أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا معن حدثنا مالك (ح) وأخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن زيد بن أسلم عن ابن بجيد الأنصاري عن جدته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ردوا السائل ولو بظلف -في حديث
يقول النسائي رحمه الله: باب: رد السائل، مقصود النسائي من هذه الترجمة هو: أن السائل الذي يسأل يرد بما يمكن ولو كان ذلك شيئاً يسيراً جداً، المهم في الأمر أن يحقق له ما يريد على قدر الطاقة ولو كان ذلك إلى أقل شيء يمكن، هذا هو المقصود من هذه الترجمة؛ أن السائل يجاب أو يرد بتحقيق رغبته ولو بشيء قليل.
وقد أورد النسائي حديث أم بجيد وهي: حواء اسمها حواء صحابية، قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ردوا السائل ولو بظلف ) زاد هارون في حديثه: ( محرق ) يعني: معناه أن السائل يرد ولو بالشيء القليل، وأنه لا ينبغي عدم تحقيق رغبته مطلقاً بل تحقق بقدر الإمكان ولو كان ذلك الشيء الذي تحقق به رغبته قليلاً، لا يستهان بالقليل إذا لم يوجد إلا هو، فإن له وقعاً وله شأناً وله فائدة لمن هو محتاج إلى ذلك القليل، وكلمة: (ولو) يعني: إشارة إلى التقليل، ومثل هذا ما جاء في الحديث: ( لا تحقرن جارة أن تهدي إلى جارتها ولو فرسن شاة ) وهو من جنس الظلف، وكذلك ( التمس ولو خاتماً من حديد )، وكذلك ( أولم ولو بشاة ) يعني: هذه أمثلة للشيء القليل الذي يفعل المأمور به ولو كان في شيء قليل.
( ردوا السائل ولو بظلف ) والظلف هو للبقر والغنم مثل: الحافر، للخيل، والبغال، والخف للإبل، فهو طرف رجلها أو يدها، وما يكون عليه من اللحم اليسير الذي هو من أقل الأشياء، أو أتفه الأشياء، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى رد السائل ولو كان بظلف محرق، يعني: إشارة إلى قلته أو عدم أهميته؛ لأن هذا فيه إرشاد وتوجيه إلى أن السائل لا يرد بدون شيء، بل يرد بالشيء ولو كان يسيراً جداً.
ثم قال في رواية هارون: ( محرق ) أي: ظلف محرق؛ لأن النسائي رواه عن شيخين، الأول: هارون بن عبد الله، والثاني: قتيبة بن سعيد، فلفظ قتيبة بن سعيد: ( ولو بظلف ) فقط، وأما هارون الذي هو الشيخ الأول الذي جاء في الإسناد الأول فجاء الظلف موصوفاً بمحرق، يعني: أن رواية الشيخين اتفقت عند هذا القدر الذي هو: ( ولو بظلف ) وزاد هارون في روايته عما رواه قتيبة وصف الظلف بأنه محرق.
هو الحمال البغدادي ، ثقة، أخرج حديثه مسلم ، وأصحاب السنن الأربعة.
هو معن بن عيسى ، ثقة، ثبت، قيل: هو أثبت أصحاب مالك، وأخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
يروي عن مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[ ح وأخبرنا قتيبة بن سعيد ].
ثم قال: (ح) وهذه الحاء تدل على التحول من إسناد إلى إسناد.
[وأخبرنا قتيبة بن سعيد ].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان قرية من قرى بلخ، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مالك عن زيد بن أسلم ].
عن مالك وقد مر ذكره، عن زيد بن أسلم ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن بجيد الأنصاري ].
ابن بجيد هو عبد الرحمن بن بجيد الأنصاري وهو معدود في الصحابة، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وهنا غير منسوب ولكنه نسب في طريق أخرى ستأتي بعد أحاديث فقيل عن عبد الرحمن بن بجيد عن جدته، فلم ينسب في هذه الرواية ونسب في الرواية التي ستأتي بعد عدة أحاديث، يعني: نفس الحديث سيأتي بعد عدة أحاديث وفيه الرواية عن عبد الرحمن بن بجيد أي: تسميته، وهنا غير مسمى، وحديثه أخرجه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[ عن جدته ].
هي: أم بجيد وهي حواء صحابية، أخرج حديثها أبو داود ، والترمذي ، والنسائي، ولها هذا الحديث الواحد، الذي في الكتب الستة.
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا المعتمر سمعت بهز بن حكيم يحدث عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا يأتي رجل مولاه يسأله من فضل عنده فيمنعه إياه إلا دعي له يوم القيامة شجاع أقرع يتلمظ فضله الذي منع ) ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة: الذي يسأل ولا يعطي، يعني: أنه مذموم، وأن على الإنسان إذا سئل وهو قادر، ومستطيع، ومتمكن أن يحقق الرغبة بقدر الإمكان، كما مر في الحديث السابق يرد السائل ولو بأقل القليل، ما دام أنه لا يمكن إلا ذلك القليل، أورد النسائي حديث بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، يعني: أورد النسائي حديث معاوية بن حيدة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم :
قال: [ (لا يأتي رجل مولاه يسأله من فضل عنده إلا دعي له يوم القيامة شجاع أقرع يتلمظ فضله الذي منع) ].
يعني: هذا فيه الدلالة على منع مثل ذلك، يعني: كون الإنسان يسأل ثم لا يعطي فإن ذلك مذموم، وقد جاء في هذا الحديث ما يدل على ذمه، وأن الإنسان إذا سأل رجل مولاه، والمولى يمكن أن يكون المراد به: العتيق يسأل معتقه أو القريب يسأل قريبه، أو الصديق الحميم يسأل صديقه؛ لأن المولى يشمل ما هو أعم من ذلك كما قال: يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً [الدخان:41] فالمولى عام، ويأتي خاص، ولكنه هنا المراد به العموم، ويدخل فيه العتيق وغير العتيق.
(يسأله من فضل عنده) أي: من شيء زائد فاضل عن حاجته ومستغن عنه؛ لأنه زائد على قدر حاجته وحاجة من يمون فيمنعه، يعني: فلا يعطيه من ذلك الذي تفضل الله تعالى به عليه، وهو قدر زائد على حاجته، فلا يعطيه بل يمنعه.
(فدعي له شجاع أقرع) يعني: دعي شجاع أقرع لهذا الفضل الذي منعه يتلمظه، يعني: أنه يدير لسانه عليه ويتتبع أثره كما يتلمظ الإنسان في البقايا التي في فمه بحيث يدير لسانه يحركه حتى يأتي عليها ليزيل تلك الفضلات، وتلك الأجزاء التي في فمه، أو على شفتيه، هذا هو التلمظ، يعني: يتلمظ ذلك الفضل يتبع أثره، يعني: أنه يعاقب، وأنه لا يستفيد من هذا الفضل، وأنه يدعى له شجاع أقرع يتلمظ ذلك الفضل الذي منع، فهو دال على منع تحقيق مثل هذه الرغبة بل المطلوب هو تحقيق السؤال وإجابة الطلب بقدر الإمكان، ولو كان ذلك بشيء يسير كما دل عليه الحديث الذي قبله.
والشجاع الأقرع كما عرفنا في أحاديث مضت هي الحية الغليظة، التي تمزق شعر رأسها من كثرة سمها وشدته.
هو محمد بن عبد الأعلى الصنعاني البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن المعتمر ].
هو المعتمر بن سليمان بن طرخان التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بهز بن حكيم ].
هو بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه]
هو حكيم بن معاوية وهو صدوق، أيضاً أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن معاوية بن حيدة]
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن الأربعة، يعني: معنى هذا: أن هؤلاء الثلاثة الذين خرجوا لهم متفقون، كل واحد من هؤلاء الثلاثة خرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
أخبرنا قتيبة حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، ومن استجار بالله فأجيروه، ومن آتى إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه ) ].
ثم أورد النسائي من سأل بالله عز وجل، أي: أنه يعطي حيث أمكن ذلك، ثم إنه لا ينبغي أن يسأل بالله إلا إذا كان هناك ضرورة، وهناك أمر ملجئ إلى ذلك، وأما أن يسأل بالله كل شيء، ويكون شأن الإنسان عندما يسأل يكون كل سؤاله بالله فهذا لا ينبغي؛ لأن هذا فيه إحراج وفيه إلحاق الضرر، وقد يمنع فيتأثر، وقد لا يجد المسئول بداً من المنع، ثم المسئول يجيب إذا كانت الإجابة لا ضرر فيها، وأنها ممكنة، ولا يلزم أن يجاب في كل شيء؛ لأنه لا ينبغي أن يسأل في كل شيء؛ لأنه قد يسأل عن سر من الأسرار لا يريد الإنسان أن يخبر به، فإذا سئل بالله فلا ينبغي له أن يجيبه؛ لأن الإخبار فيه ليس فيه مصلحة، بل قد يكون فيه مضرة، ولهذا لا ينبغي للإنسان أن يسأل بالله كل شيء، ومن سئل بالله وكانت الإجابة ممكنة ولا ضرر فيه، فإنه يجيبه حيث أمكن ذلك، فهذا هو المقصود من هذه الترجمة.
ثم أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [( من استعاذ بالله فأعيذوه )] وفي بعض الروايات: ( من استعاذكم بالله فأعيذوه ) معناه: أنه يحقق له ما يريد ويمكن مما يريد.
[( ومن سألكم بالله فأعطوه )] يعني: من سألكم شيئاً فأعطوه إياه، لكن كما قلت: حيث أمكن ذلك؛ لأنه لا ينبغي أن يسأل بالله كل شيء، ولا يلزم أن يجيب المسئول عن كل شيء؛ لأن من الأشياء ما لا ينبغي أن يسأل عنه، وقد لا يكون للمسئول فائدة بالإجابة، بل قد يكون عليه مضرة بالإجابة، فلا يلزمه أن يجيب عن كل شيء، وإنما إذا كان السؤال في أمر لا محذور فيه ولا إشكال فيه، فإنه ينبغي أن تحقق الرغبة بأن يجاب إلى ما سأل.
[ ( ومن استجار بالله فأجيروه ) ].
[ ( ومن آتى إليكم معروفاً فكافئوه ) ].
( ومن آت إليكم ) يعني: أعطى من الإيتاء، أو من الإتيان، آتى معروفاً يعني: أعطاكم معروفاً وناولكم، فهو يصلح هذا وهذا، آتى وأتى، من أتى إليكم معروفاً ومن آتى إليكم؛ لأن أتى من الإتيان، وآتى من الإيتاء وهو الإعطاء، يعني: أتى فعل وآتى أعطى، فهو من الإتيان والإيتاء، فكافئوه على إحسانه ومعروفه، [فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه]، والإنسان إذا كان يمكن أن يكافئ بالمماثلة، أو بما هو أحسن، فهذا هو الذي ينبغي، يعني: إنسان أهدى إليك هدية تهدي إليه هدية تكافؤه عليها، لكن أهدى إليك وأنت ما عندك قدرة فأقل الأحوال أنك تدعو له إذا ما استطعت أن تكافئه، وإن جمعت بين المكافأة والدعوة فهذا أحسن، الإنسان يكافئ ويدعو، وإذ ما حصلت المكافأة فلا أقل من الدعاء له.
قتيبة مر ذكره، وأبو عوانة هو الوضاح بن عبد الله اليشكري ، وهو ثقة، متقن أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش ].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مجاهد ].
هو مجاهد بن جبر المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا معتمر سمعت بهز بن حكيم يحدث عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه قال: ( قلت: يا نبي الله، ما أتيتك حتى حلفت أكثر من عددهن لأصابع يديه ألا آتيك ولا آتي دينك، وإني كنت امرأً لا أعقل شيئاً إلا ما علمني الله ورسوله، وإني أسألك بوجه الله عز وجل بم بعثك ربك إلينا؟ قال: بالإسلام، قال: قلت: وما آيات الإسلام؟ قال: أن تقول: أسلمت وجهي إلى الله عز وجل وتخليت، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، كل مسلم على مسلم محرم أخوان نصيران، لا يقبل الله عز وجل من مشرك بعد ما أسلم عملاً أو يفارق المشركين إلى المسلمين ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: السؤال بوجه الله، وقد مر الحديث الذي أورده النسائي هنا فيما مضى وهو بلفظ آخر: [بوحي الله]، وهنا بوجه الله، وكل من الوحي والوجه صفة من صفات الله عز وجل؛ لأن الوحي هو كلام الله، وكلام الله صفة من صفاته، والوجه صفة من صفاته، فهنا الرواية جاءت بالوجه، وقد أورد النسائي حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه.
[( قلت: يا نبي الله! ما أتيتك إلا وقد حلفت أكثر من عددهن )] يشير إلى أصابع يديه، يعني: معناه: أنه حلف أيماناً بعدد أصابع اليدين، ألا يأتيه ولا يأتي دينه، يعني: ألا يأتي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يأتي دين النبي صلى الله عليه وسلم ولا يدخل في هذا الدين، يعني: معناه من شدة عداوته وبغضه لهذا الدين، ثم إن الله سبحانه وتعالى فتح عليه؛ وتحول من حال البغض إلى حال الحب، ومن حال البعد والنفرة إلى حال الرغبة.
[( وإني كنت امرأً لا أعقل شيئاً إلا ما علمني الله ورسوله، وإني أسألك بوجه الله عز وجل بم بعثك ربك إلينا؟)] يعني: بأي شيء بعثك الله [( قال: بالإسلام، قال: وما آيات الإسلام؟ قال: أن تقول: أسلمت وجهي لله وتخليت، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة )] وهذا القدر قد مر فيما مضى في الحديث السابق، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشده إلى أن يقول: (أسلمت وجهي لله وتخليت)، وهذا يعني: أنه دخل في هذا الدين وتخلى من كل ما يخالفه من عبادة غير الله عز وجل؛ لأن: أسلمت وجهي لله وتخليت تعني: لا إله إلا الله؛ لأن تخليت تعني: لا إله، وأسلمت وجهي لله تعني: إلا الله، فهي مثل: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً [النساء:36]، مثل: لا إله إلا الله، اعبدوا الله ولا تشركوا تعادل: لا إله، وهنا: أسلمت وجهي لله تعادل إلا الله، وتخليت تعادل: لا إله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة.
[ ( كل مسلم على مسلم محرم ) ].
وهذا مثلما جاء في الحديث: ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ) يعني: كل المسلم على المسلم حرام الدم، والمال، والعرض، جاء ذلك مبيناً في حديث آخر، فيحرم على الإنسان أن يتعرض لعرض أخيه، أو يتكلم في عرض أخيه، وكذلك أن يضره في بدنه بقتل أو جرح، أو أي أذى في البدن، وكذلك ماله لا يجوز له أن يأخذ شيئاً من ماله إلا بطيب نفس منه.
[( أخوان نصيران )] يعني: هذا شأن المسلم للمسلم أنه يكون نصيره، وأنه يكون أخاه، وأنه ينصره ولا يخذله كما جاء في الحديث الآخر: ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ) وقال قبل ذلك: ( لا يحقره ولا يخذله ولا يسلمه )..إلخ.
ثم قال عليه الصلاة والسلام: [ ( لا يقبل الله عز وجل من مشرك بعد ما أسلم عملاً، أو يفارق المشركين إلى المسلمين ) ].
يعني: أنه إذا دخل في الإسلام وهو بين أهل الكفر فعليه أن يهاجر من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، لكن إذا كان بقاؤه في بلده بين الكفار يستطيع أن يقوم بدينه وأن يؤدي شعائر دينه وأن يدعو إلى الله عز وجل وأن يسعى في إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وأن يدعوهم لا سيما إذا كان منهم، ومن قبيلتهم، وتحترم القبيلة أفرادها ويحترم بعضهم بعضاً، فإذا كان في ذلك مصلحة، فإن البقاء من أجل هذه المصلحة أمر مطلوب، وإذا كان لا يترتب على ذلك مصلحة بل ولا يستطيع الإنسان أن يؤدي شعائر دينه فيتحتم عليه أن يترك هذا البلد، وأن يخرج منه إلى حيث يستطيع أن يؤدي شعائر الدين.
أما إذا كان يستطيع أن يدعو إلى الله عز وجل، ويستطيع أن يؤدي شعائر دينه فإن بقاءه أولى من خروجه؛ لما يترتب على ذلك من مصلحة؛ لأنه أولاً: هو في دينه ما فيه محذور، لأنه يستطيع أن يؤدي شعائر دينه، وبالنسبة لغيره ما دام أن فيه مصلحة وهو الدعوة والإرشاد إلى الخير، والدعوة إلى إخراج الناس من الظلمات إلى النور، فهذا مطلب حسن ومقصد حسن، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( إنما الأعمال بالنيات ) فهو لم يبق في بلاد الكفار رغبة فيها بل رغبة في إخراج الناس من الظلمات إلى النور ما دام أنه متمكن من أن يؤدي شعائر دينه.
أخبرنا محمد بن رافع قال: حدثنا ابن أبي فديك قال: أخبرنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد القارظي عن إسماعيل بن عبد الرحمن عن عطاء بن يسار عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أخبركم بخير الناس منزلاً؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: رجل آخذ برأس فرسه في سبيل الله عز وجل حتى يموت أو يقتل، وأخبركم بالذي يليه؟ قلنا: نعم يا رسول الله، قال: رجل معتزل في شعب يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويعتزل شرور الناس، وأخبركم بشر الناس؟ قلنا: نعم يا رسول الله، قال: الذي يسأل بالله عز وجل ولا يعطى به)].
أورد النسائي: من يسأل بالله ولا يعطي، ضبطت بالوجهين، كما ذكر ذلك السندي أنه: يجوز بالبناء على الفاعل وبالبناء للمفعول، يعني: كونه جمع بين وصفين كونه سئل بالله ولم يحقق الرغبة ويجاب من سأل بالله، وكونه لا يعطي؛ لأن السؤال الآن بالله هو من شخص والإعطاء من شخص، فهي تستقيم إذا قيل: يسأل- بالضم- بالله ولا يعطي، أو يسأل -بالفتح- بالله ولا يعطى، يعني: تكون متفقة، ذاك الذي يسأل بالله ولا يعطى، كونه سأل بالله ولم يحصل له ما يريد، ولا ينبغي له أن يستهين بالسؤال بالله، وأن يجعل السؤال بالله أمراً سهلاً، يعني: يجري على لسانه بسهولة، بل ينبغي له أن يتحرز من ذلك كما أسلفت من قبل، لا ينبغي أن يسأل بالله كل شيء ولا أن يجاب من سأل بالله على كل شيء مما سأل عنه.
ثم أورد حديث ابن عباس وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: [(ألا أخبركم بخير الناس منزلاً؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: رجل آخذ برأس فرسه في سبيل الله عز وجل حتى يموت أو يقتل ) ].
[( ألا أخبركم بخير الناس منزلة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: رجل آخذ برأس فرسه في سبيل الله عز وجل حتى يموت أو يقتل )] يعني: مداوم للقتال، والجهاد، يعني: ملازم له حتى يقتل في سبيل الله أو يموت بغير قتل، معناه: أنه مداوم للجهاد وملازم له فتأتيه منيته إما قتلاً، وإما موتاً بدون قتل؛ لأنه دائماً في الجهاد، فتوافيه منيته وهو يجاهد، فسواء كان ذلك عن قتل بأيدي الأعداء أو بموت بدون أن يكون هناك قتل، والمقصود من ذلك الملازمة والمداومة للجهاد، يعني: أنه آخذ بعنان فرسه مداوم على الجهاد حتى يموت أو يقتل.
يعني: يبتعد عن شرور الناس ويخلص الناس من شره أيضاً، فيسلم الناس من شره ويسلم هو من شرورهم، وهذا فيه دلالة على فضل الاعتزال، ولكن حيث يكون الأمر يدعو إلى ذلك، وحيث يكون خيراً من الخلطة، أما إذا كانت الخلطة ومخالطة الناس ودعوتهم إلى الخير وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، والصبر على أذاهم ومنع نفسه من أن يصدر منه أذى على غيره فإن الخلطة تكون أحسن، وعلى هذا فالعزلة والخلطة يكون بعضهما أحسن من بعض، فالعزلة تكون أحسن حيث لا تكون تلك الأمور التي تكون الخلطة فيها أفضل، وهي كونه ينفع الناس ويصبر على أذى الناس، ويسلم الناس من شره وهو ينفعهم، وبقاؤه خير له ولهم، وإذا لم يكن بقاؤه خير له ولهم ويخشى على نفسه ولا يستطيع، فعند ذلك تكون العزلة خيراً من الخلطة، فهنا أرشد إلى فضل العزلة ولكنها حيث تكون خيراً من الخلطة، أما إذا كانت الخلطة خيراً منها فإن ترك العزلة والبقاء على مخالطة الناس أولى.
ثم قال: [ ( وأخبركم بشر الناس؟ قلنا: نعم يا رسول الله، قال: الذي يسأل بالله عز وجل ولا يعطى به ) ].
يعني: لا يقدر السؤال بالله، وقد ذكرت آنفاً أن السؤال بالله لا ينبغي أن يبتذل وأن الإنسان يسأل بالله كل شيء، وأن يسأل بالله دائماً وأبداً، وكلما يسأل يكون سؤاله بالله هذا لا يصلح، ثم السؤال أو إجابة السائل بالله فيها تفصيل، إذا كان هناك مضرة في إجابته، وليس هناك مصلحة في إجابته كأن يسأل عن سر من الأسرار التي لا ينبغي للإنسان أن يبوح بها من شئونه الخاصة التي لا حاجة إليها، فليس له أن يجيبه؛ لأن أصل السؤال ليس في محله، وإذا كان السؤال يتعلق بحاجة الإنسان وهو مضطر إليه ولا يترتب على إظهاره أو إجابته عليه مضرة فإنه عند ذلك يجاب على قدر الإمكان وحيث أمكن ذلك.
والرجل الذي يسأل بالله ولا يعطي يكون من شر الناس كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، يعني: من شر الناس؛ لأن شر الناس جاء فيه أحاديث كثيرة، شر الناس كذا وشر الناس كذا، (شر الناس ذا الوجهين) وشر الناس كذا، فهذا يعني يعتبر من رءوس شرار الناس، لكن كما قلت ليس كل سؤال بالله يحقق، ولا ينبغي أن يسأل بالله وأن يبتذل السؤال بالله.
والذي يسأل بالله في كل شيء، هذا يكون مخطئاً لا ينبغي أن يجاب، بعض الأشياء ما ينبغي أن يجاب، يسأل الإنسان عن أمور بيته، وعن شئونه الخاصة، وعن ما يجري بينه وبين أهله، أو يسأله عن مقدار ماله، أو يسأله عن أشياء الجواب فيها: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)، يعني: يجيب بهذا الحديث إذا جاء مثل هذه الأسئلة التي ليس للغير حق أن يسأل فيها.
وبعض الناس يتخذ مثل هذا الكلام، فبدلاً من: بالله يقول: والنبي، يعني: كلمة تجري على لسان الواحد منهم ما يتحدث بشيء إلا قبلها: والنبي، أو بالله، هذا حلف في الغالب ولكنه غير سائغ، الإنسان يحافظ على الأيمان لا يبتذلها، ولا يجعل الله عرضة للأيمان، بل لا يحلف إلا عند الحاجة أو حيث تكون هناك حاجة إلى الحلف إما لتأكيد أو ما إلى ذلك من الأشياء.
وينبغي بالمناسبة أنه عندما يسمع أحداً يقول: والنبي، أن يرشده إلى أن يقول: ورب النبي، يعني: يحافظ على اللفظ الذي اعتاده، ولكن يأتي قبله بالشيء الذي هو مطلوب والذي هو متعين، وهو أن الحلف إذا وجد يكون بالله لا يكون بغير الله سبحانه وتعالى.
هو محمد بن رافع النيسابوري القشيري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ حدثنا ابن أبي فديك ].
هو محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا ابن أبي ذئب ].
هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن خالد القارظي ].
صدوق، أخرج له أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه.
[ عن إسماعيل بن عبد الرحمن ].
ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[ عن عطاء بن يسار ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب رضي الله عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة وأحد الصحابة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
هناك شخصان سبق أن مر ذكرهما أحدهما أزهر بن جميل من شيوخ النسائي، وفي بعض النسخ البخاري، ومسلم في الخلاصة، وفي التقريب، وفي تهذيب الكمال للمزي نص على أنه روى له البخاري، والنسائي وما ذكر أبا داود، بل اقتصر على ذكر البخاري، والنسائي، وفي الخلاصة: البخاري، والنسائي فقط.
وأما الشخص الذي مر قريباً وهو يحيى بن سعيد الذي يروي عنه معاوية بن صالح بن حدير وهو يروي عن خالد بن معدان، فالحديث رواه أبو داود والترمذي كما رواه النسائي، النسائي رواه من طريقين، طريق سابقة ليس فيها أحد قبل خالد بن معدان.
فـيحيى بن سعيد أو بجير بن سعد هؤلاء غير موجودين، لكن هذه الطريقة التي مرت قريباً فيها يحيى بن سعيد، ولكن عند أبي داود، وعند الترمذي، بحير بن سعد عن خالد بن معدان، وكذلك في تحفة الأشراف بحير بن سعد، وعلى هذا فالذي يظهر أن يحيى بن سعيد تصحيف وبحير قريبة من يحيى في الرسم، يعني: بحير ويحيى بعضها قريب من بعض فالتصحيف وارد، وسعيد وسعد أيضاً متقاربة، فالذي يظهر أنه بحير بن سعد وليس يحيى بن سعيد؛ لأنه أولاً في تحفة الأشراف بحير بن سعد يروي عن خالد بن معدان الحديث نفسه، ويضيفه إلى أبي داود والنسائي والترمذي، وفي سنن الترمذي بحير بن سعد، وفي سنن أبي داود بحير بن سعد، وليس في تهذيب التهذيب أن يحيى بن سعيد يروي عن خالد بن معدان، فالأظهر أنه بحير بن سعد وأن يحيى بن سعيد عند النسائي تصحيف، والتصحيف وارد؛ لأن كتابة يحيى قريبة من بحير، وكتابة سعيد قريبة من سعد.
أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.
وزاد المزي: أخرج له في خلق أفعال العباد، هو فيما يتعلق بالنسبة لغير الصحيح لا يلتزم الإتيان بكل ما هو خارج الصحيح، وإنما يذكر في الغالب أهمها أو أشهرها.
أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا محمد حدثنا شعبة عن منصور سمعت ربعياً يحدث عن زيد بن ظبيان رفعه إلى أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ثلاثة يحبهم الله عز وجل وثلاثة يبغضهم الله عز وجل، أما الذين يحبهم الله عز وجل فرجل أتى قوماً فسألهم بالله عز وجل ولم يسألهم بقرابة بينه وبينهم فمنعوه فتخلفه رجل بأعقابهم، فأعطاه سراً لا يعلم بعطيته إلا الله عز وجل والذي أعطاه، وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدل به نزلوا فوضعوا رءوسهم فقام يتملقني ويتلو آياتي، ورجل كان في سرية فلقوا العدو فهزموا فأقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح الله له، والثلاثة الذين يبغضهم الله عز وجل: الشيخ الزاني، والفقير المختال، والغني الظلوم ) ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: ثواب من يعطي، يعني: أن له ثواباً عظيماً وجزاء جزيلاً من الله سبحانه وتعالى، وهنا أورد النسائي حديث أبي ذر رضي الله عنه وفيه: أن هذا الذي يعطي ممن يحبه الله عز وجل، وهذا يدل على فضله، وعلى فضل العمل الذي يقوم به؛ لأن هذا مما يحبه الله سبحانه وتعالى، ويثيب فاعله عليه، فقال عليه الصلاة والسلام: (ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يبغضهم الله)، فذكر الثلاثة الذين يحبهم الله، وهو أن رجلاً أتى إلى قوم وسألهم بالله ولم يسألهم لقرابة بينه وبينهم، وإنما هو شخص لا قرابة له بينهم ولكنه سألهم بالله، فما أعطوه شيئاً، فتخلف رجل منهم فأعطاه سراً، يعني: أعطاه عطية خفية لا يطلع عليها إلا الله وهذا الذي أعطاه، يعني: ما أحد اطلع عليها إلا هذا المعطى والله عز وجل والذي يعطي، هؤلاء هم الذين يعلمون عنها، معناه أنها خفية لا يعلمها أحد، الله يعلمها والشخص الذي أعطاه يعلمها، يعني: معناه إشارة إلى إخفائها، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث.
وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا جاءوا في آخر الليل وقد تعبوا واحتاجوا إلى النوم وغلبهم النوم، والواحد منهم متى يصل إلى الأرض حتى يضع رأسه عليها وينام، وكان النوم أحب إليهم مما يعدل به، يعني: ما يساوي النوم عندهم شيء، فهو غالي عندهم لا يعدله شيء؛ لشدة حاجتهم إليه؛ لأن ليلهم وهم سائرون وتعبوا في السير فنزلوا في آخر الليل، والواحد منهم متى يصل إلى الأرض حتى يضع خده وينام، فكان النوم أحب إليهم مما يعدل به، يعني: لا يماثله شيء ولا يعدله شيء عندهم، يعني: أنه غالي ونفيس عندهم وهم بأشد الحاجة إليه، ولا يعدلون به شيئاً، فلم ينم ولكنه قام يتلو آيات الله ويتملق لله عز وجل، بمعنى: يتودد ويلح عليه في الدعاء ويسأله ويطلب إحسانه وبره، فهذا الرجل الثاني ممن يحبه الله عز وجل.
[ ( ورجل كان في سرية فلقوا العدو فهزموا، فأقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح الله له ) ].
يعني: ورجل ثبت، كانوا في سرية فحصل انهزام، ولكنه ثبت، وأقبل ولم يدبر حتى يتحقق، إما القتل وإما النصر، يعني: هو ومن يكون مثله.
[( والثلاثة الذين يبغضهم الله عز وجل: الشيخ الزاني، والفقير المختال، والغني الظلوم ) ].
الثلاثة الذين يبغضهم الله الشيخ الزاني وهو: الرجل الكبير الهرم الذي ذهب عنه الشباب وقوة الشباب، ولكن عنده الخبث، وعنده سوء الطوية وسوء العمل، فهو مع أن الشباب ولى والقدرة الكاملة غير موجودة إلا أنه لما عنده من الخبث، وما عنده من سوء العمل يتعلق أو يتجه إلى الأمور المحرمة، يعني: الشاب الزاني، والرجل الكبير الزاني الذي هو ليس شاباً، كلهم مذمومون ولكن هذا أشد؛ لأن هذا مع ضعفه ومع عدم قدرته إلا أن نفسه متعلقة بالسوء ومرتبطة بالسوء.
(والفقير المختال)، يعني: العائل المستكبر كما جاء في بعض الروايات وبعض الأحاديث؛ لأن الغني هو الذي قد يكون معه الاستكبار، لكن إذا كان الاستكبار مع الفقر فمعناه حشفاً وسوء كيلة، يعني يدل على أن هذا سجية مثل الشيخ الزاني ذاك الذي ليس عنده أسباب القوة التي تدفعه لهذا، ولكن الخبث، وهذا مع كونه فقيراً فإن لديه هذا الوصف الذميم الذي هو التكبر.
(والغني الظلوم) الغني الذي أغناه الله عز وجل ويظلم الناس ويمنعهم حقوقهم، مع أن الله عز وجل أقدره، ولهذا جاء في الحديث: ( مطل الغني ظلم ) يعني: كون الإنسان عنده قدرة على السداد ولكنه يماطل ويمتنع هذا ظلم، والغني الظلوم مثل قوله: ( مطل الغني ظلم )؛ لأن عنده قدرة على السداد وعلى الوفاء، ولكنه يماطل الناس لسوء تصرفه وسوء فعله، ومثل هؤلاء، أولئك الذين يتجهون إلى استقدام العمال واستخدامهم ثم بعد ذلك يظلمونهم ولا يعطونهم حقوقهم أو يؤخرونها عليهم، مع أنهم عندهم القدرة على ذلك، فإن الظلم من الغني ومنع الحق مع قدرته عليه لا شك أن هذا من أشد الظلم وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( مطل الغني ظلم ) (وإذا أحيل أحدكم على مليء فليحتل).
هو العنزي أبو موسى المقلب الزمن البصري ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد ].
هو ابن جعفر الملقب غندر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ، ثم البصري، ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو منصور بن المعتمر الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت ربعياً ].
هو ربعي بن حراش الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ يحدث عن زيد بن ظبيان ].
هو زيد بن ظبيان ، وهو مقبول، أخرج له الترمذي، والنسائي.
[ رفعه إلى أبي ذر ].
هو جندب بن جنادة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث ذكره الألباني في ضعيف سنن النسائي، لكنه في غير المطبوع، ولا أدري وجه ضعفه، هل هو من أجل زيد بن ظبيان الذي قال عنه أنه يقبل، بحيث يتابع، مع أن بعضه فيه متابعات، فالحديث الذي موجود بعضه فيه شيء يدل على صحته مثل: الشيخ الزاني والفقير المختال، وقد جاءت أحاديث كثيرة تدل على ذمهم، وعلى أنهم من شر الناس.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر