أخبرني محمد بن آدم عن ابن فضيل عن أبي سنان عن محارب بن دثار عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام، فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها، ولا تشربوا مسكراً)].
يقول النسائي رحمه الله: زيارة القبور، أي: حكم زيارة القبور، وهي: أنها مستحبة، وسنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي على أمرين: تكون على وجه مشروع، وعلى وجه ممنوع، تكون على طريقة سنة وتكون على طريقة بدعة.
أما الوجه المشروع: فهو الذي يستفيد منه الحي الزائر والميت المزور، وكل منهما يستفيد من الزيارة، أما الفوائد التي يستفيدها الزائر فهي أولاً: أنه يتذكر الموت، ويتذكر الآخرة، ويتذكر أنه سيصير إلى ما صار إليه أصحاب القبور، وأنه سيأتي عليه يوم من الأيام يكون من أهل القبور، وإذا تذكر الموت استعد له بالأعمال الصالحة التي تنفعه عند الله عز وجل، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: [(فزوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة)] أو تذكركم الموت.
إذاً: فهذه فائدة عظيمة وكبيرة تحصل للمسلم الزائر للقبور، رجاء أنه يتذكر الموت، ويستعد له بالأعمال الصالحة، والبلاء الذي يحصل للناس إنما هو من الغفلة عن الموت، والغفلة عن الدار الآخرة، وكون الإنسان يكون عنده طول الأمل وحب الدنيا، فيغفل عن الموت، وإلا فإنه يتذكر الموت، ويستعد له بالأعمال الصالحة، ويكون على خير، والنبي صلى الله عليه وسلم جاء إليه رجل وقال: (يا رسول الله، متى الساعة؟ فقال عليه الصلاة والسلام: وماذا أعددت لها؟) قلب عليه الصلاة والسلام السؤال عليه، ولفت نظره إلى الأمر المهم، وهو: أنه ليس المهم أن يعرف الإنسان متى تقوم الساعة، فالساعة آتية وكل آت قريب، ولكن المهم في الأمر: أن يعرف الإنسان ماذا قدم لنفسه إذا قامت الساعة؟، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (وماذا أعددت لها؟) فالسائل وفق في الجواب وقال: (أعددت لها حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: المرء مع من أحب) قال أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: (فوالله ما فرحنا بشيء بعد الإسلام أشد منا فرحاً بهذا الحديث)؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (المرء مع من أحب) ثم قال أنس: (فأنا أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحب أبا بكر، وعمر، وأرجو من الله أن يلحقني بهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل مثل أعمالهم).
الفائدة الثانية التي تحصل للزائر: أنه يفعل سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي زيارة القبور فيؤجر على فعله السنة، فهو يعمل أمراً مشروعاً، ويعمل أمراً مستحباً، فيؤجر على فعله ذلك.
الفائدة الثالثة: أنه يدعو للأموات، فيؤجر على دعائه لهم.
إذاً: فهذه ثلاث فوائد تحصل للزائر الذي يزور القبور، وهي: أنه يتذكر الموت، ويستعد له بالأعمال الصالحة، وأنه يفعل أمراً مشروعاً مستحباً، فيؤجر عليه، وأنه يحسن إلى إخوانه الأموات بالدعاء لهم، فيؤجر على ذلك.
أما الميت فإنه يستفيد من الزيارة الشرعية، وهي أنه يدعى له، ومن المعلوم أن الأموات انتقلوا من دار العمل إلى دار الجزاء كما جاء عن أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: (إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة، ولكل منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل).
فأصحاب القبور انتقلوا من دار العمل إلى دار الجزاء، فإذا دعا لهم إخوانهم الأحياء فإنهم يستفيدون من دعائهم، وينتفعون بدعائهم لهم.
إذاً: فالأموات إذا زارهم الأحياء ودعوا لهم، فإنهم يستفيدون من هذه الزيارة ويستفيدون من هذا الدعاء لهم.
إذاً: عرفنا أن الزيارة الشرعية هي: التي تشتمل على فائدة للحي وفائدة للميت، أما الزيارة البدعية: فهي التي تأتي إلى أصحاب القبور ويعلق آمالهم بهم، ويسألهم قضاء حاجاته، وكشف كرباته، فيدعوهم ويغفل عن دعاء الله عز وجل، فيجعلهم هم المدعوين، وهم الذين يطلب منهم قضاء الحاجات، ومن المعلوم: أن قضاء الحاجات إنما يكون من الله عز وجل، وهو الذي يفزع إليه، وهو الذي يلجأ إليه، وهو الذي يعتصم به، وهو الذي بيده ملكوت كل شيء سبحانه وتعالى، ولهذا يقول الله عز وجل في كتابه العزيز: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ [النمل:62] يعني: لا أحد سوى الله عز وجل يحقق هذه الأمور، ويفزع إليه في هذه الأمور.
فالميت يدعى له ولا يدعى، فعندما يزور الإنسان الأموات يدعو لهم بأن يسأل الله عز وجل لهم المغفرة، والرحمة، والعافية، ولا يطلب منهم أشياء، بل الأشياء تطلب من الله عز وجل، والله تعالى هو الذي يدعى وهو الذي يرجى، وهو الذي يتوكل عليه، وهو الذي يعتمد عليه، وهو الذي يلتجأ إليه، وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء.
وعلى هذا، فإن الزيارة البدعية: هي التي يأتي الإنسان بها على وجه غير مشروع، فيدعو الأموات، ويستغيث بالأموات، ويطلب حاجاته من الأموات، ويعول على الأموات في حاجاته، وفي رغباته، فيكون بذلك تضرر، ولم يستفد الميت من هذه الزيارة.
والزيارة البدعية يتضرر فيها الزائر؛ لأنه دعا غير الله، ولأنه علق آماله بغير الله، والميت لا يستفيد؛ لأنه دعي وطلب منه أشياء لا تطلب إلا من الله، ولم يدع له، فالزيارة الشرعية يستفيد منها الحي والميت، والزيارة البدعية يتضرر منها الحي، ولا يستفيد منها الميت شيئاً.
وقد أورد النسائي في هذه الترجمة حديث بريدة بن حصيب الأسلمي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، والذي اشتمل على ثلاثة أمور فيها الناسخ والمنسوخ، فقال عليه الصلاة والسلام: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها) وهذا هو محل الشاهد، والرسول صلى الله عليه وسلم كان نهاهم عن زيارة القبور، ثم أرشدهم إلى زيارتها، وشرع لهم زيارتها، وهذا فيه الجمع بين الناسخ والمنسوخ، فالمنسوخ في أول الجملة والناسخ في آخرها.
[(كنت نهيتكم عن زيارة القبور)] معناه: كانت زيارة القبور منهي عنها، ثم أمر بها وشرعت، فكان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم مشروعية زيارة القبور، واستحباب زيارة القبور.
وقوله: [(ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام، فأمسكوا ما بدا لكم)].
أي: قد كان عليه الصلاة والسلام منع الناس أن يدخروا لحوم الأضاحي، وإنما يأكلوا في حدود ثلاثة أيام، والزائد على ذلك يقسم، ويوزع، فهذا هو الذي كان أولاً، ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام رخص لهم بأن يدخروا ما بدا لهم، معناه: يأكلوا، ويدخروا، ولو زاد ذلك على ثلاثة أيام، فالحكم المنسوخ: أن لا يدخروا ما زاد على حاجة ثلاثة أيام من لحوم الأضاحي، وما زاد فإنه يوزع، ويعطى للفقراء، ولا يدخر أكثر من ثلاثة أيام، ثم جاء الناسخ وهو: أنهم يدخرون ما بدا لهم كما يريدون، فيأكلون، ويتصدقون، ويهدون.
قوله: [(ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء، فاشربوا في الأسقية، ولا تشربوا مسكراً)].
أي: نهاهم أن ينتبذوا في أوعية معينة جاء تبيينها في بعض الروايات، وتلك الأوعية التي جاء النهي عنها عن الانتباذ فيها، فيها قوة، وفيها صلابة، قد يحصل الإسكار، ولا يتبين، فمنعوا من أن ينتبذوا فيها، وأمروا أن ينتبذوا في الأسقية، وهي: القرب التي هي من الجلود، والتي إذا تغير ما في داخلها يظهر ذلك التغير على ظاهرها، والأوعية المنهي عنها هي: الدباء، والمزفت، والنقير، والحنتم، وهذه أوعية غليظة، صلبة، قاسية ليست لينة، وليست سهلة، فإنهم إذا انتبذوا فيها قد يحصل الإسكار، وهم لم يعرفوا أنه وصل إلى حد الإسكار، فيشربون منه، فيكون مسكراً، فنهوا عن ذلك في أول الأمر، ثم أمروا بأن ينتبذوا في كل وعاء، بشرط أن لا يشربوا مسكراً، فالدباء، والحنتم، والمزفت، والنقير كل هذه أشياء صلبة قوية يحصل التغير ولا يعرف ذلك، بخلاف الأسقية فإنه يظهر على ظاهرها إذا حصل التغير في داخلها، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان نهاهم أن ينتبذوا بتلك الظروف الصلبة القوية، وأن يكون انتباذهم في أسقية، رطبة، لينة، ثم بعد ذلك نسخ هذا المنع، فأمروا أن ينتبذوا في كل وعاء سواء كان صلباً، أو ليناً، ولكن بشرط أن لا يصل إلى حد الإسكار، هذه أمور ثلاثة جاءت في حديث بريدة بن حصيب الأسلمي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهي مشتملة على الناسخ والمنسوخ معاً.
هو محمد بن آدم الجهني، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن فضيل].
هو محمد بن فضيل بن غزوان، وهو صدوق، رمي بالتشيع، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، لكن التشيع الذي رمي به لا يؤثر؛ لأنه جاء عنه أنه قال: رحم الله عثمان، ولا رحم الله من لا يترحم على عثمان، أي: عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، وهذا يدل على سلامته، وعلى بعده عن مذهب الرافضة الذين يبغضون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسبونهم، فهذه الكلمة التي قالها محمد بن فضيل بن غزوان هي مثل الكلمة التي قالها أبو نعيم الفضيل بن دكين يقول: (ما كتبت عليّ الحفظة أني سببت معاوية)، وهذا يدل على سلامته مما رمي به من بدعة التشيع.
[عن أبي سنان].
هو ضرار بن مرة الهمداني، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب، ومسلم، وأبو داود في المراسيل، والترمذي، والنسائي.
[عن محارب بن دثار].
ثقة، عالم، زاهد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن بريدة].
هو عبد الله بن بريدة بن حصيب الأسلمي المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو بريدة بن حصيب الأسلمي رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث بريدة بن حصيب من طريق أخرى، وهو مشتمل على الأمور الثلاثة التي فيها الناسخ والمنسوخ، ولكنه هنا صرح بذكر الأمور التي كان نهى عن الانتباذ بها وهي قوية صلبة، فالدباء هي: القرع، فكانوا يستخرجون اللب، ويبقى قشرها وغلافها، فييبس ويكون وعاءً ينتبذون به، والنقير: كانوا ينقرون النخل، وجذوع النخل، وسوق النخل، وينتبذون بها النقير، والمزفت هي: المطلي بالزفت، والحنتم هي: جرار خضر قاسية كانوا ينتبذون بها، وهي معلومة عندهم، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الانتباذ بها، وأن ينتبذوا بالأسقية وهي: القرب اللينة، وليست القاسية: التي إذا حصل الفساد والتغير في داخلها يظهر على ظاهرها.
ثم إنه رخص لهم في أن ينتبذوا في كل وعاء لكن بشرط؛ أن لا يصل إلى حد الإسكار، ثم ذكر محل الشاهد، وهو النهي عن زيارة القبور وأنه أمر بزيارتها، وقال: (ولا تقولوا هجراً)، والهجر هو: الفاحش أو البذيء من الكلام، وإنما يزورون القبور وهم في هدوء، وفي كلام حسن، وفي تذكرهم الآخرة، من غير أن يقولوا كلاماً سيئاً، فلا يقولون هجراً لا في حديثهم مع بعض ولا في دعائهم، وهو الكلام البذيء غير الصحيح، الكلام الفاسد الذي لا قيمة له ولا عبرة به، وزيارة القبور كما أسلفت هي سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا في حق الرجال.
أما في حق النساء فقد اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من رأى: أن النساء يزرن، ومنهم من رأى: أنهن لا يزرن القبور لما فيهن من الضعف، ولما عندهن من عدم الصبر وعدم التحمل، فيكون زيارتها تذكرها فيحصل منها النياحة، الصياح، ويحصل منها الأمور التي لا تسوغ ولا تجوز، ولهذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لعن الله زوارات القبور) فدل هذا على منع النساء من زيارة القبور، والمسألة خلافية بين أهل العلم، والأظهر هو القول بمنعها، وكما أنه الأظهر فهو أيضاً الأحوط؛ لأن المرأة إذا لم تزر فإنها لا يترتب على عدم زيارتها إلا أنها تركت سنة، أما إذا زارت، فإنها تتعرض للعنة، ومن المعلوم أن كونها تترك سنة أهون من كونها تتعرض للعنة؛ وعلى هذا، فالنساء لا يشرع لهن زيارة القبور على القول الراجح والصحيح، وأما الرجال، فإنه يشرع لهم زيارة القبور، ولكن بالطريقة التي أشرت إليها، وهي الطريقة المشروعة التي يستفيد منها الحي والميت.
هو محمد بن قدامة بن أعين المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا جرير].
هو جرير بن عبد الحميد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي فروة].
هو عروة بن الحارث، وهو ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن المغيرة بن سبيع].
ثقة، أخرج له الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه].
وقد مر ذكرهما.
أخبرنا قتيبة حدثنا محمد بن عبيد عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (زار رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر أمه، فبكى، وأبكى من حوله، وقال صلى الله عليه وسلم: استأذنت ربي عز وجل في أن أستغفر لها، فلم يؤذن لي، واستأذنت في أن أزور قبرها، فأذن لي، فزوروا القبور، فإنها تذكركم الموت)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: زيارة قبر المشرك.
الزيارة للقبور مشروعة سواء كانت القبور قبور مسلمين أو مشركين، لكن قبور المسلمين تزار ليتذكر الموت، وليدعى لأصحابها، أما المشركون، فزيارة قبورهم لتذكر الموت فقط، ولا يدعى لأصحابها، هذا هو الفرق بين قبر المسلم وقبر المشرك.
وقد أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (استأذنت ربي في أن استغفر لها، فلم يؤذن لي، واستأذنت بأن أزور قبرها، فأذن لي، فزوروا القبور، فإنها تذكركم الموت)، وهنا فيه: الإشارة إلى الفائدة من زيارة قبر المشرك وهي تذكر الموت، وأما الاستغفار والدعاء، فإنه لا يدعى لهم، لا يدعى للمشركين ولا يدعى للكفار، وإن الدعاء إنما هو للمسلمين، فقوله عليه الصلاة والسلام: [(فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت)]، دال على زيارة قبور المشركين وتذكر الموت، ودال على منع الاستغفار للمشركين.
هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد بن عبيد].
هو محمد بن عبيد بن أبي أمية الطنافسي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يزيد بن كيسان].
صدوق، يخطئ، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي حازم].
هو سلمان الأشجعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر أصحابه حديثاً، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا محمد وهو ابن ثور عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: (لما حضرت
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: النهي عن الاستغفار للمشركين، وأورد تحتها حديث المسيب بن حزن والد سعيد بن المسيب، أنه لما حضرت عمه أبا طالب الوفاة جاء إليه الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام، ويطلب منه أن يشهد لله بالوحدانية ولنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة، وكان عنده أبو جهل، وعبد الله بن أبي أمية فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب، فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم فكان آخر شيء أن قال: هو على ملة عبد المطلب، ومات وهو على ذلك، ولم يشهد أن لا إله إلا الله، ولم يحقق ما طلبه منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمات مشركاً، ومات كافراً، وقال عليه الصلاة والسلام: [(لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فأنزل الله عز وجل: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى [التوبة:113]، وأنزل الله عز وجل أيضاً: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ [القصص:56]،)] فدل هذا الحديث على عدم جواز الاستغفار للمشركين وفيه: بيان أن هذا سبب نزول هذه الآية، وهي: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى [التوبة:113] أي: كونه أراد أن يستغفر لعمه أبي طالب، فأنزل الله عز وجل عليه هذه الآية التي فيها منع الرسول صلى الله عليه وسلم، والمؤمنين بأن يستغفروا للمشركين، وكذلك أيضاً نزل قول الله عز وجل: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56]؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان حريصاً على هداية عمه، ولكن الهداية التي هي هداية التوفيق والتسديد هذه لله عز وجل، ولا يملكها سواه، ولهذا قال الله عز وجل: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ [القصص:56]، فهذه هي الهداية المنفية عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي هداية التوفيق والتسديد، أما هداية الدلالة والإرشاد فهي مثبة للرسول صلى الله عليه وسلم وذلك في قول الله عز وجل: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى:52].
والحديث دال على ما كان عليه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من الحرص الشديد على هداية عمه أبي طالب الذي نصره، وأيده، وقام في الدفاع عنه، ومنع كفار قريش أن يصلوا إليه، وأن يلحقوا به الأذى، فالله عز وجل سخر عمه بأن يدافع عنه وأن يمنع كفار قريش أن يصلوا إليه بأذى، وقد حرص على هدايته ولكن الله عز وجل لم يهده، فمات على الكفر ومات على الشرك، وأنزل الله عز وجل: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56].
وفيه أيضاً: مخاطبته إياه بقوله: (يا عم)، وهذا يدلنا على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من التلطف مع عمه، وحرصه على أن يهتدي، ولهذا مهد له بهذا التمهيد، وخاطبه بهذا الخطاب بقوله: (يا عم)، وفي هذا دليل على أن مثل ذلك مخاطبة الكافر القريب بأن يقول له: (يا عم)، وإذا كان أباً يقول له: يا أبت، أو خالاً يقول له: يا خال, وما إلى ذلك وأن ذلك سائغ، وأنه لا مانع منه.
وفيه: أيضاً مضرة جلساء السوء على الإنسان، وذلك: أن أبا طالب كان عنده هذان الجليسان، وقد ذكراه بأن يبقى على ملة عبد المطلب، وأن لا يترك ملة عبد المطلب إلى الدين الذي جاء به النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
ففيه: أن ما حصل لـأبي طالب، أو الذي حصل منهما لـأبي طالب هو من مضرة جلساء السوء على الإنسان، وفيه أن أبا طالب مات كافراً، ولم يمت مسلماً، ولهذا جاء في الحديث أن كان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب، ثم مات على ملة عبد المطلب، ولم يشهد أن لا إله إلا الله كما طلب ذلك رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
هو الصنعاني البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، والذي قال: هو ابن ثور، هو: النسائي أو من دون النسائي ليس محمد بن عبد الأعلى؛ لأن التلميذ لا يحتاج إلى أن يقول: هو ابن فلان، بل ينسب شيخه كما يريد، ويسمي شيخه كما يريد، ويصفه كما يريد، وإنما الذي يحتاج إلى ذلك هو من دون التلميذ، وهو هنا النسائي أو من دون النسائي.
[عن معمر].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري نزيل اليمن، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو ثقة، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من صغار التابعين الذين أدركوا صغار الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن المسيب].
ثقة، فقيه، من الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين، وهم: سعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير، وخارجة بن زيد بن ثابت، وقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسليمان بن يسار هؤلاء الستة متفق على عدهم في فقهاء المدينة السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال، قيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
[عن أبيه].
هو المسيب بن حزن وهو صحابي، وأبوه صحابي، وحديثه أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
أورد النسائي حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، [سمعت رجلاً يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت: أتستغفر لهما وهما مشركان، فقال: إن إبراهيم استغفر لأبيه فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل: وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ [التوبة:114]] أي: أنه لا يعول على ذلك؛ لأنه كان قبل أن ينهى، ولكنه بعد النهي، فإنه لا يصار إلى ذلك، وفي هذه الشريعة شريعة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام أنزل الله عز وجل عليه: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى [التوبة:113].
هو إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج المروزي، وهو ثقة، ثبت أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو ابن مهدي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، ثبت، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي الكوفي ينسب إلى همدان نسبة عامة، وإلى سبيع نسبة خاصة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الخليل].
هو عبد الله بن خليل، وهو مقبول، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة.
[عن علي رضي الله عنه].
هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أمير المؤمنين، أبو الحسنين ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره، زوج ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنهما وعن الصحابة أجمعين، وهو رابع الخلفاء الراشدين، الهادين، المهديين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
الجواب: من أدرك الركعة الثالثة من العصر معناه: أدرك ثنتين، فيبقى عليه بعد السلام ثنتين، وهذا شيء واضح.
الجواب: كل شيء يقع في الوجود فقد حصل فيه أمور أربعة هي: علم الله عز وجل الأزلي بأن ذلك سيقع، وكتب في اللوح المحفوظ بأنه سيقع، وأراد أن يقع، ثم وقع، هذه أمور أربعة تحصل لكل شيء يقع، ولهذا عقيدة المسلمين: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر