حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب من لفظه أخبرنا قتيبة حدثنا حماد عن عطاء عن عبد الله بن عبيد بن عمير: (أن رجلاً قال: يا
يقول النسائي رحمه الله: الفضل في الطواف، أي: فضل الطواف، وأن كون الإنسان يطوف بالبيت له أجر عظيم وثواب جزيل، وقد أورد فيه حديث أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن كونه لا يرى يمسح إلا الركنين؟ فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(إن مسحهما يحطان الخطيئة)].
وقوله: [(وسمعته يقول: من طاف سبعاً فهو كعدل رقبة)]، وهذا هو محل الشاهد، أي: أنه في الثواب وعظم الأجر كعتق الرقبة، وهذا يدل على استحباب الطواف وفضله، وأن فيه الأجر العظيم، والطواف يتطوع به، بخلاف السعي، فإنه لا يتطوع فيه، وإنما السعي يكون في حج أو عمرة، ولا يأتي الإنسان يسعى وهو غير حاج، وغير معتمر، وأما الطواف فالإنسان يطوف متى شاء، يأتي ويطوف، ويتنفل في الطواف، لكن إذا كثر الزحام، فترك الطواف على سبيل التقرب والتنفل أولى؛ لأنه إذا كثر الذين يتعين عليهم الطواف وهم المعتمرون، وكذلك الذين يطوفون طواف الإفاضة أو طواف القدوم، فإن مزاحمتهم بالتنفل، يكون فيه مضرة، والنبي صلى الله عليه وسلم لما حج حجة الوداع طاف طواف القدوم، وطاف طواف الإفاضة، وطاف طواف الوداع، وما دخل البيت وطاف فيه تنفلاً، وجلس في مكة أربعة أيام قبل الحج، وقبل الذهاب إلى منى.
فدل هذا على أنه عند كثرة الزحام، ترك التنفل في الطواف هو الذي ينبغي، وإذا لم يوجد زحام يمكنه أن يتنفل من غير أن يلحق مضرة بالمفترضين.
ثم أيضاً يدل على فضل مسح الركنين اليمانيين: الحجر الأسود، والركن اليمان، وقال: [(إن مسحهما يحط الخطايا والذنوب)]، مسحهما فيه تكفير الخطايا والذنوب.
الحديث مما ذكره راوي سنن النسائي وتلميذه وهو: أبو بكر بن السني، حيث قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب من لفظه، والمراد به: المصنف الذي هو: النسائي، ولعل التنصيص على ذلك أنه كما قال: من لفظه؛ لأنه يمكن أن يكون كتاب السنن أو الأحاديث التي كانت تقرأ عليه وهو يسمع، لكن هذا حدثهم بهذا الحديث من لفظه، فلعل هذا هو السبب الذي جعل أبا بكر بن السني الذي هو راوية سنن النسائي يظهر شيخه ويقول: من لفظه، وقد جاء في السنن الكبرى الحديث ليس فيه ذكر النسائي، وإنما أنبأنا قتيبة بن سعيد، وساق الإسناد كما هو.
هو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد].
وهو: حماد بن زيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء].
هو: عطاء بن السائب، وهو صدوق اختلط، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الله بن عبيد بن عمير].
وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عبد الله بن عمر بن الخطاب].
رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
أخبرنا يوسف بن سعيد حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني سليمان الأحول: أن طاوساً أخبره عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر وهو يطوف بالكعبة بإنسانٍ يقوده إنسانٌ بخزامةٍ في أنفه، فقطعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيده، ثم أمره أن يقوده بيده)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الكلام في الطواف، يعني: أنه سائغ الكلام في الطواف، كون الإنسان إذا احتاج إلى أمر يتكلم في الطواف مع صاحبه أو مع غيره، لا بأس بذلك، لكن لا ينبغي للإنسان أن يتشاغل بالكلام، وأن يكثر من الكلام، وإنما يقل الكلام، لكن عند الحاجة لا بأس به.
وقد أورد النسائي حديث ابن عباس: [(أن النبي عليه الصلاة والسلام مر برجلٍ يقود إنساناً آخر بخزامةٍ في أنفه فقطعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيده، ثم أمره أن يقوده بيده)]، ومحل الشاهد كونه أمره بأن يقوده بيده، وهو يطوف، فالرسول صلى الله عليه وسلم كلم هذا الرجل، وأمره بأن يقوده بيده، بدل ما يقوده في هذه الخزامة التي في الأنف التي لا تليق، وإنما هي من شأن البهائم، وكذلك لو وضع خيط في اليد، وقاده بالخيط، أيضاً هذا هو شأن البهائم، هي التي تقاد بالحبال، وهو يقوده بيده يعني: يمسك بيده ويقوده بها، ولا يقوده بحبل، سواءً كان في يده أو أشد من ذلك، فمحل الشاهد: أن النبي عليه الصلاة والسلام قطع الخيط، وأمره بأن يقوده بيده، وهو عليه الصلاة والسلام يطوف بالبيت، فكونه يقول له: قده بيدك، هذا كلامه في الطواف، فدل على إباحته وعلى جوازه؛ لكن الكلام يكون للمصلحة وللحاجة، أما كون الإنسان يمشي مع جاره أو مع صاحبه ويتكلمون ويتحدثون، هذا ما ينبغي ولا يليق؛ لأن هذه عبادة.
وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا حجاج].
هو: حجاج بن محمد المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني سليمان الأحول].
هو: سليمان بن أبي مسلم المكي الأحول خال ابن أبي نجيح، وهو ثقة، ثقة، قاله أحمد، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس].
هو: طاوس بن كيسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، من كونه يقوده بشيء، والنبي صلى الله عليه وسلم قطع ذلك الحبل الذي يقوده به، وقال: [(في نذر)]، أي: بسبب نذر، وقال: [(إنه نذر)]، فذكر النذر مخالف لما تقدم في الروايات السابقة، من أنه كان يقوده، وأنه مطلق، وهنا فيه أنه بنذر، وليس له أن يفي بنذره لأن هذه معصية وهي من شأن البهائم ولا يليق بالمسلم.
هو: الصنعاني البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا خالد بن الحارث البصري].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن جريج عن سليمان الأحول عن طاوس عن ابن عباس]
وقد مر ذكرهم.
أخبرنا يوسف بن سعيد حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني الحسن بن مسلم (ح) والحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع عن ابن وهب أخبرني ابن جريج عن الحسن بن مسلم عن طاوس عن رجل أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (الطواف بالبيت صلاة فأقلوا من الكلام)، اللفظ لـيوسف، خالفه حنظلة بن أبي سفيان.
أخبرنا محمد بن سليمان أخبرنا الشيباني عن حنظلة بن أبي سفيان عن طاوس أنه قال: قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أقلوا الكلام في الطواف فإنما أنتم في الصلاة)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: إباحة الكلام في الطواف، يعني: للحاجة، وعدم الإكثار منه، وإنما يتكلم على قدر الحاجة، وقد أورد فيه النسائي حديث رجل من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، أنه قال: [(الطواف بالبيت صلاة فأقلوا من الكلام)]، الطواف بالبيت يعني: يشبه الصلاة في كثير من أحكامها، فهو يحتاج إلى طهارة، وكذلك فيه دعاء وثناء على الله عز وجل، فيكون الإنسان مقبلاً عليه كما يقبل على صلاته، إلا أن الصلاة لا يباح فيها الكلام، ولا يجوز الكلام فيها، وأما الطواف، فإنه يجوز فيه للحاجة، ولهذا فأقلوا من الكلام فيه، ومن المعلوم: أن الصلاة لا يتكلم فيها مطلقاً، والطواف يتكلم فيه، لكن مع الإقلال، ومع عدم الإكثار منه، ويشتغل بالدعاء، والذكر، وقراءة القرآن، وعند الحاجة لا بأس بذلك.
والحديث الذي قد مر فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر ذاك الذي يقود إنساناً بحبل بأن يقوده بيده، وهذا كلام للحاجة، وهو أمر بمعروف ونهي عن منكر، ويتعلق في هذا الأمر، وهو كونه نهاه عن هذا المنكر الذي يفعله، وهو كونه يقوده كما تقاد البهائم، وهذا لا يليق بالمسلم أن يقاد بالحبل كما تقاد البهيمة، وإنما يمسك بيده، ويقوده بيده، وهنا فيه ذكر التشبيه بالصلاة، وأنه يقل فيه من الكلام، وهو عن رجل أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسم.
وأما الحديث الثاني: ففيه أن عبد الله بن عمر، رضي الله تعالى عنهما قال: (أقلوا الكلام في الطواف فإنما أنتم في الصلاة)، لا شك أن الأثر وإن كان موقوفاً، إلا أن الإقلال من الكلام فيه، وكونه يشبه الصلاة، هذا أمر مطلوب، والنبي صلى الله عليه وسلم تكلم فيه للحاجة، وكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يتكلمون للحاجة وهم يطوفون، قد جاء في ذكر صوم يوم الجمعة، وأنه يصام يوم قبله ويوم بعده، سأل رجل أحد الصحابة عن صوم يوم الجمعة، وهل يصام يوم قبله ويوم بعده؟ قال: نعم جاء ورب هذه الكعبة وهو يطوف، يعني: سأله وهو يطوف وأفتاه، وقال: ورب هذه الكعبة، فالكلام مباح، ولكن يقل فيه من الكلام ولا يكثر، وإنما يكون على قدر الحاجة.
يوسف بن سعيد، وقد مر ذكره.
وقد مر ذكرهما.
[أخبرني الحسن].
هو: الحسن بن مسلم بن يناق، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[(ح) والحارث بن مسكين].
يعني: أنه أخبره الحارث بن مسكين، فهنا ما قال: أخبرنا الحارث بن مسكين، وقد عرفنا فيما مضى أن النسائي، له مع الحارث بن مسكين حالتان: إحداهما: كان بينه وبينه وحشة، فكان منعه من أن يحضر مجلسه، وأن يأخذ عنه، فكان يأتي من وراء ستار، ويحضر، ويسمع الدرس، ويسمع الحديث، وما كان في هذه الحال لا يقول: أخبرنا، وإنما يقول: قال الحارث بن مسكين أو الحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع.
الحالة الثانية: أنه قد زال ما بينهما من الوحشة، فكان يأذن له ويحضر، وعند ذلك يقول: أخبرنا الحارث بن مسكين، وفي بعض الأحوال يأتي أخبرنا، وفي بعضها لا يأتي أخبرنا كما هنا، فيكون ما جاء فيه أخبرنا، مبني على أنه مأذون له في الأخذ عنه، وما جاء فيه عدم ذكر أخبرنا، فهو مبني على أنه يأخذ بدون إذن، ولكنه يسمع ما يقرأ عليه فيقول: قال الحارث بن مسكين أو الحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع، وهذا سائغ عند العلماء، كونه يعني يسمع من وراء ستار، ويحدث بما سمع، وإن كان غير مقصود بالتحديث، وإن كان المقصود بالتحديث غيره، والحارث بن مسكين ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن وهب].
هو: عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني ابن جريج عن الحسن بن مسلم عن طاوس عن رجل].
مر ذكرهم.
قال: واللفظ لـيوسف، معناه: أن اللفظ للشيخ الأول، وليس للشيخ الثاني، والغالب على فعل النسائي أنه عندما يذكر الحارث بن مسكين، مع غيره يجعل اللفظ له، لكنه هنا نص على أن اللفظ لغيره، وإنما هو للشيخ الأول وهو: يوسف بن سعيد، ثم قال: خالفه حنظلة بن أبي سفيان، أي: خالف الحسن بن مسلم الذي يروي عن طاوس، فذكر عن طاوس عن ابن عمر.
هو: المصيصي الملقب بـلوين، ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[أخبرنا الشيباني].
محتمل أن يكون هناك سقط فما أدري يحتاج إلى تحقيق.
[عن حنظلة بن أبي سفيان].
هو: حنظلة بن أبي سفيان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن طاوس عن عبد الله بن عمر].
وقد مر ذكرهما.
أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن حدثنا سفيان حدثنا أبو الزبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يا بني عبد مناف، لا تمنعن أحداً طاف بهذا البيت وصلى أي ساعةٍ شاء من ليلٍ أو نهار)].
أورد النسائي إباحة الطواف في كل الأوقات، معناه: أن الإنسان إذا دخل المسجد الحرام، فله أن يطوف في أي وقت يشاء، وإذا كان جالساً أن يقوم ويطوف، وإذا طاف يصلي ركعتي الطواف بعد الطواف، وكذلك إذا دخل فله أن يصلي تحية المسجد، وله أن يجلس؛ لأنه كغيره من المساجد، لكن كونه جالساً، فليس له أن يقوم ويصلي ويتنفل في أوقات النهي، بعد العصر، وبعد الفجر؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الفجر حتى تطلع الشمس، لكن الصلاة التي بعد الطواف، والتي هي تابعة للطواف، فللإنسان أن يصلي إذا طاف في أي وقت، ولو كان في وقت النهي، فله أن يصلي ركعتي الطواف بعد الطواف، وليس المقصود من ذلك الصلاة المطلقة وأن الإنسان يتنفل تنفلاً مطلقاً، ولو كان بعد العصر، ولو كان بعد الفجر.
هو: عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[أخبرنا سفيان].
هو: سفيان بن عيينة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا أبي الزبير].
هو: محمد بن مسلم بن تدرس المكي، وهو صدوق يدلس، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن باباه].
هو: عبد الله بن باباه المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جبير بن مطعم].
هو: جبير بن مطعم، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع عن ابن القاسم حدثني مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة رضي الله عنهما أنها قالت: (شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إني أشتكي، قال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة، فطفت ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي إلى جنب البيت يقرأ بالطور وكتابٍ مسطور)].
أورد النسائي طواف المريض، أي: أن المريض له أن يطوف راكباً على بعير أو يكون محمولاً، معنى هذا: أن المريض لا يسقط عنه الطواف الذي هو فرض أو واجب، وعند طواف العمرة الذي هو لازم، وطواف الإفاضة الذي هو لازم، وطواف الوداع الذي هو واجب، فأما الفرض فلا يجزئ عنه شيء، ولا بد من الإتيان به، وأما بالنسبة للوداع، فإنه لو تركه يكون عليه دم، يعني: يجبر بدم، ولكن ليس للإنسان أن يتركه؛ لأنه لو تركه متعمداً يأثم ويجبره بدم، ولو تركه ناسياً، فإنه يجبره بدم، وأما الفرض، فلا بد منه، ولو ذهب إلى بلده وهو لم يطف طواف الإفاضة، عليه أن يرجع ليطف طواف الإفاضة؛ لأن هذا ركن لا يتم الحج إلا به، فالمريض يطوف راكباً أو محمولاً.
والركوب يكون على البعير؛ لأن البعير روثه طاهر وبوله طاهر، فلو حصل ذلك في المسجد فإنه لا ينجسه؛ لأن كل ما يؤكل لحمه، فإن بوله طاهر وروثه طاهر، وهو الذي يدخل المسجد عند الحاجة إلى ذلك، وكذلك أيضاً يمكن أن يكون عن طريق الحمل، يكون محمولاً على رءوس الرجال، أو يكون في شيء يوضع فيه ويحمله عدد من الرجال، لا بأس بذلك عند الحاجة، فهذا أولى من إدخال البعير والركوب عليه في الطواف، وأم سلمة رضي الله عنها وأرضاها وقد أورد النسائي حديث أم سلمة رضي الله عنها، أنها شكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت: [(إني أشتكي -يعني أنها مريضة- قال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة)]، يعني: بعدما يدخل النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ويدخل الناس في الصلاة، تطوف من وراء الناس وهي راكبة، فطافت [(وكان عليه الصلاة والسلام يصلي إلى جنب الكعبة يقرأ بالطور وكتاب مسطور)]، يقرأ بهذه السورة: وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ [الطور:1-2]، فدل هذا على أن المريض يطوف راكباً أو محمولاً، وكذلك أيضاً يدل على أن صلاة الجماعة ليست واجبة على النساء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدها بأن تطوف والناس يصلون، وكذلك أيضاً يكون طوافها من وراء الناس، وينبغي أيضاً: أن يكون طواف النساء متميز عن الرجال، اللهم إذا خيف أن يترتب على ذلك ضرر من حيث الضياع، فإنه لا بأس، لكن الكل يتقي الله عز وجل، المرأة تحرص على أن تبتعد عن الرجال وألا تمسهم، والرجال يحرصوا أن يبتعدوا عن النساء وألا يمسوا النساء.
هو: محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[والحارث بن مسكين].
وقد مر ذكره.
[عن ابن القاسم].
هو: عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[حدثني مالك].
هو: مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل].
هو: محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أبو الأسود، الذي يقال له: يتيم عروة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة].
هو: عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن زينب بنت أبي سلمة].
هي: زينب بنت أبي سلمة، ربيبة النبي عليه الصلاة والسلام، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أم سلمة].
هي: أمها أم سلمة هند بنت أبي أمية، أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
هذه الترجمة وهي: طواف الرجال مع النساء، كما أشرت عند الحاجة لا بأس، لكن مع احتراز الرجال من النساء، والنساء من الرجال، وقد أورد النسائي حديث أم سلمة في طوافها، قوله: [(إذا أقيمت الصلاة فطوفي على بعيرك من وراء الناس)].
وهذا ليس فيه التنصيص على طواف الرجال مع النساء، الترجمة؛ لأنه جاء في الحديث أنهم يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأنها تطوف من وراء الناس، لكن يجوز طواف الرجال مع النساء عند الحاجة، وبشرط تحرز الرجال من النساء، والنساء من الرجال.
هو: محمد بن آدم الجهني، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن عبدة].
هو: عبدة بن سليمان الكلابي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام بن عروة].
هو: هشام بن عروة بن الزبير، وهو ثقة، ربما دلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه عن أم سلمة].
وقد مر ذكرهما.
قد جاء في الحديث الذي قبل هذا: أنه سمعه من بنتها، يعني: ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم وهي: زينب بنت أبي سلمة.
أورد النسائي حديث أم سلمة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].
هو: عبيد الله بن سعيد السرخسي اليشكري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو: عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
مر ذكره.
[عن أبي الأسود].
هو: محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، هنا جاء بكنيته، وفيما مضى مر باسمه ونسبه، وهو: أبو الأسود يتيم عروة.
وقد مر ذكرهم.
أخبرنا عمرو بن عثمان حدثنا شعيب وهو ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (طاف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع حول الكعبة على بعير، يستلم الركن بمحجنه)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الطواف على الراحلة، والأحاديث التي مرت في حديث أم سلمة كلها تدل على هذه الترجمة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن لها بأن تطوف من وراء الناس على بعير، فالأحاديث التي مضت تدل على هذه الترجمة وهي: الطواف على الراحلة؛ لأن ذلك كان بإذن النبي صلى الله عليه وسلم لها بأن تطوف على بعير، هذه الترجمة أورد فيها حديث عائشة: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على بعير في حجة الوداع، يستلم الركن بمحجن)]، وهي: العصا المحنية الرأس، معناه: وهو على البعير، يجعل طرف المحجن على الحجر الأسود ويستلمه به، والحديث دال على ما ترجم له من الطواف على الراحلة، والنبي صلى الله عليه وسلم طاف حتى يراه الناس، وقد غشاه الناس، فطاف على بعير عليه الصلاة والسلام، وهو يدل على الطواف على البعير عند الحاجة إلى ذلك لأمر يقتضيه، لا بأس بذلك، كما جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعله، ولإذنه لـأم سلمة في الأحاديث المتقدمة.
وفيه: أن الركن يستلم بواسطة، إذا لم يستطع الإنسان أن يستلمه بيده، فإذا كان راكباً، فله أن يستلم بالعصا أو بالمحجن.
هو: عمرو بن عثمان الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
هو: شعيب بن إسحاق، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا الترمذي.
[عن هشام بن عروة عن أبيه].
وقد مر ذكرهما.
[عن عائشة].
هي: أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: كما هو معلوم الآن مع الزحام يؤذي الناس بالشمسية، ما ينبغي له أن يفعل ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما طاف لم يكن هناك زحام شديد، وكثرة الزحام، فمع الزحام الإنسان يبتعد عن الحجر الأسود، ولا يزاحم؛ لأن الحجر الأسود مسحه سنة، وإيذاء الناس حرام، فإذا كان الوصول إليه لا يحصل إلا بإيذاء، فالإنسان يترك الأمر المستحب الذي لا يوصل إليه إلا بفعل أمر لا يسوغ، ولا يجوز وهو إيذاء الناس.
أخبرنا عبدة بن عبد الله حدثنا سويد وهو ابن عمرو الكلبي عن زهير حدثنا بيان: أن وبرة حدثه قال: (سمعت
أورد النسائي طواف من أفرد الحج، يعني: أنه إذا قدم مكة يطوف طواف القدوم، ويسعى بين الصفا والمروة، ويبقى على إحرامه إلى يوم النحر، وابن عباس رضي الله تعالى عنه وأرضاه كان يقول: إن الإنسان المفرد إذا طاف وسعى فقد حلّ شاء أم أبى؛ لأنه يرى وجوب ولزوم فسخ الحج إلى العمرة، إلا إذا كان قد ساق الهدي، فهذا يبقى على إحرامه، لكن حيث لا يكون معه هدي، فإنه يطوف ويسعى ويتحلل، هكذا جاء عن ابن عباس، وكان يرى وجوب ذلك، ويرى أن التحلل أمر لازم، وغيره يرى أن التحلل ليس بلازم، ولكنه مستحب، كون الإنسان يطوف ويسعى ويتحلل بعمرة، هذا هو الأولى، وهذا هو الأفضل، لكن إن بقي على إحرامه، فله أن يبقى على إحرامه؛ لأنه جاء عن الخلفاء الراشدين الثلاثة أبي بكر، وعمر، وعثمان، فكونهم يرشدون إلى الإفراد، من أجل أن يحصل تكرر مجيء الناس إلى مكة في أثناء السنة للعمرة، فكانوا من أجل ذلك يرشدون إلى الإفراد، ويرغبون بالإفراد من أجل أن يكثر تردد الناس على البيت، فسئل ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة، وبقي على إحرامه.
لكن المعلوم: أن النبي صلى الله عليه وسلم بقي على إحرامه؛ لأنه قد ساق الهدي، وقد بين السبب في ذلك، وكذلك من لم يسق الهدي، فله أن يبقى على إحرامه، لكن الأفضل في حقه أن يفسخ إلى عمرة، وأن يكون متمتعاً، ولا يعتبر الإنسان بطوافه وسعيه قد تحلل إذا ما أراد التحلل، فإذا أراد البقاء على إحرامه فهو باق على إحرامه.
قوله: [(سمعت
الرسول صلى الله عليه وسلم ما أحرم بالحج مفرداً، وإنما أحرم بالحج والعمرة قارناً، هذا هو الذي جاء عن عدد كبير من الصحابة، ومن قال: إنه أحرم بالحج أو أفرد الحج، فالمقصود منه: أن بعض الناس سمعه يذكر الحج، ولم يسمع لفظ العمرة، وبعضهم سمع لفظ العمرة ولم يسمع الحج، وكلٌ ذكر ما سمعه، لكن الذي جاء عن أكثر من عشرة من الصحابة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارناً، ولم يكن معتمراً أي: متمتعاً، ولم يكن مفرداً، بل كان قارناً جامعاً بين الحج والعمرة. والقارن، والمفرد، أعمالهما واحدة إلا في النية، وفي أن القارن عليه هدي، والمفرد لا هدي عليه.
هو: عبدة بن عبد الله الصفار، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا سويد وهو: ابن عمرو الكلبي].
سويد وهو: ابن عمرو الكلبي، وهو ثقة، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن زهير].
هو: زهير بن معاوية، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا بيان].
هو: بيان بن بشر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أنه حدثه وبرة].
هو: وبرة بن عبد الرحمن الكوفي، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن ابن عمر].
وقد مر ذكره.
أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان عن عمرو قال: (سمعت
ذكر طواف المعتمر، وهو: أنه يطوف ويسعى، يطوف لعمرته، ويسعى لعمرته؛ لأن المتمتع عليه طوافان وسعيان: طواف وسعي لعمرته أول ما يصل إلى مكة، وطواف العمرة يغني عن طواف القدوم؛ لأن المقصود بالقدوم: أن يكون من أول ما يصل يطوف، وإذا وصل وطاف طواف العمرة يغني عن القدوم، مثل: الإنسان الذي دخل المسجد والصلاة قائمة، فلا يصلي تحية المسجد ثم يدخل في الصلاة، وإنما يأتي للصلاة، والفرض يغني عن النفل بالنسبة لتحية المسجد، فكذلك طواف العمرة يغني عن طواف القدوم، وليس على المعتمر طواف لقدومه، وطواف لعمرته، بل عليه طواف واحد لعمرته، ويدخل فيه طواف القدوم، ويسعى بين الصفا والمروة، ولا يأتي أهله المتمتع بالعمرة إلا إذا طاف، وسعى، وقصر، وعند ذلك يفعل ما يفعله أهل مكة، يبقى حلالاً يحل له ما يحل لأهل مكة، فلا بد من الطواف، ولا بد من السعي، ولا يعتبر الإنسان منتهياً من عمرته إلا إذا طاف، وسعى، وقصر، حتى يأتي اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، فيحرم بالحج وعليه هدي.
هو: محمد بن منصور الجواز المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن سفيان بن عيينة].
هو: سفيان بن عيينة، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عمرو].
هو: عمرو بن دينار المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
وقد مر ذكره.
أخبرنا أحمد بن الأزهر حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا أشعث عن الحسن عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخرجنا معه، فلما بلغ ذا الحليفة صلى الظهر ثم ركب راحلته، فلما استوت به على البيداء أهلّ بالحج والعمرة جميعاً، فأهللنا معه، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة وطفنا أمر الناس أن يحلوا فهاب القوم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لولا أن معي الهدي لأحللت، فحل القوم حتى حلوا إلى النساء، ولم يحل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يقصر إلى يوم النحر)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: كيف يفعل من أهل بالعمرة والحج ولم يسق الهدي؟ يفعل بأنه يفسخ إلى عمرة، ويكون متمتعاً، هذا هو الأفضل، وهذا هو الذي ينبغي له أن يفعله؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أرشد القارنين، والمفردين الذين لا هدي معهم أن يفسخوا إحرامهم بالقران أو الإفراد إلى عمرة، وأن يكونوا متمتعين، ولما راجعوه في ذلك وهابوا أن يفعلوا فعلاً، هم على حالة تختلف عما عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، بين لهم السبب فقال:
[(لولا أن معي الهدي لأحللت)]، يعني: أخبر بالمانع الذي منعه، أنه ساق الهدي، ومعنى هذا: أن الذين ما ساقوا الهدي، أرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يفسخوا إحرامهم إلى عمرة، وأن يكونوا متمتعين.
فإذاً: من لم يسق الهدي وقد أحرم بحج وعمرة المستحب في حقه، والمشروع في حقه، أن يفسخ إحرامه إلى عمرة، وأن يكون متمتعاً، والحديث سبق أن مر، ومر أحاديث بمعناه تدل على أن كل قارن ومفرد ليس معه هدي، أن يفسخ إحرامه إلى عمرة ويكون متمتعاً.
وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري].
هو: محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أشعث].
هو: أشعث بن عبد الملك الحمراني، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن الحسن].
هو: الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو: أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
والحديث عن الحسن، وهو مدلس ويرسل، لكن جاء هذا المعنى بأحاديث كثيرة ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام عن عدد من الصحابة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر