أخبرنا قتيبة عن مالك عن زيد بن أسلم عن رجل من بني الديل يقال له: بسر بن محجن عن محجن رضي الله عنه (أنه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأذن بالصلاة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجع و
المقصود من هذه الترجمة أن الإنسان إذا صلى المكتوبة سواء كان صلى وحده أو صلى مع غيره، ثم أقيمت الصلاة وهو في المسجد، فيشرع له أن يصلي تلك الصلاة، وتكون الأولى هي الفريضة، والثانية هي النافلة، وقد أورد النسائي حديث: محجن بن أبي محجن رضي الله تعالى عنه، أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس فأذن للصلاة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجع، يعني: أنه بعدما صلى وجده في مكانه الذي كان فيه، فقال: (ما منعك أن تصلي؟ ألست برجل مسلم؟)، يعني: ما الذي منعك أن تصلي مع الناس، ألست برجل مسلم؟ والمسلم من شأنه ألا يصلي الناس وهو جالس، بل يكون مع الناس، ويصلي كما يصلي الناس، فقال: بلى، ولكني صليت في أهلي، يعني: أديت الواجب الذي علي، وأديت ما فرض الله علي بأن صليت قبل أن آتي، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت).
معناه: أن الإنسان إذا كان في المسجد وأقيمت الصلاة فلا يجلس؛ لأنه يساء به الظن، وينظر إليه بارتياب وإذا صلى مع الناس، فإنه يكون استفاد هذه النافلة، وصلى هذه الصلاة نافلة، والفريضة هي التي صلاها أولاً، وقد جاءت الأحاديث كثيرة في إعادة الصلاة لمن صلى، منها ما سيأتي بعد هذا في قصة الرجلين اللذين في مسجد الخيف، وكذلك قصة الجماعة الذين سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عن تأخير الأمراء الصلاة، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (يصلونها لوقتها، ثم يصلي معهم فتكون له نافلة)، وكذلك قصة الرجل الذي قال: (من يتصدق على هذا فيصلي معه؟ )، فإن الذي يصلي معه قد صلى الفريضة فتكون صلاته له نافلة، كل هذه الأدلة تدل على أن الإنسان يشرع له أن يعيد الصلاة إذا أقيمت الصلاة وهو في المسجد، وتكون تلك الصلاة التي صلاها أخيراً نافلة، والصلاة التي صلاها أولاً، سواءً كان منفرداً أو كان مع جماعة، هي الفريضة، فالتي دخل فيها ليؤدي ما أوجب الله عليه هي الفريضة، وما بعدها، أي: الصلاة التي أعيدت بعد ذلك مع الجماعة، تكون نافلة.
فالرسول عليه الصلاة والسلام، لما كان مع محجن بن أبي محجن الصحابي الذي روى هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأذن للصلاة، فقام النبي عليه الصلاة والسلام، ثم لما فرغ من الصلاة، رجع وإذا محجن في مجلسه، فأنكر عليه وقال: (ما لك لم تصل؟ ألست برجل مسلم؟)، يعني: ومن شأن الرجل المسلم أن يكون مع الناس، وأن يصلي مع الناس، وألا يظهر بمظهر ينكر عليه أو ينتقد عليه أو يعاب عليه، لكونه لم يصل مع الناس، بل عليه أن يصلي، وتكون تلك الصلاة الثانية نافلة، والأولى هي الفريضة.
هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وبغلان قرية من قرى بلخ.
[عن مالك].
وهو ابن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة، مذاهب أهل السنة المشهورة، التي حصل لأصحابها أتباع وأصحاب عنوا بجمعها وتنظيمها وترتيبها والتأليف فيها، فصار لها الحفظ، وإن كان هناك مذاهب للأئمة الآخرين، مثل هؤلاء الأربعة، قبلهم وفي زمنهم وبعدهم، لكن ما حصل لهؤلاء، مثل ما حصل لهؤلاء، من وجود أتباع يعنون بجمع فقههم وترتيبه وتنظيمه والتأليف فيه، وحديث الإمام مالك أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن زيد بن أسلم المدني].
وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن بسر بن محجن].
عن رجل من بني الديل اسمه بسر بن محجن، وهو صدوق، خرج له النسائي وحده.
[عن أبيه محجن].
وهو محجن بن أبي محجن، صحابي قليل الحديث، خرج له النسائي وحده.
أخبرنا زياد بن أيوب حدثنا هشيم حدثنا يعلى بن عطاء أخبرنا جابر بن يزيد بن الأسود العامري عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته إذا هو برجلين في آخر القوم لم يصليا معه، قال: علي بهما، فأتي بهما ترعد فرائصهما، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا: يا رسول الله، إنا قد صلينا في رحالنا، قال: فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: إعادة الفجر إذا صلاها وحده. يعني: إعادتها مع الجماعة إذا كان قد صلاها وحده، وتكون الفريضة هي الأولى، وتلك المعادة هي النافلة، وهذه الإعادة سائغة، حتى في وقت النهي؛ لأن هذا الحديث فيه إعادة صلاة الفجر، ومعلوم أن الذي صلى الفجر أعاد في وقت النهي؛ لأنه لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، فهو قد صلى الفجر، لكن هذه مستثناة، هذا مما جاءت به السنة على أنه مستثنى، أي: أن الصلاة المعادة مع الجماعة -وهي نافلة- أنها سائغة، وأنه لا مانع منها، وإنما الممنوع أن الإنسان يتطوع ويتنفل بعد صلاة الفجر؛ لأنه لا يسوغ له ذلك حتى تطلع الشمس، لكن يستثنى من ذلك إعادة الجماعة، سواء كان بعد العصر أو بعد الفجر؛ لأن الحديث ورد في الفجر، والوقت بعد الفجر منهي عنه، ولكن هذا استثني من النهي، فيكون هذا مستثنى من النهي في قوله: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)، فإن من ذلك من صلى مع الجماعة، وقد صلى الفرض قبل وجود هذه الجماعة، فإنه يعيدها معهم، وتكون له نافلة، فيكون من التنفل السائغ الذي استثني من المنع من الصلاة بعد الفجر، ومن الصلاة بعد العصر.
والنسائي رحمه الله أورد في هذه الترجمة حديث يزيد بن أسود العامري أنه صلى مع الرسول صلى الله عليه وسلم في مسجد الخيف، وكان ذلك في حجة الوداع في منى، فلما فرغ من صلاته، وإذا اثنان قد جلسا ناحية في المسجد لم يصليا، فدعا بهما، وطلب أن يحضرا إليه، فأتي بهما ترتعد فرائصهما، والفريصة هي: اللحمة التي تقع بين الكتف والجنب، ويحصل ذلك عند الفزع، يحصل تحركها واضطرابها بسبب الخوف والذعر والفزع الذي يحصل للإنسان، فأتي بهما ترتعد فرائصهما، ومن المعلوم: أن الناس كانوا محرمين في ذلك الوقت، والفرائص بادية وظاهرة ويتبين تحركها واضطرابها، وذلك من شدة الفزع؛ لأنه من خشية أن يكون حصل لهما أمر يسوؤهما، وأنه نزل فيهما شيء، فحصل لهما ذعر وخوف، لماذا دعا بهم الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن سلم وأُتي بهما إليه؟ فلما جاءا إليه سألهما: (ما لكما لم تصليا؟)، قالا: صلينا في رحالنا، فقال: (إذا صليتما في رحالكما وأتيتما والإمام يصلي فصليا معه، تكون لكما نافلة)، فدل هذا على إعادة الصلاة ولو كان ذلك في وقت النهي، وأن ذلك سائغ وجائز، وقد جاءت به السنة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وهو البغدادي، لقبه دلويه، وهو ثقة، وصفه أحمد بأنه شعبة الصغير، وذلك لحفظه، وأخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا هشيم].
وهو ابن بشير الواسطي، ثقة، ثبت، مشهور بالتدليس، والإرسال الخفي، والتدليس هو رواية الراوي عن شيخه ما لم يسمعه منه، أي: سمعه منه بواسطة، وأما الإرسال الخفي فهو: أن يروي عمن عاصره، ولم يعرف أنه لقيه؛ لأن هذا مرسل خفي، ويقابل المرسل الخفي المرسل الواضح، وهو أن يروي الإنسان عمن لم يلق، أي عمن عرف أنه لم يدرك عصره، فإن هذا أمره واضح أن فيه سقطاً، لكن إذا كان الشخص معاصراً له ولم يعرف أنه لقيه ثم روى عنه فيسمى المرسل الخفي، أما إذا كان من شيوخه الذين عرف بالرواية عنهم، ولكنه روى عنه ما لم يسمع منه، فهذا يسمى المدلس، وهذا هو التدليس.
فالفرق بين التدليس والإرسال الخفي: أن التدليس يختص بمن روى عمن عرف لقاؤه إياه، أما إن عاصره ولم يعرف أنه لقيه، فهذا هو المرسل الخفي، وهشيم بن بشير الواسطي عنده التدليس، وعنده الإرسال الخفي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يعلى بن عطاء].
وهو يعلى بن عطاء الطائفي، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
وهو جابر بن يزيد بن الأسود العامري، وهو صدوق، خرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن أبيه].
وهو يزيد بن الأسود العامري صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أيضاً أبو داود، والترمذي، والنسائي، يعني: الذين خرجوا لابنه هم الذين خرجوا له، وهم أبو داود، والترمذي، والنسائي، ولم يخرج لهما الشيخان البخاري، ومسلم، ولا ابن ماجه.
وذكر مسجد الخيف يفيد بأن الزمن متأخر، وأن هذا الذي حصل في حجة الوداع، يعني: أن هذه الحادثة وهذا الحكم وهذا التشريع متأخر فلا يكون منسوخاً؛ لأنه حصل في آخر حياة الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لم يعش بعد حجة الوداع إلا ما يقرب من ثلاثة أشهر، ثم توفاه الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فذكر الشيء وذكر تأخره، يفيد أنه محكم، وأنه لا يكون منسوخاً.
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ومحمد بن إبراهيم بن صدران واللفظ له عن خالد بن الحارث حدثنا شعبة عن بديل قال: سمعت أبا العالية يحدث عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب فخذي: كيف أنت إذا بقيت في قوم يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ قال: ما تأمر؟ قال: صل الصلاة لوقتها، ثم اذهب لحاجتك، فإن أقيمت الصلاة وأنت في المسجد فصل)].
ثم أورد النسائي: إعادة الصلاة جماعة بعد ذهاب وقتها مع الجماعة، هذه الترجمة تدل على أن الإنسان إذا صلى الفريضة في وقتها، ثم وجد جماعة تصلى، أو جماعة يصلون، ولو كان أداؤهم للصلاة بعد خروج الوقت، أي: إنه قضاء، فإنه يشرع للإنسان أن يصلي معهم، وتلك الصلاة له نافلة، وهذا على القول بأن تأخيرهم حتى خروج الوقت، فتكون الصلاة مقضية، وليست مؤداة، قيل: ويحتمل أن تكون أخرت عن وقتها المندوب، أي: الأولى، يعني: أخرت إلى آخر وقتها الاختياري، والإنسان يصليها في أول وقتها ولا يؤخرها، لكنه إذا وجد الجماعة بعد ذلك في آخر الوقت، أي: بعد ذهاب الوقت المندوب، فإنه يصلي معهم، وتكون له نافلة، لكن النسائي ترجمته تفيد بأنه يرى أن المقصود من ذلك بعد خروج الوقت؛ لأنه قال: بعد خروج وقتها يصليها مع الجماعة، إذا وجدت بعد خروج وقتها، فإنه يعيدها معهم، ويصليها معهم، والصلاة الأولى هي الفريضة.
وقد أورد النسائي حديث: أبي ذر رضي الله عنه الذي سبق أن مر، قال: (كيف بك وقد ضربه بيده على فخذه -أي: فخذ
(فإن أقيمت الصلاة وأنت في المسجد فصل)، معناه: أنه يصلي معهم، وتكون تلك الصلاة المعادة نافلة، والأولى هي الفريضة، والنبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى هذا، لما فيه من اجتماع الكلمة، يعني: في الصلاة وراء الأمراء.
وهو بصري ثقة، خرج حديثه مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
وهو صدوق، خرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي، ما خرج له ابن ماجه، ولا الشيخان.
[قال: واللفظ له].
أي: أن اللفظ المذكور هو للشيخ الثاني الذي هو محمد بن إبراهيم بن صدران، أي: اللفظ ليس لـمحمد بن عبد الأعلى الأول، وإنما هو للثاني من الشيخين.
[عن خالد بن الحارث].
وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
وهو ابن الحجاج، أمير المؤمنين في الحديث، وهذه من أعلى صيغ التعديل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن بديل].
وهو بديل بن ميسرة العقيلي، وهو ثقة، خرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[قال: سمعت أبا العالية يحدث].
وهو البراء، يعني سبق أن مر ذكره، وهو مشهور بكنيته، وقد اختلف في اسمه على عدة أقوال، وهو غير أبي العالية الرياحي الذي هو نفيع، فإن هذا شخص آخر، وأبو العالية البراء ثقة، خرج حديثه البخاري، ومسلم والنسائي.
[عن عبد الله بن الصامت].
وهو الغفاري البصري، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي ذر].
وهو جندب بن جنادة، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا إبراهيم بن محمد التيمي حدثنا يحيى بن سعيد عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن سليمان مولى ميمونة قال: (رأيت
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: سقوط الصلاة عمن صلى مع الإمام في المسجد في جماعة، معناه: أنه إذا أدى الفرض في المسجد مع الإمام، فإنه لا يصلي، أو لا يلزمه صلاة أخرى، وأورد النسائي: حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنه: أنه كان الناس يصلون في البلاط، وهو مكان خارج المسجد، يعني بجوار المسجد، وهو قد صلى في المسجد مع الإمام، ثم خرج وجلس في هذا المكان الذي هو البلاط الذي خارج المسجد، والناس يصلون في البلاط، وهو ما يصلي معهم، فقال له سليمان بن يسار مولى ميمونة: ما لك يا أبا عبد الرحمن لا تصلي؟ يعني: والناس يصلون، قال: إنه قد صلى، ثم قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تعاد صلاة في يومٍ مرتين)، والمقصود من ذلك: أنه لا يلزمه الإعادة، ثم أيضاً هذه الصلاة ليست في المسجد، وإنما هي خارج المسجد، والأحاديث التي وردت أن الإنسان عليه أن يعيد الصلاة إذا وجدت الجماعة، وهو في المسجد، أو جماعة في المسجد تصلي وهو قد صلى، فإنه يصلي معهم، أما إذا حصلت الصلاة في المسجد، ثم وجدت جماعات أخرى، يعني: خارج المسجد، أو في داخل المسجد، فإنه لا يلزمه، ولكن الأولى له إذا كان في المسجد أن يصلي، ولا يكون مع الناس جالساً والناس يصلون، لكن إذا كانت غير الجماعة الأولى، وأعيدت، فله أن يصلي، لكن ذلك ليس بلازم، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم للرجل الذي دخل وهو لم يصل: (من يتصدق على هذا فيصلي معه؟)، معناه: أن الناس الباقين ما يصلون معه؛ لأن الجماعة توجد عن طريق واحد يتصدق عليه، ويكون هو وإياه جماعة.
ويوفق بين هذا وبين ما جاء في الأحاديث أن الصلاة تعاد نافلة، أن الذي دل عليه الحديث أنها لا تعاد، أي: لا تصلى مرتين، يعني: على أساس أنها فرض، أما إذا صليت الأولى فريضة والثانية نافلة، فهذا هو الذي جاءت الأحاديث دالة عليه، لكن لا تصلى مرتين على سبيل الفرض، وإنما يصليها مرة واحدة، والمرة الثانية تكون نافلة، ثم أيضاً كون الناس يصلون في البلاط، يعني: ما كان الصلاة في المسجد، وابن عمر كان صلى في المسجد، فلم ير أن يصلي معهم، وقال: إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا تعاد صلاةٌ في يومٍ مرتين).
وهو ثقة، خرج له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
وهو القطان المحدث الناقد، المعروف كلامه في الجرح والتعديل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن حسين المعلم].
وهو حسين بن ذكوان المعلم البصري، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن شعيب].
وهو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو صدوق، خرج حديثه البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سليمان].
وهو ابن يسار، وهو مولى ميمونة أم المؤمنين، ويقال له: الهلالي نسبة ولاء؛ لأن ميمونة بنت الحارث، يقال لها: الهلالية وهو يقال له: سليمان بن يسار الهلالي، وهو ثقة، فاضل، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة المشهورين في عصر التابعين، وقد سبق أن مر ذكرهم مراراً وتكراراً، وهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير بن العوام، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، هؤلاء ستة متفق على عدهم من الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وسليمان بن يسار هذا هو أحد هؤلاء الفقهاء السبعة، وهو مولى ميمونة، وأبوه يسار، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
وهو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة في الصحابة، الذين هم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وهم أربعة متقاربون في السن، وهم من صغار الصحابة، ابن عمر رضي الله عنه عرض يوم أحد وعمره أربع عشرة سنة، فلم يجزه، أي: ما أذن له الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يكون في الجيش، وبعد ذلك لما بلغ عمره خمس عشرة سنة أجازه، فصار من ضمن الجيش المجاهد في سبيل الله عز وجل، وابن الزبير هو أول مولود ولد لما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولدت به أمه أسماء بنت أبي بكر في قباء، في أول وصول الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة.
وابن عباس في حجة الوداع ناهز الاحتلام، وعبد الله بن عمرو أيضاً كذلك من صغار الصحابة، فهم أربعة من صغار الصحابة متقاربون في السن، وقد أدركهم الكثير من التابعين، ممن لم يدرك ابن مسعود، وابن مسعود ليس منهم؛ لأنه متقدم الوفاة، إذ كانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين، رضي الله تعالى عن الجميع، وعبد الله بن عمر أيضاً هو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه الكرام، والذين قال فيهم السيوطي:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كـالخدري وجابر وزوجة النبي
الجواب: إذا كنت ناوياً الإحرام وأنت في بلدك أو وأنت في الباخرة، ثم أحرمت من جدة، فعليك فدية بلا شك؛ لأنك تجاوزت الميقات، أما إذا ما كان عندك نية إحرام، والنية إنما طرأت عليك في جدة وفي البحر ما كان عندك نية أن تحرم، فهذا ما عليك شيء؛ لأنك أحرمت من جدة وهي ميقاتك، أما إن كنت ناوياً قبل ذلك، وتجاوزت ميقاتك الذي هو ما يحاذي رابغ، وأحرمت من جدة، فيكون عليك فدية، وهي شاة تذبحها وتوزعها على فقراء الحرم في مكة.
سؤال: طيب إذا ذهبت من جدة إلى المدينة وأحرمت من المدينة؟
الجواب: ما عليك شيء، إذا جئت إلى جدة وأنت غير محرم ثم جئت من جدة إلى المدينة وأحرمت من المدينة فما عليك شيء، تحرم من المدينة ولا شيء عليك؛ لأنك ما أحرمت دون الميقات، إحرامك من الميقات.
الجواب: ليس هذا من السنة، كل يدعو لنفسه، السنة أن كل واحد يدعو لنفسه.
الجواب: الإنسان لا يحتج بالقدر، ولا يجوز له إذا ليم على الذنب أن يقول: والله حصل بقدر. نعم كل شيء بقضاء وقدر، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، لكن كون الإنسان إذا ليم أو إذا تاب، وقال: إن هذا شيء قدره الله علي، والحمد لله الذي رزقني التوبة منه، فهذا لا بأس به، أما الاحتجاج بالقدر فلا يجوز، فكون الإنسان إذا أنكر عليه أمر من الأمور، يقول: والله هذا مقدر علي، نعم كل شيء مقدر، وإذا احتج بالقدر يعاقب، ويقال: هذا قدر أيضاً، والعقوبة قدر، فأنت أذنبت، وهذا قدر، وتعاقب، وهذا قدر، وكل شيء بقضاء وقدر حتى العقوبة، كل ما يقع في الكون فهو بقضاء الله وقدره، لكن كون الإنسان عندما يحصل له ذنب، ويتوب منه، ثم يقال له شيء ويقول: هذا شيء قدره الله علي، والحمد لله الذي رزقني منه التوبة، هذا لا بأس به، وهذا مثل ما حصل لآدم عليه الصلاة والسلام مع موسى في قضية تحاجهما، وقول الرسول: (حاج آدم موسى).
واحتجاج آدم في قصته مع موسى هو على المصيبة، لكن المصيبة حصلت بالذنب، والإنسان إذا أذنب وتاب من ذنبه وعوتب على ذلك أو بعد التوبة، فإذا قال: هذا شيء قدره الله علي وقضاه، والحمد لله الذي نجاني منه، وسلمني من مغبته، فهذا لا بأس به، واحتجاج آدم على المصيبة مع موسى عليه الصلاة والسلام لما حاجه، كان على المصيبة لا على الذنب، فما لامه على الذنب، وإنما لامه على المصيبة التي ترتبت على الذنب، وانبنت على الذنب، وهي كونهم أخرجوا من الجنة بسبب حصول ذلك الذنب.
الجواب: الذي لا يؤذي لا يقتل، والشيء الذي يؤذي يقتل، فما آذى فإنه يقتل، وما لم يحصل منه أذى فإنه لا يقتل.
الجواب: الحديث الغريب إذا كان المقصود بالغرابة كونه جاء من طريق واحد فالحسن يكون حسناً لذاته؛ لأنه جاء من طريق واحد طبعاً فهو مقبول؛ لأن الغرابة هي كونه جاء من طريق واحد، وقد يكون صحيحاً، ويكون غريباً، ويكون مقبولاً ، والغرابة أنه جاء من طريق واحد، وهذا مثل حديث أبي هريرة آخر حديث في صحيح البخاري: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)، فهذا حديث غريب جاء من طريق واحد، ولما أخرجه الترمذي في جامعه قال: حديث حسن صحيح غريب، فيوصف بأنه غريب من أجل مجيئه من طريق واحد، والصحيحان فيهما جملة كبيرة من الأحاديث الغريبة التي جاءت من طريق واحد، ولكنها صحيحة؛ لأنها جاءت عن طريق أناس ثقات.
الجواب: له أن يجمع، وليس له أن يقصر، له أن يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، ولا يجوز له أن يقصر.
الجواب: كتب المصطلح كثيرة، منها المختصر ومنها المطول، ومن المختصرات المتقنة التي مع اختصارها فيها دقة، لكون المؤلف من أهل التمكن في هذا الفن: نخبة الفكر للحافظ ابن حجر، فنخبة الفكر هذه مختصرة جداً ومحررة، وصاحبها من المتمكنين في هذا الفن، وله عليه شرح وهو نزهة النظر، شرحه هو بنفسه، وشرحه غيره، لكن شرحه اسمه نزهة النظر، وهو كتاب مفيد، وقد نظمه الصنعاني في أبيات اسمها قصب السكر، يعني: نظم نخبة الفكر في أبيات، فهو كتاب مختصر مفيد جداً.
وأما بالنسبة للمطولات فهناك كتب لا أستطيع أن أقول: هذا هو الكتاب الذي يعتبر أحسن من غيره، لكن أنا أذكر جملة من الكتب المفيدة المهمة في هذا، وهي تدريب الراوي لـلسيوطي، وكتاب السخاوي الذي هو فتح المغيث في شرح ألفية الحديث، فهذان من أحسن الكتب الواسعة في هذا الفن.
أما الجرح والتعديل فكتبه أيضاً متعددة، ومن المعلوم أن الحافظ الذهبي، والحافظ ابن حجر عنوا بهذا الجانب، وألف الحافظ الذهبي كتاب الميزان، وابن حجر كتاب اللسان، وكتاب الميزان ذكر فيه أناس ضعفاء، وأناس ثقات، ولكنهم ضعفوا بما لا يقدح فيهم وأوردهم للدفاع عنهم، وجاء بعده الحافظ ابن حجر فترك كل من كان له رواية في الكتب الستة الذين هم موجودون في تهذيب الكمال وتهذيب التهذيب، وأتى بالأشخاص الزائدين على الكتب الستة حتى لا يكون هناك تكرار في هذا الكتاب الذي هو لسان الميزان وبين تهذيب التهذيب أو تهذيب الكمال والكتب التي بنيت عليه، فيعتبر لسان الميزان من الكتب التي من فيها زائد على رجال الكتب الستة، ففيه إضافة أسماء جديدة على رجال الكتب الستة، والكتاب يقع في ثمانية أجزاء، ويوجد غيره من الكتب التي تتابعت عليه، فهما كتابان عظيمان، والكتب كثيرة، فهناك كتاب الجرح والتعديل لـابن أبي حاتم، وكتاب الجرح لغيره من العلماء، لكن هذان الكتابان وهما: كتاب الذهبي، وابن حجر هما من أحسن الكتب التي عنيت بهذا الجانب.
الجواب: مثل هذه الأعمال التي سأل عنها السائل أولاً، وهي أن الإنسان عند الإفطار يقوم ويدعو ويرفع صوته والناس يؤمنون، هذا هو الذي ما جاءت به السنة، مثل: بعد الصلاة، فإنه ما جاء أن الإمام يدعو والناس يؤمنون، وكذلك عند الإفطار، ما جاء أن شخصاً يدعو والناس يؤمنون، نعم إذا حصل في بعض الأحيان أنه دعا واحد والناس أمنوا، ولم يكن هذا متخذاً في مناسبة من المناسبات، مثل: بعد الصلوات، ومثل: عند الدفن، ومثل: عند الإفطار وما إلى ذلك، بحيث واحد يدعو والبقية يؤمنون، فهذا ما نعلم شيئاً يدل عليه، أما كون واحد يدعو والناس يؤمنون فيما إذا حصل في بعض الأحيان فلا بأس بذلك، أما أحوال تتكرر فهذا ما نعلم شيئاً يدل عليه.
الجواب: نعم، إذا فاتت الجماعة، وكان سبب فوتها أن الإنسان ما قصد التأخر عن صلاة الجماعة الأولى، وإنما كان حريصاً على إدراك الجماعة الأولى، ولكنه فاته أن يدركها، أو كانوا جماعة فاتهم أن يدركوها، وما قصدوا التأخر حتى لا يصلوا مع هذا الإمام الذي يصلي بالناس، فلا بأس أن يصلوا جماعة أخرى في المسجد.
السؤال: وهل على هذا دليل؟
الجواب: نعم، قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم للرجل الذي جاء وهو لم يصل، فقال: (من يتصدق على هذا فيصلي معه؟)، فإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام أراد أن توجد الجماعة لشخص فاتته الصلاة، فإذا جاء اثنان وليسوا بحاجة إلى صدقة ألا يجوز لهما أن يصليا؟ لا مانع من صلاتهما.
الجواب: الأفضل للإنسان المسافر أن يقتصر على ركعتي الفجر والوتر، ولا يصلي الرواتب التي هي السنن المتعلقة بالصلوات؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان هذا هديه: أنه كان يحافظ على هذه الصلوات، وجاء عن ابن عمر رضي الله عنه قال: (لو كنت مسبحاً لأتممت)، يعني: لو كنت متنفلاً لأتممت، وهو قد قصر الصلاة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر