أخبرنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (تسحروا؛ فإن في السحور بركة)، وقفه عبيد الله بن سعيد].
يقول النسائي رحمه الله: الحث على السحور، ومراد النسائي من هذه الترجمة هو بيان الترغيب في التسحر وكون الإنسان يأكل الطعام وقت السحر استعداداً للصيام، والسَحور والسُحور بفتح السين وضمها، قيل: إن المراد بالفتح اسم للطعام الذي يؤكل، وأما بالضم فهو اسم للأكل، أكل الطعام في السحر استعدادا للصيام، السَحور، والسُحور.
وقوله عليه الصلاة والسلام: (تسحروا؛ فإن في السحور بركة)، أي: أكل الطعام في ذلك الوقت فيه بركة، وهناك ألفاظ كثيرة هي مثل هذه اللفظة، فيها أنه في الفتح اسم للشيء المستعمل، وفي الضم اسم للفعل، من ذلك: الطَهور والطُهور، والوَضوء والوُضوء؛ الوَضوء بالفتح: اسم للماء الذي يتوضأ به، والوُضُوء هو: فعل الوضوء؛ كون الإنسان يأخذ ويغسل هذا فعل يقال له: وضوء بالضم، وبالفتح هو اسم للماء، والحديث الذي فيه: أن عثمان دعا بوضوء، يعني: دعا بماء يتوضأ به بفتح الواو، ثم روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: (من توضأ نحو وضُوئي هذا)، نحو وضوئي، يعني: بالضم الذي هو فعل للوضوء.
فالوَضوء والوُضوء، والطَهور والطُهور، كلها الفتح اسم للشيء المستعمل، والضم اسم للفعل، ومثل ذلك: السَعوط والوَجور، السعوط وهو ما يتسعط في الأنف، يعني: الشيء الذي يستعمل يقال له: سَعوط، وأما فعله يقال له: سُعوط بالضم، وكذلك الوجور، يعني: ما يقطر في الفم يقال له: وجور، وتقطيره بالفعل يقال له: وجور، فهي ألفاظ متعددة، هي بالفتح للشيء الذي يستعمل، وفي الضم للفعل نفسه.
وجاءت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بالحث على السحور من جهة الأمر به، ومن جهة تعليل ذلك بأن فيه بركة، يعني: بعد أن قال: (تسحروا)، قال: (فإن في السحور بركة)، فالحث عليه من جهتين: من جهة الأمر، ومن جهة بيان أن فيه بركة.
وقد أورد النسائي عدة أحاديث تحت هذه الترجمة في الحث على السحور، أولها: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: (تسحروا؛ فإن في السحور بركة).
والبركة في السحور هي من وجوه كثيرة، تكون من جهة حصول الأجر والثواب، ومن جهة التقوي على العبادة في النهار، والتقوي على الصيام، وكون الإنسان لا يصيبه الجوع، فيكون ذلك سببا في خموله وكسله، بل يستعمل الطعام في وقت السحر ليتقوى به على العبادة في النهار، وليتقوى به على الصيام، وليتقوى به على العبادات الأخرى بحيث لا يصيبه كسل وخمول يجعله لا يؤدي ما يؤديه في غير حال الصيام بسبب ما حصل له من الضعف، وبسبب ما حصل له من الكسل لكونه لم يأكل، ولهذا جاء النهي عن الوصال؛ فكون الإنسان يصوم يومين لا يفطر بينهما فيه من إضعاف النفس وعدم قدرتها على القيام مع ذلك بما هو مطلوب من الإنسان، وقد جاء الترخيص بعد أن نهى رسول الله عليه الصلاة والسلام عن الوصال قال: (فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر)، أي: يصوم يوم وليلة، لكن كونه يصوم يومين وبينهما ليلة ولا يتسحر فإن هذا نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: (فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر)، يعني: حتى يأكل الطعام في السحر، ويكون في ذلك تقوية له على العمل في النهار، وعلى الصيام، وعلى العبادات الأخرى التي تتطلب نشاطاً وقدرة، وعدم الأكل يكون سبباً في الإضعاف.
هو محمد بن بشار البصري الملقب بندار، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو ابن مهدي البصري، هو ثقة، ناقد، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو بكر بن عياش].
ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم في المقدمة، وأصحاب السنن الأربعة، وفي الغالب أن من له رواية عند مسلم في المقدمة يرمز له بالميم والقاف. وليس معنى هذا أنه ما روى له في الصحيح لأن فيه كلاماً أو ما إلى ذلك، لا، وإنما هكذا اتفق، وإلا فإن الشخص قد يكون في القمة ولكن مسلم روى له في المقدمة، ومن هؤلاء عبد الله بن الزبير المكي شيخ البخاري الذي روى عنه أول حديث في الصحيح: (إنما الأعمال بالنيات)، فإن مسلم روى له في المقدمة، ولا يعني ذلك أن من لم يرو له في الصحيح أنه فيه كلام، فكم من شخص في القمة ومع ذلك ما خرج له أصحاب الصحيح؛ لأنهم ما خرجوا كل حديث صحيح، ولم يلتزموا أن يرووا عن كل شخص ثقة، وكم من ثقة لم يخرج له في الصحيح، بل في الكتب الستة، ومن هؤلاء الإمام الكبير المشهور أبو عبيد القاسم بن سلام، ومع ذلك ما خرج له أصحاب الكتب الستة، فعدم التخريج للشخص لا يدل على أن فيه شيئاً، وإنما الأمر كما ذكرت يعني اتفقوا أنهم رووا عنه، واتفقوا أن هذا لم يرووا عنه، وليس في عدم روايتهم عن الشخص شيئاً يدل على القدح فيه؛ لأن أصاحب الصحيح لم يلتزموا تخريج كل حديث صحيح، ولا التزموا الرواية عن كل ثقة، فكم من ثقة لم يرووا عنه، وكم من حديث صحيح لم يودعه الشيخان صحيحيهما، وأوضح دليل على هذا ما أشرت إليه مراراً وتكراراً وهو أن صحيفة همام بن منبه هي بإسناد واحد، وتشتمل على مائة وأربعين حديثا، البخاري انتقى منها وأخذ وروى بعضها، ومسلم انتقى منها وروى بعضها، فاتفقوا على أشياء منها، وانفرد البخاري بأشياء، وانفرد مسلم بأشياء وترك أشياء، فلو كانوا ملتزمين لرواية كل صحيح لرووا هذه الصحيفة كلها من أولها إلى آخرها؛ لأنها بإسناد واحد، فليس هناك فرق بين ما أخذوه وما تركوه، بل الكل، ولكن لكونهم لم يلتزموا إخراج كل صحيح حصل هذا.
[عن عاصم].
هو عاصم بن أبي النجود، اسمه بهدلة، وهو صدوق له أوهام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، ورمزوا له بعين، وقال في التقريب: حديثه في الصحيحين مقرون، يعني: معناه أنهم لم يرووا عنه استقلالاً، بل رووا عنه وعن غيره في الإسناد، ولكن الذي مشوا عليه هو أن من روي له في الأصول ولو كان مقروناً ولو كان متابعة، فإنهم يرمزون له بالأصل عين، أما إذا كان روي له بالتعليقات فلا يرمز له بالأصل، وإنما يرمز له بـ خ ت، يعني: البخاري تعليقاً، وأما إذا كان مقروناً فإنه يرمز له بالأصل، ولهذا رمز لـعاصم بن أبي النجود المقرئ بعين، أي: روى له الجماعة، وفي التقريب قال: وروايته في الصحيحين مقرونة، يعني: أنه ليس مروياً عنه على سبيل الاستقلال، بل روي عنه مقروناً مع غيره.
[عن زر].
هو زر بن حبيش، وهو ثقة، مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. والمخضرمون هم الذين أدركوا الجاهلية والإسلام ولم يلقوا النبي عليه الصلاة والسلام، يعني: أدركوا زمن النبي، ولم يلقوه، فيقال لهم: مخضرمون، وهم من كبار التابعين الذين رأوا كبار الصحابة، يعني كبار التابعين هم الذين رأوا كبار الصحابة ورووا عن كبار الصحابة.
[عن عبد الله].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العلماء في الصحابة، أهل الفقه والحديث رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين في أواخر خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه، وليس هو من العبادلة الأربعة المشهورين بهذا اللقب، وإن كان بعض العلماء قد عده واحداً منهم، إلا أن الصحيح خلاف ذلك، وأن العبادلة الأربعة هم من صغار الصحابة، وهم: ابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، وابن عمرو بن العاص، فهؤلاء هم العبادلة الأربعة وليس فيهم ابن مسعود؛ لأن ابن مسعود متقدم، وهو أكبر منهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين، وأولئك عاشوا بعده مدة طويلة، وأدركهم من لم يدرك ابن مسعود، وتلقى عنهم الحديث من لم يدرك زمن ابن مسعود؛ ولهذا فهو ليس من العبادلة الأربعة على المشهور، بل العبادلة الأربعة هم من صغار الصحابة الذين تأخرت وفاتهم بعد ابن مسعود مدة طويلة.
ثم قال: وقفه عبيد الله بن سعيد، ثم ساق الإسناد الذي فيه رواية عبيد الله بن سعيد، والتي وقف فيها الكلام على ابن مسعود ولم يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود، ولكنه هنا موقوف عليه، وكان ذلك من طريق عبيد الله بن سعيد؛ لأن الإسناد بعد عبيد الله بن سعيد هو نفس الإسناد المتقدم، نفس الإسناد من عبد الرحمن بن مهدي إلى آخره، وإنما الفرق هو بشيخ النسائي؛ فشيخه في الطريق الأولى محمد بن بشار، وشيخه في الطريق الثانية هذه: عبيد الله بن سعيد، فـمحمد بن بشار رفعه في الإسناد المتقدم وأسنده إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وعبيد الله بن سعيد وقفه على عبد الله بن مسعود، وكان ذلك بلفظ: (تسحروا).
ثم قال عبيد الله: [لا أدري ما لفظه] يعني: فلا أدري: هل المراد بهذه اللفظة يعني ما بعد كلمة: (تسحروا)، يعني أنه لا يدري ما لفظه، وأن الذي عرفه أو الذي جرى له (تسحروا)، أو لم يدر ما وراء ذلك كما جاء في حديث محمد بن بشار المتقدم.
هو عبيد الله بن سعيد اليشكري السرخسي، وهو ثقة، مأمون، سني، وقيل له: سني لأنه أظهر السنة في بلده، والسنة التي هي خلاف البدعة، وهي: الالتزام بالسنة والتقيد بها، ومجانبة البدعة، وحديثه أخرجه البخاري ومسلم والنسائي، وبقية رجاله مروا في الإسناد الذي قبل هذا.
أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وبمعنى حديث عبد الله بن مسعود المتقدم: (تسحروا؛ فإن في السحور بركة).
قوله: [أخبرنا قتيبة].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبي عوانة].
هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، مشهور بكنيته أبو عوانة، وهو من طبقة شيوخ شيوخ النسائي، وهناك أبو عوانة متأخر الذي استخرج على صحيح مسلم، له المستخرج، ويقال له: المسند، ويقال له: الصحيح، صحيح أبي عوانة، ومستخرج أبي عوانة، ومسند أبي عوانة، ذاك متأخر، وأما هذا فهو متقدم؛ لأن ذاك بعد مسلم وقد استخرج على مسلم، وأما هذا فهو متقدم، وحديثه أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[و عبد العزيز].
هو ابن صهيب البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وهو بمثل ما تقدم: (تسحروا؛ فإن في السحور بركة).
قوله: [أخبرنا علي بن سعيد بن جرير].
هو علي بن سعيد بن جرير النسائي، وهو صدوق، خرج له النسائي، وابن ماجه في التفسير.
[حدثنا أبو الربيع].
هو سليمان بن داود الزهراني أبو الربيع الزهراني، وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا منصور بن أبي الأسود].
صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي. في نسخة أبو الأشبال بدل النسائي: ابن ماجه.
[عن عبد الملك بن أبي سليمان].
صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عطاء].
هو عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام حديثاً عنه صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم: (تسحروا؛ فإن في السحور بركة).
والحديث موقوف لأن أبا هريرة قال: (تسحروا)، ثم في آخره رفعه ابن أبي ليلى.
فهو موقوف على أبي هريرة، ولكنه جاء من طريق أخرى مسنداً مرفوعاً إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهذه الطريق عن أبي هريرة هي موقوفة عليه، والمتن موقوف عليه رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
هو الرهاوي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا يزيد].
هو ابن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهم.
[رفعه ابن أبي ليلى].
ثم ساق الإسناد الذي فيه رفع ابن أبي ليلى له.
أورد النسائي الحديث من طريق أخرى مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفعه ابن أبي ليلى، ولا شك أن المرفوع هو الأصح، وإن كان ابن أبي ليلى فيه كلام، إلا أنه جاء عن أبي هريرة الحديث من طرق ثابتة عن أبي هريرة وعن غيره من أصحاب رسول الله كما تقدم عن أنس وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما، فالحديث ثابت وله متابعات، وله شواهد عن أبي هريرة وأناس خرجوه غير من ذكر، وكذلك له شواهد عن غير أبي هريرة كما تقدم عن ابن مسعود وعن أنس رضي الله تعالى عنهما.
هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن أبي ليلى].
هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، الفقيه المشهور الذي يأتي ذكره كثيراً في مسائل الفقه، وإذا جاء ذكر ابن أبي ليلى في المسائل الفقهية فالمراد به هذا، وأبوه عبد الرحمن بن أبي ليلى محدث مشهور ثقة، لكن الذي اشتهر بالفقه، والذي يعزى إليه كثيراً في مسائل الفقه، هو هذا الذي معنا في الإسناد: محمد بن عبد الرحمن، وهو صدوق سيئ الحفظ جداً، معناه: أن حفظه سيئ جداً، لكن كما هو معلوم الحديث ما كان تعويله عليه؛ لأنه جاء من طرق أخرى عن أبي هريرة مرفوعاً إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وليس من هذا الطريق وحده، ولو كان ما جاء إلا من هذه الطريق وحدها لكان في ذلك نظر، لكنه لما جاء عن أبي هريرة من طرق أخرى مرفوعاً إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكذلك جاء عن غير أبي هريرة من الصحابة، فإن وجود محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى مع كونه سيئ الحفظ جداً لا يؤثر ذلك على صحة هذا الحديث. وهو: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي القاضي، أخرج له أصحاب السنن الأربعة فقط.
وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهي مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى].
ثقة، أخرج له الترمذي والنسائي.
[حدثنا يحيى بن آدم].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو سفيان الثوري، هو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهم.
أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهي بلفظ ما تقدم: (تسحروا؛ فإن في السحور بركة).
قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى].
هو زكريا بن يحيى بن إياس، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا أبي بكر بن خلاد].
هو محمد بن خلاد، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
[حدثنا محمد بن فضيل].
هو محمد بن فضيل بن غزوان الكوفي، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وقد ذكر أنه رمي بالتشيع، لكن ذكر الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح بأنه ضمن الأشخاص الذين انتقدوا على البخاري وأن فيهم كلاماً، وأن البخاري خرج له، وقال: إنما عيب عليه بالتشيع، ثم ذكر عن أحد العلماء بالإسناد أنه قال: رحم الله عثمان ولا رحم الله من لا يترحم على عثمان. والشيعة لا يترحمون على عثمان، بل يبغضون عثمان، وهذا يدل على سلامته مما رمي به؛ لأنه كونه يترحم على عثمان، ليس هذا شأن الرافضة؛ لأن الرافضة يبغضون الشيخين، ويبغضون عثمان، ويبغضون سائر الصحابة، ولا يستثنون إلا نفراً يسيراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه الكلمة المأثورة عنه وهي قوله: رحم الله عثمان ولا رحم الله من لا يترحم على عثمان، تدل على سلامته، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
هو الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.
ثم ذكر بعد الحديث: قال أبو عبد الرحمن: إسناد يحيى بن سعيد هذا حسن، وهو منكر، وأظن الخطأ فيه من محمد بن فضيل، ما أدري ما وجه ذلك، هو من حيث الحديث صحيح، وثابت، وهو مثل ما تقدم؛ جاء عن أبي هريرة من غيره، لكن رأيت في تحفة الأشراف في حديث قبل هذا، وهو من طريق يحيى بن سعيد، ومن طريق محمد بن فضيل، وقال: رواه يحيى بن سعيد لم يروه عنه إلا محمد بن فضيل، فكأن كونه ما رواه عنه إلا محمد بن فضيل جعله يتردد فيه، لكن محمد بن فضيل صدوق، والحديث ما جاء من هذه الطريق وحدها، بل جاء عن أبي هريرة من طرق أخرى، وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن غير أبي هريرة من حديث أنس كما تقدم، ومن حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، فلعل وجه الإنكار أو توهم الخطأ من جهة أن يحيى بن سعيد الأنصاري ما روي عنه إلا من طريق محمد بن فضيل، لكن ذلك -كما عرفنا- لا يؤثر؛ لأنه لم يكن ذلك على سبيل الاستقلال.
الجواب: هو إسناده حسن في الظاهر، لكن كونه ما روي عن يحيى بن سعيد إلا من طريق محمد بن فضيل فهنا فيه نكارة من حيث تفرد محمد بن فضيل، فالقضية من حيث الإسناد لا من حيث المتن، أما المتن فهو في غاية الوضوح من حيث سلامته واتفاقه مع الروايات الأخرى، لكن ليس مسلَّماً كونه منكراً؛ لأنه كما هو معلوم ما انفرد به، بل وافق غيره، فالحديث ثابت من هذه الطريق ومن غيرها.
الجواب: هو لم يلتزم الصحة كما التزمها الشيخان، والسنن الصغرى بالنسبة للسنن الكبرى ليس معناه أن هذه صغرى وتلك كبرى، وأن ما في الصغرى بعض ما في الكبرى؛ فإن في السنن الصغرى شيئاً ليست في السنن الكبرى، لكن الغالب أن الصغرى اشتملت عليها الكبرى، وليس معنى ذلك أن كل ما في الصغرى فهو موجود في الكبرى، بل هناك أشياء في الصغرى ليست في الكبرى، وفيه باب من الأبواب في سنن النسائي الصغرى قال: مما ليس في الكبرى، وقد ذكر هذا في مقدمة تحفة الأشراف الشيخ عبد الصمد شرف الدين، أو في مقدمة السنن الكبرى التي طبعها، ولا أدري أيهما، لكنه في إحدى المقدمتين ذكر الباب الذي في النسائي في الصغرى، وفيه: مما ليس في الكبرى، منصوص على أنه كذا وليس في الكبرى أو مما ليس في الكبرى، ومعنى هذا أن في الصغرى أحاديث ليست في الكبرى، وإن كان الغالب على ما في الصغرى أنه في الكبرى، والإنسان يجد أن الأبواب والأحاديث والأسانيد متفقة.
الجواب: قيل: للنسائي، وقيل: إنه لـابن السني، لكن المشهور أنه للنسائي.
ولا يقال: إن الذي اجتباه أو انتقاه يكون صحيحاً؛ لأنه ما اشترط، لكنه انتقى ما هو أولى من غيره، لكن هذا لا يعني أن كل ما انتقاه يكون صحيحاً؛ لأن في سنن النسائي ما هو ضعيف.
وأما السنن الصغرى فأكثرها مأخوذ من الكبرى، والشيء الذي ليس في الكبرى مما هو في الصغرى قليل، فلا يقال: أيها أصح؟ لأن هذا في الغالب جزء من هذا، لكن ذاك أوسع -الذي هو السنن الكبرى- وفيها ما ليس في الصغرى، وهذا يتوقف على معرفة كل إسناد.
الجواب: ما أذكر، لكن الذي أذكر أنه مر بنا بأسانيد يذكر أشخاصاً يقول: فلان وغيره، ويكون ذلك الغير هو ابن لهيعة، يعني: تأتي أسانيد عند النسائي يقول فيها: فلان وغيره، ثم يكون ذلك الغير المبهم هو ابن لهيعة، فلا أدري ما الوجه عند النسائي في هذا؟!
الجواب: قيل ذلك أو أضيف ذلك إليه، لكن كما هو معروف هو من أئمة أهل السنة، وعمدة في الحديث، وإمام في الجرح والتعديل، ومسند، وكتابه السنن هو أحد الأصول الستة التي يعول عليها أهل السنة والجماعة، وما أضيف إليه من التشيع لا أدري عن ثبوته؛ لأنه ليس كل تشيع يؤثر لو ثبت.
الجواب: من حيث الإمكان يمكن، لكن هذا يتوقف على معرفة المخضرمين، هل فيهم من هو ضعيف؟ الإمكان ممكن؛ لأن الضعيف يكون في التابعين، ويكون في غير التابعين؛ لأن الناس الله تعالى فرق بينهم وفاوت بينهم، فالضعف ممكن، والمخضرمون محصورون وقليلون جداً، لكن هل فيهم من هو كذلك، يعني: بالتحديد والتعيين؟ لا أدري، وأما الإمكان ممكن؛ لأن كل شخص غير الصحابة فإنه يمكن النظر في حاله، ويكون إما ضعيف وإما ثقة، وأما الصحابة فلا يبحث عنهم، ولا يسأل عنهم، والمخضرمون هم عدد قليل أدركوا كبار الصحابة، منهم: زر بن حبيش هذا، ومنهم: أبو وائل.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر