أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الحسن مولى أم قيس بنت محصن عن أم قيس رضي الله تعالى عنها قالت: (توفي ابني فجزعت عليه، فقلت للذي يغسله: لا تغسل ابني بالماء البارد فتقتله، فانطلق
يقول النسائي رحمه الله في هذه الترجمة: غسل الميت بالحميم.
الحميم: يطلق على الماء الحار، وعلى الماء البارد، فهو من الأضداد كما في القاموس؛ لأن من الكلمات في اللغة العربية ما يأتي للضدين المتقابلين، كما هنا الحميم يأتي للماء الحار، وللماء البارد، وهما ضدان، ومثل: القرؤ، يطلق على الطهر، وعلى الحيض، فهما ضدان، ومثل: عسعس، يطلق على أقبل وأدبر، وهما ضدان، ففي اللغة العربية كلمات كثيرة تطلق على الضدين، وهي تأتي لهذا ولهذا، وقد أورد النسائي حديثاً عن أم قيس بنت محصن الأسدية أخت عكاشة بن محصن الصحابي المشهور الذي جاء في حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب وفيه قال: (سبقك بها
وهنا ذكر الماء البارد، قالت لمغسل ابنها: لا تغسله بالماء البارد فتقتله، فالترجمة بالحميم، وقد عرفنا أن وجه ذلك لكون كلمة الحميم تأتي للحار وللبارد، ولكن الذي ورد استعمال كلمة الحميم فيه هو للماء الحار، وقد جاء في القرآن ذكرها بالماء الحار كثيراً، وفي الشيء الحار، وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ [محمد:15] أي: مزقها من شدة حرارته، ولكنه كما ذكرت أهل اللغة يقولون: أنه من الأضداد، وقد ذكر ذلك صاحب القاموس، وعلى هذا يتفق إطلاق الحميم وجه مناسبة ذكر الحديث مع الترجمة، أن الحميم يطلق على الماء البارد، وعلى الماء الحار، وهنا ذكر الماء البارد.
ثم قولها: لا تغسله بالماء البارد فتقتله معلوم أنه قد مات، وروحه قد خرجت وهو يغسل، ومن المعلوم أن الإنسان الميت يغسل بالماء الذي يحصل به تنظيفه، لكن لا يكون حاراً حرارة شديدة ولا بارداً برودة شديدة؛ لأنه إذا كان كذلك لا يتيسر تغسيله على الوجه الأكمل لما يجده من يفعل ذلك من شدة الحرارة أو البرودة، وأما بالنسبة للميت فإنه بالنسبة للماء الحار يمكن أنه إذا كان شديداً، وأنه يغلي فقد يقطع جلده، ويمزق جلده، وبالنسبة للماء البارد ما يحصل منه مثل ما يحصل للماء الحار، ومن المعلوم أنه في هذا الوقت، وفي هذا الزمان عندما يموت الشخص وحتى لا ينتن؛ ومن أجل أن يتعرف عليه، يجعل في ثلاجة، فيبرد ويجمد، ويصير قطعة من الثلج، يعني: بارداً، فعند الغسل يراعى الماء الذي لا يكون حاراً، ولا يكون بارداً؛ لأن ذلك يؤثر، يعني: لا يحصل استعماله كما ينبغي ويؤثر على الغاسل الذي يغسله؛ لأنه لا يستطيع أن يغسله بالماء الحار، كما أنه لا يستطيع أن يغسله بالماء البارد البرودة الشديدة.
قوله: (فتبسم)، يعني: تبسم من قولها تعجباً وقال: (ما قالت؟) يعني: ما هذا الذي قالت، ثم قال: (طال عمرها) وهو دعاء لها بطول العمر، ثم قال: (إنهم ما رأوا امرأة عمرت ما عمرت)، أي: أنه استجيب دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لها وأنها عمرت، والحديث ضعيف؛ لأن فيه رجلاً ذكر الحافظ ابن حجر أنه مقبول، وهو الذي يعتبر حديثه عند المتابعة حيث يتابع، وهو هنا ليس له متابع فالإسناد ضعيف، ولكن كما قلت: من حيث الغسل يغسل بالماء الذي ليست حرارته شديدة، ولا برودته شديدة بحيث يتمكن الغاسل من غسله بدون مشقة، وبدون تباعد بيديه عنه من أجل الحرارة، أو من أجل شدة البرودة، وأما الدعاء بطول العمر فهو سائغ، ولا مانع منه، ولا ينافي القدر؛ لأن كل شيء بقضاء الله وقدره، ومن المعلوم أن الدعاء مشروع في أمور كثيرة، وذلك الذي يدعى به مقدر؛ لأن كل شيء بقضاء وقدر، فالدعاء بطول العمر لا بأس به ولا مانع منه، ولا ينافي القدر، بل الله عز وجل قدر أن هذا يكون عمره طويلاً، وقدر أن هذا يكون عمره قصيراً، وقدر أن هذا له هذا الأجل، وهذا له هذا الأجل، ولا يعني ذلك: أن الدعاء بطول العمر أنه يغير العمر، بل الله عز وجل قدر العمر، وقدر أنه يدعى إذا كان الله عز وجل جعل ذلك هو السبب في طوله، يعني: في الدعاء، وقد جاء عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن صلة الرحم تزيد في العمر، ولكن ليس معنى ذلك: أن الذي قدره الله وقضاه من العمر يغير ويبدل ويزاد، فالأعمار لا تزاد ولا تنقص، فهي كما قال الله عز وجل: فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:34] ليس فيه تقدم، ولا تأخر عن الأجل المحتوم، ولكن الدعاء بطول العمر لا ينافي القضاء والقدر، فالله عز وجل قدر الأعمار، وقدر الآجال، وجعل لكل شيء سبباً، وقد يكون من الأسباب صلة الرحم كما جاء في الحديث، والله تعالى قدر أن هذا يطول عمره وقدر أن من أسباب ذلك أنه يصل رحمه، وليس معنى ذلك أنه قدر له أجل ثم غير الأجل؛ لأنه وصل رحمه، وإنما قدر أنه يصل رحمه، وقدر بأنه يطول عمره فكل منهما مقدر، وما جاء في حديث أم حبيبة رضي الله عنها، لما دعت الدعاء: (اللهم متعني بزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وبـ
هو ابن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه محدث أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يزيد بن أبي حبيب].
هو يزيد بن أبي حبيب المصري، وهو ثقة، فقيه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الحسن مولى أم قيس بنت محصن].
هو مولى أم قيس الأنصارية، وهو مقبول، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي.
[عن أم قيس].
هي أم قيس بنت محصن الأسدية أخت عكاشة بن محصن الأسدي وهي: صحابية، أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا يوسف بن سعيد حدثنا حجاج عن ابن جريج قال أيوب: سمعت حفصة تقول: حدثتنا أم عطية رضي الله تعالى عنها: (أنهن جعلن رأس ابنة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة قرون، قلت: نقضنه وجعلنه ثلاثة قرون قالت: نعم)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: ذكر نقض رأس الميت يعني عند تغسيله، يعني: إذا كان قد ظفر، فإنه ينقض ويغسل، ثم يجعل هذه الثلاثة الضفائر التي جاءت في الحديث، والعمدة في هذا أو في تغسيل الميت هو حديث أم عطية رضي الله تعالى عنها وأرضاها، والحديث أورده النسائي من طرق متعددة وبأبواب مختلفة للاستدلال به على أمور متعددة تتعلق بغسل الميت، وأخبرت أم عطية بأنهن لما غسلن ابنة رسول الله عليه الصلاة والسلام بأمره، فكان مما فعلنه أن جعلن رأسها ثلاثة قرون يعني: ظفائر فسألها،
وقوله: [(نقضنه وجعلنه ثلاثة قرون، قالت: نعم)]، معناه: أن هذه القرون التي جعلت كانت نتيجة لنقضه ولغسله، ثم جعل هذه القرون، فمعناه أن الميت إذا كان له ظفائز مشدودة في حال حياته ثم مات، فإنه عند تغسيله تنقض هذه الضفائر وتغسل ويغسل رأسه جميعاً، ثم يجعل ثلاث ضفائر أو ثلاثة قرون كما جاء في الحديث، فهو دال على ما ترجم له؛ لأنه لما ذكرت القرون، وأنهن جعلنه ثلاثة قرون سئلت: هل حصل النقض ثم جعله ثلاثة قرون، قالت: نعم، فدل على نقض رأس الميت إذا كان مشدوداً عندما يراد تغسيله، ثم يجعل ثلاثة قرون، كما جاء ذلك في حديث أم عطية.
هو يوسف بن سعيد المصيصي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي.
[حدثنا حجاج].
هو حجاج بن محمد المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[قال أيوب].
هو ابن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[سمعت حفصة].
هي حفصة بنت سيرين تابعية أنصارية، وهي ثقة أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة، وهي أخت محمد بن سيرين.
[حدثتنا أم عطية].
هي نسيبة بنت كعب الأنصارية، وهي صحابية، أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة، وهي مشهورة بكنيتها أم عطية.
أخبرنا عمرو بن منصور حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا إسماعيل عن خالد عن حفصة عن أم عطية رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في غسل ابنته: (ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها)].
ثم ذكر ميامن الميت ومواضع الوضوء منه، يعني: أنه يبدأ بها، ومعناه: أنه يبدأ بأعضاء الوضوء فيوضأ ثم عندما يغسل سائر جسده يبدأ بميامنه بحيث تغسل ميامنه قبل مياسره، وقد أورد النسائي حديث أم عطية، وفيه أن النبي عليه الصلاة والسلام لما أمرهن بغسل ابنته قال: (ابدأن بميامنها، ومواضع الوضوء منها).
هو عمرو بن منصور النسائي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل].
هو الإمام، المحدث، الفقيه، المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وهو: أبو عبد الله، وقد روى عن الشافعي وكنيته أبو عبد الله، والشافعي روى عن مالك وكنيته عبد الله فهؤلاء الثلاثة الأئمة مالك، والشافعي، وأحمد كل منهم كنيته أبو عبد الله، والمتأخر منهم تلميذ للمتقدم فإن الإمام أحمد يروي عن الشافعي، والشافعي يروي عن الإمام مالك، قد جاء في بعض الأحاديث هذه السلسلة التي هي الإمام أحمد يروي عن الشافعي، والشافعي يروي عن مالك، وهذا في حديث: (إن نسمة المؤمن كطائر يعلق في الجنة) في مسند الإمام أحمد رواه الإمام أحمد عن الشافعي والشافعي رواه عن مالك، وقد ذكره ابن كثير في تفسيره عند قوله: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169] في سورة آل عمران، وقال: إن هذا إسناد عزيز، اجتمع فيه ثلاثة من الأئمة أصحاب المذاهب المشهورة المتبوعة من مذاهب أهل السنة. والإمام أحمد رحمه الله، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن إسماعيل].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي المشهور بـابن علية، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن خالد].
هو خالد بن مهران المشهور بـالحذاء، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، ويقال له الحذاء قيل: لأنه كان يجالس الحذائين، وليس حذاءً، فهو لا يبيع الأحذية، ولا يصنعها، وإنما كان يجالس الحذائين، وقيل: إنه كان يقول: احذوا على كذا، يعني: أعمل نعلاً على هذا القياس، وعلى هذا الشكل، فقيل له الحذاء؛ لهذا، وهي من النسب التي يقال عنها إلى غير ما يسبق إلى الذهن؛ لأن الذي يسبق إلى الذهن هو أنه يبيع الأحذية، أو يصنعها إذا قيل: الحذاء، لكن كونه يجلس عند الحذائين فهذا لا يسبق إلى الذهن، ومثله يزيد بن صهيب الفقير يعني: الفقير الذي يسبق إلى الذهن أنه من الفقر، ولكنه قيل له ذلك لأنه كان يشكو فقار ظهره، فقيل له: الفقير، فهي نسبة إلى غير ما يسبق إلى الذهن، فهذا من هذا القبيل الذي هو الحذاء، وحديثه أي: الحذاء خالد بن مهران أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما.
أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا هشام حدثتنا حفصة عن أم عطية رضي الله عنها قالت: (ماتت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إلينا فقال: اغسلنها بماء وسدر واغسلنها وتراً ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً إن رأيتن ذلك، واجعلن في الآخرة شيئاً من كافور فإذا فرغتن فآذنني، فلما فرغنا آذناه فألقى إلينا حقوه وقال: أشعرنها إياه، ومشطناها ثلاثة قرون، وألقيناها من خلفها)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: غسل الميت وتراً، أي: أنه عندما يغسل تكون الغسلات وتراً، يعني: ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، فإذا كفت الثلاث أي: حصل بها المقصود، وإلا فيزاد إلى الخمس، أو السبع، فالغسلات تكون وتراً، هكذا جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والحديث سبق أن مر، وفيه: الغسل بالماء والسدر والكافور يعني: فغسله في آخره يكون فيه كافور، وفيه أيضاً: ذكر الإشعار، وإعطاؤهن الإزار الذي كان يلي جسده صلى الله عليه وسلم، ليوضع مما يلي جسدها، وقد عرفنا أن هذا من التبرك بما مسه جسد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن هذا كان يفعله الصحابة مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو سائغ في حقه، وفيما يسقط من جسده، أو ما اتصل بجسده من العرق، ومن الثياب وما إلى ذلك، وعرفنا أن هذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام، وأنه لا يجوز أن يتبرك بأحد من الناس بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، اتفقوا على عدم فعل ذلك مع أحد سواه، فلم يفعلوا ذلك مع أبي بكر وهو خير الناس بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام، ما كانوا يتبركون بـأبي بكر بشعره، ولا بمخاطه، ولا بعرقه، ولا بالشيء الذي مسه جسد أبي بكر، فعلم أن هذا التبرك الذي فعله الصحابة مع الرسول عليه الصلاة والسلام، إنما هو من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن الصحابة هم خير الناس، وأحرص الناس على كل خير، وأسبق الناس إلى كل خير، فما فعلوا ذلك مع خير الناس بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام.
وما ذكره بعض أهل العلم عندما يأتي إلى مثل هذا الحديث: أن فيه دليلاً على التبرك بآثار الصالحين فهذا ليس صحيحاً؛ لأن هذا التبرك خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم، فالصحابة ما فعلوه مع أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي وهم الخلفاء الراشدون الهادون المهديون رضي الله عنهم وأرضاهم.
وفيه أيضاً: جعل الشعر للمرأة ثلاثة قرون، وأنها تجعل على خلفها أو تكون وراءها، يعني: هذه الثلاث القرون لا تترك يميناً وشمالاً، وإنما كلها يذهب بها إلى وراء.
هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، ناقد متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، ناقد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا هشام].
هو هشام بن حسان البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما.
أخبرنا إسماعيل بن مسعود عن يزيد حدثنا أيوب عن محمد بن سيرين عن أم عطية رضي الله عنها قالت: (دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته فقال: اغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافوراً، أو شيئاً من كافور، فإذا فرغتن فآذنني، فلما فرغنا آذناه فألقى إلينا حقوه، وقال أشعرنها إياه)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الغسل أكثر من خمس، وأورد فيها حديث أم عطية من طريق أخرى وهو مثل الذي تقدم إلا أنه أورده هنا من أجل الاستدلال به على الزيادة على الخمس، وذلك أنه قال: (اغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك) يعني: إذا كان الأمر يحتاج إلى زيادة فيغسلنها أكثر، ولكن يكون مع ذلك وتراً يعني: يكون سبعاً أو تسعاً وهكذا.
هو إسماعيل بن مسعود أبو مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي.
[عن يزيد].
هو يزيد بن زريع البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أيوب].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وقد مر ذكره.
[عن محمد بن سيرين].
هو أخو حفصة بنت سيرين وهو محدث، مشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أم عطية].
وقد مر ذكرها.
أخبرنا قتيبة حدثنا حماد حدثنا أيوب عن محمد عن أم عطية رضي الله عنها قالت: (توفيت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إلينا فقال: اغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور، فإذا فرغتن فآذنني، فلما فرغنا آذناه فألقى إلينا حقوه وقال أشعرنها إياه)].
ذكر النسائي هذه الترجمة وهي: غسل الميت أكثر من سبع، وأورد فيها حديث أم عطية من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله لما ذكر الخمس قال: أو أكثر من ذلك؛ لأن أكثر من ذلك يدخل فيه السبع، وهي أكثر الوتر بعد الخمس، ولكنه يكون وتراً، فقوله: [(أو أكثر من ذلك)] مطلق يعني: معناه أنه لا يكون الأمر مقصوراً على السبع، بل إذا احتيج إلى الزيادة على سبع لكون غسل الميت يحتاج إلى هذه الزيادة فإنه يزاد، ولكنه يكون تسعاً، أي: يكون وتراً.
هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حماد].
هو ابن زيد البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وإذا جاء قتيبة يروي عن حماد فهو ابن زيد.
ثم ذكر النسائي حديث أم عطية، وفيه: التنصيص على السبع وأكثر منها، فالأول فيه الإطلاق، وأن ما زاد على الخمس يدخل فيه السبع وما كثر منها، ولكن هنا فيه السبع وزيادة على السبع، قال في آخره، (ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أكثر من ذلك)، فهذا هو الذي يطابق الترجمة تماماً من حيث الزيادة على السبع؛ لأن فيه ذكر السبع وقوله: أو أكثر من ذلك، يعني: ما وراء السبع، ورجال الإسناد هم رجال الإسناد أي: قتيبة، وحماد بن زيد، وأيوب، وحفصة، وأم عطية.
ذكر النسائي حديث أم عطية من طريق أخرى، وهو دال على ما دل عليه الذي قبله من جهة ذكر السبع وما زاد عليها.
قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].
مر ذكره.
[حدثنا بشر].
هو بشر بن المفضل، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سلمة بن علقمة].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن محمد عن بعض إخوته].
هو ابن سيرين عن بعض إخوته هنا مبهم في بعض الروايات: (بعض إخواته) وعلى هذا كما هو معلوم جاء الحديث من طريق أخته حفصة بنت سيرين، وعلى هذا فيكون يروي هو بواسطة وبغير واسطة، ولا يؤثر ذلك؛ لأن الحديث جاء من طرق كثيرة، فالحديث ثابت.
[عن أم عطية].
وقد مر ذكرها.
أخبرنا عمرو بن زرارة حدثنا إسماعيل عن أيوب عن محمد عن أم عطية رضي الله تعالى عنها قالت: (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته فقال: اغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور، فإذا فرغتن فآذنني، فلما فرغنا آذناه، فألقى إلينا حقوه وقال: أشعرنها إياه قال أو قالت
ذكر النسائي هذه الترجمة، وهي: الكافور في غسل الميت، يعني: جعله معه، وقد أورد النسائي فيها حديث أم عطية من طريق أخرى، وقد مر ذكره أي: الكافور ووضعه، ولكنه أورده هنا من أجل إفراده بترجمة مستقلة، والاستدلال عليه بطريقة من طرق حديث أم عطية، ويجعل في الغسلة الأخيرة، قيل: من أجل رائحته، وقيل: من أجل أن فيه فائدة من أجل سلامة البدن، أي: في الغسلة الأخيرة.
هو عمرو بن زرارة النيسابوري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا إسماعيل].
هو ابن علية، وقد مر ذكره.
وهؤلاء قد مر ذكرهم.
ثم أورد إسناداً آخر.
[أخبرنا عمرو بن زرارة حدثنا إسماعيل عن أيوب عن محمد عن أم عطية] وهذا [أخبرنا محمد بن منصور قال: حدثنا سفيان].
ذكر النسائي هذا الحديث من طريق أخرى وفيه: [(وجلعنا رأسها ثلاثة قرون)].
وهو في ترجمة الكافور، فكأنه مثل الذي قبله، ولكن فيه زيادة هذا الشيء؛ لأن ذكر الكافور معناه أنه في الإسناد السابق، وهذا الإسناد هو مثل الإسناد السابق إلا أن فيه زيادة كون محمد يروي عن أخته حفصة بنت سيرين، في الإسناد السابق محمد عن أم عطية، وفي الثاني محمد عن حفصة بنت سيرين، وفيه: وجعلنا رأسها ثلاثة قرون، وأما ذكر الكافور فهو ليس في هذه اللفظة، ولكن في الحديث، ولكن فيه ذكر هذه الزيادة.
وقد مر ذكره.
[أخبرنا محمد بن منصور].
هو محمد بن منصور الجواز المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا سفيان].
هو ابن عيينة المكي، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أيوب عن محمد عن حفصة عن أم عطية].
وقد مر ذكرهم.
وهذا الحديث هو مثل الذي قبله، والكلام فيه مثل الذي قبله، ولكن ذكر الكافور إنما جاء في الحديث، وليس بهذه الجملة.
قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].
مر ذكره.
[حدثنا حماد].
هو ابن زيد، وقد مر ذكره.
وهؤلاء قد مر ذكرهم.
أخبرنا يوسف بن سعيد حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني أيوب بن أبي تميمة أنه سمع محمد بن سيرين يقول: كانت أم عطية امرأة من الأنصار قدمت تبادر ابناً لها فلم تدركه، حدثتنا قالت: (دخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا، ونحن نغسل ابنته، فقال: اغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك إن رأيتن بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافوراً، أو شيئاً من كافور، فإذا فرغتن فآذنني، فلما فرغنا ألقى إلينا حقوه، وقال: أشعرنها إياه، ولم يزد على ذلك، قال: لا أدري أي بناته، قال: قلت: ما قوله أشعرنها إياه أتؤزر به؟ قال: لا أراه إلا أن يقول: الففنها فيه)].
ذكر النسائي الإشعار في هذه الترجمة، والمقصود به: هو الذي يلي الجسد، وفي حديث أم عطية رضي الله تعالى عنها ذكر الإشعار بشيء مسه جسد الرسول صلى الله عليه وسلم، بأن يجعل ويلي جسدها، ومن المعلوم أن هذا اختص به الرسول عليه الصلاة والسلام، فلا يشارك فيه، ولا يجوز أن يشعر أحد من ثياب أحد من الناس؛ لأن ذلك جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم في حقه، فإن ذلك من خصائصه عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز أن يشعر أحد، بمعنى: أنه يوضع عندما يغسل، ويكفن فيجعل مما يلي جسده ثوب أحد من الناس، فيقال: إنه صالح أو يدعى فيه الصلاح أو إلى ذلك، فإن هذا لا يسوغ، ولا يجوز؛ لما أسلفته آنفاً من أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، اتفقوا على عدم فعل ذلك مع أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله: [كانت أم عطية امرأة من الأنصار قدمت تبادر ابناً لها، فلم تدركه].
يقول محمد بن سيرين: (كانت أم عطية امرأة من الأنصار قدمت) يعني: لعلها قدمت البصرة، (تبادر ابناً لها)، معناه: أنه كان مريضاً، وتريد أن تلقاه قبل أن يموت فلم تدركه، فمات قبل أن تصل إليه، يعني: جاءت تبادره وهو مريض لتراه وهو في مرضه فمات قبل أن تصل، ولهذا قال: فلم تدركه، فحدثتهم بهذا الحديث.
يعني: يجعل إزاراً لها، أو أنها تلف فيه، قال: لا أراه إلا أن تلف فيه، يعني: لا يلزم أن تكون إزاراً، المهم أن يلي جسدها شيء مسه جسد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الإشعار؛ فالثوب الذي يلي الجسد يقال له: الشعار، والذي وراءه يقال له: الدثار، وقد ذكرت الحديث الذي فيه ذكر الشعار والدثار، وذلك في حق الأنصار، حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الأنصار شعار، والناس دثار) يعني: أنهم لقربهم مني فهم بمنزلة الثوب الذي يلي جسدي، والناس وراءهم كالدثار.
أورد النسائي حديث أم عطية من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله فيه ذكر الإشعار، ولكن الأمر -كما ذكرت- من خصائصه صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز أن يفعل مع أحد؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم، ما فعلوه مع أحد من بعده، وهم خير الناس وأسبق إلى كل خير، وأحرص الناس على كل خير.
ثقة، أخرج حديثه النسائي.
[حدثنا يزيد].
هو يزيد بن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن عون].
هو عبد الله بن عون، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما.
الجواب: لا يكبر، لأنها سنة فات محلها.
الجواب: ليس فيه اضطراب؛ لأنه أرسل إليهن بأن يغسلنها، ثم أيضاً دخل عليهن وهن يغسلنها فليس فيه اضطراب، أولاً: أمرهن بأن يغسلن وكان ذلك بالواسطة وأرسل إليهن يأمرهن بالغسل، ثم دخل عليهن.
الجواب: غسل الجمعة لا يغني عن الوضوء، بل لا بد من الوضوء إلا إذا توضأ الوضوء الذي على طريقة الاغتسال من الجنابة، أما كونه مجرد الغسل، وكونه يصب على نفسه الماء يغتسل للجمعة، ويريد به الوضوء لا يرتفع حدثه بذلك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر