أخبرنا يحيى بن عثمان الحمصي حدثنا أبو حيوة حدثنا شعيب عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه كان إذا ركع قال: اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت، أنت ربي، خشع سمعي وبصري ودمي ولحمي وعظمي وعصبي لله رب العالمين)].
فالكلام يتعلق بالذكر في الركوع، وقد مرت عدة أحاديث، تشتمل على ألفاظ من الذكر في الركوع، وغالبها ترجع إلى أنها تعظيم لله عز وجل، وثناء عليه، وحمد له، وتسبيح، وقد جاء في الحديث الذي تقدم قبلها: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، قمن أن يستجاب لكم)، وتلك الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي من الثناء على الله عز وجل، وهي من التعظيم له سبحانه وتعالى، وقد جاء في بعضها كما ذكرت سابقاً، أن الغالب على الركوع التعظيم، ويجوز الدعاء فيه، والغالب على السجود الدعاء، ويجوز أو يشرع الثناء على الله عز وجل فيه.
وذكرت مما ما دل على ذلك ما جاء عن عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام، بعدما أنزل الله عز وجل عليه: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا [النصر:1-3]، أنها قالت: [(ما صلى بعدما أنزلت عليه هذه السورة صلى الله عليه وسلم صلاة إلا قال في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي)]، فإن الإتيان بـ(سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي) في الركوع، هو فيه دعاء، وإتيان (سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي) في السجود هو فيه ثناء، بل من الثناء كونه يقال فيه: سبحان ربي الأعلى، يقال في الركوع: سبحان ربي العظيم، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى.
إذاً: التعظيم في الركوع، هذا هو الأصل والغالب، ويجوز الدعاء، والدعاء في السجود، هو الأصل والغالب، ويجوز أو يشرع الثناء والتعظيم لله سبحانه وتعالى.
وقد مر في الأحاديث التي في الذكر في الركوع: سبحان ربي العظيم، ومر: سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي، ومر: سبوح قدوس رب الملائكة والروح، ومر: سبحان ذي الجبروت، والملكوت، رب الملائكة والروح، ومر أحاديث متقاربة في اللفظ وهي: [(اللهم لك ركعت، ولك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، أنت ربي، خشع سمعي وبصري ولحمي ودمي وعظامي وعصبي لله رب العالمين)]، في بعضها ذكر المخ دون العظام، وفي بعضها، ذكر ستة ألفاظ، وفي بعضها خمسة ألفاظ، وكلها من الثناء على الله سبحانه وتعالى.
وقد مر في الدرس الفائت هذا الحديث، الذي هو حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، وتكلمت على إسناده، وذكرت أن أبا حيوة، وهو: شريح بن يزيد الحمصي، أن ابن حبان وثقه، وأن الحافظ ابن حجر في نسخة التقريب المصرية، ليس فيها شيء مما يتعلق ببيان حاله، وذكرت أنه روى له أبو داود في المراسيل، والنسائي، وهذا خطأ، إنما هذا الكلام لـابن حمير الذي في الإسناد الذي بعده، محمد بن حمير، وأما أبو حيوة، وهو: شريح بن يزيد الحمصي، فقد خرج له أبو داود، والنسائي، وفي خلاصة تذهيب الكمال وفي تهذيب التهذيب ما ذكر إلا أنه وثقه ابن حبان، وفي نسخة التقريب الطبعة المصرية ليس فيها شيء يدل على بيان حاله.
ومن المعلوم أن الحديث ورد من طرق متعددة الذي بعده والذي قبله، وكلها شاهدة له، هذا من طريق جابر بن عبد الله، والذي بعده من طريق محمد بن مسلمة، والذي قبله من طريق علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، فهذه شواهد لهذا الحديث الذي جاء من طريق أبي حيوة، ولم يذكر إلا أنه وثقه ابن حبان.
ورجاله الباقون تقدم ذكرهم: يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه ، وأبو حيوة أخرج له أبو داود، والنسائي، وشعيب بن أبي حمزة الحمصي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ومحمد بن المنكدر ثقة، فاضل، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وجابر بن عبد الله الأنصاري الصحابي الجليل، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، فرجاله خمسة، ثلاثة حمصيون واثنان مدنيان، الحمصيون هم: يحيى بن عثمان، وأبو حيوة شريح بن يزيد، وشعيب بن أبي حمزة، هؤلاء حمصيون، ومحمد بن المنكدر، وجابر بن عبد الله، هذان مدنيان.
وهذا الحديث حديث محمد بن مسلمة رضي الله تعالى عنه، هو مثل الذي قبله، إلا أنه ذكر أنه إذا قام تطوعاً كان يقول هذا، والذي قبله مطلق، ويؤتى بهذا في التطوع وفي الفرائض؛ لأنه كله تعظيم لله عز وجل، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (أما الركوع فعظموا فيه الرب).
أما متنه فهو مثل الذي قبله، إلا أن فيه ذكر المخ بدل العظام، [(أنت ربي، خشع سمعي وبصري ولحمي ودمي ومخي وعصبي لله رب العالمين)]، فيه ذكر المخ هنا، وفي الذي قبله ذكر العظام.
هو الذي تقدم في الإسناد الذي قبل هذا.
[وابن حمير].
هو محمد بن حمير الحمصي، وهو صدوق، أخرج له البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي، وابن ماجه .
[عن شعيب بن أبي حمزة].
وهو قد تقدم ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
[عن محمد بن المنكدر].
وقد تقدم ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
[عن عبد الرحمن الأعرج].
هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن مسلمة الأنصاري].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقيل: إنه أكبر من يسمى محمداً من أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
وهذا الإسناد هو مثل الذي قبله، إلا أن فيه محمد بن حمير، بدل أبو حيوة، وفيه أيضاً زيادة عبد الرحمن الأعرج، وفيه الصحابي محمد بن مسلمة، وفي الذي قبله جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما وعن الصحابة أجمعين.
قوله: [وذكر آخر قبله].
يعني شعيب بن أبي حمزة، الذي ذكر آخر قبله شعيب بن أبي حمزة، يعني: روى عن محمد بن المنكدر، وروى عن شخص آخر ذكره قبله، ولكنه في هذا الإسناد لم يذكر ذلك الشخص، وإنما أبهم ذلك الشخص، وكان ذكره -أي: ذكر شعيب له- قبل محمد بن المنكدر، يعني تعيين موضعه في الذكر وأنه قبله، ومن بعده أبهمه فلم يذكره ولم يسمه، ومن المعلوم أن عدم تسميته لا تؤثر؛ لأن العمدة على المذكور، وهو محمد بن المنكدر وحده، يعني كاف للتعويل على حديثه، فعدم ذكر ذلك الشخص أو إبهامه، لا يؤثر شيئاً على صحة الإسناد، وعلى سلامته.
أخبرنا قتيبة حدثنا بكر بن مضر عن ابن عجلان عن علي بن يحيى الزرقي عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع رضي الله عنه وكان بدرياً، قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ دخل رجل المسجد فصلى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقه، ولا يشعر ثم انصرف، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فرد عليه السلام، ثم قال: ارجع فصل فإنك لم تصل، قال: لا أدري في الثانية، أو في الثالثة، قال: والذي أنزل عليك الكتاب، لقد جهدت فعلمني وأرني، قال: إذا أردت الصلاة فتوضأ فأحسن الوضوء، ثم قم فاستقبل القبلة، ثم كبر، ثم اقرأ، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع رأسك حتى تطمئن قاعداً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، فإذا صنعت ذلك فقد قضيت صلاتك، وما انتقصتَ من ذلك فإنما تنقصه من صلاتك)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الرخصة في ترك الذكر في الركوع، لما ذكر في التراجم السابقة الذكر الذي يكون في الركوع، وأنه يشرع فيه الذكر، وأتى بهذه الترجمة: الرخصة في ترك الذكر في الركوع، يعني الإشارة إلى أنه ليس بلازم، ومن المعلوم أنه ليس من أركان الصلاة، وإنما الخلاف: هل هو من واجباتها أو من مستحباتها؟ هل هو من الواجبات، التي يتعين على الإنسان أن يأتي بها، وإذا نسيها يجبره سجود السهو؟ مع اتفاق الجميع، على أنه ليس من الأركان التي لا تجبر بسجود السهو، وإنما يتعين الإتيان بها، وإنما الكلام هل هي من الواجب الذي يجبره سجود السهو، لو ترك نسياناً، أو من المستحب الذي لو ترك عمداً لا يؤثر لأنه مستحب؟
هنا قال: الرخصة في ترك ذلك، وهذا فيه إشارة إلى أنه من قبيل المستحب، وليس من قبيل الواجب، كثير من العلماء ذهبوا إلى أنه مستحب، وبعضهم ذهبوا إلى أنه واجب، أي: قول سبحان ربي العظيم فقط، فكونه يأتي بسبحان ربي العظيم، الذي هو أقل الذكر، وإن أتى بما وراءه وبما زاد عليه من ما ثبت، فهذا كمال وأحسن وزيادة فعل أمر مشروع ومستحب، ومن العلماء من قال: إنه لو لم يذكر أصلاً، أو تركه أصلاً، فإنما ترك أمراً مستحباً، لم يترك أمراً واجباً، وفي هذه الترجمة، الإفادة إلى أنه ليس بواجب، وأن الإنسان لو تركه، فإنه لا يترتب عليه شيء، ولا يضره تركه، لكن كما هو معلوم، الإنسان يحرص على فعل السنن، لا سيما الذي فيها احتمال أن يكون واجباً كما قاله بعض أهل العلم.
وأورد النسائي تحت هذا: حديث المسيء صلاته، قصة الرجل الذي دخل المسجد، وصلى والنبي صلى الله عليه وسلم يرمقه، يعني: ينظر إليه وهو لا يشعر أن النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليه، فلما فرغ من صلاته وانصرف منها، جاء وسلم على رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو في المسجد، فقال له: [(ارجع فصل فإنك لم تصل)]؛ لأنه قد صلى، لكن صلاته غير معتبرة؛ لأنه لم يأت بما هو مطلوب فيها، من الأمور اللازمة التي هي أركان، فعاد وكرر يعني مرتين أو ثلاثاً، ثم بعد ذلك قال: [(والذي أنزل عليك الكتاب، لقد جهدت)]، يعني: معناه بذلت جهدي في أن آتي بالصلاة على الوجه المطلوب، ولكنه لا يعلم غير هذا، ثم طلب من النبي عليه الصلاة والسلام أن يعلمه، وأن يريه كيف يصلي، ما هي الطريقة والكيفية التي يصلي بها، ويؤدي صلاته بها؟ أي: بهذه الكيفية.
فالنبي عليه الصلاة والسلام علمه وبين له، فقال: [(إذا أردت الصلاة فتوضأ وأحسن الوضوء)]، وهذا فيه أن الوضوء لا بد منه، وهو شرط من شروط الصلاة التي تسبقها، وكذلك استقبال القبلة، شرط من شروط الصلاة، [(ثم استقبل القبلة)]، أرشده إلى الوضوء وإحسانه، وإلى استقبال القبلة، فهذان شرطان من شروط الصلاة، فالصلاة التي لا يكون معها وضوء غير صحيحة، [(لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)]، كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
وكذلك أيضاً استقبال القبلة، وذلك في حال الفرض، وكذلك في النوافل، إلا في حال السفر، فإن للإنسان أن يصلي على راحلته أينما توجهت، لكن يبدأ بالدخول في النافلة باستقبال القبلة، ثم يتجه أو يصلي على راحلته، أينما توجهت به، فذلك مستثنى كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
ثم قال: [(فكبر)]، والمراد من ذلك تكبيرة الإحرام، التي هي المفتاح، التي هي المدخل، والتي هي البداية، والتي هي التحريم، وقد جاء في الحديث: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم)، يعني معناه لها بداية ولها نهاية، بدايتها التكبير ونهايتها التسليم، (تحريمها التكبير)، إذا قال الإنسان: الله أكبر، حرم عليه بعدها ما كان مباحاً له قبلها، من الكلام والأكل، والشرب، والحركة والتصرفات، بمجرد أن يقول: الله أكبر داخلاً في الصلاة بتكبيرة الإحرام.
(وتحليلها التسليم)، إذا سلم، أمكنه أن يتكلم، وأن يتحدث، وأن ينصرف، وأن يعمل الأعمال التي كان ممنوعاً منها بالتحريم، الذي هو دخول الصلاة بدخوله، ما كان مباحاً له قبل التحريم، حل له بعد التسليم، ولهذا جاء: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم)، فالصلاة التي لا يدخل الإنسان فيها بالتكبير التكبيرة الأولى، ولم تحصل منه النية، فإن الصلاة لا تعتبر؛ لأنه لا بد فيها من هذا اللفظ، ولا بد من النية التي محلها القلب، أن يكون ينوي أن هذا فرض، وهذا نفل، وتكون النية في قلبه لا بلسانه، وليس له أن يتلفظ بما نواه، وإنما النية محلها القلب، ولا يجوز التلفظ بها؛ لأنه لم يذكر عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا عن أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وإنما جاء في الحج التلفظ بما نواه، كونه ينوي حجاً، أو عمرة، أو حجاً وعمرة، ينوي تمتعاً، إفراداً، قراناً، يقول: لبيك عمرة، لبيك حجاً، لبيك عمرة وحجاً، هذا جاءت به السنة عن رسول الله، فإنه يتلفظ بما نواه، وأما غير ذلك فإنه لم يأت في ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في ذلك شيء.
ثم أمره بالقراءة، ما تيسر معك من القرآن، وقد جاء في الأحاديث الماضية أن المتعين قراءة الفاتحة، وأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، وهذا هو الأمر اللازم، وما عدا ذلك فهو مستحب، يعني ما زاد على الفاتحة.
قوله: [(ثم اركع حتى تطمئن راكعاً)]، يعني: معناه أن الإنسان إذا ركع، يطمئن في ركوعه، ما هو مجرد انحناء ورفع بسرعة، وإنما يطمئن، ويستقر، ويستوي في ركوعه، كما سبق أن مرت بنا الأحاديث في ذلك، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث في هذه الترجمة؛ لأنه ما قال له: سبح، أو قل: سبحان ربي العظيم، أو قل كذا وكذا، وإنما قال: اركع حتى تطمئن راكعاً، فأمره أو دله على الأمر المتعين الذي لا بد منه، وهو الركوع، هذا الفعل الذي هو على هذا الوصف، وعلى هذه الهيئة، وهو الاطمئنان والاستقرار، والسكون في الركوع، بحيث يستقر راكعاً، ومحل الشاهد منه، أنه ما أرشده إلى الدعاء، ما أرشده إلى الذكر، فهذا هو محل الشاهد من الترجمة: الرخصة في ترك الذكر في الركوع، قالوا: فلم يبين له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، ولو كان أمراً لازماً لبينه الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنه قال له: [(ارجع فصل فإنك لم تصل)].
ومن المعلوم أن الحديث إنما جاء في وصف الركعة، والأفعال التي تكون فيها، وأنه لا بد من الاطمئنان في هذه الأفعال، في الركوع، وفي الرفع من الركوع، وفي السجود، وفي الرفع من السجود، وهذه إنما هي صفة الركعة الواحدة، لكن من الأمور اللازمة فعل التشهد، مثل التشهد الأخير، وكذلك التسليم؛ فإن هذه كلها أمور لا بد منها، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبينها له؛ لأنه لم يحصل منه تقصير، وإنما الذي رآه في ركوعه، وفي صفة الركعة، هو الذي حصل منه خلل، فبين له النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ذلك الذي أخل فيه، ووصفه بأنه لم يصل.
إذاً: هذا هو محل الشاهد، أنه ما ذكر له الذكر في الركوع، وإنما قال: اركع حتى تطمئن راكعاً.
ثم قوله: [(ثم ارفع حتى تعتدل قائماً)]، يعني القيام بعد الركوع، الإنسان يطمئن فيه ويعتدل، وقد جاء في بعض الأحاديث: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقوم بعد ركوعه كما جاء في حديث أنس حتى أقول في نفسي: قد نسي، يظن أنه من طول قيامه بعد الركوع قد نسي، وهذا إشارة إلى طول قيامه، وأنه يطمئن ويستوي ويعتدل قائماً، وليس بمجرد ما يقف يرجع ينزل للسجود، وإنما يعتدل ويستقر في قيامه.
قوله: [(ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً)]، يعني: يطمئن في سجوده، مثلما اطمأن في ركوعه يطمئن في سجوده، [(ثم ارفع حتى تطمئن قاعداً)]، يعني بين السجدتين، [(ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً)]، يعني السجدة الثانية.
ثم قوله: [(فإذا فعلت فقد أتممت صلاتك)]، يعني بالنسبة للركعة الواحدة، ولصفة الركعة الواحدة، [(وما انتقصت فإنما تنقصه من صلاتك)]، قوله: [(وما انتقصت فإنما تنقصه من صلاتك)]، من المعلوم أن هذه الأفعال هي أمور متعينة ولازمة، ونقص واحد منها، أو ترك واحد منها، تبطل به الصلاة، لكن هذا النقص الذي يكون فيما إذا حصل تقصير في صفة الركوع، يعني عدم التمكن في الاطمئنان، يعني: يوجد الركوع ويوجد الاستواء، ولكن ما يحصل معه الاطمئنان، هذا هو الذي يكون فيه استقرار، ولكنه لو ترك الركوع أو لو ترك السجود أو لو ترك الجلسة بين السجدتين، فإن صلاته لا تصح، الركعة لا تصح التي وجد فيها ذلك النقص.
وهو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان قرية من قرى بلخ، وهو ثقة، ثبت، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا بكر بن مضر].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه .
[عن ابن عجلان].
وهو محمد بن عجلان المدني، صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وهو الذي ذكروا في ترجمته أن أمه حملت به ثلاث سنين.
[عن علي بن يحيى الزرقي].
هو علي بن يحيى بن خلاد الزرقي الأنصاري، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
[عن أبيه].
وهو يحيى بن خلاد بن رافع الزرقي الأنصاري، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
وقال الحافظ: له رؤية، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وحديثه أخرجه البخاري وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمه].
عمه رفاعة بن رافع، يعني أخو خلاد؛ لأن الذي في الإسناد: علي بن يحيى بن خلاد بن رافع، فـعلي بن يحيى يروي عن أبيه يحيى، ويحيى يروي عن عمه رفاعة بن رافع، الذي هو أخو خلاد بن رافع، وهذا هو الذي له رؤية.
يروي عن عمه رفاعة بن رافع هذا الذي هو بدري، وكان بدرياً، يعني: من أهل بدر، أي: رفاعة بن رافع، الذي هو عم يحيى بن خلاد بن رافع، وكان بدرياً، وحديثه أخرجه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا شعبة عن قتادة سمعت أنساً رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أتموا الركوع والسجود إذا ركعتم وسجدتم)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب الأمر بإتمام الركوع، أورد فيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي عليه السلام قال: (أتموا الركوع والسجود إذا ركعتم وسجدتم)، فإن قوله: (أتموا) أمر، ولهذا النسائي أتى بالترجمة مطابقة لما في الحديث: الأمر بإتمام الركوع، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: [(أتموا الركوع والسجود إذا ركعتم وسجدتم)]، وإتمام الركوع والسجود هو: أن يطمئن فيهما، وأن يسجد على الهيئة التي فيها الاعتدال، والاستواء، والاطمئنان، وكونه يأتي بالذكر والدعاء في الركوع والسجود، هذا هو إتمام الركوع والسجود، لكن المتعين والأمر اللازم الذي لا بد منه هو السجود والاطمئنان فيه، والركوع والاطمئنان فيه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر