أخبرنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل عن حميد عن أنس رضي الله عنه قال: (أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه حين قام إلى الصلاة قبل أن يكبر، فقال: أقيموا صفوفكم وتراصوا، فإني أراكم من وراء ظهري)].
يقول النسائي رحمه الله: حث الإمام على رص الصفوف والمقاربة بينها.
المقصود من هذه الترجمة: أن الإمام قبل أن يدخل في الصلاة يدعو المأمومين إلى التراص وإلى التقارب بين الصفوف، بحيث يكون بعضها قريب من بعض، وكذلك بالنسبة للصفوف؛ كل صف يسوى بأن يكون على سمت واحد لا اعوجاج فيه، ولا تقدم ولا تأخر، ولا فجوات أو خلل يكون بين الصفوف، وإنما يكون هناك التراص والتقارب، بحيث يتصل المنكب بالمنكب، والركبة بالركبة، والقدم بالقدم، وأن يقارب بين الصفوف؛ فلا يكون الصف بعيداً عن الصف، وإنما يكون كل صف قريباً من الذي قبله.
وقد أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقبل عليهم بوجهه)، أي: قبل أن يدخل في الصلاة يتجه إليهم، ويقول: (أقيموا صفوفكم وتراصوا)، فقوله: أقيموا صفوفكم هو تسويتها وإقامتها، إقامتها تسويتها: (لتقيمن صفوفكم)، أي: لستوون صفوفكم، ثم قال: (وتراصوا فيها)، يعني: مع كونها تكون مستقيمة على سمت واحد، لابد أيضاً من التراص، والتقارب، حتى لا يكون هناك فجوات، ثم أيضاً تتقارب الصفوف، ولا ينأى بعضها عن بعض، وهي كون بعضها بعيداً عن بعض.
ثم قال عليه الصلاة والسلام: (فإني أراكم من وراء ظهري)، وهذا سبق أن مر في الدرس الفائت في حديث أنس: (فإني أراكم من وراء ظهري كما أراكم بين يدي)، وهذه معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنها خاصة بالصلاة، أي: ليس هناك شيء يدل على أن ذلك يحصل للرسول عليه الصلاة والسلام في غير الصلاة، وإنما جاء في الحديث حصوله له صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فهو من معجزاته، ولهذا أورده البخاري رحمه الله في علامات النبوة، علامات نبوة الرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وهو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، ثقة، حافظ، خرج له البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
[عن إسماعيل].
وهو ابن جعفر، وهو ثقة ثبت، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقد سبق أن مر إسناد مثل هذا الإسناد.
وكنت ذكرت فيما مضى أنه إسماعيل بن علية، وإسماعيل بن علية من شيوخ علي بن حجر، لكن في هذا الإسناد وفي الإسناد الذي معنا هو: إسماعيل بن جعفر، وقد ذكر هذا المزي وسماه في تحفة الأشراف، يعني: في الإسنادين هو إسماعيل بن جعفر، وليس إسماعيل بن علية، فيشطب على ابن علية هناك، ويكتب مكانه: ابن جعفر.
وإسماعيل بن جعفر ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكذلك إسماعيل بن علية ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا أنه في هذا الإسناد، يعني: شيخ علي بن حجر في هذا الإسناد هو إسماعيل بن جعفر، كما ذكر ذلك المزي في تحفة الأشراف.
[عن حميد].
وهو ابن أبي حميد الطويل وهو ثقة، مدلس، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وذكر في ترجمته: أنه توفي وهو قائم في الصلاة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه الذي خدمه عشر سنوات منذ قدم المدينة إلى أن توفاه الله عز وجل، وعمر طويلاً حتى أدركه صغار التابعين ورووا عنه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وهم الذين جمعهم السيوطي في ألفيته بقوله:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
فـأنس رضي الله تعالى عنه أحد هؤلاء السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإسناد رباعي، وهو من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأن أعلى الأسانيد عند النسائي الرباعيات، التي يكون فيها بين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص؛ لأنه ليس عنده ثلاثيات، وقد ذكرت فيما مضى أن أصحاب الكتب الستة، ثلاثة منهم عندهم ثلاثيات، وثلاثة ليس عندهم ثلاثيات، بل أعلى ما عندهم الرباعيات، فالذين أعلى ما عندهم الرباعيات: مسلم، وأبو داود، والنسائي، هؤلاء ليس عندهم ثلاثيات، أعلى ما عندهم الرباعيات، أما البخاري فعنده: اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، والترمذي عنده: حديث واحد ثلاثي، وابن ماجه عنده: خمسة أحاديث ثلاثية كلها بإسناد واحد، أي: الخمسة الثلاثية عند ابن ماجه إسنادها واحد.
أورد النسائي حديث أنس رضي الله تعالى عنه، فيقول فيه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (تراصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق)، فقوله: (حاذوا بالأعناق)، يدل على المساواة، وأنها على سمت واحد، لا تقدم ولا تأخر، فقوله: (راصوا)، يدل على التقارب بين كل شخص وغيره، ويكون هذا إلى جهة الإمام، بحيث أن الصف تسد فيه الفجوات إلى جهة الإمام، وإذا كان هناك فجوة يقرب إلى جهة الإمام، ثم كل واحد يتبع الذي يليه، إلى جهة الإمام؛ فإن كان الإمام من جهة اليسار -بأن كان في ميامن الصف- فكل واحد يقرب إلى أخيه من جهة يساره إلى جهة الإمام، وإن كان عن يسار الإمام -أي: في أيسر الصف- فإنه يقرب إلى جهة اليمين.
فالمحاذاة بين الأعناق فيها: أنهم على سمت واحد، ما في تقدم ولا تأخر، والتراص: على أن ما فيه فجوات، والمقاربة بين الصفوف، معناه: كل صف يكون قريباً من الآخر، ما يكون هناك مسافة كبيرة بين الصف والصف، وإنما يكون كل صف قريباً من الآخر.
وقوله: (إني لأرى الشياطين تدخل من خلل الصف كأنها الحذف)، والمقصود من ذلك: إذا كان هناك فجوات وليس هناك تراص، معناه يكون هناك فرج للشياطين، وتدخل الشياطين من بين الأفراد المتباعد بعضهم عن بعض، وإذا حصل التراص والتقارب لا يحصل هذا للشياطين، وقوله: (كأنها الحذف)، المقصود بها: أولاد الغنم الصغار، يعني: تشبهها، وهذا فيه معجزة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أو من علامات نبوته عليه الصلاة والسلام كونه يرى الشياطين تدخل من الصفوف، أو بين الصفوف، أو في الصف، إذا كان هناك فجوات، فكأنها الحذف التي هي أولاد الغنم الصغار، والتقارب بين الصفوف يكون فيه عدم حصول هذا من الشياطين، التي تدخل بين الصفوف، ثم أيضاً: يحصل مع ذلك تفاوت القلوب، وتنافر القلوب، الذي أشار إليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله: (لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم)، (لا تختلفوا فتختلف قلوبكم).
وهو ثقة، خرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي ولم يخرج له مسلم، ولا الترمذي، ولا ابن ماجه.
[حدثنا أبو هشام].
وهو المغيرة بن سلمة المخزومي، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه، أي: لم يخرج له الترمذي، ولم يخرج له البخاري في الأصول، وإنما خرج له تعليقاً.
[حدثنا أبان].
وهو ابن يزيد العطار، وهو ثقة، له أفراد، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا قتادة].
وهو ابن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، وخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أنس].
وهو أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد تقدم ذكره.
أورد النسائي حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام خرج عليهم فقال: ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم؟ قالوا: وكيف تصف الملائكة عند ربهم؟ قال: يتمون الصف الأول، ثم يتراصون في الصف).
قوله صلى الله عليه وسلم: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم؟)، أي: كونه يأتي بما يريد أن يعلمهم إياه بهذه الصيغة التي هي الاستفهام، والتي هي العرض، هذا يجعلهم يستعدون ويتهيئون ويتشوقون إلى معرفة ذلك، ولهذا قالوا: وكيف تصف الملائكة؟ فقال: (يتمون الصف الأول، ثم يتراصون في الصف)، فمثل هذا التعبير فيه لفت الأنظار وحث الهمم، وجعل النفوس تتطلع وتتشوف إلى ذلك الشيء الذي مهد له بهذا التمهيد، وقدم له بهذا التقديم: (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربهم).
وهذا أيضاً: هذا يدل على أن الملائكة تصف عند الله عز وجل، وأنهم يكونون على هذه الهيئة التي وصفها رسول الله، أنهم يتراصون في الصفوف، وقد جاء في الحديث عند ابن ماجه قال: (يتمون الصف الأول، ثم يتراصون في الصف).
وهنا قال: (يتمون الصف الأول)، وعند أبي داود: (ثم يتراصون في الصف)، ويحتمل أن يكون المقصود بقوله: الصف الأول، المراد به: الجنس، يعني: التي هي الصفوف الأول، كما جاء عند أبي داود وعند ابن ماجه، ويحتمل أن يكون المقصود بذلك: أن الصف الأول هو الذي يبادر إليه، وهو الذي يتم قبل أن يبدأ بغيره، كما جاء في بعض الأحاديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإتمام الصف الأول، ثم الذي يليه)، وإن كان شيء نقص، فإنه يكون في المؤخر، وسيأتي هذا الحديث؛ أنه يتم الصف الأول، ثم الذي يليه، وإن كان نقصاً، فإنه يكون في المؤخر.
وهو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من شيوخ النسائي الذين أكثر من الرواية عنهم، وكثيراً ما يأتي ذكر قتيبة في سنن النسائي، بل أول حديث في سنن النسائي هو من رواية شيخه قتيبة .
[حدثنا الفضيل بن عياض].
وهو الفضيل بن عياض، وهو ثقة، فاضل، زاهد، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن الأعمش].
وهو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن المسيب بن رافع].
وهو المسيب بن رافع، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن تميم بن طرفة].
وهو تميم بن طرفة، وهو أيضاً ثقة، خرج حديثه مسلم، وأبو داود والنسائي وابن ماجه، أي: لم يخرج له الترمذي ولا البخاري .
[عن جابر بن سمرة].
وهو جابر بن سمرة، صاحب رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أخبرني يحيى بن عثمان الحمصي حدثنا بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن العرباض بن سارية رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان يصلي على الصف الأول ثلاثاً وعلى الثاني واحدة)].
أورد النسائي: فضل الصف الأول على الثاني، وأورد فيه حديث العرباض بن سارية: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي على الصف الأول ثلاثاً، وعلى الثاني مرة واحدة)، وجاء في سنن ابن ماجه: (كان يستغفر للصف الأول ثلاثاً، وللثاني مرة واحدة)، وهذا يدل على فضل الصف الأول على الذي يليه، وأن ذلك يقتضي الحرص عليه، وقد جاء في ذلك أحاديث أخرى، منها: قوله عليه الصلاة والسلام: (خير صفوف الرجال أولها)، وقوله: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه).
وهنا يدل هذا الاستغفار من رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصف الأول ثلاثاً وللثاني واحدة على فضله، وهذا من جنس ما جاء في المحلقين والمقصرين عند الفراغ من النسك، فالرسول دعا للمحلقين ثلاث مرات، وللمقصرين مرة واحدة؛ وذلك دال على تفضيل الحلق على التقصير، وهذا دال على تفضيل الصف الأول على الذي يليه، حيث دعا الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحاب الصف الأول ثلاث مرات؛ وما ذاك إلا لأن أصحاب الصف الأول يأتون مبكرين، ويكون مكثهم في المسجد أكثر، ويكونون قريبين من الإمام، وكل هذه ميزات ظفروا بها، ومما حصل لهم: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي على الصف الأول ثلاثاً، والذي عند النسائي: (يصلي) بمعنى: يدعو؛ لأن الصلاة معناها الدعاء، وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ [التوبة:103]، أي: ادع لهم؛ فإن الصلاة هنا المراد بها الدعاء، والحديث عند ابن ماجه فيه ذكر الاستغفار وهو الدعاء.
وهو يحيى بن عثمان الحمصي، وهو صدوق، عابد، خرج له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
[حدثنا بقية].
وهو ابن الوليد الحمصي أيضاً، وهو صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء، وقد خرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[عن بحير بن سعد].
وهو بحير بن سعد، وفي بعض النسخ: سعيد، وبحير بن سعد ثقة، خرج له البخاري في الأدب المفرد، والأربعة، وهو حمصي أيضاً.
[عن خالد بن معدان].
وهو خالد بن معدان، وهو أيضاً حمصي، خرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جبير بن نفير].
وهو جبير بن نفير، وهو أيضاً حمصي، وهو ثقة، خرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[عن العرباض بن سارية].
وهو العرباض بن سارية، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب السنن الأربعة، وقد سكن حمصاً، فعلى هذا يكون الإسناد مسلسل بالحمصيين؛ لأن كل رجاله من أهل حمص، يحيى بن عثمان الحمصي، وبقية بن الوليد الحمصي، وبحير بن سعد الحمصي، وخالد بن معدان الحمصي، وجبير بن نفير الحمصي، والعرباض بن سارية الذي سكن حمص.
أخبرنا إسماعيل بن مسعود عن خالد حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتموا الصف الأول ثم الذي يليه، وإن كان نقص فليكن في الصف المؤخر)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: الصف المؤخر، الذي هو آخر الصفوف، الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها)، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أتموا الصف الأول ثم الذي يليه، وما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر)، فالرسول عليه الصلاة والسلام يرشد إلى أن يتم الصف الأول، ولا يبدأ الصف الثاني إلا إذا تكامل الصف الأول، يعني: لا يجوز أنه يبدأ الصف الثاني والصف الأول في أطرافه فجوات، بل الواجب هو إكمال الصف الأول، ثم إذا امتلأ الصف الأول يبدأ الثاني، وإذا كمل الثاني ولم يبق فيه نقص يبدأ الثالث، وإن كان نقص فليكن في المؤخر، ما يكون نقص في الأول أو في الثاني أو في صفوف متقدمة، بل الواجب هو إتمام الصفوف الأول فالأول.
التعبير بأخبرني وأخبرنا عند المحدثين المراد به: أن التلميذ إذا كان أخذ من الشيخ وحده، فإنه يعبر بأخبرني، وإذا أخذ ومعه غيره يعبر بـ(أخبرنا)، وقد يأتي ذكر (نا)، يعني: للإنسان إذا كان وحده، وإسماعيل بن مسعود ثقة، وخرج له النسائي وحده، وكنيته أبو مسعود، وهو بصري، وقد ذكرت فيما مضى: أن من أنواع علوم الحديث معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وفائدة معرفة ذلك: أن لا يظن التصحيف فيما لو قيل: إسماعيل أبو مسعود، فإن من لا يعلم ذلك إذا وجد (أبو) بدل (ابن)، يقول: هذا تصحيف، يعني: صحفت (ابن) وصارت (أبو)، ومن يعلم ذلك يقول: لا تصحيف؛ لأنه ابن مسعود، وهو أيضاً أبو مسعود.
[عن خالد].
وهو خالد بن الحارث، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سعيد].
وهو سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة، وقيل: إنه من أثبت الناس في حديث قتادة، وهو هنا يروي عن قتادة، وحديث سعيد بن أبي عروبة عند أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
وهو قتادة بن دعامة السدوسي، وهو ثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقد مر قريباً.
[عن أنس].
وهو أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، وقد مر ذكره قريباً.
الجواب: إذا كانت الصفوف متصلة أو متقاربة لا يحكم بالبطلان، لكن الواجب هو إتمام الصفوف الأول فالأول، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله).
الجواب: لا، لا يجوز؛ لأن هذا ينافي إقامة الصفوف، وينافي تسوية الصفوف، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (أتموا الصف الأول ثم الذي يليه، وما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر).
الجواب: الذي يظهر هو الجواز؛ لأن هذه تفوت وفيها أجر عظيم، والنافلة يمكن تداركها، لكن إذا كان يمكنه أن يتمها خفيفة بحيث أنه ينادى على الجنازة ثم يكون هناك وقت، مثلما يكون في المسجد الحرام عندما ينادى للجنازة، يأخذون مدة طويلة متى يأتوا بها؛ لأنهم يأتون بها من مكان ما هو قريب من الإمام، فإذا علم الإنسان بأن هناك وقت قبل الدخول في الصلاة فإنه يتم صلاة النافلة، لكن إذا كان اشتغاله في النافلة سيفوت عليه هذا الفضل العظيم الذي يكون في صلاة الجنازة، فيجوز له أن يقطعها ثم يصلي بعد ذلك النافلة.
الجواب: عمة والدتك عمة لك، فأنت محرم لها.
الجواب: أي نعم، الأفضل أن النساء تكون في الآخر حتى ولو وجد حواجز؛ لأنه كما هو معلوم مع وجود صفوف النساء الكثيرة، معلوم أن الصف الآخر كما قال الرسول: (هو خيرها)، مع أن الصف الأول والصف الثاني والثالث.. صفوف النساء تعتبر حاجز لمن وراءهن، لكن كونها تكون في آخر الصفوف، هذا أفضل، وهذا خير كما قال عليه الصلاة والسلام: (وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها).
الجواب: كلمة: لفظي بالقرآن مخلوق، هذه فيها تفصيل، فهذا لفظ مجمل يحتمل حقاً وباطلاً، فلا يجوز نفيها بإطلاق، ولا إثباتها بإطلاق؛ لأن كلمة: (لفظ) قد يراد بها الملفوظ وقد يراد بها اللفظ الذي هو الفعل، وفرق بين اللفظ والملفوظ؛ لأن اللفظ والملفوظ مثل القراءة والمقروء، والتلاوة والمتلو، فالمتلو هو: كلام الله عز وجل، والمقروء هو: كلام الله عز وجل، والملفوظ هو: كلام الله عز وجل، وأما اللفظ، والتلاوة، والقراءة، فهي فعل القارئ، ولهذا يقولون: الكلام كلام الباري، والصوت صوت القاري.
فلما كان اللفظ محتملاً للفظ وللملفوظ فإنه لا يجوز الإثبات بإطلاق ولا النفي بإطلاق؛ لأنه لو أثبت بإطلاق وقال: إن لفظي بالقرآن مخلوق، يدخل تحته الملفوظ، فيحصل المحذور أن القرآن يكون مخلوق، وكذلك أيضاً النفي بإطلاق، قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، يعني: يدخل تحته التلاوة -التي هي فعل القارئ- وهي مخلوقة، فتكون غير مخلوقة، لكن إذا فصل وبين وقيل: إذا كان المراد الملفوظ، فهو غير مخلوق؛ لأنه كلام الله عز وجل، وإذا كان المراد الفعل الذي هي حركة القارئ، وفعل القارئ، وصوت القارئ، وعمل القارئ، فهذه مخلوقة؛ لأن أفعال العباد مخلوقة، ومن أفعالهم: قراءتهم.
فالعبارة هذه كما قلت: لا تثبت بإطلاق، ولا تنفى بإطلاق؛ لأن إثباتها بإطلاق يقتضي إثبات باطل، وهو أن القرآن مخلوق، ونفيها بإطلاق يقتضي إثبات باطل، وهو أن المخلوق يكون غير مخلوق، وهو فعل القارئ التي هي قراءته، يعني: معناه تكون غير مخلوقة وهي مخلوقة، لكن إذا قيل: إن هذا اللفظ يحتمل كذا ويحتمل كذا، وهذا يكون غير مخلوق، وهذا غير مخلوق، فهذا الذي فيه السلامة.
الجواب: قطع الصلاة يكون بدون سلام؛ لأن السلام هو نهاية الصلاة وختام الصلاة، فالصلاة تحريمها التكبير وتحليلها التسليم.
الجواب: ما نعلم هناك شيء يدل على أنه يخط الخط والناس يقفون عليه، لكن إذا وجد مثلاً في مثل هذه الفرش التي فيها خطوط، موجودة فيها عند صناعتها لا بأس بذلك؛ لأن هذه تعين، لكن كون الناس يخطون خطوط في الأرض إذا كانت الأرض ترابية، فما عندي علم أن فيه شيئاً يدل على هذا.
الجواب: بيع الطيب سائغ للرجال والنساء، لكن لا تستعمله المرأة أو تجربه؛ لأن مثل هذا يقتضي أنها تتطيب، والرسول قال: (إنه إذا خرجت متعطرة تلعنها الملائكة)، يعني: ورد فيه وعيد، فإذا أشترت قارورة فيها طيب، ما في بأس، مثلما تشتري غيرها، لكن لا تتطيب؛ لأنها إذا تطيبت معناه أنها تنزل الشارع مطيبة.
الشيخ: معنى الحديث واضح، قوله: (المدينة حرم ما بين عير إلى ثور)، يعني: لا يصاد صيدها، ولا يقطع شجرها، وعير معروف عند أبيار علي، وثور هو وراء جبل أحد، وقوله: (ومن أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) يدل على خطورة الإحداث في هذه المدينة المباركة، والإحداث هو عام، ويدخل فيه المعاصي، ومن المعلوم أن المعصية في الحرم ليست كالمعصية في غيره؛ ومن يعص الله في حرم الله فليس كمن يعصيه وهو في بلاد نائية، ومن يعص الله حول الكعبة ليس كالذي يعصيه وهو بعيد عن الكعبة.
الجواب: نعم، بنت الربيبة ربيبة، بل بنت الربيب ربيبة أيضاً، يعني: بنت ولد الزوجة، يعني: يكون زوجها محرم لبنت ولدها؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن)، ومن المعلوم: أن بنت بنتها بنت لها، وبنت ابنها بنت لها، فكلها داخلة تحت قوله عليه الصلاة والسلام: (لا تعرضن علي بناتكن)، أي: لزوجاته، فبنت البنت ربيبة، وبنت الربيبة ربيبة، وبنت الربيب ربيبة أيضاً، فهو محرم لها إذا كان دخل بأمها، أما إذا كان عقد عليها ولم يدخل فإنه لا يكون محرماً لها؛ لأن الله يقول: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23].
الجواب: الكحول أو هذا النوع من الطيب الذي يسمونه الكلونيا، بعض المشايخ في هذا العصر يحرمونه ويمنعون استعماله، ومنهم شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمة الله عليه، وبعضهم لا يرى بذلك بأساً؛ لكن مادام -الحمد لله- أن الطيب كثير، فالإنسان يترك ما فيه شبهة إلى ما لا شبهة فيه، (دع ما يربيك إلى ما لا يربيك)، ويختار من الطيب الطيب الذي لا محذور فيه ولا شبهة فيه.
الجواب: إذا كان في أولها فإنه يقطعها.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر