أخبرنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن محارب بن دثار عن جابر رضي الله عنهما أنه قال: (مر رجل من الأنصار بناضحين على
يقول النسائي رحمه الله: القراءة في المغرب بسبح اسم ربك الأعلى، هذه الترجمة فيها القراءة بسبح اسم ربك الأعلى، وهي من أوساط المفصل على ما قاله بعض أهل العلم؛ لأن الذي جاء في بعض الأحاديث والذي مرت: أنه كان يقرأ في المغرب من قصار المفصل، وقصار المفصل قيل: إنها تبدأ من الضحى، وما بعدها، وما قبل ذلك إلى عم هذه من أوساط المفصل، وهذه الترجمة هذا موضوعها، وأورد تحتها حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: أن رجلاً جاء بناضحين وإذا معاذ بن جبل رضي الله عنه يصلي، فدخل وصلى معه، فبدأ بالبقرة أو النساء، فانصرف ذلك الرجل، وأكمل صلاته، وصلى وحده، ثم ذهب إلى ناضحيه، وأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام لـمعاذ: (أفتان أنت يا
والمقصود من ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام أرشده إلى أن يقرأ بهذه السورة، وكان ذلك في صلاة المغرب، أي: تلك الصلاة التي حضرها ذلك الرجل الذي معه ناضحان، وهما البعيران اللذان ينضح عليهما، أي: يستخرج الماء من البئر بواسطتهما، وجاء بهما ووجد معاذاً يصلي، فصلى معه فطول، فانفصل عنه ذلك الرجل وصلى وحده، وبلغ ذلك النبي عليه الصلاة والسلام فأنكر على معاذ، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم على معاذ صنيعه هذا، وهو التطويل، وقال له: (أفتان أنت يا
محمد بن بشار، وهو الملقب بندار البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة بدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري الذين عاشوا مدة حياة البخاري، بل إنه توفي قبل البخاري بأربع سنوات، إذ كانت وفاة البخاري سنة ست وخمسين ومائتين، ووفاة محمد بن بشار سنة اثنتين وخمسين ومائتين، ومحمد بن بشار هذا الذي هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، هناك شيخان لأصحاب الكتب الستة ماتوا في السنة التي مات فيها محمد بن بشار، وهما: محمد بن المثنى الملقب الزمن، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، فهؤلاء الثلاثة محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، كلهم شيوخ لأصحاب الكتب الستة، وكلهم ماتوا في سنة واحدة، وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
[عن عبد الرحمن].
وهو ابن مهدي، المحدث، الناقد، الخبير بالرجال والعلل، والبصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
سفيان هنا غير منسوب، وهو يحتمل ابن عيينة، ويحتمل الثوري؛ لأن في ترجمة عبد الرحمن بن مهدي: أنه روى عن السفيانين، وفي ترجمة محارب بن دثار: روى عنه السفيانان، سفيان هنا مهمل، وهو يحتمل هذا وهذا، لكن سبق أن ذكرت: أن هناك طريقة يستدل بها على تمييز المهمل، وهي أن يكون بين الراوي وشيخه رابطة تربط بينهم، أو خصوصية بالتلميذ مع الشيخ، وذلك بأن يكون من بلد واحد، فإن هذا يرجح جانب أحد الاثنين، ومن المعلوم أن سفيان الثوري كوفي، ومحارب بن دثار كوفي، وعبد الرحمن بن مهدي بصري، وسفيان بن عيينة مكي، وعلى هذا فالأقرب أن يكون سفيان الثوري؛ لأنه من بلد محارب بن دثار، فإذاً له به ارتباط، واتصاله به دائماً، بخلاف سفيان بن عيينة، فإنه لا يلقاه إلا في رحلة في طلب العلم، أو لحج أو عمرة؛ لأنه في مكة، فلا يلقاه إلا عن طريق السفر.
وأما هذا الذي هو سفيان الثوري، فهو مع محارب بن دثار في بلده وفي موطنه، وبلدهما واحد وهي الكوفة، والراوي عنه وهو عبد الرحمن بن مهدي من البصرة، والبصرة قريبة من الكوفة.
وسفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، الثقة، الحجة، الفقيه، الذي وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من الأوصاف الرفيعة، والصفات العالية التي لم يظفر بها إلا النادر من المحدثين، ومنهم سفيان الثوري، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن محارب بن دثار الكوفي].
وهو ثقة، زاهد، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
وعلى هذا فرجال هذا الإسناد: محمد بن بشار، وعبد الرحمن بن مهدي، وسفيان الثوري، ومحارب بن دثار، وجابر، هؤلاء حديثهم عند أصحاب الكتب الستة، والأول والثاني وهما: محمد بن بشار، وعبد الرحمن بن مهدي بصريان، وسفيان الثوري، ومحارب بن دثار كوفيان، وأما جابر بن عبد الله فهو مدني.
أورد النسائي هذه الترجمة وهي القراءة في المغرب بالمرسلات: بسورة المرسلات، وأورد تحتها حديث أم الفضل بنت الحارث الهلالية رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم في بيته المغرب فقرأ بالمرسلات، ثم قالت: [ما صلى بعدها صلاة حتى قبض]، أي: أنه ما صلى صلاة بجماعة، وإلا فإنه عليه الصلاة والسلام توفي ضحى يوم الاثنين، ومعلوم أن بعد المغرب العشاء، والفجر، وقد يكون ذلك أيضاً في يوم سابق، يعني: بأيام، لكن المقصود أنه ما صلى جماعة، وأنها ما سمعته يقرأ بعد أن سمعت قراءته بهذه السورة، وهي سورة المرسلات، حيث كان يصلى بهم المغرب عليه الصلاة والسلام.
والحديث دال على قراءة المرسلات في المغرب، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بقصار المفصل، ومن أوساطه ومن طواله، والمرسلات تعتبر من طواله على ما قاله بعض أهل العلم: أن أوساطه تبدأ من عم، وما فوقها يكون من طوال المفصل.
وهو النسائي، من بلد النسائي، وهو ثقة، خرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا موسى بن داود].
موسى بن داود، وهو صدوق، فقيه، زاهد، له أوهام، خرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
[حدثنا عبد العزيز].
هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وهو ثقة، فقيه، مصنف، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد].
هو حميد بن أبي حميد الطويل، وهو ثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو أنس بن مالك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
[عن أم الفضل].
هي أم الفضل بنت الحارث الهلالية، وهي لبابة الكبرى بنت الحارث؛ لأن الحارث الهلالي له لبابة الكبرى، وهي أم الفضل، ولبابة الصغرى، وهي: أم خالد بن الوليد، فأما لبابة الكبرى فهي امرأة العباس، وأم أولاده، وأكبر أولاده الفضل، والعباس يقال له: أبو الفضل، وهي صحابية مشهورة، وهي أخت ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهي صاحبة الموقف الذي يدل على ذكائها وفطنتها، لما اختلف أو تمارى بعض أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، هل كان مفطراً أو صائماً، فبعضهم يقول: صائم، وبعضهم يقول: مفطر، قالت: أنا أبين لكم، هل هو صائم أو مفطر؟ فأخذت قدحاً من لبن وناولته إياه، أو أعطت من يناوله وهو راكب، فأخذه، وشرب والناس يرون، فعلموا بأنه مفطر، فهي صاحبة هذا الموقف، حيث قالت: أنا أبين لكم، هل هو صائم أو مفطر؟ وذلك بإعطائه القدح من اللبن، فشرب منه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وعرفوا أنه مفطر، وأنه ليس بصائم بعرفة، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة، والحديث من رواية صحابي عن صحابية؛ لأنه من رواية أنس عن أم الفضل.
الملقي: قال: [أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن أمه.
الجواب: الأكل قائماً من جنس الشرب قائماً، يعني الأصل أنه يكون جالساً، ولكنه لو أكل شيئاً وهو يمشي أو هو قائم، يعني: في بعض الأحيان، لا بأس بذلك؛ لأنه مثل شرب الماء.
الجواب: ليس للإنسان أن يؤخر الذكر الذي يكون بعد الصلاة إلى ما بعد السنة الراتبة، وإنما يأتي به بعد الصلاة، ويأتي بالراتبة بعدما يفرغ من الذكر الذي يكون بعد الصلاة، سواءً في ذلك التسبيح، والتحميد، والتكبير، أو الذي يسبق ذلك من الاستغفار والذكر الذي يكون بعده، كل ذلك يكون قبل الإتيان بالسنة، هذا موضعه، ولا يؤخر إلى ما بعد الإتيان بالسنة، التي هي الراتبة، وإنما يؤتى به قبل الراتبة.
مداخلة: هل له أن يأتي بها بعد السنة؟
الشيخ: نعم، لو حصل أمر يقتضيه، مثل حضور صلاة الجنازة بعد الفريضة، فيقوم يصلي على الجنازة، ثم يأتي به؛ لأن هذا شيء يفوت، والذكر لا يفوت، لكن لا يفوت على نفسه الصلاة على الجنازة بانشغاله بالذكر؛ لأن هذا ليس بيده.
وأما الإتيان بالأذكار في الطريق فإذا قام فله ذلك، لكن كونه يجلس في المسجد ويتمهل ويأتي به وهو جالس لا شك أن هذا هو الذي ينبغي، لكن إذا الإنسان مضطراً أو بحاجة فله أن يأتي بذلك وهو في الطريق.
الجواب: من المعلوم أن المراد بالهلاك ما يشاء الله تعالى أن يهلك، وأن يموت، ومن المعلوم أن هناك مخلوقات، مثل الجنة، الله تعالى خلقها وهي موجودة، يعني: عنده فناء الدنيا وعنده انتهاء الدنيا، ومع ذلك هي باقية؛ لأن الله تعالى خلقها للبقاء، فالمراد بالهلاك يعني: هلاك المخلوقات التي شاء الله تعالى أن تهلك. وأما الذي خلق للبقاء فإنه باق.
الجواب: هذه الجملة التي هي مسير أو مخير، هي في الحقيقة لا يقال: إنه مسير، ولا يقال: إنه مخير، بل يقال: هو مسير مخير مع بعض، يعني: هذه المسألة من المسائل التي لا يكون الجواب واحد من الاثنين، وإنما الجواب هو الاثنين مع بعض، يعني: مسير مخير، فهو مسير بمعنى أنه لا يخرج منه شيء خارج عن مشيئة الله، وإرادته، فكل ما يقع منه هو بمشيئة الله، وإرادته، لكن لا يقال: إنه مجبور، وأنه لا يستطيع، بل إن الله أعطاه عقلاً، وأعطاه تمييزاً يميز بين النافع، والضار، وما يعود عليه بالخير، وما يعود عليه بالمضرة، فهو يقدم على ما يقدم عليه مما ينفع لمشيئته، وإرادته، وإقدامه بمشيئته، وإرادته، لا يخرج عن أن يكون ذلك بمشيئة الله، وإرادته؛ لأن العبد لا يشاء شيئاً إلا إذا قد كان شاءه الله، لكن ليس معنى ذلك أنه مجبور، وأنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً بإرادته، ومشيئته، لا، هو يستطيع أن يعمل بمشيئته، وإرادته، لكن لا يقال: إنه مجبور على أفعاله، وعلى تصرفاته، بل تصرفاته بمشيئته، وإرادته، ولهذا يحمد ويذم عليها؛ لأنه لو كان ما له مشيئة، ولا إرادة لا يحمد، ولا يذم؛ لأن هذا خارج عن مشيئته وإرادته، فالإنسان الذي يعمل الأعمال الطيبة بمشيئته وإرادته، هذه المشيئة والإرادة تابعة لمشيئة الله، وإرادته؛ لأنه لا يقع في ملك الله إلا ما شاءه الله سبحانه وتعالى، وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:29]، فمشيئة العبد هي باختياره، ويشاء ما شاء بمشيئته، واختياره، لكنه لا يشاء شيئاً خلاف ما شاءه الله، بل ما يحصل منه فهو بمشيئة الله؛ لأنه لا يقع في ملك الله إلا ما شاء الله سبحانه وتعالى، وإذاً فالإنسان مخير ومسير، لا يقال: إنه مخير فقط، ولا مسير فقط؛ لأنه إذا قيل له: مسير بإطلاق، فمعناه أنه ليس له مشيئة وإرادة، وإذا قيل: إنه مخير، فمعناه أنه كما يقول المعتزلة: الإنسان يخلق فعله، والله تعالى ما قدر عليه شيئاً، وإنما أفعاله من إيجاده، وخلقه، وليست من خلق الله سبحانه وتعالى، فالإنسان يوصف بالاثنين، فهو مخير بمعنى أنه له مشيئة وإرادة، ويفعل باختياره، وبمشيئته، وإرادته، ما ينفعه، وما يضره، لا يخرج عن مشيئة الله وإرادته، وهذا هو معنى كونه مسيراً، بمعنى الذي شاءه الله لا بد وأن يوجد، لكن ما يحصل من العبد من أفعال اختيارية، فهو بمشيئته، وإرادته، التابعة لمشيئة الله، وإرادته، وفرق بين الأفعال الاختيارية، والأفعال الاضطرارية، الأفعال الاختيارية تكون بمشيئة الإنسان، وإرادته، ويحمد عليها، ويذم، إذا كان الإنسان يحسن إلى الناس يحمد، وإذا كان يؤذي الناس يذم، وفعله لما يحمد عليه، وما يذم عليه بمشيئته وإرادته، هذه هي الأفعال الاختيارية.
أما الأفعال الاضطرارية: فهي ليست بمشيئة الإنسان، وإرادته، مثل حركة المرتعش، أي: ليس للإنسان فيها دخل، هذه بفعل الله عز وجل، وليس للإنسان فيها مشيئة، وإرادة، هو يريد أن يوقف الاضطراب هذا، والارتعاش، ولا يحب أن يكون متصفاً بذلك، ويود أن لو سلم من ذلك، لكن هذا ما يدخل في مشيئته، وإرادته؛ لأن حركة يده هذه اضطرارية، ليست من فعله، فهذه هي التي يكون الإنسان مجبوراً عليها، أما كون الإنسان يفعل أفعالاً، فيأكل، ويشرب، ويذهب، ويجيء، ويبيع، ويشتري، ويقرأ القرآن، ويصلي، ويتصدق، وما إلى ذلك، هذه أفعال اختيارية يحمد عليها، وكذلك ما يقابلها، كونه يؤذي، ويضرب الناس، ويزني، هذه أفعال اختيارية، لكن يذم عليها.
ففرق بين الأفعال الاضطرارية، والأفعال الاختيارية، ولهذا يقول النحاة في تعريف الفاعل: الفاعل اسم مرفوع يدل على من حصل منه الحدث أو قام به الحدث، يعني: حصل منه الحدث الذي هو الاختياري، مثل: قام، قعد، جلس، أكل، شرب، ذهب، فهذه أفعال اختيارية، يعني: ذهب فلان، هذا فاعل، أو قام به، مثل: مات فلان، مرض فلان؛ لأن المرض ليس من فعله، والموت ليس من فعله، فهذا يقال فيه: قام به الحدث؛ لأنه ما حصل منه الحدث، وإنما قام به الحدث، مرض فلان، مات فلان، هذا قام به الحدث، فإذاً: فرق بين الحركات الاختيارية والحركات الاضطرارية، الاختيارية طبعاً الإنسان يفعلها باختياره ومشيئته وإرادته، لكن لا يخرج عن مشيئة الله وإرادته.
وأما الاضطرارية: فهي لا مشيئة للعبد فيها، بل هي بمشيئة الله عز وجل، وخلق الله وإيجاده، والعبد ليس له دخل، وأفعال العباد هي بخلق الله وإيجاده، لكن العباد مكتسبون لها، وفاعلون لها بمشيئتهم، وإرادتهم، ويتبين الفرق بين ما يكون مجبوراً عليه، وما يكون غير مجبور بحركة المرتعش، وحركة الإنسان التي يفعلها بمشيئته وإرادته، وعلى هذا فكلمة: مخير ومسير، هذه من الأسئلة التي لا يكون الجواب عليها باختيار واحد من الاثنين، وإنما بالاثنين مع بعض، وهذه يشبهها عبارة أخرى، تقول: هل الكفارات زواجر أو جوابر للذنوب؟ لا يقال: هي زواجر فقط، ولا يقال: جوابر، هي زواجر جوابر، هي تجبر النفس، وهي أيضاً تزجر عن الوقوع فيها، فالذي يرى إقامته الحد على شخص لا يفعل مثله حتى لا يعاقب بمثل هذه العقوبة، فأهل السنة يقولون: هي زواجر جوابر، تجبر النقص بحق من حصلت منه، وقد جاء في الحديث أن من ارتكب من هذه الحدود فأقيم عليه الحد، كان كفارة له، ومن ستر الله عليه، فأمره إلى الله عز وجل، وإذا أقيم عليه الحد في الدنيا، لا يؤاخذ عليه في الآخرة، فإذا ارتكب الإنسان جريمة فيها حد وأقيم عليه الحد، فهذا هو نصيبه من العقوبة، لا تعاد عليه العقوبة في الآخرة، فهي كفارة لذلك الذنب الذي ارتكبه، فهي جوابر، تجبر النقص والخلل الذي حصل بمعصية فيجبر بإقامة الحد عليه، وهي زاجر له حتى لا يعود مرة أخرى، وزواجر لغيره حتى لا يقدم على ما أقدم عليه، فيعاقب بما عوقب به.
الجواب: يصلى على الدابة ومثلها السيارة إذا ما حصل انشغال عن السيارة، وذلك أن السفر لو حصل النزول من أجل الصلاة يفوت على الإنسان الوقت دون أن يقطع مسافة، فهو بحاجة إلى أن يجمع بين الأمرين، يصلي وهو راكب حتى يقطع المسافة وفي نفس الوقت يصلي، أما في الحضر فليس للإنسان أن يتنفل وهو راكب، بل ينزل ويصلي.
الجواب: الموتى ما ورد بشأن سماعهم فإنه يثبت، وما لم يرد فإنه يسكت عنه، والذي ورد مثل ما ذكر في السؤال، يعني: في ما حصل لأهل قليب بدر، الكفار، فالله تعالى أسمعهم كلام نبيه عليه الصلاة والسلام، وفي ذلك تقريع وتوبيخ لهم، وزيادة حسرة وندامة، وكذلك أيضاً يسمع قرع نعالهم كما جاء في الحديث، لكن كونهم يسمعون كل شيء، وأنهم يعلمون كل شيء يجري، لا يقال هذا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قيل له: (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك).
الجواب: الحديث الصحيح يقال في تعريفه: ما روي بنقل عدل، تام الضبط، متصل السند، غير معلل ولا شاذ، فهذه صفات الحديث الصحيح، ما روي بنقل عدل، يعني: ما يكون فاسقاً، تام الضبط: ما يكون عنده سوء حفظ؛ لأن العدالة تتعلق بالديانة، والضبط يتعلق بالحفظ والإتقان للرواية التي يتحملها، عدل تام الضبط، متصل السند: ما فيه انقطاع بين الراوي والراوي عنه، فإذا كان فيه انقطاع، فإنه يؤثر؛ لأنه قد يكون ذلك المحذوف ضعيفاً، ومن شروطه ألا يكون معه شذوذ، فلا يكون فيه راوٍ مخالفاً لمن هو أوثق منه، مثل صلاة الكسوف، جاءت صفتها عن رسول صلى الله عليه وسلم: أنه صلى الكسوف كل ركعة بركوعين، عن جماعة من الثقات، وبعض الثقات رووها كل ركعة بثلاثة ركوعات، وهم يحكون صلاة واحدة، فالرسول صلى الله عليه وسلم صلى الكسوف مرة واحدة يوم مات ابنه إبراهيم، والثقات أو عدد من الثقات رووا أن كل ركعة بها ركوعان، وبعض الثقات رووا أن كل ركعة بها ثلاثة ركوعات، طبعاً هي حكاية لصورة واحدة، إذاً: المحفوظ الركوعان؛ لأنها رواية الكثير من الثقات، ورواية ثلاثة ركوعات هذه شاذة؛ لأنها رواها ثقة مخالف لمن هو أوثق منه، ومنه رواية: هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، جاء في بعض الروايات لا يرقون بدل لا يسترقون، وطبعاً هذه شاذة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر