أخبرنا هناد بن السري عن ابن أبي زائدة حدثني يحيى بن سعيد أخبرتني عمرة أنها سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لخمس بقين من ذي القعدة، لا نرى إلا الحج، حتى إذا دنونا من مكة، أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت أن يحل)].
يقول النسائي رحمه الله: [الوقت الذي خرج فيه الرسول صلى الله عليه وسلم من المدينة للحج]، معناه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج للحج من المدينة في آخر ذي القعدة لخمس بقين، ووصل إلى مكة في اليوم الرابع من ذي الحجة، فكانت مدة السفر تسعة أيام، ولهذا يقولون عن المسافة بين المدينة ومكة: إنها تسع مراحل، أي: تسعة أيام، فالترجمة معقودة لبيان الوقت الذي خرج فيه الرسول صلى الله عليه وسلم من المدينة، وقد أحرم بالحج قارناً، وكان إحرامه في ذي القعدة، وعمره الأربع التي هي: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء، والعمرة التي من الجعرانة، وعمرته التي مع حجته، كل هذه العمر الأربع كانت في شهر ذي القعدة، أي: بالنسبة للإحرام، وإلا فإن أداءه صلى الله عليه وسلم لها، أي: للعمرة التي مع الحجة إنما هو في ذي الحجة، ولكن الكلام في الإحرام؛ لأنه أحرم في ذي القعدة، وعلى هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة لخمس بقين، ووصل في اليوم الرابع من ذي الحجة.
قوله: [(خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لخمس بقين من ذي القعدة لا نرى إلا الحج)].
وقد أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها وأرضاها، أي: أنهم كان الغالب فيهم أو الأكثر فيهم أنهم كانوا محرمين بالحج، إما بالحج وحده، وإما معه غيره، ولكن هذا لا يعني أنه لم يحرم أحد بالعمرة؛ لأن بعض الصحابة أحرموا بالعمرة، ومنهم: أمهات المؤمنين، ومنهم: عائشة نفسها، فإنها كانت متمتعة، وكانت محرمة بالعمرة، ولكن حصل لها الحيض، وجاء وقت الذهاب للحج وهي لم تطهر، فأمرها عليه الصلاة والسلام أن تدخل الحج على العمرة فتصير قارنة، وعلى هذا فالمراد بذلك الكثير من الصحابة الذين كانوا غير متمتعين، بل كانوا محرمين بالحج مفرداً، أو محرمين بالحج ومعه العمرة قارنين، وهذا بالنسبة للغالب في الصحابة، وكثير من الصحابة، والنبي عليه الصلاة والسلام خير الناس بين أنساك ثلاثة: التمتع، والقران، والإفراد، فمنهم: من أحرم بالتمتع، ومنهم: من أحرم بالإفراد، ومنهم: من أحرم بالقران، والنبي صلى الله عليه وسلم أحرم قارناً، وساق معه مائة من الإبل، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وعلى هذا فالذي جاء عن عائشة ليس المقصود به أنهم جميعاً لم يحجوا إلا مفردين أو قارنين، بل هناك من حج متمتعاً، ولما وصلوا إلى قرب مكة أمر النبي عليه الصلاة والسلام كل من كان غير سائق للهدي أن يحل إذا طاف وسعى، ويكون متمتعاً، أي: أرشد القارنين والمفردين الذين لا هدي معهم أن يفسخوا إحرامهم من القران والإفراد إلى العمرة، فيصيرون بذلك متمتعين، وأكد ذلك عليه الصلاة والسلام عند المروة عندما انتهوا من الطواف والسعي، ولما راجعوه في ذلك وقالوا: كيف نحل من إحرامنا وأنت باق على إحرامك؟ بين لهم صلى الله عليه وسلم أنه قد ساق الهدي، والذي يسوق الهدي لا يحل من إحرامه حتى يبلغ الهدي محله، أي: حتى يأتي يوم العيد، وقت ذبح الهدي، أما الذي لم يسق الهدي فيحل له أن يفسخ إلى عمرة، وأما من كان معه هدي فإنه باق، ومنهم الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما راجعوه في ذلك قال: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي، ولولا أن معي الهدي لأحللت، ولجعلتها عمرة)، فدل هذا على تفضيل التمتع على غيره، وعلى أن الصحابة حجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأنساك الثلاثة، ومن كان قارناً، أو مفرداً، ومعه الهدي بقي على إحرامه، ومن كان قارناً، أو مفرداً، وليس معه هدي فقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يفسخ إحرامه إلى عمرة، وأن يكون بذلك متمتعاً.
الحاصل: أن الحديث فيه الدلالة على ما ترجم له المصنف من بيان وقت خروجه صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة للحج، وأنه لخمس بقين من ذي القعدة.
وهو هناد بن السري أبو السري الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن ابن أبي زائدة].
وهو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني يحيى بن سعيد].
وهو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرتني عمرة].
وهي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة، وهي مكثرة من الرواية عن عائشة رضي الله عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[سمعت عائشة].
وهي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام، وهي من أوعية السنة، ومن حفظتها، وقد حفظت الشيء الكثير من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لاسيما ما يتعلق بالأمور البيتية التي لا يطلع عليها الرجال، ولا يعرفها إلا أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن وأرضاهن، فإنها روت الشيء الكثير من ذلك رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
أخبرنا قتيبة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن، قال
ثم أورد النسائي ترجمة: [المواقيت]، أي: المواقيت المكانية، التي تعتبر أماكن للإحرام والدخول في النسك، سواء كان حجاً، أو عمرة، بحيث لا يتجاوزها من أتى عليها وهو مريد للحج والعمرة إلا وقد أحرم، ولو تجاوزها غير محرم ثم رجع وأحرم منها، فإنه لا شيء عليه، وإن تجاوزها محرماً وأحرم بعدها، ولم يحصل منه الإحرام من الميقات، يكون مخطئاً، وإذا كان متعمداً يأثم وعليه ذنب، وسواء كان متعمداً، أو مخطئاً، فالكفارة عليه وهي: شاة تذبح في مكة وتوزع على فقراء الحرم؛ لأنه ما حصل منه الإحرام من مكانه، أي: ميقاته الذي وقته الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
إذاً فهناك مواقيت زمنية، ومواقيت مكانية، فالمواقيت الزمانية هي: التي قال تعالى فيها: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة:197]، أي: يوقع فيها، ومن فاته الوقوف بعرفه فاته الحج، يفسخ إلى عمرة ويكملها، ويكمل ما أحرم به على عمرة، وأشهر الحج شهران وعشرة أيام، وهي كما قالوا: تكون إما سبعين يوماً، أو تسعة وستين، أو ثمانية وستين، إن وفى الشهران شوال، وذو القعدة صارت سبعين، وإن نقص الشهران شوال وذو القعدة صارت اثنتين وستين، وإن نقص واحد، وكمل واحد صارت تسعة وستين، فجملتها سبعون، أو تسعة وستون، أو ثمانية وستون، على حسب تمام الشهرين، أو نقصانهما، أو تمام واحد منهما ونقصان الآخر، ولا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهره، وأما العمرة: فإنه يحرم بها في كل وقت، وإذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج، وحج من عامه ولم يرجع إلى بلده، فهو متمتع، وإذا أحرم قبل شوال، فهذه العمرة لا علاقة لها بالحج، ولا يعتبر متمتعاً وإن حج من عامه؛ لأن العمرة ما وقعت في أشهر الحج، والتمتع لا بد فيه من أن تكون العمرة حصلت في أشهر الحج.
أما بالنسبة للمواقيت المكانية: فقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في أحاديث عن ابن عمر، وابن عباس، وجابر، وعائشة، وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبدأ المصنف بترجمة ميقات أهل المدينة.
وأورد حديث: عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يهل أهل المدنية من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجدٍ من قرن، وبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ويهل أهل اليمن من يلملم)، أي: أنه حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المواقيت الثلاثة الأولى، أما الميقات الرابع فلم يحفظه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما بلغه عن غيره، يعزوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء في بعض الروايات قال: (لم أفقه)، يعني: أنه ما فهم الذي يتعلق بميقات أهل اليمن، ولكنه أتقن، وضبط، وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم المواقيت الثلاثة التي هي: ذو الحليفة، والجحفة، وقرن المنازل، وقد جاء ذلك في عدة روايات، يعني: ميقات أهل اليمن أنه بلغه، وأنه قال: زعم، وأنه قال كذا، أو أنني لم أفقه ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ميقات أهل اليمن، ولكنه جاء في حديث: ابن عباس المتفق على صحته (أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل اليمن يلملم)، وجاء في حديث غيره خارج الصحيحين، وسيأتي بعض الأحاديث التي فيها التنصيص على أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل اليمن يلملم، وعلى هذا فالذي قال عنه ابن عمر في هذا الحديث: (بلغني)، هو ثابت من حديث ابن عباس المتفق على صحته، حيث قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل اليمن يلملم).
وهذه المواقيت هي: ميقات ذي الحليفة، وهو ميقات أهل المدينة، وهو على مقربة من المدينة، يعني: بينه وبين المدينة تسعة كيلو مترات، والإنسان إذا سافر إلى مكة عن طريق البر فإنه يحرم من هذا الميقات، وإن أراد أن ينزل ويصلي في المسجد ويحرم بعد الصلاة فلا بأس بذلك، وقد أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن صلى العصر في ذي الحليفة، وجاء في الحديث الذي سيأتي أنه قال: (أتاني آت هذه الليلة وقال: صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة، أو عمرة وحجة)، وهذا يدل على أن الإنسان إذا نزل وصلى، فإنه قد جاء ما يدل على ذلك، وسواء كان إحرامه بعد فرض، أو صلى صلاة نافلة وأحرم بعدها؛ لأنه قوله: (صل في هذا الوادي المبارك)، يمكن أن يدخل تحته الفرض، والنفل، وإذا كان الإنسان لا يريد أن ينزل ويصلي في المسجد فلا يلزمه ذلك، بل يمكنه أن ينوي الإحرام في الطريق، والسيارة سائرة عند محاذاة المسجد، ولكنه كما هو معلوم يكون مستعداً في المدينة بالاغتسال والتنظف، ولبس الثياب، ولبس الإزار والرداء، فيمر وإحرامه عليه، ولا يمر وهو محرم بلبس الإحرام؛ لأن لبس الإحرام ليس بالإحرام، الإحرام: هو النية، والدخول في النسك، والإنسان إذا لبس إحرامه من المدينة يلبسه، ويغطي ورأسه؛ لأنه ما يعتبر محرماً، وإنما يعتبر محرماً إذا نوى، فعند ذلك يكون رأسه مكشوفاً، ويكون ذلك من الميقات، ولكن لبس الإحرام من المدينة هو استعداد وتهيؤ، والسنة أن الإنسان يحرم من الميقات ولا يحرم قبله، وإن أحرم قبله جاز، وانعقد إحرامه، لكن الأولى والذي ينبغي أن الإنسان لا ينوي الإحرام إلا من الميقات، أما إذا كان السفر عن طريق الطائرة، وركب الطائرة في المدينة وتحركت للإقلاع فإنه ينوي، ويلبي ولا يقصر؛ لأن المسافة قصيرة بين المدينة وذي الحليفة، فقد تتجاوز الطائرة بسرعة والإنسان لا يدري، فيحرم بعد الميقات، وإذا أحرم قبل الميقات يجوز، فإذا تحركت الطائرة للإقلاع في المطار بعد أن يعرف أنه مسافر، وأن الطائرة متحركة للإقلاع هو يلبي، ولا يؤخر؛ لئلا تتجاوز الطائرة محاذاة الميقات، فإذا أحرم الإنسان بعد الميقات، يلزمه فدية.
إذاً: فميقات أهل المدينة ذو الحليفة، وهو أبعد المواقيت من مكة؛ لأنه تسع مراحل، بخلاف المواقيت الأخرى فإنها إما خمس، أو ثنتين، وقيل في تعليل كون ميقات أهل المدينة يحرمون أنهم لا يحصل منهم ما يحصل لغيرهم من التعب، بحيث يأتوا من مسافات بعيدة، فجعلت المواقيت لغير أهل المدينة أقرب من ميقات أهل المدينة؛ رفقاً بأهل الآفاق، أما أهل المدينة فلكونهم لا يحصل منهم مثل ما يحصل لغيرهم من الأسفار البعيدة، وتحمل المشاق، فجعلت مواقيتهم أقرب من ميقات أهل المدينة، وقالوا: ليعظم الأجر لأهل المدينة بإحرامهم، وكونهم يبقون مدة أطول في إحرامهم؛ لأنهم يمكثون تسعة أيام لما كانوا يسافرون على الدواب محرمين، وتتوسخ أحرمتهم، ويمضي عليها وقت طويل، بخلاف هذا الزمان فإن المدينة وغير المدينة كلها صارت قريبة، ولا يمضي وقت، إلا ساعات محدودة أو أقل، أو مقدار ساعة إذا كان السفر في الطائرة، ولا يحصل هناك عناء ومشقة.
ووقت الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل الشام الجحفة، وكذلك لأهل مصر وأهل المغرب، ولكل من يأتي من تلك الجهة، جاء في بعض الأحاديث: (الشام)، وفي بعضها: (أهل الشام، ومصر)، وكل من يأتي من تلك الجهة التي هي من جهة الغرب، أو من جهة الشمال غير مار بالمدينة، فإنه ميقاته الجحفة، وهي: قرية قريبة من رابغ، وهي أقرب إلى مكة من رابغ، ويحرم الناس الآن من رابغ؛ لأن الجحفة مهجورة، ورابغ عامرة، فيحرمون من رابغ وهو مكان قريب من الجحفة. ولمن يأتي من جهة الشمال من جهة الساحل وليس ماراً بالمدينة، يحرم من الجحفة، أما من جاء من أهل الآفاق إلى المدينة أولاً، وانطلق منها للحج، أو العمرة فيتعين عليه أن يحرم من ميقات أهل المدينة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما وقت هذه المواقيت قال في آخر الحديث: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة)، يعني: فهي ليست ميقات لمستوطن المدينة، بل لكل من مر بهذا الميقات، سواء كان من أهل المدينة، أو من الوافدين على المدينة، أو الواردين على المدينة من أهل الآفاق، فإن ميقات الجميع هو ذو الحليفة، وليس لمن جاء المدينة أن يتجاوزها غير محرم، سواءً كان من أهل الشام، أو المغرب، أو من أي جهة أخرى؛ لأن ميقاته هو الميقات الذي يمر به، ولو لم يكن من أهل ذلك البلد، الذي وقت له ذلك الميقات.
ووقت لأهل نجد قرن المنازل، أي: أهل نجد، وهم الذين يأتون من الجهات المرتفعة، سواءً من جهة نجد المعروفة بهذا الاسم، أو من جهة الطائف الجبال التي هي في تلك الجهة، فكل من يأتي من تلك الجهات ميقاته قرن، وإذا لم يمر به فإنه يحرم من محاذاته، وعلى هذا فالنبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر وقت هذه المواقيت الثلاثة، وذكر ابن عمر أنه بلغه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل اليمن يلملم)، فهو ميقات لأهل اليمن الذين يأتون من جهة الساحل.
والإحرام قبل هذه المواقيت ما ينبغي، لكن لو حصل ثبت الإحرام، والأماكن التي فيها احتياط يعني كون الإنسان لا يدري هل يحاذي الميقات أو لا يحاذي مثل ما إذا جاء بالطائرة طبعاً، يحتاج يحرم قبل أن يصل إلى الميقات، إلا إذا كان أحد ينبهه ويقول له: نحن حاذينا الميقات، أو نحن عند الميقات، فعند ذلك يؤخر إلى هذا، وإذا وجد منه الإحرام قبل ذلك فلا بأس، ولو كان من مكانٍ بعيد، لكن ما ينبغي للإنسان أن يتلبس بالإحرام من مكان بعيد.
وهو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
وهو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، وأحد أصحاب المذاهب الأربعة المعروفة من مذاهب أهل السنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
وهو مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
وهو عبد الله بن عمر الصحابي الجليل، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وهذا الحديث رباعي، فهو من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأن أعلى الأسانيد عند النسائي الرباعيات، بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص، وكانت وفاته في السنة الثالثة بعد الثلاثمائة، وأعلى إسناد عنده الرباعي الذي يكون فيه بينه وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام أربعة أشخاص، وهم: قتيبة، ومالك، ونافع، وعبد الله بن عمر.
أخبرنا قتيبة حدثنا الليث بن سعد حدثنا نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رجلاً قام في المسجد فقال: (يا رسول الله، من أين تأمرنا أن نهل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ويهل أهل الشام من الجحفة، ويهل أهل نجد من قرن). قال ابن عمر: ويزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ويهل أهل اليمن من يلملم)، وكان ابن عمر يقول: لم أفقه هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم].
أورد النسائي هذه الترجمة: وهي [ميقات أهل الشام] وهي الجحفة، وأورد فيه: حديث ابن عمر من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله.
يعني: أنه ما حفظ ذلك من رسول الله، ولكن حفظه من غيره، وكلمة يزعمون المراد به الخبر المحقق؛ لأن الزعم يأتي ويراد به الخبر المحقق، وليس المقصود به المشكوك فيه، ولكنه يريد أنه سمعه من غيره، ولم يسمعه مع أنه كان حاضراً، ولم يفقه ذلك، وأنه فاتته هذه الكلمة الأخيرة، ولكنه أخذها عن غيره وسمعها من غيره، وفي الحديث كونه جواباً لسؤال، وأن السؤال وقع في مسجده صلى الله عليه وسلم، وأنه قبل أن يسافر، وقبل أن يذهب للحج فسئل وهو في المسجد: [(من أين تأمرنا أن نهل؟ فقال: يهل أهل المدينة من كذا..)]، إلى آخر الحديث.
أي: نفس الإسناد الأول، إلا أن فيه بدل مالك الليث بن سعد، وهو إسناد رباعي، والليث بن سعد هو المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا عمرو بن منصور حدثنا هشام بن بهرام حدثنا المعافى عن أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام ومصر الجحفة، ولأهل العراق ذات عرق، ولأهل اليمن يلملم)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: [ميقات أهل مصر]، وأورد حديث: عائشة رضي الله عنها وأرضاها الذي فيه ذكر المواقيت الأربعة، وهو من الأحاديث التي فيها إثبات ذلك الذي ما سمعه ابن عمر في ميقات أهل اليمن، وأن ميقات أهل اليمن يلملم، جاء في حديث عائشة في غير الصحيحين، وجاء في حديث ابن عباس في الصحيحين، وجاء في حديث جابر في صحيح مسلم، وجاء في أحاديث أخرى عن غير هؤلاء ذكر ويلملم، وهذا الحديث فيه رواية عائشة رضي الله عنها وأرضاها، و(أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل اليمن يلملم)، والمقصود من الترجمة: بيان ميقات أهل مصر؛ لأنه نص على مصر والشام، وأن ميقات أهل الشام ومصر الجحفة، قال: (ولأهل الشام، ومصر الجحفة). وفيه التنصيص على ميقات أهل اليمن والعراق كما بيّن ذلك في نهاية الحديث.
أما ذكر ميقات أهل العراق، وأنه ذات عرق، وذات عرق هو في طريق أهل العراق، وجاء في هذا الحديث أنه منصوص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الميقات، وجاء في صحيح البخاري وغيره: أن عمر رضي الله عنه وأرضاه لما فتح المصران أي: العراق، وكانوا يأتون للحج وقالوا: إن قرناً جور عن طريقنا، أي: بعيد عن طريقهم، قال: انظروا حذوها من طريقكم، فوجدوا ذات عرق، فقال: لهم أن يحرموا منها؛ لأنها تحاذي قرن المنازل، فجاء في صحيح البخاري وفي غيره: أن هذا من اجتهاد عمر، وأن ذلك عن طريق المحاذاة، وجاء في حديث عائشة وغيره أنه بتنصيصٍ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيمكن أن يكون عمر رضي الله عنه ما بلغه ذلك، ولكنه اجتهد وصار اجتهاده مطابقاً لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو من موافقات عمر للسنة، ولما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه رضي الله عنه كان يحصل منه المشورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأشياء ثم ينزل الوحي مطابقاً لما أشار به؛ كما جاء ذلك في أسرى بدر، وكما جاء في مقام إبراهيم واتخاذه مصلى، وكما جاء في غيره، وهنا لما اجتهد وقال: إن ذات عرق تكون ميقات أهل العراق؛ لأنها تحاذي قرن المنازل، وقد جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، ولعله لم يبلغه، وأن هذا الميقات الذي وقته باجتهاده وقع مطابقاً لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهو من موافقاته لما جاء عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ورضي الله عن عمر وعن الصحابة أجمعين.
وهو عمرو بن منصور النسائي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا هشام بن بهرام].
وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا المعافى].
وهو المعافى بن عمران، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أفلح بن حميد].
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا الترمذي.
[عن القاسم].
وهو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، أحد الفقهاء السبعة في المدينة المشهورين في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها].
وقد مر ذكرها.
أخبرنا الربيع بن سليمان صاحب الشافعي حدثنا يحيى بن حسان حدثنا وهيب، وحماد بن زيد عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرناً، ولأهل اليمن يلملم، وقال: هن لهن ولكل آت أتى عليهن من غيرهن، فمن كان أهله دون الميقات حيث ينشئ حتى يأتي ذلك على أهل مكة)].
أورد النسائي: [ميقات أهل اليمن]، وأورد فيه: حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين، وفي غيرهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجدٍ قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، ثم قال: هن لهن ولكل آتٍ عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة حتى يأتي ذلك إلى أهل مكة)، أي: فيحرموا من مكة.
وحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وأرضاهما فيه الثلاثة المواقيت المتقدمة، وفيه ميقات أهل اليمن، وأنه يلملم، وفيه بيان أن كل آت على تلك المواقيت من غير أهلها حكمه حكم أهلها، لا يتجاوزها إلا محرماً، وفيه أيضاً أن من كان دون المواقيت، لا يذهب إلى المواقيت، ويحرم منها، بل يحرم من مكانه، ومن منزله، ولا يجوز له أن يذهب من مكانه ثم يحرم بعد ذلك؛ لأن ميقاته منزله، فالذين هم دون المواقيت لا يجوز لهم أن يتجاوزوا أماكن سكناهم إلا وقد أحرموا؛ لأن سكناهم أو أماكنهم هي المواقيت في حقهم، فلو تجاوزوها وأحرموا بعدها، فهم مثل الذي يتجاوز المواقيت وهو غير محرم، ثم يحرم بعد ذلك، فحديث ابن عباس فيه بيان أن تلك المواقيت لا تختص بأهل تلك البلدان، بل هي لهم، ولكل آتٍ عليها من غيرهم، وأن من كان دون المواقيت، فميقاته من حيث ينشئ الإحرام، إن كان ساكناً في قرية دون المواقيت يحرم من قريته، وإن تجاوز المواقيت وهو لا يريد حجاً وعمرة، ثم طرأ عليه أن يحج، ويعتمر، فيحرم من المكان الذي طرأ عليه الإحرام بالحج، والعمرة، ولا يتجاوزه إلى غيره، حتى أهل مكة يحرمون بالحج من مكة.
أما بالنسبة للعمرة، فإن أهل مكة لا يحرمون منها، بل عليهم أن يخرجوا إلى الحل، ويحرمون منه كما جاء ذلك في حديث عائشة حيث أرشدها إلى أن تخرج إلى الحل، فهذا يدل على أن من كان في مكة لا يحرم بالعمرة إلا من الحل، ولا يقال: إن عائشة من أهل الآفاق؛ لأنها لو كانت من أهل الآفاق، فميقاتها ذو الحليفة، وليس التنعيم، وليس الحل الذي هو منتهى الحرم، وهذا يدل على أن من كان في الحرم، سواءً كان من أهل مكة أو من غيرها، فإن ميقاته الحل، يحرم بالعمرة من الحل، ولا يحرم بها من الحرم، وأما الحج، فيحرم أهل مكة بالحج من منازلهم، كما أن الذين كانوا متمتعين، عندما يأتي الحج يرجعون إلى إحرامهم، ويحرمون من مساكنهم بمكة.
وهو الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المرادي، وهو صاحب الشافعي، وميزه بقوله: صاحب الشافعي؛ لأن هناك شخصاً آخر هو الربيع بن سليمان بن داود الجيزي، فهذا التمييز حتى لا يلتبس بـالجيزي. وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا يحيى بن حسان].
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه.
[حدثنا وهيب].
وهو وهيب بن خالد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[وحماد بن زيد].
وهو حماد بن زيد البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن طاوس].
وهو عبد الله بن طاوس بن كيسان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
وهو طاوس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
وهو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا قتيبة حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن، وذكر لي، ولم أسمع أنه قال: ويهل أهل اليمن من يلملم)].
أورد النسائي ترجمة: [ميقات أهل نجد]، وهو قرن المنازل، وأورد فيه حديث ابن عمر الذي سبق أن مر من طريقين، من طريقٍ أخرى، فهذه طريق ثالثة، وهو مثل ما تقدم، فيه المواقيت الثلاثة، وفيها التنصيص على ميقات نجد وهو قرن المنازل، وفيه الذي قبله من أنه ذكر لي، ولم أسمع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(ويهل أهل اليمن من يلملم)]، وقد عرفنا في حديث ابن عباس المتقدم التصريح به، وهو متفق عليه، وكذلك في حديث عائشة المتقدم الذي هو في غير الصحيحين.
قتيبة، وقد مر ذكره.
[حدثنا سفيان].
وهو سفيان بن عيينة، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة مكثر من رواية الحديث، وهو فقيه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وإذا جاء قتيبة يروي عن سفيان وهو غير منسوب فالمراد به ابن عيينة، وكذلك إذا جاء سفيان يروي عن الزهري وسفيان غير منسوب فالمراد به ابن عيينة، فإذاً هو ابن عيينة معروفٌ من جهتين: من جهة التلميذ، ومن جهة الشيخ، فمن جهة التلميذ قتيبة، وروايته عنه، وأما من جهة الشيخ الزهري، فـابن عيينة هو الذي يروي عن الزهري مباشرة، والثوري لا يروي عن الزهري مباشرةً.
[عن سالم].
وهو سالم بن عبد الله بن عمر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع؛ لأن فيه ثلاثة أقوال، قيل: سالم بن عبد الله بن عمر، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهذا الذي معنا في الإسناد سالم بن عبد الله بن عمر.
[عن أبيه].
وهو ابن عمر، وقد مر ذكره.
أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي حدثنا أبو هاشم محمد بن علي عن المعافى عن أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (وقت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام ومصر الجحفة، ولأهل العراق ذات عرق، ولأهل نجد قرناً، ولأهل اليمن يلملم)].
أورد هذه الترجمة وهي: [ميقات أهل العراق]، وأورد فيه: حديث عائشة الذي سبق أن مر، وفيه ذكر المواقيت الأربعة، ويضاف إليها ميقات أهل العراق الذي هو ذات عرق، وفيه الدلالة على ذلك، وأنه منصوص من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه ثابتٌ في السنة، وما جاء عن عمر إنما هو اجتهاد مطابق لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبو هاشم محمد بن علي].
هو أبو هاشم محمد بن علي الموصلي، ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[عن المعافى عن أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة].
وهؤلاء الأربعة مر ذكرهم في الإسناد السابق.
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي عن محمد بن جعفر حدثنا معمر أخبرنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (وقت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرناً، ولأهل اليمن يلملم، قال: هن لهن، ولمن أتى عليهن ممن سواهن لمن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك من حيث بدا حتى يبلغ ذلك أهل مكة)]
أورد النسائي هذه الترجمة: وهي [من كان أهله دون الميقات]، أي: أنه يهل من مكانه، فمن كان أهله دون الميقات فإنه يهل من مكانه، ولا يلزمه أن يرجع للميقات، بل يحرم من مكانه، ولا يجوز له أن يتجاوز مكانه، إلى مكة ثم يحرم من الطريق، بل ميقاته مكانه، ولا يتجاوزه إلى غيره، ولا يلزمه أن يذهب للميقات الذي وراءه، بل ميقاته مكانه فيحرم منه، ولهذا أورد فيه: حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، وهو دال على ما ترجم له، لما وقت المواقيت الأربعة قال: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة).
قوله: [(ممن أراد الحج والعمرة)].
هذا القيد يدل على أن من أراد أن يذهب إلى مكة لا يريد حجاً ولا عمرة، فإنه يدخل بدون إحرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قيد ذلك بقوله: (ممن أراد الحج والعمرة)، فيفهم منه أن من يريد مكة، ويذهب إليها لحاجة، ولا يريد حجاً، ولا عمرة، فإنه لا يلزمه الإحرام، وهي مسألة خلافية بين أهل العلم، فمنهم من قال بأن الإنسان الذي يذهب إلى مكة يلزمه أن يدخل محرماً، والقول الصحيح هو ما دل عليه هذا الحديث من أن اللزوم، والوجوب في الإحرام إنما يكون لمن أراد الحج والعمرة، فيحرم من المواقيت التي مر بها، ومن كان لا يريد حجاً ولا عمرة، فيدخل مكة بدون إحرام.
وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[محمد بن جعفر].
هو محمد بن جعفر الملقب غندر البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن معمر].
وهو معمر بن راشد الأزدي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.
أورد النسائي: حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهو مثل الذي تقدمه.
قوله: [أخبرنا قتيبة].
هو قتيبة بن سعيد، مر ذكره.
[حدثنا حماد].
وهو حماد بن زيد، وإذا جاء قتيبة يروي عن حماد غير منسوب فالمراد به: ابن زيد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو].
وهو عمرو بن دينار المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر