أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا وكيع، حدثنا سعيد بن السائب عن رجل يقال له: عبيد الله بن معية قال: أصيب رجلان من المسلمين يوم الطائف فحملا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر أن يدفنا حيث أصيبا، وكان ابن معية ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم].
ثم ذكر النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي: أين يدفن الشهيد، وهو أنه يدفن في المكان الذي قتل فيه، فيدفن القتلى في سبيل الله في مصارعهم، وفي الأماكن التي قتلوا فيها، ولا ينقلون إلى أماكن أخرى إلا إذا كان هناك ضرورة تلجئ إلى ذلك فهذا شيء آخر، وأما حيث لا ضرورة فإنهم يدفنون في أماكنهم التي ماتوا فيها، وقد أورد النسائي حديث عبيد الله بن معية.
قوله: [قال: أصيب رجلان من المسلمين يوم الطائف، فحملا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر أن يدفنا حيث أصيبا].
أي: في المكان الذي قتلا فيه، وألا ينقلا إلى مكان آخر، وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن معية، أو يقال له عبيد الله ويقال عبد الله، وحديثه مرسل، وقد ذكر في الحديث أنه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه صغير ليس له سماع.
هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي، وهو ثقة، ثبت، فقيه، مجتهد، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن وكيع].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، حافظ، مصنف، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سعيد بن السائب].
وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن رجل يقال له: عبيد الله بن معية].
ويقال: عبد الله بن معية السوائي، وحديثه مرسل، أي أنه لم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحديث من حيث كونه مرسل، والمرسل ليس حجة، فلذا الحديث ذكره الألباني في ضمن ضعيف سنن النسائي، لكن معناه جاء في أحاديث أخرى وهي: دفن الشهداء في أماكن استشهادهم، لكن الحديث نفسه من حيث الإسناد هو مرسل؛ لأنه ليس فيه ذكر الصحابي، وإنما التابعي أضاف ذلك إلى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم.
ذكر النسائي رحمه الله حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وهو: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى أحد أن يردوا إلى مصارعهم، وأن يدفنوا في المكان الذي قتلوا فيه، وقد نقلوا إلى المدينة).
قوله: [أخبرنا محمد بن منصور].
هو الجواز المكي، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا سفيان].
هو ابن عيينة المكي الهلالي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الأسود بن قيس].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نبيح العنزي].
هو نبيح بن عبد الله العنزي، وهو مقبول، خرج له النسائي وحده.
[عن جابر بن عبد الله].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابي ابن صحابي، وأبوه ممن استشهد يوم أحد، وهو عبد الله بن حرام الأنصاري، وهو من الذين دفنوا هناك، وقد جاء أنه بعد مضي ستة أشهر قرب السيل منه، فخشي أن يجترفه فنبشه، فوجده كما وضع في قبره على حالته التي وضع عليها، يعني: لم يتأثر جسده في الأرض، كالهيئة التي وضع عليها رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
وجابر بن عبد الله الأنصاري أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكرهم آنفاً.
أورد النسائي رحمه الله حديث جابر رضي الله عنه من طريق أخرى وهو بمعنى الذي قبله، يقول هنا: [(ادفنوا القتلى في مصارعهم)]، أي: في المكان الذي صرعوا فيه، ولقوا مصرعهم فيه، وماتوا فيه.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك].
هو محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الأسود بن قيس].
وكيع هو ابن الجراح وقد مر ذكره، وسفيان، هو الثوري؛ لأنه إذا جاء سفيان غير منسوب يروي عنه وكيع فالمراد به الثوري، وسفيان الثوري، هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، ثبت، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن جابر].
وقد مر ذكرهم.
أخبرنا عبيد الله بن سعيد، حدثنا يحيى، عن سفيان، حدثني أبو إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن علي رضي الله تعالى عنه قال: (قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن عمك الشيخ الضال مات فمن يواريه؟ قال: اذهب فوار أباك، ولا تحدثن حدثاً حتى تأتيني، فواريته، ثم جئت، فأمرني فاغتسلت، ودعا لي، وذكر دعاء لم أحفظه)].
ثم ذكر النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي: مواراة المشرك، وهو أن المشرك لابد من مواراته ودفنه، فالميت إذا مات لابد من دفنه ومواراته، وأورد النسائي حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في وفاة أبيه أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه جاء وأخبره وقال: إن عمك الشيخ الضال قد مات فمن يواريه؟ قال: اذهب فواره، يعني: ادفنه؛ لأنه لا بد من دفن الميت سواء كان مسلماً أو كافراً، إلا أن المسلمين في مقابرهم، والكفار يدفنون في مقابرهم على حدة، ولا يدفنون في مقابر المسلمين، ولا يدفن المسلمون في مقابر الكفار، (فجاء
قوله: [قال: فاغتسل ودعا لي وذكر].
(ودعا لي) أي: دعا لـعلي رضي الله عنه، ولم يدع لـأبي طالب؛ لأن الكافر لا يدعى له، ولا يستغفر له، وقد جاء في الصحيحين قصة وفاة أبي طالب، وأنه جاء إليه النبي عليه الصلاة والسلام وهو في مرض موته، فقال له: يا عم، قل لا إله إلا الله كلمة أحاجك بها عند الله، وكان عنده بعض الجلساء، فقالوا له: أترغب عن ملة عبد المطلب، فكانت النهاية أن قال: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فمات كافراً، ومات مشركاً، والعياذ بالله.
والحديث دال على وجوب مواراة الكافر، وأن كل ميت يوارى، ولا يبقى على ظهر الأرض، بل يجعل في باطنها؛ لأن الدفن لا بد منه، ولا بد من مواراة الميت سواء كان مسلماً أو كافراً، وفيه: ذكر الاغتسال، قيل: ولعل هذا الاغتسال لمباشرته للمشرك، فأمر بالاغتسال وأرشد إلى أن يغتسل، وقيل: لعله قد غسله، لكن التغسيل ما جاء شيء يدل عليه، ولكن الذي جاء هو المواراة وهو سأل عن المواراة وقد فعل تلك المواراة، فقيل: لعل ذلك من أجل مواراته، وملامسة جسده، ومن المعلوم أن الكافر نجاسته معنوية، وليست نجاسته نجاسة حسية، بمعنى: أن الذي يلمسه كأنه لمس نجاسة، فلابد أن يغسل النجاسة.
فنجاسة الكفار نجاسة معنوية قد وصفهم الله عز وجل بذلك فقال: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28].
هو عبيد الله بن سعيد السرخسي أبو قدامة، وهو ثقة، مأمون، سني، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
سفيان هو الثوري، وقد مر ذكره آنفاً.
[حدثني أبو إسحاق].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي الكوفي، وهو ثقة، يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ناجية بن كعب].
ثقة، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن علي].
هو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وقد مر ذكره.
الجواب: غروب الشفق هو الذي يبدأ به وقت العشاء، وينتهي به وقت المغرب، أي: إذا كان عندهم الليل وفيه يحصل هذا الوقت الذي مع غروب الشمس، ثم يحصل معه مغيب تلك الحمرة التي تتبع الشمس، فإن هذا هو الوقت الذي ينتهي به صلاة المغرب، ويبدأ به صلاة العشاء، والجمع لا يجوز للحاضر إلا إذا كان هناك ضرورة تلجئ إليه، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، لكن كونه يصير بصفة دائمة أو في أوقات كثيرة، هذا خلاف السنة، وإنما كل صلاة يصلونها في وقتها.
الجواب: إذا كان الكفار تولوا هذا فلا يذهب معهم، أما إذا ما وجد أحد يقوم بهذه المهمة، فإن المسلم يذهب، ويدفن الكافر مثل ما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليدفن أباه.
الجواب: الراتب الشهري إذا كان يؤكل ولا يبقى منه شيء يدخر، فإنه لا زكاة فيه، وإذا ادخر منه شيء، وحال عليه الحول، فإنه يزكى إذا بلغ نصاباً.
الجواب: التلقين هو عند الموت وليس عند القبر؛ لأن الإنسان ما دام على قيد الحياة، وهو على وشك مغادرة الحياة، فهذا هو الذي ينفعه التلقين، والتلقين ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الموت، وليس بعد الموت، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فإنه من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة) ومتى يكون آخر كلام الإنسان من الدنيا لا إله إلا الله يعني: ما دام على قيد الحياة، أما إذا مات فقد انتهى على ما انتهى عليه، وقال: (موتاكم) هنا؛ لأنه على وشك الموت، ولأنه في آخر الحديث قال: (فإنه من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة)، معناه: يقولها وهو على قيد الحياة قبل أن تنزع روحه، أما إذا نزعت روحه، فإنه لا يلقن، والتلقين عند الدفن أو بعد الدفن لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما الذي ثبت هو التلقين عند الموت كما جاء في الحديث الذي أشرت إليه: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فإنه من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة).
الجواب: كما هو معلوم إذا كان الناس قائمين بدفنها فهذا طبعاً ما فيه مجال للموعظة، وإنما الموعظة تحتاج إلى استعداد لها من حيث أن الناس يقبلونها، أما إذا كان الناس يقومون، ويقعدون، ويدفنون، فهذا ما فيه مجال للموعظة، للموعظة مجال إذا كان القبر يحتاج إلى أنه يمضي وقت حتى يوضع في اللحد، أو يجهز القبر عند ذلك تكون الموعظة، مثل ما جاء في حديث البراء بن عازب، قال: ولما يلحد معناه: أنه ما استكمل اللحد، فجلس وجلسوا معه، فوعظهم، وأما ما دام الناس واقفين لدفنه ومواراته، فالناس مشغولون بعملهم، ولا يسمعون الموعظة، ولا ينتبهون للموعظة.
الجواب: أنا ذكرت أن جمهور أهل العلم على أن ذلك منسوخ، وأنه لا يقام إلى الجنازة.
الجواب: لعل ذلك لكونه جاء في بعض الروايات أن أهل ذلك المسجد كانوا يصلون إلى جهة بيت المقدس قبل أن يبلغهم نسخ القبلة، ثم بلغهم النسخ فتحولوا من جهة الشام إلى جهة الكعبة، فكان أول الصلاة إلى المسجد الأقصى وآخر الصلاة إلى المسجد الحرام، وهذا جاء في بعض الأحاديث، لكن الذي ثبت في الصحيحين وغيرهما، أن ذلك حصل في قباء أن الناس كانوا يصلون إلى جهة الشام، ثم صاروا يصلون إلى جهة مكة، جاء آتٍ والناس يصلون فقال لهم: إن الرسول عليه الصلاة والسلام أنزل عليه قرآن، وأنه استقبل القبلة، فاستداروا في صلاتهم فكانت أول صلاتهم، إلى الشام، وآخر صلاتهم إلى الكعبة.
جاء في بعض الروايات ما أدري عن صحتها، أن مثل ذلك حصل في مسجد بني سلمة الذي هو في منازلهم، ولعله قيل لمسجد القبلتين ذلك لأنه بلغ أهل ذلك المسجد نسخ القبلة من المقدس إلى الكعبة، فتحولوا في صلاتهم، فصار أول صلاتهم إلى قبلة وآخر صلاته إلى قبلة أخرى، لكن الذي ثبت في الصحيحين وغيرهما أن ذلك حصل في قباء.
فإن قال قائل: كيف يتحولوا وهم في الصلاة؟
فالجواب: أي: استدار كل واحد منهم والإمام تقدم، بدل ما كان في الجهة الشمالية قطع الصف، وتقدمهم وكل واحد استدار وهو في مكانه إلى جهة الكعبة، والإمام كان في الشمال فراح إلى الجنوب، ويقطع الصف، ويصف أمامهم.
الجواب: لا، ما يستقبلها وإنما يشير بدون استقبال، يشير وهو ماشٍ، ولا يشرع النظر إليه، وإنما يشير وهو ماشٍ، والحجر كما هو معلوم، لا يمكن رؤيته من الناس.
الجواب: لا، العمود لا يشتغل الإنسان في إصابتها، وإنما يشتغل في كونه يضع الحصى في المرمى، والعمود ما وضعت من أجل أنها ترمى، وإنما من أجل أن تدل على مكان الحوض، وتدل على مكان الرمي، وأن الرمي يكون هناك في المنطقة، وليس لأن العمود يرمى، فالعمود هذه علامة على أن الرمي تحتها.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر