أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن سفيان عن أبي جعفر عن أبي سلمان عن أبي محذورة رضي الله تعالى عنه أنه قال: (كنت أؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت أقول في أذان الفجر الأول: حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله)].
هنا أورد النسائي رحمه الله باب: التثويب في أذان الصبح.
المراد بالتثويب هنا هو قول المؤذن: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، هذا هو المراد بالتثويب، والتثويب في الأصل هو: العود إلى الإعلام بعد الإعلام، ولهذا قيل للإقامة: تثويب، وقد جاء في الحديث: ( إن الشيطان إذا سمع الأذان ولى وله ضراط، فإذا انتهى الأذان رجع حتى يوسوس للناس، فإذا ثوب -إذا نودي بالإقامة- هرب كما هرب عند الأذان ) فهنا قيل في الإقامة: ثوب، وقيل لها: تثويب؛ لأنها عود إلى الإعلام، وكما أن الأذان إعلام بدخول الوقت، فالإقامة إعلام بالقيام إلى الصلاة.
وقيل لقول المؤذن: الصلاة خير من النوم: تثويب؛ لأن له وجه؛ يعني: في العود بعد الإعلام، لكن ليس بواضح، وإنما الواضح هو الإقامة، لكنه أطلق على الصلاة خير من النوم تثويب، ولهذا بوب النسائي فقال: باب التثويب في أذان الفجر, أي: قول: الصلاة خير من النوم.
وقد أورد النسائي فيه حديث أبي محذورة رضي الله تعالى عنه (أنه كان يقول في أذانه عندما يقول: حي على الفلاح، يقول: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله)، وهذا في الأذان الأول من أذان الصبح -أذان الفجر- والحديث واضح في أن التثويب إنما هو في الأذان الأول، أي: الذي يكون قبل دخول الوقت، والموجود في بلاد المسلمين هو أن التثويب يكون في الأذان الثاني، وقد جاء في بعض الأحاديث فيها ذكر إطلاق التثويب في أذان الصبح، كما جاء عن أنس: ( من السنة أن المؤذن يقول في أذان الفجر: الصلاة خير من النوم ), فهذا لفظ مطلق، وحديث أبي محذورة فيه بيان أن التثويب إنما يكون في الأذان الأول, والذي يكون في آخر الليل, وقبل طلوع الفجر، والغرض منه إيقاظ النائم، وإرجاع القائم؛ أي: لينام نومة خفيفة؛ ليتهيأ لصلاة الصبح, وكون التثويب في بلاد المسلمين يكون في الأذان الثاني والذي هو عند دخول الوقت؛ لأن الأذان الأول ليس بلازم أن يحصل في كل مسجد من المساجد، بل لو لم يحصل لم يكن هناك المحذور الذي يحصل فيما إذا ترك الأذان لصلاة الصبح. وأما الأذان الذي هو النداء للصلاة، فهذا أمر لازم لابد منه، ولا يجوز تركه, والأذان الثاني هو الذي فيه إعلام الناس بدخول وقت الصلاة، وهو كغيره من حصول الأذان في الأوقات الأخرى؛ لأن كل صلاة يؤذن لها عند دخول الوقت فيها، ولابد من الأذان، فكل مسجد من المساجد يؤذن عند دخول الوقت.
أما بالنسبة للأذان الأول فليس بلازم أن كل مسجد يؤذن، ولا يلزم لزوم الأذان الثاني، وصار الإتيان بالصلاة خير من النوم إنما هو في الأذان الثاني، ولا شك أن في ذكر الصلاة خير من النوم تمييز بين الأذانين، ومعرفة للأذان الأول من الأذان الثاني، وإذا عرف عند الناس بأن الصلاة خير من النوم إنما تكون في الأذان الأول اتضح لهم ذلك، وإذا عرف أنها تكون في الأذان الثاني اتضح لهم ذلك، فيكون العلم بالتمييز بين الأذانين الأول والثاني بهاتين الجملتين: الصلاة خير من النوم, الصلاة خير من النوم, وموضعها كما جاء في الحديث بعد حي على الفلاح، وقبل الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.
هو المروزي، وهو ثقة، وخرج له الترمذي, والنسائي.
[حدثنا عبد الله].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة, ثبت, إمام، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، الإمام, المحدث, الفقيه, الثقة, الثبت، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي جعفر].
قال عنه في التقريب: شيخ لـسفيان الثوري وهو مجهول، وخرج له النسائي، وقيل: إنه أبو جعفر الفراء، وأبو جعفر الفراء ثقة، وخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي.
وقد جاء في الإسناد الثاني الذي ذكره النسائي أن أبا عبد الرحمن قال: وليس هو الفراء، وفي نسخة تحفة الأشراف أن الذي قال ليس هو الفراء هو: عبد الرحمن بن مهدي أحد الرواة في الإسناد، وقد ذكر في تحفة الأشراف أنه جاء من بعض الطرق أن الراوي الذي روى عنه سفيان هو أبو جعفر الفراء، وكذلك جاء من طرق أخرى أنه الفراء، فيحتمل أن يكون الفراء، ويحتمل أن يكون شيخاً مجهولاً لـسفيان، وسواء كان أبا جعفر الفراء الذي هو ثقة، أو ذلك المجهول الذي هو شيخ لـسفيان فإن ذلك لا يؤثر؛ لأن أحاديث التثويب، وقول: الصلاة خير من النوم جاءت عن أبي محذورة من طرق أخرى، وقد تقدم بعضها، وجاءت أيضاً في بعض الأحاديث الأخرى التي هي غير حديث أبي محذورة، فتلك الجهالة لا تؤثر على صحة الحديث؛ لأن الحديث ثابت من طرق أخرى.
[عن أبي سلمان].
هو أبو سلمان المؤذن، وهو مقبول، قال عنه الحافظ في التقريب: إنه مقبول، وقد خرج حديثه النسائي وحده.
[أبي محذورة].
أبو محذورة قيل: اسمه أوس صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومؤذنه، وقد خرج حديثه البخاري في الأدب المفرد, ومسلم, وأصحاب السنن الأربعة، وقد مر ذكره في الأحاديث الماضية.
هذا إسناد آخر ذكره وأشار إلى أن المتن نحو هذا المتن، وفيه قال أبو عبد الرحمن: ليس هو الفراء أبو جعفر، وأبو عبد الرحمن هو النسائي.
لكن -كما ذكرت- في تحفة الأشراف التنصيص على أن الذي قال هذا الكلام هو: عبد الرحمن بن مهدي الذي هو أحد الرواة في هذا الإسناد، والذي يروي هو ويحيى بن سعيد القطان عن سفيان الثوري، وعلى هذا فيكون شيخاً لـسفيان الثوري، وهو مجهول كما قال الحافظ في التقريب.
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].
هو الفلاس، وهو ثقة, ناقد، وله كلام كثير في الجرح والتعديل، وكثيراً ما يأتي في التراجم -تراجم الرجال- وقال الفلاس:كذا، والمراد بـالفلاس هو عمرو بن علي هذا، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى وعبد الرحمن].
هو ابن سعيد القطان, المحدث, الثقة, الثبت, الناقد، المتكلم في الجرح والتعديل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
وعبد الرحمن بن مهدي أيضاً كذلك محدث, ناقد، ومتكلم في الجرح والتعديل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهذان الرجلان وهما: يحيى بن سعيد القطان, وعبد الرحمن بن مهدي ذكرهما الذهبي في كتابه: من يعتمد قوله في الجرح والتعديل، وأثنى عليهما، وقال: إنهما إذا جرحا شخصاً، أو اتفقا على جرح شخص، فإنه لا يكاد يندمل جرحه؛ يعني: أنهما يصيبان الهدف فيما يقولان.
[قالا: حدثنا سفيان].
هو الثوري وقد تقدم، وكذلك بقية الإسناد الذين هم: الثوري, وأبو جعفر, وأبو سلمان, وأبو محذورة، فهؤلاء هم الذين في الإسناد الذي قبل هذا.
أخبرنا محمد بن معدان بن عيسى حدثنا الحسن بن أعين حدثنا زهير حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن بلال أنه قال: آخر الأذان: الله أكبر.. الله أكبر.. لا إله إلا الله].
هنا أورد النسائي رحمه الله الترجمة هذه وهي: باب: آخر الأذان؛ أي: ختام الأذان ونهايته، بم يختم؟ وما هي نهايته؟ فأورد حديث بلال: (أن آخر الأذان: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله).
قال بعض الشراح: ولعل التنصيص على آخرية الأذان بقوله: (الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله)؛ حتى لا يتوهم أن التكبير في آخر الأذان, كالتكبير في أول الأذان؛ لأن التكبير في أول الأذان يربع؛ أي: يؤتى به أربع جمل، وأما في آخر الأذان يؤتى به مثنى؛ يعني: جملتان فقط، وكذلك كلمة التوحيد: لا إله إلا الله مفردة، وهي اللفظة الوحيدة التي تأتي مفردة في الأذان؛ لأن بقية الألفاظ مكررة، إما مرتين، وإما أربع مرات، فالتكبير في الأول أربع مرات، وشهادة أن لا إله إلا الله مرتين، وشهادة أن محمداً رسول الله مرتين، وحي على الصلاة مرتين، وحي على الفلاح مرتين، والله أكبر قبل الآخر مرتين، ولا إله إلا الله مرة واحدة.
وجاءت مرة واحدة؛ لأن إفرادها يناسب معنى التوحيد، وهو إفراد الله وحده لا شريك له، وأن الله تعالى هو الواحد في ألوهيته، وربوبيته، وأسمائه وصفاته.
وكلمة الإخلاص التي جاءت النصوص على أنه يحرص على أن تكون بها ختام هذه الحياة الدنيا كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فإنه من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة)، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالخواتيم)، فمن ختم له بلا إله إلا الله فهو على خير.
هو الحراني، وهو ثقة، وخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا الحسن بن أعين].
هو الحسن بن محمد بن أعين، وأحياناً ينسب إلى جده -كما هنا- فيقال: الحسن بن أعين، وهو صدوق، وخرج له البخاري, ومسلم, والنسائي.
[حدثنا زهير].
هو ابن معاوية الكوفي، وهو ثقة, ثبت، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الأعمش].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بلقبه الأعمش، ويأتي ذكره أحياناً باسمه ونسبه، فيقال: سليمان بن مهران، وأحياناً يقال: سليمان، وكثيراً ما يأتي في لقبه الأعمش، ومعرفة ألقاب المحدثين من أنواع علوم الحديث، وفائدة معرفتها ألا يظن أن الشخص الواحد شخصين, إذا ذكر مرة باسمه وذكر مرة بلقبه، فإن من لا يعرف يظن أن الأعمش شخص، وسليمان شخص آخر، والذي يعلم بأن سليمان بن مهران لقب لـالأعمش, فلا يلتبس عليه الأمر.
[عن إبراهيم].
هو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، ثبت، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو محدث, فقيه, ومعروف بالفقه, وكما أنه معروف بالحديث، وهو الذي ذكرت -فيما مضى-: أنه عبر بعبارة وهي قوله: (ما لا نفس له سائلة, في مثل الجراد، والذباب، وأمثالها التي لا دم لها، فقد عبر عنها بـ (ما لا نفس له سائلة)؛ يعني: ليس له دم سائل، ويقولون: ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، ويذكرون لذلك حديث الذباب؛ أي: الحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه، ثم ليلقه وليشرب)، قالوا: فإن الغمس قد يكون الماء حاراً، فإذا غمس مات، والرسول أرشد إلى استعماله، فلو كان يتنجس لما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى استعماله وغمسه، ثم استعمال الماء بعد غمسه، فهذا دليل على أن ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، وذكر ذلك ابن القيم في كتابه زاد المعاد حيث قال: وأول من حفظ عنه أنه عبر بهذه العبارة، فقال: ما لا نفس له سائلة هو إبراهيم النخعي، وعنه تلقاها الفقهاء من بعده.
[عن الأسود].
هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة, مخضرم، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن بلال].
هو ابن رباح مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، وهو من السابقين الأولين، ومؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
ثم أورد النسائي رحمه الله الحديث من طريق أخرى، عن إبراهيم عن الأسود قال: كان آخر أذان بلال: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، وهو مثل الذي قبله، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، هذا هو نهاية الأذان، التكبير مرتين، وكلمة التوحيد مرة واحدة، هذا هو آخر الأذان، وهذا هو ختام الأذان.
قوله: [أخبرنا سويد أنبأنا عبد الله].
هو سويد بن نصر, وعبد الله هو ابن المبارك المروزي، وقد مر ذكرهما في الإسناد الماضي.
[عن سفيان].
هو الثوري، وقد مر ذكره أيضاً.
[عن منصور].
هو ابن المعتمر، وهو كوفي, ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
عن إبراهيم عن الأسود، وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
ثم أورد النسائي رحمه الله إسناد آخر هو مثل الإسناد الذي قبله، إلا أن فيه الأعمش, بدل منصور بن المعتمر، والأعمش مر ذكره في إسناد قبل هذا.
وقد وقع في بعض النسخ التنصيص على مثل ما كان في العبارة في المتن الذي قبله، كان آخر أذان بلال: (الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله)، وهنا قال: (مثل ذلك)؛ يعني: في بعض النسخ كلمة (مثل ذلك)، وفي بعضها نفس العبارة التي مرت، وهي آخر أذان بلال: (الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله)، وكلمة (مثل ذلك)، تعني: هي هذه؛ لأنه إذا قيل: (مثل) فمعناه: أنه مطابق للمتن الذي قبله تماماً بألفاظه ومعانيه، وبخلاف إذا قيل: (نحوه)، فإنه لا يطابقه في الألفاظ، ولكن يتفق معه في المعنى، وقد يخالفه في بعض الألفاظ.
ثم أورد النسائي رحمه الله حديث أبي محذورة أن آخر الأذان: (لا إله إلا الله)؛ يعني: كلمة الإخلاص مفردة مرة واحدة.
قوله: [أخبرنا سويد حدثنا عبد الله].
وقد مر ذكرهما في الأسانيد الماضية.
[عن يونس بن أبي إسحاق].
هو يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو أبو إسرائيل، وهو صدوق, ويهم قليلاً، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة، ومسلم, وأصحاب السنن الأربعة.
[عن محارب بن دثار].
هو محارب بن دثار، وهو ثقة, عابد، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني الأسود بن يزيد].
الأسود عن أبي محذورة وقد مر ذكرهما في الأسانيد الماضية.
أخبرنا قتيبة حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس أنه كان يقول: أخبرنا رجل من ثقيف، أنه سمع منادي النبي صلى الله عليه وسلم - يعني: في ليلة مطيرة - في السفر يقول: حي على الصلاة، حي على الفلاح، صلوا في رحالكم].
هنا أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب الأذان في التخلف عن شهود الجماعة في ليلة مطيرة. يعني: الأذان المشتمل على الإذن بالتخلف عن الجماعة في ليلة مطيرة، وقد أورد النسائي فيه حديث رجل من ثقيف: (أن منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: حي على الصلاة، حي على الفلاح قال: صلوا في رحالكم)، وهذا إذن وترخيص، وليس إيجاباً وإلزاماً؛ لأن من أراد أن يأتي فليأت، لكن من أراد أن يتخلف فله مندوحة، وله عذر، وقد أذن له في ذلك، فمن أراد أن يصلي في رحله، أي: في منزله، فله ذلك، لكن من أراد أن يأتي وقد سمع حي على الصلاة حي على الفلاح، يعني: هلموا وأقبلوا, فليأت، ومن أتى فعلى خير، ومن بقي فقد رخص له أن يبقى، وأن يتخلف عن الجماعة.
هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو ابن عيينة، وهو ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن دينار].
هو المكي، وهو ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عمرو بن أوس].
هو عمرو بن أوس بن أبي أوس الثقفي الطائفي، وهو من كبار التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا رجل من ثقيف].
قال: (أخبرنا رجل من ثقيف)، وهذا يقال له: المبهم، فعندما يقال: رجل، فهو مبهم، وإذا ذكر الشخص غير منسوب يقال له: مهمل، مثل: سفيان غير منسوب، هل هو ابن عيينة أو الثوري؟ فيقال له: مهمل، ولكن إذا قيل: رجل أو امرأة، هذا يسمى المبهم، وهذا في غير الصحابة يؤثر، أما في الصحابة فإن الإبهام لا يؤثر مادام عرف أنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإنها لا تؤثر جهالته، ولا يؤثر عدم علم عينه ولا حاله؛ لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عدول بتعديل الله عز وجل لهم وتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم، لا يحتاجون إلى تعديل المعدلين، وتوثيق الموثقين بعد أن عدلهم رب العالمين وعدلهم رسوله الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ولهذا يكفي أن يقال عن الواحد: من أصحاب رسول الله، أو عن رجل من أصحاب رسول الله، أو عن رجل صحب رسول الله، أو ما إلى ذلك من العبارات، فالجهالة في الصحابة لا تؤثر، رضي الله تعالى عنهم وأرضهم.
ثم أورد النسائي حديث ابن عمر وهو أنه كان في ليلة باردة وريح شديدة، فقال في الأذان: صلوا في رحالكم، ثم أسند ذلك إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لمناديه، أي: لمؤذنه، أن يقول في الأذان: (صلوا في رحالكم)، والمقصود من ذلك -كما ذكرنا- هو الترخيص والإذن، وليس الإيجاب والإلزام، فإن من أراد أن يأتي إلى المسجد وقد سمع: حي على الصلاة، حي على الفلاح فليأت، ولكن من أراد أن يتخلف فله رخصة، ولهذا جاءت الترجمة: الأذان في التخلف عن حضور الجماعة في ليلة مطيرة؛ يعني: من أراد أن يتخلف فليتخلف.
وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
[عن مالك].
هو ابن أنس إمام دار الهجرة، المحدث, الفقيه، صاحب المذهب المعروف، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
هو مولى ابن عمر، وهو ثقة, ثبت، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أن ابن عمر].
رضي الله تعالى عنهما، وقد فعل ذلك وأسنده إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وعبد الله بن عمر هو الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة في الصحابة، وهم: عبد الله بن عمر, وعبد الله بن عمرو, وعبد الله بن عباس, وعبد الله بن الزبير، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء الثلاثة الذين في الإسناد، وهم: مالك عن نافع عن ابن عمر هي السلسلة التي قال عنها البخاري: إنها أصح الأسانيد.
الجواب: نعم؛ لأن نفس الطريق هذه التي عن أبي محذورة سبق أن مرت عند النسائي من طريق أخرى ليست من هذه الطريق، وفيها ذكر التثويب، وكذلك أيضاً عند غير النسائي.
الجواب: نعم، هذا هو المعروف عن الخوارج، أن سيماهم التحليق، والمعروف من هديه عليه الصلاة والسلام أنه كان يحلق رأسه في النسك، يعني: في الحج والعمرة، وكما هو معلوم أن مجرد الحلق عندما يحصل لا يكون فيه تشبه بالخوارج، لكن الخوارج هذا شأنهم، وهذه طريقتهم، وهدي الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يحلق رأسه في النسك.
الجواب: رمزه في جزء القراءة زاي.
الجواب: إذا مالت نفسه إليه، فإنه يقدم عليه، وهذا هو الطريق المشروع؛ يعني: أن الإنسان عندما يستخير، فإذا مالت نفسه إلى الفعل فعل، وإذا مالت نفسه إلى الترك ترك، وهذا هو الذي يستطيعه الإنسان، والتوفيق بيد الله عز وجل.
الجواب: كما هو معلوم: قضية الرؤيا ما نعلم شيء يدل عليها، لكن الإقدام -كما هو معلوم- إنما يكون بانشراح الصدر، أو الإحجام، فقد ينشرح صدره لأن يقدم، ويرى أنه ارتاح، فيقدم عليه، أو يرى أن نفسه منشرحة ومرتاحة إلى الترك، فإنه يترك.
الجواب: المراد بالرحال: المنازل, هذا المراد بها، سواء كان في السفر، أو في الحضر، يعني: رحل الإنسان منزله، وسواء كان بيتاً أو خيمة، وهذا هو المقصود بالرحال، والحديث في قصة: ( صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في مسجد الخيف، فلما صلى، وإذا برجلين قد جلسا ناحية، فدعا بهما، فأتي بهما ترتعد فرائصهما، قال: ما لكما لم تصليا معنا؟ قالا: إنا قد صلينا في رحالنا )؛ يعني: منازلهم من منى، كان ذلك في مسجد الخيف في منى، (صلينا في رحالنا) يعني: في منازلنا، كذلك الحديث الآخر: ( إن الإنسان يصلي، ثم يرجع إلى رحله في أقصى المدينة )، يعني: منزله، فالرحل هو المنزل، كما أن الرحل أيضاً يطلق على ما يوضع على البعير، ويركب عليه الراكب، يعني: يطلق على هذا ويطلق على هذا.
الجواب: لا شك أن من رخص له وأذن له، فله أجر، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إذا مرض العبد أو سافر، كتب له ما كان يعمل وهو قائم مقيم)؛ لأنه مرخص له في حال السفر أن يأتي بتلك الأعمال التي كان يأتي بها في الحضر، ومع ذلك فإن الله تعالى يكتب له أجرها، فمن رخص له، فهو يرجى أن يكون له ذلك الأجر.
الجواب: ينبغي للإنسان أن يستغني عن التلفاز, وفي ذلك الخير الكثير له.
الجواب: لا بأس بذلك، لكن كون الإنسان يأخذ بالأسباب المشروعة، وهي عدم الإقدام على الشيء الذي فيه مضرة لا شك أن ذلك خير، وإذا فعل فالأمر كما قال الرسول: (لا عدوى ولا طيرة)، يعني: أن الأمور كلها ترجع إلى قضاء الله وقدره، وإلى إرادته ومشيئته، ومن المعلوم: أن أول مجذوم ما حصل له إعداء، وإنما حصل بإيقاع البلاء عليه، والرسول صلى الله عليه وسلم بين ذلك بقوله: (فمن أعدى الأول؟)، فإذا كانت القضية أن المرض يأتي من مريض، أو الصحيح ينتقل إليه مرض المريض، فالمريض الأول من أعداه؟ أي: المسألة كلها ترجع إلى إرادة الله تعالى ومشيئته.
الجواب: الشيشة هي نوع من أنواع الدخان فيه زيادة في الخبث والسوء، وأما الدخان فهو حرام بلا شك، والأدلة على تحريمه منها قول الله عز وجل في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157]، ومن المعلوم: أن هذا ليس من الطيبات، فإذاً: هو من الخبائث، وكذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله ينهاكم عن قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال)، وهذا لا شك أنه من إضاعة المال، بل يضاف إلى ذلك أن فيه إهلاك للنفس، وقتل للنفس، وجلب للأمراض والأسقام، والله عز وجل يقول: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ [النساء:29]، ومن المعلوم: أن شرب الدخان فيه جلب المضرة إلى النفس.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر