أخبرنا عمرو بن عثمان أخبرنا الوليد عن سعيد بن عبد العزيز عن عطية بن قيس عن قزعة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (لقد كانت صلاة الظهر تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع، فيقضي حاجته ثم يتوضأ ثم يجيء، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى يطولها)].
يقول النسائي رحمه الله: تطويل القيام في الركعة الأولى من صلاة الظهر. هذه الترجمة المقصود منها: أن السنة تطويل القيام في الركعة الأولى من صلاة الظهر، وكذلك أيضاً الصلوات الأخرى تطول الركعة الأولى على الركعة الثانية، وتطويل الركعة الأولى فيه فوائد، منها: إدراك الصلاة من أولها، فإن من جاء والإمام في الركعة الأولى قبل أن يركع فإنه يكون مدركاً للركعة ويكون مدركاً للصلاة من أولها، أي: بعدد ركعاتها، وإن كان قد فاته الدخول فيها عند بدايتها، وهي تكبيرة الإحرام، إلا أن إدراك الركعات يكون قد حصل له، وذلك بسبب تطويل الركعة الأولى، ثم أيضاً تطويل الركعة الأولى على غيرها؛ لأن المصلي في نشاط في أول صلاته، فتطويل الركعة الأولى يناسب نشاطه وقدرته، بالإضافة إلى الفائدة التي أشرت إليها، وهي إدراك المأمومين الصلاة، أي: الركعة الأولى من ركعات الصلاة، وذلك بسبب تطويل القراءة فيها، وقد أورد النسائي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه: أن الصلاة كانت تقام في زمنه عليه الصلاة والسلام، ويصلي رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويذهب الذاهب إلى البقيع ويقضي حاجته ثم يتوضأ ويدرك الركعة الأولى؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يطولها؛ لأنه ذكر هذا العمل الذي يحصل، وهو الذهاب للبقيع وقضاء الحاجة ثم التوضؤ والإتيان وإدراك الركعة الأولى، ذكر في آخرها قال: يطولها، يعني هذا هو السبب الذي جعل الإنسان عندما تقام الصلاة يذهب ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى إلى البقيع ويقضي حاجته ويتوضأ ويدرك الركعة الأولى؛ لأنه كان عليه الصلاة والسلام يطولها، وهذا هو المقصود من إيراد الحديث في الترجمة؛ لأن الركعة الأولى يحصل بها هذه الأعمال، وقد نص في آخر الحديث على أن السبب في ذلك هو تطويل تلك الركعة الأولى، وهذا يدلنا على أن هذه هي السنة، وهي تطويل الركعة الأولى من الصلاة أكثر من غيرها مع ما في ذلك من الفوائد التي أشرت إلى بعضها.
عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، وهو صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[أخبرنا الوليد].
الوليد، وهو ابن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، كثير التدليس والتسوية، التدليس الذي هو تدليس الإسناد، والتسوية التي هي تسوية الإسناد بأن يكون فيه ضعفاء وثقات، فيحذف الضعيف الذي بين الثقتين، وتكون صورة الإسناد كأنه عن ثقات، فيسويه حتى يظن برجاله أنهم ثقات، وقد حذف منهم واحد ضعيف، وهذا من أسوأ أنواع التدليس؛ لأن هذا التدليس إنما هو حذف في الإسناد، بخلاف كون الإنسان يروي عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ موهم للسماع أو يدلس أسماء شيوخه؛ لأن هذا يتعلق بشيوخه، لكن كونه يعمد إلى الإسناد ويحذف ضعيفاً بين ثقتين ويسوي الإسناد فهذا من أقبح أنواع التدليس، والوليد بن مسلم الدمشقي خرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن عبد العزيز].
سعيد بن عبد العزيز، وهو شامي أيضاً.
وهو دمشقي أيضاً، وهو ثقة، إمام، خرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
وكلهم يقال لهم: شاميون.
[عن عطية بن قيس].
وهو شامي أيضاً، وهو ثقة، خرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وعلى هذا فهذا الإسناد والرجال الذين مضوا كلهم شاميون، فيهم الحمصي وفيهم الدمشقي.
[عن قزعة].
قزعة بن يحيى البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سعيد الخدري].
وهوسعد بن مالك بن سنان الخدري، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مشهور بكنيته ونسبته فكنيته أبو سعيد، ونسبته الخدري، واسمه سعد بن مالك بن سنان، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وهم الذين جمعهم السيوطي في الألفية بقوله:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر فالخدري وجابر وزوجة النبي
أورد النسائي حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي بهم فيقرأ في الظهر، ويسمعهم الآية كذلك، يعني: أنه كما كان يقرأ فإنه أيضاً كان يسمعهم الآية أحياناً، يعني: فيه الإشارة إلى القراءة وإثباتها، وإثبات إسماع الآية أحياناً، يعني من القراءة مما يقرأه، فقوله: (كذلك)، المراد به: أنه كما كان يقرأ كان يسمعهم، ففيه إثبات القراءة وكذلك فيه إثبات إسماعه إياهم الآية التي يستدلون بها على السورة التي يقرأها ويفهمون منها ما كان يقرأ؛ لأنه إذا أسمعهم آيةً من سورة عرفوا أنه يقرأ هذه السورة في هذه الركعة؛ لأن الصلاة سرية، وكانوا يعلمون قراءته بكونه يسمعهم الآية أحياناً، وكذلك أيضاً كما ذكرت في الدرس الماضي كانوا يعلمون قراءته بتحرك لحيته، وهو أمامهم يصلي ينظرون إلى لحيته من يمينه وشماله، أي: ما نبت على العارضين، هذا التحرك الذي يحصل للحيته بسبب القراءة يستدلون به على قراءته في الصلاة السرية، فكان يقرأ في الظهر ويسمعهم الآية أحياناً كذلك، فيكون فيه إثبات القراءة وإثبات إسماعهم الآية التي يستدلون بها على السورة التي كان يقرأها عليه الصلاة والسلام.
[(وكان يطيل الركعة في صلاة الظهر)].
يعني: الأولى، وكذلك في صلاة الفجر، يعني: أنه يطيل الأولى في صلاة الفجر، وكذلك أيضاً الصلوات الأخرى، وقد ذكرت أن السبب في هذا هو التمكن من إدراك الصلاة من أولها، وأن الذي فاته الدخول في الصلاة عند تكبيرة الإحرام عندما تطول القراءة فإنه يتمكن من يتخلف عن بداية الصلاة بأن يدركها، ولا يفوته شيء من ركعاتها.
[(وكان يطيل الركعة في صلاة الظهر، والركعة الأولى يعني: في صلاة الصبح)].
يعني: أنه يطيل الأولى من صلاة الظهر، ويطيل أيضاً الأولى من صلاة الصبح، وهاتان الصلاتان وهما صلاة الظهر وصلاة الفجر هما أطول الصلوات من حيث القيام، فصلاة الفجر تطول فيها القراءة، وقد جاء النص في القرآن على ذلك: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء:78]، أي: قراءة الفجر، وصلاة الظهر كما مر بنا أن الذاهب يذهب إلى البقيع بعدما يدخل الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فيقضي حاجته، ويتوضأ ويأتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى؛ لأنه كان يطولها، فهاتان الصلاتان: صلاة الفجر، وصلاة الظهر، يطال فيهما القيام.
أخبرني يحيى بن درست، هذه الصيغة وهي صيغة الإفراد تستعمل فيما إذا كان الراوي أخذ عن شيخه وحده وليس معه أحد، فإذا كان معه غيره يعبر بأخبرنا، وهذا هو الفرق بين حدثني وحدثنا، وأخبرني وأخبرنا، فإن صيغة الإفراد يأتي بها الراوي فيما إذا سمع من شيخه وحده ليس معه أحد، أما إذا سمع ومعه غيره فإنه يعبر بأخبرنا التي تفيد روايته ورواية غيره عنه وأنهم أخذوا جميعاً سوياً في وقت واحد من الشيخ الذي أخبرهم، وعبر عنه الراوي أو أحد الرواة بقوله: أخبرنا، ويحيى بن درست هو البصري، وهو ثقة، أخرج له الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وما خرج له أبو داود ولا الشيخان.
[عن أبي إسماعيل وهو القناد].
أبو إسماعيل هو إبراهيم بن عبد الملك البصري، مشهور بكنيته أبي إسماعيل، وكذلك نسبته القناد أو لقبه القناد.
[وهو]، هذه قالها من دون يحيى بن درست، إما النسائي، أو من دون النسائي، هم الذين قالوا: هو القناد، وأبو إسماعيل صدوق في حفظه شيء، وقد خرج له الترمذي، والنسائي.
[عن خالد].
و خالد هكذا جاء ذكره في الإسناد، وليس في تهذيب الكمال في شيوخ أبي إسماعيل القناد من اسمه خالد، ولا في تلاميذ يحيى بن أبي كثير من اسمه خالد، وفي نسخة تحفة الأشراف ذكر الحافظ ابن حجر في تعليقه عليها أنه في نسخة ابن السني: عن خالد، يعني الذي هو بين أبي إسماعيل القناد، وبين يحيى بن أبي كثير، وفي نسخة ابن الأحمر لا وجود له، يعني: لا ذكر لـخالد في الإسناد، وقد ذكر في تحفة الأشراف: أن أبا إسماعيل القناد يروي عن يحيى بن أبي كثير، وكذلك يحيى بن أبي كثير، في ترجمته يروي عن أبي إسماعيل القناد، فهذا يشعر بأن ذكر خالد هنا مقحم؛ لأنه لم يذكر المزي في شيوخ يحيى بن أبي كثير من اسمه خالد، ولا في شيوخ أبي إسماعيل القناد من اسمه خالد، وابن حجر في النكت الظراف، التي علق فيها على تحفة الأشراف قال: إنه في نسخة ابن السني: عن أبي إسماعيل عن خالد، وفي نسخة ابن الأحمر: عن أبي إسماعيل عن يحيى بن أبي كثير مباشرةً وبدون واسطة، ويحيى بن أبي كثير هو اليمامي، وهو ثقة، ثبت، يرسل، ويدلس، وهو قائل الكلمة المشهورة في عظم شأن طلب العلم والصبر عليه، وهي قوله: لا يستطاع العلم براحة الجسم.
والتي ذكرها مسلم في صحيحه بإسناده إلى يحيى بن أبي كثير أنه قال هذه المقالة، وقد ذكرها عندما أورد الطرق المتعددة في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص في بيان أوقات الصلوات، ذكر بعد حديث عبد الله بن عمرو، من طرقه المختلفة لإسناده إلى يحيى بن أبي كثير فقال: لا يستطاع العلم براحة الجسم، وهي كلمة عظيمة تدل على أن العلم السبيل إليه شاق وطويل، وأن الذي يوفقه الله عز وجل للصبر والاحتساب هو الذي يتمكن من تحصيل ما يمكنه تحصيله من العلم، وأما مع الرغبة في الإخلاد إلى الراحة فإن الإنسان لا يحصل طائلاً، ويقولون في الكلمة المشهورة: ملء الراحة لا يدرك بالراحة، يعني: ملء الراحة التي هي راحة اليد، وهي كناية عن الشيء القليل التافه، لا يدرك بالراحة، يعني بعدم الجد والاجتهاد والسعي في التحصيل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو ثقة، ثبت، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أن عبد الله بن أبي قتادة حدثه عن أبيه].
وهذا فيه التصريح بالسماع، وكذلك ورد من طرق متعددة، وفيها التصريح بالسماع، وعبد الله بن أبي قتادة هو المدني الأنصاري، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه أبي قتادة الأنصاري].
وهو الحارث بن ربعي الأنصاري، وهو صحابي مشهور، من الفرسان فهو فارس له بلاء عظيم في الجهاد في سبيل الله، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا عمران بن خالد بن يزيد بن مسلم يعرف بـابن أبي جميل الدمشقي حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن سماعة حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير حدثني عبد الله بن أبي قتادة حدثنا أبي رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بأم القرآن وسورتين في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر وصلاة العصر، ويسمعنا الآية أحياناً، وكان يطيل في الركعة الأولى)].
أورد النسائي إسماع الآية في صلاة الظهر، أي: إسماع الإمام المأمومين الآية في صلاة الظهر، وأورد فيه حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه من طريق أخرى غير الطريق السابقة، وفيه الدلالة على ذلك، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بأم القرآن وسورتين في صلاة الظهر، ويسمعهم الآية أحياناً، يعني: في بعض الأحيان يسمعهم الآية، فكانوا يستدلون به على السورة التي كان يقرؤها، ويدل ذلك على شيئين: على حصول القراءة، وعلى تعيين السورة التي حصلت قراءتها، أي: على إثبات القراءة، وأنه كان يقرأ في صلاة الظهر، وأيضاً يدل إسماع الآية على تعيين السورة التي حصلت قراءتها في تلك الصلاة وهي صلاة الظهر، فهذه فائدة الإسماع.
عمران بن يزيد بن خالد بن مسلم يعرف بـابن أبي جميل الدمشقي، وهذا كما ذكرت أن الراوي عندما يذكر شيخه ينسبه كما يريد، يطيل في نسبه أو يختصر، ولا يحتاج إلى أن يقال: (هو)، أو (يعني)؛ لأن هذا كلامه، فيستطيع أن يطيل كما يشاء، وأن يختصر كما يشاء، لكن من دونه إذا ذكره مختصراً، لا ينسبه دون أن يأتي بما يدل على أن الإضافة ليست من التلميذ، فيقول: هو، أو يعني ابن فلان، وهنا النسائي نسب شيخه وأطال في نسبه؛ لأن هذا كلامه، ينسبه كما يريد.
وعمران بن يزيد بن خالد بن مسلم، يعرف بـابن أبي جميل الدمشقي، وأيضاً يأتي ذكره عمران بن خالد بن يزيد، والحافظ ابن حجر في التقريب ذكره: عمران بن خالد بن يزيد بن مسلم، وقال: وقد يقلب، فيصير فيه تقديم وتأخير، يعني كما هنا عمران بن خالد بن يزيد بن مسلم وهو صدوق، خرج له النسائي وحده.
[حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن سماعة].
إسماعيل بن عبد الله بن سماعة، وهو ثقة خرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا الأوزاعي].
وهو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وهو مشهور بهذه النسبة، وكنيته توافق اسم أبيه، فهو أبو عمرو، وأبوه اسمه عمرو، وهو ثقة، فقيه، محدث الشام، وفقيهها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير] إلى آخره.
عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه، وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير حدثني عبد الله بن أبي قتادة أن أباه رضي الله عنه أخبره، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بنا في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر، ويسمعنا الآية أحياناً، ويطول في الأولى ويقصر في الثانية، وكان يفعل ذلك في صلاة الصبح، يطول في الأولى ويقصر في الثانية، وكان يقرأ بنا في الركعتين الأوليين من صلاة العصر، يطول الأولى ويقصر الثانية)].
تقصير القيام في الركعة الثانية من الظهر، أي: بالنسبة للأولى، وإلا فإنها أطول من الثالثة والرابعة، يعني الركعتان الأوليان أطول من الركعتين الأخيرتين، ولكن الأولى تطول بالنسبة للثانية، فالتقصير هو نسبي بالنسبة للأولى، وإلا فإنها بالنسبة للثالثة والرابعة أطول، فالأولى تطول فيها القراءة ويطول فيها القيام؛ لأن في ذلك إدراك الصلاة من أولها وعدم فوات شيء منها، وأيضاً فإنها تكون في وقت النشاط؛ لأنها تكون في بدايتها، وأما الركعة الثانية فإنها تكون أقل منها، والحديث شاهد أو دال على ما ترجم له من تقصير القراءة في الركعة الثانية، أي: بالنسبة للأولى، وأيضاً كذلك صلاة الصبح وصلاة العصر، فالركعة الأولى تطول والركعة الثانية تخفف فتكون أقصر منها.
عبيد الله بن سعيد، هو اليشكري السرخسي، وهو ثقة، مأمون، سني، وقيل عنه: سني؛ لأنه أظهر السنة في بلده، وقد خرج له البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا معاذ بن هشام].
هو معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو صدوق ربما وهم، وقد أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه هشام بن أبي عبد الله الدستوائي].
وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير] إلى آخره.
عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، وقد مر ذكرهم؛ لأن الإسناد يدور على يحيى بن أبي كثير، هذه الطرق كلها تنتهي إلى يحيى بن أبي كثير.
أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورتين، وفي الأخريين بأم القرآن، وكان يسمعنا الآية أحياناً، وكان يطيل أول ركعة من صلاة الظهر)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: القراءة في صلاة الظهر، والمقصود من هذه الترجمة إثبات القراءة وحصولها، وقد أورد النسائي حديث أبي قتادة من طريق أخرى، وفيه أنه كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر بالفاتحة وسورتين، ويسمعهم الآية أحياناً، ويقرأ الفاتحة في الركعتين الأخيرتين.
(وفي الأخريين بأم القرآن، وكان يسمعنا الآية).
وهذا كان أحياناً، وإلا فإنه كان في بعض الأحيان يقرأ في الركعتين الأخيرتين شيئاً من القرآن، وقد سبق أن مر بنا الحديث الدال على ذلك، وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر قدر ثلاثين آية وفي الركعتين الأخريين على النصف من ذلك، ومن المعلوم أنها لا تكون على النصف من ذلك إلا إذا كان فيها شيء غير الفاتحة، فما دام أنه كان يقرأ في الركعتين الأوليين مقدار ثلاثين آية أو أكثر من ذلك، وأن الركعتين الأخيرتين على النصف، فمعناه أن فيه قراءة غير الفاتحة، وهذا هو الدليل على أنه يقرأ أحياناً في الركعتين الأخيرتين من الصلوات الرباعية، مع الفاتحة شيئاً من القرآن، وهنا قال: يقرأ بأم القرآن وما ذكر الزيادة، ولكن الحديث الذي أشرت إليه وقد سبق أن مر بنا في سنن النسائي يدل على ذلك، ويدل على أنه يمكن الاقتصار على الفاتحة في الركعتين الأخيرتين، ويمكن أن يضاف إليها شيء من القرآن، وكل منهما دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[(وكان يطيل أول ركعة من صلاة الظهر)].
هذا دال على الترجمة السابقة الأولى التي أورد الحديث من طريق أخرى من أجلها، لكن المقصود هنا إثبات القراءة.
محمد بن المثنى، وهو العنزي، الملقب بـالزمن، وكنيته أبو موسى، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرةً وبدون واسطة، ومن صغار شيوخ البخاري ؛ لأنه مات قبله بأربع سنوات، إذ وفاة البخاري سنة ست وخمسين ومائتين، ومحمد بن المثنى سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وقد سبق أن ذكرت أن هناك شيخين من شيوخ أصحاب الكتب الستة، ماتوا في تلك السنة وهي سنة اثنين وخمسين ومائتين، وهما: محمد بن بشار، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، فهؤلاء الثلاثة شيوخ لأصحاب الكتب الستة، وماتوا في سنة واحدة، وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
[عن عبد الرحمن بن مهدي].
عبد الرحمن بن مهدي، وهو ثقة، ناقد، عالم بالرجال والعلل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو مع يحيى بن سعيد القطان هما اللذان قال فيهما الذهبي في كتابه، وهو من يعتمد قوله في الجرح والتعديل، قال: إذا اتفقا على جرح شخص فهو لا يكاد يندمل جرحه، يعني: أنهما يصيبان في كلامهما وفي تجريحهما.
[حدثنا أبان بن يزيد].
أبان بن يزيد، وهو أبان بن يزيد العطار البصري، وهو ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
ثم بعد ذلك يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه، وقد مر ذكرهم، وهذه الطرق كلها تدور على يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه.
الجواب: ألفية السيوطي أوفى وأشمل من ألفية العراقي، والسيوطي قد أشار إلى هذا في المقدمة؛ لأنها في سياقها وفي اختصارها وفي شمولها تشتمل على ألفية العراقي وزيادة، فهي أوفى وأشمل؛ ولهذا فيها أشياء لا توجد في ألفية العراقي، والشيخ أحمد شاكر رحمه الله عندما علق على النسخة عمل أقواساً على الزيادات التي عند السيوطي، وهي ليست عند العراقي، وسيأتي في الأبواب في مباحث الألفية أن هناك عشرة أنواع من أنواع علوم الحديث ليست عند ابن الصلاح وليست في ألفية العراقي.
الجواب: نعم. لا بأس بذلك، فكون الإنسان يسافر من أجل أن يزور أخاه ويعزيه ويواسيه في مصابه لا بأس في ذلك ولا مانع منه، سواء كان سبعين كيلو متر أو أكثر، فله أن يسافر.
الجواب: لا يقول: نُسِّيت؛ لأن أمور الدنيا ليست مثل القرآن، الذي ينبغي أن لا يؤتى له بهذا اللفظ الذي قد يفهم منه عدم الاهتمام، أما أمور الدنيا فأمرها سهل نسيها أو ذكرها.
الجواب: لا، ليس للإنسان أن يدفع الكفارة نقوداً؛ لأن الشيء الذي ورد مقيداً بكونه طعاماً فإنه يؤتى به كما جاء، والسبب في هذا: أن الطعام قد يقل وتشح النفوس به، وتتوفر النقود، والنقود إذا ما وجد الشيء الذي يشترى بها ليؤكل فما تفيد الإنسان شيئاً، لكن الشيء الذي وصف بأنه طعام وهو كفارة يصير هو الواجب، فلو قل الطعام بأيدي الناس والأمر واجب عليهم، فإنهم يخرجون ذلك الواجب، فيستفيد من يعطى إياه بخلاف إعطاء النقود، فقد توجد النقود ولكن ما يوجد الطعام، فما يستفيد الإنسان من النقود شيئاً.
الجواب: إذا كان هذا في حصر للشيوخ وأنهم استوعبوا وهذا الذي استوعبهم حافظ وأحصاهم، وتبين أنهم كلهم ثقات، فيصير ذلك توثيقاً.
لكن هل حصل أن أحد الحفاظ قال هذا؟
ما أدري، وما أذكر مثالاً لهذا، لكن إذا نص أحد على أنهم كلهم ثقات، وحصروا وأحصوا وعرفت حالهم فإنهم يعتبرون ثقات.
الجواب: صلاة المضطجع هذه ما أعرف عنها شيئاً، أما كون صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم فالحديث ثابت عن رسول عليه الصلاة والسلام، والمقصود من ذلك: أنه مع القدرة، يعني كون الإنسان قادراً على القيام، وهذا طبعاً في النافلة لا في الفريضة، أما الفريضة فلا يجوز للإنسان أن يصلي فيها جالساً مع القدرة على القيام، وإنما هذا بالنسبة للنوافل فيجوز للإنسان إذا كان قادراً على القيام أن يصلي وهو جالس، ويكون أجره على النصف من أجر القائم، أما إذا كان الإنسان مريضاً وصلى جالساً لكونه مريضاً فهذا هو الذي يشمله الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً)، والحديث ذاك إنما هو في حق القادر على القيام، وهو يصلي جالساً مع قدرته على القيام.
إذاً ذاك في حق من هو قادر، وهذا في حق من هو مريض، فيكون حصل الأجر كاملاً.
أما قضية المضطجع هذه وأنه على النصف من القاعد فلا أعرف عنها شيئاً، هل هي واردة أو غير واردة؟ هل هي ثابتة أو غير ثابتة؟ لا أدري.
الجواب: الجماعات تعرف بمناهجها وبطرقها، فقد يكون عندها حق وباطل، وما عندها من الباطل يحذر منه، والمقياس والمعيار والميزان هو: الالتزام بما جاء عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فهذا هو الحد الفاصل الذي توزن به أحوال الرجال والجماعات، ومن كان على هذا المنوال وعلى هذا المنهاج فهذا هو الذي يعتبر محسناً ويحمد ويرشد إلى الاستفادة منه، ومن كان بخلاف ذلك فمنهم من يكون قريباً ومنهم من يكون بعيداً، ومن المعلوم أن هذه الجماعات، التي هي جماعة الإخوان وجماعة التبليغ عندهم أمور طيبة وأمور سيئة، وكون الإنسان لا يسلك مسالكهم وإنما يسير على الطريقة المستقيمة التي لا محظور فيها وهي ما كان عليه سلف هذه الأمة، فهذا هو الذي ينبغي أن يكون عليه الإنسان؛ لأن في ذلك السلامة، وفي ذلك الالتزام بمنهج الكتاب والسنة، أما هاتان الفرقتان وغيرهما من الفرق أو هاتان الجماعتان أو غيرها من الجماعات فعندهم ما عندهم من الحق والباطل.
الجواب: الإنسان ليس له أن يحجز مكاناً في الصف الأول إلا إذا جاء مبكراً واضطر إلى أن يذهب ليعود، وهذا الاضطرار مثل كونه احتاج إلى أن يتوضأ، فيخرج إلى الوضوء ويرجع، ويجعل في مكانه شيئاً من أجل أن يرجع إليه لأنه مبكر ولكن اضطر للخروج.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر