أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد قال: حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا نام أحدكم عقد الشيطان على رأسه ثلاث عقدٍ يضرب على كل عقدةٍ ليلاً طويلاً، أي: ارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة أخرى، فإن صلى انحلت العقد كلها، فيصبح طيب النفس نشيطاً، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)].
يقول النسائي رحمه الله: الترغيب في قيام الليل، والترغيب في قيام الليل هو: الحث عليه، وبيان فضله، وأهميته، وقد أورد النسائي عدة أحاديث في هذه الترجمة، أولها حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا نام أحدكم عقد الشيطان على رأسه ثلاث عقد، فإذا قام وذكر الله انحلت عقدة، فإذا توضأ انحلت عقدةٌ أخرى، فإذا صلى انحلت العقد كلها، فيصبح طيب النفس نشيطاً، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان).
قوله عليه الصلاة والسلام: (إذا نام أحدكم يعقد الشيطان على رأسه ثلاث عقد)، الشيطان قيل: إنه هو إبليس الذي هو رأس الشياطين، وأصل الشياطين، وأبو الشياطين، وقيل: إنه من جنوده، أي: هؤلاء الذين يعقدون على رءوس الناس، وقيل: إنه القرين الذي يكون مع الإنسان، وقد جاء في صحيح مسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينٌ من الجن، وقرين من الملائكة)، أي فيه قرين من الجن، وقرين من الملائكة، فالقرين من الجن يثبطه، ويجره إلى الشر، والقرين من الملائكة بخلافه، فالشيطان قيل فيه: إنه إبليس، وقيل: إنه من جنود إبليس، وقيل: إنه القرين الذي يكون مع كل إنسان، والذي جاء ذكره، وبيانه في صحيح مسلم، وقوله: (يعقد على رأس أحدكم ثلاث عقد)، معلومٌ أن هذا مما ثبت في الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من فعل الشياطين، وكل ذلك حقيقة، ونحن لا نعرف الكيفية التي يتم بها ذلك؛ لأننا لا نعرف كيفية الشياطين فلا نعرف كيفية عملهم، لكن النبي عليه الصلاة والسلام بين أنه يضرب.
قوله: [(على كل عقدة ليلاً طويلاً أي ارقد)].
[(ليلاً طويلاً)]، يعني: أنه بقي ليلٌ طويلٌ، فأنت نم، ولا تقم، فإذا استيقظ الإنسان، ولم يسترسل في النوم، ولم يستسلم لما رغبه فيه الشيطان من الإخلاد به إلى الراحة، وإلى الاستغراق في النوم، بأن قام ثم ذكر الله عز وجل عند قيامه، فإنه تنحل عقدة من العقد الثلاث، ثم إذا توضأ استعداداً للصلاة فإنها تنحل العقدة الثانية، فإذا صلى انحلت العقد كلها، وصار على هيئةٍ لا تناسب الشيطان، ولا يريدها الشيطان؛ لأن الشيطان يريد من الإنسان أن يستغرق في نومه، وأن يبقى في نومه، وأن يأخذه بالكسل والخمول، وألا يأخذ بالجد والنشاط، والحرص على طاعة الله عز وجل، ثم يصبح وهو على هذه الحال طيب النفس نشيطاً، أي: عنده طمأنينة، وراحة في النفس، وهدوء، وانشراح صدر، ونشاط، وقوة، والله عز وجل يقول: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28]، فهو عندما يقوم، ويذكر الله ويتوضأ ويصلي، كل هذا مما لا يريده الشيطان، وكل هذا مما يسوء الشيطان، وإلا لم يحصل منه ذلك، بل بقي في نومه مستغرقاً، فإنه يقوم خبيث النفس كسلان، عكس ذاك الذي كان طيب النفس نشيطاً، فهذا بضده تماماً؛ لأن هذا ما عنده لا ذكرٌ لله، ولا وضوء، ولا صلاة، وإنما قام، وعليه الكسل والخمول، وقد يكون يؤدي به ذلك أيضاً إلى تأخير صلاة الفجر، لا سيما إذا تأخر في النوم، فإنه يسترسل فيه، ويستغرق فيه، ويكون فيه شيءٌ من صفات المنافقين التي قال فيها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء، وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما من الأجر لأتوهما ولو حبواً).
فالحديث فيه الترغيب في قيام الليل، والتحذير من أن يستولي الشيطان على الإنسان، وأن تكون النتيجة أن يصبح خبيث النفس كسلان، ولا يكون نشيطاً طيب النفس؛ لأنه أتى بما تنحل به العقد الثلاث التي عقدها الشيطان على رأس الإنسان.
هو محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ المكي، ثقةٌ، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان بن عيينة، وهو هنا غير منسوب، وهو يحتمل إذا جاء إطلاقه هكذا، يحتمل أنه ابن عيينة، ويحتمل أنه الثوري، لكن هنا لا يحتمل الثوري، بل هو ابن عيينة؛ لأن محمد بن عبد الله بن يزيد توفي سنة ست وخمسين ومائتين، والثوري توفي سنة مائة وواحد وستين، أي: أن الذي يمكنه أن يروي عنه هو ابن عيينة الذي توفي سنة سبع وتسعين ومائة، ولا ندري متى ولد؟ محمد بن عبد الله بن يزيد، لكن المدة التي بين وفاة الثوري، وبين وفاة محمد بن يزيد هي ست وتسعون سنة، فمعنى هذا إذا كان عمره فوق المائة بكثير يمكن أنه يروي عن الثوري، فالثوري توفي مائة وواحد وستين، وهذا توفي مائتين وست وخمسين، أي: بين وفاتيهما ستٌ وتسعون سنة، فلا يتأتى الرواية عنه إلا لو كان معمراً كثيراً، والذي ذكروا في ترجمته أنه روى عن ابن عيينة، وهو الذي توفي قبل المائتين بقليل.
فإذاً سفيان هنا المهمل المراد به سفيان بن عيينة الهلالي المكي، وهو أيضاً كونه من بلده، وهما من بلدٍ واحد، وسفيان بن عيينة ثقةٌ، ثبتٌ، إمامٌ، فقيهٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزناد].
هو عبد الله بن ذكوان المدني، كنيته أبو عبد الرحمن، وأما أبو الزناد فهو لقبٌ على صيغة الكنية؛ لأن اللقب قد يأتي على صيغة الكنية، ويأتي على صيغة النسب، وهنا لقبٌ على صيغة الكنية، وهو ثقةٌ، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعرج].
هو عبد الرحمن بن هرمز المدني، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أيضاً مشهورٌ بلقبه واسمه عبد الرحمن بن هرمز، يأتي ذكره باللقب كما هنا، ويأتي ذكره بالاسم، والنسب كما يأتي في بعض الأسانيد، وهو مشهورٌ بلقبه الأعرج، ومعرفة ألقاب المحدثين من أنواع علوم الحديث، وقيل في فائدة معرفتها: ألا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر باسمه ثم ذكر بلقبه، فمن لا يعرف أن عبد الرحمن بن هرمز يلقب بـالأعرج، فإن وجد عبد الرحمن بن هرمز في إسناد، والأعرج في إسناد آخر، ظن أن الأعرج شخص آخر غير عبد الرحمن بن هرمز، لكن إذا عرف أن عبد الرحمن بن هرمز يلقب بـالأعرج، فلا يلتبس عليه كونه يأتي في بعض الأسانيد عبد الرحمن بن هرمز وفي بعضها الأعرج.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، بل هو أكثرهم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عن الجميع، فهؤلاء سبعةٌ من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام عرفوا بكثرة الحديث عنه، وأكثر هؤلاء السبعة أبو هريرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
وأبو هريرة أسلم في السنة السابعة، ولازم النبي عليه الصلاة والسلام، وتحمل عنه الكثير، وصار حديثه أكثر من حديث من كان متقدم الإسلام، وذلك له أسباب منها: ملازمته للنبي عليه الصلاة والسلام، ومنها: دعوة النبي عليه الصلاة والسلام له بأن يحفظ ما يسمعه كما جاء ذلك في بعض الأحاديث عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام دعا له، ومنها أيضاً: كونه ممن مكث في المدينة وعمر، والمدينة كانت يفد إليها الناس، فيلتقون بمن هو في المدينة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ويأخذون منه، ويأخذ منهم، إذا كانوا من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يأخذ منهم الأحاديث، ومن المعلوم أن بعضها مما سمعه، ومما شاهده، وبعضها مما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم يحكي عن شيءٍ سابق، أو أنه سمعه من أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فيكون ذلك من قبيل مراسيل الصحابة.
الحاصل أن كثرة أحاديثه لا إشكال فيها، وذلك للأمور التي أشرت إليها من الملازمة، ومن الدعوة الكريمة من رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن ملازمته للمدينة ومكثه فيها، وكونه معمراً، ويفد إليه من يفد إلى المدينة، ويلتقي به من يأتي إلى المدينة، فيأخذ منه ويعطيه، فصار حديثه كثيراً رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
ثم أورد حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهو أنه ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل بات ليلةً حتى أصبح، فقال عليه الصلاة والسلام: (ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه)، معناه: أنه ذم لصنيعه، وتحذير من صنيعه، وقيل في الذي نام عنه: إنه نام عن صلاة العشاء، وقيل: إن المقصود إنه نام عن صلاة الليل، وهذا هو الذي أورده من أجله النسائي هنا، يعني فعل النسائي، وإيراده الحديث في هذا الموطن أو في هذا الباب باب الترغيب في قيام الليل، يفيد أن النوم إنما هو عن قيام الليل، وليس عن صلاة العشاء.
وقوله عليه الصلاة والسلام: (ذلك رجل بال الشيطان في أذنيه)، هذا أيضاً على حقيقته، والشيطان كما هو معلوم يحرص على الحيلولة بين الإنسان وبين ما يعود عليه بالخير، أي: أن ذلك الرجل الذي نام، ووصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه بال الشيطان في أذنيه، أنه استغرق في النوم، وتمكن منه، ولم يهتم بأمر الصلاة حتى انقضى الليل دون أن يصلي، ولا مانع من أن يكون هذا الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم حقيقة؛ لأن الشيطان كما هو معلوم يأكل، ويشرب، وينكح، ويبول، فهو حق على حقيقته، وهذا من عمل الشيطان في إيذاء الإنسان، والحيلولة بينه وبين ما يعود عليه بالخير، وذلك بأن يبول في أذنه، وذكر الأذن، ولم تذكر العين؛ لأن الأذن هي محل الإحساس، وسماع الحركة والأصوات، وكون الإنسان يتنبه، فإذا حصل للأذن شيء يجعل الإنسان لا يحس، ويستغرق في نومه، ولو وجد عنده شيءٌ من الحركة ما تنبه، فمعناه أن الشيطان بال في أذنه فصار لا يتنبه، وليس له إحساس، فجاء ذكر الأذن ولم يأت ذكر العين؛ وذلك لأن النوم يكون بإغماض العين، إلا أن الإحساس إنما هو في الأذن، فمن أجل ذلك جاء ذكر البول من الشيطان في الأذنين؛ لأنه إذا تمكن الشيطان من إيذائه فيهما ومن بوله فيهما، فإنه لا يحس، ولا يتنبه، ولا يستيقظ، ولو صار عنده شيءٍ ينبهه.
هو ابن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقةٌ، ثبت، مجتهد، إمامٌ، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
[أخبرنا جرير].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي البصري، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
هو منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي وائل].
هو شقيق بن سلمة الكوفي، وهو مشهورٌ بكنيته أبو وائل، ويأتي ذكره بالكنية وذكره بالاسم، فيقال أحياناً: شقيق بن سلمة، وأحياناً يقال: شقيق فقط، وأحياناً يقال: أبو وائل كما هنا، أي: بالكنية فقط، وهو ثقةٌ مخضرم، أي: ممن أدرك الجاهلية والإسلام، ولم ير النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن مسعود].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من علماء الصحابة وفقهائهم وكبارهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين، وبعض العلماء قال: إنه من العبادلة الأربعة، وليس كذلك، بل العبادلة الأربعة هم من صغار الصحابة، وكانوا في سنٍ متقارب وهم: ابن عباس، وابن عمر، وابن عمرو بن العاص، وابن الزبير، إذاً: العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هم هؤلاء، وليس ابن مسعود منهم؛ لأنه متقدم الوفاة، وأما أولئك فإنهم متأخرون بعده بمدة، فـابن مسعود توفي سنة اثنين وثلاثين وأولئك بعد الستين أو قريباً من ذلك، فإذاً: عاشوا مدةً طويلة بعد ابن مسعود رضي الله تعالى عن الجميع، وحديث عبد الله بن مسعود عند أصحاب الكتب الستة.
ثم أورد حديث ابن مسعود من طريقٍ أخرى، وهو مثل الذي قبله تماماً.
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].
هو الفلاس البصري، المحدث، الناقد، المتكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد].
هو عبد العزيز بن عبد الصمد العمي البصري، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا منصور عن أبي وائل عن عبد الله].
وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
ثم أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (رحم الله امرءاً قام من الليل فصلى، ثم أيقظ أهله، فإن أبت نضح في وجهها الماء)، يعني: برفق، يعني: حتى يحصل لها النشاط، وتتنبه وتقوم، وعلى العكس أيضاً، (رحم الله امرأةً قامت من الليل فصلت، ثم أيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء)، فهو دعاء من النبي عليه الصلاة والسلام بالرحمة لمن يكون كذلك، وفيه حثٌ على قيام الليل، بل وفيه كون الرجل يحث أهله، والمرأة تحث زوجها، وتساعده ويساعدها على القيام في الليل بالصلاة، مع الأخذ بالأسباب التي تنشط، والتي تجعل الإنسان يتنبه، وهو نضح الماء في الوجه، ويكون ذلك برفقٍ ولين، وليس بشدةٍ يحصل معها الإزعاج كما هو واضح.
الحاصل أن الحديث فيه الترغيب في قيام الليل، بل وفيه حث من قام أن يقيم أهله، أو من قامت أن تقيم زوجها، وهذا من التعاون على البر والتقوى، ومن التعاون على الخير.
هو الدورقي، وهو ثقةٌ، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخٌ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرةً وبدون واسطة.
[حدثنا يحيى].
هو ابن سعيد القطان البصري، المحدث، الناقد، الثقة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عجلان].
هو محمد بن عجلان المدني، وهو صدوقٌ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا القعقاع].
هو القعقاع بن حكيم المدني، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي صالح].
هو ذكوان السمان، مشهورٌ بكنيته أبو صالح، واسمه ذكوان، ولقبه السمان، يأتي ذكره بالكنية، ويأتي ذكره بالاسم، وهو ثقةٌ، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.
أورد النسائي حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام طرقه، و
وقول علي رضي الله تعالى عنه: (إنما أنفسنا بيد الله إذا شاء أن يبعثها بعثها)، يعني: أنهما ينامان، والنائم قد قبضت نفسه، وإذا شاء الله عز وجل أن يبعثه من نومه بعثه، وهذا فيه أن النوم أو القيام من النوم يقال له: بعث؛ لأن النوم أخو الموت، والموت يكون فيه بعث، والنوم يكون فيه بعث، أي بعثٌ من ذلك الموت الأصغر الذي هو النوم، وقد جاء في الحديث: (النوم أخو الموت، ولا ينام أهل الجنة)، ففيه ذكر البعث، وقد جاء في القرآن الكريم: اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا [الزمر:42]، يعني: يتوفاها في حال النوم فيقبضها، ثم يعيد النفس إلى الجسد إذا كان في العمر بقية، وإذا كان الأجل انتهى، فإن النفس تقبض في ذلك النوم ثم لا تعود، ولهذا قال: اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى [الزمر:42]، التي انتهى أجلها بهذه النومة، وقبضت الروح، لا تعود، والتي في الأجل بقية، يعيدها الله عز وجل حتى تستكمل الأجل.
الحاصل أن النوم، والقيام منه يطلق عليه أنه بعث، ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام انصرف وهو يقول: (وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا [الكهف:54])، يعني هذا فيه إشارة إلى ما حصل من علي رضي الله عنه من هذا الكلام الذي هو فيه جدل، ثم أيضاً هذا فيه دليلٌ على قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا [الكهف:54])، ويستشهد بالآية التي في سورة الكهف وهي في الكفار، وهذا يفيد أن اللفظ يمكن أن يستعمل بعمومه، ولو كان أصل وروده في القرآن إنما يراد به الكفار، فيمكن أن يتمثل به، وأن يستشهد به في حق من هو مسلم؛ لأن عموم اللفظ يقتضيه، وإن كان الأصل في ذكره في القرآن إنما هو الكفار، فهذا يدل على أن مثل ذلك سائغ، وأن اللفظ العام الذي كان أصل مجيئه إنما هو في حق الكفار، أنه يجوز استعماله في حق المسلمين إذا وجد منهم ذلك الشيء الذي ينطبق عليه ذلك العموم.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبتٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث].
هو الليث بن سعد المصري، ثقةٌ، فقيه، إمام أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عقيل].
هو عقيل بن خالد بن عقيل المصري، هو بالتصغير وجده بالتكبير، وهو من قبيل المؤتلف والمختلف، عُقيل، وعَقيل؛ لأن الرسم واحد والحروف واحدة، والفرق إنما هو بالشكل، والحركات، عقيل بن خالد بن عقيل المصري، فهو بالتصغير، وجده بالتكبير، وهو من قبيل المؤتلف والمختلف، اتفقت الألفاظ في الرسم، واختلفت في النطق، والصيغة، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، ينسب إلى جده زهرة بن كلاب، وهو ثقةٌ، فقيه، مكثرٌ من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من صغار التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن علي بن الحسين].
هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، لقبه زين العابدين، وهو ثقةٌ، ثبت، فقيه، عابد مشهور، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أن الحسين بن علي أخبره].
هو الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، وهو من صغار الصحابة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن علي بن أبي طالب].
هو أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهاديين المهديين، ذي المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وهو أفضل هذه الأمة بعد أبي بكر، وعمر، وعثمان رضي الله تعالى عنهم أجمعين. وقد ورد في كتب السنة فضائل كثيرة ثابتة له رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهي دالةٌ على فضله، ونبله، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
وهذا الإسناد اجتمع فيه ثلاثة من أئمة أهل السنة الذين يحبهم أهل السنة، ويقدرونهم، ويعرفون فضلهم، ويتولونهم، وتمتلئ قلوبهم من محبتهم، ولا يغلون فيهم ولا يجفون، بل هم معتدلون متوسطون، لا غلوٌ، ولا جفاء، بل يحبونهم لإيمانهم وتقواهم، ولقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم وأرضاهم، وهؤلاء الثلاثة هم من الأئمة الاثني عشر عند الرافضة، الذين يغلون فيهم، وينزلونهم منازل لا يستحقونها، ولا يرضونها هم لأنفسهم، والتي جاء في كتبهم المعتمدة عندهم ألفاظ فيها الغلو الشديد، والمبالغة الشديدة، وإضافة إليهم شيء لا يرضونه، ومن ذلك ما جاء في كتاب الكافي للكليني من أبواب تشتمل على أحاديث ينسبونها إلى الأئمة الاثني عشر، ومن هذه الأبواب: باب أن الأئمة يعلمون ما كان وما سيكون، وأنهم يعلمون متى يموتون، وأنهم لا يموتون إلا باختيارهم، وباب أنه ليس شيء من الحق إلا ما كان من عند الأئمة، وكل شيء لم يخرج من عندهم فهو باطل، ومقتضى هذا الكلام أن كل ما جاء عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وأبي هريرة، وغيرهم من الصحابة، أنه مرفوضٌ مردود، بل إن القرآن نفسه إنما جمعه أبو بكر ثم عثمان، فالمصحف الذي بأيدي الناس هو من جامع عثمان رضي الله تعالى عنه، وعلى هذا فالقرآن ما خرج من عند أهل البيت، وما خرج من عند الأئمة، بل الذي جمعه أولاً أبو بكر الصديق ثم عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، فلا شك أن هذا من أبطل الباطل، وهذا فيه قدحٌ في المنقول؛ لأن القدح في الناقل قدحٌ في المنقول، ما دام أن الصحابة لا يؤخذ ما جاء عن طريقهم، وأنه لا يؤخذ إلا ما جاء من طريق الإثني عشر، وأن كل شيءٍ لم يخرج من عندهم فهو باطل، أي: أن كل ما جاء عن أبي بكر، وعمر، وعثمان وغيرهم من الصحابة، فإنه باطل؛ لأنه ما خرج من الأئمة الاثني عشر، هذا هو معنى هذا الباب المشتمل على بعض الأحاديث المكذوبة، ومن ذلك أيضاً الباب الذي يقول فيه: بابٌ أن الأئمة يعلمون الكتب المنزلة على المرسلين كلها، وأنهم يعرفونها بلغاتها، يعني معناه كل كتابٍ أنزله الله فهو موجودٌ عند الأئمة الاثني عشر، وأنهم يعرفون كل اللغات التي نزلت بها الكتب، هذا كله غلوٌ وإطراء لا يرضاه الأئمة، والله لا يرضونه، والله لو سمعوه لتبرءوا منه، لكن هكذا شأن الكذابين يكذبون على الأئمة، وهذا الشيء لا تقبله العقول، ولا يتفق، ولا يؤيده النقل ولا العقل، فهذا من جملة غلوهم، وهذا من كلام المتقدمين الذي هو الكليني، وهذه أبوابه.
أما المتأخرون المعاصرون، فأكبر زعيم عندهم هو الخميني، وقد قال في كتابه الحكومة الإسلامية في حق الأئمة الإثني عشر: وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملكٌ مقرب، ولا نبيٌ مرسل، وإن من ضروريات مذهبنا، يعني: من الأمور البديهية الضرورية، أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملكٌ مقرب، ولا نبيٌ مرسل، يعني معناه: أنهم يفضلون على الملائكة المقربين، وعلى الأنبياء المرسلين، هذا هو معنى هذه الكلمة، وهذا هو الغلو الذي ليس وراءه غلو، أما أهل السنة فليس عندهم لا غلوٌ ولا جفاء، بل يحبون الجميع، ويتولون الجميع، ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من كان منهم مؤمناً تقياً يحبونه لإيمانه، وأيضاً يحبونه لقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا هو مذهب أهل السنة حق اعتدال، توسط، لا غلوٌ ولا جفاء، لا إفراطٍ ولا تفريط، ينزلونهم منازلهم التي يستحقونها، فلا يتجاوزون الحدود ولا يقصرون عما يليق بهم وما ينبغي أن يضاف إليهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
أورد النسائي حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه من طريقٍ أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أن فيه زيادة وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام كان قد أيقضهما أولاً ثم رجع وصلى، ولم يسمع لهما حساً، ما سمع حركة، فرجع إليهما وإذا هما أيضاً على نومتهما، فقال لهما ما قال، فقام علي رضي الله عنه وجعل يعرك عيناه، يعني: على إثر النوم، وقال هذا الذي قاله، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم يضرب يده على فخذه ويقول: (وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا [الكهف:54]).
هو عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[حدثني عمي].
هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبي].
هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، وهو ثقة، حجة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. يروي..
[عن ابن إسحاق].
هو محمد بن إسحاق المطلبي المدني، وهو صدوقٌ يدلس، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثني حكيم بن حكيم].
هو حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف، وهو صدوقٌ، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[عن محمد بن مسلم بن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وقد مر ذكره.
علي بن الحسين، وأبوه الحسين، وأبوه علي بن أبي طالب، وقد مر ذكرهم.
هذا الإسناد تساعي، أي: من أطول الأسانيد عند النسائي، وأطولها عنده العشاري، قد مر بنا أحاديث في فضل (قل هو الله أحد)، وفيه عشرة بين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتساعي بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم تسعة أشخاص، وهذا الإسناد منها، وهي من الأسانيد النازلة، وأعلى الأسانيد عند النسائي الرباعيات، وأنزل الأسانيد عند النسائي العشاريات، فالعشاري الذي هو عشرة أشخاص، وهذا من هذا القبيل.
أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن حميد بن عبد الرحمن هو ابن عوف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصيام بعد شهر رمضان: شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: فضل قيام الليل، وأورد فيه حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (أفضل الصيام بعد شهر رمضان: شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة: قيام الليل)، قوله: (وأفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل)، هذا هو مقصود النسائي من إيراد الحديث في الترجمة؛ لأنه يدل على فضل قيام الليل، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (إنه أفضل النوافل بعد الفرائض)، لا سيما إذا كان في آخر الليل، وهو: الثلث الآخر من الليل؛ لأنه الوقت الذي ينزل الله عز وجل فيه إلى السماء الدنيا، فيقول: (هل من مستغفرٍ فأغفر له؟ هل من سائلٍ فأعطيه سؤله؟ هذا من كذا هل من كذا)، فالحديث دالٌ على فضل قيام الليل، ودالٌ على أنه أفضل الصلاة بعد الفريضة كما هو نفس الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودالٌ أيضاً على أن أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم، أي: الصيام فيه، وفيه يوم عاشوراء، وصيام يوم قبله أو يوم بعده، وهو من أفضل الصيام، وأفضل منه صيام يوم عرفة لغير الحجاج؛ لأنه قد جاء في فضل صيام عرفة أنه (يكفر السنة الماضية والآتية، وأما يوم عاشوراء فإنه يكفر السنة الماضية)، فصيام يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء، والنبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث قال: (أفضل الصيام بعد شهر رمضان: شهر الله المحرم)، أي: كونه يصام في شهر المحرم، وفي هذا الحديث الدلالة على أن خير الصيام بعد صيام رمضان الصيام في شهر الله المحرم.
ومن المعلوم كما مر بنا قريباً أن النبي صلى الله عليه وسلم ما صام شهراً كاملاً إلا رمضان، وأنه كان يصوم ويفطر، ويصلي وينام، عليه الصلاة والسلام، وكلمة المحرم هي: بالألف واللام، ولا يصلح أن يؤتى به بدون ألفٍ ولام، بل الألف واللام ملازمةٌ له، والإتيان به بدون ألف ولام خطأ، فلا يأتي في اللغة إلا وفيه الألف واللام كما جاء في هذا الحديث، وفيه أيضاً إضافته إلى الله عز وجل حيث قال: (شهر الله المحرم)، وقيل: إنه لم يأت إضافة شهرٍ إلى الله غير هذا الشهر، وقيل: إن السبب في ذلك أنه من الأشهر الحرم، ولفظه أو لفظ اسمه يشعر بالتحريم، وأنه محرم، وهو أحد الأشهر الحرم الأربعة التي هي: رجب الفرد، ويقال له: الفرد؛ لأنه شهرٌ من الأشهر الحرم وحده، ليس بجواره شهرٌ من أشهر الحرم، وأما الثلاثة الباقية فهي مسرودة بعضها وراء بعض، ولهذا يقال: ثلاثةٌ سردٌ وواحدٌ فرد، ثلاثةٌ سرد، يعني: مسرودة، وهي: ذي القعدة، وذي الحجة، والمحرم، شهر الحج، وشهر قبله، وشهر بعده، وشهر رجب الذي هو في وسط السنة، وفي أثناء السنة.
وقد مر ذكره قريباً.
[حدثنا أبي عوانة].
هو أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، وهو ثقةٌ، متقن، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهورٌ بكنيته أبو عوانة.
[عن أبي بشر].
هو أبو بشر جعفر بن إياس بن أبي وحشية، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد بن عبد الرحمن].
قال هنا: [هو ابن عوف]، وليس ابن عوف بل هو حميد بن عبد الرحمن الحميري، وذكر ابن عوف هنا وهم، وقد ذكر المزي في تحفة الأشراف الحديث تحت ترجمة حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي هريرة، وليس له، أي: حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي هريرة إلا هذا الحديث، أما حميد بن عبد الرحمن بن عوف فله أحاديث كثيرة في الكتب الستة، وقد ذكرها المزي في تحفة الأشراف متتابعة وهي كثيرة، لكن حميد بن عبد الرحمن الحميري ذكر له هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وهو عند مسلم وقد نسبه بأنه الحميري، وكذلك الحافظ ابن حجر نص في تعليقه على تحفة الأشراف بأن الوهم ممن دون النسائي، يعني: الذي أضاف هو ابن عوف هو من دون النسائي؛ لأنه جاء في غير نسخة ابن السني بدون ابن عوف، إذاً الخطأ ممن هو دون النسائي، فقوله هنا: هو ابن عوف، هذا خطأ، بل هو الحميري؛ وهذا يبين لنا ما سبق: أن كلمة هو ابن فلان، يمكن أن يزيدها من دون النسائي، وسبق أن مر بنا: أن النسائي يقال في بعض شيوخه: هو ابن فلان، ومعلومٌ أن النسائي لا يقول: هو ابن فلان، بل الذي يقوله من دون النسائي؛ لأن التلميذ لا يقول عن شيخه: هو ابن فلان، بل ينسبه كما يريد، فوجود شخص في شيوخ النسائي يقال فيه: هو ابن فلان، معلوم أن هذا ليس كلام النسائي، بل هو كلام من دون النسائي، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
أبو هريرة، وقد مر ذكره.
ثم أورد النسائي طريقاً أخرى، وفيها حميد بن عبد الرحمن، قال فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من قبيل المرسل، وقال: إنه أرسله شعبة، أي: إن رواية الإرسال جاءت من طريق شعبة؛ لأن جعفر بن أبي وحشية جاء عنه الإسناد الذي قبل هذا وهو موصول، وأما هذه الطريقة الثانية جاءت من طريق جعفر بن أبي وحشية، لكن عن طريق شعبة، فالإرسال من هذه الطريق التي فيها رواية شعبة، وأما رواية غيره ففيها الوصل، وإضافته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم متصلاً وليس مرسلاً.
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].
هو المروزي، وهو ثقةٌ، أخرج له الترمذي، والنسائي.
[أخبرنا عبد الله].
هو ابن المبارك المروزي، وهو ثقةٌ، ثبتٌ، جوادٌ، مجاهدٌ، قال عنه الحافظ في التقريب بعد أن ذكر جملةً من خصاله الحميدة: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقةٌ، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية].
وقد مر ذكر جعفر، وقد سمي هنا في هذا الإسناد، وأما في الإسناد السابق فهو لم يسم.
[أنه سمع حميد بن عبد الرحمن].
وهنا ما نسبه، ما قال: الحميري، ولا قال: ابن عوف، وقد مر ذكره.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر