أخبرنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل حدثنا محمد وهو: ابن أبي حرملة أخبرني كريب: (أن
يقول النسائي رحمه الله: اختلاف أهل الآفاق في الرؤية، أي: في رؤية الهلال، والمقصود من هذه الترجمة هو: بيان أن الرؤية إذا حصلت في بلد، فهل تكون للناس جميعاً أو أن لكل أهل بلد رؤيتهم، فإذا رأوه صاموا وأفطروا، ولا يكتفون برؤية غيرهم من أهل البلاد الأخرى عندما يرونه؟ اختلف العلماء في هذه المسألة، فمنهم من قال: إن رؤية أهل بلد رؤية للجميع، وأن على الناس أن يصوموا صياماً واحداً إذا رآه أهل بلد، ويستدلون على ذلك بما جاء في الحديث: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)، قالوا: وهذا خطاب للجميع، وهو خطاب للأمة، فإذا رآه أحدٌ منهم، فإن على الناس أن يصوموا ويفطروا بناءً على هذه الرؤية في بلد معين.
ومن العلماء من قال: إن لكل أهل بلد رؤيتهم، وأنه لا يلزمهم أن يكتفوا برؤية غيرهم، فإذا رأوه هم صاموا وأفطروا، وإذا رآه غيرهم ولم يروه هم، فإنه لا يلزمهم، ولا يتعين عليهم؛ لأن لكل بلد رؤيتهم.
وقد أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو الدليل الذي عوّل عليه أهل هذا القول حديث ابن عباس الذي معنا، وهو أن كريباً مولى ابن عباس، أرسلته أم الفضل أم ابن عباس، وهي: لبابة بنت الحارث الهلالية، أخت ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين، وإخوانه: عبد الله بن عباس وغيرهم، فهي أمهم، فهي أرسلت كريب مولى ابن عباس إلى الشام في حاجة، فذهب وقضى حاجتها، ودخل عليهم شهر رمضان ليلة الجمعة، ورأوه ليلة الجمعة، فصام الناس، وصام معهم كريب، ولما كان في آخر شهر رمضان، رجع إلى المدينة فسأله ابن عباس: متى رأوا الهلال؟ قال: رأيناه ليلة الجمعة، فقال ابن عباس: أما نحن، فرأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين من يوم السبت أو نراه؛ لأنهم رأوه ليلة السبت أي: دخول رمضان، فيكون السبت تسعة وعشرين، وليلة الأحد يصير ثلاثين، فإن رأوه ليلة الأحد وإلا يكملون ثلاثين يوماً بتمام يوم الأحد، قال له: ألا تكتفي برؤية معاوية، وأهل الشام، وأصحابه؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول الله عليه الصلاة والسلام، لكن لم يأت نصٌ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه يفيد بأنه لا يكتفي أهل بلد برؤية أهل بلد، ولكن الذي جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)، فبعض العلماء حمله على أنه خطاب للأمة جميعاً، وبعضهم حمله على أنه خطابٌ لأهل كل قطر، قالوا: وعلى هذا فهم ابن عباس رضي الله عنه من هذا الحديث أن المقصود: أن لكل أهل بلد رؤيتهم، ولا يكتفون برؤية غيرهم، وإنما يعولون على رؤيتهم هم، أو يكملون ثلاثين يوماً.
فالأمر كله يرجع إلى الاختلاف في فهم قوله عليه الصلاة والسلام: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)، فمنهم من فهمه بأنه خطابٌ للأمة، ومنهم من فهمه بأنه خطابٌ لأهل كل قطر، وأهل كل جهة، فإنهم يصومون برؤيتهم، ويفطرون برؤيتهم، والذي جاء في حديث ابن عباس ليس نصاً صريحاً في أنهم لا يكتفون، ولو ثبت في ذلك نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان التعويل عليه، لكنه حيث لم يثبت نص، فإن الذي يظهر أن قوله: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)، أنه خطاب للأمة جميعاً، وعلى هذا، فإن رؤية أهل بلد رؤية للجميع، وعلى الجميع أن يصوموا برؤية أهل البلد، لكن، إذا كان أهل البلد الذين لم يروا الهلال أفتاهم علماؤهم بأنهم يتابعون ذلك البلد أو لا يتابعونه، فإن على أهل البلد أن يكونوا متفقين، ولا يكونون مختلفين بأن يصوم أحد، ويفطر أحد، بل إذا كان علماء البلد أفتوا بأنهم يصومون تبعاً لغيرهم، فإن على الناس أن يتابعوهم، وإذا أفتوا بأنهم يتقيدون برؤيتهم هم، ولا يكتفون برؤية غيرهم، فإن على أهل البلد أن يتابعوهم، ولا ينبغي الاختلاف في البلد الواحد، بأن يكون أحد يصوم وأحد يفطر، بل يكون الصوم والإفطار للجميع، سواءً كانوا متابعين لغيرهم ممن رآه، أو بانين على رؤيتهم هم.
هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة حافظ، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا إسماعيل].
هو ابن جعفر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا محمد وهو ابن أبي حرملة].
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وكلمة: [هو ابن أبي حرملة] هذه زادها من دون تلميذه.
هو علي بن حجر، أو النسائي، أو من دون النسائي، أما إسماعيل بن جعفر فإنه لا يحتاج إلى أن يقول: هو ابن أبي حرملة، بل ينسبه كما يريد.
[أخبرني كريب].
هو ابن أبي مسلم مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
وأما أم الفضل الهلالية، فإنها ليست لها رواية في هذا الحديث، وإنما جاء ذكرها لأنها هي التي أرسلت كريباً إلى الشام، وأنه ذهب لحاجتها، واستهل عليهم شهر رمضان في يوم الجمعة.
أخبرنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة أخبرنا الفضل بن موسى عن سفيان عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (رأيت الهلال، فقال: أتشهد أن لا اله إلا الله؛ وأن محمداً عبده ورسوله؟ قال: نعم. فنادى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن صوموا)].
أورد هذه الترجمة وهي: باب قبول شهادة الواحد على هلال شهر رمضان، يعني: على دخول شهر رمضان، مقصود النسائي من هذه الترجمة هو: التعويل على قبول شهادة الواحد في دخول شهر رمضان، وقد أورد النسائي فيه حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن أعرابياً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إنه رأى هلال رمضان، فقال: [(أتشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؟ قال: نعم، فأمر بأن ينادى في الناس بأن يصوموا)]، أي: أنه ثبت دخول الشهر بشهادة هذا الرجل المسلم الذي تحقق من إسلامه بكونه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة، هل يعول على قبول شهادة الواحد أو أنه لا بد من شهادة اثنين؟ فمن العلماء من عوّل على قبول شهادة الواحد، واستدل على هذا بهذا الحديث، وفيه كلام من جهة أنه جاء من طريق سماك بن حرب، وقد جاء موصولاً ومرسلاً، وجاء عنه من طرق مختلفة، وقد قال الحافظ ابن حجر: إن روايته عن عكرمة خاصة مضطربة، فمرةً يرويه مرسلاً، ومرةً يرويه متصلاً، وجاء أيضاً عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال: فرأى الناس الهلال فرأيته، فأخبرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأمر الناس بأن يصوموا، ومنهم من قال: إنه لا بد فيه من شهادة اثنين، ويستدل على ذلك بالحديث الذي سيأتي، وهو أنه (إذا شهد شاهدان فصوموا، وأفطروا، وأمسكوا)، أي: أنه يعول على شهادة اثنين، والمسألة خلافية بين أهل العلم من حيث الاكتفاء في قبول شهادة الواحد، أو أنه لا بد من إضافة شاهد إليه في ذلك.
وحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه فيه الدلالة على قبول شهادة الواحد، حتى ولو كان غير معروف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اكتفى بأن سأله: أيشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؟ للتحقق من إسلامه، وأنه من المسلمين، فقال: نعم، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر من ينادي في الناس بأن يصوموا، أي: بناءً على هذه الرؤية.
ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة، ولم يخرج له مسلم، وهو مروزي.
[أخبرنا الفضل بن موسى المروزي].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة ثبت، حجة إمام فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سماك].
هو سماك بن حرب، وهو صدوق، وفي روايته عن عكرمة اضطراب، وهذا الحديث الذي معنا من روايته عن عكرمة؛ ولهذا أعله بعض أهل العلم بهذه العلة التي هي: الاضطراب، لا سيما وأنه قد جاء عن عكرمة من طرق متعددة بعضها مرسلة، وبعضها موصولة، وقد أخرج حديث سماك البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عكرمة].
هو مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
وقد مر ذكره.
الشيخ: لا أدري مراد النسائي والتنصيص على الرجل؛ لأن الذي جاء في الحديث هو رجل؛ ولأن الأحكام غالباً تناط بالرجال، فتكون النساء تبعاً لهم في ذلك، وقد جاء هذا في نصوص كثيرة فيأتي ذكر رجل ولا مفهوم له، ومن ذلك الحديث الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تتقدموا رمضان بيومٍ أو يومين، إلا رجلٌ كان يصوم صوماً، فليصمه)، فكذلك المرأة إذا كانت تصوم صوماً فإنها تصوم؛ فذكر الرجل لأن غالب الخطاب للرجال، والنساء تبعاً لهم، فلا أدري النسائي، هل يريد بذلك أن له مفهوم حيث ينص على الرجل، أو لأن الحديث جاء فيه ذكر رجل فعبر بالرجل؟!
أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أن فيه التنصيص على الذي تولى الإعلان للناس، هو بلال.
قوله [موسى بن عبد الرحمن].
هو موسى بن عبد الرحمن المسروقي، والمسروقي نسبة إلى جده أو جد من أجداده اسمه: مسروق، وهو ثقة، أخرج له الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا حسين].
هو حسين بن علي الجعفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زائدة].
هو زائدة بن قدامة البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.
أورد النسائي الحديث من طريق أخرى وهي مرسلة، ليس فيها ذكر ابن عباس، وإنما عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أضاف ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهي مرسلة.
والمرسل هو الذي يقول فيه التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو يضيف شيئاً إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهذا يقال له: مرسل، وهذا هو المشهور باصطلاح المحدثين في تعريف المرسل، ويطلق المرسل أيضاً على ما هو أعم من ذلك، وهي: رواية الراوي عمن لم يلقه أو لم يدرك عصره، فإنه يقال له: مرسل، وكثيراً ما يأتي في ذكر تراجم المتأخرين وليسوا من التابعين يقال: يرسل ويدلس، يعني: يروي عمن لم يدرك عصره، فيرسل الرواية إليه، فيقول: عن فلان أو قال فلان، وهو لم يدرك عصره، وهو من قبيل المرسل، فإذا أدرك عصره ولم يلقه، فهو مرسل خفي، وإن كان لم يدرك عصره وروى عنه، فهو مرسل جلي.
ثقة حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن أبي داود].
هو عمر بن سعد الحفري، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن.
[عن سفيان].
هو الثوري، وقد مر ذكره.
وليس فيه ذكر ابن عباس لأنه مرسل، وقد مر ذكرهم.
أورد النسائي الحديث عن سماك من طريق أخرى وهو: مرسل، ليس فيه ذكر ابن عباس كالذي قبله.
قوله: [أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم].
ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[أنبأنا حبان بن موسى المروزي].
ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، لم يخرج له أبو داود، ولا ابن ماجه.
[حدثنا عبد الله].
هو ابن المبارك، وهو ثقة جواد، مجاهد عابد، قال عنه الحافظ بعد ذكر جملة من خصاله الحميدة: جمعت فيه خصال الخير، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهم.
أورد النسائي حديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب الذي يقول فيه: أنه خطب الناس، وكان أميراً على مكة، فقال: إنني جالست أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وأنهم قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها، فإن غم عليكم، فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا).
قوله: [(فإن شهد شاهدان فصوموا، وأفطروا)]، هذا هو الذي استدل به من قال: إن الصيام يكون بشهادة الشاهدين، والإفطار يكون بشهادة شاهدين، وكذلك أيضاً الحديث فيه ذكر النسك، وهو: ذبح الذبائح، والمراد به الأضاحي، أي: دخول شهر الحجة، وأنه يعول على الرؤية في الصيام والإفطار والحج، حيث يعول على دخول شهر ذي الحجة، فينسك الناس، ويحج الناس بناءً على الرؤية، والله عز وجل لما وقت المواقيت للناس بما يتعلق بالصلاة، وبما يتعلق بالصيام، جعلها في أمور طبيعية يشاهدها الناس ويعاينونها، فالصيام والإفطار مبني على رؤية الهلال في السماء، وليس مبنياً على حساب، أو على ظن وتخمين، وإنما هو مبني على الرؤية، أو إكمال العدة؛ لأن الشهر العربي لا يزيد عن ثلاثين يوماً، ولا ينقص عن تسعة وعشرين يوماً.
وكذلك أوقات الصلوات، فهي مبنية على أمور طبيعية مشاهدة ومعاينة، إذا طلع الفجر دخل وقت الفجر، وإذا طلعت الشمس انتهى وقت الفجر، وإذا حصل الزوال دخل وقت الظهر، وإذا صار ظل الشيء مثله دخل وقت العصر، وإذا صار مثليه انتهى وقت العصر، وإذا غربت الشمس دخل وقت المغرب، وإذا غاب الشفق دخل وقت العشاء، فهي أمور مبنية على أمور مشاهدة يعرفها الخاص والعام، يعرفه أهل المدن، وأهل القرى، وليس مبنيةً على أمور دقيقة، وأمور خفية لا يعرفها إلا بعض الناس الذين يتعبون على تعلمها ومعرفتها، بل جعلها الله أموراً طبيعية يشاهدها الناس ويعرفونها، لا فرق بين متعلم، وغير متعلم وبين فطن، وغير فطن فالحديث فيه ذكر الصيام والإفطار والنسك، أي: ذبح الأضاحي، وكذلك الحج، فالناس يحجون بناءً على دخول شهر ذي الحجة، وبناءً على رؤية هلال ذي الحجة، ويذبحون الأضاحي، وينسكون النسائك بناءً على ذلك.
قوله: [(فإن غم عليكم، فأكملوا ثلاثين)]؛ لأنهم يصومون، ويفطرون للرؤية، لكن قد يكون في السماء ليلة الثلاثين غيم، أو أمر يمنع رؤية الهلال، فإن الشريعة جاءت بأن تكمل العدة؛ لأنه الصيام والإفطار مبني على الرؤية، فإذا لم تتيسر الرؤية، ولم يمكن حصول الوصول إلى الرؤية بسبب مانع في السماء، من وجود غيم أو قتر، فإن العدة تكمل ثلاثين يوماً ثم يفطرون، فإذاً: عندما يثبت دخول الشهر، فإنه يعول على الرؤية بعد إتمام تسعة وعشرين، أي: ليلة الثلاثين.
قوله: [(فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا)]، وهذا فيه: الدلالة على أن الصيام والإفطار إنما يكون بشهادة شاهدين.
هو الجوزجاني، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا سعيد بن شبيب أبو عثمان، وكان شيخاً صالحاً بطرسوس].
صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي
[حدثنا ابن أبي زائدة].
هو زكريا بن أبي زائدة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حسين بن الحارث الجدلي].
صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب].
وقد ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ويكون صحابياً إن ثبت أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، واستشهد باليمامة، وكان أميراً على مكة، وقال: إنه جالس أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام، لقيهم وحدثوه، وكان مما حدثوه به أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين، فإن شهد شاهدان فصوموا، وأفطروا)، ولم يذكر الصحابة الذين حدثوه بهذا الحديث، وذلك لا يؤثر؛ لأن الجهل بالصحابة لا يؤثر؛ لأنهم كلهم عدول بتعديل الله عز وجل لهم، وتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم، فهم لا يحتاجون مع ذلك إلى تعديل المعدلين، وتوثيق الموثقين بعد أن أثنى عليهم الله عز وجل، وأثنى عليهم رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. فجهالة الصحابي لا تؤثر، أما غير الصحابي، فجهالته تؤثر، ولا بد من معرفة الراوي إذا كان غير صحابي، وأما إذا كان صحابياً، فإن المجهول في حكم المعلوم، يكفي أن يقال عن رجل صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ما دام أنه أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حيث الصحبة، فقد ذكر الخطيب في كتابه الكفاية: أنه ما من راو إلا وهو يحتاج إلى معرفة حاله إلا الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فإنه لا يحتاج فيهم ما يحتاج في غيرهم؛ لأنهم عدول، فالمجهول منهم في حكم المعلوم.
وعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، أخرج له النسائي وحده.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر