أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان عن أيوب بن موسى عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أنه قرن الحج والعمرة فطاف طوافاً واحداً، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعله)].
ذكر طواف القارن، وهو: أن عليه طواف واحد، هو طواف الإفاضة، وأما الطواف الأول الذي عند قدوم مكة هو للقدوم، إذا دخل مكة مبكراً فيطوف طواف القدوم، ويسعى إن شاء، وإن شاء أخره، وإذا وصل إلى مكة متأخراً وذهب إلى عرفة رأساً، فإن عليه طواف الإفاضة لحجه وعمرته، فالقارن عليه طواف واحد وسعي واحد لحجه وعمرته؛ لأن الطواف للعمرة والحج، والسعي للحج والعمرة، ليس كل واحد له طواف يخصه، أما المتمتع: هو الذي له طواف وسعي للعمرة، وطواف وسعي للحج، والنبي صلى الله عليه وسلم طاف طوافاً واحداً، لكن معه طواف القدوم، وطواف القدوم كما هو معلوم عند دخول مكة، وإلا الركن الذي هو للحج والعمرة هو طواف الإفاضة، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال لـعائشة: (طوافك وسعيك يكفيك لحجك وعمرتك)، وهي إنما دخلت مكة بعد عرفة.
وقد مر ذكرهما.
[عن أيوب بن موسى].
وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
وقد مر ذكره.
يقول النسائي رحمه الله: طواف القارن، القارن: هو الذي يحرم بالحج والعمرة من الميقات، وإذا وصل إلى مكة طاف طواف القدوم، وسعى بين الصفا والمروة، وبقي على إحرامه حتى يذهب إلى منى يوم ثمانية، ثم يذهب إلى عرفة، ثم يرجع إلى مزدلفة، ثم يرجع يوم النحر إلى منى، ويرمي الجمرة، ويحلق رأسه، ويتحلل، وينزل إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة، ولا يسعى بين الصفا والمروة إذا كان قد سعى مع طواف القدوم؛ لأن القارن عليه طواف واحد وسعي واحد، طواف بعد الحج لحجه وعمرته، وسعي بعد الطواف لحجه وعمرته.
والنبي صلى الله عليه وسلم حج قارناً وساق الهدي، ودخل مكة يوم الرابع، وطاف طواف القدوم، وسعى بين الصفا والمروة، وبعد الحج طاف طواف الإفاضة ولم يسع بين الصفا والمروة، والقارن عليه طواف واحد وسعي واحد ولكنه بعد الحج؛ لأن الإنسان يمكن أن يأتي إلى عرفة رأساً ولا يدخل مكة إلا بعد الحج، فطوافه الذي لا بد منه هو طواف الإفاضة وهو للحج والعمرة، والسعي بعده للحج والعمرة، وإذا دخل مكة أولاً وطاف طواف القدوم وسعى بعده فإن ذلك السعي يكفيه عن السعي بعد الحج، فالقارن عليه سعي واحد له محلان: محل بعد القدوم، ومحل بعد الإفاضة، إن فعله في المحل الأول لا يفعله في المحل الثاني، وإن لم يفعله في المحل الأول تعين عليه أن يفعله في المحل الثاني.
وقد أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه أراد أن يحج لما نزل الحجاج بـابن الزبير، فقال له أولاده: إنا نخشى أن يكون هناك قتال، وأنك تصد عن البيت، فقال: إن صددت عن البيت فعلت كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحرم بالعمرة ثم قال: ما شأن الحج والعمرة إلا واحداً، وأدخل الحج على العمرة فصار قارناً، ولما وصل قديداً اشترى منه هدياً وساقه معه ولما دخل مكة طاف وسعى، هذا الطواف الذي طافه هو طواف القدوم والسعي الذي سعاه هو: سعي الحج والعمرة، وأما طواف الحج والعمرة فهو بعد عرفة ومزدلفة؛ لأن هذا الطواف الأول هو سنة يمكن أن لا يأتي به لو جاء الإنسان متأخراً وما دخل مكة بل ذهب إلى عرفة رأساً، وإذا نزل من عرفة يطوف ويسعى، فطوافه وسعيه بعد الحج هو للحج والعمرة.
والذي ذكره ابن عمر رضي الله عنه هنا: ما ذكر إلا الطواف الأول والسعي الذي بعده، أول ما قدم إلى مكة، لكن هذا الطواف ليس هو طواف الحج والعمرة، هذا طواف القدوم، والطواف الذي هو طواف الحج والعمرة هو الذي يكون بعد عرفة ومزدلفة؛ لأن عائشة رضي الله عنها وأرضاها أدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة، وطافت بعد الحج وسعت بعد الحج، وما دخلت المسجد الحرام إلا بعد الحج، وقد قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طوافك وسعيك يكفيك لحجك وعمرتك)، فالطواف الذي هو فرض على القارن هو الطواف الذي بعد الحج، وأما الطواف الذي قبل الحج وهو طواف القدوم، فهذا مستحب.
وحديث ابن عمر هذا قد سبق أن مر مراراً، وهو يدل على أن سوق الهدي لا يلزم أن يكون من الميقات، بل يمكن أن يكون من أثناء الطريق؛ لأن ابن عمر رضي الله عنه اشترى هدياً من قديد وساقه معه.
وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان بن عيينة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب السختياني].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وأيوب بن موسى].
هو أيوب بن موسى الأموي المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[وإسماعيل بن أمية].
وهو ثقة أيضاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وعبيد الله بن عمر].
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري المصغر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
هؤلاء أربعة كلهم يروونه عن نافع، ويرويه عنهم سفيان. ونافع هو: مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأم المؤمنين عائشة، ستة رجال وامرأة واحدة.
أورد النسائي حديث جابر رضي الله عنه: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف طوافاً واحداً)]، أي: طاف طوافاً واحداً لحجه وعمرته؛ لأنه كان قارناً، وطوافه الواحد بعد الحج، أما الطواف الأول فهو طواف القدوم، فهذا ليس طواف الحج والعمرة، ويفعله من يقدم إلى مكة قارناً أو معتمراً أو مفرداً، وإلا فالطواف الذي هو للحج والعمرة، هو الذي بعد عرفة ومزدلفة الذي يكون يوم النحر؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يوم العيد رمى، ثم نحر ثم حلق، ثم طاف، ولم يسع؛ لأنه سعى مع طواف القدوم، فالنبي صلى الله عليه وسلم طاف طوافاً واحداً، أي: لحجه وعمرته؛ لأن القارن الذي قرن بين الحج والعمرة يكفيه طواف واحد للحج والعمرة، وسعي واحد للحج والعمرة.
هو: يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن مهدي].
هو: عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني هانئ بن أيوب].
وهو مقبول أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن طاوس].
هو: طاوس بن كيسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر].
هو: جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرني إبراهيم بن يعقوب حدثنا موسى بن داود عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الحجر الأسود من الجنة)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: ذكر الحجر الأسود. وقد أورد فيه حديث ابن عباس: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(الحجر الأسود من الجنة)]، فهذا شيء يتعلق بذكر الحجر الأسود ومن أين هو، وقد سبق أن مر في الحديث أن (مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا والذنوب)، وهو يدل على فضل تقبيله أو مسحه واستلامه، فهو من الجنة، ومسحه ومسح الركن اليماني يحطان الذنوب والخطايا كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو: إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا موسى بن داود].
موسى بن داود، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن حماد بن سلمة].
هو: حماد بن سلمة البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عطاء بن السائب].
وهو صدوق اختلط، وحديثه أخرجه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سعيد بن جبير].
سعيد بن جبير، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة: (أن
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: استلام الحجر الأسود، والحجر الأسود له ثلاثة أحكام هي أولاً: التقبيل، إذا تمكن الإنسان من أن يصل إليه وأن يقبله فعل، وإذا لم يستطع فإنه يستلمه بيده، وإذا لم يستطع فإنه يشير إليه ويكبر إذا حاذاه، وهذا الاستلام يشمل التقبيل، ومسه باليد، أو بواسطة كالمحجن، فإن هذا كله يقال له: استلام، وقد أورد النسائي حديث عمر رضي الله عنه: أنه قبل الحجر الأسود والتزمه، معناه: أنه مسكه بيديه، ووضع وجهه عليه وقبله، وقال: [رأيت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم بك حفياً]، يعني: معتنياً بك، فمقصود عمر رضي الله عنه من هذا الكلام: أنه يعمل هذا العمل اتباعاً للنبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان به حفياً أي: يقبله، ويستلمه، ويتكلم فيه ويبين فضله وما يتعلق به، فمعنى (كان بك حفياً): كان به معتنياً، وأنا أفعل ما أفعل من التقبيل اقتداءً بالنبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.
هذا كلام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو يدل على استلامه وعلى تقبيله كما ثبت ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، عن عمر، وغير عمر رضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين.
هو: محمود بن غيلان المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا أبا داود.
[حدثنا وكيع].
هو: وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وإذا جاء وكيع يروي عن سفيان، فالمراد به: الثوري؛ لأنه مكثر من الرواية عنه، بخلاف سفيان بن عيينة، فإنه مقل من الرواية عنه.
[عن إبراهيم بن عبد الأعلى].
إبراهيم بن عبد الأعلى، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن سويد بن غفلة].
سويد بن غفلة، وهو: تابعي من كبار التابعين، مخضرم، قدم المدينة في اليوم الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يره، فلهذا يعتبر من كبار التابعين، ويعتبر من المخضرمين، وكان مسلماً في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ما حصل له أن يظفر ويشرف بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم، وسويد بن غفلة كان من المعمرين هو والمعرور بن سويد، وأحدهما كان يصلي بالناس التراويح وعمره مائة وعشرون سنة، والثاني كان عمره مائة وخمس وعشرين سنة، وكان أسود شعر الرأس واللحية، وعمره مائة وخمس وعشرون سنة، وحديثه -أي سويد بن غفلة - أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمر].
هو: عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، الخليفة الراشد أمير المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين الهادين، المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل العظيمة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عيسى بن يونس وجرير عن الأعمش عن إبراهيم عن عابس بن ربيعة أنه قال: (رأيت
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: تقبيل الحجر الأسود، وأورد فيه حديث عمر: أنه جاء إلى الحجر الأسود وقال: [(أما إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك، ثم دنا منه وقبله)]، قال هذا الكلام والناس يسمعونه وهو يخاطب الحجر، لكن مقصوده: أن يسمع الحاضرين ويبين لهم الحكم وأنهم عندما يقبلون الحجر الأسود، إنما يقبلونه اتباعاً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وليس كما يفعل أهل الجاهلية من تعظيم الأحجار وعبادتها وعبادة الأصنام، فشأنهم يخالف شأن أهل الجاهلية، فهم عندما يقبلون الحجر لا يقبلونه من أجل أنه حجر، بل من أجل أن النبي صلى الله عليه وسلم قبله فنحن نقبله، ولو لم يقبله ما قبلناه.
إذاً: مهمتنا أن نكون متبعين ما جاء عن الله وعن رسوله، وما لم يأت في ذلك شيء نحن لا نفعله، وهذا يدل على أن المعتبر هو الاتباع، ومن المعلوم: أن دين الإسلام مبني على قاعدتين: إحداهما: تجريد الإخلاص لله وحده، والثانية: تجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم، فلا بد في العمل المقبول عند الله أن يكون خالصاً لوجه الله، وأن يكون مطابقاً لسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإذا وجد الإخلاص ولكن ما وجد الاتباع، صار العمل مبتدعاً، والبدعة مردودة على صاحبها؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد)، ولو وجد الاتباع ولكن وجد الرياء ولم يوجد الإخلاص، فإن العمل يكون مردوداً على صاحبه؛ لأنه فقد شرط الإخلاص.
وإذاً: فلا بد من أمرين في العمل المقبول عند الله: أن يكون لله خالصاً وأن يكون لسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مطابقاً وموافقاً.
هو: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه.
[أخبرنا عيسى بن يونس].
هو: عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[وجرير].
هو: جرير بن عبد الحميد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش].
هو: سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم].
هو: إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عابس بن ربيعة].
هو: عابس بن ربيعة الكوفي النخعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمر].
هو: عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وقد مر ذكره.
أخبرنا عمرو بن عثمان حدثنا الوليد عن حنظلة قال: (رأيت
أولاً: الترجمة كيف يقبل الحجر الأسود؟ أورد فيه حديث عمر وفيه: أن طاوساً كان يمر بالحجر، فإن وجد زحاماً مر ولم يقبله، وإن وجده خالياً، ليس فيه زحام قبله ثم مضى، فهذا هو المقصود بالترجمة: أن الإنسان يقبله في الحالة التي يكون التقبيل فيها ممكناً، من غير أن يلحق ضرراً بأحد؛ لأن تقبيل الحجر سنة، وإيذاء الناس حرام، وإذا كانت السنة لا يوصل إليها إلا بالإيذاء، فتترك السنة التي لا يوصل إليها إلا بإيذاء الناس؛ لأن الإنسان لا يفعل أمراً محرماً، ليصل منه إلى سنة مستحبة؛ لأنه لو لم يقبله، ما ترك أمراً لا بد منه، ولكنه حيث يتيسر ذلك التقبيل من غير إلحاق ضرر بأحد، فإن فضله عظيم وثوابه جزيل؛ لأنه يحط الذنوب والخطايا، لكن إذا كان هناك زحام وهناك مضرة، وأن الإنسان لا يحصل ذلك إلا بإلحاق الضرر، فإنه لا يجوز له أن يقدم على إلحاق الضرر.
وأورد فيه حديث عمر: أن طاوساً فعل ذلك وقال: إن ابن عباس فعل ذلك، وقال: إن عمر فعل ذلك، وقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، ثم قال: (إنك حجرٌ لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك).
هو: عمرو بن عثمان الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا الوليد].
هو: الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، كثير التدليس والتسوية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن حنظلة].
هو: حنظلة بن أبي سفيان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[رأيت طاوس].
هو: طاوس بن كيسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما.
أخبرني عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى حدثنا يحيى بن آدم عن سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر رضي الله عنه أنه قال: (لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة دخل المسجد فاستلم الحجر، ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثاً، ومشى أربعاً، ثم أتى المقام فقال: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125]، فصلى ركعتين والمقام بينه وبين البيت، ثم أتى البيت بعد الركعتين فاستلم الحجر، ثم خرج إلى الصفا)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: كيف يطوف أول ما يقدم؟ وعلى أي شيء شقيه يأخذ إذا استلم الحجر؟ كيف يطوف إذا قدم؟ يعني: إذا وصل إلى مكة معتمراً أو قارناً أو مفرداً، كيف يطوف؟ هذا الطواف الأول، يسن فيه سنتان لا توجدان في غير هذا الطواف، هما: الرمل والاضطباع، فالرمل هو الإسراع مع مقاربة الخطى، ويكون في ثلاثة أشواط فقط هي: الأول والثاني والثالث، وأما الأربعة الباقية فيمشي فيها مشياً، هذه سنة في أول طواف يطوفه الإنسان إذا قدم مكة قارناً، أو مفرداً، أو معتمراً، يأتي بالرمل.
والسنة الثانية: الاضطباع، وهي أن يجعل رداءه تحت إبطه الأيمن وينسف طرفه على كتفه الأيسر، الكتف الأيسر مغطى في جميع أحوال الإحرام، وما دام الإنسان عليه إحرامه فعليه أن يغطي الكتفين، ولا يكشف الكتف الأيمن إلا في حالة واحدة وهي: الطواف الأول، عندما يقدم إلى مكة، إن كان معتمراً طواف العمرة، وإن كان قارناً ومفرداً طواف القدوم، فهذا الطواف يكون الإنسان فيه مضطبع، والاضطباع في الأشواط السبعة، من أول شوط إلى آخر شوط، والرمل في ثلاثة أشواط فقط الأول والثاني والثالث.
هاتان سنتان تشرعان في أول طواف يحصل للقارن والمفرد والمتمتع، الذي هو آتٍ بطواف العمرة، وكذلك إذا جاء في أول وقت من السنة؛ لأن التمتع ما يكون إلا في أشهر الحج والعمرة، والإنسان يعتمر في أي وقت، فإذا جاء الإنسان معتمراً، أول ما يطوف هذا الطواف، يرمل ثلاثة أشواط، ويضطبع في سبعة أشواط.
أورد النسائي حديث جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أول ما قدم مكة جاء إلى الكعبة واستلم الحجر الأسود، ثم مضى على يمينه؛ لأن الترجمة فيها شيئان: كيف يطوف أول مرة؟ وعلى أي شقيه يسير بعدما يقبل الحجر الأسود، فهو يقبل الحجر الأسود، ثم يذهب على يمينه ويجعل الكعبة عن يساره، فلا بد في الطواف أن تكون الكعبة على يساره في جميع الطواف، ولا يجوز للإنسان أن تكون على يمينه أو تكون وراءه، مثل ما يفعل بعض الناس عندما يأتون، ويجمعون لهم ناساً ويكونون في وسطهم، وأحدهم ماشياً على وراءه، فهذا لا يصح طوافه؛ لأنه جعل الكعبة عن يمينه، والكعبة لازم أن تكون عن يساره، ولا تكون على يمينه ولا وراء ظهره، فاستلم الحجر واتجه إليه واستقبله، ثم مضى على يمينه وجعل الكعبة عن يساره، ورمل فيه ثلاثة أشواط واضطبع فيه سبعة أشواط.
ولما فرغ من الطواف، ذهب خلف المقام وجعله بينه وبين الكعبة وقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125]، وهو تفسيرٌ للقرآن وبيان المراد بهذه الآية، وهو أنه يصلى خلف المقام، ثم لما فرغ من الركعتين جاء واستلم الحجر الأسود، ثم مضى إلى الصفا وسعى بين الصفا والمروة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
هو: عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[حدثنا يحيى بن آدم].
هو: يحيى بن آدم الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
وقد مر ذكره.
[عن جعفر بن محمد].
هو: جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف بـالصادق، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو: محمد بن علي بن الحسين الملقب الباقر، وهو ثقة، أخرج حديث أصحاب الكتب الستة. وهذان إمامان من أئمة أهل السنة، وهما من الأئمة الاثني عشر عند الرافضة الذين يغلون فيهم، ويصفونهم بصفات لا تليق، ولا يرضونها هم لأنفسهم، بل هو من الغلو ومن تجاوز الحدود، فأهل السنة والجماعة، يجلونهم، ويعظمونهم ويوقرونهم، فكل من كان من أهل بيت رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من أصحابه الكرام، يحبونه لأنه من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن كان من أهل البيت، وهو ليس من الصحابة، وهو من المؤمنين المتقين، يحبونه لإيمانه وتقواه، ويحبونه لقربه من رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
[عن جابر].
وهو: جابر بن عبد الله الأنصاري، وقد مر ذكره.
أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع: (أن
أورد هذه الترجمة وهي: كيف يسعى؟ المقصود بالسعي هنا: الرمل حول الكعبة، وفي الثلاثة الأشواط الأول فقط، وقد ذكر النسائي عدة أبواب تتعلق بالرمل، مرة بذكر السعي، ومرة بذكر الرمل، ومرة بذكر الخبب، وكلها تتعلق بالرمل في الأشواط الثلاثة الأول، وهي: الإسراع مع مقاربة الخطى، يعني: ليس عدواً ووثباً وجرياً وركضاً، وإنما سير سريع مع مقاربة الخطى حيث أمكن ذلك، وإذا كان هناك زحام يتحرك ليشعر بأنه متبع للسنة، ولو أنه ما وجد مسافة أمامه لكن كونه يتحرك غير المشي المعتاد، يفعل ذلك في الثلاثة الأشواط الأول، والثاني، والثالث.
أورد حديث ابن عمر: أنه كان إذا قدم مكة بدأ بالطواف ورمل ثلاثة أشواط ومشى أربعاً، أي: الباقية، قال: ويزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، وكلمة يزعم المقصود بها: الخبر المحقق؛ لأن كلمة زعم تأتي يراد بها الخبر المحقق، وهذا هو المقصود هنا، وتأتي لغير هذا المعنى، لكن في هذا الموضع وما يشبهه من المواضع المقصود بالزعم الخبر المحقق.
هو: عبيد الله بن سعيد السرخسي اليشكري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، والنسائي.
[حدثنا يحيى].
هو: يحيى القطان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبيد الله].
هو: عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر، وقد مر ذكره.
وقد مر ذكرهما.
أخبرنا قتيبة حدثنا يعقوب عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا طاف في الحج والعمرة، أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف ويمشي أربعاً، ثم يصلي سجدتين، ثم يطوف بين الصفا والمروة)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: كم يمشي؟ يعني: كم شوطاً يمشي فيها مشياً؟، بعدما ذكر الثلاثة الأشواط التي يرمل فيها، قال: كم يمشي؟ يعني: في الأربعة الباقية؛ لأن الأشواط سبعة: ثلاثة الأول رمل، والأربعة الباقية مشي، فعقد الترجمة وأورد تحتها حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مشتمل على أنه يسعى ثلاثة أشواط ويمشي أربعة أشواط.
قوله: [(ثم يصلي خلف المقام سجدتين)]، المقصود بذلك: ركعتين؛ لأن أطلق عليها سجدتين، ويطلق على الركعة سجدة، ويطلق عليها ركعة، وهي تسمية الشيء ببعضه.
هو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يعقوب].
هو: يعقوب بن عبد الرحمن القاري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه.
[عن موسى بن عقبة].
هو: موسى بن عقبة المدني، صاحب المغازي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما.
أخبرنا أحمد بن عمرو وسليمان بن داود عن ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين يقدم مكة يستلم الركن الأسود، أول ما يطوف يخب ثلاثة أطواف من السبع)].
ثم ذكر الخبب في الطواف، والخبب هو: الرمل، وقد أورد فيه حديث ابن عمر، من طريق أخرى، وفيه أنه يخب ثلاثة أشواط، أي: يرمل ثلاثة أشواط، في نفس الترجمة الأولى والمقصود بها: السعي والرمل، وكلها بمعنىً واحد، لكنه أتى بالترجمة من أجل اللفظ الذي ورد في الحديث وهو الخبب، والخبب هو الإسراع مع مقاربة الخطى الذي هو: الرمل، الرمل والخبب بمعنى واحد.
يعني: السبعة الأطواف الثلاثة الأول يخب فيها، والأربعة الآخرة يمشي فيها.
هو: أبو الطاهر المصري بن أبي السرح، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[وسليمان بن داود].
هو: سليمان بن داود المصري أبو الربيع، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، وأبو داود.
[أخبرني ابن وهب].
هو: عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يونس].
هو: يونس بن يزيد الأيلي ثم المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سالم].
هو: سالم بن عبد الله بن عمر، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم.
[عن أبيه].
هو: عبد الله بن عمر، وقد مر ذكره.
أخبرني محمد وعبد الرحمن ابنا عبد الله بن عبد الحكم قالا: حدثنا شعيب بن الليث عن أبيه عن كثير بن فرقد عن نافع: (أن
أورد هذه الترجمة وهي: الرمل في الحج والعمرة، يعني: أول ما يقدم مكة سواءً كان معتمراً أو حاجاً فإنه يرمل ثلاثة أشواط، ويمشي في الأربعة الباقية، فهذه الترجمة الرمل، والخبب، والسعي، كلها بمعنى واحد.
هما: محمد وعبد الرحمن ابنا عبد الله بن عبد الحكم المصريان، وهما ثقتان، أخرج لكل منهما النسائي وحده.
[حدثنا شعيب بن الليث].
هو: شعيب بن الليث بن سعد، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن أبيه].
هو: الليث بن سعد، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن كثير بن فرقد].
كثير بن فرقد، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
وقد مر ذكرهما.
أخبرنا محمد بن سلمة، والحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع عن ابن القاسم حدثني مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رمل من الحجر إلى الحجر، حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الرمل من الحجر إلى الحجر، يعني: في الثلاثة الأشواط الأول: من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود، معناه: كامل الأشواط الثلاثة، من بداية الشوط الأول إلى نهايته، وكذلك الثاني والثالث، معناه: أنه لا يكون في بعض الجهات من الكعبة يمشي في الأشواط الثلاثة، بل يرمل في الأشواط الثلاثة كلها، وإنما أشار إلى هذه الترجمة؛ لأن أول مشروعية الرمل كان في عمرة القضاء، والنبي صلى الله عليه وسلم أرشدهم إلى أن يرملوا لما قدموا مكة، قال: كان كفار قريش مجتمعين في جهة الحجر، وتحدث بعضهم إلى بعض وقالوا: إنه يقدم إليكم قوم وهنتهم حمى يثرب، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بأن يسرعوا إذا كانوا في الجهات التي يراهم الكفار، وإذا كانوا بين الركنين يمشون، من أجل الإبقاء عليهم، وهو أمرهم بأن يشرعوا من أجل أن يروهم أنهم أقوياء وأن عندهم نشاطاً وعندهم قوة وأنهم خلاف ما قالوا فيهم، وهذا من الجهاد ومن إظهار قوة المسلمين وإن كان عندهم شيء من الضعف، إلا أنهم يرون أعداءهم قوتهم، لكن في حجة الوداع الرسول صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر إلى الحجر، إذاً: فالسنة أن يرمل في الأشواط الثلاثة كلها، وأورد فيه حديث جابر: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر إلى الحجر)]، يعني: كامل الأشواط الثلاثة.
هو: محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[والحارث بن مسكين].
الحارث بن مسكين، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن القاسم].
هو: عبد الرحمن بن القاسم، صاحب الإمام مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[حدثني مالك].
هو: مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر].
وقد مر ذكر هؤلاء الثلاثة.
أخبرني محمد بن سليمان عن حماد بن زيد عن أيوب عن ابن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (لما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه مكة، قال المشركون: وهنتهم حمى يثرب، ولقوا منها شراً، فأطلع الله نبيه عليه الصلاة والسلام على ذلك، فأمر أصحابه أن يرملوا وأن يمشوا ما بين الركنين، وكان المشركون من ناحية الحجر، فقالوا: لهؤلاء أجلد من كذا)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: العلة التي من أجلها سعى النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت، يعني: أن أصلها كانت من أجل أن يرى المشركون قوة المسلمين وجلدهم ونشاطهم، خلافاً لما قالوه عنهم.
أورد النسائي حديث ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم في عمرة القضاء وهي في السنة السابعة، وكان الكفار في جهة الحجر ينظرون، فكانوا يتحدثون فيما بينهم يقولون: [(يقدم عليكم قومٌ وهنتهم حمى يثرب، ولقوا منها شراً)]، معناه: أن الحمى أضعفتهم وأنهكت قواهم، فهم يأتون هزالاً ضعافاً قد أضعفتهم الحمى، فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على كلامهم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يرملوا وأن يمشوا ما بين الركنين؛ لأنهم في جهة الحجر، فإذا كانوا في جهة الحجر في الجهة الشرقية والغربية يرملون، وإذا كانوا في الجهة التي تكون الكعبة بينهم وبين الكفار يمشون، فلما رآهم الكفار قالوا: هؤلاء يكون فيهم كذا وكذا، لهم أجلد من كذا وكذا، يعني: أقوياء، وأنتم تقولون: وهنتهم الحمى.
لكن هذا الذي حصل، شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي مشروعيته للناس تذكير للناس بما كانوا عليه من الضعف، ثم أبدلهم الله عز وجل بالقوة، ونصر الله رسوله عليه الصلاة والسلام وأعز دينه، فكان في هذا تذكر لتلك الحالة التي كان الناس عليها أولاً.
هو: محمد بن سليمان المصيصي الملقب: لوين، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن حماد بن زيد].
هو: حماد بن زيد البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب].
هو: أيوب السختياني، وقد مر ذكره.
[عن ابن جبير].
مر ذكره.
[عن ابن عباس].
مر ذكره.
أورد النسائي حديث ابن عمر، فيه: أنه سأله رجل عن استلام الحجر الأسود؟ فقال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله)، يعني: لما سأله عن استلامه أجاب بالدليل، وبفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال ذلك الرجل: (أرأيت إن زحمت أو غلبت عليه)، وكان ذلك الرجل من أهل اليمن، قال: (اجعل أرأيت في اليمن، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله)، معناه: احرص على اتباع السنة، لكن الأمر كما أشرت من قبل: إن كان هناك زحام ولا يوصل إليه إلا بمضرة، لا يفعل الإنسان، وإن كان يمكن أن يصل إليه ولا يلحق مضرة بأحد، فإن هذا هو الذي ينبغي وهذا هو الذي يستحب، ومسحه يحط الخطايا والذنوب، كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهذا الحديث ليس فيه شيء من الترجمة وهي: العلة التي من أجلها سعى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن العلة تتعلق بالحديث الأول، وأما هذا الحديث يتعلق بالاستلام والتقبيل، وليس فيه ذكر الرمل.
مر ذكرهما.
[عن الزبير بن عدي].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
وقد مر ذكره.
أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى عن ابن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يستلم الركن اليماني والحجر في كل طواف)].
ذكر النسائي هذه الترجمة وهي: استلام الركنين في كل طواف، المقصود بالركنين: الحجر الأسود، والركن اليماني، هذان هما اللذان يستلمان من البيت، وقد مر في الحديث: أنهما يحطان الخطايا والذنوب، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يستلم الركنين في كل طواف، معناه: كلما يحاذي الحجر يستلمه.
هو: محمد بن المثنى الملقب: الزمن العنزي أبو موسى، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى].
هو: يحيى القطان، وقد مر ذكره.
[عن ابن أبي رواد].
وهو: عبد العزيز بن أبي رواد، وهو صدوق ربما وهم، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
وقد مر ذكرهما.
أورد حديث ابن عمر: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني)]، يعني: ما كان يستلم من الكعبة إلا هذين الركنين: الحجر الأسود، والركن اليماني، ويقتصر على ذلك اتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يستلم من البيت شيء إلا هذين الركنين: الحجر الأسود، والركن اليماني.
وهو: البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ومحمد بن المثنى].
محمد بن المثنى، قد مر ذكره.
[حدثنا خالد].
هو: ابن الحارث، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر].
وقد مر ذكر الثلاثة.
أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه رضي الله عنه قال: (لم أر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح من البيت إلا الركنين اليمانيين)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: مسح الركنين اليمانيين، يعني: الحجر الأسود، والركن اليماني، وأطلق عليه يمانياً تغليباً، وأورد فيه حديث ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يستلم من الأركان، إلا الركنين اليمانيين.
قوله: [أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه].
وهؤلاء مر ذكرهم جميعاً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر