ثم أورد النسائي: التمتع، والتمتع: هو أن يحرم من الميقات بالعمرة وحدها، وإذا وصل إلى مكة طاف طواف العمرة، وسعى بين الصفا والمروة للعمرة، ثم قصر من شعر رأسه وتحلل، وبذلك انتهت العمرة، فهي عمرة مستقلة ليست مقرونةً مع الحج، يحرم بها وحدها، ويطوف لها وحدها، ويسعى لها وحدها، ويقصر من شعر رأسه ويتحلل، ثم إذا جاء اليوم الثامن يحرم بالحج، ثم يذهب إلى منى وعرفة، ويرجع إلى مزدلفة، ثم يأتي إلى منى يوم النحر ويرمي الجمرة، ويحلق رأسه ويتحلل التحلل الأول، ثم ينزل إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة، ويسعى بين الصفا والمروة، فالمتمتع عليه سعيان وطوافان: طوافٌ وسعيٌ للعمرة مسقلان، وطوافٌ وسعيٌ للحج مستقلان، بخلاف القران والإفراد فليس فيهما إلا سعيٌ واحد وطوافٌ واحد، طواف الإفاضة للعمرة والحج، وسعيٌ للعمرة والحج إن فعلهما على القدوم فذاك وإلا يفعله بعد الإفاضة، فالقارن والمفرد ليس عليهما إلا سعيٌ واحد وطوافٌ واحد، الطواف الأول: طواف القدوم وهو سنة، ليس له علاقة في الفرضية والركنية، وإنما الركن أو الركنان هما: طواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة، وأما المتمتع فإنه يأتي بالعمرة مستقلة، ويأتي بالحج مستقلاً، فيكون عليه طوافان وسعيان، وإحرامان وتحللان، بخلاف القارن والمفرد عندهم إحرام واحد وتحلل واحد، وأما هذا عنده إحرامان، وعنده تحللان، وعنده طوافان، وعنده سعيان، وأيضاً عليه هديٌ كالقارن، فالمتمتع والقارن كلٌ منهما عليه هدي، والمفرد لا هدي عليه كما عرفنا ذلك.
أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله عنهما، والذي فيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل بالعمرة ثم أهل بالحج) معناه: أنه قرن بين الحج والعمرة، وما جاء من لفظ التمتع فالمراد به: التمتع اللغوي، أو التمتع الذي هو القران، وليس المراد به: التمتع الذي هو العمرة مستقلة والحج مستقلاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ساق الهدي، وقد أحرم بالحج والعمرة معاً، والمحرم بالحج والعمرة معاً يبقى على إحرامه إلى يوم العيد، والنبي صلى الله عليه وسلم بقي على إحرامه، أما الذين ما ساقوا هدياً فإنه أمرهم أن يطوفوا بالبيت ويسعوا بين الصفا والمروة ويتحللوا، وإذا جاء اليوم الثامن يحرمون بالحج ويهدون، أي: هؤلاء الذين تمتعوا وأتوا بالعمرة مستقلة وأتوا بالحج مستقلاً كالقارن الذي جمع بينهما.
معناه: أنه قرن بينهما، وقوله: (تمتع بالعمرة إلى الحج)، يعني: أنه كان متمتعاً التمتع الذي هو العمرة مستقلة والحج مستقلاً، ولهذا قلت: إن الآية التي في سورة البقرة والتي استدل بها ابن كثير على وجوب الدم على القارن لأنه متمتع فيها: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196]، فحملها على القارن كما حملها على المتمتع، وفيها: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ [البقرة:196]؛ لأنه بسفرته أتى بعمرةٍ وحج، وليس معنى ذلك أنه أتى بالعمرة مستقلة وأتى بالحج مستقلاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ساق الهدي وبقي على إحرامه إلى يوم العيد، فهو قارن وليس بمتمتع، التمتع المعروف الذي هو قسيم القران والإفراد.
قوله: (وأهدى وساق معه الهدي بذي الحليفة)، يعني: ساقه من المدينة.
قوله: (وبدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأهلّ بالعمرة ثم أهل بالحج)، يعني: بدأ بالعمرة قال: (لبيك عمرةً وحجاً لبيك عمرةً وحجاً).
معناه: يكون متمتعاً، وهذا فيه أن القارنين والمفردين الذين لا يسوقون هدياً الأفضل في حقهم أن يحولوا إحرامهم إلى عمرة ويكونوا متمتعين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى ذلك، وهو لا يرشد إلا إلى ما هو الأفضل؛ لأنه أنصح الناس للناس عليه الصلاة والسلام، فلو كان القران والإفراد أفضل لأبقاهم عليه، لكنه أرشدهم إذا لم يسوقوا هدياً أن يتحولوا إلى العمرة وأن يكونوا متمتعين.
قوله: (ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة، وليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج، ثم ليهد ).
يعني: إذا جاء اليوم الثامن يهل بالحج من مكانه، يعني: في مكة، وإن كان نازلاً بمنى أحرم من منى، فيكون عنده إحرام بالعمرة من الميقات، وإحرامٌ بالحج من مكة.
قوله: (وليقصر)، والحلق أفضل من التقصير في العمرة والحج إلا إذا كان الحج قريباً، فإن الأولى أن يقصر عند الإحلال من العمرة ليبقى شعرٌ يحلقه يوم العيد؛ لأنه لو حلق عندما ينتهي من العمرة والحج قريب ما بقي عليه إلا أيام، يأتي يوم النحر وليس له شعر، لكن الأولى له أن يقصر إذا كان الحج قريباً، أما لو جاء متمتعاً في وقتٍ مبكر، بأن ذهب في شوال وأحرم بالعمرة وطاف وسعى يحلق؛ لأنه ما يأتي الحج إلا والشعر قد نبت فيحلقه، إذاً: فالحلق أفضل من التقصير، ولكن في حق المعتمر إن كان الحج قريباً لا ينبت الشعر في المدة التي تسبق الحج بعد العمرة فإنه يقصر، وإن كان الحج بقي عليه مدة كالذي يذهب إلى مكة في شهر شوال الشهر الأول من أشهر الحج فإن هذا الأفضل في حقه أن يحلق؛ لأن هناك وقتاً ينبت الشعر فيه فيحلقه في الحج، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه الذين كانوا وصلوا في يوم الرابع من ذي الحجة أن يقصروا؛ لأن ما بقي على يوم النحر إلا سبعة أيام.
وقوله: (ومن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعةً إذا رجع إلى أهله).
يعني: القارن والمتمتع إذا لم يجدوا هدياً -إما لعدمه، وأنه لا يوجد هدي، أو ما عندهم القدرة على ثمنه- فإنهم يصومون ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعوا إلى أهلهم، وهذه الثلاثة الأيام التي يصومونها ينبغي أن تكون قبل يوم عرفة، يعني: يوم ستة، أو سبعة، أو ثمانية، وإن أخرها أو لم يأت بها قبل الحج فله أن يأتي بها في أيام التشريق. وأيام التشريق لا يجوز صومها إلا لمن لم يجد الهدي كما جاء، فإنه لم يرخص في أيام التشريق أن تصام إلا لمن لم يجد الهدي، وغير هذا الذي لم يجد الهدي من الناس يحرم عليه صيام أيام التشريق؛ لأن أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل، لكن من لم يجد الهدي رخص له في الصيام، وينبغي له أن يأتي بها قبيل الحج، إذا كان جاء متأخراً يأتي بها يوم ستة وسبعة وثمانية؛ لأن هذا الوقت القريب من الحج؛ لأنه إذا كان جاء في وقت مبكر فلا ينبغي له أن يأتي بالصوم؛ لأنه قد يجد هدياً في هذه المدة، ويوم عرفة لا ينبغي للحجاج أن يصوموه، فيكون الصيام يوم ستة وسبعة وثمانية إذا كان الحج قريباً، وإن لم يصوموا قبل الحج فلهم أن يصوموا يوم أحد عشر واثني عشر وثلاثة عشر، ولو صاموا مثلاً يوم سبعة، وثمانية، ويوم أحد عشر -أي: بعضها قبل الحج وبعضها بعد الحج في أيام التشريق- كل ذلك جائز.
قوله: (فطاف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين قدم مكة، واستلم الركن أول شيء).
وخبّ ثلاثة أشواط، يعني: أسرع، والخبب: الرمل، أي: أسرع إسراعاً خفيفاً مع مقاربة الخطا، وهذا يسمى الرمل، ويسمى الخبب، فيقال: خبّ، ورمل، أي: أسرع إسراعاً خفيفاً، وذلك في الأشواط الثلاثة الأول، ومن الحجر إلى الحجر، أما الأربعة الأشواط الباقية فإنه يمشي مشياً معتاداً لا إسراع فيه، وأصل هذا الرمل أن النبي عليه الصلاة والسلام، وأصحابه لما قدموا مكة في عمرة القضية، وهي عمرة القضاء التي أتوا بها في السنة السابعة لما رد المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت في عمرة الحديبية، واتفق معهم على أن يأتي من العام القابل، فتلك العمرة التي هي من العام القابل يقال لها: عمرة القضاء، أو عمرة القضية، فلما جاءوا في السنة السابعة قال المشركون: إنه سيقدم عليكم قوم وهنتهم حمى يثرب، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم بأن يرملوا الأشواط الثلاثة، وإذا كانوا بين الركن اليماني والحجر يمشون؛ لأن المشركين كانوا في الجهة الأخرى، والرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم بأن يمشوا بين الركنين: الركن اليماني، والركن الذي فيه الحجر الأسود إبقاء عليهم، ولكنه أراد أن يظهروا للكفار شيئاً من قوتهم؛ لأنهم قالوا: إنه سيقدم عليكم قوم وهنتهم حمى يثرب، فأراد أن يظهروا لهم القوة بخلاف ما قالوه، لكنه لما حج رمل من الحجر إلى الحجر، يعني: لا يترك الذي بين الركنين كما حصل في عمرة القضية، فذاك أصل الرمل، ولكنه في حجة الوداع صار الرمل للشوط كله، وليس كالذي حصل في عمرة القضية، وهذا فيه التذكير بما حصل للمسلمين من الضعف ثم ما حصل لهم من القوة، وأن الله تعالى أظهرهم ونصرهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم في أول أمره كان الكفار يؤذونه حتى أخرجوه من مكة، وقال: (إنك أحب البقاع إلى الله، ولولا إني أخرجت منك لما خرجت)، ثم جاء في السنة السادسة للعمرة فصده الكفار، واتفقوا معه على أن يرجع وأن يأتي من العام القابل، وأمرهم أن يرملوا لإظهار القوة، فكون المسلمين يأتون بهذا الرمل في الأشواط الثلاثة فيه تذكر لحالة المسلمين أولاً، وإلى ما أرشدهم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من أن يرملوا في الأشواط الثلاثة إلا ما بين الركنين، وكان هذا في أول الأمر، والسنة التي ثبتت واستقرت أنه صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر إلى الحجر في الأشواط الثلاثة كلها، فصار الرمل سنة، ويذكر بتلك الحالة التي كانت للمسلمين لما قال الكفار: سيقدم عليكم قوم وهنتهم حمى يثرب، أما الأربعة الباقية من الأشواط فإنه يمشى بها ولا يسرع، وهو سنة في هذه الأشواط، فلو نسي في الأشواط الثلاثة ولم يتذكر إلا في الرابع وما بعده فإنه لا يأتي به؛ لأنه سنة فات محلها، فلا يأتي به في الأشواط الأخيرة؛ لأنه ما جاء في الأشواط الأخيرة، وإنما جاء في الأشواط الثلاثة الأولى.
قوله: (ثم ركع حين قضى طوافه بالبيت فصلى عند المقام ركعتين ثم سلم).
ولما فرغ عليه الصلاة والسلام من الطواف بالبيت سبعة أشواط أتى المقام وصلى خلفه ركعتي الطواف، وهذا يدل على استحباب الصلاة خلف المقام ركعتين للطواف؛ اتباعاً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو سنة، وإن كان هناك مشقة في الصلاة خلف المقام فإنه يمكن للإنسان أن يصلي في أي مكان من المسجد.
ثم ذهب إلى الصفا وطاف بالصفا والمروة سبعة أشواط.
وسبعة أطواف فيه تسمية السعي بين الصفا والمروة طوافاً، وقد جاء في القرآن: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة:158]، وجاء كذلك في الحديث ذكر الطواف في حق السعي بين الصفا والمروة، حيث قال هنا: طاف بالصفا والمروة سبعة أطواف. والسعي ركن من أركان الحج والعمرة، والنبي صلى الله عليه وسلم سعى بين الصفا والمروة لحجه وعمرته؛ لأنه قارن، والقارن عليه سعي واحد، ولكن هذا السعي له محلان: محل بعد طواف القدوم، وهو الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، كما في الحديث، ومحل بعد طواف الإفاضة إذا لم يفعله مع القدوم، وكذلك إذا لم يدخل المسجد الحرام بل جاء إلى عرفة بحيث جاء متأخراً وقصد عرفة ووقف بها، فإنه يأتي بالسعي بعد طواف الإفاضة.
وإذاً فالسعي بين الصفا والمروة للقارن والمفرد له محلان: محل بعد القدوم، ومحل بعد الإفاضة، إن فعله في المحل الأول لا يفعله في المحل الثاني، وإن لم يفعله في المحل الأول أو ما طاف طواف القدوم بل جاء إلى عرفة رأساً فإنه يأتي به بعد طواف الإفاضة، هذا بالنسبة للقارن والمفرد، وأما المتمتع فإن عليه طوافين وسعيين: طواف لعمرته وسعي لعمرته، وطواف لحجه الذي هو طواف الإفاضة، وسعي بعد الطواف للحج؛ لأن المتمتع عليه طوافان وسعيان، والقارن والمفرد عليه طواف واحد الذي هو طواف الإفاضة للحج والعمرة، وسعي واحد الذي بعد القدوم أو بعد الإفاضة؛ لأنه لا يؤتى بالسعي مرتين، وإنما يؤتى به مرةً واحدة إما بعد القدوم وإما بعد الإفاضة، والنبي صلى الله عليه وسلم قدم السعي وفعله بعد طواف القدوم، لكن من لم يفعله بعد القدوم تعين عليه أن يفعله بعد الإفاضة.
لما طاف بالبيت عليه الصلاة والسلام وسعى بين الصفا والمروة بقي على إحرامه، وليس كالذين كانوا معتمرين أو قارنين ومفردين ولا هدي معهم، وأرشدهم إلى أن يتحولوا إلى عمرة، فإنهم يقصرون عند المروة للعمرة، وبذلك تكون انتهت العمرة، لكن من كان قارناً أو مفرداً وقد ساق الهدي إذا طاف وسعى يبقى على إحرامه حتى يوم النحر، حيث يرمي الجمرة ويحلق رأسه ويتحلل التحلل الأول، وإذا نزل إلى مكة وطاف طواف الإفاضة وسعى بين الصفا والمروة -لمن كان عليه سعي- يتحلل التحلل الكامل الذي يحل معه كل شيء إلا النساء، ولهذا فالنبي صلى الله عليه وسلم لما سعى لم يحل من شيء حرم عليه بل بقي على إحرامه.
الرسول صلى الله عليه وسلم بقي على إحرامه حتى جاء اليوم الثامن فخرج إلى منى، ثم ذهب إلى عرفة، ورجع إلى مزدلفة، ثم رجع إلى منى يوم النحر ورمى الجمرة، ونحر هديه، وحلق رأسه، وتحلل التحلل الأول، وقد سبق أن مرت بنا الأحاديث التي جاءت من طرق عديدة: أن عائشة رضي الله عنها طيبته لإحلاله قبل أن يطوف بالبيت، يعني: عندما تحلل التحلل الأول الذي يحل معه كل شيء إلا النساء، ولما رمى الجمرة يوم العيد، ونحر، وحلق، نزل إلى مكة، وطاف طواف الإفاضة، ولم يسع بين الصفا والمروة؛ لأنه سعى مع طواف القدوم، وبطوافه طواف الإفاضة حلّ له كل شيء حرم عليه، ثم بعد ذلك فعل مثلما فعل رسول الله عليه الصلاة والسلام، أي: هذا الوصف، وهذه الكيفية؛ كل من ساق الهدي من الناس فإنه فعل كما فعل رسول الله، سواءً كان قارناً أو مفرداً.
وهو: محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي.
[حدثنا حجين بن المثنى].
حجين بن المثنى، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا الليث].
هو الليث بن سعد المصري، الثقة، الفقيه، فقيه مصر ومحدثها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عقيل].
هو عقيل بن خالد بن عقيل المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، وهو ثقة، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سالم].
هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، كما سبق أن أشرت إلى ذلك مراراً وتكراراً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أن عبد الله بن عمر]
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي المشهور، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم أورد الحديث الثاني عن علي رضي الله تعالى عنه، وقد مر، وهي: المحاورة التي جرت بين علي وعثمان، وأن عثمان كان ينهى عن القران وعن التمتع الذي هو الإتيان بالعمرة، وإنما يأمر بالإفراد، ومقصوده أن يكثر الترداد على البيت، والسفر إلى البيت بالعمرة، وأن الإنسان إذا حج وأتى بالعمرة مع الحج، فيكون أدى نسكين في سفر واحد، فقد يحصل كسل، أو لا يحصل منه الإتيان لمكة مرةً أخرى، فأراد أن يكثر ترداد الناس على البيت، وترددهم على البيت حاجين ومعتمرين، وعلي رضي الله عنه وأرضاه، لما علم أن عثمان ينهى عن التمتع، قال لأصحابه: إذا ارتحل فارتحلوا، يعني: سيروا معه، ثم إنه أهلّ بالقران الذي هو التمتع كما عرفنا أنه يطلق عليه أنه تمتع الذي هو القران، ولبى بهما جميعاً، أي: بالعمرة والحج، فلم ينههم عثمان، فسأله علي وقال: ألم تكن تنهى عن ذلك؟ قال: بلى، يعني: كان ينهى عن ذلك، ويريد من ذلك أن يكثر ترداد الناس على البيت كما أشرت إلى ذلك آنفاً، والحديث سبق أن مر.
وهو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن حرملة].
وهو صدوق، ربما أخطأ، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[سمعت سعيد بن المسيب].
وهو ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حج علي].
هو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، أبو الحسنين، وهو صهر الرسول صلى الله عليه وسلم على ابنته فاطمة، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وصاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
أورد النسائي: حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه: أنه لما حج معاوية رضي الله تعالى عنه، أن محمد بن عبد الله بن الحارث: سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حج معاوية، وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال الضحاك: إنه لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر الله، ويقصد بذلك التمتع، فقال سعد: بئسما قلت، فقال: إن عمر رضي الله تعالى عنه كان ينهى عن ذلك، فقال: قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنعناها معه، يعني: فعل ذلك رسول الله وفعلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذاً: هو سنة سنها رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن المعلوم: أن عمر رضي الله عنه وأرضاه اجتهد في جعل الناس يترددون على البيت، فأرشد إلى أن يأتوا بالإفراد وألا يؤتوا بالقران والتمتع حتى يحصل تردادهم على البيت، والمقصود منه: أنه قال: (صنعها رسول الله وصنعناها معه)، أي: التمتع، لكن الذي صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القران، ولم يصنع التمتع الذي هو العمرة مستقلة عن الحج، والحج مستقل عن العمرة؛ لأن الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم هو القران، والقران يقال له: تمتع.
وهو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
هو: مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المتبوعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
وقد مر ذكره.
[عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب].
وهو مقبول، أخرج حديثه الترمذي والنسائي.
[عن سعد].
هو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة الذين سردهم النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس واحد، وذكر كل واحد منهم، وقال: (هو في الجنة)، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والإسناد فيه محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، وقد قال عنه: إنه مقبول، وهو مقبول حيث يتابع، والذي جاء فيه مرفوع هو ثابت من طرق كثيرة، وأما القصة التي جرت والمحاورة التي جرت بين سعد، فهذه إذا لم يكن له ما يعضده فيها فإنه على طريقة الحافظ ابن حجر لا يحتج بما جاء عنه إلا عند المتابعة، لكن فيما يتعلق بالتمتع وأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعله، هذا جاء من طرق كثيرة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحل الشاهد هو ذكر التمتع، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعله، وأن الصحابة فعلوه معه، ولكن التمتع الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم هو القران كما أشرت، وليس التمتع المشهور الذي هو قسيم الإفراد والقران الذي تكون العمرة فيه مستقلة والحج مستقلاً، وتكون كلها في أشهر الحج.
ثم أورد النسائي حديث أبي موسى رضي الله تعالى عنه، عن عمر في قصة كونه ينهى عن المتعة، وأبو موسى رضي الله عنه كان يفتي بالمتعة؛ لأنهم فعلوها مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم لما لقي عمر وسأله قال له: إنني كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك.
بهن، أي: بالنساء في الأراك، ثم يذهبون تقطر رءوسهم، يعني: كونهم مغتسلين، يريد أنهم إذا كانوا مفردين وأنهم باقون على إحرامهم، يعني: لا يحصل لهم ذلك، وهذا أيضاً مثل القران، وكان عمر رضي الله عنه وأرضاه ينهى عن القران وعن التمتع أيضاً، ويريد من ذلك أن يحصل الترداد، لكنه هنا يشير إلى أمر آخر بالإضافة إلى كون أنه يحصل إذا ما فعلوا التمتع يحصل تردادهم على البيت، أنه يحصل بالتمتع ولكنه دون القران؛ لأن القران ما يحصل به هذا الشيء، وهو أنهم إذا أحلوا من العمرة فإنهم يتمتعون بنسائهم، ثم يخرجون محرمين بالحج تقطر رءوسهم.
ومن المعلوم أن النبي عليه الصلاة والسلام قد روجع في ذلك، وأرشدهم عليه الصلاة والسلام إلى أنه لو كان استقبل من أمره ما استدبر لما ساق الهدي، ولولا أن معه الهدي لأحل وجعلها عمرة، كما أرشدهم وفعل مثلما أرشدهم إليه صلى الله عليه وسلم، إذاً: فهذا تعليل آخر لـعمر، ولكنه يتعلق بالتمتع الذي هو غير القران؛ لأن القران هو مثل الإفراد ليس فيه هذا الذي خشيه عمر.
قوله: [عن أبي موسى: (أنه كان يفتي بالمتعة، فقال له رجل: رويدك ببعض فتياك)].
المتعة تكون بمعنى التمتع الذي هو القران، وتكون بمعنى التمتع الذي هو المستقل التي هي العمرة مستقلة والحج مستقل، والمتعة متعتان: متعة الحج، ومتعة النساء، والذي معنا هنا متعة الحج، أما متعة النساء هي التي كانت مباحة ثم نسخت، يعني: كون الإنسان يتزوج المرأة إلى أجل، هذه متعة النساء، كانت مباحة ثم حرمت وبقيت حراماً، لكن الذي في الحديث في الحديث هي متعة الحج، وهي كون الإنسان يحرم بالعمرة، ثم إذا طاف وسعى وقصر تحلل، ثم يحرم يوم ثمانية في الحج، فتكون العمرة مستقلة والحج مستقل، هذا يقال لها: متعة، ويقال له: تمتع.
قوله: [(فقال له رجل: رويدك ببعض فتياك)].
يعني: تمهل، يقول له: إن أمير المؤمنين يقول كذا وكذا، (رويدك ببعض فتياك)، وسيأتي موضحاً في بعض الروايات القادمة.
قال عمر رضي الله عنه: (قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله قد)، وهذا هو محل الشاهد، يعني: كونه مرفوعاً، ولكن الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم هو القران وليس التمتع، لكن الذي قاله عمر يشير إلى التمتع الآخر الذي لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن فعله بعض أصحابه معه، وهو الذي فيه أنهم يخرجون تقطر رءوسهم بعد تمتعهم بالنساء؛ لأن القارن مثل المفرد، يعني: ما يحصل منه التمتع بالنساء.
قوله: [(ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك، ثم يروحوا بالحج تقطر رءوسهم)].
الأراك: الشجر، يعني: في الشجر يعملون ستائر، ويكونون تحتها، ويحصل منهم الجماع.
هو أبو موسى الزمن، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. ومحمد بن بشار مثله أيضاً شيخ لأصحاب الكتب الستة، وكل من الاثنين وماتا في سنة واحدة وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، ومثلهما أيضاً: يعقوب بن إبراهيم الدورقي، شيخ لأصحاب الكتب الستة، ومات معهم في تلك السنة.
[قالا: حدثنا محمد].
وهو: محمد بن جعفر الملقب غندر البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة بن الحجاج الواسطي].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الحكم].
هو: الحكم بن عتيبة الكندي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمارة بن عمير].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم بن أبي موسى].
هو إبراهيم بن أبي موسى الأشعري، وهو له رؤية وقد وثقه العجلي، أخرج حديثه مسلم والنسائي وابن ماجه.
[عن أبي موسى].
هو عبد الله بن قيس صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي مشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمر].
هو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أمير المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وهو الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (ما سلكت فجاً إلا وسلك الشيطان فجاً غير فجك)، وهو الذي تولى الخلافة بعد أبي بكر، ومكث فيها عشر سنوات وأشهر، حصل فيها اتساع البلاد الإسلامية والفتوحات العظيمة، وحصل فيها القضاء على الدولتين العظميين في ذلك الزمان هما: دولة فارس والروم، وحصل فيها أن أنفقت كنوز كسرى وقيصر على يديه رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
ثم أورد حديث ابن عباس عن عمر رضي الله عنه، وأنه كان ينهى عن المتعة، وهي في كتاب الله، وقد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمقصود من ذلك كما تقدم الذي فعله الرسول هو القران، وهو تمتع، وهو موجود في كتاب الله، والمقصود من ذلك: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196]، والآية دالة على التمتع الذي هو قسيم القران والإفراد وعلى القران أيضاً؛ لأن بعض العلماء استدل بها على أن القارن عليه هدي، كما أن المتمتع عليه هدي؛ لأن القران هو تمتع، ومن استدل بذلك ابن كثير في تفسيره؛ لأنه قال: هذه الآية فيها دليل على أن القارن عليه هدي؛ لأن القران هو تمتع؛ لأن فيه نسكين في سفرة واحدة، فهو رضي الله عنه وأرضاه أراد مما أرشد إليه ألا يترك الناس الترداد للبيت، وأن يقتصروا على سفر واحد، بل أراد منهم أن يأتوا في وقت الحج وفي غير وقت الحج.
ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[حدثنا أبي].
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا أبي حمزة].
وهو: محمد بن ميمون السكري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مطرف].
وهو: مطرف بن طريف، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سلمة بن كهيل].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس].
هو طاوس بن كيسان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[عن عمر].
رضي الله عنه، وقد مر ذكره في الذي قبل هذا.
وهذا أيضاً يتعلق بالمتعة والتمتع، ولكن التمتع الذي فيه ما دام أنه أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم فالمراد به: القران؛ لأنه كما عرفنا التمتع هو أداء نسكين بسفرة واحدة كما هو معلوم، والحديث يعتبر من مسند معاوية ومن مسند ابن عباس، أوله من مسند معاوية كون معاوية قصر من شعر الرسول صلى الله عليه وسلم عند المروة، هذا مسند معاوية، وقوله: (قد تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم)، هذا من مسند ابن عباس؛ لأن ذاك حديث لـمعاوية أضافه إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه قصر من شعر رأسه، أي: رأس النبي صلى الله عليه وسلم، عند المروة، والثاني لـابن عباس ويقول: لقد تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن تمتع الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هو القران؛ لأنه كان قارناً صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
والتقصير الذي قصره معاوية للرسول صلى الله عليه وسلم كان في عمرة وليس في الحج؛ لأن الرسول كان قارناً وبقي على إحرامه كما عرفنا، وإنما كان هذا التقصير في عمرة، وأقرب شيء أنها عمرة الجعرانة؛ لأنها كانت في السنة الثامنة بعد إسلام معاوية رضي الله عنه، وقد جاء في بعض الروايات التي ستأتي أنه كان في عمرة، يعني: تقصيره للنبي صلى الله عليه وسلم كان في عمرة، وأقرب أو المناسب أو الذي يمكن أن يكون هو عمرة الجعرانة التي كانت بعد إسلام معاوية رضي الله تعالى عنه، والتمتع الذي ذكره ابن عباس هو القران.
هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، وهو صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان بن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام بن حجير].
صدوق له أوهام، أخرج له البخاري ومسلم والنسائي.
[عن طاوس].
أم سليم
؟ قال: إنك دعوت على يتيمتي، فقال: أما علمت ياأم سليم
إني اشترط على ربي وقلت: اللهم من دعوت عليه بدعوة ليس لها بأهل، فأبدلها له رحمةً وزكاءً)، بعد هذا الحديث مباشرة أتى بحديث: (لا أشبع الله بطنه)، فصار ذلك من مناقبه، وأنه ظفر بهذه الدعوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي عامة لكل من دعي عليه، وهو ليس أهلاً لذلك، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.وقوله: [قال: قال معاوية لـابن عباس]، يعني: يحكي أن معاوية قال: كذا، وابن عباس قال كذا، وهو عن طريق طاوس، الاثنين كلاهما عن طريق طاوس، والمسند للصحابي ليس للتابعي، والمسانيد هي مسانيد الصحابة، فهو حديث عن ابن عباس، وحديث عن معاوية الذي عن ابن عباس أنه قصر للرسول صلى الله عليه وسلم، والذي لـابن عباس أن الرسول تمتع، وطاوس يروي عن ابن عباس وعن معاوية.
ثم أورد النسائي حديث أبي موسى رضي الله تعالى عنه، أنه قدم من اليمن، وكان أهل بإهلال النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسق هدياً، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمره بأن يكون معتمراً، وأن يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة، ويتحلل، وهذا بخلاف علي رضي الله عنه الذي جاء من اليمن ومعه هدي، فأمر علياً أن يبقى على إحرامه لأنه ساق الهدي، وأمر أبا موسى بأن يتحلل بعد الطواف والسعي لأنه لا هدي معه، وكل منهما أهلّ بإهلال الرسول صلى الله عليه وسلم، والرسول كان قارناً، وعلي لكونه قد ساق الهدي بقي على إحرامه، وأبو موسى لكونه ما ساق هدياً أرشده بأن يفسخ إحرامه إلى عمرة القران الذي أهل به، وأن يكون متمتعاً، ففعل هذه المتعة أو هذا التمتع، وكان يفتي به في زمن أبي بكر، وفي زمن عمر، ثم إنه جاءه رجل فقال: رويدك في بعض فتياك، إنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك، فقال رضي الله عنه: يا أيها الناس! من كنا أفتيناه بشيء فليتئد، فإن أمير المؤمنين قادم عليكم فائتموا به. يعني: ما أراد أن يظهر شيء يخالف الإمام، ويخالف الخليفة، يعني: هو الخليفة يأمر الناس بشيء، وهو يدعو إلى خلاف ما أمر به الخليفة، فقال: اتئد، يعني: انتظر تمهل، وأمير المؤمنين قادم فائتموا به، فلما جاء أو قدم عمر رضي الله عنه سأله أبو موسى عن هذا الذي كان يأمر الناس به وهو الإفراد، فقال: (إن نأخذ بكتاب الله عز وجل فإن الله عز وجل قال: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، يعني: أمر بالإتمام للحج والعمرة، وإن نأخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يحل حتى نحر الهدي).
وهو الذي كان يرشد إليه أن الناس يكونون مفردين، لا قارنين ولا متمتعين.
وهذا الذي قاله أبو موسى رضي الله عنه، يعني: لما علم بأن عمر يأمر الناس بالإفراد، وينهى عن التمتع، أرشدهم إلى أن يتمهلوا وأن ينتظروا، وأن يتابعوا أمير المؤمنين، معناه: أنه لا يرى الخلاف وإظهار المخالفة لأمير المؤمنين، وهذا الذي حصل من أبي موسى مع عمر مثل الذي حصل عبد الله بن مسعود مع عثمان في قضية إتمام الصلاة، لما كان عثمان رضي الله عنه يتم في الحج، والرسول جاء عنه القصر وكان يقصر، فكان يصلي وراء عثمان أربعاً، قال: وسئل عن ذلك قال: لا أكره الخلاف، يعني: أنه يكره يخالف أمير المؤمنين، ويصلي بصلاته ويأتم به، ولا يترك الصلاة وراءه لأنه صلى أربعاً، والرسول صلى الله عليه وسلم، كان يصلي اثنتين، ولما سئل عن ذلك قال: أكره الخلاف.
محمد بن المثنى، قد مر ذكره. وعبد الرحمن هو: ابن مهدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قيس هو ابن مسلم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن طارق بن شهاب].
صحابي له رؤية، رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي موسى].
وقد مر ذكره.
فالحديث هو عن أبي موسى، وكذلك عن عمر أيضاً؛ عن أبي موسى لأنه روى قصة مجيئه لليمن، والرسول أمره بأن يتمتع، وأن يفسخ إحرامه إلى عمرة لأنه ما ساق هدي، وكذلك عن عمر في قضية ذكر الآية والسنة.
ثم أورد حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم تمتع وتمتعنا معه)، الرسول تمتع قارناً، وهم تمتعوا معه إما قارنين ومعهم الهدي فيكونوا مثل النبي صلى الله عليه وسلم، أو قارنين لا هدي معهم وتحللوا إلى عمرة بإرشاد النبي صلى الله عليه وسلم إياهم، أو وكذلك الذين كانوا محرمين بالعمرة من الأصل، الذي هو التمتع الذي هو قسيم القران والإفراد، فالتمتع المضاف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو القران، والتمتع المضاف إلى غيره يشمل القران، ويشمل التمتع الذي هو قسيم القران والإفراد، وقد مر حديث عمران بن حصين من قبل.
هو إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا عثمان بن عمر].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن إسماعيل بن مسلم].
ثقة، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن محمد بن واسع].
ثقة، عابد، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن مطرف].
هو مطرف بن عبد الله الشخير، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمران بن حصين].
هو عمران بن حصين أبو نجيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر