أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد حدثنا يحيى بن يمان عن سفيان عن عاصم عن المسيب بن رافع عن سواء الخزاعي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم الإثنين والخميس)].
فهذا الحديث -حديث عائشة- فيه بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم الإثنين والخميس، وقد مرت جملة من الأحاديث في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيام الإثنين والخميس، وهذا من جملة الأحاديث، وهو دال على فضل صيام هذين اليومين، وقد مر في بعض الأحاديث أن الأعمال ترفع فيهما، فيقول صلى الله عليه وسلم: (إنه يحب أن يعرض عمله وهو صائم) صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود في المراسيل، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا يحيى بن اليمان].
صدوق يخطئ كثيراً، وأخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، ثبت، فقيه، حجة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عاصم].
هو عاصم بن بهدلة وهو ابن أبي النجود، وهو صدوق، له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن المسيب بن رافع].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سواء الخزاعي].
سواء الخزاعي، أخرج حديثه أبو داود والنسائي.
[عن عائشة].
أم المؤمنين رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر: الإثنين والخميس من هذه الجمعة، والإثنين من الجمعة المقبلة. والمراد بالجمعة: الأسبوع، الإثنين والخميس من الجمعة أي: من الأسبوع، ثم الأسبوع الثاني يصوم منه الإثنين، ويطلق على الأسبوع جمعة، كما يطلق عليه سبت، وكما جاء في الحديث: (فما رأينا الشمس سبتاً)، أي: أسبوعاً، وهنا الجمعة يراد بها الأسبوع، فكان عليه الصلاة والسلام يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وكان يتحرى الإثنين والخميس، فيصوم الإثنين والخميس من جمعة الأسبوع، ومن الأسبوع الثاني يصوم الاثنين منه، وهو دال على فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر، والحسنة بعشرة أمثالها، وهو مثل صيام الدهر؛ لأن اليوم عن عشرة أيام، فإذا صام من كل شهر ثلاثة أيام فيكون كأنه صام الدهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، وهو أيضاً دال على استحباب صيام الإثنين والخميس، وتحري الإثنين والخميس، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحرى من صيامه هذين اليومين.
هو أحمد بن علي المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبي نصر التمار].
هو عبد الملك بن عبد العزيز، اسمه واسم أبيه مثل ابن جريج، وهذا عبد الملك بن عبد العزيز أبو نصر التمار، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم والنسائي.
[حدثنا حماد بن سلمة].
هو حماد بن سلمة بن دينار البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
وقد مر ذكرهما.
[عن أم سلمة].
هي أم المؤمنين، هند بنت أبي أمية، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث حفصة، وهو مثل حديث أم سلمة: [(كان يصوم من كل شهر الخميس والإثنين، ومن الجمعة الثانية الإثنين)]، أي: أسبوع يصوم منه إثنين وخميس، وأسبوع يصوم منه إثنين، فيصوم من أسبوع إثنين وخميس ثم من الأسبوع الثاني الذي يليه يصوم الإثنين، وهو مثل حديث أم سلمة المتقدم.
هو زكريا بن يحيى السجزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا إسحاق].
هو ابن إبراهيم الحنظلي بن راهويه، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[أنبأنا النضر].
هو النضر بن شميل، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
حماد، هو ابن سلمة، عن عاصم، وهو ابن أبي النجود.
سواء مر ذكره وحفصة وهي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث حفصة، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا اضطجع وضع كفه اليمنى تحت خده، أي: ينام على جنبه الأيمن، ويضع يده اليمنى تحت خده عليه الصلاة والسلام، وكان يصوم الإثنين والخميس، وهذا المقصود من إيراد الحديث، كونه يصوم الإثنين والخميس، هذا من هديه عليه الصلاة والسلام، أنه يصوم الإثنين والخميس.
ثقة، أخرج حديثه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.
[حدثنا حسين].
هو حسين بن علي الجعفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن زائدة].
هو زائدة بن قدامة الثقفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهم.
أورد النسائي حديث عبد الله بن مسعود: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من غرة كل شهر)]، أي: من أوائل الشهر، [(وقلما كان يفطر يوم الجمعة)]، ولعل المقصود من ذلك: أنه كان يصومه مع غيره؛ لأنه جاء عنه عليه الصلاة والسلام النهي عن إفراده بالصوم، وأنه يصام معه يوم قبله ويوم بعده، كما جاء في ذلك أحاديث عديدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها حديث جويرية أم المؤمنين في صحيح البخاري: (أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها وهي صائمةٌ يوم الجمعة فقال: أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: أتريدين أن تصومي غداً؟ قالت: لا، قال: فأفطري)، فدل هذا على أن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه لا يفرد الجمعة بالصوم، وأنه يصام ومعه غيره، وما جاء في هذا الحديث أنه قلما كان يفطر يوم الجمعة، أي: أنه كان يصوم معه غيره، أي: الخميس أو السبت، وغالباً ما يكون الخميس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيام الخميس.
ثقة، أخرج حديثه الترمذي والنسائي، يروي عن أبيه، وأبوه ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا أبو حمزة].
هو محمد بن ميمون السكري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. أبو حمزة محمد بن ميمون السكري.
[عن عاصم].
هو ابن أبي النجود، وقد مر.
[عن زر].
هو ابن حبيش، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن مسعود الهذلي].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد الفقهاء المعروفين في صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث أبي هريرة المتعلق بقول أبي هريرة: [(أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أنام على وتر)]، وهذا الحديث هو من قوله صلى الله عليه وآله وسلم وليس من فعله، والترجمة تتعلق بفضل الرسول صلى الله عليه وسلم، وهنا يتعلق بأمره، وقد مر أنه كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، فهو يفعل ذلك، ويأمر بذلك، ويرشد إلى ذلك، وجاء هذا الحديث في الصحيحين عن أبي هريرة يقول: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام)، وجاء من حديث أبي الدرداء في صحيح مسلم: (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أرقد)، فصيام ثلاثة أيام من كل شهر جاء من قوله ومن فعله ومن حثه وترغيبه؛ لأنه أوصى أبا هريرة أبا الدرداء بأن يصوموا ثلاثة أيام من كل شهر، واجتمع فيه أمره وقوله، وكما قلت: الترجمة هي في صوم الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي ليس فيها التنصيص على صوم الرسول عليه الصلاة والسلام، وإنما فيها التوصية، ولكن الأحاديث التي مرت فيها أنه كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
هو زكريا بن يحيى السجزي، وهو ثقة أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا أبو كامل].
هو فضيل بن حسين الجحدري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا أبو عوانة].
هو أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، وهو ثقة، متقن، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عاصم بن بهدلة عن رجل عن الأسود بن هلال].
عاصم بن بهدلة عن رجل، والرجل هذا غير مسمى.. مبهم، لكن الحديث ورد في الصحيحين عن أبي هريرة وفيه هذه الأمور الثلاثة، فالحديث صحيح، وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث أبي هريرة وهو مشتمل على هذه الأمور الثلاثة.
والأسود بن هلال، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: (ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم صام يوماً يتحرى صيامه لفضله إلا شهر رمضان، وعاشوراء)، أي: هذا اليوم الذي هو عاشوراء، ورمضان فرض، وعاشوراء من آكد صيام التطوع.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو ابن عيينة المكي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله].
هو عبيد الله بن أبي يزيد المكي، وهو ثقة، كثير الحديث، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أنه سمع ابن عباس].
ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وهذا الإسناد من رباعيات النسائي؛ لأنه من أعلى الأسانيد عنده؛ لأن بين النسائي وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام، أربعة أشخاص: قتيبة، وسفيان بن عيينة، وعبيد الله بن أبي يزيد، وابن عباس، أربعة أشخاص، وهذا من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأنه ليس عنده ثلاثيات، وما عنده إلا الرباعيات، وهذا منها.
أورد النسائي حديث معاوية رضي الله عنه المتعلق بيوم عاشوراء، وأنه قال: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم يقول: (إني صائم، فمن شاء أن يصوم فليصم)، أي: هذا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إني صائم، فمن شاء أن يصوم فليصم)، وهذا يدل على فضل صيام هذا اليوم الذي هو يوم عاشوراء، وقول معاوية رضي الله عنه: (أين علماؤكم؟)، لأنه قد بلغه أن فيهم من يتكلم في صيام هذا اليوم إما بكراهة أو بإيجاب، فأراد أن يبين السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أنه أراد (أين علماؤكم؟)، أي: لا يعلمونكم السنن، ولا يبينون لكم ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد مر ذكره.
[عن سفيان].
هو ابن عيينة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه، من صغار التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد بن عبد الرحمن].
هو حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أن قال: سمعت معاوية].
هو معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في بعض الطرق أنها أم سلمة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم يوم عاشوراء، وتسعاً من ذي الحجة، وثلاثة أيام من الشهر، أول إثنين من الشهر وخميسين)، (أول إثنين)، أي من الشهر، (وخميسين)، وهذا يفيد بأنه في بعض الأحيان يفعل هذا، ويفعل ما تقدم إثنين وخميس وإثنين، وهنا إثنين وخميسين، وقد تقدم أنه كان يصوم إثنين وخميس، ثم من الجمعة الثانية يوم الإثنين، فهذا يفيد أنه أحياناً يفعل كذا، وأحياناً يفعل كذا، وفيه صيام تسعة ذي الحجة، وهي التسع الأولى التي لها شأن عظيم وفضل؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأنها: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء)، والحديث في صحيح البخاري، وهنا فيه أن من الأعمال التي تعمل في تلك العشر أن تصام التسع التي آخرها يوم عرفة، وكذلك فيه صيام عاشوراء وقد مر في بعض الأحاديث.
زكريا بن يحيى السجزي، مر ذكره.
[حدثنا شيبان].
هو شيبان بن فروخ، وهو صدوق يهم، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي، وهو من شيوخ مسلم.
[حدثنا أبي عوانة].
هو أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، مر ذكره.
[عن الحر بن صياح].
ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.
[عن هنيدة بن خالد].
معدود في الصحابة، وحديثه أخرجه أبو داود والنسائي.
[عن امرأته].
لا يعرف اسمها كما قال الحافظ ابن حجر، وهي صحابية، أخرج حديثها أبو داود، والنسائي، عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء في بعض الروايات: أنها أم سلمة، وقد مر ذكرها. وعلى هذا فالحديث من رواية ثلاثة من الصحابة: هنيدة، وزوجته، وأم المؤمنين أم سلمة.
أخبرني حاجب بن سليمان حدثنا الحارث بن عطية حدثنا الأوزاعي عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من صام الأبد فلا صام)].
أورد النسائي ذكر الاختلاف على عطاء فيه، ومعلوم أن مثل هذا يصلح إذا كان في الباب أو تابع للباب الذي قبله، والباب الذي قبله لا علاقة له في هذا الأحاديث التي ستأتي؛ لأن الباب الأول فيه صيام الرسول صلى الله عليه وسلم، والأحاديث التي ستأتي في صيام الأبد، فيبدو أن الترجمة ساقط منها شيء، وهي مثل الترجمة التي بعدها: النهي عن صيام الأبد، وذكر الاختلاف على عطاء فيه، والضمير فيه يرجع إلى صيام الأبد إلى هذا المحذوف، فالترجمة مثل الترجمة التي بعدها: النهي عن صيام الدهر وذكر الاختلاف على فلان فيه، وهنا النهي عن صيام الأبد.
والأبد هو الدهر، لكن النسائي جعل البابين من أجل وجود اللفظين، وهذه طريقة النسائي أحياناً يعقد الباب من أجل اللفظ الذي جاء فيه وإن كان الكل يدخل تحت الدهر، والكل يدخل تحت الأبد لا الأحاديث التي تحت الدهر، لكنه رحمة الله عليه طريقته أنه إذا كان اللفظ فيه اختلاف فإنه يبوب للفظ الذي جاء مخالفاً، وعلى هذا فالترجمة فيها نقص، ولا يصلح أن تكون تابعة للباب الذي قبلها؛ لأن الباب الذي قبلها باب صوم الرسول صلى الله عليه وسلم، وهنا لا علاقة له بصوم الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما هو بصوم الأبد، كل الأحاديث الذي فيه صيام الأبد، ثم جاء بعده النهي عن صيام الدهر، والأحاديث الذي فيها ذكر الدهر، وعلى هذا فالترجمة يبدو أنها: النهي عن صيام الأبد وذكر الاختلاف على عطاء فيه، أي: في صيام الأبد، ومرجع الضمير ليس موجوداً، ولو كان أنه يتعلق بالباب الأول كان يرجع إلى صوم الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا علاقة لهذه الترجمة بصوم الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما هي تتعلق بصوم الأبد، وهي مثل الترجمة التي بعدها تماماً، ولهذا أقول: يمكن أن هذه الترجمة مثل ترجمة: النهي عن صوم الأبد، وذكر الاختلاف على عطاء فيه، أي: في صوم الأبد؛ لأن الضمير في: (فيه) يرجع إلى هذا، فكما أن الباب الذي بعده على هذه الطريقة، فهذا يكون على هذه الطريقة.
[عن عبد الله بن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام الأبد فلا صام)].
أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(من صام الأبد فلا صام)]، أي: ما صام الصوم المشروع، ولم يصم صوم السنة الذي هو السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن جماعةً من أصحابه تقالوا أعمالهم وقالوا: أين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال أحدهم: أما أنا فأصوم فلا أفطر، وأما الثاني قال: أنا أقوم الليل فلا أنام، والثالث قال: لا أتزوج النساء، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (ما بال أقوام يقولون كذا وكذا، أما إني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)، فالذي يصوم الدهر فيه مخالفة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم يترتب على صومه الدهر إضعاف نفسه، وعدم قيامه بالأمور الأخرى التي يتطلب الأمر قيامها، والشأن قيامه بها؛ لأنه صومه بصفة دائمة باستمرار، يعني يصوم الشهور المتتالية، لا بد وأن يناله شيء من الضعف، فيصيبه شيء من العجز عن أمور أخرى يحتاج إليها وهي مطلوبة.
وعلى هذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [(لا صام)]، أي: إما أن يكون معناه أنه ما وجد منه الصيام المشروع، أو أنه دعاء عليه، وهو دال على النهي عن صيام الأبد الذي هو الدهر.
صدوق يهم، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا الحارث بن عطية].
هو مثله صدوق يهم، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا الأوزاعي].
هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء بن أبي رباح].
هو عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عمر].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، (من صام الأبد فلا صام ولا أفطر)، لا صام، أي: ما صام الصيام المشروع، (ولا أفطر)، لأنه تحمل العناء، ووجد منه النقص والضرر بنفسه، فلا يعتبر صام الصوم المشروع المستحب الذي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لما سأله عبد الله بن عمر ما زاد على أن قال: صيام داود يصوم يوماً ويفطر يوماً، وما زاد على أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، فصيام الدهر فيه ما فيه، ولهذا قال: (لا صام ولا أفطر)، (ما صام)، أي: ما صام الصوم الشرعي الذي يجمع فيه بين الأجر وبين القيام بالأمور الأخرى، (ولا أفطر)، أي: ما حصل منه الصيام، بل تحمل العطش والعناء والمشقة والتعب، فهو لا هذا ولا هذا، لا أفطر ولا صام.
صدوق، أخرج له النسائي وحده.
[عن الوليد].
هو ابن مسلم، وهو ثقة، كثير التدليس والتسوية، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الأوزاعي].
مر ذكره.
عطاء عن عبد الله بن عمر، وقد مر ذكرهم.
[(ح)].
ثم قال: (ح) تحويل من إسناد إلى إسناد.
[أخبرنا محمد بن عبد الله].
هو ابن المبارك المخرمي البغدادي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[حدثني الوليد عن الأوزاعي حدثني عطاء عن عبد الله].
وقد مر ذكرهم جميعاً.
أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وفيها: (من صام الأبد فلا صام)، وهو مثل الطريق الأولى السابقة، وكل هذه الأحاديث بلفظ الأبد؛ لما يشعر بأن الترجمة هي تتعلق بالأبد.
قوله: [أخبرنا العباس بن الوليد].
هو العباس بن الوليد بن مزيد، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود والنسائي.
[حدثنا أبي].
هو الوليد بن مزيد، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي.
[وعقبة].
هو عقبة بن علقمة، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[عن الأوزاعي حدثني عطاء حدثني من سمع ابن عمر].
عطاء عمن سمع ابن عمر، أي فيه واسطة، وسبق أن مر في الطرق المتقدمة عن عطاء أنه يروي عن عبد الله بن عمر، فلا أدري من هي هذه الواسطة؟
أورد النسائي حديث ابن عمر، وهو مثل ما تقدم، (من صام الأبد فلا صام).
قوله: [أخبرنا إسماعيل بن يعقوب].
هو إسماعيل بن يعقوب الصبيحي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا محمد بن موسى].
هو محمد بن موسى بن أعين، وهو صدوق، أخرج له البخاري والنسائي.
[حدثنا أبي].
هو موسى بن أعين، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن الأوزاعي عن عطاء حدثني من سمع ابن عمر].
وقد مر في الإسناد السابق.
أورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وهو مثل حديث ابن عمر المتقدم في بعض طرقه (من صام الأبد فلا صام ولا أفطر)، والطرق السابقة عن ابن عمر، وهذه الطريق التي بعدها عن عبد الله بن عمرو.
قوله: [أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن محمد].
صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا ابن عائذ].
هو محمد بن عائذ، وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي.
[حدثنا يحيى].
هو يحيى بن حمزة، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأوزاعي عن عطاء أنه حدثه، قال: حدثني من سمع عبد الله بن عمرو].
الأوزاعي عن عطاء عمن سمع عبد الله بن عمرو، الذي سمع هو جاء في الإسناد الذي بعده، يعني: الواسطة بين عطاء وبين عبد الله بن عمرو هو أبو العباس الشاعر في الإسناد الذي بعده، فالرجل المبهم هنا قد سمي في الإسناد الذي بعده، وهو السائب بن فروخ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. هذا هو المبهم، وجاء مسمى في الإسناد الذي يليه.
[عن عبد الله بن عمرو بن العاص].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عنه وعن أبيه وعن الصحابة أجمعين.
أورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وكان سببه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أنه يسرد الصوم، وأنه قال: (لا صام من صام الأبد)، لا أدري كيف قال في صيام الأبد، (لا صام من صام الأبد)، أي كأن فيه تردد في شيء، وقد مر في الطريق السابقة التصريح بأنه قال: (لا صام من صام الأبد).
قوله: [أخبرنا إبراهيم بن الحسن].
هو إبراهيم بن الحسن المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي.
[حدثنا حجاج بن محمد].
هو المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، يدلس ويرسل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[سمعت عطاء أن أبا العباس الشاعر أخبره أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص].
وقد مر ذكرهم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر