أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن هشام والأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم الجنازة فقوموا، ومن تبعها فلا يقعدن حتى توضع)].
يقول النسائي رحمه الله: الجلوس قبل أن توضع الجنازة.
ومراد النسائي من هذه الترجمة هو: بيان أن الحديث ورد بأن من تبع جنازة فإنه لا يقعد حتى توضع على الأرض، وليس المقصود وضعها في اللحد؛ لأن ذلك قد يطول وقد يحصل أن اللحد يحتاج إلى شيء من التهيئة ولكن المقصود هو وضعها من أعناق الرجال على الأرض.
وقد أورد النسائي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه وأرضاه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(إذا رأيتم الجنازة فقوموا، ومن تبعها فلا يقعدن حتى توضع)]، وهذا هو محل الشاهد في إيراد الحديث في هذه الترجمة، وهو أن الإنسان لا يجلس إلا بعد أن توضع الجنازة على الأرض.
هو ابن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[حدثنا عبد الله].
هو ابن المبارك المروزي، وهو ثق، ثبت، جواد، عابد، مجاهد، جمعت فيه خصال الخير كما قال ذلك الحافظ ابن حجر رحمة الله عليه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام].
هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[والأوزاعي].
هو أبو عمر عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، إمام أهل الشام، وفقيهها، ومحدثها، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، ثبت، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع من الفقهاء السبعة؛ لأن ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع مختلف فيه على ثلاثة أقوال، قيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف هذا، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
[عن أبي سعيد الخدري].
هو سعد بن مالك بن سنان الخدري، مشهور بكنيته ونسبته، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وأبو سعيد، وابن عباس، وأنس، وجابر وأم المؤمنين عائشة، فـأبو سعيد أحد هؤلاء السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عن هؤلاء السبعة وعن الصحابة أجمعين.
أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن يحيى عن واقد عن نافع بن جبير عن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه ذكر القيام على الجنازة حتى توضع فقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قعد)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: القيام للجنازة وهو القيام عند رؤيتها، وأن من كان جالساً يقم، وقد مر بنا أحاديث فيها القيام للجنازة، وذكرنا فيما مضى أن جمهور أهل العلم على أن القيام منسوخ، وهذا الحديث حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه دال على ذلك؛ لأنه قال: (قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قعد)، يعني: أنه قعد أي: ترك القيام، كان يقوم أول الأمر، ثم إنه ترك القيام فقعد ولم يقم، بل بقي على قعوده، ولم يقم لمرور الجنازة، وهذا الذي أورده النسائي هنا وفيه الإشارة إلى النسخ؛ لأنه قال: (قام الرسول صلى الله عليه وسلم فقمنا، وقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعدنا)، وجاء في بعض الروايات التعبير بثم، وأنهم كانوا يقومون كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم، ثم قعدوا كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقعد، أي: أن القيام للجنازة منسوخ كما قاله جمهور أهل العلم.
هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث].
هو الليث بن سعد المصري، المحدث، الفقيه، ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
مداخلة: [عن يحيى].
هو ابن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن واقد].
هو واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن نافع بن جبير].
هو نافع بن جبير بن مطعم النوفلي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مسعود بن الحكم].
له رؤية، وله رواية عن الصحابة، وحديثه أخرجه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه].
هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره لأجل ابنته فاطمة وهو: أبو الحسنين الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما، وهو ذو المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وهو رابع الخلفاء الراشدين، وهو رابعهم في الفضل؛ لأن أفضل الصحابة: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، وهم خلفاء راشدون، هادون، مهديون، وعلي رضي الله عنه، هو آخر هؤلاء الخلفاء الأربعة الذين خلافتهم خلافة نبوة كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (خلافة النبوة بعدي ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء).
أورد النسائي حديث علي بن أبي طالب من طريق أخرى، وهو قريب من الذي قبله، قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قام فقمنا) يعني: للجنازة عند مرورها.. (ثم قعد وقعدنا)، يعني: أنه ترك القيام فتركنا القيام يعني: فقعدنا فلم نقم، وهذا فيه إشارة إلى النسخ، وأن القيام منسوخ، وأنه كان في أول الأمر ثم نسخ.
هو أبو مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي.
[حدثنا خالد].
هو ابن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو ابن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني محمد بن المنكدر].
هو محمد بن المنكدر المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مسعود بن الحكم عن علي].
وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
ثم أورد النسائي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، الذي يتعلق بالجلوس عند القبر قبل الدفن، وهو حديث طويل أورده النسائي هنا طرفه الأول، وهو مطول يتعلق ببيان ما يجري في القبر من السؤال، والفتنة، ومن نعيم القبر، وعذابه، وكذلك ما يجري عند نزع الروح من البدن، فيما إذا كانت مؤمنة، وإذا كانت غير ذلك.
فهو حديث طويل، وفي أوله (خرجنا مع النبي عليه الصلاة والسلام فلما انتهينا إلى القبر ولما يلحد)، معناه: أنه بقي شيء في اللحد يحتاج إلى تكميله، (فجلس، وجلسوا معه كأن على رءوسهم الطير)، يعني: من هدوئهم، وسكونهم، ووقارهم؛ لأن هذا التعبير، وهو: كأن على رءوسهم الطير؛ لأن الطير لا يقع إلا على شيء ساكن، وعلى شيء مستقر، فهم بهدوئهم، وسكونهم كأن على رءوسهم الطير، فوعظهم، وذكرهم، وبين ما يجري في القبر، وما يجري عند نزع الروح، وما يجري عند دخول القبر وسؤال الملكين عن أصول الإيمان، وعن أصول الدين الثلاثة التي هي: معرفة العبد ربه، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام، فيسأل عن ربه، ودينه، ونبيه، وإذا كان موفقاً أجاب، ويفتح له باب من الجنة، فيأتيه من روحها ونعيمها، وإذا كان بخلاف ذلك يكون الأمر بخلاف ذلك والعياذ بالله.
فهو حديث طويل مشتمل على موعظة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه الكرام.
وهو دال على جواز الموعظة عند القبور قبل الدفن، في مثل هذه الحالة وهي: أن يكون الناس بانتظار الدفن، فيحصل التذكير، والوعظ بذلك اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن هذا الحديث دل على ذلك.
صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا أبو خالد الأحمر].
هو سليمان بن حيان الكوفي، وهو صدوق، يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن قيس].
هو عمرو بن قيس الملائي، وهو ثقة، عابد، وقد ذكر في ترجمته أنه كان يبيع الملاء، وهي: العباءات؛ وكان يقول: مساكين أهل السوق، لو أن الواحد منهم إذا كسدت سلعته ذكر الله عز وجل لتمنى يوم القيامة أن يكون أكثر أهل السوق كساداً، يعني: لما يحصل له من ذكر الله عز وجل عند حصول الكساد.
أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن المنهال بن عمرو].
هو المنهال بن عمرو الكوفي، وهو صدوق ربما وهم، وحديثه أخرجه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة، والبخاري روى له حديثاً في تفسير سورة فصلت، أثر طويل عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه، وقد ذكره البخاري على طريقة تختلف، أي: أنه ذكر المتن، ثم ذكر الإسناد، وهذا نادر في استعماله؛ لأنه كان يسوق الإسناد، ثم يسوق المتن، لكن كونه يذكر المتن أولاً ثم يذكر الإسناد آخراً هذا من أندر النوادر عند البخاري رحمه الله، والمنهال بن عمرو جاء في إسناد ذلك الحديث، أو ذلك الأثر عن ابن عباس في تفسير سورة فصلت.
[عن زاذان].
هو أبو عمرو الكندي، وهو صدوق، يرسل، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن البراء].
هو البراء بن عازب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا هناد عن ابن المبارك عن معمر عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتلى أحد: (زملوهم بدمائهم، فإنه ليس كلم يكلم في الله إلا يأتي يوم القيامة يدمى، لونه لون الدم، وريحه ريح المسك)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: مواراة الشهيد في دمه، يعني: بثيابه الملطخة بدمه فلا يغسل، بل يبقى دمه، حتى يأتي يوم القيامة على الوصف الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن ثعلبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قتلى أحد: [(زملوهم بدمائهم)] أي: لفوهم بها بدمائهم أي: الملطخة بالدماء، ثيابهم الملطخة بالدماء.
قوله: [(فإنه ليس كلم يكلم في الله)].
يعني: جرح، والكلم هو: الجرح، (فليس كلم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة اللون لون الدم)، والريح ريح المسك، وهي علامة على عمل صاحبه، أي: ذلك الشهيد الذي استشهد في سبيل الله، يأتي يوم القيامة ودمه شاهداً على ذلك العمل الجليل له، ويقال للجرح كلم، ويقال عن خطورة اللسان، وما يحصل بسببه من الأذى الشديد يقول: كلم اللسان أنكى من كلم السنان، يعني: الجرح الذي يحصل عن طريق اللسان أشد من الجرح الذي يحصل عن طريق السنان، يعني: السلاح، وهذا فيه بيان خطورة الأذى باللسان، وما يحصل به من الأذى، وما يحصل به من الجرح لمن يؤذى، وأن مضرته أشد من مضرة من يكلم أي: يجرح بدنه.
هو ابن السري أبو السري الكوفي وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن ابن المبارك].
هو عبد الله بن المبارك، وقد مر ذكره قريباً.
[عن معمر].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري، نزيل اليمن، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو ثقة، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من صغار التابعين الذين رأوا صغار الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن ثعلبة].
هو عبد الله بن ثعلبة رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
وقال الحافظ في التقريب: له رؤية، ولم يثبت له سماع، لكن كما هو معلوم: الحديث معناه جاء في أحاديث كثيرة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر