أخبرنا قتيبة بن سعيد عن سفيان ويزيد وهو ابن زريع عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن ضمضم بن جوس عن أبي هريرة قال: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الأسودين في الصلاة)].
أورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بقتل الأسودين في الصلاة)، والمراد بالأسودين الحية والعقرب وقتلهما والمصلي في صلاته، بشرط إذا كان لم يترتب على ذلك انحراف ومتابعة، وملاحقة لهذه الحية أو العقرب فإن الصلاة صحيحة، فلو أنه ضربها وهو في قبلته أو تقدم قليلاً، فإنه يستمر في صلاته، لكنه إذا انصرف وانحرف ولحقها يميناً أو شمالاً وانحرف عن جهة القبلة أو ذهب إلى الوراء فإنه يقطع صلاته ويستأنفها من جديد، ولا يبني عليها؛ لأنه قطعها بهذا الفعل، أما كونه يقتل الحية والعقرب وهما في قبلته، أو يمشي قليلاً إلى جهة اليمين، أو إلى جهة الشمال، أو إلى جهة الأمام وهو في اتجاهه إلى القبلة يقتلهما، فإنه على صلاته ويستمر فيها.
والنبي صلى الله عليه وسلم رخص بهذا العمل في الصلاة لما فيه من المصلحة، ولأنه أيضاً قليل ما يقع في الصلاة، لكن إذا كان الأمر يتطلب ملاحقة للحية والعقرب، لا سيما إذا انحرف عن جهة القبلة واتجه إليها، ولحقها يميناً أو شمالاً أو من الخلف بحيث يستدير القبلة، فإنه يستأنف صلاته ولا يبني على ما مضى.
وهو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو ابن عيينة وهو هنا مهمل إذا جاء الراوي وهنا قد ذكر الراوي غير منسوب فيقال له: المهمل، ومعرفة المهمل أو تمييز المهمل عن غيره ممن يشاركه في هذا الاسم بمعرفة الشيوخ والتلاميذ، وكون هذا التلميذ أخذ عن هذا الشيخ فقط ولم يأخذ عن الثاني فإنه بذلك يتبين من هو الشخص الذي ذكر مهملاً ولم ينسب، وهنا سفيان غير منسوب لكنه يحمل على ابن عيينة؛ لأن قتيبة ما روى عن سفيان الثوري، وإنما روى عن سفيان بن عيينة، فيكون هذا المهمل قد عرف بالتلميذ الذي روى عنه وأنه ممن روى عن ابن عيينة ولم يرو عن الثوري، إذاً: لا يكون هو الثوري وإنما يكون ابن عيينة.
الحاصل أن المهمل يعرف يميز بمعرفة الشيوخ والتلاميذ لكونه روى عنه هذا التلميذ وما روى عن الآخر، أو أن شيخه الذي روى عنه ما روى عنه الآخر، أو يكونان اشتركا في التلاميذ والشيوخ ولكن أحدهما يكون أكثر اتصالاً بكونه ملازماً له ولكونه من أهل بلده والآخر ليس من أهل بلده، فإنه يحمل على من يكون له ملازمة.
وهنا قتيبة روى عن ابن عيينة وما روى عن الثوري، إذاً: عرف أن هذا المهمل الذي لم ينسب هو ابن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ويزيد].
وهو ابن زريع البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكلمة: (هو ابن زريع) الذي قالها هو من دون قتيبة، فـقتيبة روى عن سفيان، ويزيد، وعلى هذا فإن الذي قال: هو ابن زريع ليس هو قتيبة لأن قتيبة؛ لا يحتاج أن يقول: هو ابن فلان، وإنما ينسبه كما يريد لأنه شيخه، فقول: فلان ابن فلان ابن فلان ولو طول في نسبه وأكثر في ذكر صفاته لا يحتاج إلى أن يقول هو، وإنما الذي يحتاج إلى أن يقول هو من دون التلميذ، والذي قال هو هنا هو النسائي أو من دون النسائي، أما قتيبة فإنه لا يحتاج إلى أن يقولها بل ينسب شيخه كما يريد.
[عن معمر].
وهو ابن راشد الأزدي البصري وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير].
يحيى بن أبي كثير اليمامي وهو ثقة، ثبت، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ضمضم بن جوس].
وهو أيضاً يمامي يعني: من اليمامة مثل تلميذه يحيى بن أبي كثير، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي هريرة].
أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن صخر الدوسي، وهو أكثر الصحابة على الإطلاق حديثاً عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، لم يرو أحد من الصحابة مثل ما روى أبو هريرة في كثرة الحديث، وذلك لملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم، وكونه أيضاً ظفر بدعوة النبي عليه الصلاة والسلام له بأن يحفظ، وكذلك أيضاً كونه عاش في المدينة ويلتقي به من يأتي إليها ومن يمر بها فيأخذ عنه ويعطيه، فكان لذلك هو أكثر الصحابة رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى وهو بلفظ الأول: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الأسودين في الصلاة) هو نفس المتن السابق لكن اختلف الإسناد في بعضه، بل في أوله دون آخره.
قوله: [أخبرنا محمد بن رافع].
وهو القشيري النيسابوري، وهو من شيوخ مسلم الذين أكثر من الرواية عنهم، وهو من بلده ومن قبيلته، فهو قشيري من حيث النسب، ونيسابوري من حيث البلد، ومسلم قشيري نيسابوري، فهو مثله بلداً ونسباً، محمد بن رافع القشيري النيسابوري، وهو ثقة، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً، وصحيفة همام بن منبه إذا ذكرها مسلم في صحيحه، فإنه يذكرها عن طريقه شيخه محمد بن رافع.
[حدثنا سليمان بن داود أبو داود]
وهو الطيالسي وهو ثقة، حافظ أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا هشام وهو ابن أبي عبد الله].
وهو ابن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو ابن أبي عبد الله مثل: هو ابن زريع المتقدم الذي قالها من دون التلميذ، والذي روى عن هشام سليمان بن داود الطيالسي هو الذي روى عنه، إذاً: الذي قالها هو من دونه هو محمد بن رافع أو من دون محمد بن رافع، وحديث هشام بن أبي عبد الله الدستوائي أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن معمر عن يحيى عن ضمضم عن أبي هريرة].
وهؤلاء الأربعة مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
أخبرنا قتيبة حدثنا مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم عن أبي قتادة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى وهو حامل
أورد النسائي هذه الترجمة وهي حمل الصبايا في الصلاة ووضعهن في الصلاة، هذه الترجمة تتعلق بذكر الصبيات وليس فيها ذكر الصبيان؛ لأن الحديث الذي ورد في ذلك يتعلق بصبية حملها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة، وإلا فإن الحكم واحد، أي: حمل الصبي والصبية. فلا فرق بين الذكر والأنثى، يعني: كونه يحمل في الصلاة أو هي تحمل في الصلاة لا فرق بينهما الحكم واحد، والحكم إذا ثبت لصبية فهو أيضاً كذلك بالنسبة للصبي، فالحكم في ذلك مثله بالنسبة للصبي، وقد أورد النسائي في ذلك حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي بالناس وهو حامل أمامة بنت أبي العاص بن الربيع، وهي ابنة ابنته زينب، فكان يحملها في صلاته إذا قام فإذا ركع وضعها حتى ينتهي من السجود ثم يرجع فيحملها، وهذا يدلنا على جواز مثل ذلك عند الحاجة إليه، ويدلنا على ما كان عليه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام من الشفقة، والرحمة بالصغار، والعطف عليهم، والحنو عليهم والشفقة عليهم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وقد مر ذكره سابقاً.
[حدثنا مالك].
ومالك هو ابن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وهو الثاني منهم من حيث الوجود والزمن؛ لأن أقدمهم في الزمن أبو حنيفة ثم الإمام مالك ثم الإمام الشافعي ثم الإمام أحمد، وكل واحد من الثلاثة الأخيرين الإمام أحمد روى عن الشافعي والشافعي روى عن الإمام مالك، لكن مالك ما عرف أنه روى عن أبي حنيفة، لكن هؤلاء الثلاثة الشيوخ روى بعضهم عن بعض أي: المتأخر الذي هو أحمد روى عن الشافعي، والشافعي روى عن مالك.
ومن الأحاديث التي وردت في هذا الإسناد حديث: (نسمت المؤمن طائر يعلق في الجنة) فإن الإمام أحمد رواه في المسند عن الإمام الشافعي، والشافعي رواه عن الإمام مالك، وقد ذكره ابن كثير في تفسيره عند قول الله عز وجل: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169] وذكر الإسناد وقال: إن هذا إسناد عزيز اجتمع فيه ثلاثة من الأئمة أصحاب المذاهب المشهورة، والإمام مالك رحمة الله عليه محدث فقيه أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر بن عبد الله بن الزبير].
هو عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن سليم].
ثقة، من كبار التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي قتادة].
هو أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه من طريق أخرى وهو متفق في أعلى الإسناد ولكنه يختلف في أوائل الإسناد، وهو بمعنى الذي قبله، وهو يتعلق بحمل النبي عليه الصلاة والسلام أمامة ابنة ابنته زينب وهو يؤم الناس في الصلاة، وكيفية ذلك أنه كان في حال قيامه يحملها فإذا ركع وضعها وإذا فرغ من سجوده أعادها إلى ما كانت عليه من كونه حاملاً لها.
قتيبة وقد مر ذكره.
[حدثنا سفيان].
وهو ابن عيينة كما عرفنا أن قتيبة إذا روى عن سفيان غير منسوب فالمراد به ابن عيينة ليس الثوري؛ لأنه ما روى عن الثوري.
[عن عثمان بن أبي سليمان].
عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، وابن ماجه .
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا حاتم بن وردان حدثنا برد بن سنان أبو العلاء عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (استفتحت الباب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي تطوعاً والباب على القبلة، فمشى عن يمينه أو عن يساره ففتح الباب ثم رجع إلى مصلاه)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي باب المشي أمام القبلة خطى يسيرة، يعني: كون المصلي يمشي إلى جهة الأمام إلى جهة القبلة خطى يسيرة، يعني: أن ذلك لا مانع منه، وأنه لا يؤثر في الصلاة شيئاً، وهذا كما جاء في الحديث أن عائشة استفتحت الباب والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي في الحجرة وكان الباب في قبلتها أو في قبلته فمشى خطوات يميناً أو شمالاً، يعني: معناه أن الباب كان في إحدى الناحيتين من جهة الأمام إما من جهة اليمين وإما من جهة اليسار، ولهذا احتاج إلى أن يمشي إلى جهة اليمين أو إلى جهة اليسار حتى يصل إلى الباب، وهذا يدلنا على أن مثل سائغ، وأنه لا بأس به، ومثله لو كان هناك فرجة أمامه وتقدم ليسدها في صف آخر فإن هذا مثله، فإن ذلك لا مانع منه.
وهو ابن مخلد المشهور بـابن راهويه الحنظلي، وهو ثقة، ثبت، محدث، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو من الألقاب الرفيعة والصفات العالية التي لم يظفر بها إلا القليل النادر من المحدثين، هذا هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه، وراهويه هذه على تعبير المحدثين، يقولون: راهويه، إذا كان آخر الاسم واو وياء وهاء فيجعلون ما قبل الواو مضموماً والياء مفتوحة فيقولون: راهويه، وأما أهل اللغة فيجعلون الواو مفتوحة والياء ساكنة، وهو المختوم بويه، يعني: الاسم المختوم بويه يكون مفتوحاً، الواو مفتوحة والياء ساكنة، وأما المحدثون عندهم فالواو ساكنة والياء مفتوحة، وما قبل الواو مضموم فيقولون: راهويه، وإسحاق بن راهويه أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
[حدثنا حاتم بن وردان].
ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا برد بن سنان أبو العلاء].
صدوق رمي بالقدر، أخرج له البخاري في الأدب، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم بجده كلاب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم من ولد قصي بن كلاب، والزهري من ولد زهرة بن كلاب، وينسب إلى جده زهرة فيقال: الزهري، وينسب إلى جده شهاب فيقال: ابن شهاب، وقد اشتهر بهاتين النسبتين: ابن شهاب والزهري، وهو محدث، فقيه، ثقة، مكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة].
عروة بن الزبير بن العوام، وهو أحد الفقهاء السبعة المشهورين في عصر التابعين، فـعروة بن الزبير بن العوام أحدهم، وهؤلاء السبعة هم عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسليمان بن يسار، وخارجة بن زيد بن ثابت، والسابع اختلف فيه على ثلاثة أقوال، فقيل: سالم بن عبد الله بن عمر، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعروة بن الزبير هو أحد السبعة بلا خلاف، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
عائشة أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق التي أنزل الله عز وجل براءتها في كتابه سبحانه وتعالى في آيات تتلى في أول سورة النور، وهي الصحابية الوحيدة التي تميزت بكثرة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن الذين عرفوا بكثرة الحديث من أصحابه سبعة، ستة رجال وامرأة واحدة وهي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وقد جمع السيوطي هؤلاء السبعة بقوله في الألفية:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدري وجابر وزوجة النبي
زوجة النبي المراد بها أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
أخبرنا قتيبة ومحمد بن المثنى واللفظ له قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء، زاد
أورد النسائي هذه الترجمة وهي التصفيق في الصلاة، أي: التصفيق للنساء، يعني: إذا ناب الإمام شيء واحتيج إلى تنبيهه عليه؛ فإن النساء تفعل التصفيق، ولا تسبح، فالرجال، يقولون: سبحان الله، وأما النساء فإنهن يصفقن ولا يسبحن عند تنبيه الإمام على شيء فيما إذا نسي.
والحديث أورده النسائي من طريق الشيخين، وزاد أحد الشيخين وهو محمد بن المثنى: (في الصلاة)، وقد سبق أن مر الحديث الذي فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام لما تأخر عندما أصلح بين بني عمرو بن عوف من الأنصار وهم أهل قباء، وقد جاء وأبو بكر قد دخل في الصلاة، فجعل الصحابة يصفقون لـأبي بكر، فلما أكثروا من التصفيق التفت، ولما فرغ رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (ما بالكم تصفقون، إنما التسبيح للرجال والتصفيق للنساء)، إذا ناب الإمام شيء فيسبح الرجال وتصفق النساء، وهذا من الأحكام التي يختلف فيها الرجال عن النساء، والأصل أن النساء مثل الرجال في الأحكام، إلا إذا كانت الأحكام تخص النساء، أو جاء شيء يفرق بين الرجال والنساء كما هنا حيث جاء التسبيح للرجال والتصفيق للنساء، فإن هذا مما اختلف فيه النساء عن الرجال في الأحكام.
والمسائل كثيرة جاءت في الكتاب العزيز والسنة المطهرة، منها: الإرث، فالمرأة على النصف من الرجل لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11] بالنسبة للبنات وللأخوات الشقيقات والأخوات لأب مع إخوانهن فإن للذكر مثل حظ الانثيين، وكذلك في الشهادة شهادة المرأتين تعدل شهادة رجل، وكذلك في العقيقة الغلام له شاتان والجارية شاه،وكذلك أيضاً في الدية فإن المرأة على النصف من الرجل في الدية، وكذلك في فضل العتق، (وأن من أعتق جاريتين كانتا فكاكه من النار، ومن أعتق شخصاً عبداً كان فكاكه من النار)، فعتق الجاريتين يكون فيه فكاك الرجل من النار، وعتق الرجل والواحد الذي هو العبد يكون فكاكه من النار، فهذه الأمور الخمسة مما اختلفت فيها النساء عن الرجال، ومنها هذا الذي معنا، ومثل ذلك أيضاً الغسل من بول الجارية، والنضح من بول الغلام، والوقوف عند رأس الرجل وعند وسط المرأة في صلاة الجنازة، وكذلك النساء لا يتولين المناصب، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (لم يفلح قوم ولوا قومهم امرأة).
الحاصل أن الأحكام يتساوى فيها الرجال والنساء إلا في الأشياء الخاصة بالنساء أو الخاصة بالرجال، أو ما جاء فيه نصوص تبين الافتراق بين الرجال والنساء في الأحكام.
ثم أيضاً هنا التصفيق خاص بالنساء وذلك عند الحاجة إليه، وأما الرجال فإنهم لا يصفقون لا في الصلاة ولا في غير الصلاة، ومن الأشياء المنكرة التي وقعت في هذا الزمان حصول التصفيق في الاحتفالات وفي المناسبات يصفق الرجال، وهذا لا يسوغ، ولا يجوز، بل الذي جاءت به السنة عند ذكر شيء يسر هو التكبير، يعني: عندما يذكر شيء يسر يظهر الفرح بالتكبير وليس بالتصفيق، هكذا جاءت السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام كما جاء في أحاديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ترضون أن تكونوا نصف أهل الجنة؟ قال: فكبرنا) يعني قالوا: الله أكبر الله أكبر فرحاً وسروراً، وكذلك عمر رضي الله عنه لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (أطلقت نساءك يا رسول الله؟ قال: لا، فقال: الله أكبر) كبر فرحاً وسروراً بهذا الخبر الذي سمعه من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وفي الصلاة كما عرفنا التصفيق للنساء، والتسبيح للرجال.
قتيبة مر ذكره
[و محمد].
ومحمد بن المثنى هو: العنزي الملقب الزمن كنيته أبو موسى وهو ثقة خرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري، توفي قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، البخاري توفي سنة ست وخمسين ومائتين، ومحمد بن المثنى توفي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، ومثله في كون شيوخ أصحاب الكتب الستة والوفاة في سنة اثنتين وخمسين ومائتين اثنان آخران هما: محمد بن بشار الملقب بندار، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، فهؤلاء الثلاثة ماتوا في سنة واحدة وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وكل منهما شيخ لأصحاب الكتب الستة.
ومحمد بن المثنى هو الذي زاد في الصلاة، وأما قتيبة فإنه ما زاد كلمة: (في الصلاة).
[أخبرنا قتيبة ومحمد بن المثنى واللفظ له].
واللفظ له يعني: لــمحمد بن المثنى، فهو أتى باللفظ المشترك بينهما وأتى في الآخر بأن زيادة: (في الصلاة) هي لـمحمد بن المثنى.
[قالا: حدثنا سفيان].
هو ابن عيينة كما عرفنا أن قتيبة إنما يروي عن سفيان بن عيينة وليس عن الثوري، وكذلك أيضاً الزهري الذي يروي عنه سفيان بن عيينة، الثوري يروي عنه بواسطة.
[عن الزهري].
قد مر بنا ذكره قريباً.
[عن أبي سلمة].
هو ابن عبد الرحمن بن عوف، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال في السابع في المدينة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو بلفظ الذي قبله الذي هو لفظ قتيبة: (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء).
قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].
وهو المرادي المصري وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه ، ما خرج له البخاري، ولا الترمذي.
ومحمد بن سلمة هذا إذا جاء محمد بن سلمة من شيوخ النسائي فالمراد به المصري، وإذا جاء محمد بن سلمة يروي عنه النسائي بواسطة فالمراد به الباهلي الحراني؛ لأن محمد بن سلمة اثنان عند النسائي أحدهما يروي عنه النسائي والثاني يروي عنه بواسطة، فالذي يروي عنه النسائي مباشرة هو المصري، والذي يروي عنه بواسطة هو الحراني.
[حدثنا ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يونس].
يونس بن يزيد الأيلي، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن ابن شهاب].
هو الزهري وقد مر ذكره.
[أخبرنا سعيد بن المسيب].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة باتفاق، وأبو سلمة بن عبد الرحمن هو السابع على أحد الأقوال في السابع، هو أحد الفقهاء السبعة على أحد الفقهاء في السابع كما مر ذكره قريباً.
[يرويان عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.
أخبرنا قتيبة حدثنا الفضيل بن عياض عن الأعمش ح وأخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن سليمان الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي التسبيح في الصلاة، أورد فيها حديث أبي هريرة من طرق وهي مثل الذي تقدم في الباب السابق، فالترجمة السابقة التصفيق في الصلاة أورد تحتها حديث أبي هريرة وهو دال على التسبيح والتصفيق، وهذه الترجمة التسبيح في الصلاة أورد فيها حديث أبي هريرة أيضاً، وهو دال على التسبيح والتصفيق معاً، واللفظ هو مثل اللفظ السابق، ودال على ما دل عليه الطرق المتقدمة، وهو أن التسبيح عندما ينوب الإمام شيء في الصلاة فهو للرجال والتصفيق للنساء.
قوله: [أخبرنا قتيبة].
وقد مر ذكره.
[حدثنا الفضيل بن عياض].
ثقة، عابد، زاهد، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .
[عن الأعمش].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والأعمش لقب اسم صاحبه سليمان بن مهران، وقد عرفنا فيما مضى أن ألقاب المحدثين معرفتها مهمة، وفائدتها أن لا يظن الشخص الواحد شخصين فيما لو ذكر باسمه مرة وبلقبه أخرى، فالذي لا يعرف أن هذا لقب لهذا يظن أن سليمان شخص، والأعمش شخص آخر، ولكن من عرف أن سليمان بن مهران لقبه الأعمش فلا يلتبس عليه إذا جاء سليمان في موضع وجاء الأعمش في موضع يعرف أن هذا هو هذا وهذا هو هذا.
وحديث سليمان بن مهران الكاهلي الأعمش أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ح وأخبرنا سويد بن نصر].
ح وأخبرنا سويد بن نصر، ح هذه تدل على التحويل، وهو التحول من إسناد إلى إسناد، وما بعد الحاء هو يذكر شيخ للنسائي آخر جاء بإسناد آخر، وسويد بن نصر هو: المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[حدثنا عبد الله].
وهو ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، ثبت، جواد، مجاهد، ذكر الحافظ ابن حجر في التقريب جملة من صفاته الحميدة وقال: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سليمان الأعمش].
ذكره باسمه ولقبه معاً، فقال: سليمان الأعمش.
[عن أبي صالح].
ذكوان السمان، أبو صالح كنية صاحبها اسمه ذكوان، ولقبه السمان أو الزيات، يقال له: الزيات ويقال له: السمان، وهو مشهور بكنيته يأتي ذكره كثيراً بالكنية أبو صالح وهو: مدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
رضي الله تعالى عنه وقد تقدم.
أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].
وهو اليشكري السرخسي، وهو ثقة، مأمون، سني، وقيل له: سني؛ لأنه أظهر السنة في بلده ونشرها فقيل له: سني، وحديثه أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
هو القطان البصري، المحدث، الناقد، والمعروف كلامه كثيراً في الرجال، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عوف].
هو عوف بن أبي جميلة الأعرابي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني محمد].
هو ابن سيرين البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر