إسلام ويب

شرح سنن النسائي - كتاب الجنائز - باب الأمر بالقيام للجنازةللشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد دلت السنة النبوية على مشروعية القيام للجنازة، وليس المقصود منه تعظيم الجنازة، وإنما تعظيم شأن الموت، وتذكراً للمصير الذي يدفع المرء إلى الأعمال الصالحة.

    1.   

    الأمر بالقيام للجنازة

    شرح حديث: (إذا مرت بكم جنازة فقوموا ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الأمر بالقيام للجنازة.

    أخبرنا يحيى بن درست حدثنا أبو إسماعيل عن يحيى أن أبا سلمة حدثه عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مرت بكم جنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع)].

    فقد أورد النسائي رحمه الله هذا الحديث حديث أبي سعيد الخدري: [(إذا مرت بكم جنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع)] أورده في آخر باب الإسراع في الجنازة، وهو ليس بواضح الدلالة على الترجمة؛ لأنه ليس فيه شيء يتعلق بالإسراع، وإنما هو يتعلق بالترجمة التي بعدها، وهي الأمر بالقيام إلى الجنازة، فإن هذا الحديث فيه الأمر بالقيام للجنازة، فهو غير واضح الدلالة على الترجمة السابقة، وإنما هو كما ذكرت واضح الدلالة على الترجمة اللاحقة، ولعل هذا الحديث هو في الترجمة اللاحقة، ولكنه أخرت الترجمة عن مكانها إلى ما بعد هذا الحديث، وإلا فإن الموضع المناسب هو أن الترجمة تكون قبل هذا الحديث، ثم تكون الأحاديث بعد ذلك كلها متصلة، وتتعلق بالأمر بالقيام للجنازة.

    والترجمة اللاحقة التي يدخل تحتها هذا الحديث والأحاديث التي بعده هي الأمر بالقيام للجنازة، وهي أن الجنازة إذا مرت وأناس جالسون فإنهم يقومون، فإما أن يتبعوها ويستمروا معها حتى توضع، وإن كانوا لا يريدون أن يتبعوها وإنما سيقومون حتى تجاوزهم وحتى تتعداهم، ثم يجلسون فلا بأس، قيل: والحكمة في ذلك التنبه إلى الموت، وإلى عظم شأن الموت وإلى الفزع الذي يكون بالموت، وأنه لا يكون الأمر فيه شيء من الغفلة وكأنه لم يحصل شيء، ولم تحرك هذه الجنازة عندما مرت به ساكناً، وليس المقصود القيام للجنازة تعظيماً لها، وإنما المقصود تعظيماً لشأن الموت، وأن هذا شيء عظيم، وأن الناس كلهم إلى هذا المصير، وأنهم سيصيرون إلى النهاية وإلى الموت والاستعداد لذلك بالأعمال الصاحة.

    وقد اختلف العلماء في حكم هذه المسألة؛ هل هو باقٍ أو أنه منسوخ؟

    فذهب جماعة من أهل العلم إلى أن هذا الحكم منسوخ، وأن النبي عليه الصلاة والسلام جاء عنه أنه كان لا يقوم، وقالوا: فيكون هذا منسوخاً، ومنهم من قال: إن الإنسان مخير بين القيام وبين الجلوس، ومنهم من قال: إن الأمر أو الأوامر التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم تدل على الاستحباب، والترك الذي جاء عنه عليه الصلاة والسلام يدل على الجواز؛ يعني: على جواز الجلوس والأمر يدل على الاستحباب، فالمسألة خلافية بين أهل العلم.

    وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه هذا يقول فيه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (إذا مرت بكم جنازة فقوموا) يعني: إذا كانوا جالسين فإنهم يقومون، ومن تبعها ممن كان معها أصلاً أو رآها، وقام، وتبعها، فإنه لا يجلس حتى توضع على الأرض إذا كان القبر يحتاج إلى تهيئة، أو حتى توضع في القبر إذا أنزلت إلى القبر رأساً، ولم يكن هناك حاجة إلى تهيئة، وهذا يدلنا كما أشرت على عظم شأن الموت، وأن الحديث دال على القيام للجنازة، وأن في ذلك خلافاً بين أهل العلم، فمنهم من قال بأنه منسوخ، وأنه لا قيام بعد ذلك، ومنهم من قال بأنه يحمل على الندب والاستحباب، قالوا: والنسخ لا يصار إليه إلا إذا لم يمكن الجمع بين الأدلة، قالوا: والجمع ممكن بأن يحمل ما جاء من أمره على الاستحباب وما جاء من فعله على أنه جائز، وأن الإنسان إذا جلس فإنه لا ضير عليه، ولا مانع من ذلك، وأن من تبع الجنازة فإنه لا يجلس قبل أن توضع؛ لأنه تبعها وهي محمولة، فإذا وضعت على الأرض أو وضعت في القبر وكانت أنزلت في القبر رأساً ولا يحتاج وضعها على الأرض فإنه يجلس في هذه الحال.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إذا مرت بكم جنازة فقوموا ...)

    قوله: [أخبرنا يحيى بن درست].

    هو البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

    [حدثنا أبو إسماعيل].

    هو إبراهيم بن عبد الملك القناد لقبه القناد ومشهور بكنيته أبي إسماعيل، وهو صدوق، في حفظه شيء، وحديثه أخرجه الترمذي، والنسائي.

    [عن يحيى].

    هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، ثبت، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو الذي نقل عنه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه الكلمة المشهورة العظيمة الدالة على عظم شأن الاشتغال في العلم، وأن الإنسان لا يحصل شيئاً إلا بالتعب والنصب، فإنه ذكر عنه مسلم بإسناده إليه في صحيحه أنه قال: (لا يستطاع العلم براحة الجسم)، يعني: أن الإنسان لا يستطيع أن يحصل علماً مع إخلاده إلى الراحة، وإلى الدعة، والخمول، وإنما يحصل العلم بالتعب، والنصب، والمشقة، وتحمل المشاق، وما إلى ذلك من الأمور الصعبة التي لا يحصل العلم إلا بها.

    [أن أبا سلمة].

    هو ابن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع؛ لأن ستة منهم متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، وهم: عبيد الله بن عبد الله بن مسعود، وسعيد بن المسيب، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعروة بن الزبير بن العوام، هؤلاء الستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: إن السابع أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الذي معنا في الإسناد، وقيل: إن السابع أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وقيل: إن السابع سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.

    وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف مشهور بكنيته.

    [عن أبي سعيد].

    هو أبو سعيد الخدري، وهو سعد بن مالك بن سنان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مشهور بكنيته ونسبته، فيقال: أبو سعيد ويقال: أبو سعيد الخدري، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وجابر، وأنس، وأم المؤمنين عائشة.

    شرح حديث: (إذا رأى أحدكم الجنازة فلم يكن ماشياً معها فليقم ...) من طريق ثانية

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر عن عامر بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأى أحدكم الجنازة فلم يكن ماشياً معها فليقم حتى تخلفه، أو توضع من قبل أن تخلفه)].

    ثم أورد النسائي حديث عامر بن ربيعة رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(إذا رأى أحدكم الجنازة فلم يكن ماشياً معها فليقم حتى تخلفه أو توضع من قبل أن تخلفه)]، (حتى تخلفه أو توضع من قبل أن تخلفه، إذا لم يكن الإنسان تابعاً للجنازة ومرت به فإنه يقوم ويستمر قيامه إلى أن تخلفه، يعني: تتجاوزه من حيث كانوا مقبلين عليه، ثم مروا به وصار وراءهم، فعند ذلك يجلس، أو توضع قبل أن تخلفه، يعني: إذا كان مثلاً في المقبرة، ثم كان في القبر قبل أن يوصل إليه، ثم إنه رآها فإنه يقوم، ثم إذا وضعت قبل أن تخلفه فإنه يجلس؛ لأن له حالتان: إما أن تمر به، وإما أن توضع قبل أن تمر به، ومثل ذلك أن يذهب بها مع طريق تختفي عنه؛ لأنه يكون قد رآها جاءت من الشارع، ثم ذهب بها إلى شارع آخر منعطف فلا يراها، فعند ذلك يقوم إذا رآها، فإن مرت به وتجاوزته جلس، وإن وضعت دونه أو صرفت إلى طريق آخر واختفت عنه فإنه عند ذلك يجلس، والحديث دال على ما دل عليه الحديث الذي قبله من القيام بالجنازة وأن الإنسان يستمر قيامه حتى تتجاوزه، أو حتى توضع قبل أن تخلفه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إذا رأى أحدكم الجنازة فلم يكن ماشياً معها فليقم ...) من طريق ثانية

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا الليث].

    هو الليث بن سعد المصري، هو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن نافع].

    نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الله].

    هو ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهم عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين مر ذكرهم آنفاً.

    [عن عامر بن ربيعة].

    صحابي مشهور، خرج له أصحاب الكتب الستة. والحديث من رواية صحابي عن صحابي.

    شرح حديث: (إذا رأيتم الجنازة فقوموا..) من طريق ثالثة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه عن عامر بن ربيعة العدوي رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تخلفكم أو توضع)].

    أورد النسائي حديث عامر بن ربيعة وقال هنا: العدوي، وفي التقريب العنزي نسبة إلى عنزة، يعني: من ربيعة.

    ويمكن يكون جاء في الولاء مولى آل الخطاب، يعني: العدوي من حيث الولاء، ولكنه من ربيعه، فتكون نسبته إلى العدوي من حيث الولاء والعنزي من حيث النسب والقبيلة.

    قوله: [(إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تخلفكم أو توضع)]، وهو أخصر من الذي قبله، الذي قبله فيه زيادة: (حتى تخلفكم أو توضع) يعني: هو مثل الذي قبله لكنه أخصر منه، قال: أن توضع قبل أن تخلفكم، وهذا قال: [(تخلفكم أو توضع)].

    تراجم رجال إسناد حديث: (إذا رأيتم الجنازة فقوموا..) من طريق ثالثة

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    مر ذكره.

    [حدثنا الليث].

    مر ذكره.

    [عن ابن شهاب].

    هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو ثقة، مشهور، وإمام، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن سالم].

    هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع الذين أشرت إليهم آنفاً، وهم: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وسالم بن عبد الله، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

    [عن أبيه عن عامر].

    وقد مر ذكرهما.

    شرح حديث: (إذا رأيتم الجنازة فقوموا..) من طريق رابعة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل عن هشام (ح)، وأخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد حدثنا هشام عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم الجنازة فقوموا فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع)].

    أورد النسائي حديث أبي سعيد، وهو [(إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع)].

    هو مثل ذاك الحديث الذي مر، إلا أن ذاك (إذا مرت بكم جنازة)، وهذا (إذا رأيتم جنازة)، فالحديث حديث أبي سعيد من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله دال على ما دل عليه.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إذا رأيتم الجنازة فقوموا..) من طريق رابعة

    قوله: [أخبرنا علي بن حجر].

    هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، هو ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي والنسائي.

    [حدثنا إسماعيل].

    هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم بن علية المشهور بـابن علية، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن هشام].

    هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    ثم قال: (ح) وهذه تدل على التحول من إسناد إلى إسناد؛ لأن ما بعدها شيخ للنسائي؛ لأنه أورد إسناداً آخر يلتقي هذا الإسناد المتأخر مع الإسناد المتقدم.

    [ثم قال: ح، وأخبرنا إسماعيل بن مسعود].

    هو بصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [عن خالد].

    هو خالد بن الحارث البصري، هو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن هشام].

    هو ابن أبي عبد الله الدستوائي الذي مر ذكره بالإسناد السابق أو في الطريق الأولى؛ لأن ملتقى الإسنادين هشام بن أبي عبد الله الدستوائي.

    [عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي سعيد].

    وقد مر ذكرهم.

    شرح حديث: (ما رأينا رسول الله شهد جنازة قط فجلس ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يوسف بن سعيد حدثنا حجاج عن ابن جريج عن ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله تعالى عنهما قالا: (ما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد جنازة قط فجلس حتى توضع)].

    أورد النسائي حديث أبي هريرة، وأبي سعيد رضي الله عنهما أنهما قالا: (ما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد جنازة قط فجلس حتى توضع)، يعني: أنه مثل ما تقدم من الأحاديث التي فيها أمره بأن من تبعها فلا يجلس حتى توضع، فهذا فيه بيان فعله، وأنه ما تبع جنازة فجلس قبل أن توضع، وإنما يجلس بعد وضعها، فالأحاديث التي مرت فيها ذكر الأمر بعدم الجلوس حتى توضع، وهذا فيه بيان فعله عليه الصلاة والسلام، وأنهم ما رأوه تبع جنازة فجلس قبل أن توضع، فمعنى ذلك: أنه لا يجلس إلا بعد وضعها، وهذا الذي أمر به عليه الصلاة والسلام، وما رأوه أنه فعل خلافه، بل الذي رأوه أنه إذا كان مع الجنازة ثم وضعت جلس، فاتفق أمره، وفعله على عدم الجلوس إلا بعد وضع الجنازة على الأرض، أو في القبر إذا كانت أدخلت القبر رأساً.

    تراجم رجال إسناد حديث: (ما رأينا رسول الله شهد جنازة قط فجلس ...)

    قوله: [أخبرنا يوسف بن سعيد].

    هو يوسف بن سعيد المصيصي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.

    [حدثنا حجاج].

    هو ابن محمد المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن جريج].

    هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن عجلان].

    هو محمد بن عجلان المدني، وهو صدوق، اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    والحديث من أحاديث أبي هريرة، ولكن كما عرفنا هذا الحديث جاء من طرق متعددة، ومعه أبو سعيد الخدري أيضاً في ذلك، فالحديث ثابت من هذه الطريق، ومن الطرق الأخرى الكثيرة المتعددة التي جاءت في هذا الموضوع، وهو أن من اتبع الجنازة فلا يجلس حتى توضع.

    [عن سعيد].

    هو سعيد بن المسيب المدني، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة المشهورين في عصر التابعين في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    [عن أبي سعيد].

    وقد مر ذكره.

    [عن أبي هريرة].

    هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عنه، بل هو أكثرهم، وأبو هريرة، وأبو سعيد هذان الشخصان، وهذان الصحابيان الجليلان هما من السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل منهما مشهور بكنيته، فهذا مشهور بـأبي هريرة، وهذا مشهور بـأبي سعيد.

    شرح حديث: (أن رسول الله مروا عليه بجنازة فقام ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا زكريا عن الشعبي قال أبو سعيد: ح، وأخبرنا إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق حدثنا أبو زيد سعيد بن الربيع حدثنا شعبة عن عبد الله بن أبي السفر سمعت الشعبي يحدث عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا عليه بجنازة فقام، وقال عمرو: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام)].

    أورد النسائي حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام مرت به جنازة فقام، وهذا لفظ أحد الرواة، فهنا عندنا لفظان: الأول قوله: [(مروا عليه بجنازة فقام)] والثاني قوله: [(مرت به جنازة فقام)]، فالمعنى هنا واحد، والنتيجة واحدة، وإنما الفرق بينهما هو في التعبير، هذا قال: [(مروا عليه بجنازة فقام)]، وهذا قال: [(مرت به جنازة فقام)]، فاللفظ الأول هو لشيخه الثاني في الإسناد الثاني الذي بعد التحويل، وهو إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني واللفظ الثاني لشيخه الأول، ولهذا قال: وقال عمرو -أي: شيخه الأول- وهو عمرو بن علي الفلاس، أي: أن اللفظ الذي ساقه لفظ الشيخ الثاني، ثم قال عمرو -أي: شيخه الأول-: أن النبي صلى الله عليه وسلم [(مرت به جنازة فقام)].

    والحديث دال على ما دل عليه الحديث الذي قبله من حيث إن فعله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم للجنازة إذا مرت به صلى الله عليه وسلم.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله مروا عليه بجنازة فقام ...)

    قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].

    هو الفلاس، وهو ثقة، ناقد، متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، روى عنه مباشرة وبدون واسطة.

    [عن يحيى بن سعيد].

    هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، ناقد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا زكريا].

    هو زكريا بن أبي زائدة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن الشعبي].

    هو عامر بن شراحيل الشعبي مشهور بهذه النسبة الشعبي، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وعامر الشعبي هذا هو الذي جاءت عنه الكلمة المشهورة التي بين فيها حقيقة الرافضة، وأنهم من أسوأ خلق الله، وذلك أنه قال كما ذكره عنه بعض أهل العلم أن الرافضة فاقوا اليهود والنصارى بخصلة، وذلك أن اليهود إذا قيل لهم: من خير أهل ملتكم؟ يقولون: أصحاب موسى، والنصارى إذا قيل لهم: من خير أهل ملتكم يقولون: أصحاب عيسى، والرافضة إذا قيل لهم: من شر أهل ملتكم قالوا: أصحاب محمد، فمعنى هذا أن اليهود والنصارى كانوا من هذه الحيثية أحسن منهم؛ لأن أولئك اعتبروا أن أصحاب موسى، وأصحاب عيسى الذين كانوا معه، والذين شاهدوه، وعاينوه بأنهم خير أمتهم، وأما الرافضة فإنهم يقولون عن الصحابة: إنهم شر هذه الأمة، وهذا الذي قاله عامر الشعبي قد قاله رافضي في قصيدة طويلة صرح فيها بهذا الكلام يقول فيها:

    أهم خير أمة أخرجت للناس؟ استفهام إنكار.

    أهم خير أمة أخرجت للناس هيهات ذاك بل أشقاها.

    ويقول فيما يقول من الوقاحة المتناهية في بيت من الشعر لا أحفظه الآن: إن سورة براءة لم تذكر بالبسملة لأن أبا بكر ذكر فيها، ثم بماذا ذكر أبو بكر رضي الله عنه فيها؟ ذكر بالثناء والتعظيم، والتنصيص على أنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالله تعالى نص في كتابه على أنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، يقول الله عز وجل: إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة:40] (إذ يقول لصاحبه)، الله تعالى قال هذا عن أبي بكر، ومعنى ذلك: إذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه، أي: صاحبه أبو بكر، فسماه صاحب رسول الله، وأطلق عليه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    [قال أبو سعيد].

    هو أبو سعيد الخدري، وقد مر ذكره، ثم أتى بحاء التحويل وذكر الإسناد من أوله، يعني: معناه أنه ذكر الإسناد كاملاً في الطريق الأولى ثم ذكر إسناداً جديداً، وساغه إلى نهايته، لكنه ساغه بلفظ الشيخ الثاني، وهو: إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني، ثم عقب أن ذكر المتن بالإسناد الثاني قال: قال عمرو أي: الشيخ الأول، وذكر لفظه الذي جاء من طريقه وهو [أن الرسول مرت به جنازة فقام].

    [أخبرنا إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق].

    هو إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.

    [حدثنا أبو زيد سعيد بن ربيع].

    هو أبو زيد سعيد بن ربيع، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.

    [حدثنا شعبة].

    هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الله بن أبي السفر].

    ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.

    [سمعت الشعبي يحدث عن أبي سعيد].

    وقد مر ذكرهما.

    شرح حديث: (أنهم كانوا جلوساً مع النبي فطلعت جنازة فقام ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني أيوب بن محمد الوزان حدثنا مروان حدثنا عثمان بن حكيم أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت عن عمه يزيد بن ثابت (أنهم كانوا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وسلم فطلعت جنازة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقام من معه، فلم يزالوا قياماً حتى نفذت)].

    أورد النسائي حديث يزيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أخو زيد بن ثابت الذي يقول فيه أنهم كانوا جلوساً مع النبي صلى الله عليه وسلم فمرت جنازة، فقاموا، ولم يزالوا حتى نفذت، أي: حتى تجاوزت. والحديث دال على فعله عليه الصلاة والسلام، وهي القيام للجنازة حتى جاوزته صلى الله عليه وسلم.

    تراجم رجال إسناد حديث: (أنهم كانوا جلوسا مع النبي فطلعت جنازة فقام ...)

    قوله: [أخبرنا أيوب بن محمد الوزان].

    ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.

    [حدثنا مروان].

    هو مروان بن معاوية الفزاري، وهو ثقة، يدلس تدليس أسماء الشيوخ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والمراد بتدليس أسماء الشيوخ أنه يذكر شيوخه بغير ما اشتهروا به، هذا هو تدليس الشيوخ، لأن التدليس تدليسان، تدليس إسناد الذي يكون فيه بقال أو عن، والذي إذا عبر عنه (بقال) أو (عن) فيحتمل الاتصال ولا يحتمل الانقطاع، وأما تدليس الشيوخ فما فيه انقطاع واتصال، وما فيه احتمال انقطاع، وإنما فيه أنه يذكر شيوخه بغير ما اشتهروا به، يعني: بأن يكون مشهوراً مثلاً بنسبته فلا يأتي بالنسبة، أو يكون مشهوراً باسمه فلا يذكر اسمه، ولكن يذكر كنيته وهو غير مشهور بكنيته، هذا يسمى تدليس الشيوخ، والمضرة التي تحصل فيه هي التعمية، ووعورة الوصول إلى المقصود، عندما يريد الإنسان يبحث قد يبحث عنه ويقول: لم أجد له ترجمة، والسبب في هذا أنه ما ذكر بما اشتهر به، وإنما ذكر بغير ما اشتهر به، هذا هو تدليس الشيوخ، وهناك تدليس آخر وهو تدليس التسوية وهو: حذف رجال ضعفاء في الإسناد ويجعل الإسناد متصل للثقات، فهذا أسوأ أنواع التدليس.

    [عن عثمان بن حكيم].

    ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.

    [أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت].

    ثقة، فقيه، أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين الذين يتكرر ذكرهم كثيراً، أخرج حديثه اصحاب الكتب الستة.

    وخارجة بن زيد لم يأت ذكره كثيراً في الروايات، وإنما الذي يأتي ذكره كثيراً هو عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وبعضهم لا يأتي ذكره كثيراً، ومنهم خارجة بن زيد فإنه نادر مروره علينا في سنن النسائي.

    [عن عمه يزيد بن ثابت].

    يزيد بن ثابت أخو زيد بن ثابت وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، والنسائي، وابن ماجه.

    1.   

    الأسئلة

    حكم دفن الطفل مع غيره في قبر واحد

    السؤال: فضيلة الشيخ حفظكم الله، أنا أرى أحياناً في البقيع أنهم يدفنون في بعض الأحيان الطفل الصغير مع غيره من الموتى فما حكم ذلك؟

    الجواب: هذا ما له وجه أبداً، الموتى لا يدفنون جميعاً إلا إذا كان هناك حاجة ضرورية، بأن كثر الموتى واحتاج الناس إلى أن يدفنونهم جميعاً في قبرٍ واحد فهذا لا بأس به، ويقدم من كان أقرأ للقرآن، وذلك كما جاء في الحديث، أما من غير حاجة إلى ذلك فكلٌ يدفن في قبر، ولا يجمعون جميعاً، أما دفن طفل صغير مع كبير فهذا بعض الناس الجهال يقول: إن هذا يؤنسه، وإنه كذا، وهذا كلام باطل، فإنه لا يؤنس الإنسان إلا العمل الصالح، فالعمل إذا كان صالحاً حصل الإيناس في القبر، أما إذا كان العمل بخلاف ذلك والعياذ بالله فما ينفع، ولو يدفن بجوار أصلح الناس، وبجوار من هو خير الناس، فهو يعذب ولا يدري عن نعيم هذا، وهذا ينعم ولا يدري عن عذاب ذاك.

    الراجح في القيام للجنازة

    السؤال: حفظكم الله يا شيخ! ما هو الراجح في مسألة القيام للجنازة؟

    الجواب: الله تعالى أعلم، هذه مسألة خلافية، وأنا ما يظهر لي فيها شيء.

    شهود زيد بن ثابت بدراً بين النفي والإثبات

    السؤال: حفظكم الله يا شيخ! هل زيد بن ثابت رضي الله عنه شهد بدراً أو لا؟

    الجواب: لا أدري.

    علاقة الإسماعيلية بالرافضة

    السؤال: حفظكم الله يا شيخ! هل الرافضة والإسماعيلية سواء أو بينهما فرق؟

    الجواب: الإسماعيلية هم الباطنية الذين يقولون عنهم: الباطنية وكلهم رافضة، إلا أن هؤلاء مشهورون باسم الباطنية الذين هم الإسماعيلية.

    مثال على إسنادين يلتقيان عند راوٍ واحد

    السؤال: في أي مكان يلتقي الإسنادان التاليان: حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا إسماعيل عن هشام عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثاني: أخبرنا إسماعيل بن مسعود قال: حدثنا خالد قال: حدثنا هشام عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي سعيد؟

    الجواب: الإسناد الذي عند هشام هو ملتقى الإسنادين، ثم بعد ذلك يسقط الإسناد في كل من الإسنادين، يعني: هما طريقان يلتقيان عند هشام ثم يتحدان طريقاً واحداً بعد ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

    أسباب التدليس

    السؤال: ما سبب التدليس؟

    الجواب: التدليس من أسبابه التعمية، أو مثلاً استقرار الشيخ كونه لا يريد أن يذكره، وإنما يذكر من هو أكبر منه، وله عدة أسباب.

    مدى وجود حديث في البخاري شاهد لحديث في الترمذي منه صدوق

    السؤال: إذا كان حديث عند الترمذي وفي إسناده صدوق أو ضعيف، ونفس هذا الحديث الذي عند الترمذي مذكور بطريق آخر عند البخاري فهل يعتبر حديث البخاري شاهد لحديث الترمذي؟

    الجواب: نعم، إذا اختلف الصحابي فيكون شاهداً، ويكون الحديث طبعاً ثابتاً، وكلمة صدوق ما تحتاج إلى شواهد، ومن يقال فيه: صدوق فحديثه حسن لذاته، وإنما الذي يحتاج إلى شاهد أو يحتاج إلى متابعة هو الذي يقال عنه: مقبول، وأما من يقال فيه: صدوق فحديثه حسن، يعني: لو لم يأت له متابع أو شاهد، فإنه يعتبر من قبيل الحسن لذاته الذي لا يحتاج إلى اعتضاد، وهو دون الصحيح، ولكنه مقبول ومحتج به، كما يحتج بالصحيح.

    حكم صلاة القاص للحيته الجار لثوبه

    السؤال: حفظكم الله يا شيخ! رجل يقص لحيته ويجر ثوبه فما حكم صلاته؟

    الجواب: هو صلاته يثاب عليها، وقص لحيته وجر ثيابه يعاقب عليه، فيكون جمع بين عمل صالح، وآخر سيء، أي: أتى بعمل صالح وهو الصلاة، وإذا صلى فهو على خير، ويرجى له الخير، ولكن يخشى عليه العقوبة من معصيته في قص لحيته، وجر ثيابه.

    مقتضى النهي عن الدفن في الأوقات المنهي عنها

    السؤال: حفظكم الله يا شيخ! الدفن في أوقات النهي المعروفة هل هو للتحريم؟

    الجواب: نعم هو للتحريم، لكنه كما هو معلوم الأوقات الثلاثة القصيرة التي لا يضيع بسببها شيء، وإنما الأوقات الطويلة التي هي من بعد العصر إلى المغرب فهذا ليس فيه إشكال وليس فيه بأس، وكذلك ومن بعد الفجر إلى طلوع الشمس، ولكن الأوقات الثلاثة التي هي عند قيام الشمس، وعند غروبها، وعند طلوعها، فهذه الأوقات اليسيرة جداً ينتظر فيها الناس، وانتظارهم لا يؤثر عليهم شيئاً.

    طريقة معرفة اقتضاء النهي للتحريم أو الكراهة

    السؤال: فضيلة الشيخ! كيف يعرف أن النهي للتحريم أو للكراهة؟

    الجواب: يقولون: إن الأصل في النواهي التحريم، ولا تصير إلى الكراهة إلا إذا وجد ما يدل على صرفها إلى الكراهة، كما أن الأصل في الأوامر الوجوب، ولا يصار إلى الندب إلا إذا وجد ما يصرفه إليه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767950053