أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح والحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع عن ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سالم أنه قال: (كان
يقول النسائي رحمه الله: ما يفعل من حبس عن الحج ولم يكن قد اشترط. عرفنا في الترجمة السابقة أن الاشتراط جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب ابنة عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: (إني أريد الحج وأجدني شاكية، فقال عليه الصلاة والسلام: حجي واشترطي وقولي: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فإن لك على ربك ما استثنيت)، وقد مرت الأحاديث المتعلقة بالاشتراط، وأن الإنسان إذا اشترط ثم حصل له ما يمنعه، فإنه يحل ولا شيء عليه، وهذه الترجمة فيما يفعل من حبس عن الحج ولم يكن قد اشترط.
وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وفيه أنه كان ينكر الاشتراط في الحج ويقول: أليس حسبكم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم فإنه لم يشترط، فإذا منع أو لم يتمكن من الحج فإنه يطوف بالبيت، وبالصفا والمروة، ثم يحلل، ويذبح هدياً أو يصوم عشرة أيام إن لم يجد، ويحج من العام القابل، وما جاء في أول الحديث من قوله: إنه كان ينكر الاشتراط، قيل: إنه لعله لم يبلغه حديث قصة ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، فقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري نقلاً عن البيهقي: لو بلغ حديث ضباعة بنت الزبير عبد الله بن عمر لقال به، ومعنى هذا: أنه أنكره لأنه لم يبلغه، وعلى القول بأنه بلغه فلعله اعتبره خاصاً بـضباعة.
ومن المعلوم أن الخصوصية لا تثبت إلا بدليل، والأصل هو عدم الاختصاص، لا بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا بغيره، فالخصائص للنبي صلى الله عليه وسلم لا تثبت إلا بدليل، والأصل هو عدم الاختصاص حتى يأتي الدليل على الاختصاص، وكذلك الأصل عدم الاختصاص في غيره ممن يخاطب بحكم من الأحكام حتى يأتي دليل يدل على الاختصاص، مثل ما جاء في قضية خزيمة الذي شهادته تعدل شهادة رجلين؛ لأنه جاء ما يدل على الاختصاص، وكذلك قصة الرجل الذي ضحى قبل الصلاة وقال: إن عنده عناقاً، وقال: (إنها تجزئ عنك، ولن تجزي عن أحدٍ بعدك)، فالأصل هو عدم الاختصاص إلا إذا جاء شيء يدل على الاختصاص، وعلى هذا فحديث ضباعة بنت الزبير لا يكون خاصاً بها؛ لأن الأصل هو عدم الاختصاص، لكن هل يكون الحكم لها ولغيرها مطلقاً، أو يكون الحكم لمن هو على مثل حالتها؟ على خلاف بين أهل العلم، منهم من قال: إن للإنسان أن يشترط مطلقاً، ومنهم من قال: إنه لا يشترط إلا إذا خاف شيئاً فإنه يشترط.
وقوله رضي الله عنه: [(أليس حسبكم سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم أنه لم يشترط)]، الرسول صلى الله عليه وسلم ما اشترط ولو جاء عنه الاشتراط من فعله صلى الله عليه وسلم، والذي حصل منه عليه الصلاة والسلام أنه لما أحرم بالعمرة عام الحديبية في السنة السادسة، ووصل الحديبية وصده المشركون، وعقد الاتفاق معهم على أنه يرجع هذه السنة ويعتمر من العام القابل، ونحر الهدي الذي كان معه في المكان الذي حصل الإحصار والمنع فيه، هذا هو الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالعمرة.
فقد سبق أن مر بنا أن ابن عمر رضي الله عنه لما أراد أن يحج، نزل الحجاج وابن الزبير بمكة، وقيل له: إنه قد يحصل بينهم قتال فلا تذهب، قال: أذهب، وإذا حصل شيء اتبع أو أفعل ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحرم بالعمرة، ثم إنه قال: ما شأن الحج والعمرة إلا واحداً، فأدخل الحج على العمرة، فـابن عمر رضي الله عنه يشير إلى ما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كونه صد عن البيت وكان معتمراً، ثم إنه نحر هديه في الحديبية، وحصل الاتفاق بينه وبين كفار قريش على أن يعتمر من العام القابل، وقد اعتمر من العام القابل صلى الله عليه وسلم التي هي عمرة القضاء أو عمرة القضية، وهي في السنة السابعة، أي: بعد الحديبية بسنة؛ لأن الحديبية في السنة السادسة وعمرة القضية في السنة السابعة.
أما ما يتعلق بالحج، فإذا أحصر عن الحج، ومنع من الحج، ولم يتمكن من دخول مكة، يفعل مثل ما حصل بالنسبة للعمرة، وإذا كان تمكن من دخول مكة، ولكن بعدما فات الحج، وبعدما مضى يوم عرفة وليلة مزدلفة، أي: طلع الفجر يوم العيد ليلة العاشر؛ لأن بذلك ينتهي الوقوف، ولا مجال للوقوف بعد طلوع الفجر من ليلة العاشر، فإذا كان طلع الفجر فإنه يتحول إلى عمرة، ويطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، ويذبح هدياً إن كان قادراً، وإلا صام عشرة أيام، وحج من العام القابل، هذا هو الذي جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فيما يتعلق فيمن لم يشترط، وكان ينكر الاشتراط ويقول: الإنسان إذا حبس عن البيت حصل منه هذا الفعل الذي هو كونه إذا تمكن من دخول مكة، يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، ويكون هذا بعد الحج، أي: بعد يوم عرفة، وليلة مزدلفة، أما إذا تمكن من الوصول إلى عرفة قبل طلوع الفجر، وجاء إلى مزدلفة، فإنه يكون قد أدرك الحج، ويأتي ببقية أعمال الحج، وإذا فاته الوقوف فاته الحج، وتحلل بعمرة، أو تحول إلى عمرة، ونحر هدياً إن كان مستطيعاً، وإلا صام عشرة أيام، وحج من العام القابل.
هو: أحمد بن عمرو بن السرح أبو الطاهر المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
[والحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع].
هو: الحارث بن مسكين المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي.
[عن ابن وهب].
هو: عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يونس].
هو: يونس بن يزيد الأيلي ثم المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، وهو ثقة، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن سالم].
هو: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[كان ابن عمر].
هو: عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، وقوله: (فليأت البيت فليطف به)، هذا إذا تمكن من ذلك، وأما إذا لم يتمكن فهو مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في العمرة التي هي عمرة الحديبية.
هو: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[أنبأنا عبد الرزاق].
هو: عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة، مصنف، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أنبأنا معمر].
هو: معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهم في الإسناد الذي قبل هذا.
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، (ح) وأخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا عبد الله بن المبارك حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا: (خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زمن الحديبية في بضع عشرة مائةٍ من أصحابه، حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد الهدي وأشعر وأحرم بالعمرة). مختصر].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: إشعار الهدي، والمراد بإشعار الهدي هو: أن يشق في سنامه أو جانب سنامه الأيمن بحربة أو بسكين حتى يخرج الدم ويسيل، فيكون ذلك علامةً على أنه هدي، والإشعار المقصود به الإعلام؛ فهذا الشق الذي يكون في صفحة السنام من الجهة اليمنى، يشعر بأنه هدي، فإذا ضل عرف بأنه هدي فيساق إلى الحرم، أو إذا عرف صاحبه يذهب به إليه، وإذا اختلط بغيره تميز بأنه هدي، ويكون ذلك علامة، وأيضاً حتى يتبعه الفقراء والمساكين إذا رأوه فيعرفون أنه هدي، فالإشعار هذه من حكمه، وهو سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال به جماهير أهل العلم، وجاء عن أبي حنيفة كراهية ذلك، ونقل عنه أنه قال: مثلة، وهذا ليس بصحيح؛ لأنه ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما دام ثبتت السنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيؤخذ بها، ولا يعتبر هذا مثلة؛ لأن هذا من قبيل الكي، ومن قبيل الوسم، ومن قبيل الختان، ومن قبيل الفصد، ومن قبيل الحجامة، ومن هذه الأمور التي يحصل استعمالها، فهو من هذا القبيل، وقد ثبتت السنة به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الحق، والأشياء التي جاءت بها السنة لا توصف بأنها مثلة؛ بل فيها منفعة، وفيها فائدة، وإنما شرعت لحكمة ولفائدة ومصلحة، هذا هو الإشعار، وأصله من هذه المادة؛ لأن فيه إشعاراً وإعلاماً بأنه هدي بهذه العلامة.
والسنة أن يكون في الجانب الأيمن، وجاء ذلك في الإبل، وقد ذهب العلماء الذين قالوا بإشعار الهدي بالنسبة للإبل وللبقر، إلا سعيد بن جبير كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في فتح الباري، أما الغنم فإنها لا تشعر لضعفها، ولأن غزلها يغطي مكان الإشعار، فما يكون هناك فائدة؛ لأنه لوفرة الغزل ولكثرته فإنه يغطي ذلك الشق الذي يكون فيها، فقيل: لضعفها، وقيل: لوفرة شعرها وصوفها، فلا يحصل المقصود من إشعارها، ولكن علامتها أنها تقلد كما جاءت بذلك الأحاديث، والتقليد يكون للإبل، والبقر، والغنم، لكن الغنم تقلد ولا تشعر؛ لأنه جاء تقليدها وما جاء إشعارها، وأما الإبل فقد جاء تقليدها وإشعارها، ومثل ذلك البقر فإنها تقلد، وتشعر.
وقد أورد النسائي حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم في قصة خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى العمرة عام الحديبية، قوله: [(حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد الهدي وأشعر، وأحرم بالعمرة)].
[(قلد)]، يعني: وضع قلادةً في رقبته، [(وأشعر)]، أي: شق في سنام الإبل البدن من الجهة اليمنى ذلك الشق الذي يكون علامة على أنه هدي، والحديث هنا مختصر، وقد ورد حديث طويل، ولكنه ذكره هنا مختصراً.
هو: محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا محمد بن ثور].
هو: محمد بن ثور، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي.
وقد مر ذكرهما.
[عن عروة].
هو: عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن المسور بن مخرمة].
وهو صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ومروان بن الحكم].
وهو: الخليفة، أحد خلفاء بني أمية، وكان أميراً على المدينة من قبل أن يتولى الخلافة، وحديثه أخرجه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، (ح) وأخبرنا يعقوب بن إبراهيم].
ثم ذكر إسناداً آخر بعد التحويل، والحاء دالة على التحويل، وهي التحول من إسناد إلى إسناد؛ لأنه ذكر أول الإسناد إلى مسور.
[أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما أنه قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، (ح))].
فهنا ذكر الإسناد الأول إلى المسور بن مخرمة وحده، وذكر أول الإسناد، ثم ذكر أول المتن، ثم ذكر التحول من إسناد إلى إسناد الذي فيه بالإضافة إلى المسور مروان بن الحكم.
[وأخبرنا يعقوب بن إبراهيم].
هو: يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري، توفي قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، أي: سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وقد مات في تلك السنة شيخان أيضاً لأصحاب الكتب الستة، وهما: محمد بن المثنى الملقب بـالزمن، ومحمد بن بشار الملقب بـبندار، فإن هؤلاء الثلاثة: يعقوب بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن بشار، ومحمد بن المثنى من صغار شيوخ البخاري، وهم من شيوخ أصحاب الكتب الستة، والثلاثة ماتوا في سنة واحدة، وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين، أي: قبل وفاة البخاري بأربع سنوات.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
هو: يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الله بن المبارك].
هو: عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم].
وقد مر ذكرهم.
وأما رواية مروان مرسلة، لكنها هنا مقرونة مع رواية الصحابي، يعني الذي هو المسور بن مخرمة. ومن المعلوم أن مروان اختلف في رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم، قيل: إنه لم يثبت له رؤية، لكن الذين ثبتت لهم رؤية وهم صغار ليسوا من أهل الرواية، فيعتبرون من الذين يثبت لهم رؤية، أما مروان ما ثبت له رؤية كما قال الحافظ ابن حجر، لكن الذين ثبتت لهم رؤية وهم صغار يعتبرون صحابة من حيث الرؤية، ولكن من حيث الرواية يعتبرون من كبار التابعين.
أورد حديث عائشة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أشعر بدنه)، وقد عرفنا الإشعار.
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].
هو: عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا وكيع].
هو: وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، مصنف، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أفلح بن حميد].
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن القاسم].
هو: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
هي: أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، التي حفظ الله تعالى بها الكثير من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام، ستة رجال وامرأة واحدة، وتلك المرأة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها.
أخبرنا مجاهد بن موسى عن هشيم عن شعبة عن قتادة عن أبي حسان الأعرج عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشعر بدنه من الجانب الأيمن، وسلت الدم عنها وأشعرها)].
أورد النسائي أي الشقين يشعر؟ أي: شقي البعير، أيهما يكون فيه الإشعار؟
الجواب: يكون في الشق الأيمن في صفحة السنام اليمنى كما جاء بذلك الروايات المتعددة، ومنها هذا الحديث الذي أورده النسائي هنا، أي: حديث ابن عباس.
قوله: [(أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشعر بدنه من الجانب الأيمن، وسلت الدم عنها وأشعرها)].
وهذا هو محل الشاهد، فيكون الإشعار بالجانب الأيمن، [(وسلت الدم)]، يعني: ذلك الدم الذي خرج سلته (وأشعرها).
هو: مجاهد بن موسى، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن هشيم].
هو: هشيم بن بشير الواسطي، وهو ثقة، كثير التدليس والإرسال الخفي، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، والتدليس هو: رواية الراوي عن شيخه ما لم يسمعه منه بلفظ موهم السماع كعن أو قال، فهو يروي عن شيخه لكن بالعنعنة، وبلفظ يوهم السماع كعن أو قال، أما إذا عاصره ولم يعرف أنه لقيه، فهذا هو المرسل الخفي، وقيل له: خفي؛ لأنه من لا يعرف يظن أنه قد سمعه ما دام أنه معاصر، لكن إذا لم يكن معاصراً له، وكان بينه وبينه مسافة، أو كان الأخير ولد بعد وفاة الأول الذي روى عنه، فإن هذا يكون مرسلاً جلياً؛ لأن فيه مسافة بين هذا وهذا، إما زمناً قريباً أو زمناً بعيداً، وأقل ذلك أن يكون هذا ولد بعد وفاة هذا، يعني قريباً من وفاته.
[عن شعبة].
هو: شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو: قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي حسان الأعرج].
أبو حسان الأعرج، وهو: مسلم بن عبد الله، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن ابن عباس].
هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا شعبة عن قتادة عن أبي حسان الأعرج عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما كان بذي الحليفة أمر ببدنته فأشعر في سنامها من الشق الأيمن، ثم سلت عنها وقلدها نعلين، فلما استوت به على البيداء أهل)].
ثم أورد النسائي سلت الدم عن البدن، يعني: عند إشعاره، والمقصود من ذلك: أنه إذا جرح في تلك الصفحة اليمنى من السنام وسال الدم لا يتركه يسيل ويمشي، وإنما يسلته بحيث أنه ما ينزل إلى الأرض، وأن يكون خط عليه، وإنما يسلته؛ لأن المقصود هو من ذلك هو: بيان هذا الجرح الذي يعرف بأنه هدي، وقد أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى.
فأشعرها وقلدها نعلين، يعني: جعل لها قلادة فيها نعلين، دلالةً على أنها هدي، ويجوز التقليد بغير النعلين، لكن تقليد النعلين يكون علامةً على أنه هدي ثبتت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: التقليد بالنعلين يدل على السفر؛ لأن فيهما دلالة على السفر، وقيل: لأن النعلين هي مركوبة الإنسان، فجعلت علامةً على الهدي حيث يقلد في نعلين.
قوله: [(فلما استوت به على البيداء أهل)]، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وهذا الإسناد مر ذكره.
أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن عروة وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهدي من المدينة، فأفتل قلائد هديه، ثم لا يجتنب شيئاً مما يجتنبه المحرم)].
أورد النسائي: فتل القلائد، القلائد التي يقلد بها الهدي، وتقليد الهدي يكون للإبل، والبقر، والغنم، فكلها تقلد، ويوضع في رقبتها قلادة تدل على أنها هدي، وعائشة رضي الله عنها وأرضاها أخبرت بأنها كانت تفتل قلائد هدي الرسول صلى الله عليه وسلم بيدها، والفتل هو: وضع خيوط أو قطع أو وصل من الصوف، ثم يضم بعضها إلى بعض حتى تكون حبلاً، بدل ما تكون خيوط تكون حبل؛ لأنها خيطين، يفتل بعضها من بعض فيصير حبل، وقبل ذلك كان خيطاً، فإذا فتل خيط مع خيط، أو قطعة من الصوف مع قطعة من الصوف تكون بذلك حبلاً، وتكون قلادة يقلد بها، فـعائشة رضي الله عنها وأرضاها، تخبر بأنها كانت تفتل القلائد لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم بيدها، ثم يقلد النبي صلى الله عليه وسلم هديه ويبعث به، فكان عليه الصلاة والسلام أحياناً يقلد الهدي، ويشعره، ويذهب به معه، وأحياناً يرسل هدياً يقلده ولا يذهب، ولكنه يرسل الهدي إلى الكعبة وإلى مكة ليذبح وينحر هناك، ثم تقول عائشة: ثم لا يحرم عليه شيء كان.
قوله: [(ثم لا يجتنب شيئاً مما يجتنبه المحرم)].
معناه: أنه عندما قلد الهدي ولم يدخل في نسك ولم يذهب، فإنه يبقى في المدينة حلالاً، و(لا يجتنب شيئاً مما يجتنبه المحرم)؛ لأنه قلد هدياً وأرسله، فإرساله الهدي لا يجعله محرماً، بل كان يبقى في المدينة يفعل ما يفعله وهو لم يرسل هدي، يجامع أهله، ويلبس الثياب، ويأخذ شعره، وكل شيء يمتنع منه المحرم هو لا يمتنع منه؛ لأنه بإرساله الهدي لا يكون محرماً، وإنما يكون محرماً إذا دخل في نسك، وذهب ومعه الهدي، كما ذهب عام الحديبية وهو معه الهدي، وكما ذهب في حجة الوداع قارناً، ومعه الهدي صلى الله عليه وسلم.
هو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عن الليث].
هو: الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه مصر ومحدثها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
ابن شهاب، مر ذكره.
[عن عروة].
عروة وهو: ابن الزبير، وقد مر ذكره ايضاً.
هي: عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، وهي ثقة، أكثرت من الرواية عن عائشة، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
وقد مر ذكرها.
أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم: كانت تفتل قلائد هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بعث بها ويبقى حلالاً.
قوله: [(ثم يأتي ما يأتي الحلال)]، يعني: قبل أن تبلغ محلها، يعني معناه: أنه لا يمتنع من شيء، فالأشياء التي يأتيها الحلال كان يأتيها؛ لأنه ليس محرماً عليه الصلاة والسلام؛ لأنه ببعثه الهدي لا يعتبر محرماً، فما كان يمتنع من شيء يأتيه الحلال، بل كان يفعله؛ لأنه ليس محرماً صلى الله عليه وسلم بإرساله الهدي.
هو: الحسن بن محمد الزعفراني، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الربعة.
[أنبأنا يزيد].
هو: يزيد بن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أنبأنا يحيى بن سعيد].
هو: يحيى بن سعيد الأنصاري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن القاسم].
هو: عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه عن عائشة].
وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم: (كانت تفتل قلائد هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقيم ولا يحرم)، يعني: لا يكون محرماً عند إرساله الهدي وبقائه في المدينة، بل يبقى حلالاً لا يمتنع من شيء يمتنع منه المحرم، بل يبقى كل شيء يأتيه، الحلال يأتيه من مجامعة أهله، ولبس الثياب، وأخذ الشعر، وما إلى ذلك من الأمور التي تكون محظورةً عن المحرم، وهو لكونه حلال كان يأتي هذه الأشياء.
هو: عمرو بن علي، وقد مر ذكره.
[حدثنا يحيى].
هو: يحيى القطان، وقد مر ذكره.
[حدثنا إسماعيل].
هو: إسماعيل بن أبي خالد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عامر].
هو: عامر بن شراحيل الشعبي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مسروق].
هو: مسروق بن الأجدع، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
وقد مر ذكرها.
أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا عبد الله بن محمد الضعيف].
وهو: عبد الله بن محمد بن يحيى الطرسوسي، يلقب الضعيف، قيل: لكثرة عبادته، وليس ضعيفاً من حيث الرواية، بل كان متقناً وكان ثقةً، ولكنه ضعيف البدن، قيل: إنه نحيل البدن، وهذه من الألقاب التي لا تدل على ما يتبادر من ظاهرها بمعنى أنه ضعيف، وإنما المقصود منه: هو ثقة، ولكن عنده ضعف في بدنه، ونحول في جسمه؛ بسبب كثرة عبادته، وإلا فإنه حافظ، وهذه كما يقولون: نسبة إلى غير ما يتبادر للذهن؛ لأن المتبادر إلى الذهن أنه إذا قيل: ضعيف، وهو فيما يتعلق في الرجال والكلام في الرجال أنه ضعيف الذي هو غير ثقة، لكن الأمر ليس كذلك، بل ضعف من نوع آخر، وهذا له أمثلة، مثل ما يقال: الفقير، كان المتبادر إلى الذهن أنه فقير من حيث ضد الغنى، لكن يقال له: الفقير؛ لأنه كان يشكو فقار ظهره، فقيل له: الفقير، نسبة إلى غير ما يتبادر للذهن، وكذلك خالد الحذاء، يعني يقال له: الحذاء وليس صانعاً للأحذية، ولا بائعاً لها، فليس ممن يبيع الأحذية ولا يصنعها، ولكنه كان يجلس عند الحذائين، فقيل له: الحذاء نسبة إلى غير ما يتبادر للذهن.
وهو -أي عبد الله الضعيف- ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي.
[حدثنا أبي معاوية].
هو: محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الأعمش].
وهو: سليمان بن مهران الكاهلي، وهو مشهور بلقبه الأعمش، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم].
هو: إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو صاحب الكلمة المشهورة التي يستعملها الفقهاء كثيراً في كتب الفقه، وهي: ما لا نفس له سائلة، يقولون: ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، أي: ليس له دم، مثل الذباب، ومثل الجراد، ومثل الأشياء التي ليس فيها دم، هذه يقال: لا نفس لها سائلة، والنفس يراد به الدم، فكان الذي عرف أنه أول من عبر بهذه العبارة فقال: ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، قال ذلك ابن القيم في كتاب الهدي، قال: أول من عرف عنه في الإسلام أنه عبر بهذه العبارة فقال: ما لا نفس له سائلة إبراهيم النخعي، وعنه تلقاها الفقهاء من بعده، وقد يذكرون ذلك عند حديث غمس الذباب: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه؛ فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء)، قالوا: وقد يكون الماء حاراً، ويلزم من غمسه أن يموت فيه فهو لا ينجسه.
[عن الأسود].
هو: الأسود بن يزيد النخعي، وهو ثقة، مخضرم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
وقد مر ذكرها.
أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، إلا أن هذا فيه إشعار بأن القلائد تكون للغنم، وأنها كانت تفتل قلائد الغنم، ففيه إشارة ودلالة على تقليد الغنم.
قد مر ذكره.
[عن عبيدة].
هو: عبيدة بن حميد، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
وهذا مثل الحسن الزعفراني، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[عن منصور].
هو: منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة].
وقد مر ذكرهم.
أخبرنا الحسن بن محمد الزعفراني حدثني حسين يعني ابن حسن عن ابن عون عن القاسم عن أم المؤمنين رضي الله عنها، أنها قالت: (أنا فتلت تلك القلائد من عهنٍ كان عندنا، ثم أصبح فينا، فيأتي ما يأتي الحلال من أهله، وما يأتي الرجل من أهله)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: ما يفتل منه القلائد، يعني: المادة التي تفتل منها القلائد، فهي العهن (الصوف)، فكانت تفتل القلائد من الصوف. وقد أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهو مثل ما تقدم، إلا أن فيه ما ترجم له المصنف، وهو أن القلائد كانت تفتلها عائشة من عهن، أي: من صوف، وأنه يبقى حلالاً لا يمتنع مما يمتنع منه المحرم، ولا يمتنع من أهله، بل كان يجامع أهله، ويأتي كل ما يأتيه الحلال.
قد مر ذكره.
حسين يعني ابن حسن بن يسار، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم والنسائي.
[عن ابن عون].
هو: عبد الله بن عون، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن القاسم].
وقد مر ذكره.
[عن أم المؤمنين].
هي: أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقد مر ذكرها.
أخبرنا محمد بن سلمة أخبرنا ابن القاسم حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورضي الله عنهم أنها قالت: (يا رسول الله! ما شأن الناس قد حلوا بعمرة ولم تحلل أنت من عمرتك، قال: إني لبدت رأسي، وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر)].
أورد النسائي تقليد الهدي، وأورد فيه حديث حفصة رضي الله عنها، وهو يتعلق بكونه كان معه هديه عليه الصلاة والسلام؛ ولأنه كان قلد هديه وذهب به معه، ولما أرشد الناس إلى أن يحلوا، أي: القارنين والمفردين الذين لا هدي معهم أن يتحولوا إلى عمرة، وأن يطوفوا بالبيت، ويسعوا بين الصفا والمروة، ويقصروا ويتحللوا، قالت له: (ما بال الناس حلوا وأنت لم تحلل؟ قال: إني قلدت هديي، ولبدت شعري، فلا أحل حتى أنحر)، أي: يوم النحر، والمقصود منه: قلدت هديي، ففيه الدلالة على تقليد الهدي، وهذا فيه أنه قلده وهو معه، والأحاديث التي مرت عن عائشة قلدته وقد بعث به، فهذه الأحاديث تدل على أن الهدي يقلد، سواءً كان الإنسان معه محرماً، أو بعث به وبقي.
هو: محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
[أخبرنا ابن القاسم].
هو: عبد الرحمن بن القاسم، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[حدثني مالك].
هو: مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عمر].
عبد الله بن عمر، وقد مر ذكره.
[عن حفصة].
هي: أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث ابن عباس، وقد مر، والمقصود منه هنا تقليد الهدي، أي: أنه قلد هديه، وكان ذلك يعني في ذي الحليفة في الميقات، فقد قلد هديه بنعلين، وقد عرفنا المراد بالتقليد في النعلين، وأنه يجعلهما علامة على أنه هدي، وأنه يدل على السفر.
هو: عبيد الله بن سعيد أبو قدامة السرخسي اليشكري، وهو ثقة، مأمون، سني، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا محمد].
ومحمد هذه زائدة؛ لأن الإسناد عند النسائي في السنن الكبرى، وكذلك في تحفة الأشراف ليس فيه محمد، وإنما عبيد الله بن سعيد يروي عن معاذ بن هشام، فالإسناد عند النسائي في الكبرى، وهو نفسه في تحفة الأشراف عند المزي، فـعبيد الله بن سعيد يروي عن معاذ وليس فيه ذكر محمد، فذكر محمد هنا زائد في الإسناد.
[حدثنا معاذ].
هو: معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو صدوق ربما وهم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبي].
هو: هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة عن أبي حسان الأعرج عن ابن عباس].
وقد مر ذكرهم.
أخبرنا أحمد بن حرب حدثنا قاسم وهو ابن يزيد حدثنا أفلح عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (فتلت قلائد بدن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيدي، ثم قلدها وأشعرها ووجهها إلى البيت، وبعث بها وأقام فما حرم عليه شيءٌ كان له حلالاً)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: تقليد الإبل، أي: وضع القلائد في رقابها علامةً على أنها هدي، أورد فيها حديث عائشة أنها فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديها، وكلمة بيديها أو ذكر اليدين أو ذكر عمل اليدين مع فعل عندما يذكر، يدل على التأكيد فقولها: (فتلت بيدي)، يعني معناه: أنها يعني باشرت ذلك بنفسها، وأنه بيديها، (فتلت قلائد بدن رسول الله صلى الله عليه وآله سلم بيدي، ثم قلدها، وأشعرها، ووجهها إلى البيت).
قوله: [(ثم قلدها)]، يعني: وضع القلائد في رقبتها، [(وأشعرها)]، يعني: شق في صفحة سنامها اليمنى، [(ووجهها)]، يعني: متجهة إلى الكعبة. (وجهها إلى البيت، وبعث بها وأقام فما حرم عليه شيءٌ كان له حلالاً).
هو: أحمد بن حرب الموصلي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
قاسم وهو: ابن يزيد الموصلي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أفلح].
هو: أفلح بن حميد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم من فتلها القلائد، وأنه (لم يحرم، ولم يترك شيئاً من الثياب)، أي: لبس ثيابه المعتادة من لبس القميص، ولبس ما ترك من أجل أنه أرسل الهدي، فما ترك شيئاً من الثياب، بل لم يترك الشيء الذي كان يعتاده ويفعله، لا يمنعه منه شيء.
قوله: [أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة].
كل هؤلاء مر ذكرهم، قتيبة، والليث، وعبد الرحمن، وأبوه القاسم، وعائشة.
أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد حدثنا شعبة عن منصور سمعت إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غنماً)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: تقليد الغنم، أي: أن التقليد يكون للغنم، وأورد فيه حديث عائشة وفيه: أنها كانت تفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم غنماً، فيدل على تقليد الغنم، وقد عرفنا أن الغنم تقلد ولا تشعر، والإشعار إنما يكون للإبل، والبقر، لا للغنم، والغنم تقلد ولا تشعر.
هو: إسماعيل بن مسعود أبو مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا خالد].
هو: خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة].
وقد مر ذكر هؤلاء.
أورد النسائي حديث عائشة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يهدي الغنم)]، يعني: يجعلها هدياً، ويبعث بها، فيكون هو مختصر، لكنه جاء التقليد في بعض الروايات.
وقد مر ذكره.
وباقي الإسناد هو الإسناد السابق عدا سليمان فهو: الأعمش، جاء باسمه هنا، ويأتي بلقبه الأعمش في بعض الروايات، ومعرفة ألقاب المحدثين نوع من أنواع علوم الحديث، فائدتها ألا يظن الشخص الواحد شخصين، بحيث الذي لا يعرف أن الأعمش لقب لـسليمان بن مهران، إذا جاء سليمان ظن أن سليمان شخص، وإذا جاء الأعمش ظن أنه شخص آخر غير سليمان، ومن يعرف أن الأعمش لقب لـسليمان إذا جاء سليمان في بعض الأسانيد وجاء الأعمش في بعض الأسانيد، يقول: هذا هو هذا، وهذا هو هذا، لا يظن الشخص الواحد شخصين.
أورد النسائي حديث عائشة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى مرةً غنماً وقلدها)، المقصود منه قوله: [(قلدها)]، أي: تقليد الغنم.
هو: أبو السري الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي معاوية].
وهو: محمد بن خازم، مر ذكره.
[عن الأعمش].
هنا جاء بلقبه، وفي الإسناد الذي قبله باسمه، وسليمان هو الأعمش.
[عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة].
قد مر ذكرهم.
أورد النسائي حديث عائشة، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].
هو: محمد بن بشار الملقب بندار البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو: عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
وهو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة].
وقد مر ذكرهم.
أورد النسائي حديث عائشة، وهو مثل ما تقدم، والإسناد أيضاً مر ذكرهم.
أورد النسائي حديث عائشة أنهم كانوا يقلدون الشاة، ثم يبعث بها النبي صلى الله عليه وسلم، ويبقى حلالاً لا يحرم من شيء، أي: أنه لا يحرم عليه شيء حرم عليه بالإحرام؛ لأنه لا يعتبر محرماً، بل يبقى حلالاً صلى الله عليه وسلم.
الحسين بن عيسى ثقة، قال عنه الحافظ في التقريب: صدوق، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث].
هو: عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد العنبري، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبي].
هو: عبد الوارث بن سعيد العنبري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن جحادة].
هو: محمد بن جحادة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[(ح) وأخبرنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث].
عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.
[عن أبي معمر].
أبو معمر، وهو: عبد الله بن عمرو، الملقب بـالمقعد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الوارث عن محمد بن جحادة].
وقد مر ذكرهما.
[عن الحكم].
هو: ابن عتيبة الكندي الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة].
وقد مر ذكرهم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر