أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح عن ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي حمزة بن سليم عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة يقول: اللهم اغفر له وارحمه، واعف عنه، وعافه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بماء، وثلج، وبرد، ونقه من الخطايا كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وقه عذاب القبر، وعذاب النار، قال عوف فتمنيت أن لو كنت الميت لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك الميت)].
يقول النسائي رحمه الله: الدعاء، أي: الدعاء للميت في الصلاة عليه؛ لأن المقصود من الصلاة على الميت هو الدعاء، وشرع قبل ذلك بقراءة الفاتحة والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك من أسباب قبول الدعاء، حيث يسبق بحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في الحديث الذي سبق أن مر بنا؛ (أن النبي عليه الصلاة والسلام رأى أو سمع رجلاً يدعو في صلاته فلم يحمد الله، ولم يصل على رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: عجل هذا)، يعني: أنه بادر إلى الدعاء دون أن يقدم بين يديه بحمد وثناء على الله عز وجل، وصلاة على رسول الله الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وعلى هذا فالمقصود من الصلاة على الميت هو الدعاء له، وسؤال الله عز وجل له المغفرة، وقد أورد النسائي في ذلك حديث عوف بن مالك رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى على ميت فدعا له بهذا الدعاء المأثور: (اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه، واعفو عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بماءٍ، وثلجٍ، وبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وقه عذاب القبر، وقه عذاب النار)، فقال عوف رضي الله عنه: (فتمنيت أن أكون ذلك الميت، أو الذي دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الدعاء).
فالحديث دال على أن الميت عندما يصلى عليه يدعى له بهذا الدعاء الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو أحمد بن عمرو بن السرح أبو الطاهر المصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن الحارث].
هو عمرو بن الحارث المصري أيضاً، وهو ثقة، فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي حمزة بن سليم].
اسمه عيسى بن سليم الحمصي، وهو صدوق له أوهام، وأخرج حديثه مسلم، والنسائي.
[عن عبد الرحمن بن جبير].
هو عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحمصي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو جبير بن نفير الحمصي، وهو ثقة، أخرج له أيضاً البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عوف بن مالك].
هو عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
هنا أورد النسائي حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو قريب من لفظ الذي قبله.
قوله: [أخبرنا هارون بن عبد الله].
هو الحمال البغدادي وهو ثقة أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ حدثنا معن ].
هو أبو يحيى معن بن عيسى القزاز، وهو ثقة ثبت أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا معاوية بن صالح]
هو معاوية بن صالح بن حدير الحضرمي، صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حبيب بن عبيد الكلاعي].
ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جبير سمعت عوف بن مالك].
وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
هنا أورد النسائي حديث عبد الله بن ربيعة السلمي يحدث عن عبيد بن خالد السلمي رضي الله تعالى عنهما؛ [وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين رجلين، فاستشهد أحدهما ومات الآخر بعده فصلوا عليه، فقال عليه الصلاة والسلام: ماذا قلتم؟ قالوا: دعونا له؛ قلنا: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم ألحقه بصاحبه، فقال عليه الصلاة والسلام: فأين صلاته بعد صلاته؟ وأين عمله بعد عمله؟] يعني: هذا الذي مات أخيراً، والذي قلتم: اللهم ألحقه بصاحبه أي: أن يكون معه، وأن يكون في درجته، وذاك مات شهيداً، فقال: [أين صلاته بعد صلاته؟ وأين عمله بعد عمله؟] أي: أن هذا عاش بعد ذاك وصلى، وعمل، وله أجر على ذلك.
ثم قال عليه الصلاة والسلام: [لما بينهما أبعد ما بين السماء والأرض]؛ يعني: أن الأخير يفوق ذلك الأول بما حصل له من عمل بعد ذلك، ولما حصل له من اجتهاد من عبادة بعد موت صاحبه الذي مات قبله، والمقصود من إيراد الحديث هو ذكر الدعاء الذي دعوا به له، وقد أنكر عليهم اللفظ الأخير، وأما اللفظ الأول الذي هو الدعاء له بالمغفرة، والدعاء له بالرحمة، فهذا لا إشكال فيه، وقد جاء ذلك في الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإنما الذي أنكره النبي عليه الصلاة والسلام عليهم قولهم: [اللهم ألحقه بصاحبه]، هذا هو الذي أنكره النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: [أين صلاته بعد صلاته؟ وأين عمله بعد عمله؟ لما بينهما أبعد ما بين السماء والأرض]، (لما بينهما) أي: أن الأخير أعلى درجة من الأول، وأن بينهما كما بين السماء والأرض.
وفي الحديث: دليل على أن الإنسان إذا مد له في العمر، ووفق للعمل وعبادة الله عز وجل، فإن زيادة عمره هي خير له، ما دام أن هذا العمر معمور بطاعة الله وطاعة رسول الله عليه الصلاة والسلام فإنه خير له، وهذا هو شأن المؤمن الذي يوفقه الله عز وجل إذا طال عمره وحسن عمله، فإن طول العمر مع حسن العمل فائدته عظيمة، وأجر الإنسان الذي يعمل وقد طال عمره أن درجته عالية ومنزلته رفيعة، وقد جاء عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في الدعاء المأثور الثابت في صحيح مسلم قوله عليه الصلاة والسلام في دعائه: (اللهم أصلح ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر) فقوله عليه الصلاة والسلام في هذا الدعاء: (واجعل الحياة زيادة لي في كل خير) يعني: الإنسان عندما يعمر ويزداد عملاً صالحاً، ويقدم أعمالاً صالحة مع هذا التعمير، لا شك أن الإنسان يكون على خير بهذه الزيادة في العمر والبقاء في هذه الحياة.
هو المروزي، وهو ثقة، أخرج له الترمذي، والنسائي.
[أخبرنا عبد الله].
هو ابن المبارك المروزي وهو ثقة، ثبت، عابد، جواد، مجاهد جمعت فيه خصال الخير، قال ذلك الحافظ ابن حجر في التقريب، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن مرة].
هو عمرو بن مرة الكوفي المرادي، وهو ثقة، عابد، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن ميمون].
هو عمرو بن ميمون الأودي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن ربيعة السلمي].
كان من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي.
أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، والحديث من رواية صحابي عن صحابي.
[وقول عمرو بن ميمون: أعجبني بأنه أسند لي].
لعل مقصوده بذلك أن الذي حدثه هو عبد الله بن ربيعة السلمي أعجبه حديثه؛ لأنه أسند إلى عبيد بن خالد السلمي؛ لأن عبد الله بن ربيعة اختلف في صحبته، ومن العلماء من قال: إنه لم يثبت صحبته ووثقه، ومنهم من أثبتها، وفي الإسناد هنا قال: أثبتت؛ لأنه قال: وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو قد أسنده إلى غيره، وهو إن كان من صغار الصحابة إلا أنه سمعه من غيره، وأيضاً ذلك الذي هو: عبيد بن خالد هو صحابي صغير.
هنا أورد النسائي حديث أبي إبراهيم الأنصاري عن أبيه رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى على ميت فقال في دعائه: [اللهم اغفر لحينا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وشاهدنا وغائبنا، وذكرنا وأنثانا]، وهذا دعاء من الأدعية التي يدعى بها في الصلاة على الميت، وهذا يناسب للصلاة على الصغير؛ لأن فيه (اللهم اغفر لحينا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا) فهو مشتمل على دعاء في الصلاة على الميت، وهو يشمل الحي والميت، والشاهد والغائب، والذكر والأنثى، والصغير والكبير.
هو إسماعيل بن مسعود أبو مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
هو ابن زريع البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقوله: (هو ابن زريع) هذه الكلمة الذي قالها هو من دون تلميذه إسماعيل بن مسعود أي: الذي قالها النسائي أو من دون النسائي، وحديث يزيد بن زريع أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا هشام بن أبي عبد الله].
هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، ثبت، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو صاحب الكلمة المأثورة المشهورة التي رواها عنه مسلم في صحيحه حيث قال: (لا يستطاع العلم براحة الجسم)؛ يعني: أن من أراد أن يحصل علماً فإنه يحتاج إلى تعب، ونصب، ومشقة؛ لأن العلم لا يحصل براحة الجسم، وإنما يحصل بالتعب، والنصب، والمشقة، فلا بد من البذل، ولا بد من العمل، ولا بد من الجد والاجتهاد، ولا بد من الصبر والمصابرة، ولا بد من العناية التامة، كل ذلك لا بد منه في تحصيل العلم، وإلا فإذا أخلد الإنسان إلى الدعة، والخمول، وحب الراحة، فإنه لا يحصل شيئاً، وقد قيل: ملء الراحة لا يدرك بالراحة؛ ملء الراحة وهي: راحة الكف مقدار الكف لا يدرك بالراحة أي: بدون عمل، وبدون مشقة وبدون تعب، فلا بد لمن أراد شيئاً أن يبذل أشياء، ولا بد لمن أراد العلم أن يعطي العلم ما يستحق من الجد والاجتهاد، وحفظ الوقت، والعمل على تحصيله بالطرق الشرعية الممكنة.
[عن أبي إبراهيم الأنصاري].
هو أبو إبراهيم الأنصاري الأشهلي وهو مقبول، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[عن أبيه].
أبوه لا أدري ما اسمه، ويكفي أن يعلم بأنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام لا يحتاج الواحد منهم إلى أن يعرف شخصه أو يعرف اسمه، بل يكفي أن يضاف إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وأنه من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
والحديث فيه رجل مقبول؛ وهو أبو إبراهيم، ولكن الحديث جاء من طرق أخرى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
هنا أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه، [أن طلحة بن عبد الله بن عوف صلى خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، وجهر حتى أسمعنا، فلما فرغ أخذت بيده، فسألته فقال: سنة وحق].
يعني: حكم قراءة الفاتحة والقراءة في الصلاة على الجنازة أنها سنة وحق، والمقصود بالجهر يعني: كما جاء في بعض الروايات قال: (ليعلم أن ذلك سنة)، يعني: أنه أسمعهم القراءة، وليس المقصود منه أنه يجهر بالقراءة في الصلاة على الجنازة، وأن الإمام يجهر به، وإنما المقصود من ذلك أنه يقرأ بالفاتحة وبسورة؛ ليعلموا أن ذلك سنة، وأنه ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكان من هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه كان أحياناً يسمعهم الآية في السورة التي يقرأ بها في الصلاة السرية حتى يعلموا، ويعرفوا السورة التي قرأ بها في تلك الصلاة السرية؛ لأنه يجهر ليسمعهم أحياناً، وهنا جاء في بعض الروايات أنه قال: (إنما جهرت لأسمعكم ولتعلموا أن ذلك سنة)، والحديث ليس فيه ذكر دعاء، وإنما فيه ذكر قراءة الفاتحة والسورة، والفاتحة مشتملة على دعاء وهو: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] لكن المقصود من الصلاة على الجنازة هو: الدعاء للميت، وقد جاء ذلك في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيغ متعددة.
ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبي].
أبوه هو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن طلحة بن عبد الله بن عوف].
طلحة بن عبد الله بن عوف، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
هنا أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهي مثل الذي قبلها.
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].
هو الملقب بندار البصري وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا محمد].
هو غير منسوب وهو ابن جعفر الملقب غندر، وإذا جاء محمد غير منسوب يروي عنه محمد بن بشار أو يروي عن شعبة فالمراد به محمد بن جعفر الملقب غندر البصري وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
قد مر ذكره.
[عن سعد بن إبراهيم عن طلحة بن عبد الله عن ابن عباس]
قد مر ذكرهم.
هنا أورد النسائي حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف واسمه أسعد رضي الله تعالى عنه؛ [السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى سورة الفاتحة مخافته] أي: أنه يقرأها سراً، وهذا يدلنا على أن القراءة في صلاة الجنازة تكون سراً، وما جاء في حديث ابن عباس أنه كان يقرأ الفاتحة وسورة وأنه جهر، وأنه أسمعهم، عرفنا أن المقصود من ذلك: أنه يريد إسماعهم وأن يعرفوا ماذا يقرأ، فلا ينافي ما جاء في هذا الحديث من المخافتة لأن السنة المخافتة، وأن يقرأ سراً، لكن الجهر للتنبيه وللفت أنظارهم إلى القراءة، أو الشيء الذي يقرأ به، فهذا هو المقصود مما جاء في ذكر المخافتة، وذكر الجهر في القراءة، أي: أن الأصل أنه كان يخافت، ولكنه جاء ذكر الجهر والمراد به: أنه كان يجهر ليعلمهم وليعرفوا بأي شيء قرأ رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وأن ذلك حق وسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو ثقة، فقيه، من صغار التابعين أدرك صغار الصحابة مثل أنس بن مالك وغيره، وهو مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي أمامة].
هو أسعد بن سهل بن حنيف رضي الله تعالى عنهما، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث الضحاك بن قيس وهو بنحو حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله تعالى عنه؛ لأنه قال: (بنحو ذلك) أي: بنحو المتن الذي جاء ذكره في الإسناد السابق؛ وهو حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله تعالى عنه، وكلمة (بنحوه) أي: أن المتن قريب من المتن السابق، ولكن ليس مطابقاً اللفظ؛ لأنه إذا كان اللفظ مطابقاً يعبر عنه بمثله، لكن لما عبر عنه بنحوه معناه: أن اللفظ لم يكن مطابقاً، بل فيه شيء من الاختلاف، ولهذا عبر بكلمة (نحوه)، ولم يعبر بكلمة (مثله) التي تفيد المساواة، وتفيد التماثل التام بين اللفظ المتقدم واللفظ الذي لم يذكر.
هؤلاء قد مر ذكرهم.
[عن محمد بن سويد الفهري].
صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن الضحاك بن قيس].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج حديثه النسائي وحده، كالتلميذ الذي قبله.
الجواب: ذكر السيوطي أن طائفة من أهل العلم قالوا بأنه لا يقال ذلك في حقها، وإنما يقال في حق الرجل وحده، ومقتضى كلامه أن فيه من يقول بالمطابقة وبالمماثلة؛ لأن قوله: (قال طائفة)، يعني: أن بعض أهل العلم قال هذه المقالة.
الجواب: صلاة الجنازة -كما هو معلوم- تشتمل على التكبيرات، والقراءة، والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم والدعاء، والدعاء يحتاج إلى أن يسبق بالحمد والثناء على الله -الذي اشتملت عليه الفاتحة- والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ليكون ذلك من أسباب قبول الدعاء، فصلاة الجنازة هي فرض كفاية من حيث العموم، والإنسان يأتي بما وردت به السنة من تفاصيلها من حيث التكبيرات، والقراءة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء، لكن إذا كان الإنسان جاء في آخر الصلاة ولا يمكنه أن يجمع بين القراءة وبين الدعاء فإنه يأتي بالدعاء؛ لأنه هو المقصود، وإذا سلم الإمام يقضي ما فاته من التكبيرات دون أن يقرأ، وإنما يدعو دعاءً قصيراً بأن يقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه مثلاً، ثم يسلم؛ لأن الجنازة ترفع، ولا تبقى أمامه أو أمام الإمام، فإذا كان الإنسان لم يدرك من الصلاة إلا آخرها ولو اشتغل بقراءة الفاتحة والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم يفوت الدعاء فإن الإنسان يترك قراءة الفاتحة، والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، ويأتي بالدعاء؛ لأن هذا هو المقصود من الصلاة عليه، لكن لو كان الأمر فيه مجاز وسعة بأن يقرأ ويصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم ثم يدعو لا شك أن هذا هو الأولى وهو الأحسن، ولو كان ذلك في آخر الصلاة.
الجواب: ليس للإنسان أن يفعل ذلك؛ لأن الذي حصل هو أن يقول كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما أن يقول: كما فعل فلان أو لبيك حجاً كما لبى فلان، فلا وجه لذلك، ولا حاجة إلى ذلك، بل هو يلبي بنفسه، وينوي بنفسه، ولا يعلق ذلك بأحد من الناس.
الجواب: لا أعلم، ولكن الذي ورد كما ذكرت، وقد مر بنا في سنن النسائي أن النبي عليه الصلاة والسلام: (لما سمع رجلاً في صلاته يدعو ولم يحمد الله، ولم يصل على رسول الله قال عليه الصلاة والسلام: عجل هذا).
الجواب: ما دام أنها رضعت من أمه فهي أخته، ولو كان ذلك بالفنجان، ليس بلازم أن يكون الرضاع عن طريق المص، كونها تمص الثدي، بل لو حلب الحليب من ثدي المرأة ووضع في قارورة أو وضع في فنجان أو غير ذلك، وأسقي الطفل الصغير الذي هو في سن الرضاع وهو دون الحولين، فإنه يحصل التحريم بذلك، وتصير ابنة للمرأة، فتكون أختاً لجميع أولادها، وكذلك تكون بنتاً لزوجها صاحب اللبن، فتكون أختاً لجميع أولاده من جميع زوجاته، إذا كان عنده عدة زوجات.
طبعاً هذا إذا كان خمس رضعات؛ والمقصود بالرضعة هي: كون الإنسان يشرب سواء يشرب في إناء أو يمص، يعني: كونه يتنفس، ويترك الثدي للتنفس، أو ينحي الإناء عنه إذا كان يشرب في إناء ليتنفس، فإن هذه تعتبر رضعة، فإذا اجتمع له خمس رضعات سواء كانت في جلسة واحدة أو في جلسات متعددات فإنه يحصل التحريم بذلك، وذكر الثلاثة الأيام يدل على أن الرضاع كثير، وأنه يحصل به التحريم.
الجواب: لا شك أن الإنسان يتبع السنة ويدعو بما دعا به الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعرف الأدعية المأثورة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ويدعو بها.
الجواب: إذا لم تعلم المرأة حتى لو كانت ما تجهل، ولكنه تأخر خبر الوفاة حتى تجاوز مدة العدة فإنه ليس عليها عدة وليس عليها إحداد؛ لأن المدة التي مضت هي التي عليها أن تعتد بها وأن تعد بها، فلا تحد بعد مضي أربعة أشهر وعشر أو بعد ولادتها إذا كانت حاملاً؛ لأن العدة والإحداد هو في هذه المدة التي تلي الموت، فلو تأخر الخبر عنها، ولم يبلغها إلا بعد مضي المدة فليس عليها عدة؛ فلا يقال: إنها تبدأ بها، ولو أنها علمت في أثناء العدة فإن التي مضت اعتبرت قبل أن تعلم، وما بقي تعتده حتى تكمل أربعة أشهر وعشرة أيام، أو حتى تلد إن كانت حاملاً.
الجواب: سبق أن مر بنا الترجمة أن الصلاة على الجنازة أنه يكون عن قيام، والرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) فالواجب هو أن يصلى عن قيام، كما فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا يصلى عن جلوس، اللهم إلا إذا كان الإنسان لا يستطيع، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، لكن لا يقال: إن هذه من جنس النوافل التي للإنسان أن يصلي جالساً، ويكون له نصف أجر القائم، هذه ليست من قبيل السنن، وإنما هذه من قبيل الفروض فروض الكفايات التي إذا قام بها من يكفي سقط الإثم على الباقين الذين ما صلوا.
الجواب: أمور الغيب كما هو معلوم لا يقاس بأمور الشهادة؛ يعني: حال الغيب مثل أحوال الشهادة، فالله هو على كل شيء قدير، والله تعالى أقدر الملائكة على ما أقدرهم عليه، ولا تقاس أمور الغيب على أمور الشهادة، وليس هذا في هذه المسألة بل في مسائل كثيرة، فالإنسان لو أراد أن يتكلم على حسب ما يعرف، ويشاهد في هذه الحياة الدنيا فإنه يمكن أن يقول مثل هذا، لكن الإنسان يسلم، ولا يكون في نفسه شيء أو إشكال في ذلك، هذه مسائل كبيرة مثل قضية منكر ونكير، وسؤال منكر ونكير، والناس يموتون بالآلاف يعني: في اليوم الواحد، وفي الوقت الواحد، ثم كذلك بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم، الصلاة عليه والرسول يقول: (إن لله ملائكة سياحين يبلغون عن أمتي السلام) والذين يصلون عليه في الأرض بمئات الألوف والملائكة تبلغه، فلا يقال: كيف يكون ذلك وهو شخص واحد، وهذه أمم تصلي عليه، فهذه أمور غيبية، فالإنسان يصدق، ويسلم بما جاء به النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يقيس ذلك على حال الشهادة، أيضاً مثله عذاب القبر، فعذاب القبر حق، وأن الإنسان يعذب والناس لا يشاهدون العذاب، فلو فتح القبر ما يقال: والله ليس فيه عذاب، بل فيه عذاب، والناس لا يرون العذاب، وفيه نعيم، والناس لا يرون النعيم، وليست أمور البرزخ مثل أمور الدنيا وأمور الحياة، من استحق العذاب وصل إليه العذاب، والناس لا يشاهدون ذلك؛ لأن أمور البرزخ وأمور الغيب تختلف عن أمور الشهادة.
الجواب: نعم، يأتي بلفظ الجمع: اللهم اغفر لهم، وارحمهم، وعافهم، واعف عنهم، وأكرم نزلهم.
الجواب: نعم، الحديث يدل على أنه يقرأ، وقد جاء في بعض الروايات ذكر الفاتحة وحدها، فإذا اقتصر على الفاتحة فإنه قد جاءت بعض الروايات في ذلك، وإن قرأ سورة مع الفاتحة فقد جاءت بعض الروايات بذلك.
الجواب: يمكن أن يدعو بأكثر من دعاء بأن يقول: اللهم اغفر له وارحمه، ويقول: اللهم اغفر لحينا وميتنا، كل هذا يأتي به.
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يحافظ على شيء في السفر مثل ما كان يحافظ على الوتر وركعتي الفجر، فالوتر وركعتا الفجر هاتان النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتركهما، فالإنسان المسافر سواء كان حاجاً أو غير حاج فإنه يأتي بركعتي الفجر ويأتي بالوتر.
الجواب: يجوز أن يطوف قبل أن يرمي، والنبي عليه الصلاة والسلام رتب أعمال يوم النحر؛ فرمى، ثم نحر، ثم حلق، ثم طاف، ولكنه ما سئل عن شيء قدم ولا أخر من هذه الأمور الأربعة إلا قال: (افعل لا حرج)، فدل على أن التقديم والتأخير سائغ، ولكن الإتيان بها كما رتبها رسول الله عليه الصلاة والسلام هو أولى وأفضل.
ولو قيل: لو كان الطواف من الليل؟
فإنا نقول: ولو كان من الليل، إذا كان الإنسان ممن رخص له أن ينزل من مزدلفة في آخر الليل فله ذلك، لكن كما قلت: كونه يرتب كما رتب رسول الله عليه الصلاة والسلام هو الأولى.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر