أخبرنا هارون بن إسحاق عن عبدة عن سعيد عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام أن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكه وطهوره، فيبعثه الله عز وجل لما شاء أن يبعثه من الليل، فيستاك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات، لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، ويحمد الله ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم، ويدعو بينهن ولا يسلم تسليماً، ثم يصلي التاسعة ويقعد، وذكر كلمة نحوها، ويحمد الله ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم ويدعو، ثم يسلم تسليماً يسمعنا، ثم يصلي ركعتين وهو قاعد].
يقول النسائي رحمه الله: كيف الوتر بتسع ركعات، أورد فيه حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يوتر بتسع لا يجلس إلا بعد الثامنة، فيذكر الله عز وجل، ويصلي على النبي عليه الصلاة والسلام، ويدعو، ثم يقوم دون أن يسلم، ثم يأتي بالتاسعة، ويجلس بعدها (يتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو، ثم يسلم تسليماً يسمعهم، ثم يصلي ركعتين وهو جالس) بعد ذلك، فهذا وتره بتسع، ثمان ركعات متصلة، ويجلس بعدها، ولا يسلم في ذلك الجلوس، وإنما ينهض دون سلام، ثم يأتي بالتاسعة، ثم يجلس ويتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو، ثم يسلم، فهذه تسع ركعات أوتر بها صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك صلى ركعتين وهو جالس.
والحديث سبق أن مر، وفي أوله تقول عائشة: (أنهم كانوا يعدون له سواكه وطهوره)، أي: الماء الذي يتطهر به، والسواك الذي يستاك به عندما يقوم من النوم، تقول: (فيبعثه الله عز وجل ما شاء أن يبعثه)، أي: يوقظه في الوقت الذي شاء أن يوقظه فيه، وعبرت بالبعث؛ لأن النوم هو أخو الموت، ولهذا جاء في القرآن: اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا [الزمر:42]، يعني: يتوفاها في منامها، ثم ما شاء الله عز وجل أنه تقبض بتلك المفارقة قبضت، وما شاء الله عز وجل أنها تعود، وبقي في العمر بقية، فإن الروح تعود، فعبرت بالبعث لأنه شبيه بالبعث بعد الموت؛ لأن هذا موت أصغر، و(النوم أخو الموت) كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلهذا قالت: (فيبعثه الله ما شاء الله أن يبعثه من الليل)، أي: الوقت الذي يشاء الله عز وجل أن يستيقظ فيه، يستيقظ، ويبعثه الله عز وجل من نومه صلى الله عليه وسلم.
فالحديث دال على الوتر بتسع، والنبي عليه الصلاة والسلام جاء عنه أنه أوتر بتسع، وجاء أنه أوتر بإحدى عشرة، وجاء أنه أوتر بثلاثة عشر، وجاء أنه أوتر بسبع، وجاء أنه أوتر بخمس، لكن المعروف عنه أنه صلى الله عليه وسلم ما نقص عن سبع، يصليها من الليل، وما جاء عنه الزيادة عن ثلاثة عشر، فيكون ما جاء من ذكر الخمس، أي: أن قبلها شيء، ولكنها خمس متصلة مسبوقة بشيء من الصلاة.
صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عبدة].
هو عبدة بن سليمان البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد].
هو سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو ابن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زرارة بن أوفى].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي ذكر أنه مات فجأة في الصلاة، وكان يصلي بالناس الفجر وهو إمامهم، فقرأ المدثر، ولما جاء عند: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ [المدثر:8-9]، شهق فوقع مغشياً عليه فمات، وقد ذكر ذلك الحافظ ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية من سورة المدثر.
[عن سعد بن هشام].
هو سعد بن هشام بن عامر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن عائشة].
هي عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق التي أنزل الله عز وجل براءتها مما رميت فيه من الإفك في آيات تتلى من سورة النور، ومن قذفها بالإفك وقد جاء القرآن ببراءتها، فهو مكذب بالقرآن، فيكون كافراً بالله عز وجل، وهي واحدة من سبعة أشخاص من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفوا بكثرة الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، ستة رجال هم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وامرأة واحدة هي: أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
ثم أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، هي مثل التي قبلها من جهة أنهم كانوا يعدون له سواكه وطهوره، فيقوم ويستاك ويتوضأ، فيصلي ثمانياً لا يجلس إلا في آخرها، فيتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو، وينهض دون أن يسلم، ثم يأتي بالتاسعة، فيجلس بعدها يتشهد، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، (ويدعو ثم يسلم تسليماً يسمعهم، ثم يصلي بعد ذلك ركعتين وهو جالس) ثم إنه في آخر أمره عليه الصلاة والسلام كان يصلي ستاً، ثم يجلس بعد السادسة، فيأتي إلى السابعة ويصلي ويجلس بعدها، ثم يتشهد ويسلم ويصلي بعد ذلك ركعتين، وكان عليه الصلاة والسلام إذا عمل عملاً أحب أن يداوم عليه.
وفي أوله أن ابن عباس لما سأله سعد بن هشام بن عامر عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، عائشة) فذهب إليها وسألها وأجابته بهذا الجواب، وفي صنيع ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، بيان ما كان عليه الصحابة الكرام من الدلالة على من عنده علم، ومن عنده معرفة بالشيء المسئول عنه، فدل هذا الرجل على عائشة، ومهد لذلك بقوله: ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ أم المؤمنين عائشة، فذهب إليها وسألها، وأجابته بهذا الجواب الذي هو كونه يوتر بتسع، ثمان متصلة، ويجلس بعدها ويتشهد، ويدعو ثم يقوم للتاسعة، ويجلس بعدها ويتشهد ويدعو، ثم يسلم تسيلماً، ثم يصلي ركعتين، فتلك إحدى عشرة ركعة، ولما كبر عليه الصلاة والسلام، ولما أسن عليه الصلاة والسلام صلى ستاً يجلس بعد السادسة ويتشهد ويدعو، ثم يأتي بالسابعة ويتشهد بعدها ويدعو ويسلم تسليماً يسمعهم، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فتلك تسع، أي: السبع مع الاثنتين اللتين صلاهما صلى الله عليه وسلم وهو جالس.
ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا إسحاق].
هو ابن إبراهيم بن راهويه بن مخلد الحنظلي المشهور بابن راهويه، وهو ثقة، ثبت، فقيه، مجتهد، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
وهذا الإسناد مما رواه النسائي عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي بواسطة، وكثيراً ما يروي عنه مباشرة وبدون واسطة، أكثر الروايات التي مرت بنا عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يرويها النسائي عنه مباشرة، وأحياناً يروي عنه بواسطة كما هنا، فإنه روى عنه بواسطة زكريا بن يحيى، وزكريا بن يحيى متأخر، وهو من أقران النسائي.
[حدثنا عبد الرزاق].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني، وهو ثقة، حافظ، مصنف، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا معمر].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري، نزيل اليمن، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة].
وقد مر ذكر الأربعة.
[أن ابن عباس].
هو ليس من رجال الإسناد، وإنما هو الذي دل، والذي ذهب، وسألها هو: سعد بن هشام روى عنها مباشرة، وقد سبق أن مر في الحديث نفسه: أن ابن عباس قال: إذا أخبرتك فارجع إلي وأخبرني، فرجع إليه وأخبره، فالإسناد مكون من ثمانية، وابن عباس ليس من رجال الإسناد؛ لأنه هنا دال ومرشد إلى من عنده علم عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.
وهو من الأسانيد النازلة عند النسائي، وأنزل منه التساعيات والعشاري؛ لأنه سبق أن مر بنا حديث في فضل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وكان بين النسائي فيه وبين رسول الله عليه الصالة والسلام عشرة أشخاص، وقال: لا أعلم إسناداً أطول من هذا، أو هذا أطول إسناد، فأنزل ما عند النسائي ذلك الإسناد العشاري، وأما التساعي فهو كثير، وكذلك الثماني.
أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى وهي مختصرة، وفيها أنه كان يصلي تسعاً، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، ولما أسن كان يصلي سبعاً، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فهو مثل الذي قبله إلا أنه مختصر، وهو مطابق للترجمة من حيث الإيتار بتسع.
قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن قتادة].
وقد مر ذكرهم في الإسناد السابق.
[عن الحسن].
هو الحسن بن أبي الحسن البصري، ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني سعد بن هشام عن عائشة رضي الله تعالى عنها].
وقد مر ذكرهما.
وهذا الحديث ثماني، يعني: فيه ثمانية أشخاص بين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم: زكريا بن يحيى عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة.
ثم أورد حديث عائشة رضي الله عنها من طريق مختصرة أخصر من التي قبلها، الذي فيه الاختصار على أنه يوتر بتسع ويصلي ركعتين وهو جالس، وقد جاء تفصيل الإيتار بتسع بالروايات السابقة أنه يجلس بعد الثامنة، ويتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو، ثم ينهض دون أن يسلم، ثم يأتي بالتاسعة، ثم يجلس ويتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو، ثم يسلم تسليماً يسمعهم إياه، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فيكون المجموع إحدى عشرة ركعة.
هو محمد بن بشار البصري، الملقب بـندار، وهو ثقة، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا حجاج].
هو ابن المنهال البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد].
هو حماد بن سلمة بن دينار، وهو ثقة، عابد، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن قتادة].
وقد مر ذكره.
[عن الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة].
وقد مر ذكرهم.
ثم أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى مختصرة، فيها أنه كان يوتر بتسع، يصلي ثمان ثم يوتر بالتاسعة، يعني: يوتر بهذا العدد الذي مضى، فتكون وتراً بعد أن كانت شفعاً، وهي الثمان، بإضافة التاسعة إليها صارت وتراً، ويصلي ركعتين وهو جالس.
وقال: مختصر، أي: هذا حديث عائشة، فذكرت هذه القطعة منه باختصار، وإلا فإنه مطول، وقد سبق أن مر بنا بطوله، وأورده مفرقاً مقطعاً مختصراً، وهذه من المواضع التي روي فيها مختصراً، أو رواه فيها مختصراً.
صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبو سعيد يعني: مولى بني هاشم].
هو عبد الرحمن بن عبد الله أبو سعيد مولى بني هاشم، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في فضائل الأنصار، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا حصين بن نافع].
لا بأس به، أخرج حديثه النسائي وحده، وكلمة: (لا بأس به) أو (ليس به بأس) هي: بمعنى صدوق، إلا عند يحيى بن معين فإنها بمعنى: ثقة، لأن هذا اصطلاح خاص به، وغيره يريد بالصدوق الذي دون الثقة، الذي خف ضبطه، وحديثه من قبيل الحسن، وأما يحيى بن معين، فهو يطلق (لا بأس به) على الثقة، ولهذا يقولون: لا بأس به عند يحيى بن معين توثيق.
[حدثنا الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة].
وقد مر ذكرهم.
ثم أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها مختصر، وأنه كان يصلي من الليل تسع ركعات، فحديث عائشة هذا جاء بصيغة مختصرة جداً.
قوله: [أخبرنا هناد بن السري].
هو أبو السري الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم وأصحاب السنن الأربعة، وهو من المعمرين، توفي سنة 238هـ وعمره إحدى وتسعون سنة، ولهذا أدرك المتقدمين، فهو في الطبقة العاشرة، ويروي عن أبي الأحوص، وهو في الطبقة السابعة، وتوفي سنة 179هـ، فهو مثل قتيبة يروي عن أبي الأحوص، وعن مالك، وعن هؤلاء المتقدمين، فيكون هو في العاشرة ويروي عمن في السابعة؛ لأنه معمر، عمره واحد وتسعين سنة.
[عن أبي الأحوص].
هو سلام بن سليم الحنفي الكوفي، وهو ثقة، متقن، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو الأحوص.
[عن الأعمش].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهذا لقب اشتهر به سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ومعرفة ألقاب المحدثين نوع من أنواع علوم الحديث، فائدة معرفتها ألا يظن الشخص الواحد شخصين فيما إذا ذكر باسمه مرة، وذكر بلقبه مرة أخرى، فإن من لا يعرف يظن أن الأعمش شخص، وأن سليمان شخص آخر، ومن يعرف أن الأعمش لقب لـسليمان لا يلتبس عليه الأمر.
[أراه عن إبراهيم].
أراه يعني: أظنه أنه قال: عن إبراهيم والشك هنا هو من الأعمش أو من دونه، لكنه لا يؤثر على صحة الحديث؛ لأنه جاء من طرق كثيرة، وإبراهيم هو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، فقيه، إمام مشهور، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي اشتهر عنه الكلمة المشهورة التي يقول فيها: (ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه)، هذه الكلمة قال ابن القيم في زاد المعاد: إن أول من عبر بهذه العبارة إبراهيم النخعي، وعنه تلاقها الفقهاء من بعده، يقصد بذلك: مثل الجراد، والذباب، والحيوانات التي ما فيها دم، إذا ماتت في الماء فإنها لا تنجسه، وقد ذكروا ذلك عند حديث الذباب، لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ثم ليستعمله)، يعني: يغمسه وينزعه، قالوا: إنه قد يكون الماء حاراً هذا الذي وقع فيه الذباب، فكونه أمر بغمسه يترتب على ذلك موت الذباب، يترتب على ذلك موته، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى استعماله، مع أنه غمس فيه، ومن لازم غمسه والماء حار أن يموت، فقال إبراهيم النخعي: (ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه)، استدلالً بهذا الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن الأسود].
هو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة مكثر مخضرم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
وقد مر ذكرها.
أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن حدثنا مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، ويوتر منها بواحدة، ثم يضطجع على شقه الأيمن)].
ثم أورد النسائي كيف الوتر بإحدى عشرة ركعة، وقد أورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، يعني: أن هذه الركعة الواحدة الأخيرة، يكون العدد بها وتراً بعد أن كان عشراً وهو شفع، أضيف إليه ركعة فصار ذلك العدد وتراً، يوتر منها بواحدة، ويمكن أن يكون المقصود بالوتر هو الركعة الأخيرة وحدها، أو أنه يطلق على العدد كله الذي قبلها وتر؛ لأنه إحدى عشر، وإحدى عشر وتر؛ ليس شفعاً.
ثم قالت: [(ثم يضطجع على شقه الأيمن)]، وقد قال الشيخ الألباني: إن هذه الرواية شاذة التي فيها قضية الاضطجاع، قال: إن هذا المحفوظ أنه بعد ركعتي الفجر، كان يضطجع، لكن إذا كان المقصود بالاضطجاع على شقه الأيمن: كونه ينام بعد ما يوتر، فقد جاء في بعض الأحاديث: أنه ينام، وقد جاء في حديث عائشة نفسها: إن كان له حاجة بأهله ألم بها ثم نام، وإذا أذن للفجر وثب واغتسل إن كان عليه جنابة، وإلا توضأ وخرج وصلى.
فإذا كان المراد بالاضطجاع هذا النوم، فلا يكون شاذاً، بل يكون محفوظاً، ويكون المقصود من ذلك غير النوم الذي بعد ركعتي الفجر؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث: أنه كان ينام بعد الوتر، وقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إن أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه)، وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي من آخر الليل ثم ينام، فإذا كان المقصود بهذا الاضطجاع على اليمين هذا النوم، فتكون الرواية ما فيها شذوذ.
هو إسحاق بن منصور بن بهرام المروزي، الملقب الكوسج، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، ثقة، ثبت، عارف، بالرجال، والعلل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، ينتهي نسبه إلى جده زهرة بن كلاب، ولهذا يقال له: الزهري، ومشهور بالنسبة إليه، ومشهور أيضاً بالنسبة إلى جد جده شهاب، ومحمد بن مسلم الزهري، ثقة، فقيه، وإمام مشهور، مكثر من رواية الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من صغار التابعين الذين لقوا صغار الصحابة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة].
هو عروة بن الزبير بن العوام المدني، ثقة، فقيه، أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين، وهو أحد السبعة باتفاق؛ لأن السبعة ستة منهم متفق عليهم، والسابع فيه أقوال ثلاثة، فإما الستة هم: عروة بن الزبير هذا، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسعيد بن المسيب، والسابع قيل فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، الحاصل أن عروة بن الزبير بن العوام أحد هؤلاء الستة المتفق على عدهم في الفقهاء السبعة.
[عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها].
وقد مر ذكرها.
أخبرنا أحمد بن حرب حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث عشرة ركعة، فلما كبر وضعف أوتر بتسع)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: كيف الوتر بثلاثة عشر ركعة؟، أورد فيه حديث أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث عشرة ركعة، فلما أسن أوتر بتسع، وهذا العدد الذي هو ثلاثة عشر هو أكثر ما روي عنه عليه الصلاة والسلام، والمشهور عنه والذي قالت فيه عائشة رضي الله عنها: (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة)، يحمل على أن هذا هو الغالب من فعله الذي هو إحدى عشر، وأنه أحياناً يصلي ثلاثة عشر، وهي أعلى شيء فعله، وأحياناً يصلي تسعا، وأحياناً يصلي سبعا، والسبع هي أقل شيء فعله صلى الله عليه وسلم.
هو أحمد بن حرب الموصلي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبو معاوية].
أبو معاوية، هو: محمد بن خازم الضرير الكوفي، ثقة، أحفظ الناس في حديث الأعمش، وهو مشهور بكنيته أبو معاوية، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش].
وقد مر ذكره.
[عن عمرو بن مرة].
هو عمرو بن مرة الهمداني الكوفي، وهو ثقة، عابد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن الجزار].
هو يحيى بن الجزار الكوفي، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أم سلمة].
هي هند بنت أبي أمية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.
الجواب: نعم يجوز، يعني: اللهم ارحم محمداً، اللهم اغفر لمحمد، لكن الذي ينبغي أن يقال: اللهم صل على محمد.
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد الوتر، قيل: ليبين أن ذلك جائزاً، وأن كون الإنسان الذي يصلي بعد الوتر، فأنه جائز، مثلما لو أن إنساناً من عادته أنه يصلي وتره قبل أن ينام، ولكنه استيقظ، فماذا يصنع؟ هل يجلس بدون صلاة أو يصلي ويوتر؟ لا يجلس بدون صلاة، بل يصلي ما شاء، ولكنه لا يوتر مرة أخرى، ففعله هذا يدل على الجواز، وكان من هديه أنه إذا فعل شيئاً داوم عليه، فكان يصلي هاتين الركعتين بعد الوتر.
الجواب: إي نعم، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ليلني منكم أولي الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، لكن إذا كان رجوعه سيترتب عليه مفسدة، ويترتب عليه مضرة، يعني من جهة كونه مثلاً لا يتصل بأبيه، أو لا يكون تحت إشراف أبيه، أو أنه يحصل لعب أو ما إلى ذلك، ما فيه بأس، السنة هي أن صفوف الصبيان تكون في الآخر، ما تكون في الأول، لكن لو صلى في الصفوف المتأخرة، أو الصفوف المتقدمة، لا بأس به، وقد مر بنا حديث أبي بن كعب في قصة الصبي الذي كان في الصف الأول، فجاء وجذبه وصلى مكانه، فقال ذلك الرجل: إنني ما عقلت صلاتي، يعني: صار مشغولاً ومشوشاً في صلاته، ولما فرغ قال له أبي رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا وكذا.
الجواب: المدلس إذا كان في غير الصحيحين يحتاج إلى أن يصرح بالسماع، أو يكون الراوي عنه ممن هو معروف بأن لا يأخذ عن الثقات المدلسين إلا ما أؤمن تدليسهم فيه، لكن الحديث إذا كان جاء من طرق متعددة، فإن ذلك التدليس لا يؤثر؛ لأنه وجد شيء يدل على ثبوت هذا الذي روي، لو كان ما جاء إلا من هذا الطريق، هذا هو الذي يحتاج إلى الثبوت، لكن الحديث جاء من طرق متعددة عن غير هؤلاء المدلسين، فالحديث يعتبر ثابت عن طريقهم أو من غير طريقهم.
الجواب: الحمادين والسفيانين هما في طبقة واحدة، ويمكن أن يعرف ذلك بالشيوخ والتلاميذ، وقد ذكر في بعض التراجم أن فلاناً مثلاً لا يروي إلا عن فلان، وفي بعضها يوجد مثلاً في تهذيب الكمال كونه يذكر أحد الحمادين الذي روى عن الشخص الفلاني مثلاً أو أحد السفيانين، لكن من الطرق التي يعرف بها معرفة التلاميذ والشيوخ، وقد ذكر في آخر ترجمة حماد بن سلمة؛ لأن حماد بن زيد، وحماد بن سلمة متجاوران؛ لأن الزاي بعدها السين، فترجمة حماد بن سلمة بعد ترجمة حماد بن زيد في كتب الرجال، فبعد ترجمة حماد بن سلمة ذكر المزي في تهذيب الكمال فصلاً ذكر فيه الذين إذا جاء يروي عن حماد، فالمراد به حماد بن زيد، أو فلان، فالمراد به حماد بن سلمة، يعني: ذكر جملة من الأشخاص ممن يروي عن حماد بن زيد فقط، وممن يروي عن حماد بن سلمة فقط.
الجواب: هذا من النقص والتقصير، وهذا قصور وتقصير، العلماء في علم المصطلح عندما يأتون لكتابة الحديث، يذكرون الوصايا التي يوصى بها في كتابة الحديث، يقولون: إذا مر ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فليصل ويسلم عليه كتابة، ويحذر أن تكون كتابته الصلاة مقصورة معنى أو صورة، مقصورة معنى بأن يذكر الصلاة دون السلام، أو السلام دون الصلاة، فيقول: صلى الله عليه، ولا يقول: وسلم، أو يقول: عليه السلام، ولا يقول: عليه الصلاة والسلام، فهذه منقوصة معنى؛ لأنه ما أتي بها كاملة، أتي بالصلاة دون التسليم، أو بالتسليم دون الصلاة، وإنما يجمع بين الصلاة والسلام عليه، عليه الصلاة والسلام فيقول: صلى الله عليه وسلم، أو عليه الصلاة والسلام، أما الصورة فهي أن يرمز لها بـ(ص) أو بـ(صلعم)، يعني بـ(ص) أو بحروف مجمعة تشير إلى الكلمات التي هي: صلى الله عليه وسلم، مثل (صلعم)، قالوا: فيجتنب الرمز لها بالحروف، ويكتبها كاملة صلى الله عليه وسلم، أو عليه الصلاة والسلام، وقد ذكر ذلك ابن الصلاح، وذكر ذلك أيضاً الفيروزآبادي في كتابه: الصلاة والبشر في الصلاة على خير البشر، فإنه قال: ولا يرمز لها بـ(صلعم) كما يفعله بعض الكسالى وعوام الطلبة؛ لأن هذا يدل على الكسل والخمول وعدم النشاط في الكتابة.
الجواب: صالون الحلاقة إذا كان سيحلق على الطريقة الشرعية، يحلق الرءوس ويقص الشوارب، ولا يحلق اللحى، فهذا طيب، أما إذا كان لحلق اللحى، فهذا حرام، لا يجوز للحلاق أن يحلق اللحى، ولا يجوز لصاحب الدكان أن يؤجره على من يحلق اللحى؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر