أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير حدثنا أبي وبقية قالا: حدثنا ابن أبي حمزة حدثني الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن خباب بن الأرت عن أبيه رضي الله تعالى عنه -وكان قد شهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم-: (أنه راقب رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة كلها حتى كان مع الفجر، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته جاءه
يقول النسائي رحمه الله في هذه الترجمة: باب إحياء الليل، أي: إحياؤه بالصلاة، وذكر الله عز وجل، وقد أورد النسائي فيه حديث خباب بن الأرت رضي الله تعالى عنه، وكان من السابقين الأولين إلى الإسلام، وعُذب في الله، قال: لأرقبن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الليلة، أي: أنه استعد لينظر إلى ما يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم في ليلة من الليالي، (فرآه صلى، ولما فرغ من صلاته جاء إليه وسأله، وقال: إنك صليت صلاةً ما رأيتك صليت نحوها، قال: أجل، إنها صلاة رغبٍ ورهب)، يعني: رغبة إلى الله ورهبة منه، وقال: إنني سألته ثلاثاً، فأعطاني اثنتين، ومنعني الثالثة، سأله ألا يهلك أمته بما أهلك به الأمم قبلها، وألا يظهر عليهم عدواً يستأصلهم، أو يقضي عليهم، أو يتولاهم، وسأله ألا يلبسهم شيعاً، فأعطاه الأولى والثانية، ولم يعطه الثالثة، الأولى أعطاه، بألا يهلك أمته كما أهلك الأمم التي عوجلت بالعذاب في الدنيا، وأهلكت جميعها، فهذه الأمة لا تعذب جميعاً، ولا يهلكها الله عز وجل كما أهلك الأمم قبلها، بل إن الله عز وجل شاء أن تبقى هذه الأمة وأن تستمر، وألا يحصل لها هلاك عام؛ لأن هذه الشريعة عامة شاملة خالدة، فشاء الله تعالى أن تبقى، وشاء أن يبقى أهلها، ولم يشأ أن يهلكهم، كما أهلك الأمم قبلهم، ولهذا لما أوذي عليه الصلاة والسلام في أول الأمر في مكة، وخرج مهموماً مغموماً بعد أن آذاه قومه، خرج إلى الطائف، وأوذي في الطائف، جاءه جبريل وقال: (إن هذا ملك الجبال يستأذنك بأن يطبق عليهم الأخشبين -وهما جبلا مكة-، فقال: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئاً)، فلم يستعجل، وصبر واحتسب عليه الصلاة والسلام، وتحقق له ما أراده وما رجاه، فإن الله عز وجل فتح مكة له، ودخل أهلها في دين الله، وخرج من أصلابهم أناس يعبدون الله عز وجل، ويحملون هذا الدين الحنيف، الذي جاء به النبي الكريم عليه الصلاة والسلام.
وأعطاه الثانية وهي: ألا يظهر عليهم عدواً، بحيث يقضي على المسلمين، وتكون الولاية له على المسلمين، ولا يقام شرع الله عز وجل في الأرض، فجعل الخير باقياً، وجعل من هذه الأمة أمة قائمة على أمر الله، لا يضرها من خذلها، ولا من خالفها، حتى يأتي أمر الله، كما جاء ذلك في الحديث الصحيح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: (ولا تزال طائفةٌ من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله)، فأعطاه هذه الثانية.
والثالثة وهي: (ألا يلبسهم شيعاً)، وأن لا يحصل الاختلاف والاقتتال، الذي يكون بين هذه الأمة، فلم يعطه إياها؛ ولهذا وجد بين المسلمين الاختلاف والاقتتال، فالحديث اشتمل على هذه الأمور الثلاثة، وقد بين عليه الصلاة والسلام أنه أعطي اثنتان ومنع الثالثة، والحديث فيه صلاة الليل وقيام الليل، وفيه ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من الحرص على معرفة أحواله وأفعاله، وكون الواحد منهم يرقبه، وينظر ماذا يصنع، مثل ما فعل ابن عباس لما جاء وبات عند خالته ميمونة، لينظر إلى ماذا كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم، وهنا خباب عزم على أن ينظر إلى النبي عليه الصلاة والسلام ماذا يصنع، فوجده صلى هذه الصلاة التي سأله عنها، فأخبره بأنها صلاة رغب ورهب، وأنه سأل الله عز وجل فيها هذه الأمور الثلاثة، فأعطاه اثنتين ومنعه الثالثة، ففيه إحياء الليل، أي: إحياء بعضه بالصلاة.
هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا أبي].
يروي عن أبيه عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، وهو حمصي مثل ابنه، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، أي: الذين خرجوا له هم الذين خرجوا لابنه، إلا أنه هو ثقة، وابنه صدوق.
[وبقية].
صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا ابن أبي حمزة].
هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، من أثبت الناس في الزهري، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، إمام، فقيه، ثقة، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من صغار التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل].
وفي نسخة: عبد الله بن عبد الله، وقال الحافظ ابن حجر: إنه شخص واحد، اختلف في اسمه، أحياناً يأتي عبيد الله، وأحياناً يأتي عبد الله، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن عبد الله بن خباب بن الأرت].
هو المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[عن أبيه].
هو خباب بن الأرت صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن السابقين الأولين، وممن عذب في الله، وممن شهد بدراً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا سفيان عن أبي يعفور عن مسلم عن مسروق ، قالت عائشة رضي الله عنها: (كان إذا دخلت العشر أحيا رسول الله صلى الله عليه وسلم الليل، وأيقظ أهله، وشد المئزر)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الاختلاف على عائشة، في حديث أو في أحاديث إحياء الليل، أورد فيه النسائي حديث عائشة رضي الله عنها في العشر الأواخر من رمضان، وأنها إذا دخلت (أحيا الليل، وجد وشد المئزر)، ففي هذا أنه يخص الليالي العشر الأخيرة من رمضان بأعمال، وذلك أنه كان يجد فيها ويحيي الليل، وقيل: إن شد المئزر كناية عن عدم إتيان النساء، وقيل: إنه للجد في العبادة والطاعة، وقيل: لهما جميعاً، أي: أنه كان لا يشتغل في حاجة النساء، وكان يجتهد في العبادة في تلك الليالي العشر؛ وذلك لأن الليالي العشر فيها ليلة القدر التي هي: خير من ألف شهر، فكان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها من الشهر، وعائشة رضي الله عنها، تخبر عن حاله عليه الصلاة والسلام، وأنه يحيي الليل، ويجد، ويشد المئزر عليه الصلاة والسلام، وفي هذا إحياء الليل، أو إحياء كثير من الليل.
هو المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[حدثنا سفيان].
هو ابن عيينة الهلالي المكي، وهو ثقة، ثبت، فقيه، مكثر من الرواية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي يعفور].
هو عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مسلم].
هو ابن صبيح الكوفي، مشهور بكنيته أبي الضحى، يأتي ذكره بها كثيراً، ويأتي ذكره بالاسم كما هنا أتى باسمه غير منسوب، وهو المهمل، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مسروق].
هو مسروق بن الأجدع، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق التي حفظت الكثير من السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وجابر، وأنس، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عن الجميع، هؤلاء سبعة معروفون بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي في نفس الترجمة حديث عائشة رضي الله عنها، وهو (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام أول الليل، ويحيي آخره)، وهذا في بعض الأحيان؛ لأننا سبق أن عرفنا أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يروه مصلياً إلا رأوه، ولا أرادوا أن يروه نائماً إلا رأوه، بمعنى: أنه ينام من أول الليل ومن وسطه وآخره، ويصلي من أول الليل ووسطه وآخره، معناه: أنه ليس هناك وقت من الأوقات يكون النبي صلى الله عليه وسلم ثابتاً عليه: مصلياً أو نائماً، بل يصلي من أول الليل ومن وسطه ومن آخره، لكن كثيراً ما يصلي من آخره عليه الصلاة والسلام.
وقول عائشة رضي الله عنها: (أنه كان ينام أول الليل، ويحيي آخره)، يعني: أنه في غالب أحواله أو في كثير من أحواله عليه الصلاة والسلام، وإلا فإنه ليس دائماً وأبداً، كما جاء ذلك مبيناً في الأحاديث التي مرت معنا.
هو المخرمي، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا زهير].
هو زهير بن معاوية بن حديج الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، همدان: نسبة عامة، وسبيع: نسبة خاصة؛ لأن سبيعاً بطن من همدان، فينسب نسبةً خاصة غالباً فيقال: أبو إسحاق السبيعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأسود بن يزيد].
هو ابن يزيد النخعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أبو عمرو الذي قال عنه أبو إسحاق: إنه كان أخاً لي صديقاً، يعني: أخاً في الله، وبينه وبينه صداقة، وأنه سأله عما يعلمه عن صلاة رسول الله، وأن يحدثه بما حدثته به أم المؤمنين، عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ( كان ينام أول الليل، ويحيي آخره )، أي: أن ذلك في أكثر أحواله، وليس ذلك دائماً وأبداً كما عرفنا، وأبو إسحاق أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. والأسود بن يزيد بن قيس أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
وقد مر ذكرها.
أورد النسائي حديث عائشة، وهو قطعة أو جزء من حديثها الطويل، الذي سبق أن مر عن سعد بن هشام، وسؤاله إياها، وكان معه حكيم بن أفلح، والحديث طويل سبق أن مر، وهذا جزء منه؛ أتى به هنا من أجل أنها لا تعلم أنه أحيا ليلةً إلى الصباح، معناه: أنه يصلي وينام، ليس إحيائه الليل كله، ولا ينام الليل كله، وإنما يقوم وينام كما أخبر عن هديه عليه الصلاة والسلام لما بلغه أن رجالاً قال واحد منهم: (أنا أصوم الدهر أبداً ولا أفطر، وقال واحد منهم: أنا أصلي الليل فلا أنام، وقال آخر: أنا لا أتزوج النساء، فلما بلغه خبرهم، قال عليه الصلاة والسلام: أما إني أخشاكم لله، وأتقاكم له، أما إني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)، فهديه عليه الصلاة والسلام توسط واعتدال، لا إفراط ولا تفريط، فما كان يقوم الليل كله، وما كان يترك القيام، بل كان يصلي وينام، ويصوم ويفطر، ويتزوج النساء عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
ومحل الشاهد من إيراد الحديث: أنها ما كانت تعلم أنه قام ليلةً حتى الصباح، بل كان يصلي وينام عليه الصلاة والسلام، بعض ليله صلاة، وبعض ليله نوم، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وكذلك أيضاً، أخبرتْ بأنه ما قرأ القرآن كله في ليلة، وكذلك ما صام شهراً كاملاً إلا رمضان، ولكن محل الشاهد هو أنه ما صلى ليلةً حتى الصباح.
صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة، والنسائي، وابن ماجه، والترمذي.
[حدثنا عبدة بن سليمان].
هو البصري وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد].
هو سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة، ثبت، كثير التدليس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة]
هو ابن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن زرارة بن أوفى].
هو البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن سعد بن هشام بن عامر].
ثقة، أخرج حديثه أيضاً أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة رضي الله عنها].
وقد مر ذكرها.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها: [(أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها وعندها امرأة، فذكرت من صلاتها وأثنت عليها، وقال عليه الصلاة والسلام: مه، عليكم من العمل ما تطيقون)]، وفيه أنه أرشد إلى الرفق، وعدم الانقطاع في العبادة؛ لأن الانقطاع في العبادة، قد يترتب عليه تفويت مصالح أخرى، وقد يترتب عليه ملل، ثم يكون الترك، لكن إذا كان العمل ملازماً عليه، ومداوماً عليه، وهو قليل، فإنه خير من كثير يُقدم عليه ثم ينقطع عنه، ولهذا يقولون: قليل تداوم عليه، خير من كثير تنقطع عنه، فالعمل الدائم هو الأحب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو الأحب إلى الله كما جاء في هذا الحديث: (أحب إلى الله من العمل أدومه)، وفي بعض الروايات: (وإن قل)، أي: وإن كان قليلاً، وقد مر بنا قريباً الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أن
قوله: [(عليكم من العمل ما تطيقون)]، أي: ما تقدرون عليه، وما لا يحصل معه ملل، ولا يحصل معه أمور تفضي إلى التخلي عن العبادة بسبب الملل، وقال: (فإن الله لا يمل حتى تملوا)، والحديث سبق أن مر بنا، وليس فيه وصف الله بالملل، فالله تعالى لا يمل، فقوله: [(حتى تملوا)]، يعني: حتى لو حصل منهم الملل، فإن الله لا يمل، وليس معنى ذلك أنهم إذا ملوا مل، فالله تعالى لا يوصف بالملل.
ثم قال عليه الصلاة والسلام: [(وإن أحب العمل ما داوم عليه صاحبه)]، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث، أي: بانقطاع العبادة، والاشتغال بها، وكون الإنسان يتعب نفسه، ويتسبب في فوات مصالح أخرى، فالله عز وجل الأحب إليه غير ذلك، وهو: العمل الدائم ولو كان قليلاً، أما الإكثار من العمل، ثم يعقبه الملل أو السأم، ثم الترك، فهذا لا ينبغي للمسلم أن يحصل ذلك منه، وإنما يداوم على العمل الصالح، ولو كان قليلاً، ولا يكثر العمل في وقت ما، فيكون ذلك سبباً في تفويت فوائد أخرى، أو إلحاق ضرر به، يمنعه من القيام بهذا الذي أراده أو الذي قصده، من إكثار العمل، ومن تكثيره.
هو النسائي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان، وقد مر ذكره.
[عن هشام].
هو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، ربما دلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني أبي].
هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير بن العوام هذا، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وسليمان بن يسار، هؤلاء ستة متفق على عدهم من الفقهاء السبعة، والسابع منهم، فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
[عن عائشة].
و عائشة، وقد مر ذكرها.
أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه [(أنه رأى حبلاً ممدوداً بين ساريتين في المسجد، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا لـ
يعني: يقعد عن الصلاة، أو يمكن أن يصلي وهو جالس؛ لأن صلاة النافلة يجوز للإنسان أن يصليها وهو جالس، لكن على النصف من صلاة القائم، لكن العمل أو الصلاة الطويلة التي تثمر التعب، وتفوت مصالح، غيرها أولى منها، كما سبق أن مر في الحديث الذي قبل هذا، وإنما يصلي الإنسان نشاطه، وإذا فتر فإنه يقعد، أي: لا يستمر في الصلاة، وإن صلى جالساً، فإن ذلك سائغ؛ لأن صلاة النافلة جائزة عن جلوس مع القدرة على القيام.
صدوق، أخرج له الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عبد الوارث].
هو عبد الوارث بن سعيد العنبري البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد العزيز].
هو عبد العزيز بن صهيب البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي في نفس الترجمة حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: [(أن النبي عليه الصلاة والسلام قام حتى تفطرت قدماه)]، يعني: صلى من الليل وقام حتى تفطرت قدماه، [(فقيل له: كيف تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فكان جوابه عليه الصلاة والسلام أن قال: أفلا أكون عبداً شكوراً)]، أي: أن كون الله عز وجل غفر له، ورفع منزلته، جعله يقبل على العبادة، وذلك شكراً لله عز وجل أن جعله كذلك، أي: جعله مغفوراً له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهذا مما كان عليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من الحرص على طاعة الله عز وجل، وعلى شكر الله عز وجل على ما أنعم به عليه، وشكره لله عز وجل بطاعته، يعني: يشكره على نعمه، وعلى الإحسان إليه بأن يتقرب إليه بالعبادة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، ومحمد بن منصور الجواز المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي.
[عن سفيان].
هو ابن عيينة، الاثنان يرويان عن سفيان، وهو ابن عيينة، وقد عرفنا فيما مضى أن قتيبة لا يروي إلا عن ابن عيينة، لا يروي عن الثوري شيئاً، وأما محمد بن منصور، فإنه يروي عن سفيان الثوري، وعن ابن عيينة، إلا أنه عند الإطلاق فإنه يصرف إلى ابن عيينة؛ لأنه مكي كما أن ابن عيينة مكي، ومما زاد الأمر وضوحاً بأنه ابن عيينة كون قتيبة روى أيضاً معه الحديث، وقتيبة لا يروي إلا عن ابن عيينة ولا يروي عن الثوري، كل ما جاء قتيبة يروي عن سفيان، فالمراد ابن عيينة ولا يراد به الثوري؛ لأن الثوري توفي سنة مائة وواحد وستين، وقتيبة ولد سنة مائة وخمسين، وهي السنة التي مات فيها أبو حنيفة، وولد فيها الشافعي، أي: إن عمر قتيبة حين وفاة الثوري، إحدى عشر سنة، وقد عمر قتيبة فكان عمره تسعين سنة، عاش إلى سنة مائتين وأربعين، وروايته عن سفيان بن عيينة، الذي عاش بعد الثوري سبعاً وعشرين سنة؛ لأنه توفي سنة مائة وسبع وتسعين، فكل ما جاء قتيبة يروي عن سفيان فالمراد به ابن عيينة.
[عن زياد بن علاقة].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[سمعت المغيرة بن شعبة].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث أبي هريرة، وهو: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي حتى تزلع -أي: تشقق- قدماه)، وهذا من جنس حديث المغيرة الذي تقدم أنه صلى حتى تفطرت قدماه عليه الصلاة والسلام.
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].
هو الفلاس البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو ناقد متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً.
[حدثنا صالح بن مهران، قال: وكان ثقة].
أي: الذي يقول هذا هو الفلاس، يعني عن صالح بن مهران وكان ثقة، أي: صالح بن مهران ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا النعمان بن عبد السلام].
ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة؛ لأنه في ترجمة النعمان بن عبد السلام قال: روى عن سفيان الثوري، وروى عنه أبو سفيان صالح بن مهران الأصبهاني، وروى عنه، يعني: جملة الذين رووا عنه أبو سفيان صالح بن مهران الأصبهاني، وسفيان بن سعيد بن مسروق ثقة، ثبت، حجة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عاصم بن كليب].
صدوق رمي بالإرجاء، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو كليب بن شهاب، وهو أيضاً صدوق، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، بل هو أكثر السبعة على الإطلاق.
الجواب: إذا كان الأمر كما ذكر في السؤال، أن كل واحد يضع مقداراً من المال في هذا الصندوق، وهم باقون على أملاكهم، ترجع إليهم أملاكهم إذا أرادوا، ويقرضون منها، فكل واحد باق على ملكه؛ لأنه لم يخرج من ملك الواحد، يعني: ليس تبرعاً، أي: تبرع به بحيث أنه يخرج من ملكه، ما دام أن الملك باق، وأنه لم يخرج من ملكه ما أخرجه ووضعه في الصندوق، وإنما هو للتوفير، ولإقراض من يحتاج إلى إقراضه، إذاً: المال باق على ملك المالكين، فهو يمكن أن يضمه إلى ماله، أي: المقدار الذي وضعه في الصندوق، عندما يخرج الزكاة يحسب الذي عنده، ويحسب الذي له في الصندوق أو الذي وضعه في الصندوق، ويخرج زكاة الجميع؛ لأن الكل ماله، أكثر ما في الأمر أن هذا المال في حوزته، وذاك وضع في ذلك الصندوق الذي قصد منه التوفير والإقراض عندما يحتاج أحد إلى إقراض.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر