أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى عن سفيان حدثنا منصور عن هلال بن يساف عن أبي يحيى عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي جالساً، فقلت: حدثت أنك قلت أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم وأنت تصلي قاعداً، قال: أجل، ولكني لست كأحد منكم)].
فيه أن من أحوال أفعاله عليه الصلاة والسلام أنه يفعل الشيء للتشريع، ولبيان الحكم بأنه جائز، وأنه سائغ، وأنه ليس بممنوع، ولكن أجره عظيم عند الله عز وجل، في جميع الأحوال حالة قعوده، وحالة قيامه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
هو السرخسي، وهو ثقة، مأمون، سني، كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب، وقيل له سني؛ لأنه أظهر السنة في بلده، وحديثه أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا يحيى].
هو ابن سعيد القطان البصري، ثقة، ثبت، ناقد، متكلم في الرجال جرحاً، وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد المسروق الثوري، وهو ثقة، ثبت، إمام، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا منصور].
هو منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، من أقران الأعمش، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن هلال بن يساف].
هو هلال بن يساف الكوفي، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي يحيى].
هو مصدع الأعرج، قال عنه الحافظ في التقريب: إنه مقبول، وحديثه أخرجه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الله بن عمرو].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي مشهور، وحديثه عنه أصحاب الكتب الستة، والحديث الذي معنا أخرجه مسلم في صحيحه، وهو من رواية أبي يحيى مصدع الأعرج، وهو مقبول في رأي الحافظ ابن حجر وأنه يحتاج إلى متابعة.
أخبرنا حميد بن مسعدة عن سفيان بن حبيب عن حسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه قال: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الذي يصلي قاعداً؟ قال: من صلى قائماً فهو أفضل، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائماً فله نصف أجر القاعد)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: فضل صلاة القاعد على صلاة النائم، المقصود بالنائم هو: المضطجع، وليس النائم الذي هو النوم المعروف؛ لأن مثل هذا لا يصلي وليس من أهل الصلاة يعني: في حال نومه، وإنما المقصود من ذلك أنه مضطجع أي: كشأن النائم الذي يضطجع، هذا هو المقصود من الترجمة وبالحديث الذي تحت هذه الترجمة: فضل صلاة القاعد على صلاة النائم.
وقد أورد النسائي فيه، حديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما (أنه سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن صلاة القاعد فقال: من صلى قائماً فهو أفضل، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر صلاة القائم، ومن صلى نائماً فله نصف أجر صلاة القاعد)، فالحديث دال على ما دلت عليه الترجمة السابقة، من جهة تفضيل صلاة القائم على صلاة القاعد، وفيه أيضاً تفضيل صلاة القاعد على صلاة النائم، أي: المضطجع الذي يصلي مضطجعاً، وبعض أهل العلم قال: إن هذا الحديث بعمومه يدل على أن النوافل تصلى حتى في حال النوم، وأنه إذا صلى متنفلاً مضطجعاً فإن صلاته تصح بهذا الحديث، وأنها على النصف من صلاة القاعد، ومن المعلوم أن القاعد على النصف من صلاة القائم فتكون على الربع من صلاة القائم التي هي: صلاة المضطجع.
ومن العلماء من قال: إن الحديث ليس بما يتعلق بالنسبة للنافلة وإنما هو في الفريضة، وقالوا: إنه لم يعهد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه فعل ذلك أبداً، ولا على أحد من أصحابه أنهم كانوا يصلون مضطجعين، وقالوا: إن هذا الحديث يحمل على صلاة الفريضة، وأن المقصود بذلك: أن الذي يصلي مضطجعاً مع قدرته على الجلوس ولكنه يشق عليه، فإن من يصلي قاعداً مع مشقة القعود عليه فله أن يصلي نائماً -أي: مضطجعاً- فهو أعظم أجراً ممن صلى مضطجعاً مع قدرته على الجلوس مع المشقة، وكذلك قالوا بالنسبة للقاعد أن من عنده قدرة على القيام ولكنه يشق عليه أن يقوم ولكنه تحامل وقام وصلى مع مشقته عليه فإنه يكون أعظم أجراً ممن صلى جالساً، مع حصول المشقة عليه في القيام، فيكون من صلى جالساً مع أنه قادر على أن يصلي قائماً مع المشقة فإنه أجره على النصف من صلاة القائم الذي تحامل وقام للصلاة مع المشقة، وكذلك النائم الذي هو: المضطجع، إذا كان قادراً على القعود، ولكنه لم يكلف نفسه مع وجود المشقة عليه، فإن أجره على النصف من أجر القاعد الذي هو مثله ولكنه تحمّل المشقة وصلى قاعداً، مع وجود المشقة فإنه يكون أعظم أجراً ممن صلى مضطجعاً، مع أنه قادر على القيام أو على الجلوس مع وجود المشقة.
وقالوا في الحديث الذي أورده البخاري في صحيحه: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم) أن المقصود منه الذي اعتاد شيئاً في حال الصحة، ولكنه لم يتمكن منه في حال المرض فإنه يكتب له من الأجر ما كان يعمل وهو صحيح مقيم، وهو مثل ما جاء في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وفيه أن ابنه أبا بردة بن أبي موسى سافر هو ويزيد بن أبي كبشة، فكان يزيد يصوم في السفر، فقال له أبو بردة أفطر فإنني سمعت أبا موسى يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم).
والحديث الذي ذكرته في البخاري، يدل على أن من كان يفعل شيئاً وعجز عنه في حال مرضه وكان يعمله في حال صحته فإن الله تعالى يكتب له مثل ما كان يعمل وهو مقيم، لكن لا شك أن من كان قادراً على الجلوس، ولكن عليه مشقة لا تلحق به ضرراً ثم إنه صلى مضطجعاً مع قدرته على الجلوس لا شك أنهما ليسوا سواء، الذي جلس مع حصول المشقة والذي صلى مضطجعاً مع قدرته على الجلوس مع المشقة، قالوا: وعلى هذا يحمل ما جاء في هذا الحديث على أن المراد به من يكون في الفرائض، ويكون قادراً على الجلوس مع المشقة وصلى في حال الاضطجاع.
وأكثر العلماء قالوا أن الحديث لا يحمل على المتنفل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما علم عنه أنه صلى ولو مرة واحدة في حال اضطجاعه متنفلاً، وكذلك لم يعلم عن أحد من الصحابة والتابعين أنهم فعلوا ذلك أي: الصلاة النافلة في حال الاضطجاع، قالوا: والحديث محمول على الفريضة وأن المقصود به هو من يشق عليه الجلوس ويقدر عليه، ولكنه صلى مضطجعاً فهو يكون على النصف من أجر من كان مثله، ولكنه تحمل المشقة التي لا يلحقه بها ضرر كبير، وصلى جالساً فالمضطجع على النصف من أجر الجالس.
هو حميد بن مسعدة البصري، وهو صدوق، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سفيان].
هو سفيان بن حبيب البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب، وأصحاب السنن.
[عن حسين المعلم].
هو حسين بن ذكوان المعلم البصري، وهو ثقة ربما وهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن بريدة].
هو عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمران بن حصين].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنيته أبو نجيد، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا أبو داود الحفري عن حفص عن حميد عن عبد الله بن شقيق عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعاً)، قال أبو عبد الرحمن: لا أعلم أحداً روى هذا الحديث غير أبي داود، وهو ثقة، ولا أحسب هذا الحديث إلا خطأ. والله تعالى أعلم].
أورد النسائي كيف يصلي القاعد، أي: كيف حاله في حال القيام، أو ما هي هيئته في حال القراءة، وكيف يكون الجلوس الذي هو بدل القيام، وهذه المسألة ذكر الحافظ ابن حجر ثلاثة أقوال لأهل العلم:
فقال: منهم من قال: أنه يصلي متربعاً، ومنهم من قال: إنه يصلي مفترشاً، ومنهم من قال: إنه يصلي متوركاً، قال: وبكل واحداً منها ورد أحاديث، لكن أنا ما وقفت على هذه الأحاديث التي أشار إليها، والحاصل أنه ذكر أن الهيئة فيها ثلاثة أقوال، والحديث الذي أورده المصنف وهو: حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعاً) الحديث واضح الدلالة على أنه يصلي متربع، أو أن المصلي في حال جلوسه الذي هو بدل القيام يصلي متربعاً، والنسائي رحمه الله ذكر أن هذا الحديث عنده شك في صحته، وفي ثبوته، وقال: لا أحسبه إلا خطأ، وهو لا يرويه إلا أبو داود، والشيخ الألباني ذكر هذا الحديث في تعليقه على صحيح ابن خزيمة، والحديث أورده ابن خزيمة في صحيحه من هذه الطريق التي هي طريق أبي داود الحفري، وقال الألباني: إن الإسناد صحيح، وأن هذا الظن من النسائي لا يضعف به الحديث مع وجود صحة الإسناد، وثبوت الإسناد، فمجرد الظن لا يجعل الحديث يكون ضعيفاً.
هو الحمال البغدادي لقبه الحمال، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي داود الحفري].
هو عمر بن سعد بن عبيد الحفري، والحفر هي: محلة في الكوفة - بفتح الحاء والفاء -، ينسب إليها فيقال له الحفري، قال الحافظ عنه في التقريب: إنه ثقة، عابد، وأخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن حفص].
هو حفص بن غياث، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد].
هو حميد بن أبي حميد الطويل البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن شقيق].
هو عبد الله بن شقيق العقيلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق، التي حفظ الله تعالى بها سنة رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ورضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ستة رجال، وامرأة واحدة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.
أخبرنا شعيب بن يوسف حدثنا عبد الرحمن عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس سألت عائشة رضي الله تعالى عنها: (كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل يجهر أم يسر؟ قالت: كل ذلك قد كان يفعل ربما جهر، وربما أسر).
أورد النسائي كيف القراءة في الليل أي: هل تكون جهراً أو تكون سراً؟ يعني: التي هي صلاة النوافل أو صلاة الليل النافلة هذا هو المقصود بالسؤال؛ لأن المقصود القراءة في صلاة الليل التي هي من النوافل، يعني: ماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل؟ هل كان يسر أو كان يجهر؟ قالت: كل ذلك فعله رسول الله عليه الصلاة والسلام ربما جهر وربما أسر، يعني: أن الرسول صلى الله عليه وسلم، في بعض أحواله يسر وفي بعض أحواله يجهر، وهو يدل على أن كل ذلك سائغ، وأن كلاً منهما جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيأتي في الحديث الذي بعد هذا الذي فيه الإشارة إلى تفضيل الإسرار على الجهر، ومن المعلوم أن المصلي في الليل إذا كان يؤذي بقراءته أحداً فإنه لا يجهر بالقراءة، فإنه ليس له أن يجهر بالقراءة مع وجود حصول الأذى على أحد من الناس بسبب قراءته الجهرية التي جهر بها، وإذا كان ليس هناك من يتأذى بجهره فإنه يجهر، وأما من حيث بيان الحكم الشرعي فالحديث دال على أن كلاً من هذا وهذا قد جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن النبي عليه الصلاة والسلام وجد منه الجهر في بعض الأحوال، ووجد منه الإسرار في بعض الأحوال.
هو شعيب بن يوسف النسائي، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، ثبت، عارف بالرجال والعلل، متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن معاوية بن صالح].
هو معاوية بن صالح بن حدير الحمصي، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الله بن أبي قيس].
ثقة أخرج له البخاري في الأدب، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عائشة].
رضي الله تعالى عنها وأرضاها وقد مر ذكرها.
أخبرنا هارون بن محمد بن بكار بن بلال حدثنا محمد يعني: ابن سميع حدثنا زيد يعني: ابن واقد عن كثير بن مرة أن عقبة بن عامر رضي الله عنه حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الذي يجهر بالقرآن كالذي يجهر بالصدقة، والذي يسر بالقرآن كالذي يسر بالصدقة)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: فضل السر على الجهر في صلاة الليل، مع أن كل منهما سائغ وكل منهما جائز وكل منهما جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث السابق، إلا أن الإسرار قد يكون أولى من جهة البعد عن الرياء، وكونه لا يكون هناك مجال للرياء، والنبي عليه الصلاة والسلام قاس ذلك على الصدقة، وأن الذي يجهر بالقرآن كالذي يجهر بالصدقة، والذي يسر بالقرآن كالذي يسر بالصدقة.
ومن المعلوم أن الجهر بالصدقة والإسرار بالصدقة، كل منهما أفضل في بعض الأحيان، فالجهر بالصدقة أفضل فيما إذا كان يقتدى به ويتبع في ذلك كما جاء في قصة الرجل الذي تصدق بصرة وتبعه الناس بالتصدق، فقال عليه الصلاة والسلام على إثره عند ذلك: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها) وجاء عنه ما يدل على فضل الإسرار بالصدقة، وذلك في حديث السبعة الذين (يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وفيهم رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).
والإسرار فيه أيضاً السلامة والبعد عن الرياء، ولكن إذا كان الإنسان ليس عنده أحد وأراد أن يجهر حتى يكون أنشط له في الصلاة، فإن ذلك لا محذور فيه، من جهة أن ليس هناك أحد يسمعه، وقد يدخل في الرياء، أو قد يكون فيه إلحاق ضرر به من حيث أنه يؤذي بقراءته أحداً، فإذا جهر مع كونه لا يسمعه أحد؛ لأنه أنشط له في مواصلة الصلاة وفي الاستمرار في الصلاة، فلا شك أن ذلك حسن، وإذا أسر فإن ذلك أيضاً جاءت به السنة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
والحديث واضح الدلالة على فضل الإسرار بالصلاة يعني: صلاة الليل أي: القراءة، ومن المعلوم كما ذكرت أن فيه البعد عن الرياء، وملاحظة الناس.
هو دمشقي، أخرج له أبو داود، والنسائي.
هو محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع الدمشقي، وهو صدوق يخطئ ويدلس، وحديثه أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
وفي بعض النسخ يزيد وهو خطأ، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن كثير بن مرة].
ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عقبة بن عامر رضي الله عنه].
هو عقبة بن عامر الجهني، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
الجواب: على كل كون الرجل يؤم المرأة جائز ولكنها تصف وراءه ولا تصف بجواره؛ لأن الصف بالجوار هو خاص بالرجال إذا كان واحداً فإنه يكون عن يمينه، وأما إذا كانت امرأة فإنها تصف وراءه، ولا تصف بجواره؛ لأن موقف المرأة وراء الرجل وليس بجواره، ويدل على ذلك ما جاء في الحديث الذي فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى وراءه أنس ومعه غيره وامرأة وراءهم تصلي وراءهم، فدل هذا على أن موقفها أنها تكون وحدها وأنها تصف وحدها، وليست كالرجال الذين لا يجوز لهم أن يصفوا وحدهم إلا للضرورة، بل صلاة الفذ المنفرد خلف الصف لا تصح، هذا إذا كان رجل، وأما إذا كان امرأة وهي وحدها فإنها تصف وحدها، وليس لها أن تصف مع الرجال لا في صفهم ولا بجوار الإمام، ومن المعلوم أن هذا حتى مع المحارم، يعني: المرأة لا تصف بجوار زوجها والأم لا تصف بجوار ابنها، والأخت لا تصف بجوار أخيها وهكذا، فموقف المرأة وراء الرجل إذا كان واحداً، يعني: هو صف وهي صف.
الجواب: النفاس نهايته أربعون، وما زاد على الأربعين فإنه لا يعتبر نفاساً، وعلى المرأة أن تغتسل عند تمام الأربعين، وتعمل الأمور التي تعملها قبل ولادتها، وأما إذا انقطع الدم قبل الأربعين فهي طاهرة، عليها أن تغتسل وتصلي، ويجامعها زوجها، وتعمل الأعمال التي تعملها النساء الطاهرات، لكن إن عاودها الدم في الأربعين فإنها ترجع إليه، ولكن في حال الطهر الذي حصل في أثناء الأربعين، فإنها تغتسل عند الانقطاع وهي في الأربعين، ثم تصلي وتعمل الأعمال التي تفعلها الطاهرات اللاتي لسن حيض ولا نفساء، فنهاية النفاس أربعين، وإذا طهرت المرأة قبل الأربعين فإنها تغتسل وتصلي، وإن عاد عليها الدم في الأربعين عادت إلى الجلوس.
الجواب: لا، هذا ما فيها نفاس، يعني: إذا سقط يعني: حصول السقط يعني لا سيما إذا كان قبل بلوغ نفخ الروح فيه، بكونه سقط قطعاً من لحم أو شيء من الدم، فإن هذا ما يقال له نفاس، هذا لا يقال له نفاس وإنما هذا دم فساد.
الجواب: الحسد لا شك أن أمره خطير، ويكون في النفوس المريضة، والإنسان لا يحسد أحداً على ما أتاه الله، وإنما يسأل الله عز وجل من فضله، والحسد هو: تمني زوال النعمة عن الغير، وتمنى أن النعمة تزول عن من أعطاه الله عز وجل هذه النعمة، وأما كونه يتمنى أن يكون له مثل فلان، ليحسن، وليتصدق فهذا يقال لها غبطة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين) يعني: لا غبطة، يعني: هذا الشيء الذي يغبط به، وأما الحسد المذموم الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، فهو الذي يتمنى زوال النعمة على الغير لحقد في نفسه، ولسوء في نفسه يحسد غيره على ما أعطاه الله عز وجل من النعم.
وطريقة التخلص من ذلك أن الإنسان يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويسأل الله من فضله، ولا يتمنى زوال النعمة عن الغير، ويبعد هذا البلاء عن نفسه، عن طريق ذكر الله عز وجل، وعن طريق كون الإنسان يعلم أن الله عز وجل هو المعطي المانع، وأن الله عز وجل هو الذي يعطي ويمنع، وأن من أعطاه الله مالاً فقد أعطاه إياه، وتفضل عليه فلا يتمنى زواله.
أما الحسد الذي هو: بمعنى الغبطة فهذا لا بأس به، وهو أن يرى إنساناً عنده مال، ويتصدق منه، وينفق ويقول، يعني: يود أن له مثله حتى يفعل مثل ما يفعل هذا لا بأس به.
وأما الرياء، فهو: أنه يعمل الأعمال من أجل رؤية الناس، ومن أجل أن يحمده الناس، وهذا ينافي الإخلاص، ولـابن القيم رحمه الله، كلمة جيدة وفائدة عظيمة ذكرها في كتابه الفوائد، وأنا نقلتها عنه في الفوائد المنتقاة في فتح الباري وكتب أخرى، وهي من أحسن الكلام، وأجمل الكلام، يقول: أنه لا يجتمع في القلب الإخلاص، ومحبة المدح والثناء، إلا كما يجتمع الماء والنار، والضب، والحوت، إنهما لا يجتمعان، يعني: كون الإنسان يخلص ويحب أن يحمده الناس وأن يثنوا عليه وأن يمدحوه، ثم ذكر قال: أن الإنسان إذا ابتلي بشيء من ذلك، فطريق الخلاص منه، أن يعلم أنه ليس هناك أحد ينفع مدحه، وليس هناك أحد يضر ذمه إلا الله عز وجل، فالذي مدحه الله هو الممدوح، والذي ذمه الله هو المذموم، وأما غيره فلا يضر ذمه، ولا ينفع مدحه.
محبة مدح الناس وثناءهم قال: فتقبل إلى الطمع فتذبحه بسكين اليأس، وتقبل إلى مدح الناس وثناؤهم، فتزهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، وهذا هو الذي يجعل الإنسان يزهد في المدح والثناء، ويعلم أنه ليس هناك أحد ينفع مدحه إلا الله، وليس هناك أحد يضر ذمه إلا الله سبحانه وتعالى، فهي فائدة نفيسة جداً موجودة في كتاب الفوائد لـابن القيم، وهي في الفوائد المنتقاة في فتح الباري وكتب أخرى.
الجواب: يبعد هذا عن نفسه، لكن إذا حصل منه العمل، ومدحه الناس عليه، وما كان فعله ليمدح، فهذا هو الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل قال: (ذلك عاجل بشرى المؤمن)، يعني: كون الإنسان يعمل العمل وهو ما يريد أن الناس يمدحونه، ولكنهم أثنوا عليه وذكروه، وقال: (ذلك عاجل بشرى المؤمن).
الجواب: الذكر بعد الصلاة جاءت السنة برفع الصوت به، يعني: بحيث يسمعه الناس ويسمع الناس بعضهم بعضاً، لكن لا على طريقة الصوت الجماعي، بل كل يرفع صوته بالذكر لنفسه، فيتفقون ويختلفون، يعني: ما هم كلهم يقولون بصوت واحد، يعني: هناك واحد يقول لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، وواحد يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كل يذكر من قبله، وليس بصوت واحد؛ لأن هذا لم يؤثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وأما رفع اليدين بالذكر بعد المكتوبة، فهذا من المواضع التي لم تأت بها السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام على كثرة صلاته بالناس الجماعة، ما عهد عنه ولا مرة واحدة أنه رفع يديه، فدل هذا على أن اليدين لا ترفعان في هذا الموطن؛ لأنه على كثرة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بالناس في جماعة ما أحد منهم روى عنه أنه رفع يديه في يوم من الأيام، فدل هذا على أن السنة هي عدم رفع اليدين في الذكر أو في الدعاء بعد الصلاة.
وأما قضية مسح الوجه باليدين بعد رفعهما بالدعاء، فلم تثبت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإنما ورد فيه أحاديث ضعيفة لا تثبت، فالإنسان إذا رفع يديه حيث يسوغ له أن يرفعهما فإنه ينزلهما دون مسح الوجه بهما.
الجواب: في حق الرسول صلى الله عليه وسلم ورد ما يدل عليه: (ما من مسلم يسلم عليّ إلا رد الله عليّ روحي حتى أرد عليه السلام) وأما بالنسبة لغيره فالله تعالى أعلم.
الجواب: أولاً: الدروس يعني: التي يرغب فيها كثيرة، يعني: فيه من يرغب في العقيدة وفيه من يرغب في الفقه، وفيه من يرغب في الأصول، وفيه من يرغب بكذا، ومن المعلوم أن الأيام التي ندرسها هي هذه الأيام الستة وخمسة منها للحديث وواحد منها للمصطلح، ومن المعلوم أن الإتيان بمثل دروس أخرى، طبعاً يحصل معها التأخر الطويل في الكتب الطويلة مثل هذه التي هي كتب الحديث فالاستمرار على ما نحن فيه، فيه الخير إن شاء الله، وبالنسبة للعقيدة عندما تمر الأحاديث نتعرض للذي تدل عليه أو تشتمل عليه مما يتعلق بالعقيدة، وكذلك بعد الدروس عندما ينتهي الدرس وتأتي الأسئلة يمكن على الإنسان أن يسأل في العقيدة وتحصل الفائدة دون أن يكون هناك تأثير على أن نمشي كثيراً في كتب الحديث التي هي كثيرة وطويلة.
الجواب: يعني: النجوم أظن النجوم تظهر في الأفق دائماً وأبداً فهي موجودة، فليست دليل على وجود المطر، والله عز وجل قدر أن المطر يكون في أوقات، وقد مر بنا الحديث الذي فيه أنه إذا أضاف المطر إلى الكواكب، وأنها مؤثرة، وأن المطر بتأثير الكواكب، فهذا كفر، وهو مخرج من الملة، وأما إذا قال: مطرنا بنوء كذا، يعني في النوء الفلاني وفي الوقت الفلاني فهذا كفر دون كفر، وكان الأولى بالإنسان أن يضيف ذلك إلى فضل الله ورحمته ويقول: مطرنا بفضل الله ورحمته في الوقت الفلاني، يعني: إذا أراد أن يقول في الوقت الفلاني، يعني: يأتي بفضل الله ورحمته، مطرنا بفضل الله ورحمته في الزمن الفلاني، أما إذا أضاف المطر إلى الكواكب وإلى تأثير الكواكب وأن هذا من فعل الكواكب فهذا شرك في الربوبية.
الجواب: نعم تصح إمامة المرأة للنساء، المرأة تؤم النساء لا بأس.
الجواب: الاستنجاء والاستجمار يكون بهما التنزه عند قضاء الحاجة، فإذا استجمر بالحجارة، ولم يتعد الخارج موضع العادة فإنه يحصل بذلك الإنقاء، وإن تجاوز محل العادة فلا بد من الاستنجاء بالماء، وإذا استعمل الماء ولم يستعمل الحجارة، يعني أتى بالشيء الذي به التمام والكمال، لكن الاستجمار إذا وجد حيث لا يوجد الماء ولم يتجاوز الخارج موضع العادة فإنه يكفي.
الجواب: ابن إسحاق ليس فيه إلا التدليس، فإذا صرح بالسماع فإن حديثه معتمد، وإن صار مدلساً أي: حديثه مدلساً ولم يأت ما يدل على التصريح بالسماع، فإنه يكون فيه التوقف الذي يكون في غيره.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر