أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب عن الليث أخبرنا ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن عباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه)].
يقول النسائي رحمه الله: باب السجود على القدمين، وقد مر في الأحاديث الماضية الأبواب المتعددة المتعلقة بالسجود على الأنف، والجبهة، وعلى الركبتين، وعلى اليدين، وهذه الترجمة تتعلق بالسجود على القدمين، فقد أورد فيه حديث العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد، سجد منه وجهه ويداه وركبتاه وقدماه)، ومحل الشاهد من ذلك الكلمة الأخيرة وهي قوله: (وقدماه)؛ لأنها هي الدالة على ما ترجم له المصنف من السجود على القدمين.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم].
ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[عن شعيب].
وهو ابن الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، نبيل، فقيه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا ابن الهاد].
وهو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، وهو ثقة، مكثر من الرواية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن إبراهيم بن الحارث].
هو محمد بن إبراهيم بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر بن سعد بن أبي وقاص].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن العباس بن عبد المطلب].
عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبيدة حدثنا عبيد الله بن عمر عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فانتهيت إليه وهو ساجد، وقدماه منصوبتان، وهو يقول: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)].
أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي: نصب القدمين في السجود، يعني عندما يسجد الإنسان ينصب قدميه، وطريقة ذلك أنه يجعل أصابعها متجهة إلى القبلة، ويسجد عليها، فهو ينصبها، لا يضعها وضعاً، ولا يجعلها على ظهورها، وإنما يجعلها منتصبة قائمة، ويجعل بطون أصابعها متجهة إلى القبلة كما جاء في حديث أبي حميد الساعدي، لكن هذه الترجمة معقودة لنصب القدمين في السجود، وأنه ينصبهما بحيث تكونان قائمتين، ولا يضعهما معترضتين، ولا على ظهورهما، وإنما ينصبهما نصباً.
وقد أورد النسائي فيه حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: [(فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهيت إليه، وإذا هو ساجد، وقدماه منصوبتان -وهذا هو محل الشاهد هو قولها قدماه منصوبتان، وهو يقول في سجوده: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك)]، وهذا حديث عظيم، دعاء من جوامع الأدعية، وقد مر الحديث فيما مضى، ومن أحسن من شرح هذا الحديث ابن القيم في كتابه شفاء العليل، فإنه عقد فيه ثلاثين باباً تتعلق بالقضاء والقدر، وهو الباب السادس والعشرون ، وهذا الحديث من أدلة القضاء والقدر؛ لأن كل شيء بقضاء الله وقدره، الذي يطلبه وهو المعافاة، والذي يخشاه وهو العقوبة، فكل شيء مقدر، كل شيء بقضاء الله وقدره. شرحه وبين ما اشتمل عليه من إثبات القدر، والحكم والأسرار التي اشتمل عليها هذا الحديث، وأنه يستعاذ بصفات الله من صفات الله، وبأفعاله من أفعاله، وقد مر ذكر الحديث فيما مضى في أبواب سابقة من هذا الكتاب.
هو ابن مخلد، المشهور بـابن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة ثبت، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، فإنه لم يخرج له شيئاً.
قوله: [أخبرنا عبيدة].
في بعض النسخ عندنا عبيدة بدل عبدة، وهو خطأ ، والصواب هو: عبدة بن سليمان الكوفي، وهذا هو الموجود في تحفة الأشراف وهو عبدة بن سليمان الكوفي، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبيد الله بن عمر].
وهو ابن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المصغر، أي: الذي يقال له: عبيد الله، ويقال: المصغر تمييزاً له عن أخيه المكبر الذي هو عبد الله؛ لأن عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر المصغر ثقة ثبت، والمكبر ضعيف، وعبيد الله بن عمر هو أخو هذا الذي يقال له: المكبر، وأما المصغر الذي معنا وهو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عمر بن الخطاب، فهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن يحيى بن حبان].
هو المدني، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعرج].
هو عبد الرحمن بن هرمز، والأعرج لقبه، وهو مشهور بلقبه، ومشهور باسمه، يأتي ذكره كثيراً باللقب، ويأتي ذكره كثيراً بالاسم والنسب، وهو ثقة ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة على الإطلاق حديثاً عنه عليه الصلاة والسلام، ورضي الله تعالى عن أبي هريرة وعن الصحابة أجمعين.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق التي أنزل الله تعالى براءتها مما رميت به من الإفك في آيات تتلى من سورة النور، وهي التي حفظت الكثير من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي من أوعية العلم وأوعية السنة، ولا سيما الأحاديث التي تتعلق بأعمال الرجل مع أهل بيته، فإنها حفظت السنن الكثيرة في ذلك وفي غيره، وهي الصحابية الوحيدة التي كثر حديثها كثرة لا يدانيها امرأة من النساء الصحابيات، ولا يقاربها، بل هي مكثرة جداً، وهي واحدة من السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن المعروفين بالكثرة في الحديث سبعة، ستة رجال وامرأة واحدة، والمرأة الواحدة هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها.
أخبرنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا عبد الحميد بن جعفر حدثني محمد بن عطاء عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أهوى إلى الأرض ساجداً جافى عضديه عن إبطيه، وفتح أصابع رجليه) مختصر].
أورد النسائي فتح أصابع القدمين في السجود، يعني: تليينها لتنتمي وتتجه أطراف أصابعها إلى القبلة، وقد جاء مبيناً ذلك في حديث أبي حميد عند البخاري: (أنه إذا سجد استقبل بأصابع رجليه القبلة)، فالترجمة معقودة لبيان الهيئة التي تكون عليها الأصابع، وهي أنها تلين وتثنى حتى تتجه أطراف الأصابع إلى القبلة في السجود، وإذاً فالسنة هي هذه الهيئة، ليست الهيئة أن توضع الأصابع على الأرض، ووجوهها متجهة إلى الخلف، ولا أن توضع ظهور القدمين على الأرض، ولا أن توضع القدمان معترضتين، سواء كان يميناً أو شمالاً، وإنما تكون منصوبتين كما جاء في الحديث المتقدم، وأصابعها على هذه الهيئة، التي هي كون الأصابع مستقبلاً بها القبلة، وهذا الحديث حديث أبي حميد مختصر، يعني: جاء به مختصراً، وإلا فإنه مطول عند البخاري وعند غيره في مواضع، يعني أنه مطول يشتمل على عدة أعمال من أعمال الصلاة، فيما يتعلق بالركوع، وبالسجود، وبأعمال أخرى في الصلاة، لكنه أتى ببعضه، أو بطرف منه في هذا الموضع؛ للاستدلال به على ما ترجم له.
وهو الملقب بندار البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة، وهو من صغار شيوخ البخاري، توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، أي: قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، وقد شاركه في الوفاة بهذه السنة، وكونهم من صغار شيوخ البخاري : محمد بن المثنى، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري ، المحدث، الناقد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الحميد بن جعفر].
صدوق، ربما وهم، وأخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثني محمد بن عطاء].
وهو محمد بن عمرو بن عطاء، منسوب إلى جده، واسم أبيه عمرو، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي حميد الساعدي].
هو أبو حميد الساعدي، وهو صحابي مشهور، اسمه المنذر بن سعد بن المنذر، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا أحمد بن ناصح حدثنا ابن إدريس سمعت عاصم بن كليب يذكر عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله عنه أنه قال: (قدمت المدينة فقلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكبر ورفع يديه حتى رأيت إبهاميه قريباً من أذنيه، فلما أراد أن يركع كبر ورفع يديه، ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده، ثم كبر وسجد، فكانت يداه من أذنيه على الموضع الذي استقبل بهما الصلاة)].
أورد النسائي رحمه الله: موضع اليدين في السجود، يعني موضع وضع اليدين في الأرض في حال السجود، أين توضع، يعني على الهيئة التي تكون فيها عند التكبير، أنها عند المناكب والأذنين، فتكون مماثلة للهيئة التي تكون عند رفع اليدين عند التكبير.
وقد أورد النسائي في هذا حديث وائل بن حجر الحضرمي رضي الله تعالى عنه: أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرآه رفع يديه حين دخل في الصلاة حتى قربت إبهاماه من أذنيه، ثم إنه كبر وركع، ورفع وقال: سمع الله لمن حمده، ولما سجد وضع يديه مثل هيئتهما عند الرفع في الصلاة، يعني: عندما يدخل في الصلاة ويقول: الله أكبر، موضعهما من الأرض في السجود، مثل هذه الهيئة التي تكون عند رفع اليدين في التكبير، فهذا هو موضعها، عند منكبيه قريبة من أذنيه.
صدوق، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا ابن إدريس].
وهو عبد الله بن إدريس الأودي الكوفي، وهو ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت عاصم بن كليب].
هو عاصم بن كليب بن شهاب الجرمي الكوفي، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
وهو كليب بن شهاب، وهو صدوق، أخرج له البخاري في رفع اليدين، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن وائل بن حجر].
وهو وائل بن حجر الحضرمي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند البخاري في جزء القراءة، وعند مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
على كل فقضية الرفع لأنه ليس بلازم أنه يذكر في الكتب الأخرى غير الكتب الستة التي هي الصحيحين والسنن الأربعة، وإنما إذا كان له غيرها يمكن أن يكتفى بواحد، يمكن أن يكتفى هنا مرموزاً بالقراءة.
فالمهم أنه ما خرج له في الصحيح، وإنما خرج له في غيره، فلا يذكر غالباً الكتب الأخرى، وإنما غالباً الرموز تأتي لواحد من الكتب، لا تستوعب الكتب الأخرى، ولكن المهم أن يعرف أنه ما خرج له في الصحيح، ولكن خرج له في غيره.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا يزيد وهو ابن هارون، حدثنا أبو العلاء واسمه أيوب بن أبي مسكين، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يفترش أحدكم ذراعيه في السجود افتراش الكلب)].
أورد النسائي رحمه الله في هذه الترجمة وهي: باب النهي عن بسط الذراعين في السجود، والمقصود من هذه الترجمة أن الإنسان عندما يسجد يضع يديه على الأرض، ويعتمد عليهما، ويجافي عضديه عن جنبيه، ولا يفرشهما في الأرض، أي: الذراعين، فإن هذه الهيئة تشبه هيئة الكلب، عندما يفرش ذراعيه على الأرض، فكون الإنسان يضع ذراعيه على الأرض ويفرشهما، هذا جاء النهي عنه؛ لأن هذه تدل على الكسل، وعلى الخمول، وعلى كون الإنسان لا يمكن أعضاءه من السجود، والأعضاء هي سبعة، كل منهما يمكن من السجود، فإذا كان بسطهما يكون بذلك اعتمد على ساعديه، ولم يعتمد على يديه اللتين هما عضوان من أعضاء السجود، فيكن الاعتماد عليهما وليس على الذراعين عندما يحصل الافتراش، ذلك الافتراش الذي يشبه افتراش الكلب، فقد نهى عن ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذي أرشد إليه وفعله أنه يضع يديه على الأرض، ويجافي بين عضديه عن جنبيه.
هو إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، وقد مر ذكره قريباً.
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكلمة [هو ابن هارون]، هذه ليست من إسحاق بن راهويه، وإنما هي من النسائي أو من دون النسائي.
[حدثنا أبو العلاء واسمه أيوب بن أبي مسكين].
صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس رضي الله عنه].
وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
عندما كنا في حديث وائل بن حجر، وحديث أبي هريرة في قضية تقديم اليدين على الركبتين، أو الركبتين على اليدين عند السجود، وذكر السندي أن كلاً منهما جائز، وأن النهي يكون محمولاً على التنزيه، والفعل يدل على الجواز، وسأل أحد الطلبة: هل قبل السندي أحد قال بهذا القول؟ وقلت: أنه ذكره بعض العلماء وأظن أن شيخ الإسلام ابن تيمية قاله، وقد اتضح بأن شيخ الإسلام ابن تيمية قال ذلك في مجموع الفتاوى في الجزء الثاني والعشرين صفحة أربعمائة وتسع وأربعين قال: لا خلاف بين العلماء في جواز الفعلين، وإنما الخلاف بينهما في أيهما أفضل، فمن العلماء من قال: بتقديم اليدين، ومنهم من قال: بتقديم الركبتين؛ لأنه قال: إنه باتفاق العلماء أن ذلك جائز.
الجواب: المستفيض قيل: إنه مرادف للمشهور، وقيل: بينهما فرق، لكن لا أذكر ذلك الفرق، لكن الأحاديث هي أربعة: غريب، وعزيز، ومشهور، ومتواتر، فما لم يتواتر وزاد عن الاثنين يقال له: مشهور.
الجواب: لا فرق، فقول: أخرج له البخاري، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وأخرج له أصحاب الكتب الستة، سواء. لا فرق بين الكلامين، مؤداهما واحد.
الجواب: يعني أخرج له تعليقاً، يعني في الصحيح؛ لأن البخاري في صحيحه يذكر فيه أحاديث مسندة، وأحاديث يذكرها معلقة، والمعلق: هو الذي ما كان الحذف فيه من أوله ولو إلى آخر الإسناد، وقد يكون المحذوف شيخه، وقد يكون المحذوف شيخه وشيخ شيخه، وقد يكون المحذوف ثلاثة، وقد يكون الإسناد كله محذوف، ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا هو المعلق، وقيل له: معلق؛ لأنه نازل من فوق وأسفله قد فقد أو نزع، فصار كالمعلق لم يصل إلى الأرض، يعني متدلياً، ولهذا ألف الحافظ ابن حجر كتاباً سماه (تغليق التعليق)، يعني هذا الفضاء الذي هو موجود من تحت، أغلقه بذكر الأسانيد التي تصل إلى هذا التعليق، أو التي تتصل بالإسناد الموجود الذي ذكره البخاري معلقاً، أتى بالأسانيد التي يكون بها موصولاً، ويغلق بها ذلك الفراغ الذي كان موجوداً من الأسفل في الإسناد، وذلك بالأسانيد التي يريدها.
الجواب: ليست أسماء الله محصورة في عدد معين؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال في الحديث:(اللهم إني أسألك بكل اسمٍ هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك)، فإن قوله: (أو استأثرت به في علم الغيب عندك)، هذا يدل على أن من الأسماء ما لا سبيل إلى الوصول إليه، وهذا يدل على أنها غير محصورة، وأن ما وصل إلينا، أو ما جاءنا، أو دل عليه النصوص من الكتاب والسنة، لا نستطيع أن نقول: أنها هي كل أسماء الله؛ لأن هذا الحديث يدل أن من الأسماء ما استأثر الله تعالى به عنده، وأما ما جاء في حديث: (إن لله تسعة وتسعون اسماً، مائةً إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة)، فليس دليلاً على الحصر، وإنما يدل على أن من أسماء الله عز وجل هذه الأسماء، من شأنها أن من أحصاها دخل الجنة، وليس دليلاً على الحصر؛ لأنه لو جاء اللفظ: إن أسماء الله تسعة وتسعون، كان ذلك حصراً، لكن هنا قال عليه السلام: (إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة)، يعني: لله تسعة وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة، يعني: وله غيرها، فهو مثل لو قال إنسان: عندي مبلغ ألف ريال، أعددته لهذا العمل، فلا يقتضي ألا يكون عنده ريالات أخرى يعني غير هذه الأشياء التي ذكرها، فهذا الحديث هو من هذا القبيل.
الجواب: كما هو معلوم أن الله تعالى قادر على كل شيء، حتى الكفار الذين شرع الجهاد لجهادهم، ودعوتهم، والعمل على إخراجهم من الظلمات إلى النور، الله قادر على أن يهديهم، والله عز وجل لو شاء هداية الخلق كلهم لهداهم، لكنه شاء أن يكون الناس فريقين، فهذا هو الذي شاء الله تعالى أن يكون وكان، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن والله تعالى قادر على غير الذي كان لو أراده، فكونه يحصل أمور يحصل بها تهديد، أو يحصل كذا، فهذه أمور قدرها الله تعالى وشاءها وحصلت، والله تعالى إذا قدر شيئاً وشاءه كان، وكما ذكرت: الله تعالى سبق قضاؤه وقدره أن يكون الناس فريقين، ولو شاء الله أن يكون الناس كلهم مهتدين لفعل، كما قال: وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [السجدة:13]،
هذا هو الذي قدر، ولو شاء الله تعالى خلاف ذلك لوقع ذلك الذي شاءه خلافه، لكن الأمر كما هو موجود في عقيدة المسلمين: ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
الجواب: أبداً، يمكن للإنسان أن يجمع بين العلم والدعوة. وطلب العلم لا يعطل الدعوة، بل الدعوة تحتاج إلى علم؛ لأن الدعوة إذا لم تكن مبنية على علم، غالباً يترتب عليها مضرة؛ لأنه قد يدعو إلى ما ينهى عنه، فإذا كان جاهلاً لا يعرف قد يدعو إلى ما لا يدعى له، إلى ما يحذر منه، يعني هذا شأن الجاهل، فالدعوة تحتاج إلى علم، والإنسان يتعلم ثم يدعو، ويمكن أن يجمع بين الدعوة والعلم، بمعنى أنه في المكان الذي يتعلم فيه، أيضاً يدعو فيه، يعني يحرص على الدعوة والتوجيه والإرشاد، وإن لم يترك طلب العلم ويذهب للدعوة، وإنما يجمع بينهما.
الجواب: لا، المطلوب أنه في الصلاة تكون ثيابه مرسلة على هيئة كاملة، هذه هي الهيئة المطلوبة؛ لأن المقصود من ذلك أن يسجد شعره وتسجد ثيابه، ولا يرفعها ويكفها حتى لا تنال الأرض، فيصير لها شيء من التوسخ، ولا يكون ذلك قبل الصلاة، ولا في أثناء الصلاة.
الجواب: الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، التي علمها أصحابه وهي: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد)، وغيرها من الألفاظ التي علم أصحابه إياها، يأتي بها الناس كما علمهم رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لو كان يريد منهم أن يأتوا بهذه الهيئة، وبهذه الصفة، على لفظ أزيد من هذا لبينه رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو قد قال عن نفسه: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر)، فإذاً: الألفاظ التي علم الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه إياها يتقيدون بها.
الجواب: يقضيها كما يقضي الصلاة، (ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)، وفي صلاة الجنازة كذلك، يعني هذا الحديث يدل على صلاة الجنازة، لكن إذا سلم الإمام، فإنه يأتي بالتكبيرات، ويدعو بينها دعاء قصيراً، كأن يقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه. ويسلم؛ لأن الجنازة ترفع ولا يبقى أمامه أحد يصلي عليه حتى يطيل، وإنما يأتي بأعداد التكبيرات التي فاتته، ويدعو دعاءً قصيراً بينها، كـ(اللهم اغفر له، اللهم ارحمه).
الجواب: من المعلوم أن سلام الزيارة إنما يكون عند أقرب مكان يمكن أن يحصل من الإنسان وهو زائر للقبر، وذلك في مكان المواجهة، سلام الزيارة يكون عند المواجهة، وأما الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي في كل مكان، والملائكة تبلغ ذلك، وهذه الهيئة ما كانت معروفة، لا في حياته ولا بعد وفاته، يعني كون الواحد يسلم على الرسول ولو من مكان واحد، لما كان صلى الله عليه وسلم حياً بين أصحابه، لما كان موجوداً بين أصحابه قبل أن يتوفاه الله، كأن يكون في حجرته أو يكون في المسجد، ما كان أحد يقف من خارج المسجد ويستقبل المسجد، أو يستقبل حجرة الرسول التي هو فيها، ويسلم عليه، ما كانوا يفعلون هذا، وإنما كان الواحد يمشي حتى يصل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقول: السلام عليك يا رسول الله، يسلم على الرسول إذا وصل إليه، أما بعد وفاته فكذلك، سلام الزيارة يكون عند قبره، وفي مكان المواجهة يعني يستقبل القبر ويستدبر القبلة، وأما الصلاة والسلام عليه، فيكون في حياته وبعد وفاته، والإنسان يصلي ويسلم عليه في كل مكان، والملائكة تبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: الأعجمي يدعو الله عز وجل بلسانه أو بلغته، لكن إذا عرف أسماء الله عز وجل باللغة العربية، وعرف معانيها، فإنه يدعو بها، ولكن إذا لم يستطع، فإنه يدعو بلغته الدعاء الذي لا يكون فيه محظور.
الجواب: لا أعلم بينهما فرقاً، يعني: يأتي الله، يجيء الله، ما بينهما فرق، أتى الله يعني الإتيان الذي هو المجيء، لكن الإتيان الذي يأتي أحياناً، مثل قوله تعالى: فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ [النحل:26]، يعني: الله تعالى قضى عليها، وليس معنى ذلك أنه جاء مثل كونه يجيء يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده، وينزل إلى السماء الدنيا، والإتيان غير الإتيان، فالمجيء والإتيان يعني يأتي الله لفصل القضاء، يجيء الله لفصل القضاء، وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا [الفجر:22]، يعني: كلها بمعنى واحد.
الجواب: الجلوس والقعود في فعل الناس، فإنهما مترادفتان، الجالس والقاعد بمعنى واحد، جلس وقعد مثل قام ووقف، فهما مترادفتان، وأما في حق الله عز وجل فلم يثبت وصفه بالقعود ولا بالجلوس، أي: أنه ما يقال: أن من صفاته كذا؛ لأنها ما وردت، ولا يقال: أنه ليس من صفاته كذا؛ لأنها ما جاء نفيها، فالذي جاء إثباته يثبت، والذي جاء نفيه ينفى، والذي لم يذكر يسكت عنه، مع الإقرار بأن الله متصف بكل كمال، ومنزه عن كل نقص.
الجواب: إذا كانت الجنازة رجلاً مفرداً ليس معه امرأة، فإن الإمام يقف عند رأسه، وإذا كانت امرأة وحدها يقف عند صدرها، وإذا كان رجل وامرأة مع بعض، فإنه يجعل رأس الرجل محاذياً لوسط المرأة، ويقف الإمام محاذياً لرأس الرجل ووسط المرأة، يعني لا يكونا متساويين في الصف في وضعهما أمام الإمام، وإنما يكون الإمام محاذياً ومسامتاً لرأس الرجل ووسط المرأة، بحيث تكون المرأة متقدمة على الرجل، فيكون رأس الرجل محاذياً لوسطها، والرجل يكون أقرب إلى الإمام، والمرأة تكون وراءه، ويكون كهيئته لو كان كل واحد منهما على حدة، عند وسط المرأة ورأس الرجل.
الجواب: بعد صلاة الفريضة الذي ورد هو الذكر، ولكنه ورد الدعاء أيضاً، ومن الدعاء: أستغفر الله، أستغفر الله، التي أول ما يحصل بعد السلام؛ لأن (أستغفر الله) دعاء، يعني: أطلب من الله المغفرة، وأما الذكر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، وغير ذلك مما ورد فهذا ذكر، وكذلك جاء في حديث: (أن يقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، وهذه تقال قبل السلام وبعده؛ لأن دبر الصلاة يكون قبل السلام، ويكون بعد السلام، ودبر الشيء آخره، أو ما يلي آخره، أي: يطلق على الاثنين، يطلق الدبر على آخر الشيء، وعلى ما يلي آخر الشيء، وآخر الشيء في الصلاة هو التشهد الذي قبل السلام، وما يلي السلام الذي هو آخر الصلاة ما يكون بعده، وقد جاء في بعض الأحاديث لفظ (الدبر) يراد به ما بعد الصلاة، وحديث: (تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتقولون تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له)، فإن هذا بعد السلام ليس قبل السلام، وقد أطلق عليه أنه دبر الصلاة.
الجواب: إذا كان ما وجد بنك لا يتعامل بالربا، فيتعامل مع البنك الذي يتعامل بالربا بأن يرسل عن طريقه الشيء، ما في بأس، التعامل معه إذا لم يوجد غيره، لكن لا يتعامل بالربا، يعني هو يتعامل بغير الربا، والتحويل مثل ما يحول مع غيره يحول عنده، إذا لم يجد غيره، أما إذا وجد غيره مما لا يتعامل بالربا، فالتعامل معه أولى، وإذا لم يوجد السليم من الربا يمكن أن يتعامل مع البنك الربوي، لكن على وجه لا ربا فيه.
الجواب: الأصل أن الفرائض والنوافل سواء، إلا إذا جاء شيء يميز بعضهما عن الآخر، وفيما يتعلق بالتسبيح والتعوذ هو جاء بالنسبة للنوافل، ما جاء بالنسبة للفرائض؛ لأنه مع كثرة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بأصحابه الفرائض، ما نقلوا عنه ذلك، وإنما نقلوا عنه هذا في النافلة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر