أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا شعبة عن عمرو بن دينار سمعت جابر بن عبد الله يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء أحدكم وقد خرج الإمام فليصل ركعتين. قال
يقول النسائي رحمه الله في هذه الترجمة: باب الصلاة يوم الجمعة إذا خرج الإمام، والمقصود من هذه الترجمة: أن الإنسان إذا دخل وقد خرج الإمام، وصعد على المنبر، فإن الداخل لا يجلس، وإنما يصلي ركعتين قبل أن يجلس، سواءً كان الإمام قد دخل وهو على المنبر، ولم يبدأ بالخطبة، أو كان دخل، والإمام يخطب، فإن عليه أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس، وأصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام كانوا إذا دخلوا المسجد يوم الجمعة، يصلون ما أمكنهم أن يصلوا، ثم يجلسون، ولا يقومون إلا للصلاة، والذي كان موجوداً لا يقوم عندما يدخل الإمام، ويصعد على المنبر يتنفل، وإنما الذي يتنفل هو الذي يدخل بعد دخول الإمام، فإنه لا يجلس إلا وقد صلى ركعتين، أما من جاء قبل ذلك، فإنه يصلي ما أراد أن يصلي، ثم يجلس، ولا يقوم إلا للصلاة.
وهذا يدلنا على مشروعية الصلاة يوم الجمعة بعدما يدخل الإمام، أن الداخل يصلي ركعتين، ولا يزيد على الركعتين؛ لأن قوله: [(فليصل ركعتين)]، التي هي تحية المسجد، لكن لا يزيد عليها؛ لأن الزيادة عليها فيه انشغال عن الإقبال على الخطبة، والاستماع إليها، لكن تحية المسجد تتأدى بصلاة ركعتين دون أن يزيد عليها بعدما يكون الإمام قد خرج حتى يكون مستعداً لسماع الخطبة، ومتهيئاً لمتابعة الإمام، ومتابعة الخطيب في خطبته.
ثم إن لفظ الحديث: (إذا دخل أحدكم وقد خرج الإمام فليصل ركعتين)، هذا لفظ الحديث، شعبة أحد رواة الإسناد أراد أن يوضح، أو أتى بكلمة توضح المقصود فقال: يوم الجمعة، وهو معلوم، ومفهوم أن خروج الإمام، وصلاة ركعتين هو في صلاة الجمعة، أما إذا كان في الصلوات الأخرى، فالإمام إذا خرج أقيمت الصلاة، وإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة كما جاء ذلك عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
فقوله: يوم الجمعة، هذه زيادة من شعبة أراد بها توضيح الوقت، وأنه يوم الجمعة.
هو الصنعاني البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا خالد].
هو ابن الحارث البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، إمام، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهذا من أعلى صيغ التعديل، وأرفع صيغ التعديل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن دينار].
هو عمرو بن دينار المكي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت جابر بن عبد الله].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عن جابر وعن أبيه، فهو صحابي ابن صحابي، وأبوه استشهد يوم أحد رضي الله تعالى عنه، وجابر بن عبد الله الأنصاري أحد السبعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة، هؤلاء السبعة هم الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
أخبرنا عمرو بن سواد بن الأسود أخبرنا ابن وهب أخبرنا ابن جريج: أن أبا الزبير حدثه: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب يستند إلى جذع نخلة من سواري المسجد، فلما صنع المنبر واستوى عليه، اضطربت تلك السارية كحنين الناقة حتى سمعها أهل المسجد، حتى نزل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتنقها فسكتت)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: مقام الإمام في الخطبة، أي: المكان الذي يكون عليه الإمام، وذلك أنه كان يكون على جذع مستنداً إليه، وذلك قبل أن يصنع المنبر ويوضع له، ثم إنه بعدما صنع تحول إليه، وأما الجذع الذي كان يقوم عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ويستند عليه، فجعل يحن، ويسمع الناس صوته، أي: صوت حنينه لما فقد وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه، فنزل عليه الصلاة والسلام، فاعتنقه فسكت ذلك الجذع الذي كان يحن لما تحول عنه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
وهذا يدلنا على أن المخلوقات الجامدة، يخلق الله عز وجل فيها ما يخلق من ذكره، وعبادته، وكذلك ما حصل لهذا الجذع من الحنين من أجل فقده لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم إن حنين الجذع، وحصول ذلك منه؛ لكون النبي صلى الله عليه وسلم تحول عنه فهذه من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى جعل هذا الجذع -الذي هو جذع نخلة- يحصل منه هذا الحنين لفراق النبي عليه الصلاة والسلام، ولكونه تحول عنه النبي صلى الله عليه وسلم إلى غيره.
ثم إن حصول هذا البكاء، والحنين منه وقع حقيقة، وسُمع صوته وهو يبكي، ويحن؛ لكون النبي عليه الصلاة والسلام تحول عنه، وهو يدل على كمال قدرة الله عز وجل، والله تعالى على كل شيء قدير.
وهذه مما جاءت به الأخبار، ويجب الإيمان بها، والتصديق، فهي من أمور الغيب التي نؤمن بها، ونصدق بها، ونعتقد أن ما جاء في الحديث حق، وأنه وقع على الحقيقة، والله عز وجل على كل شيء قدير.
ومثل هذا -الذي حصل من هذا الجذع- أيضاً ما جاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إن حجراً بمكة أعرفه كان يسلم عليّ)، أي: إذا مررت عليه يسلم علي، ويقول: السلام عليك يا محمد! حجر من الحجارة أنطقه الله عز وجل، وجعل يتكلم بهذا الكلام؛ الذي هو السلام على رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وهذا يدلنا على أنه إذا أنطق الله عز وجل شيئاً من المخلوقات بالكلام، فإن الكيفية التي يكون بها الإنطاق نحن لا نعقلها، ولا نعرفها، ولكن نؤمن، ونصدق بأنه وجد الكلام من ذلك المخلوق الذي هو حجارة، وذلك الحنين الذي هو من جذوع النخل، ووجد الكلام ووجد الحنين من غير أن نعرف هذه الكيفية.
ومن المعلوم أن أهل السنة والجماعة يثبتون أن الله عز وجل يتكلم بصوت، وأنه يسمع، وكلام الله عز وجل مسموع، ولكن الكيفية لا نعقلها، كيفية كلام الله عز وجل نحن لا نعقلها، بعض المتكلمين الذين أعرضوا عن دلالة نصوص الكتاب والسنة، وعما كان عليه سلف هذه الأمة، فإنهم يقولون: إن الكلام الذي يُسمع لا يثبت لله عز وجل، قالوا: لأننا لو أثبتناه للزم أن نثبت الأمور التي نعقلها، والتي يحصل بها الكلام، وهم يقولون: لا نعقل كلاماً إلا بالهيئة التي نعرفها، وهي أن يكون هناك لسان، ولهات، وشفتان، ومخارج حروف، وحنجرة وما إلى ذلك، فلو أثبتنا الكلام لله عز وجل للزم أن نثبت هذه الأشياء، ويكون الله عز وجل مشابهاً لخلقه، هذا كلام غير صحيح، يجب إثبات الكلام، وأن الله تعالى يتكلم بصوت يسمع، ولكن لا يلزم أن يكون مثلما هو معلوم للناس من كيفية كلام الإنسان، إذا كان هذا حجر حصل منه الكلام، ونطق بالكلام، ولكن ما عرف كيفية كلامه، ولم يعرف بأنه بلسان، وحنجرة ،ولهات، ما حصل بهذه الطريقة، حجر تكلم ليس له لسان، ولا لهات، ولا مخارج حروف، وإنما الله تعالى أنطقه، وإذا كان هذا مخلوق نطق بالكلام وليس بالهيئة التي يقولها المتكلمون، والتي لا يعقلون كلاماً إلا بهذه الكيفية المعروفة في كلام الإنسان، هذا يبين لنا فساد ما يقولونه، وأن ما جاء عن الله يجب إثباته له، لكن على وجه يليق بكماله وجلاله، وحصول هذا الكلام بغير الطريقة المعقولة للناس والمعروفة للناس، يدلنا دلالة واضحة على أنه لا يلزم أن يكون الكلام لا يحصل إلا بهذه الطريقة، فهذا مخلوق من مخلوقات الله تكلم، وليس بالطريقة المعروفة التي فيها لسان، ولهات، ومخارج حروف، والله عز وجل يوم القيامة يختم على الأفواه فتنطق الأيدي، والأرجل، والجلود بما كان يعمله الإنسان، أنطقها الله عز وجل الذي أنطق كل شيء، لكن ليس بالطريقة المعهودة، ولا يلزم أن يكون الكلام بما هو معلوم في كلام الإنسان، فإن صفات الباري تليق بجلاله، وكماله، وصفات المخلوق تليق بضعفه، وافتقاره، ولا يلزم من إثبات الصفة لله عز وجل أن يكون فيها مشابهاً لخلقه.
الحاصل: أن ما حصل في هذا الحديث من حنين الجذع، والحديث الآخر من سلام الحجر على النبي عليه الصلاة والسلام، أن الله تعالى أنطق ذلك الحجر، وجعل هذا الجذع يحن، ولم يكن هذا الحنين، وذلك الكلام، وفقاً لما هو معلوم للإنسان بكيفية كلامه وتكلمه، والله تعالى على كل شيء قدير.
هو المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[أخبرنا ابن وهب].
هو عبد الله المصري وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، ثبت، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أن أبا الزبير حدثه].
هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي، وهو صدوق، يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ أنه سمع جابر بن عبد الله].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري، وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن منصور عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن كعب بن عجرة قال: (دخل المسجد و
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: قيام الإمام في الخطبة، يعني: وهو يخطب يكون قائماً لا يكون جالساً، هذه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد كان عليه الصلاة والسلام يخطب قائماً، وأنزل الله تعالى عليه هذه الآية التي أخبر عنه أنه كان قائماً وهو يخطب، وهي قول الله عز وجل: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا [الجمعة:11]، يعني: تركوك قائماً تخطب، ففيه: الدلالة على ما ترجم له المصنف، وهو أن الخطيب يكون قائماً حال الخطبة، لا يكون جالساً، فالخطبة تكون عن قيام، ولا تكون عن جلوس، هذه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، دل عليها فعله، ودل عليها أيضاً ما جاء في القرآن من الإخبار عن فعله، وما كان يفعله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهو كونه يخطب قائماً عليه الصلاة والسلام.
فأورد النسائي حديث كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد دخل المسجد، وعبد الرحمن بن أم الحكم يخطب جالساً، فقال: (انظروا إلى هذا يخطب جالساً، وقد قال الله عز وجل: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا [الجمعة:11])، يعني: ترك السنة، وترك الهيئة والفعل الذي ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وذكره الله تعالى في كتابه حاكياً فعله صلى الله عليه وسلم، وهو كونه يخطب قائماً، فدل هذا على كون الخطيب عندما يخطب، يخطب عن قيام، ولا يخطب من جلوس، بل السنة أن يكون قائماً، لكن لو حصل اضطرار إلى جلوسه، وكونه اضطر إلى ذلك، لا بأس بذلك، من أجل الضرورة، أما من غير ضرورة، فإن السنة أن يكون قائماً ولا يكون جالساً.
هو أحمد بن عبد الله بن الحكم البصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي.
[ حدثنا محمد بن جعفر].
ولقبه غندر، وهو: محمد بن جعفر البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وقد مر ذكره قريباً، وأنه وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو من أعلى صيغ التعديل، وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
هو منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن مرة].
هو عمرو بن مرة المرادي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي عبيدة].
هو أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، وقيل: إن كنيته هي اسمه وليس له اسم غير أبي عبيدة، فهي اسمه، وهي على صيغة الكنية، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن كعب بن عجرة].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا محمود بن خالد حدثني عمر بن عبد الواحد سمعت يحيى بن الحارث يحدث عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس الثقفي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من غسل واغتسل، وابتكر، وغدا ودنا من الإمام وأنصت، ثم لم يلغ، كان له بكل خطوة كأجر سنة صيامها، وقيامها)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: فضل الدنو من الإمام، وأورد فيها حديث أوس بن أوس الثقفي رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(من غسل واغتسل، وابتكر ودنا، وأنصت ولم يلغ؛ كان له بكل خطوة أجر سنة صيامها وقيامها)]، والحديث سبق أن مر في الاستدلال على فضل الاغتسال، وكذلك في موضع آخر، وهنا أورده من أجل: (ودنا) التي جاءت في الحديث: [(ودنا من الإمام)]، والدنو من الإمام فيه فوائد وهي: كون الإنسان يحصل أوائل الصفوف، والأمر الثاني: كونه يتمكن من سماع الخطبة، واستيعاب ما يقوله الإمام، والتمكن من تلقيه، وفهمه، وإدراكه.
والخطبة إنما شرعت ليستفيد الناس منها، فدنو الإنسان من الإمام يجعله متمكناً من استيعاب ما يقوله الإمام، وما يأتي على لسان الإمام في خطبته التي يخطب فيها الناس، فيكون الإنسان مستفيداً من الخطبة حيث سمعها، وتمكن من سماعها؛ لدنوه من الإمام، وقربه منه.
والحديث سبق أن مر في فرض الاغتسال، وكذلك في غيره، وهنا جاء من أجل ما اشتمل عليه من لفظ الدنو.
هو محمود بن خالد الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثني عمر بن عبد الواحد].
هو الدمشقي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[سمعت يحيى بن الحارث].
هو يحيى بن الحارث الشامي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[ يحدث عن أبي الأشعث الصنعاني].
هو شراحيل بن آده، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أوس بن أوس الثقفي].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو صحابي سكن الشام، وحديثه أخرجه أصحاب السنن الأربعة.
أخبرنا وهب بن بيان حدثنا ابن وهب سمعت معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن عبد الله بن بسر قال: كنت جالسا إلى جانبه يوم الجمعة، فقال: (جاء رجل يتخطى رقاب الناس، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي اجلس فقد آذيت)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: النهي عن تخطي رقاب الناس والإمام على المنبر يوم الجمعة. تخطي رقاب الناس، وكون الإنسان يأتي ويقفز من صف إلى صف، ويتجاوز أعناق الناس، بأن يتقدم، ثم يتخطى رقابهم، فيحصل في ذلك الإيذاء لهم، وقد جاء النهي في ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث، الذي هو حديث عبد الله بن بسر رضي الله تعالى عنه.
وقول أبي الزاهرية: (كنت جالساً إلى جنبه)، أي: جانب عبد الله بن بسر، فقال: [(إن رجلاً دخل يتخطى رقاب الناس والنبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، فقال له: اجلس فقد آذيت)]، يعني: اجلس حيث ينتهي بك المجلس، ولا تتخطى الرقاب فقد آذيت الناس بتخطيك لرقابهم، وإنما على الإنسان إذا جاء متأخراً أن يصل الصفوف، ويتقدم إلى الصفوف، ولكنه لا يتخطى الرقاب، اللهم إلا أن يكون هناك فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي، فإن على المؤمنين أن يتقدموا إليها، وأن يغلقوها بحيث لا يبقى مجال لأحد أن يتقدم من أجله، من أجل الفُرج التي أمام الناس، وإنما يتقدمون، وكل صف يملى، ولا ينشأ الصف الذي بعده إلا إذا امتلأ الذي قبله، فلا ينشأ الصف الثاني إلا وقد امتلأ الصف الأول، ولا ينشأ الصف الثالث إلا وقد امتلأ الصف الثاني.. وهكذا، فلا يكون هناك فُرج تبقى بين الصفوف، وإنما الناس يتقدمون، ويسدون الفرج، والنبي عليه الصلاة والسلام قال لهذا الرجل: [(اجلس فقد آذيت)]، وهذا يدلنا على أن تخطي رقاب الناس غير سائغ، إلا إذا كان هناك أمر يقتضيه، كأن يكون هو الإمام وسيذهب إلى مكانه، أو يرى فرجة لا يصل إليها إلا به، فإنه في هذه الحالة له التخطي، أما إذا كان من غير أمر يقتضيه، فليس للإنسان أن يتخطى رقاب الناس.
ثم إن فيه: وصف التخطي بأنه أذى، ومن المعلوم أنه لا يسوغ لمسلم أن يؤذي مسلماً، وفيه أيضاً ما يدل على أن الإمام له أن يكلم من شاء من المأمومين، وكذلك المأمومون لهم أن يكلموا الإمام، فالكلام في وقت الخطبة لا يجوز إلا من الإمام أو من يكلمه الإمام، والنبي عليه الصلاة والسلام خاطب هذا الرجل وقال: (اجلس فقد آذيت)، قطع خطبته وقال: (اجلس فقد آذيت)، فهذا يدلنا على جواز كون الإمام يتكلم مع بعض المأمومين، وعكسه؛ وهو كون بعض المأمومين يكلم الإمام، وسيأتي في الحديث الذي بعد هذا ما يدل عليه.
ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا ابن وهب].
هو المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقد تقدم.
[سمعت معاوية بن صالح].
هو معاوية بن صالح بن حدير، وهو صدوق، له أوهام، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي الزاهرية].
واسمه حدير، وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وهو مشهور بكنيته أبو الزاهرية، واسمه حدير.
[عن عبد الله بن بسر].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من صغار الصحابة، وهو آخر من مات من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بالشام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا إبراهيم بن الحسن ويوسف بن سعيد واللفظ له، قالا: حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار: أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: (جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجمعة، فقال له: أركعت ركعتين؟ قال: لا، قال: فاركع)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الصلاة يوم الجمعة لمن جاء والإمام يخطب، يعني: أنه لا يجلس إلا وقد صلى ركعتين، وقد أورد النسائي فيه حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، أن رجلاً دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أصليت ركعتين؟ قال: لا، قال: فاركع)، أي: صل ركعتين، أي: اركعهما، وهذا يدلنا على مشروعية الصلاة، أي: صلاة تحية المسجد إذا دخل الإنسان والإمام يخطب، فإنه لا يجلس إلا بعد أن يصلي ركعتين.
وفيه أيضاً: دليل على جواز الكلام من الإمام، أو من يكلمه الإمام؛ لأن الحديث فيه كلام الإمام، وكلام غيره معه؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب مأموماً من المأمومين وقال: (أركعت؟) يعني: صليتَ تحية المسجد؟ قال: لا، قال: (فاركع)، ففيه: مخاطبة الإمام لغيره، وإجابة غيره له، أو مخاطبة غيره له، يعني: كونه يخاطب الإمام، فيجوز للإمام أن يكلم المأمومين، ويجوز للمأمومين أن يكلموا الإمام وهو يخطب يوم الجمعة، كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومنها ما دل عليه هذا الحديث الذي معنا.
هو إبراهيم بن الحسن المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[ويوسف بن سعيد].
هو يوسف بن سعيد المصيصي، وهو ثقة، خرج حديثه النسائي وحده.
[واللفظ له].
أي: للشيخ الثاني الذي هو يوسف بن سعيد.
[حدثنا حجاج].
هو ابن محمد المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، ثبت، يرسل، ويدلس، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، وقد مر ذكره قريباً.
[ أخبرني عمرو بن دينار].
هو المكي، وهو ثقة، ثبت، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[ أنه سمع جابر بن عبد الله].
وقد مر ذكره.
الجواب: الذي يبدو كما هو واضح أن الفرق بينهما: أن خروج الإمام كما هو معلوم يعني: كونه خرج، وجلس على المنبر، لا يمنع من الإتيان بالركعتين، وخروج الإمام أوسع، وأعم من كون الإمام يخطب، يعني: ترجمة خروج الإمام أوسع من الترجمة الثانية التي هي كون الإمام يخطب؛ لأنها تشمل ما بين الخطبتين، وتشمل كونه جاء وقعد على المنبر.
الجواب: الله تعالى أعلم، لكن ظاهر الحديث نص أن ذلك الشخص هو آخر أهل الجنة دخولاً الجنة، وخروجاً من النار، هو هذا الذي نص عليه، وأما أولئك فيمكن والله تعالى أعلم أنهم قبله يكونون.
الجواب: لا نكاح إلا بولي، سواءً كانت بكراً، أو ثيباً، لا بد من الولي في النكاح، وسواءً كانت المزوجة بكراً أو كانت ثيباً.
الجواب: الأزارير هي: توضع من أجل أن يزر بها، وهي لا توضع للزينة، وإنما توضع لضربها القميص وجيب القميص، والذي جاء في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدث بحديث وكان أزراره محلولاً، يعني: في تلك اللحظة التي حصل فيها كون الصحابي سمع الحديث، كان الأزرار محلولاً، ولكن لا يعني هذا أن يكون محلول الأزرار دائماً وأبداً، وإنما هي حالة نادرة، لكن كون هذه عادته دائماً، لا يدل عليه هذا اللفظ، وإلا لماذا توضع الأزارير؟ وما هي الحكمة من وضع الأزرار؟ وهل هو للزينة؟ أبداً، لا يتزين بالأزرار، وإنما الأزرار ليزر به القميص، فكونه حصل في حالة معينة، والصحابي الذي سمع الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعتها شاهد النبي صلى الله عليه وسلم محلول الأزرار، هذا يدل على أنها حالة طارئة، وأنها ليست عادته صلى الله عليه وسلم.
الجواب: التختم بالحديد لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنه حلة أهل النار)، لكن كون الإنسان يستعمل الساعة وفيها حديد ما في بأس، هو ما لبس حديداً، وإنما لبس ساعة مشتملة على حديد.
الجواب: الصفوف الأول الذي يكون فيها هو دان من الإمام، وقريب من الإمام، ما هو معناه دنوه من الإمام أن يكون تحت المنبر، يعني وإنما يكون قريباً منه بحيث أنه يسمع صوته، ومن المعلوم أن الآن بواسطة مكبرات الصوت والكل يسمع الصوت، لكن لو انقطعت الكهرباء، فإن الذين يكونون قريباً من الإمام يسمعونه، ومن المعلوم أن الصف الأول هو قريب من الإمام، وفي المسجد النبوي هو قريب من الإمام في الصفوف الأول التي أمامه.
الجواب: ثلاثيات البخاري ما أتذكر طرقها، لكن عددها اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً بالتكرار، وهي ستة عشر بدون تكرار، وبين البخاري، وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ثلاثة أشخاص، أما طرقها ما أتذكرها، لكن من شيوخه فيها أبو عاصم النبيل، ومكي بن إبراهيم.
الجواب: معنى هذا أن من كان في المدينة، وما يشبهها، وما يسامتها، يعني: يكون عن مكة شمالاً، فإنه إذا اجتهد في القبلة، ثم تبين أنه انحرف عنها يسيراً، ولكنه ما صلى، وهو بين الشرق والغرب فهي قبلة؛ لأن إصابة عين الكعبة إنما يكون من يكون عندها أو الذي يستقبل رأسها، أما من يكون عندها فهو يستقبل جهتها، وما بين المشرق والمغرب قبلة، يعني: الأمر في ذلك واسع، ومعناه: لو أن إنساناً صلى ثم تبين له أنه انحرف شيئاً يسيراً عن جهة القبلة فما يؤثر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ما بين المشرق والمغرب قبلة)، فهذا في حق من يكون شمالاً، وكذلك من يكون جنوباً، فما بين المشرق والمغرب قبلة له، ومن يكون في الغرب فما بين الجنوب والشمال له قبلة، ومن يكون في الشرق فما بين الجنوب، والشمال قبلة له كذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا في حق أهل المدينة الذين قبلتهم بين الشرق والغرب إلى جهة الجنوب.
الجواب: الإنسان إذا دخل وأراد أن يصلي ما شاء فله ذلك، والذي جاء في الحديث: (رحم الله امرءاً صلى قبل العصر أربعاً).
الجواب: كما هو معلوم هذا دعاء يسأل الإنسان ربه أن يجعل في أعضائه نوراً؛ التي هي قلبه، وسمعه، وبصره، ويمينه، وأمامه، وعن شماله وخلفه كما جاء في الحديث، والحديث سبق أن مر بنا، وهو واضح في لفظه وفي معناه؛ لأنه كما هو معلوم المقصود بذلك، النور المعنوي، وهو أن يكون موفق في عبادته وفي سلوكه إلى الله عز وجل، بحيث يكون على نور، وعلى هدى، وعلى بصيرة، وعلى صراط مستقيم؛ لأن هذا هو النور الحقيقي، يعني نور الهدى، ونور العلم، ونور البصيرة في الدين، ونور كون الإنسان يعبد الله على صراط مستقيم، هذا هو المقصود بهذا الدعاء: (اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي بصري نوراً، وفي سمعي نوراً، وأمامي نوراً، وعن يميني نوراً، وعن شمالي نوراً..) إلى آخر الحديث.
الجواب: الطبقة هم جماعة اشتركوا في السن ولقيا المشايخ، يعني: جماعة تقاربوا في السن ولقاء المشايخ، هؤلاء يقال لهم: طبقة، يعني: موجودين في وقت واحد يأخذون عن شيوخ شيوخهم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر