أخبرنا محمد بن بشار حدثني أبو داود حدثنا شعبة عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي عبد الرحمن عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (سنت لكم الركب، فأمسكوا بالركب)].
يقول النسائي رحمه الله: إمساك الركب في الركوع، المقصود من هذه الترجمة: إثبات وضع الأيدي على الركب في الركوع، وأن المصلي يمسك ركبتيه بيديه، هذا هو المقصود من هذه الترجمة، وأما كيفية الوضع وطريقته فتبينها الأحاديث القادمة في التراجم الآتية، ولكن هنا المقصود إثبات إمساك الركب بالأيدي في حال الركوع.
وقد أورد النسائي حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، قال: [(سنت لكم الركب، فأمسكوا بالركب)].
قوله: (سنت لكم الركب)، يعني: بأن توضع الأيدي عليها، (فأمسكوا بالركب)، أي: بأيديكم، وقول الصحابي: سن لكم كذا، أو من السنة كذا، المراد بذلك: سنة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه له حكم الرفع، وهو بمعنى المرفوع، ودال على الرفع؛ لأن الصحابي إذا قال السنة كذا، أو من السنة كذا، أو تلك السنة؛ فإنما يريد بذلك: سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولما أرشد رضي الله تعالى عنه إلى السنة في قوله: (سنت لكم الركب)، أمر بالإمساك للركب، وأن هذا هو مقتضى السنة، وهذا هو تطبيق السنة.
وهو الملقب بندار البصري، ثقة، خرج له أصحاب الكتب الستة مباشرة، وبدون واسطة، إذ هو شيخ لهم جميعاً، كلٌ منهم روى عنه مباشرة، وبدون واسطة، وهو من شيوخ البخاري الصغار، الذين زمنهم مماثل لزمنه تقريباً؛ لأنه ليس بين وفاة البخاري وبين وفاة محمد بن بشار إلا أربع سنوات؛ لأن البخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين، ومحمد بن بشار توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، ومثل محمد بن بشار في كونه من شيوخ أصحاب الكتب الستة، وكونه من صغار شيوخ البخاري، الذين توفوا قبل وفاته بأربع سنوات: يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن المثنى، الملقب: الزمن، فإن هؤلاء الثلاثة من صغار شيوخ البخاري، وقد ماتوا جميعاً في سنة واحدة، وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
[حدثني أبو داود].
هو سليمان بن داود الطيالسي صاحب المسند، وهو ثقة حافظ، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا شعبة].
وهو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والأعمش لقب لـسليمان، ويأتي ذكره بالاسم، وذكره باللقب، وقد ذكرت مراراً أن فائدة معرفة ألقاب المحدثين: أن لا يظن أن الشخص الواحد شخصين، فيما إذا ذكر باسمه مرة وبلقبه أخرى.
[عن إبراهيم النخعي].
هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي، المحدث، الفقيه، الثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي عبد الرحمن].
أبو عبد الرحمن السلمي، هو عبد الله بن حبيب، ثقة، ثبت، مقرئ، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمر].
وهو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.
و عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، هو الخليفة الراشد، ثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، وثاني العشرة المبشرين بالجنة، الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، وكان أسلم قبله عدد من الصحابة ما يقرب من أربعين، وكان عنده قوة وصلابة، ولما أكرمه الله عز وجل بالإسلام، صارت قوته وشدته ضد أعداء الإسلام والمسلمين، فكان قوياً، ومعروفاً بالقوة وبالشدة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (ما سلكت فجاً إلا وسلك الشيطان فجاً غير فجك)، أخبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر العظيم، فإنه لا يجتمع عمر والشيطان في طريق واحد، فإذا سلك عمر طريقاً، هرب الشيطان من تلك الطريق التي فيها عمر رضي الله تعالى عنه.
وقد رأى النبي عليه الصلاة والسلام قصراً في الجنة، وسأل: لمن هذا؟ فقيل له: لـعمر بن الخطاب، ومناقبه جمة، وفضائله كثيرة، وهو الذي جاء عنه في رؤيا رسول الله عليه الصلاة والسلام، (أنه على قليب ينزع منها، ثم إنه أخذها بعده
أورد النسائي حديث عمر بن الخطاب من طريق أخرى، وهو قوله: (إنما السنة الأخذ بالركب)، يعني: الإمساك بها عند الركوع.
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].
هو المروزي، ثقة، حافظ، أخرج له الترمذي، والنسائي.
[أنبأنا عبد الله].
وهو ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، ثبت، حجة، جواد، مجاهد، عابد، وصفه الحافظ ابن حجر في التقريب بصفات عديدة وقال عقبها: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
وهو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، المحدث، الفقيه، الإمام، المشهور، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي حصين].
وهو عثمان بن عاصم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي عبد الرحمن عن عمر].
أبو عبد الرحمن السلمي عن عمر، وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
أخبرنا هناد بن السري في حديثه عن أبي الأحوص عن عطاء بن السائب عن سالم قال: (أتينا
هذا الذي قاله سالم البراد ومن معه، لما جاءوا إلى أبي مسعود الأنصاري البدري، وقولهم له: حدثنا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، يدلنا على ما كان عليه سلف هذه الأمة، من الحرص على تلقي السنن وأخذها، ومعرفتها، وتلقيها عن الذين تلقوها عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم: الصحابة، فالصحابة عندهم الحرص التام على تلقي السنن من رسول الله عليه الصلاة والسلام، والتابعون لديهم الحرص التام على تلقي ذلك عن الصحابة، ولهذا جاء سالم البراد، ومن معه، إلى أبي مسعود الأنصاري، وطلبوا منه أن يحدثهم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهو دال على حرصهم وعلى تلقيهم السنن، ومعرفتها، ومعرفة الأحكام الشرعية، وذلك ليعبدوا الله عز وجل طبقاً لما يثبت عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
الترجمة هي: باب مواضع الراحتين في الركوع؛ لأنه لما ذكر الترجمة السابقة وهي: الإمساك بالركب؛ هنا ذكر الراحتين، وأين موضعهما -يعني- عند الإمساك بالركب؟ كيف يكون وضعهما؟ وما هي مواضعهما؟ فأتى بحديث أبي مسعود هذا، وفيه الدلالة على ما ترجم له، وأنه أمسك براحتيه ركبتيه، وجعل أصابعه أسفل من ذلك، يعني: تجاوزت الركبتين إلى جهة الساقين، يعني: الراحة على الركبة، وتكون الأصابع نزلت وراء الركبة.
قوله: [(فلما ركع وضع راحتيه على ركبتيه، وجعل أصابعه أسفل من ذلك)]، يعني: نزلت عن الركبتين إلى ما وراء الركبة، إلى شيء من الساق.
قوله: [(وجافى بمرفقيه حتى استوى كل شيء منه)].
أي: عند الركوع، معناه: أنه لم يلصق مرفقيه ببطنه، وإنما جافى بينهما، حتى استوى كل شيء منه، فاستقر راكعاً، وهذا فيه: الإشارة إلى الاطمئنان في الركوع؛ لأن الاستواء لا يكون إلا بعد أن يحصل استقرار، هذه الهيئة، واستوى، واستقر فصار راكعاً، استوى كل شيء منه، أي: ركد واستقر على هيئة الركوع، أي: ليس هو انحناء ثم رفع، وإنما هو استقرار، الذي هو الاطمئنان في الركوع والسجود، لا بد منه، وهو أن الإنسان إذا ركع يستقر ويطمئن بحيث يثبت راكعاً، لا يهوي ثم يرفع بدون استقرار، وبدون ثبوت، بل يثبت راكعاً ويستقر، ويستوي كل شيء منه، بمعنى: أنه وضع اليدين على الركبتين، وحنى ظهره حتى صار على الهيئة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهي كون الرأس مساوياً للظهر.
قوله: [(ثم قال: سمع الله لمن حمده، فقام حتى استوى كل شيء منه)].
معناه أنه استقر قائماً، ليس مجرد ارتفاع ثم هبوط، وإنما استقرار، واستوى قائماً، مستقراً في حال قيامه، فالحديث دال على ما ترجم له من وضع الراحتين على الركبتين، والأصابع تنزل عن هذا الموضع.
هو هناد بن السري أبو السري الكوفي، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث، مر بنا ذكره في مواضع، مثل: إسماعيل بن مسعود أبو مسعود، والأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو، وعدد من المحدثين، توافق كناهم أسماء آبائهم، وذكرت أن معرفة هذا النوع فائدته: أن لا يظن التصحيف، فيما إذا كان معروفاً عند بعض الناس بالاسم، ولكن لا يعرف الكنية، فلو جاء بدل هناد بن السري: هناد أبو السري من لا يعلم أن الكنية أبو السري يظن أن (ابن) صحفت وتحولت إلى (أبو)، ومن يعلم يعرف أنها إن جاءت ابن السري فهو صحيح؛ لأنه ابن السري، وإن جاءت أبو السري فهو صحيح؛ لأن كنيته أبو السري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي الأحوص].
هو سلام بن سليم الحنفي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وأبو الأحوص توفي سنة مائة وتسع وسبعين، وهناد بن السري توفي فوق الأربعين، مائتين وفوق الأربعين، فكان عمره إحدى وسبعون سنة، ولادته كانت فوق الخمسين أو سنة ستين، ومعناه أنه أدرك مدة من حياة أبي الأحوص الذي هو هناد بن السري.
[عن عطاء بن السائب].
هو عطاء بن السائب الكوفي، وهو صدوق اختلط، والمختلط: الطريقة في حديثه: أن ما سمع منه قبل الاختلاط، فهذا صحيح ومعتبر، وما سمع منه بعد الاختلاط، هذا لا يعول عليه إذا انفرد، لكن لو وافق غيره ممن روى قبل الاختلاط، وكان مطابقاً أو روايته مطابقة لرواية غيره قبل الاختلاط، فإن ذلك يكون معتبراً، وإنما التأثير فيما إذا لم يأت إلا من طريقه، ولم يؤخذ عنه إلا بعد الاختلاط، فإن هذا لا يثبت به الحديث.
وعطاء بن السائب ذكر في ترجمته أن ممن سمع منه قبل الاختلاط: زائدة الذي سيأتي في طرق الحديث، زائدة بن قدامة الثقفي، في بعض الطرق التي سيأتي فيها زائدة، وعلى هذا فهذا الحديث، قد سمع منه قبل الاختلاط، وممن سمعه منه زائدة، والذين لم يسمعوا منه قبل الاختلاط، وكان سماعهم بعد الاختلاط، أو كان مشكوكاً فيه: هل كان قبل الاختلاط أو بعده؟ لا يؤثر ما دام أن الحديث ثبت من طريق من سمع قبل الاختلاط، إذاً: هؤلاء حديثهم ليس مخالفاً وليس منفرداً به، وليس مما انفرد به حتى يقال: إنه لم يثبت إلا من هذه الطريق التي لم يثبت السماع فيها، فـزائدة قالوا: إنه سمع منه قبل الاختلاط، وكذلك ذكر غيره ممن سمع قبل الاختلاط، وأناس سمعوا بعد الاختلاط، لكن من سمع بعد الاختلاط، وقد كان موافقاً لرواية غيره عنه ممن سمع عنه قبل الاختلاط لا تضر روايته؛ لأنها مطابقة، لأن المحذور هو أنه لم يضبط، لكن ما دام ضبط، أو ضبط عنه وحفظ عنه قبل أن يختلط، فالحديث الذي يأتي من طريقه معتبر.
وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سالم].
هو سالم البراد الكوفي أبو عبد الله، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن أبي مسعود].
وهو عقبة بن عمرو الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكره قريباً في أحاديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا أحمد بن سليمان الرهاوي حدثنا حسين عن زائدة عن عطاء عن سالم أبي عبد الله عن عقبة بن عمرو رضي الله عنه قال: (ألا أصلي لكم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي؟ فقلنا: بلى، فقام فلما ركع وضع راحتيه على ركبتيه، وجعل أصابعه من وراء ركبتيه، وجافى إبطيه حتى استقر كل شيء منه، ثم رفع رأسه فقام حتى استوى كل شيء منه، ثم سجد فجافى إبطيه حتى استقر كل شيء منه، ثم قعد حتى استقر كل شيء منه، ثم سجد حتى استقر كل شيء منه، ثم صنع كذلك أربع ركعات، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهكذا كان يصلي بنا)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: مواضع أصابع اليدين في الركوع، وأورد فيها حديث أبي مسعود من طريق أخرى، والرواية السابقة دالة على هذا، لكن تلك أوردها من أجل الاستدلال على الراحتين وموضعهما، وهنا الترجمة تتعلق بالاستدلال على مواضع الأصابع -أصابع اليدين عند الركوع- عندما يقعد الإنسان على ركبتيه.
وفي هذه الطريق: أن أبا مسعود عقبة بن عمرو قال: [ألا أصلي لكم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي؟] ألا أصلي لكم، يعني: معناه أنه يريهم كيفية صلاة رسول الله عليه الصلاة والسلام.
الإسناد الذي تقدم: [ قالوا: حدثنا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ]، يعني: هم طلبوا منه الحديث، ولكنه أراد أن يبين لهم بالفعل، فعرض عليهم وقال: ألا أصلي لكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي؟ يعني: أراد أن يبين بالفعل؛ حتى يشاهدوه ويعاينوه ويعاينوا فعله.
وهذا أيضاً فيه: كما ذكرت في الذي قبله، حرص الصحابة على بيان السنن بالقول والفعل، وقدوتهم في ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، يعني: بين بقوله وفعله، وأرشدهم إلى أنه يفعل، وأنهم عليهم أن ينظروا إلى أفعاله، وهم لا شك أنهم يتابعونه، أي: لو لم يقل: (صلوا كما رأيتموني أصلي) فإنهم سيصلون كما يصلي؛ لأنهم يأخذون أفعاله، لكن هذا من البيان بالقول، ومن أيضاً حثهم على أن يتعرفوا على الهيئة التي يفعلها رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهذا من البيان بالقول والفعل.
وهنا قوله: [(ألا أصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟)]، هو بالقول والفعل؛ لأنه أولاً عرض عليهم، وهذا قول، ثم فعل وصلى بهم وهم يرون.
قوله: [(فلما ركع وضع راحتيه على ركبتيه، وجعل أصابعه من وراء ركبتيه)]، أي: أنها نزلت إلى الساقين؛ لأن الراحة -راحة اليدين- وضعت على الركبتين، فتنزل الأصابع إلى الساقين، أو إلى أوائل الساقين، أو أعالي الساقين.
وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث في هذه الترجمة، وهي مواضع أصابع اليدين في الركوع.
قوله: [(وجافى إبطيه حتى استقر كل شيء منه)]. ثم جافى إبطيه عن جنبيه، فلم يلصقهما، وإنما حصل مجافاة.
قوله: [(حتى استقر كل شيء منه)]. يعني: استقر راكعاً، وثبت راكعاً، هي مثل استوى، التي مضت في الرواية السابقة، يعني: استقر راكعاً على هذه الهيئة، وهو يدل على الطمأنينة والاستقرار في الركوع.
قوله: [(ثم رفع رأسه فقام حتى استوى كل شيء منه)]. يعني: استقر قائماً، واستوى كل شيء منه على هيئته في حال القيام.
قوله: [(ثم سجد فجافى إبطيه حتى استقر كل شيء منه)]. يعني: المجافاة في السجود، مجافاة الإبطين عن الجنبين، حتى استقر كل شيء منه، أي في السجود، بحيث استقر ساجداً واطمأن ساجداً.
قوله: [(ثم قعد حتى استقر كل شيء منه)]. أي: حتى استقر جالساً، واستقر كل شيء منه في حال جلوسه، وهو يفيد الاطمئنان بين السجدتين.
قوله: [(ثم سجد حتى استقر كل شيء منه)]. ثم سجد السجدة الثانية حتى استقر كل شيء منه، أي: مطمئناً في سجوده.
قوله: [(ثم صنع كذلك أربع ركعات)]. ثم صنع هكذا أربعاً أي: فعل هذا الذي فعله في هذه الركعات التي وصفها في الأربع الركعات، أو في الثلاث الركعات الباقية، يعني: في جميع الركعات التي هذه أولها، وصنع مثل ما صنع لهذه الركعة.
قوله: [(ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهكذا كان يصلي بنا)]. يعني: أنه يصلي في حال صلاته وحده، يعني: في صلاته النوافل: [وهكذا كان يصلي بنا]، يعني: في حال النوافل والفرائض، هكذا رأوه يصلي، وهكذا كان يصلي بهم، عندما يؤمهم ويتقدمهم في الصلاة، فإنهم عرفوا هذه الهيئة في صلاته، فيما إذا كان يتنفل وهم يرون، وفي صلاته إذا كان صلى بهم وأمهم في الصلاة.
وكلام أبي مسعود رضي الله عنه، في آخر الحديث، مثل كلامه في أول الحديث، وهو قول دال على عناية الصحابة ببيان السنن؛ لأنه في الأول قال: [ألا أصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟] وفي آخره قال: [هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي]، في البداية عرض عليهم، وفي الآخر قال: هكذا، فهو من باب بيان السنن بالقول والفعل.
هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا الحسين].
وهو حسين بن علي الجعفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زائدة].
هو زائدة بن قدامة الثقفي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء بن السائب عن سالم عن أبي مسعود].
وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم عن ابن علية عن عطاء بن السائب عن سالم البراد قال أبو مسعود رضي الله عنه: (ألا أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي؟ قلنا: بلى، فقام فكبر، فلما ركع جافى بين إبطيه، حتى لما استقر كل شيء منه رفع رأسه، فصلى أربع ركعات هكذا، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي التجافي في الركوع، يعني: مجافاة الإبط، الجنب أو الإبطين عن الجنبين، أي: عدم إلصاقهما بالجنبين، وإنما يجافي بينهما، بحيث لا يلصق عضده في جنبه، وإنما يجافي بينهما، فـالنسائي رحمه الله أورد هذه الترجمة، والأحاديث التي مضت تدل عليها، ولكن هذه طريقته، أي: يأتي بالحديث من طرق، ويأتي لكل ترجمة بطريق غير الطريق الأولى، وهو دال على ما ترجم له، وإن كانت الطرق الماضية في التراجم السابقة، لتراجم أخرى تدل على هذا، إلا أن هذه طريقته، يعني: يأتي بالحديث من طرق، وكل طريق يأتي بها في ترجمة؛ ليستدل بها على الترجمة، وإن كانت تلك الطريق تدل على تراجم أخرى.
وأبو مسعود رضي الله عنه قال: [(ألا أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي؟ قلنا: بلى، فقام فكبر، فلما ركع جافى بين إبطيه حتى لما استقر كل شيء منه رفع...)].
يعني: بعدما استقر وثبت راكعاً واطمأن راكعاً، رفع رأسه من الركوع، ومحل الشاهد منه ذكر المجافاة هنا.
قوله: [(فصلى أربع ركعات هكذا، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي)].
وهو مثل الذي قبله.
هو الدورقي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، كما ذكرت ذلك آنفاً عند ذكر محمد بن بشار.
[عن ابن علية].
وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء بن السائب عن سالم عن أبي مسعود].
وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
أخبرنا محمد بن بشار حدثنا يحيى حدثنا عبد الحميد بن جعفر حدثني محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع اعتدل، فلم ينصب رأسه ولم يقنعه، ووضع يديه على ركبتيه)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الاعتدال في الركوع، يعني: الاستواء فيه، بحيث يكون رأسه محاذياً لظهره، ويكون مستقراً في ركوعه، ويداه على ركبتيه، لا يكون رأسه مرتفعاً وظهره غير منحنٍ، ولا يكون أيضاً بأن يخفض رأسه، ويعصر ظهره بحيث ينزل، أي: يكون مستوياً، وإنما يكون رأسه محاذياً لظهره؛ ولهذا أورد حديث أبي حميد.
وقد أورد حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع اعتدل فلم ينصب رأسه ولم يقنعه)]، يعني: ما رفعه ولا خفضه، وإنما جعله مساوياً لظهره، وهذا هو المقصود، وهذا تفسير للاعتدال.
وقد مر ذكره.
[حدثنا يحيى].
وهو ابن سعيد القطان، المحدث، الناقد، الثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الحميد بن جعفر].
عبد الحميد بن جعفر صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثني محمد بن عمرو بن عطاء].
محمد بن عمرو بن عطاء، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي حميد].
أبو حميد الساعدي، هو المنذر بن سعد بن منذر، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، صحابي مشهور بكنيته، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
الجواب: هذا هو، الركبتين والأصابع نزلت، لكن كون الأصابع، تجمع أو تفرق، لا أدري؟
الجواب: أقول: صورة الكفين لا بأس بها، المحذور هو الوجه وما يتبع الوجه، يعني لو صورة رجل أو صورة كف، اللهم إلا إذا كانت الكف فيها فتنة، أو فيها شيء يغري أو يؤثر، فيكون المنع لسبب الحسن والجمال الذي يؤثر.
الجواب: الصلاة بين السواري في حال الجماعة لا يجوز، أن يصف بينها إلا إذا لم يوجد، إلا ما بين السواري لامتلاء المسجد، وحاجة الناس إلى أن يصفوا بين السواري، لكن إذا صف جماعة، وواحد لم يجد إلا هذا المكان، وقد امتلأت الصفوف، فله أن يصف، كما أن له أن يصف وحده، يعني: للضرورة، أما بالنسبة للنافلة فالصلاة جائزة، لكن الأولى أن الإنسان يصلي إلى سترة، يعني: ما دام أنه ليس هناك ضيق، فكونه يأتي ويختار المكان الذي فيه سترة، أولى من كونه يذهب.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر