فيقول النسائي رحمه الله، في الترجمة التي تحتها هذا الحديث، والحديث الذي قبله: وقت الجمعة، وقد مر حديث أبي هريرة الذي فيه ذكر الساعات: (من راح في الساعة الأولى، فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشاً، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة).
وذكر الساعات فيه: إشارة إلى الوقت، وأنه يكون عند منتصف النهار، إما بعد الزوال، وإما قبل الزوال، وقد اختلف العلماء في وقت صلاة الجمعة، فمنهم من قال: إنه لا يكون إلا بعد الزوال، الخطبة، والصلاة، ومنهم من قال: إنه يكون قبل الزوال، وبعده، فيجوز أن تكون الخطبة، والصلاة قبل الزوال، وقول ثالث قال: إن الخطبة تكون قبل الزوال، والصلاة تكون بعد الزوال، وقد جاء فيه بعض الأحاديث والآثار الدالة على جواز ذلك قبل الزوال.
وحديث أبي هريرة المتقدم فيه ذكر الساعات الخمس، وبعدها تحضر الملائكة لسماع الذكر الذي هو الخطبة، ويحتمل أن يكون ذلك بعد الزوال، وأن يكون قبله.
والحديث الثاني الذي معنا وهو حديث جابر بن عبد الله ، يقول فيه النبي عليه الصلاة والسلام: (الجمعة اثنتا عشرة ساعة) يقول في هذا الحديث: (لا يوجد فيها عبد مسلم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه، فالتمسوها في آخر ساعة بعد العصر) واللفظ كما يظهر ليس مستقيماً من حيث أنه فيه سقط، وقد جاء في السنن الكبرى.. والحديث بإسناده ومتنه في السنن الكبرى إلا أن فيه في بعض النسخ بعد قوله: (اثنتا عشرة ساعة): [(فيها ساعة لا يوجد فيها عبد يسأل الله شيئاً إلا أعطاه، فالتمسوها في آخر ساعة)]. يعني: في ساعة الإجابة، فيكون الضمير في (التمسوها) إلى هذا الذي هو محذوف، والذي جاء في بعض الروايات؛ لأن الحديث بهذا اللفظ مرجع الضمير ليس واضحاً، الذي هو (فالتمسوها)، (الجمعة اثنتا عشرة ساعة، لا يوجد فيها عبد يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه، فالتمسوها في آخر ساعة بعد العصر)، فالتمسوها، أي: الإجابة، أي: ساعة الإجابة بعد العصر، وعلى هذا فاللفظ الذي في بعض نسخ السنن الكبرى للنسائي بهذه الزيادة التي هي فيها ساعة، هي مرجع الضمير في قوله: (فالتمسوها)، يعني لا يوجد فيها، أي: الساعة، وليس المقصود من ذلك الاثنتا عشرة ساعة، بدليل أنه قال: (فالتمسوها في آخر ساعة بعد العصر) والمقصود من ذلك ساعة الإجابة.
وساعة الإجابة فيها أقوال عديدة ذكرها العلماء في تعيينها، وأقربها ما جاء في هذا الحديث، من أنها في آخر ساعة بعد العصر، وجاء في صحيح مسلم حديث ليس بثابت أنها تكون عندما يصعد الإمام للخطبة، ولكن الحديث غير ثابت، وأقرب شيء وأرجى شيء لهذه الساعة، هو هذا الوقت الذي جاء ذكره في هذا الحديث الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن أرجى ساعة لساعة الإجابة يطلبها الإنسان في ذلك الوقت، هو آخر ساعة بعد العصر.
عمرو بن سواد مصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[ وأما الحارث بن مسكين ].
هو المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي .
ثم قوله: [ قراءة عليه وأنا أسمع ].
أي: أنه أخذه عن الحارث بن مسكين قراءة عليه، وهو يسمع، أي أن غيره يقرأ وهو يسمع، وكثيراً ما يذكر النسائي عن الحارث بن مسكين هذه العبارة، وأنه كان يأخذ عنه سماعاً، يعني قراءة عليه، وهو يسمع، يسمع قراءة القارئ عليه، وهذا الذي يسمونه العرض، وهو أن التلميذ يعرض مسموع الشيخ على الشيخ فيقره على ذلك، ويقرأ عليه أصله أو فرعاً مقابلاً عليه، وإذا أدى فيقول: قراءة عليه، أو يقول: أخبرني قراءة عليه، أو أنبأني قراءة عليه، أو حدثني قراءة عليه، لكن الغالب أن يقول: قرئ عليه، وأنا أسمع، أو أخبرنا قراءة عليه، وأنا أسمع، يعني كما هنا؛ لأنه قال: أخبرنا ثم عطف، وهذا يسمى العرض، وهي الدرجة الثانية من درجات التحمل، وأعلى منها السماع، وهو كون الشيخ يملي، أو يحدث من حديثه بلفظه، والتلاميذ يسمعون فيكتبون من إملائه، أو من قراءته عليهم وهم يسمعون، ويليها درجة العرض التي يعبر عنها بحدثنا، وأخبرنا، وغالباً ما يعبر عنها بأخبرنا بدون قراءة عليه، يعني فيما يتعلق بالقراءة الشيخ يقول: أخبرنا، ويكفي في هذا، يقول: أخبرنا، وأيضاً يقال: أخبرنا قراءة عليه، أو قرئ عليه وأنا أسمع، أو قرأت على فلان.. وهكذا.
ثم قال: [واللفظ له]، أي: للحارث بن مسكين ، يعني: هذا اللفظ موجود لشيخه الثاني الحارث بن مسكين ، وليس لشيخه الأول الذي هو عمرو بن سواد .
[ عن ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري ، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن الحارث ].
هو عمرو بن الحارث المصري أيضاً، وهو ثقة، فقيه، حافظ، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن الجلاح ].
هو: أيضاً مصري، وهو: مولى بني أمية مولى الأمويين، وهنا قال: مولى عبد العزيز ، وهو من بني أمية، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[ أن أبا سلمة بن عبد الرحمن حدثه ].
هو: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو تابعي، ثقة، وهو من فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال في السابع منهم؛ لأن السابع منهم فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو سلمة هذا، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، فالسابع منهم اختلف فيه على ثلاثة أقوال، وأبو سلمة هذا أحدهم على أحد الأقوال الثلاثة في السابع.
[ عن جابر ].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري ، صحابي ابن صحابي، وهو من المكثرين من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وجابر، وأنس، وأبو سعيد الخدري، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عن الجميع.
أورد النسائي حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه، وفيه: أنه قال: [(كنا نصلي مع الرسول صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثم نرجح، ونريح نواضحنا)]، يعني: من العمل. [(قلت: أي ساعة؟ قال: زوال الشمس)]. يعني: الصلاة التي يصلون فيها زوال الشمس، فهذا فيه بيان وقت الجمعة، وأنها تكون في ذلك الوقت، وقد ذكرت أن الأقوال للعلماء فيها ثلاثة: الخطبة والصلاة بعد الزوال، الخطبة والصلاة قبل الزوال، وكذلك أيضاً تكون بعد الزوال، والخطبة قبل الزوال، والجمعة بعد الزوال.
قوله: [(كنا نصلي مع رسول الله عليه الصلاة والسلام الجمعة ثم نرجع فنريح نواضحنا)] النواضح هي الإبل التي يسقون عليها، يعني: يخرجون الماء من الآبار بواسطتها، يقال لها: نواضح.
هو هارون بن عبد الله البغدادي الحمال ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ حدثني يحيى بن آدم ].
هو يحيى بن آدم الكوفي ، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مصنف، ومن مصنفاته: كتاب الخراج، وهو مطبوع.
[حدثنا الحسن بن عياش ].
صدوق، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي.
[ حدثنا جعفر بن محمد ].
هو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، إمام من أئمة أهل السنة، وهو من أئمة أهل البيت، وأهل السنة يعرفون لأهل البيت منازلهم، وينزلونهم المنازل التي يستحقونها، فهم يثنون عليهم، ويحترمونهم، ويروون أحاديثهم، ولا يغلون، ولا يجفون، وإنما يتوسطون، فهو إمام من أئمة أهل السنة، يروون أحاديثه في كتبهم، ويعولون عليه في ذلك، بخلاف الرافضة فإنهم يصفون الأئمة الاثني عشر بأوصاف لا تجوز إلا لله من مثل قولهم كما هو موجود في كتاب الكافي، وهو من أشهر كتبهم، وأصح كتبهم، يذكرون أحاديث ينسبونها إلى بعض أئمة أهل البيت، وهي كذب وزور عليهم، وهم برآء منها، أن الأئمة يعلمون ما كان، وما سيكون، وأنهم يعلمون متى سيموتون، وأنهم لا يموتون إلا باختيارهم، ومنها: أنه ليس شيء من الحق إلا ما كان من عند الأئمة، وأن كل شيء لم يخرج من عندهم فهو باطل، ومنها: أن الأئمة عندهم الكتب المنزلة على المرسلين كلهم، وأنهم يعرفونها بلغاتها، ومنها: الحديث الذي في الكافي الذي ينسب إلى أحد الأئمة الاثني عشر، ولعله الحسين رضي الله تعالى عنه، أنه قال: (الناس ثلاثة: عالم، ومتعلم، وغثاء، فنحن العالمون، وشيعتنا المتعلمون، وسائر الناس غثاء) فهذا من أحاديث الكافي الذي يعادل صحيح البخاري عند أهل السنة.
فالحاصل: أن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب إمام من أئمة أهل السنة، وهو من أئمة أهل البيت، وأهل السنة يعرفون قدر أهل بيت رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويرعون فيهم وصية رسول الله عليه الصلاة والسلام في أهل بيته، ولا يجفون، ولا يغلون، وإنما يتوسطون، وخير الأمور الوسط، والحق وسط بين الإفراط، والتفريط، فليسوا مفرطين ولا مفرطين، ولا جافين، ولا غالين، وإنما هم متوسطون معتدلون على الجادة، ينزلون كلاً منزلته التي يستحقها، ومن كان من أئمة أهل البيت، ومن أهل الإيمان منهم، والعلم والصلاح، فإنهم يحبونه لتقواه وإيمانه بالله، ويحبونه لقربه من رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويحبونه لإيمانه، وتقواه، ولكونه من أهل بيت رسول الله عليه الصلاة والسلام.
وجعفر بن محمد، صدوق، فقيه، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
وبعض الرافضة يعيبون على البخاري كثيراً كونه ما أخرج له في الصحيح، ويذمونه لذلك، وهم يذمون جميع أهل السنة، لكن كونه ما خرج له في الصحيح، يذمونه لذلك، وأذكر في بيت من الأبيات أنشدها بعض الرافضة يمدح بها جعفر رحمة الله عليه، ويذم البخاري ، ويقول فيها:
قلامة من ظفر إبهامه تعدل من مثل البخاري مائة
يعني: قلامة من ظفر إبهام جعفر الصادق تعدل مائة من مثل البخاري ، فكما قلت: يتكلمون أو يعيبون البخاري لكونه ما خرج له في الصحيح.
وأما أبوه محمد بن علي الملقب الباقر ، فهو إمام من أئمة أهل السنة، وهو إمام من أئمة أهل البيت، ويحب لإيمانه، وتقواه، ولقربه من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر بن عبد الله].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقدم ذكر جابر ، والإمام مسلم رحمه الله يروي في صحيحه بهذه السلسلة أحاديث، منها حديث جابر الطويل في حجة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنها بهذا الإسناد الذي هو جعفر عن أبيه محمد عن جابر بن عبد الله ، الذي فيه صفة حجة الرسول عليه الصلاة والسلام مطولة، حديث طويل جداً وصف فيه جابر رضي الله عنه، صفة حجة الرسول عليه الصلاة والسلام.
وكان في إسناد الحديث أنه جاءه نفر، ودخلوا عليه في منزله، فسألهم عن أسمائهم واحداً واحداً، وأخبروه بأنهم يريدون أن يحدثهم من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، فطلب محمد بن علي بن الحسين وقربه إليه، وجعل يده على صدره، وجعل يحدثهم بهذا الحديث الطويل الذي هو حديث حجة الرسول صلى الله عليه وسلم.
و جابر رضي الله عنه، كما ذكرت هو أحد السبعة المكثرين من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين هم أكثر من غيرهم رواية للحديث عنه صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، أنه قال: (كنا نصلي مع الرسول صلى الله عليه وسلم الجمعة، ثم نرجع وليس للحيطان فيء يستظل به) ليس للحيطان، أي: الجدران، ظل يستظل به، وهذا يدل على التبكير بالجمعة، وبصلاة الجمعة، يرجعون من الصلاة وقد فرغ منها، وليس للحيطان ظل يستظل به.
والعلماء اختلفوا في النفي في هذا الحديث، فمنهم من قال: إنه يرجع إلى القيد والمقيد، وعلى هذا قالوا: إن هذا يستدل به على أن الصلاة، والخطبة كلها تكون قبل الزوال، إذا كان النفي يرجع للقيد، والمقيد الذي هو أصل الظل، يعني ما هناك ظل أصلاً، ومنهم من قال: إن النفي يرجع إلى القيد دون المقيد، يعني معناه: فيه ظل، ولكنه لا يصل إلى أن يستظل به، بأن يمشي أحد في ظلاله، وعلى هذا يكون معناه أن الخطبة تكون قبل الزوال، وعلى هذا إذا كان ليس هناك ظل يستظل به، وهم قد رجعوا، معناه أن هناك شيء من أعمال الصلاة التي هي الخطبة، موجودة قبل الزوال، ويحتمل أن يكون بعد الزوال، لكن الأقرب أن يكون شيء من ذلك قبل الزوال؛ ثم يوجد ظل، ولكنه لا يستظل به، وهذا معناه أنه قليل جداً لكن لا يصل إلى أن الإنسان يمشي تحته فيستفيد منه.
هو النسائي ، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده، وهو من بلد النسائي.
[ حدثنا عبد الرحمن ].
هو ابن مهدي البصري ، وهو ثقة، ثبت، عارف بالرجال، والعلل، وهو من المتكلمين في الرجال جرحاً، وتعديلاً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن يعلى بن الحارث ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ سمعت إياس بن سلمة ].
هو إياس بن سلمة بن الأكوع ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ يحدث عن سلمة بن عمرو بن الأكوع ].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا محمد بن سلمة حدثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أخبرني السائب بن يزيد : (أن الأذان كان أول حين يجلس الإمام على المنبر يوم الجمعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم و
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الأذان للجمعة، أورد فيه النسائي حديث السائب بن يزيد رضي الله عنه، أنه قال: أن الأذان كان أول في زمن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأبي بكر، وعمر ، أنه إذا جلس على المنبر حصل الأذان الأول، معناه فيه أذانان هو الأذان، والإقامة، يعني الإقامة يقال لها: الأذان، فالأذان الأول بالنسبة للإقامة هو هذا الذي يكون عند صعود الإمام على المنبر، وجلوسه عليه، يؤذن المؤذن، وإذا فرغ من الأذان بدأ بالخطبة، فكان الأمر في عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام وعهد أبي بكر، وعمر ، أن الأذان الأول يكون عندما يكون النبي صلى الله عليه وسلم، وخلفاؤه على المنبر، والأذان الثاني هو الإقامة، والإقامة يقال لها: أذان، وقد سبق أن مر بنا ذكر الحديث: (بين كل أذانين صلاة) أي: الأذان، والإقامة، المراد بالأذانين: الأذان، والإقامة، وكذلك حديث الصحابي الذي قال: (تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة، قال: قلت: كم بين الأذان، والسحور؟ قال: قدر خمسين آية) المراد بالأذان: الإقامة، يعني السحور الذي هو الإمساك الذي يكون عند الأذان الثاني؛ لأنهم يتوقفون عند الأذان الثاني عن الأكل، عند الأذان الثاني بالنسبة للأول الذي يكون قبل طلوع الفجر، فهو انتهاء السحور فالأول بالنسبة للإقامة، والثاني بالنسبة للأذان الأول الذي يكون في الليل.
قال قلت: (كم كان بين الأذان والسحور)؟ معلوم أن الأذان المقصود به الإقامة هنا؛ لأن المسافة بين الإقامة، وبين الأذان قدر قراءة خمسين آية، فالإقامة يقال لها: أذان، كما جاء في هذه الأحاديث، وهنا أيضاً أطلق عليها أذان؛ لأنه قال: الأذان الأول، والأذان الثاني هو الإقامة، ثم الأذان الثالث الذي أتى به عثمان، والذي يكون قبل ذلك الوقت حتى يتهيأ الناس للجمعة، ولهذا قال: الأذان الثالث، يعني مع الأذان، والإقامة، مع الأذان الذي عند الخطبة عند صعود الخطيب على المنبر، الإمام على المنبر، والثاني الذي هو الإقامة، والثالث الذي جاء قبل ذلك في الوقت الذي أتى به عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
وعثمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أتى بهذا الأذان لما كثر الناس، وكان هذا على الزوراء، وهي دار في السوق، وذلك حتى يتهيأ الناس للجمعة، ويغلقوا حوانيتهم ليستعدوا للجمعة، ويتهيئوا؛ لأنهم لو بقوا على هذا الوضع، واستمروا إلى الأذان الثاني تفوتهم الخطبة، لكن عثمان رضي الله عنه وأرضاه، أتى بهذا الأذان، وفيه هذه الفائدة، وثبت الأمر على ذلك، لكنه ليس متصلاً بالأذان الثاني، أو قريباً منه جداً؛ لأنه ما تحصل الفائدة من وراء ذلك، وإنما يكون قبله بفترة ووقت كاف حتى يتهيأ الناس، ويستعدوا، كما هو موجود في بعض البلاد مثل نجد، وغيرها يؤذنون قبل دخول الخطيب بساعة كاملة أو قريباً منها.
النسائي عقد الترجمة للأذان، بين ما كان عليه الأذان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وزمن أبي بكر، وعمر، وأنه أذانان، الأذان الذي على المنبر، والإقامة، ثم عثمان رضي الله عنه، أتى بالأذان الثالث، ولعل من الأسباب التي جعلت عثمان بن عفان رضي الله عنه، يأتي بهذا الأذان: القصة التي حصلت له في زمن عمر ، وهو أنه كان منشغلاً في شيء، وعندما سمع الأذان الذي على المنبر، توضأ وأسرع وجاء إلى المسجد، وخاطبه عمر، وهو يخطب، فقال: أي ساعة هذه؟ فلما كان زمن خلافته أتى بأذان ينبه الناس إلى أن يستعدوا للصلاة، لما كثروا، واحتاجوا إلى التنبيه، أتى بهذا الأذان، وهو الخليفة الراشد، هذا الأذان الذي أتى به داخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور).
هو محمد بن سلمة بن عبد الجبار المرادي المصري ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم ، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
[ حدثنا ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقد تقدم.
[ عن يونس ].
هو يونس بن يزيد الأيلي ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو محمد بن مسلم بن عبد الله بن عبيد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب ، وهو ثقة، إمام، جليل، محدث، فقيه، وهو من صغار التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني السائب بن يزيد ].
السائب بن يزيد ، هو صحابي صغير، له أحاديث قليلة، وقد حج به مع رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو ابن سبع سنين، وهو من صغار الصحابة، ومعلوم أن حجة الوداع توفي بعدها الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشهر تقريباً، ومعنى هذا أن عُمْر السائب بن يزيد حين وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم سبع سنين، وهذا يدلنا على أن الراوي يتحمل في حال صغره، ويؤدي في حال كبره؛ لأن هذا يخبر عن الذي كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا يحتمل أن يكون من مراسيل الصحابة، لكن جاء عن بعض الصحابة، وهو في مثل سنه التصريح بالسماع، مثل النعمان بن بشير ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وعمره ثمان سنوات، وقد جاء أحاديث يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا، ومنها حديث: (الحلال بين، والحرام بين) الحديث مشهور، يقول النعمان بن بشير : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا، فتحمل في حال صغره، وأدى في حال كبره، والتحمل في حال الصغر، والأداء في حال الكبر سائغ، وكذلك التحمل في حال الكفر، والأداء في حال الإسلام أيضاً سائغ، وهو معروف، ومشهور عند المحدثين.
والسائب بن يزيد رضي الله تعالى عنه، كان عمره سبع سنوات عند وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم تقريباً، وقد حج به وعمره سبع سنوات، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث السائب بن يزيد من طريق أخرى، وهو بمعنى الذي قبله.
قوله: [(ليس فيه إلا مؤذن واحد)]، لا ينفي أن يكون له مؤذن آخر كما هو معلوم، وإنما المقصود غالباً، أي مؤذن واحد هو بلال ، وليس معنى ذلك أنه ليس هناك من يؤذن في بعض الأحيان غيره، لكن بلال هو الذي يؤذن غالباً.
والحديث هو بمعنى الذي قبله، من جهة أن الأذان كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر عندما يرقى الإمام على المنبر، وأن التأذين الثالث أتى به عثمان لما كثر أهل المدينة.
هو: محمد بن يحيى بن عبد الله الزهري النيسابوري ، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[ حدثنا يعقوب ].
هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبي ].
هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[ عن صالح بن كيسان ].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد ].
وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث السائب بن يزيد ، وهو بمعنى الذي قبله، إلا أنه ليس فيه زيادة الأذان الثالث، ليس فيه ذكر الأذان الثالث، وإنما فيه ذكر الأذان إذا كان على المنبر، ثم إذا انتهت الخطبة أقام، فهذان أذانان، وكان الأمر على ذلك في زمن أبي بكر، وعمر رضي الله تعالى عنهما، والروايتان السابقتان فيهما أن عثمان زاد الأذان الثالث.
محمد بن عبد الأعلى، هو البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه .
[ حدثنا المعتمر ].
هو ابن سليمان بن طرخان التيمي ، وهو ثقة، أخرج حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
سليمان بن طرخان التيمي ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، ويقال: إنه ليس تيميماً، نزل فيهم فنسب إليهم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما.
الجواب: إذا كان رضع مرتين فقط فهو لا يؤثر، ولا يحرم، لا يحرم إلا الخمس الرضعات فأكثر، وأما الرضعتان، والثلاث، والأربع، فهذه لا تحرم، فإذا كان الأمر كذلك أنها ما رضعت إلا مرتين.. لكن ينبغي أن يعلم أن المرة الواحدة هي كون الصبي يلتقم الثدي، ثم يطلقه، فيمكن أن تكون الخمس رضعات في مجلس واحد، إذا مسك الثدي ثم رضع وأطلقه، ثم عاد، ومسكه ثم أطلقه، وهكذا، فهذه إذا حصلت ولو في مجلس واحد، يحصل به التحريم، لكن إن كان صاحب السؤال يريد بالمرتين أنه ما التقم الثدي إلا مرتين، فإنها لا تحرم، وأما إذا كان في مجلسين، والمجلس الواحد فيه عدة رضعات، يلتقم الثدي ثم يطلقه، ثم يلتقمه ويطلقه، وهو في مجلس واحد، فإن التحريم يحصل بذلك.
وهذه البنت التي رضعت هي صارت أختاً لجميع أولاد الأم المرضعة، وكذلك أختاً لجميع أولاد زوجها صاحب اللبن، أولاده من زوجات متعددات أخرى غير المرضعة، وأما أخوات تلك الراضعة، فإنه لا دخل لهن بهذا الرضاع، فإن لأولاد هذا الرجل أن يتزوجوا من أخواتها؛ لأنهن ما رضعن، ولأن تلك الرضيعة هي التي صارت أختاً لأولاد المرأة، وأولاد الرجل، وأما أخواتها اللاتي ما رضعن، فأولئك لا علاقة لهن بهذا الرضاع.
الجواب: إذا كان قام، وسبحوا به، وجلس، فإنه يسجد بعد السلام؛ لأن فيه زيادة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر