إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الصلاة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب صلاة العيدين - (تابع باب حث الإمام على الصدقة في الخطبة) إلى (باب ذبح الإمام يوم العيد وعدد ما يذبح)

شرح سنن النسائي - كتاب صلاة العيدين - (تابع باب حث الإمام على الصدقة في الخطبة) إلى (باب ذبح الإمام يوم العيد وعدد ما يذبح)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لصلاة العيد أحكام وآداب، ومن ذلك أن يخطب الإمام قائماً مقتصداً، ويجلس بين الخطبتين ساكتاً، كما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن احتاج إلى أن يذهب إلى النساء فعل، ووعظهن، وأمرهن بالصدقة، ويستحب ذبح الأضاحي في المصلى قريباً منه، لورود ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام.

    1.   

    تابع حث الإمام على الصدقة في الخطبة

    شرح حديث البراء بن عازب في ذبح أبي بردة بن نيار قبل الصلاة وأمر النبي له في ذلك

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [وأخبرنا قتيبة حدثنا أبو الأحوص عن منصور عن الشعبي عن البراء رضي الله تعالى عنه قال: (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بعد الصلاة، ثم قال: من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة لحم. فقال أبو بردة بن نيار: يا رسول الله، والله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة، عرفت أن اليوم يوم أكل وشرب، فتعجلت فأكلت، وأطعمت أهلي وجيراني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك شاة لحم، قال: فإن عندي جذعة خير من شاتي لحم، فهل تجزي عني؟ قال: نعم، ولن تجزي عن أحد بعدك)].

    فالترجمة هي: حث الإمام في الخطبة على الصدقة، وقد مر فيه حديثان، حديث واضح في الدلالة على الترجمة، وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام حث على الصدقة. والحديث الثاني يتعلق بزكاة الفطر، وليس بواضح في الحث على الصدقة، وهو من كلام ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، في زكاة الفطر أنها واجبة.

    وأما هذا الحديث: حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، فهو بهذا اللفظ، وهذا السياق، ليس فيه شيء يتعلق بالحث على الصدقة، وإنما فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام خطب الناس يوم الأضحى وقال: [(من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك، ومن ذبح قبل الصلاة، فتلك شاة لحم)]، هذا الحديث فيه بيان النبي عليه الصلاة والسلام لشيء من أحكام عيد الأضحى؛ لأن الخطبة في عيد الأضحى، فكان مبيناً لأحكام الأضحية، وبداية وقتها، وأنه يكون بعد الصلاة، وأنه لا يجوز قبل الصلاة، وأن من ذبح قبل الصلاة، فشاته شاة لحم، وكان من بين أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام أبو بردة بن نيار رضي الله تعالى عنه، وكان قد ذبح أضحيته قبل الصلاة، وحرص على أن يقدم اللحم لأهله ولجيرانه، فأكل، وأطعم قبل الصلاة، فلما سمع خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان عمله غير مطابق لما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، عند ذلك سأل الرسول عليه الصلاة والسلام وقال: إنه ذبح أضحيته قبل الصلاة، وإنه أكل وأطعم أهله وجيرانه، وكان قصده بذلك حسناً، وهو: الإحسان إلى أهله، وإلى جيرانه حيث ذبح قبل الصلاة، لكن ذبيحته ما كانت في الوقت المشروع، وهو بعد صلاة العيد، فعندما علم أن الشاة شاة لحم أخبر بالذي جعله يذبح قبل الصلاة، وبين قصده الحسن الذي دفعه إلى ذلك، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال له: [(شاتك شاة لحم)]، يعني: مثلما قال في الجملة العامة الأولى: [(من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك، ومن ذبح قبل الصلاة، فشاته شاة لحم)]، فعندما علم أن أضحيته لم تعتبر؛ لأنها أتي بها قبل الوقت قال للنبي عليه الصلاة والسلام: (إن عندي عناقاً هي تعدل شاتين)، يعني: أنها سمينة وهي: جذعة من المعز، (فهل تجزي عني)، يعني: تقضي عني تلك الذبيحة التي ذبحتها قبل الصلاة، وتنوب عنها؟ فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: [(نعم، تجزي عنك ولن تجزي عن أحد بعدك)]، تجزي، يعني: تقضي عنك، ولن تجزي عن أحد بعدك، وهذا حكم خاص بهذا الرجل.

    ومن المعلوم: أن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لواحد خطاب للجميع، وحكمه لواحد حكم للجميع، وهذا هو الأصل، وهذه هي القاعدة، ولهذا لما قبل الرجل الأجنبية، وجاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام، نزل عليه قول الله عز وجل: أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114]، قال: (ألي هذا وحدي يا رسول الله، قال: بل لأمتي كلهم)، فخطاب النبي عليه الصلاة والسلام لواحد خطاب للجميع، إلا إذا جاء دليل خاص يدل على أن الحكم يخص ذلك الرجل، فعند ذلك يقتصر الحكم عليه، وهذا من هذا القبيل؛ لأنه جاء نص يدل على أن إجزاء العناق، وحصول الأضحية بالعناق، وهي: الجذعة التي لم تكمل سنة من المعز، أن ذلك خاص بـأبي بردة بن نيار، قضاءً لأضحيته التي ذبحها قبل الصلاة، وذلك الحكم لا يكون لغيره، وعرفنا ذلك من قوله: [(ولن تجزي عن أحد بعدك)]، يعني: أن العناق، والجذعة من المعز لا تجزي عن أحد بعدك.

    ومن المعلوم: أن الجذع من الضأن يضحى به، ولكن الذي لا يضحى به، ولا تجزئ التضحية به، هو الجذع من المعز، وهو الذي لم يكمل سنة.

    الحاصل أن قوله عليه الصلاة والسلام: [(ولن تجزي عن أحد بعدك)]، يدلنا على أن هذا حكم خاص بهذا الرجل، وأنه لا يتعداه إلى غيره.

    تراجم رجال إسناد حديث البراء بن عازب في ذبح أبي بردة بن نيار قبل الصلاة وأمر النبي له في ذلك

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    وهو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا أبو الأحوص].

    وهو سلام بن سليم الحنفي الكوفي، وهو ثقة، متقن، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته.

    [عن منصور].

    وهو ابن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، من أقران الأعمش، وقد أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن الشعبي].

    وهو عامر بن شراحيل، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن البراء].

    هو البراء بن عازب صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو صحابي ابن صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    1.   

    القصد في الخطبة

    شرح حديث جابر بن سمرة: (كنت أصلي مع النبي فكانت صلاته قصداً وخطبته قصداً)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [القصد في الخطبة.

    أخبرنا قتيبة حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه قال: (كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت صلاته قصداً، وخطبته قصداً)].

    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: القصد في الخطبة، يعني: الاعتدال والتوسط، وعدم تقصيرها جداً، أو تطويلها جداً، وإنما تكون قصداً، أي: معتدلة متوسطة، ليس فيها مضرة بطولها، ولا يترتب عليها مضرة، لما يحصل فيها من الطول لو طولت، ولا يكون فيها قصور أو إقلال لها لو قللت، وإنما تكون قصداً، وهذا هو المقصود بهذه الترجمة.

    وقد أورد النسائي حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام كانت صلاته قصداً، وخطبته قصداً.

    قال: (كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت صلاته قصداً، وخطبته قصداً).

    تراجم رجال إسناد حديث جابر بن سمرة: (كنت أصلي مع النبي فكانت صلاته قصداً وخطبته قصداً)

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    قتيبة، مر ذكره.

    [حدثنا أبو الأحوص].

    وقد مر ذكره أيضاً في الإسناد الذي قبل هذا.

    [عن سماك].

    وهو سماك بن حرب، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن جابر].

    هو جابر بن سمرة بن جنادة، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    1.   

    الجلوس بين الخطبتين والسكوت فيه

    شرح حديث جابر بن سمرة: (رأيت رسول الله يخطب قائماً ثم يقعد قعدة لا يتكلم فيها ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [الجلوس بين الخطبتين والسكوت فيه.

    أخبرنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن سماك عن جابر بن سمرة قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً، ثم يقعد قعدة لا يتكلم فيها، ثم قام فخطب خطبة أخرى، فمن أخبرك أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب قاعداً فلا تصدقه)].

    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الجلوس بين الخطبتين والسكوت فيه. وأورد فيها حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه، وهو حديث مطلق، ولكنه أورده في كتاب العيدين، لدلالته من حيث الإطلاق على ما ترجم له المصنف، وأخبر أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يجلس بين الخطبتين جلوساً لا يتكلم فيه، ثم يأتي بالخطبة الثانية.

    قال: (ثم قام فخطب خطبة أخرى، فمن أخبرك أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يخطب قاعداً فلا تصدقه)، أي: أنه كان يخطب عليه الصلاة والسلام قائماً، ويقول أيضاً -أي: جابر بن سمرة -: (فمن أخبرك أنه يخطب قاعداً فلا تصدقه)؛ لأنه خبر غير مطابق للواقع، بل الواقع من فعله عليه الصلاة والسلام، والحاصل من فعله عليه الصلاة والسلام أنه كان يخطب قائماً.

    تراجم رجال إسناد حديث جابر بن سمرة: (رأيت رسول الله يخطب قائماً ثم يقعد قعدة لا يتكلم فيها ...)

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    قتيبة، وقد مر ذكره.

    [حدثنا أبو عوانة].

    وأبو عوانة هو الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو متقدم؛ لأنه من طبقة شيوخ شيوخ النسائي، وقد اشتهر بكنيته أبي عوانة، وممن اشتهر بهذه الكنية أيضاً شخص متأخر، وهو أبو عوانة صاحب المستخرج على صحيح مسلم، والذي يقال لكتابه: الصحيح، ويقال له: المستخرج، ويقال له: المسند، ثلاثة أسماء كلها تطلق على كتاب أبي عوانة: المستخرج على صحيح مسلم.

    [عن سماك عن جابر].

    وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.

    1.   

    القراءة في الخطبة الثانية والذكر فيها

    شرح حديث جابر بن سمرة في القراءة في الخطبة الثانية والذكر فيها

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [القراءة في الخطبة الثانية والذكر فيها.

    أخبرنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن سماك عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم، ويقرأ آيات، ويذكر الله، وكانت خطبته قصداً، وصلاته قصداً)].

    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: القراءة في الخطبة الثانية، أي: اشتمالها على شيء من القرآن، وقد أورد النسائي حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يخطب قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم، ويقرأ آيات من القرآن، ويذكر الله عز وجل، وكانت خطبته قصداً، وصلاته قصداً)، والمقصود من الحديث هو: أنه يقرأ آيات من القرآن في الخطبة الثانية، أي: يذكر بما اشتمل عليه كتاب الله عز وجل من العبر والعظات، ويقرأ شيئاً من القرآن في الخطبة، وقد سبق أن مر أنه كان يقرأ قاف في خطبته، أي: في الجمعة، وأن إحدى الصحابيات قالت: (ما حفظت قاف إلا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب يوم الجمعة).

    تراجم رجال إسناد حديث جابر بن سمرة في القراءة في الخطبة الثانية والذكر فيها

    قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].

    وهو محمد بن بشار البصري الملقب بندار، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة جميعاً، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.

    [حدثنا عبد الرحمن].

    وهو ابن مهدي البصري، وهو ثقة، إمام، عارف بالرجال والعلل، متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا سفيان].

    وهو ابن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، وهو ثقة، ثبت، حجة، إمام، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن سماك عن جابر].

    وقد مر ذكرهما.

    1.   

    نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة

    شرح حديث بريدة بن الحصيب في نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة.

    أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبو تميلة عن الحسين بن واقد عن ابن بريدة عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال: (بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يخطب، إذ أقبل الحسن، والحسين عليهما السلام، وعليهما قميصان أحمران، يمشيان ويعثران، فنزل وحملهما، فقال: صدق الله، إنما أموالكم وأولادكم فتنة، رأيت هذين يمشيان ويعثران في قميصيهما، فلم أصبر حتى نزلت فحملتهما)].

    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة، يعني: ينزل لأمر من الأمور يقتضي ذلك.

    الحديث سبق أن أورده النسائي في كتاب الجمعة، وقد أورده هنا في كتاب العيدين، مبيناً أن الخطبة في العيد مثل الخطبة في الجمعة، وأنه إذا حصل أمر يقتضي النزول قبل أن يكمل الخطبة، ثم يرجع لإكمالها، فإنه لا بأس بذلك، وقد أورد النسائي حديث بريدة بن الحصيب رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يخطب، فأقبل الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما، وعليهما قميصان أحمران، يمشيان ويعثران، فالنبي عليه الصلاة والسلام لما رآهما نزل وذهب إليهما وحملهما، ثم صعد بهما على المنبر، وأكمل خطبته عليه الصلاة والسلام، ولكنه عندما صعد، بين سبب نزوله وقال: صدق الله، إنما أموالكم، وأولادكم فتنة، رأيت هذين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى نزلت، أي: فنزل وحملهما، وهذا من كمال تواضعه عليه الصلاة والسلام ورأفته، وشفقته، ورحمته بالصغار وبالكبار، وهو كما وصفه الله عز وجل بقوله: بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

    والحديث سبق أن مر، وعرفنا أن فيه دلالة على أن الإنسان عندما يوجد شيء يصدق عليه شيء مما جاء في القرآن، فإنه يقول: صدق الله؛ لأن قوله: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ [التغابن:15]، هذا منها؛ لأن كونه رأى هذين الابنين يمشيان ويعثران، فمحبته، وشفقته، ورحمته، جعلته ينزل ويحملهما، فهذا يدلنا على أنه عندما يأتي شيء يراد أن يستدل عليه وعلى وقوعه بالقرآن، لكونه وقع مطابقاً لما جاء في القرآن، فإنه يقول: صدق الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رآهما ثم لم يصبر، لأن الأولاد فتنة، فنزل وحملهما، فقال عليه الصلاة والسلام: (صدق الله، إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ [التغابن:15])، وهذا هو السبب الذي جعله ينزل، وهذا مثال من أمثلة ما اشتمل عليه القرآن من فتنة الأولاد، وحبهم، والشفقة عليهم، والإحسان إليهم.

    إطلاق لفظ عليه السلام على غير الرسول صلى الله عليه وسلم

    وكلمة: (عليه السلام)، أو (عليهما السلام) ليست لأحد غير الرسول صلى الله عليه وسلم، والتي توجد في بعض الكتب أنه يقال عند بعض أهل البيت كـفاطمة رضي الله تعالى عنها، وعلي رضي الله عنه، والحسن، والحسين رضي الله تعالى عنهما، يقال: عليه السلام أو عليهما السلام أو عليهم السلام، وهذا الذي يأتي ذكره بعد أسمائهم ليس واضحاً أن هذا من لفظ الحديث أو أن الذي قاله من ذكر الحسن، والحسين؛ لأن الغالب أن هذا من نساخ الكتب، وقد ذكر هذا ابن كثير رحمة الله عليه في تفسير آية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في سورة الأحزاب: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، فإنه ذكر عند تفسير هذه الآية: أنه يأتي ذكر الصلاة، أو ذكر عليه السلام عند ذكر علي، أو ذكر أحد من أهل البيت، وقال: إن هذا من عمل نساخ الكتب، فهذا هو من عملهم، وليس ذلك من فعل الصحابة، أو من لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم، فيما إذا كان اللفظ جاء في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما هذا من عمل النساخ، ومن المعلوم: أن الصلاة على غير الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى غير الأنبياء، اختلف في جوازها، فمن العلماء من قال بجوازها إذا لم يكثر، ولم يتخذ شعاراً لبعض الناس، أو يقصد بها بعض الصحابة دون بعض، ولا يكون شيئاً مألوفاً مثلما يؤلف مع النبي عليه الصلاة والسلام فيقال عن غيره: صلى الله عليه وسلم، كما يقال عنه: صلى الله عليه وسلم، فالأصل أنه جائز، لكن كونه يخص بها أناساً معينين، أو يخص بها أحداً بعينه دون غيره، فإن هذا ليس له أساس، وإنما يسوى بين الصحابة، والذي درج عليه السلف الترضي عن الصحابة جميعاً، والترحم على من بعدهم، والصلاة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والصلاة على غير الأنبياء جائزة، لكن بتلك القيود التي أشرت إليها، والتي ذكرها بعض أهل العلم.

    تراجم رجال إسناد حديث بريدة بن الحصيب في نزول الإمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة

    قوله: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم].

    وهو الدورقي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، مثل محمد بن بشار الذي مر ذكره قريباً، ومثل: محمد بن المثنى الزمن، الذي هو قرين لـمحمد بن بشار، وهو مثل هؤلاء الثلاثة: محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، كل واحد منهم شيخ لأصحاب الكتب الستة، وهم جميعاً توفوا في سنة واحدة، وهي: سنة اثنتين وخمسين ومائتين، أي: قبل وفاة البخاري بأربع سنوات.

    [حدثنا أبو تميلة].

    وهو يحيى بن واضح المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مذكور بكنيته.

    [عن الحسين بن واقد].

    وهو الحسين بن واقد المروزي، وهو ثقة له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [عن ابن بريدة عن أبيه].

    وهو عبد الله بن بريدة، وبريدة له ابنان: سليمان، وعبد الله، لكن الحديث سبق أن مر، وقد سماه في إسناد النسائي: عبد الله؛ لأنه في الإسناد السابق قال: عن عبد الله بن بريدة، وهنا لم يعينه ولم يسمه، وعلى هذا فليس هو: سليمان، بل هو عبد الله، وعبد الله هو مروزي أيضاً، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبيه بريدة بن الحصيب].

    صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عن بريدة وعن الصحابة أجمعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    1.   

    موعظة الإمام النساء بعد الفراغ من الخطبة وحثهن على الصدقة

    شرح حديث ابن عباس في موعظة الإمام النساء بعد الفراغ من الخطبة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [موعظة الإمام النساء بعد الفراغ من الخطبة وحثهن على الصدقة.

    أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا سفيان حدثنا عبد الرحمن بن عابس سمعت ابن عباس رضي الله عنهما قال له رجل: (شهدت الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، ولولا مكاني منه ما شهدته، يعني: من صغره، أتى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت فصلى ثم خطب، ثم أتى النساء فوعظهن وذكرهن، وأمرهن أن يتصدقن، فجعلت المرأة تهوي بيدها إلى حلقها تلقي في ثوب بلال)].

    الترجمة هي: موعظة الإمام النساء بعد الخطبة، وحثهن على الصدقة، أي: تخصيص النساء بالموعظة، وذلك لبعدهن، فالنبي عليه الصلاة والسلام بهذه المناسبة ذهب إليهن، لاسيما وأنه في تلك المناسبة أمر بإخراج النساء العواتق، وذوات الخدور، وحتى الحيض يخرجن للعيد، ويعتزلن المصلى، فأراد أن يخصهن بموعظة لاجتماعهن، ولبعدهن عن سماع الخطبة.

    وقد مر الحديث وعرفنا أن من العلماء من قال: إن هذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام، ومنهم من قال: إنه ليس من خصائصه، بل لغيره من الأئمة أن يذهبوا إلى النساء، ويعظوهن، ويذكروهن، لكن كما هو معلوم: سماع الخطب في هذا الوقت بواسطة مكبرات الصوت لا يحتاج معه إلى إفراد، أو للذهاب إلى النساء، وتخصيصهن بالموعظة، بل يمكن أن تشتمل الخطبة على عظة النساء، والرجال يسمعون، والنساء يسمعن، وكل يسمع مع وجود هذه النعمة التي أنعم الله تعالى بها على الناس في هذا الزمان، ووجود هذه الوسائل التي يحصل بها إبلاغ الصوت، وإيصال الصوت إلى أماكن بعيدة.

    فأورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه، وفيه أنه شهد الخطبة، وكان قريباً من رسول الله عليه الصلاة والسلام لقرابته منه، ولكونه صغيراً، ويمكن للصغير أن يذهب، ويقرب من غيره، بخلاف الكبير؛ لأن الصغار رغبتهم في القرب فيما إذا كان هناك أمر يقتضيه، وأمور تجمع الصغار إلى ذلك، ومن المعلوم: أن الصغار مواقفهم متأخرة، وصفوفهم متأخرة، لكن لقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكونه من أهل بيته، ولكونه صغيراً، قرب من النبي صلى الله عليه وسلم حتى عرف ما جرى، وحتى ذهب أيضاً معه لما ذهب إلى النساء، فأخبر بما شاهده وعاينه، وكان من ما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام أنه ذهب إلى النساء، ووعظهن، وحثهن على الصدقة، فجعلت النساء تهوي بأيديهن إلى حلوقهن لتأخذ القلائد فتضعها، وإذا كانت الحلق فإن المقصود من ذلك المحلق، يعني: يدخل في ذلك الخواتم، ويدخل في ذلك الأسورة، وما إلى ذلك من الأشياء المحلقة، والمقصود: أنهن بادرن إلى نزع ما عليهن من الذهب، أو نزع شيء مما عليهن من الحلي، ذهباً أو فضة، وجعلن يلقين في ثوب بلال يتصدقن، مبادرة منهن إلى ما دعاهن إليه الرسول صلى الله عليه وسلم.

    وقد قال لهن: [(إنكن أكثر حطب جهنم)]، وسبب ذلك: إكثارهن الشكاية وكفرهن العشير، فبادرن بالصدقة، وهذا فيه دليل على أن الصدقة سبب في السلامة من عذاب النار، ويدل لذلك الحديث المتفق على صحته، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة)، والحديث سبق أن مر، وهو مشتمل على عدة أمور ذكرناها فيما مضى، وأورده هنا من أجل الاستدلال به على تخصيص الإمام النساء بموعظة، وأن من ما تشتمل عليه موعظته: حثهن على الصدقة التي هي سبب في السلامة من النار.

    وقوله: [(أتى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت)]، ما أعلم أنه يراد به العلم الذي يستعمل في الجهاد في سبيل الله، أي: الراية، وإنما كأن مقصوده شيء يدل على علامة مكان العيد أو مصلى العيد، وهو عند دار كثير بن الصلت.

    تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في موعظة الإمام النساء بعد الفراغ من الخطبة

    قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].

    هو الفلاس البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا يحيى].

    هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا سفيان].

    هو الثوري، وقد مر ذكره.

    [حدثنا عبد الرحمن بن عابس].

    هو عبد الرحمن بن عابس النخعي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي، هذا هو الذي أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.

    [سمعت ابن عباس].

    هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عنه عليه الصلاة والسلام، ورضي الله تعالى عن ابن عباس وعن الصحابة أجمعين.

    1.   

    الصلاة قبل العيدين وبعدها

    شرح حديث: (أن النبي خرج يوم العيد فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [الصلاة قبل العيدين وبعدها.

    أخبرنا عبد الله بن سعيد الأشج حدثنا ابن إدريس أخبرنا شعبة عن عدي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم العيد فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها)].

    أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الصلاة قبل الخطبة وبعدها في العيدين، والمقصود من هذا: أنه لا يشرع للإنسان أن يصلي قبل صلاة العيد، ولا بعد صلاة العيد؛ لأنه ليس لها سنة، لا قبلها ولا بعدها.

    وقد أورد النسائي حديث ابن عباس، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى العيدين، ولم يصل للعيد قبلها ولا بعدها، يعني لم يتنفل قبلها ولا بعدها، أي: في موضعها؛ لأن هذا هو الذي شوهد وعوين، أنه لم يحصل منه صلاة، لا قبل صلاة العيد، ولا بعدها، فهذا يدلنا على أنه لا يشرع لصلاة العيد نافلة، لا أن تكون قبلها ولا أن تكون بعدها.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي خرج يوم العيد فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها)

    قوله: [أخبرنا عبد الله بن سعيد بن الأشج].

    هو أبو سعيد الكندي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا ابن إدريس].

    وهو عبد الله بن إدريس الأودي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [أخبرنا شعبة].

    وهو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عدي].

    هو عدي بن ثابت الأنصاري الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن سعيد بن جبير].

    سعيد بن جبير، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن عباس].

    وقد مر ذكره.

    1.   

    ذبح الإمام يوم العيد وعدد ما يذبح

    شرح حديث أنس: (خطبنا رسول الله يوم أضحى، وانكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذبح الإمام يوم العيد وعدد ما يذبح.

    أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا حاتم بن وردان عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أضحى، وانكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما)].

    أورد النسائي: ذبح الإمام يوم العيد وعدد ما يذبح، والمقصود من ذلك أن الذي فعله النبي عليه الصلاة والسلام هو وجود التضحية منه، وعدد ما ذبحه صلى الله عليه وسلم، فأورد فيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

    قال: (خطبنا يوم أضحى، وانكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما)، محل الشاهد: أن النبي عليه الصلاة والسلام ذبح كبشين، يعني: فوجد منه الذبح، وعدد الذي ذبح، وأنهما كبشان أملحان، والأملح قيل: هو الذي فيه بياض ولكن السواد أكثر من البياض، وقيل: إنه الأبيض الناصع البياض.

    والحديث دال على مشروعية الأضحية، وأن النبي عليه الصلاة والسلام ضحى بكبشين أملحين، وقد جاء أن واحداً له، والثاني لمن لم يضح من أمته عليه الصلاة والسلام.

    تراجم رجال إسناد حديث أنس: (خطبنا رسول الله يوم أضحى وانكفأ إلى كبشين أملحين)

    قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].

    وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [حدثنا حاتم بن وردان].

    حاتم بن وردان بصري ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.

    [عن أيوب].

    هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، حجة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن محمد بن سيرين].

    هو محمد بن سيرين البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أنس بن مالك رضي الله عنه].

    صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وخادمه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.

    شرح حديث: (أن رسول الله كان يذبح أو ينحر بالمصلى)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب عن الليث عن كثير بن فرقد، عن نافع: أن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أخبره: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يذبح أو ينحر بالمصلى)].

    أورد النسائي تحت هذه الترجمة، حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه، وهو دال على الشق الأول من الترجمة وهو: ذبح الإمام، وأما عدد ما يذبح فليس فيها تنصيص عليه، وإنما التنصيص على العدد في الحديث السابق حديث أنس، وأما هنا ففيه حصول الذبح، وفيه أيضاً مكان الذبح، وأنه ذبح في المصلى، أي: قريباً منه، وليس في نفس المصلى؛ لأن مكان المصلى لا يلوث بالدماء والفرث، والنبي عليه الصلاة والسلام قال في حق النساء: (ولتعتزل الحيض المصلى)، أي: لئلا يلوثنه، فقوله: (في المصلى)، أي: في مكان قريب منه، وليس معناه أنه في المكان الذي يصلى فيه.

    وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر المشتمل على أن النبي صلى الله عليه وسلم ذبح في المصلى أو نحر، والنحر يكون للإبل، والذبح يكون لغير الإبل، ويجوز نحر ما يذبح، وذبح ما ينحر؛ لأن النحر يكون في الإبل في اللبة التي تحت الرقبة عند ملتقى الرقبة باليدين، ذاك هو مكان النحر، وأما الذبح فهو فصل الرأس من الرقبة، فيجوز في حق الإبل أن تذبح، بأن يفصل رأسها من رقبتها، وكذلك يجوز في الغنم والبقر أن تنحر، لكن الأصل أن النحر للإبل، والذبح للبقر والغنم، ويجوز العكس، ولهذا قال: (نحر أو ذبح)، وهو شك من الراوي، هل قال نحر أو ذبح.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان يذبح أو ينحر بالمصلى)

    قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم].

    محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وهو مصري، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [عن شعيب].

    شعيب، وهو: ابن الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، نبيل، فقيه، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي.

    [عن الليث].

    هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، ثبت، فقيه، إمام مشهور، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن كثير بن فرقد].

    كثير بن فرقد ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.

    [عن نافع].

    ونافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن عمر].

    هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    الأسئلة

    حكم تقسيم لحم الأضحية

    السؤال: فضيلة الشيخ، هل تقسيم لحم الأضحية واجب؟

    الجواب: ليس بواجب، ولكن الأضاحي والهدي السنة فيها أن الإنسان لا يستأثر بها كلها، ولو أطعمها كلها فإن ذلك جائز، لو تصدق بها كلها فإن ذلك جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث بهديه وهو في المدينة فيذبح ويوزع، ولا يأكل منه شيئاً؛ لأنه كان يبعث به، والسنة أن يأكل، ويهدي، ويتصدق، فيكون جمعاً بين أن يأكل بنفسه، وأن يهدي، وأن يتصدق.

    صلاة تحية المسجد إذا كانت صلاة العيد فيه

    السؤال: إذا كانت صلاة العيد في المسجد فهل يصلي تحية المسجد؟

    الجواب: إذا كانت صلاة العيد في المسجد، فإن المسجد تصلى فيه تحية المسجد؛ وليست هذه للعيد؛ لأن الإنسان إذا دخل المسجد يصلي، ولا يجلس حتى يصلي ركعتين، فهذه ما يقال: إنها سنة للعيد، فالعيد ليس له سنة، وإنما هذه تحية المسجد التي إذا دخل الإنسان صلاها.

    القصاص على من قتل شخصاً أراد قتله

    السؤال: أراد رجل قتل آخر، ولكن الآخر تقدم عليه وقتله، فهل عليه قصاص أم لا؟

    الجواب: إذا ثبت أنه أراد قتله، وأنه دافع عن نفسه، ولا يندفع إلا بالقتل؛ لأنه إذا كان يندفع بغير القتل فلا يجوز له أن يقتل، ومثل هذا لا بد فيه من تحقق، وتوفر هذه الأمور، التي هي كونه لا يندفع إلا بالقتل؛ لأنه إذا كان لا يندفع إلا بالقتل وقتله فليس عليه قصاص، ولكن ثبوت هذا يحتاج إلى بينة وبرهان.

    العيد له خطبتان كالجمعة

    السؤال: هل تجوز خطبة واحدة يوم العيد؟

    الجواب: العيد له خطبتان كالجمعة، ولا نعلم دليلاً يدل على أن العيد له خطبتان بالنص، ولكن النسائي أورد الأحاديث التي تتعلق بالجمعة في العيد، والأحاديث التي فيها إطلاق؛ للاستدلال أو الإشارة إلى أن الجمعة مثل العيد في عدد الخطب، ولا أعلم أن هناك خلافاً في أن العيد لها خطبتان.

    الحث على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

    السؤال: نطلب بيان أهمية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، حيث نلاحظ أنه رغم تكرار اسمه عليه الصلاة والسلام قليل من يصلي عليه، وهل تجوز الصلاة عليه سراً في النفس؟

    الجواب: نعم تجوز الصلاة سراً، لكن كون الإنسان يظهر منه شيء بحيث يذكر الغير، وينبه الغير من غير أن يرفع الصوت، وإنما بحيث يسمعه من حوله بدون تشويش، وبدون ترتب المضرة، يعني: من حيث رفع الصوت رفعاً شديداً يكون فيه لفت نظر، وإزعاج؛ لا شك أن هذا هو الذي ينبغي، وإن صلى سراً حصل المقصود، يعني: بينه وبين نفسه بأن يتلفظ، وليس المعنى أنه يصلي في قلبه، وإنما يحرك شفتيه، ويحرك لسانه، وإن لم يسمعه أحد، لكن لو أسمع من هو حوله حتى يذكره وحتى ينبهه فإن هذا لا شك أنه أحسن وأولى.

    ومن المعلوم أن الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ورد فيها أحاديث تدل على فضلها، وعلى عظيم أجرها، الله عز وجل أمر بها في كتابه العزيز، وأخبر في آية كريمة جمعت بين خبر وأمر، خبر في أولها وأمر في آخرها، أخبر الله عن نفسه، وعن ملائكته، بأنهم يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الأحزاب:56]، هذا خبر، ثم أمر في آخرها: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، فالله تعالى أمر المؤمنين وناداهم بوصف الإيمان، بعد أن أخبرهم أنه يصلي عليه، وأن ملائكته تصلي عليه صلى الله عليه وسلم.

    ثم السنة جاء فيها أحاديث كثيرة عن النبي عليه الصلاة والسلام، منها قوله في صحيح مسلم: (من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشراً)، وكذلك جاءت أحاديث خارج الصحيحين، فيها ما هو ثابت، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: (إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة).

    ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: (البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليّ)، ولهذا كان العلماء المحدثون يوصون بالصلاة والسلام عليه عند ذكره، وعند كتابة الحديث، فإنه يكتب صلى الله عليه وسلم أو عليه الصلاة والسلام، ولا يهملها، ولا يختصرها، بأن يرمز لها ببعض الحروف، كص، أو صلعم، وإنما يأتي بها كاملة: صلى الله عليه وسلم، أو عليه الصلاة والسلام؛ لأنه كلما صلى الإنسان عليه صلاة واحدة، فإن الله تعالى يصلي عليه بها عشراً، فهو عمل يسير قليل، ومع ذلك فيه ثواب جزيل وعظيم.

    ثم أيضاً هذا من حق النبي عليه الصلاة والسلام علينا، وقد منَّ الله علينا بنعمة الإسلام التي ساقها لنا على يديه، فمن حقه علينا أن نصلي ونسلم عليه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهديه إلى يوم الدين.

    تعليم المرأة للرجال

    السؤال: إذا لم يكن في القرية عالم إلا امرأة صالحة فقيهة، فهل لها أن تعلم الرجال أمور دينهم؟

    الجواب: إذا اضطر إلى ذلك فتعلمهم، ولكن من وراء حجاب، مثلما النساء تتعلم من وراء حجاب، كذلك الرجال يتعلمون منها من وراء حجاب إذا اضطروا إليها.

    تعليم البنات كيفية الصلاة أو الوضوء بدون استتار

    السؤال: هل يجوز تعليم البنات بدون استتار إذا احتاج الأمر إلى ذلك لتطبيق كيفية الصلاة أو الوضوء؟

    الجواب: الكيفية كما هو معلوم ما تكون مع الستار، تكون بالمشاهدة والمعاينة، ومن المعلوم: أن التعليم بالفعل يكون من الرجال للرجال، ومن النساء للنساء، لكن إذا كان التعليم بواسطة هذه الوسائل التي ترى صورته، ولا يرى هو، فهذا إذا احتيج إلى ذلك، واضطر إلى ذلك، يمكن أن يأتي بالصلاة، وتشاهد عن طريق الصورة لا عن طريق المشاهدة، والمعاينة.

    رواية سعيد بن جبير عن الصحابة

    السؤال: رواية سعيد بن جبير عن الصحابة متصلة أم منقطعة؟

    الجواب: رواياته عن ابن عباس متصلة، لكن هل كل رواياته عن الصحابة متصلة؟ أنا لا أدري، لكن الحديث الذي معنا عن ابن عباس -وهو صحابي- روايته عنه متصلة.

    القصر والجمع في سفر النزهة

    السؤال: هل يجوز للمسافر للنزهة أن يقصر ويجمع الصلاة؟

    الجواب: نعم، المسافر ولو كان للنزهة، ولو كان للسياحة، له أن يقصر، إذا سافر السفر الذي تقصر معه الصلاة، وكذلك له أن يجمع.

    المسح على الخف المخرق

    السؤال: الخف إذا كان به خروق هل يجوز المسح عليه؟

    الجواب: إذا كانت الخروق يسيرة يجوز أن يمسح عليها، وأما إذا كانت كثيرة، بحيث يكون وجوده مثل عدمه لكثرة خروقه، وأن أكثر الرجل يكون باد، فهذا يصير مثل النعل، يعني: وجوده مثل عدمه.

    هل ثبت عن الصحابة أنهم كانوا يصلون الرواتب في المسجد؟

    السؤال: هل ثبت أن الصحابة كانوا يصلون الرواتب في المسجد النبوي؟

    الجواب: لا أدري عن الصحابة، الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في بيته، وقد قال: (صلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة)، وقد مر بنا في حديث الجمعة: أنه إذا صلى في المسجد يصلي أربعاً، وإذا صلى في بيته يصلي ركعتين، لكن فعل الصحابة، وكونهم يصلون الرواتب في المسجد لا أدري.

    حكم استعمال الذهب المحلق للنساء

    السؤال: كثر الحديث في مسألة الذهب المحلق، فما هو القول الفصل في ذلك؟

    الجواب: الذهب المحلق كغيره من غير المحلق، هو للنساء سائغ وجائز، والدليل عليه الأحاديث العامة، والأحاديث الخاصة، والعامة: هي التي فيها إحلاله للنساء مطلقاً، كما (أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ذهباً وحريراً وقال: هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها)، هذان حرام أي: الذهب، وكذلك بالنسبة للمحلق، المرأة التي جاءت وعليها مسكتان من ذهب قال: (أتؤدين زكاة هذا؟)، فكانت لابسة، وأما ما ورد من ما يتعلق بالنهي عن المحلق، فإن تلك الأحاديث في مقابلة تلك الأحاديث التي هي أرجح منها، وأقوى منها، تكون عندها بمثابة الشاذ في مقابل ما هو أصح منه، وما هو أولى منه.

    الصلاة والتسليم على غير نبينا من الأنبياء

    السؤال: هل يقال في الأنبياء: صلى الله عليهم وسلم مثل نبينا عليه الصلاة والسلام أو يقال: عليهم السلام؟

    الجواب: نعم. يقال: صلى الله عليه وسلم، أو عليه الصلاة والسلام، مثلما يقال لنبينا: عليه الصلاة والسلام.

    دفع المهر لمن راجع في العدة

    السؤال: شخص طلق امرأته ولم يأخذ منها شيئاً، ولكن قال لها: إن تزوجتِ رجلاً تعطيني حقي الذي دفعته إليكِ، ثم راجعها في العدة، فهل يحتاج إلى مهر وشهود أم لا؟

    الجواب: إن كان راجعها في العدة فهي زوجته، ولا تحتاج إلى مهر؛ لأنها رجعية، والعقد لا يزال إلى أن تنتهي من العدة، ولا تطلق منه ولا تبين منه إلا إذا خرجت من العدة، فما دام أن الطلاق رجعي فإن إرجاعه إياها لا يحتاج إلى مهر، لكن لو أنها خرجت من العدة، فإنه لا بد أن يخطبها، ويكون واحداً من الخطاب، فإذا رغبت به فلابد أن يكون هناك مهر، وإذا أراد أن يتزوجها يدفع لها مهراً، لكن ما دام أنه أرجعها في العدة، فإنها زوجته، والعدة تحتاج إلى إشهاد، حتى يعلم الناس أن ذلك الطلاق نسخ بالرجعة.

    دخول الحائض مصلى العيد قبل الصلاة

    السؤال: هل للحائض أن تدخل مصلى العيد قبل الصلاة؟

    الجواب: ما تدخل مصلى العيد، ولكنها تكون متأخرة عن مصلى العيد، أي بمكان قريب منه، ليس في المصلى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ولتعتزل الحيض المصلى).

    الحلف ووضع اليد على المصحف

    السؤال: الحلف على المصحف جائز أم لا؟ بأن يضع يده على المصحف ويقول: والله العظيم وكتابه الكريم أقول الحق، ولا شيء غير الحق؟

    الجواب: لا أدري، قضية كونه يضع يديه في المصحف، أنا ما أعرف شيئاً يدل على هذا.

    خطبة الكسوف والاستسقاء خطبة واحدة

    السؤال: كم خطبة للاستسقاء؟ وهل للكسوف خطبة؟

    الجواب: مر بنا أن الكسوف له خطبة واحدة، وأن الاستسقاء له خطبة واحدة أيضاً.

    رواية عبد الرحمن بن مهدي عن السفيانين

    السؤال: لماذا لا يكون عبد الرحمن بن مهدي في الإسناد يروي عن سفيان بن عيينة بدل سفيان الثوري ؟

    الجواب: عبد الرحمن بن مهدي في طبقة سفيان بن عيينة، يعني: هو متأخر، مثل سفيان بن عيينة، وهل روى عن سفيان بن عيينة ؟ لا أدري؛ لأنه يمكن أن يروي القرين عن قرينه.

    الرأي في الجماعات الإسلامية المعاصرة

    السؤال: ما رأيكم في الجماعات الإسلامية المعاصرة؟

    الجواب: هذا سؤال طويل عريض، أستطيع أن أقول إجمالاً: ما كان على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهذا هو المنهاج القويم، والصراط المستقيم، وما كان بخلاف ذلك فهو مباين لهذه الطريق، ولكنه متفاوت قرباً وبعداً، فكل من كان أقرب إلى هذه الفرقة التي هي: على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فهي أسهل وأخف، وكل من كان أبعد يكون أسوأ.

    الإمارة في الحضر

    السؤال: ما حكم الإمارة في الحضر.

    الجواب: كما هو معلوم: الإمارة إنما يحتاج إليها في السفر، وأما في الحضر فأمير البلد هو الذي يكون أميراً للناس، وأما إذا حصل التفرق فالثلاثة يجعلون واحداً منهم أميراً، بحيث يرجعون إليه في النزول، وهذه الإمارة كما هو معلوم المقصود منها أن يرجع إليه، بدلاً من أن يكون كل له رأي ويختلفون، يرجعون إلى رأي الأمير في نزولهم، وسفرهم، وغير ذلك، وأما في الحضر فأمير البلد هو أمير الناس.

    وليس لأحد أن يؤمر أحداً عليه وإنما أمير البلد هو أمير الناس، وإذا كان الإنسان في بلد كفار والمسلمون مجتمعون فيه فيمكن أن يجعلوا لهم أميراً يرجعون إليه ويستفيدون منه، لكن لا تجري له أحكام الإمارة والولاية، يعني: كونه يقيم الحدود، ويفعل الأشياء التي لا يفعلها إلا السلطان، لكن يمكن أنه يرجع إليه في الأمور التي يحتاج الناس إليه فيها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767952352