماء الذي توضأ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من ماء زمزم، وجاء في الحديث أنه قال: فبال ولم يقل: أهراق، يعني أن أسامة الذي يحكي ما حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عبر بأن قال: بال، ولم يقل: أهراق الماء، وكان من عادتهم أن يعبروا عن البول بإراقة الماء، يقصدون من ذلك البول، ولكنه هنا بين أن اللفظ هذا هو الذي قاله أسامة، ولهذا قال: ولم يقل: أهراق الماء.
قوله: [(قال: فصببت عليه من إداوة فتوضأ وضوءاً خفيفاً، فقلت له: الصلاة)].
(فصببت عليه من إداوة)، يعني وعاء معه فيه ماء، وكان يصب عليه وهو يتوضأ، وهذا يدل -كما عرفنا من قبل- أن كون الإنسان يساعد على الوضوء بأن يفرغ عليه ويتوضأ أن هذا سائغ وجائز ولا بأس به، وقد فعله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، كما جاء في هذا الحديث كان يصب عليه وهو يتوضأ.
قوله: [(فقال: الصلاة أمامك)].
يعني: كأنه لما رآه يتوضأ، ظن أنه يريد أن يصلي فقال: الصلاة، يعني: أتريد الصلاة، فقال: الصلاة أمامك: ثم ساروا حتى أتوا المزدلفة.
قوله: [(فلما أتى المزدلفة صلى المغرب، ثم نزعوا رحالهم، ثم صلى العشاء)].
صلى المغرب، ثم نزعوا رحالهم، يعني من على دوابهم، والرحل هو: ما يوضع على الدابة مما يركب عليه الراكب، فهذا يقال له: الرحل، ولهذا يقولون في سترة المصلي أنها مثل مؤخرة الرحل، يعني العود الذي يكون في آخر الرحل يستند عليه الراكب.
هو الحسين بن حريث المروزي، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
[حدثنا سفيان] .
هو ابن عيينة، وسفيان هنا غير منسوب، ولكن في تهذيب التهذيب ذكر: أن الحسين بن حريث روى عن سفيان بن عيينة.
[عن إبراهيم بن عقبة].
هو إبراهيم بن عقبة المدني، وهو أخو موسى بن عقبة، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
هو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وهو مثل الحسين بن حريث، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
[عن كريب].
هو كريب بن أبي مسلم، وهو مولى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وابن عمه، وأحد العبادلة الأربعة في الصحابة، وهم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن الزبير، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذين زادت أحاديثهم على ألف حديث.
الجواب: المسجد الذي فيه قبر لا يجوز للإنسان أن يصلي فيه، وأما إذا كان القبر خارج المسجد وليس في المسجد فإنه لا مانع من الصلاة فيه، وأما إذا كان القبر بالمسجد فإنه لا يجوز، والحكم كما قال ابن القيم: أن المسجد إذا وضع فيه القبر والمسجد هو الأول فإنه ينبش القبر، وإذا كان المسجد بني على قبر فإنه يهدم المسجد، ثم هناك أمر ينبه عليه وهو أن مسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام فيه قبره، نقول: الرسول صلى الله عليه وسلم قد بنى المسجد، وقد قبر في خارج المسجد، وقد جاء لهذا المسجد فضائل منها أن الصلاة فيه بألف صلاة، فهذا الحكم ثابت له أدخل القبر في المسجد أو لم يدخل، وإدخال القبر في المسجد لم يكن في زمن الخلفاء الراشدين وإنما كان في زمن بني أمية، فلا يقال: إن الذي يقال في غيره من المساجد التي فيها قبور يمكن أن يقال في هذا المسجد؛ لأن هذا المسجد فضيلته ثابتة أدخل القبر فيه أو لم يدخل، وكان القبر خارج المسجد.
الجواب: الأحكام المعروفة عند الفقهاء هي خمسة: الواجب، والمندوب، والمباح، والمكروه، والحرام.
والواجب: هو الذي جاء الأمر فيه أمراً محتماً، ولم يكن هناك صارف يصرفه عن الوجوب.
وأما المندوب: فهو الأمر الذي جاء ما يصرفه عن الوجوب إلى الاستحباب.
وأما الجائز فهو الذي يتساوى فيه الطرفان، الفعل وعدمه.
وأما المحرم فهو الذي جاء النهي عنه دون أن يأتي شيء يصرفه إلى الكراهة.
والمكروه هو النهي الذي جاء صارف يصرفه عن التحريم إلى الكراهة، فهذه هي الأحكام الخمسة، وهذا هو الفرق بينها.
الجواب: السنة عند الفقهاء بمعنى المندوب، يقال: يسن كذا، أي: يندب كذا، ويستحب كذا، ويستحب ويندب ويسن بمعنى واحد، ولكن السنة تأتي بمعنى عام يشمل الأحكام الشرعية كلها، فالواجب يدخل تحت السنة، والمندوب كذلك، والمحرم كذلك، والمستحب كذلك، والمباح كذلك، فكلها داخلة تحت السنة بالمعنى العام؛ لأن السنة تطلق إطلاقاً عاماً، وتطلق عند الفقهاء إطلاقاً خاصاً، ومن إطلاق السنة بالمعنى العام قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من رغب عن سنتي فليس مني)، فإن السنة هنا تشمل الواجب والمندوب والمحرم والمكروه وهكذا، وتطلق عند الفقهاء على المندوب الذي جاء الأمر فيه أمراً غير جازم بحيث جاء ما يصرفه عن اللزوم أو التحتم إلى الاستحباب والندب.
الجواب: القبة ليست بناء، وإنما القبة خيمة هذا هو المقصود، وأما القباب بمعنى أن المساجد يصير فيها قباب ما في بأس، يعني كونه يصير فيها قباب أو البناء يكون مقبب، أقول: لا بأس بذلك، وإنما المحرم هو أن يكون فيها قبور، وترك القباب أولى؛ لأنه لا يستفاد من السطوح مع وجود القباب عليها، بخلاف ما إذا كانت السطوح مستوية، فإنه يستفاد منها عند الحاجة إليها، وأما إذا كانت مقببة فلا يستفاد منها، فعدم وجودها أولى من وجودها، فالقبة المقصود بها الخيمة؛ وإنما فعلوها ليستظل بها الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول كان يستظل في الخيام وفي البيوت، وكذلك عند جمرة العقبة ظلل عليه بثوب حين رمى جمرة العقبة، وهذا فيه دليل واضح ببطلان ما يقوله بعض الغلاة، الذين يغلون برسول الله عليه الصلاة والسلام ويقولون: إنه لا ظل له؛ لأن ضوءه يقابل ضوء الشمس، ولا يكون له ظل، وهذا من الغلو ومن القول بغير علم؛ لأن هذا خلاف الواقع، والرسول صلى الله عليه وسلم ضربت له قبة ليستظل بها عن الشمس.
الجواب: هؤلاء جهال، وما سبقهم إلى ذلك أحد، فـأبو حنيفة، والنووي، وابن حجر لم يزل العلماء من بعدهم يترحمون عليهم، ويدعون لهم، ويستفيدون من علمهم، وإذا حصل من أحدهم أخطاء فيؤخذ صوابه ويترك خطؤه.
وأما كونه لا يترحم عليهم فهذا لا يقوله إلا جاهل، ولا يقوله إلا إنسان ضار نفسه ومسيء إلى نفسه ومؤذ لنفسه، بل الذي ينبغي هو الترحم عليهم، والدعاء لهم، والاستفادة من علمهم.
وأما كون كتبهم تجتنب فهذا كلام باطل.
الجواب: يترحم على كل مسلم، أقول: المسلمون يترحم عليهم، وهذا هو الأصل، ولكن إذا كان أحد معروفاً مثلاً بالبدع، مثل الجعد بن درهم، ومثل الجهم بن صفوان فهؤلاء لا يترحم عليهم عند الذكر؛ لأن الترحم عليهم عند ذكرهم يعني فيه لفت الأنظار إليهم وهم من أئمة أهل البدع.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر