أخبرنا محمد بن بشار حدثني أبو هشام المغيرة بن سلمة حدثني وهيب حدثني يحيى بن سعيد عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم اسقنا)].
يقول النسائي رحمه الله: ذكر الدعاء، أي: ذكر الدعاء في الاستسقاء، أي: صيغته ولفظه، أو ما ورد فيه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من الأدعية، هذا هو المقصود بهذه الترجمة، وقد أورد النسائي رحمه الله حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام استسقى فقال: (اللهم اسقنا).
قوله: (اللهم اسقنا)، هذا دعاء، وهو دعاء بطلب السقيا، وهذا هو الذي يطابق، ويوافق الاستسقاء؛ لأن الاستسقاء هو: طلب السقيا، كما أن الاستغفار طلب المغفرة، وما إلى ذلك، فالألف والسين والتاء تدل على الطلب، فالاستسقاء هو طلب السقيا.
والسقيا: الغيث، ونزول المطر، الذي منه يشرب الناس، وتشرب دوابهم، وينبت النبات، وينبت فيه العشب والكلأ الذي يكون للمراعي، وينبت فيه الزرع الذي هو قوت الناس، فكل هذا يدخل تحت هذا الطلب الذي هو: (اللهم اسقنا).
و(اللهم) هي بمعنى يا الله، ولكن الياء حذفت من الأول، وعوض عنها الميم التي في الآخر، فيقال: اللهم، يعني بدل (يا ألله اسقنا)، (اللهم اسقنا)، فيا اللهم اسقنا بمعنى: يا الله.
هو البصري، الملقب بندار، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، وبدون واسطة، وكانت وفاته سنة اثنتين وخمسين ومائتين، ويشاركه في سنة الوفاة، وفي كونه شيخاً لأصحاب الكتب الستة يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن المثنى العنزي، فهؤلاء ثلاثة ماتوا في سنة واحدة، قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، وهم شيوخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبو هشام المغيرة بن سلمة].
هو بصري، ثقة، ثبت، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثني وهيب].
هو ابن خالد البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني يحيى بن سعيد].
هو الأنصاري المدني، وهو من صغار التابعين، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو يروي عن أنس بن مالك.
وأنس بن مالك من صغار الصحابة، الذين عمروا وأدركهم صغار التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي روى عنه البخاري الحديث الأول في صحيحه: (إنما الأعمال بالنيات)، الذي هو فرد إلى يحيى بن سعيد؛ لأنه رواه عن عمر رضي الله عنه، ورواه عن عمر علقمة بن وقاص الليثي، وهو من كبار التابعين، ورواه عن علقمة بن وقاص الليثي محمد بن إبراهيم التيمي، وهو من أوساط التابعين، ورواه عن محمد بن إبراهيم التيمي يحيى بن سعيد الأنصاري، وهو من صغار التابعين، فالحديث اجتمع فيه ثلاثة من التابعين: واحد من الكبار، وواحد من أوساطهم، وواحد من صغارهم.
[عن أنس بن مالك].
وأما أنس بن مالك رضي الله عنه فهو خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، خدمه عشر سنوات، منذ قدم رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى المدينة حتى توفاه الله، وأكثر من الرواية عن الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأنس، وجابر، وأبو سعيد، وأم المؤمنين عائشة، فهؤلاء سبعة، عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.
هنا أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، الذي فيه استسقاء الرسول عليه الصلاة والسلام في خطبة الجمعة، وأنه كان يخطب، فطلب منه الناس أن يستسقي، وأن يطلب من الله عز وجل أن يسقيهم، وأن ينزل عليهم الغيث؛ لأنه قد حصل القحط، وانقطاع السبل، وهلاك الأموال بسبب قلة الأمطار التي يحصل معها الجدب، وعدم النبات في الأرض، فلا يستطاع أن يسافر على الإبل، لوجود الجدب في الطريق، وعدم وجود شيء يقيتها وينفعها، فاستسقى عليه الصلاة والسلام في خطبته، ثم أنزل الله عز وجل المطر، وتجمعت السحاب، واستمر نزول المطر إلى الجمعة الثانية، ولما خطب عليه الصلاة والسلام في الجمعة الثانية، طلبوا منه أن يسأل الله عز وجل أن يحبس المطر عنهم، وقالوا: إنها تهدمت البيوت، أي: من كثرة المطر، فسأل الله عز وجل أن يجعلها حواليهم ولا عليهم، فقال: (اللهم حوالينا ولا علينا)، وهذا من آدابه عليه الصلاة والسلام في السؤال، فلم يسأل الله عز وجل أن يمسك الماء، وأن يحبس الماء عنهم، وإنما طلب منه أن يصرف ذلك عن المدينة، وعن بيوتها وبنائها، وأن يكون ذلك في منابت الشجر، وفي بطون الأودية، وحواليهم ولا عليهم، فانقشعت تلك السحب، وتمزق السحاب وتفرق، وصار يمطر حوالي المدينة، ولا يمطر عليها، وصار الذي فوق المدينة صحو، والذي حواليها سحاب يمطر، حتى قال: (فنظرت إليها وإذا هي مثل الإكليل)، الإكليل هو: المحيط بالشيء، ويكون في وسط الدائرة، أي: أن السحاب صارت حوالي المدينة، من جميع جوانبها كالدائرة حولها، والمدينة ليس عليها شيء من السحاب، وهذا هو المقصود بالإكليل، ولهذا يقال لما يوضع على الرأس مما يحيط بجوانبه: إكليل، وكذلك يقال في الورثة: (كلالة) الذين هم من ليس له ولد ولا والد، قالوا: لأن الورثة أحاطوا به كإحاطة الإكليل؛ لأنهم ليسوا من أصول ولا فروع، وإنما هم حواشي وجوانب أحاطوا به من جهاته المختلفة، شاركوا الميت في أبيه، أو في أبي أبيه، فصاروا محيطين به.
وفي هذا الحديث بيان أن الصحابة سألوا منه عليه الصلاة والسلام الدعاء، وأن يستسقي، وفي بعض الطرق التي تقدمت، والتي ستأتي أنه شخص واحد الذي طلب الدعاء، وطلب الاستسقاء من رسول الله عليه الصلاة والسلام، فيحتمل أن يكون واحد بدأ، والباقون تكلموا معه مؤيدين ومقرين بما طلب، وأن هذا هو الواقع، فيكون نسب إلى الشخص في بعض الأحيان؛ لأنه هو الذي بدأ هذا، ونسب إلى الجميع؛ لأنهم وافقوه، وأقروه، ولم يعترضوا عليه؛ لأن هذا أمر مشترك، وحاجة الجميع إليه، والقحط قد حصل، وهم يطلبون الغيث والاستسقاء، فيكون هذا هو التوفيق بين ما جاء في بعض الروايات، من ذكر الواحد، وما جاء في بعضها، من ذكر الجماعة.
هو الصنعاني البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
وقد مر ذكر محمد بن عبد الأعلى يروي كثيراً عن خالد بن الحارث البصري، لعل جلَّ ما ورد أو إن جل ما ورد فيه محمد بن عبد الأعلى، يروي عن خالد بن الحارث البصري، لكنه يأتي يروي عن غيره كما هنا.
[حدثنا المعتمر].
هو ابن سليمان بن طرخان التيمي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وليس في رجال الكتب الستة، من يسمى (معتمراً) سواه، فهو الذي يسمى بهذا الاسم وحده، ممن هم من رجال الكتب الستة، أما بالنسبة لغير الرواة، يعني مثل الآباء، فهناك منصور بن المعتمر، وهو كوفي من طبقة الأعمش.
[سمعت عبيد الله بن عمر وهو العمري].
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، ينتهي نسبه إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ويقال له: العمري، وكلمة (العمري) هذه ليست مما جاء عن المعتمر بن سليمان، بل الذي أتى بها هو من دون المعتمر بن سليمان، أتى بها للتوضيح والبيان، وعبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، هو الذي يقال له: المصغر؛ لأن له أخاً اسمه عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر، ويقال له: المكبر، ذاك ضعيف، وأما المصغر فهو ثقة.
وحديث عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر عند أصحاب الكتب الستة.
[عن ثابت].
هو ثابت بن أسلم البناني البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، وقد تقدم ذكره.
وهنا أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه من طريق أخرى، وقد تقدم هذا الحديث الذي فيه ذكر السؤال من رجل دخل المسجد، وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يستسقي، وقد تقدم ذكره فيما يتعلق برفع اليدين في الاستسقاء، وفي الدعاء في الاستسقاء، وهنا أورده لبيان الدعاء الذي كان يدعو به رسول الله عليه الصلاة والسلام في الاستسقاء، ومنه قوله: (اللهم أغثنا، اللهم أغثنا)، وقد مر فيما مضى أنه قال: [(اللهم اسقنا)]، وأنشأ الله عز وجل سحابة، وما كان في السماء من سحابة ولا قزعة، وهي: القطع الصغيرة من السحاب، فأنشأ الله سحابةً مثل الترس، قيل: إن التشبيه إنما هو في الاستدارة والكثافة، وقيل: إنه في الصغر، أي: في صغرها، وإنها سحابة صغيرة مستديرة مثل الترس، فلما كانت في الوسط توسعت، وامتدت حتى تلبدت السماء بالغيوم، وأمطرت، واستمر المطر إلى الجمعة الأخرى، ثم طلب رجل من النبي عليه الصلاة والسلام أن يدعو بأن يمسكها، أي: يحبس السماء عنهم؛ لأنه قد حصل لهم أضرار باستمرار نزوله وهطوله، فرفع يديه إلى السماء وقال: [(اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الظراب والآكام، وبطون الأودية، ومنابت الشجر)]، فتقطع ذلك السحاب، وطلعت الشمس، وصار المطر حوالي المدينة، وليس على المدينة بدعاء رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فالحاصل: أن الحديث مشتمل على الدعاء في صلاة الاستسقاء.
هو ابن إياس السعدي المروزي، ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وهو من شيوخ مسلم الذين أكثر من الرواية عنهم.
[حدثنا إسماعيل بن جعفر].
إسماعيل بن جعفر البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شريك بن عبد الله].
هو ابن أبي نمر، وليس شريك بن عبد الله القاضي؛ لأن شريك بن عبد الله القاضي، متأخر في الطبقة، وهو من طبقة شيوخ شيوخ النسائي، يعني: قتيبة، شيخ النسائي، يروي عن شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، فـشريك بن عبد الله هذا طبقته عالية، وهو يروي عن الصحابة، يروي عن أنس بن مالك، فهو شريك بن عبد الله بن أبي نمر، وقد مر ذكره في بعض الروايات عن أنس رضي الله تعالى عنه، وشريك بن عبد الله بن أبي نمر صدوق يخطئ، وحديثه أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، وابن ماجه.
[عن أنس بن مالك رضي الله عنه].
وقد مر ذكره.
وهذا الإسناد من الرباعيات عند النسائي؛ لأن فيه علي بن حجر يروي عن إسماعيل بن جعفر، وإسماعيل بن جعفر يروي عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، وشريك بن عبد الله بن أبي نمر يروي عن أنس بن مالك، فهؤلاء أربعة بين النسائي، وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من أعلى الأسانيد عند النسائي، ليس عند النسائي أعلى من الرباعيات، وأصحاب الكتب الستة ثلاثة منهم عندهم ثلاثيات، وهم: البخاري، عنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، والترمذي، وعنده حديث واحد ثلاثي، وابن ماجه، وعنده خمسة أحاديث ثلاثية كلها بإسناد واحد، وذلك الإسناد ضعيف، أما مسلم، وأبو داود، والنسائي، فليس عندهم ثلاثيات أصلاً، بل أعلى ما عندهم الرباعيات.
حدثنا الحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا اسمع عن ابن وهب عن ابن أبي ذئب ويونس عن ابن شهاب أخبرني عباد بن تميم: أنه سمع عمه -وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- يقول: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يستسقي، فحول إلى الناس ظهره يدعو الله، ويستقبل القبلة، وحول رداءه، ثم صلى ركعتين، قال
وهنا أورد النسائي الصلاة بعد الدعاء، أي: الصلاة للاستسقاء بعد الدعاء. المقصود من هذه الترجمة: أي: بيان صلاة الاستسقاء، وأنه يصلى للاستسقاء، ويدعى في الاستسقاء، والترجمة هنا على أن الصلاة بعد الدعاء، أي: بعد أن يدعو الإمام ويستسقي تحصل الصلاة، وبهذا استدل بعض أهل العلم كما تقدم، وبعضهم يقول: إن صلاة الاستسقاء هي مثل صلاة العيد، وصلاة العيد مقدمة على الخطبة، ويقول: إن ما جاء في بعض الأحاديث من قوله: [(ثم صلى)]، أن هذا لبيان الجواز، وأنها ليست كالعيد، يعني: الصلاة قبل الخطبة، فقد أنكر أبو سعيد الخدري على مروان بن الحكم، كونه بدأ بالخطبة قبل الصلاة، وقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي، ثم يخطب، فمن العلماء من قال: إن صلاة الاستسقاء هي مثل صلاة العيد في جميع أفعالها وصفاتها، إلا أنها خطبة واحدة، بخلاف صلاة العيد فإنها خطبتان.
ثم أورد النسائي حديث عبد الله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوماً يستسقي، فحول إلى الناس ظهره يدعو الله، ويستقبل القبلة، وحول رداءه، ثم صلى ركعتين)].
ثنا الحارث بن مسكين، وهذه صيغة مختصرة لـ(حدثنا)، والصيغ التي تختصر عند العلماء هي: حدثنا وأخبرنا، فإن حدثنا تختصر إلى ثلاث صيغ، فيقال فيها: دثنا، ويقال: ثنا، ويقال: نا، وأما أخبرنا فيقال فيها: أنا، وأبنا، وأخنا، وأما غيرها فإنها لا تختصر، لا أنبأنا ولا غيرها، فمن المباحث التي مرت بنا في كتابة الحديث في ألفية السيوطي أن هاتين الصيغتين هما اللتان حصل لهما الاختصار في الحروف، والرمز لبعض الحروف عن الكل، فدثنا، وثنا، ونا لحدثنا، وأنا، وأرنا، وأبنا، وأخنا، هذه لأخبرنا، وهنا قال: حدثنا.
ثم المعروف في اصطلاح كثير من المحدثين التفريق بين حدثنا وأخبرنا، وأن حدثنا تستعمل فيما إذا سمع من لفظ الشيخ، وإذا قرئ على الشيخ فيقال: أخبرنا، لكن بعض العلماء يسوي بين التحديث والإخبار، فيأتي بأخبرنا، وحدثنا، في مقام السماع، كما هو الكثير عند النسائي، أكثر ما عند النسائي أخبرنا، وهنا قال: (حدثنا)، مع أن الذي حصل هو قراءة عليه؛ لأنه قال: قراءةً عليه وأنا أسمع، يعني: ما حدث هو وسمعوا منه، فهذا على الاصطلاح الذي هو التسوية بين حدثنا وأخبرنا، وبعض المحدثين وبعض العلماء، يسوي بينهما، فيستعمل حدثنا فيما إذا كان سمع من لفظ الشيخ، ويستعمل أخبرنا فيما سمع من الشيخ، ومنهم من يفرق بين حدثنا فيطلقه على ما سمع من لفظ الشيخ، وأخبرنا على ما قرئ على الشيخ وهو يسمع، وهذا الذي معنا من هذا القبيل، مما فيه لفظ التحديث، ولكنه ليس في السماع، وإنما هو في القراءة على الشيخ.
وأنا ذكرت لكم فيما مضى أن النسائي أحياناً يقول: أخبرنا الحارث بن مسكين قراءةً عليه، وأحياناً يقول: قال الحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع، وقد مر بنا قريباً، حديث قال فيه أبو بكر بن السني، الذي هو راوية كتاب النسائي، يقول: قال أبو عبد الرحمن، -يعني: النسائي-: قال الحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع، يعني ما قال: أخبرنا، وإنما قال: الحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع، والحارث بن مسكين، مصري ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي ذئب ويونس].
ابن أبي ذئب، هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وأما يونس، فهو ابن يزيد الأيلي ثم المصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، يعني: أن الحارث بن مسكين يروي عن شيخين.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبيد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو إمام، جليل، ومحدث، فقيه، ومكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من صغار التابعين، يروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني عباد بن تميم].
هو عباد بن تميم بن غزية المازني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمه عبد الله بن زيد بن عاصم المازني].
وهو أخو أبيه لأمه، وهو أخو تميم، يعني: عبد الله، وتميم أخوان من أم، وعبد الله بن زيد بن عاصم صحابي مشهور، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[قال ابن أبي ذئب في الحديث: وقرأ فيهما].
لأن الحديث جاء من طريق شخصين، عبد الله بن وهب، يروي عن ابن أبي ذئب، وعن يونس بن يزيد الأيلي، هذا اللفظ الذي ذكره، الأول هو لفظ يونس، وأما ابن أبي ذئب، فعنده زيادة ليست عند يونس، وهي: أنه قرأ فيهما.
أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى بن سعيد عن يحيى عن أبي بكر بن محمد عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد: (أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يستسقي فصلى ركعتين، واستقبل القبلة)].
وهنا أورد النسائي هذه الترجمة: كم صلاة الاستسقاء، أي: كم ركعات صلاة الاستسقاء؟ هي ركعتان، المقصود منه أنها ركعتان، ثم أورد النسائي حديث عبد الله بن زيد بن عاصم أنه خرج يستسقي وصلى ركعتين، أي: عدد الركعات اثنتان، ولهذا قال: كم؟ والمقصود منه: بيان العدد، ليس المقصود الكيفية، وإنما المقصود عدد الركعات، وأنها ركعتان، هذا هو المقصود من هذه الترجمة.
هو الفلاس، الثقة، الناقد، المتكلم في الرجال كثيراً، جرحاً وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
هو يحيى بن سعيد القطان، وهو كذلك ثقة، ناقد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي بكر بن محمد].
هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم المدني، ثقة، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وأبو بكر قيل: إنها هي اسمه، وأنه ليس له اسم، وقيل: إن اسمه وكنيته واحد، وقيل: إن كنيته أبو محمد، واسمه أبو بكر، فهو من الأسماء التي على صيغة الكنى، وهو ثقة، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عباد بن تميم].
مر ذكره، وأخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن زيد].
الذي هو عمه أخو أبيه لأمه، وقد مر ذكر عباد وعمه عبد الله بن زيد.
أخبرنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة عن أبيه قال: (أرسلني أمير من الأمراء إلى
هنا أورد النسائي كيف صلاة الاستسقاء، الترجمة السابقة هي لعدد الركعات، كم يصلي؟ ركعتين، وهنا: لبيان الكيفية، بعد أن أثبت أنها ركعتان، عقد هذه الترجمة، لبيان كيفية صلاة هاتين الركعتين، وأنها كالعيد، يعني يعمل فيها ما يعمل في صلاة العيد.
وأورد النسائي حديث عبد الله بن عباس: أن إسحاق بن عبد الله بن كنانة أرسله أمير من الأمراء، إلى ابن عباس يسأله، وقال: ما منعه أن يسألني؟ ثم أجابه، أي: أجاب الرسول الذي أرسل إليه، وهو إسحاق بن عبد الله بن كنانة، بقوله: (خرج الرسول صلى الله عليه وسلم متضرعاً، متخشعاً، متضرعاً، متبذلاً، وصلى ركعتين كصلاة العيد، ولم يخطب كخطبتكم هذه).
هو محمود بن غيلان المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا أبا داود، فإنه لم يخرج له شيئاً.
[قال: حدثنا وكيع].
هو ابن الجراح الكوفي، ثقة، حافظ، مصنف، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
وسفيان هنا غير منسوب مهمل، والمراد به الثوري؛ لأن وكيعاً إذا روى عن سفيان غير منسوب، فالمراد به الثوري؛ لأنه مكثر من الرواية عنه، وليس ابن عيينة؛ لأنه مقل من الرواية عنه، وإذا جاء مهملاً حمل على من للراوي أو للتلميذ إكثار عنه، ثم أيضاً: هو من أهل بلده من الكوفة، يعني: سفيان الثوري كوفي، ووكيع بن الجراح كوفي، فهو مكثر عنه، ومن أهل بلده، ولهذا قال الحافظ في فتح الباري: عندما يأتي وكيع يروي عن سفيان، وهو غير منسوب فهو الثوري؛ لأنه معروف بالإكثار عن الثوري، ومقل من الرواية عن ابن عيينة، وسفيان الثوري هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة، ثبت، حجة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود، وقد وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها.
[عن هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة].
مقبول، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو إسحاق بن عبد الله بن كنانة، وهو الذي أرسله أمير من الأمراء، ليسأل ابن عباس، عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستسقاء، وأبوه إسحاق صدوق، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
[إلى ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وابن عمه، وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم من صغار الصحابة: ابن عباس، وابن عمر، وابن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير، هؤلاء العبادلة الأربعة إذا قيل: العبادلة الأربعة، وفي الصحابة ممن يسمى عبد الله كثير، مثل عبد الله بن زيد بن عاصم هذا، وعبد الله بن زيد بن عبد ربه، وعبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري، وعبد الله بن أبي بكر، وكثير من الصحابة يسمون عبد الله، إلا أن لقب العبادلة الأربعة يطلق على أربعة من صغار الصحابة، عاشوا وأدركهم من لم يدرك كبار الصحابة، وهم هؤلاء الأربعة، وابن عباس أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين أشرت إليهم قريباً.
والحديث سبق أن مر بنا، وهذا مقبول جاء ما يعضده، وأنه يرتفع إلى الحسن.
أخبرنا محمد بن رافع حدثنا يحيى بن آدم حدثنا سفيان عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج، فاستسقى، فصلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة)].
هنا أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: الجهر بالقراءة في صلاة الاستسقاء، أي: أن القراءة يجهر فيها؛ لأنه أثبت فيما مضى أنها ركعتان، وأنها كصلاة العيد، وهنا أثبت بأن القراءة يجهر بها، وحديث عبد الله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه فيه التنصيص على ذلك، وأنه جهر فيهما بالقراءة، يعني: صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة، فهو دال على ما ترجم له المصنف.
قوله: [محمد بن رافع].
هو النيسابوري القشيري، فهو -أي: محمد بن رافع- مثل مسلم في النسب، وفي البلد، فـمسلم قشيري، وهو قشيري، وأيضاً هو نيسابوري، ومسلم نيسابوري، وهو من شيوخ الإمام مسلم الذين أكثر من الرواية عنهم، ومن طريقه أخرج صحيفة همام بن منبه، فمسلم في صحيحه روى أحاديث كثيرة من صحيفة همام، فكل ما رواه مسلم من الصحيفة من طريق شيخه محمد بن رافع القشيري النيسابوري، وأما البخاري ينسب إلى الجعفيين، وهو مولىً لهم، ولهذا عندما يذكر بعض العلماء، البخاري، ومسلم، ومنهم ابن الصلاح لما ذكرهم في المقدمة، قال عند ذكر البخاري: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن بردبة البخاري الجعفي مولاهم، ومسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري القشيري من أنفسهم، معناه: أنه منهم أصلاً، من القبيلة أصلاً، ونسباً، ونسلاً، وليس مولى.
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، فإنه لم يخرج له شيئاً، وهذا مثل إسحاق بن راهويه، وإسحاق بن راهويه أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا يحيى بن آدم].
هو يحيى بن آدم بن سليمان الكوفي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان الثوري، وقد تقدم ذكره.
[عن ابن أبي ذئب].
وقد مر ذكره.
[عن الزهري].
وقد مر ذكره.
[عن عباد بن تميم عن عمه] وهو عبد الله بن زيد بن عاصم.
وقد مر ذكر هؤلاء.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر