أخبرنا عمرو بن علي حدثنا عبد الرحمن حدثنا حماد بن سلمة عن جبلة بن عطية عن يحيى بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن جده رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من غزا في سبيل الله ولم ينو إلا عقالاً فله ما نوى)].
يقول النسائي رحمه الله: من غزا في سبيل الله ولم ينو إلا عقالاً، أي: فله ما نوى، والمقصود من هذه الترجمة: أن من كان يريد بجهاده الدنيا، فإنه قد يحصل الشيء الذي نواه، وقد لا يحصله، ولكنه لا يحصل الأجر، والثواب الذي أعده الله عز وجل للمجاهدين؛ لأن من جاهد للغنيمة، ومن قاتل من أجل أن يحصل دنيا، فليس عنده الإخلاص، وليس عنده ابتغاء وجه الله عز وجل في الجهاد، وإنما أراد بجهاده ابتغاء الدنيا، فقد يحصل هذا الذي نواه وقد لا يحصله، ولكنه لا يحصل الأجر؛ لأنه ما نواه وما قصده، والله عز وجل إنما يثيب من جاهد ابتغاء وجه الله عز وجل وإعلاء كلمته، كما قال عليه الصلاة والسلام، في حديث أبي موسى: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العلياء، فهو في سبيل الله)، أي: وغيره فإنه ليس في سبيل الله، وإنما هو بحسب نية صاحبه، إن كان يريد غنيمة، أو يريد ذكراً، أو يريد رياء وسمعة، ولكن الذي يحصل الثواب والأجر عند الله عز وجل من قاتل الكفار ابتغاء وجه الله، وإعلاء كلمة الله عز وجل.
وقد أورد النسائي حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من غزا في سبيل الله ولم ينو إلا عقالاً فله ما نوى)، من غزا في سبيل الله ولم ينو إلا أن يحصل شيئاً من الدنيا، ولو كان قليلاً الذي هو العقال: وهو الحبل الذي يربط به البعير، وتشد به يد البعير، هذا هو العقال، وقد جاء في حديث في قصة أبي بكر رضي الله عنه ومناظرة عمر له: والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، لقاتلتهم على منعه، وفي بعض الروايات: لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله لقاتلتهم على منعها، فالعقال هو: الحبل الذي يربط به البعير، والمقصود به: أنه إذا كان يريد غنيمة ولو كانت قليلة، مادام أن قصده الدنيا فإنه لا يحصل أجر المجاهدين، ولكن له ما نوى وهو هذه الدنيا، ولو كان هذا الذي يريده قليلاً منها.
ويوضح هذا قول النبي عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)، فكذلك من قاتل من أجل أن يحصل الدنيا، فإن له نيته وقصده الذي نواه، وقد يحصل هذا الأجر الدنيوي، وقد لا يحصله، فيكون إن حصل أجراً، وحصل غنيمةً، فقد حصل ما يريد، وما نواه، وإن لم يحصل، فإنه اجتهد وتعب، ولكنه ما حصل مراده الدنيوي، ولم يرد الأخروي، فلم يحصل لا الدنيوي ولا الأخروي.
هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو ابن مهدي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد بن سلمة].
هو حماد بن سلمة البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جبلة بن عطية].
ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[عن يحيى بن الوليد بن عبادة بن الصامت].
مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن جده].
هو عبادة بن الصامت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
ثم أورد حديث عبادة بن الصامت من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله: [أخبرنا هارون بن عبد الله].
هو الحمال البغدادي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا يزيد بن هارون].
هو يزيد بن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا حماد بن سلمة عن جبلة بن عطية عن يحيى بن الوليد عن عبادة بن الصامت].
وقد مر ذكر هؤلاء.
أخبرنا عيسى بن هلال الحمصي حدثنا محمد بن حمير حدثنا معاوية بن سلام عن عكرمة بن عمار عن شداد أبي عمار عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر، ما له؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا شيء له، فأعادها ثلاث مرات؛ يقول له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا شيء له، ثم قال: إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً، وابتغي به وجهه)].
أورد النسائي: من غزا يلتمس الأجر والذكر، يعني: يريد الثواب من الله عز وجل، ويريد أن يذكر، وأن يثنى عليه، وأورد النسائي في هذه الترجمة حديث أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله تعالى عنه: [أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم، عن رجل غزا يلتمس الأجر والذكر، فقال عليه الصلاة والسلام: لا شيء له]؛ لأنه لم يخلص جهاده لله، وإنما أراد من جهاده الأجر، وأراد أن يذكر؛ وأن يثنى عليه، وأن يشار إليه بالبنان، وأن يقال: إنه شجاع، أو جريء أو ما إلى ذلك من الأوصاف التي يرغب بها بعض الناس، فالنبي صلى الله عليه وسلم، قال: [لا شيء له]؛ لأنه ما أخلص قصده لله، وما أخلص عمله لله.
والعمل الذي يكون مقبولاً عند الله: هو الذي يكون خالصاً لوجه، ومطابقاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا لم يكن العمل خالصاً لوجه سبحانه وتعالى، فإنه لا يستفيد منه صاحبه شيئاً، فأعادها عليه مراراً، وكلها يجيبه بما أجاب به عليه الصلاة والسلام، ثم قال: [إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً، وابتغي به وجهه]، ابتغي به الدار الآخرة، وابتغي به رضا الله سبحانه وتعالى، فهذا هو الذي ينفع صاحبه.
أما إذا كان المقصود أن يذكر، فهذا ليس في سبيل الله، فقد مر في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: أن رجلاً سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن رجل يقاتل شجاعة، يقاتل ليذكر، ويقاتل للغنيمة، ويقاتل ليرى مكانه: أي ذلك في سبيل الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله)، وتلك الأمور الأخرى ليست في سبيل الله، لا كون الإنسان يريد الذكر، وهو أن يذكر، ويثنى عليه، ولا كونه يريد الغنيمة، وهي الحظ العاجل، ولا كونه يريد أن يرى مكانه، أي: بأن تعرف منزلته ويعرف قدره، ويشار إليه بالبنان، قال عليه الصلاة والسلام: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله)، وهنا قال في آخر الحديث: [(إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً، وابتغي به وجهه)].
صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[حدثنا محمد بن حمير].
هو محمد بن حمير الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا معاوية بن سلام].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عكرمة بن عمار].
صدوق يغلط، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن شداد أبي عمار].
هو شداد بن عبد الله أبي عمار، وهو ثقة، يرسل، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي أمامة].
هو أبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا يوسف بن سعيد سمعت حجاجاً أخبرنا ابن جريج حدثنا سليمان بن موسى حدثنا مالك بن يخامر: أن معاذ بن جبل رضي الله عنه حدثهم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يقول: (من قاتل في سبيل الله عز وجل من رجل مسلم فواق ناقة، وجبت له الجنة، ومن سأل الله القتل من عند نفسه صادقاً، ثم مات أو قتل، فله أجر شهيد، ومن جرح جرحاً في سبيل الله، أو نكب نكبة، فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت؛ لونها كالزعفران، وريحها كالمسك، ومن جرح جرحاً في سبيل الله، فعليه طابع الشهداء)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: ثواب من قاتل في سبيل الله فواق ناقة، أي: زمناً قليلاً، أي: ولو كان زمناً قليلاً، يسيراً، وفواق الناقة فسر بأنه ما بين الحلبتين، يعني: كونها تحلب، ثم تترك حتى يعود اللبن، أو حتى يحصل اللبن في الضرع مرةً أخرى، وفسر بما هو أقل من ذلك، وأنه ما بين الحلبة والحلبة، التي هي كونه يجر الثدي، ثم يتركه، ثم يعود إليه مرةً أخرى، فيكون ما بين جره، ثم جره المرة التي تليها، وهو زمن يسير جداً، فإن من جاهد في سبيل الله عز وجل ولو كان زمناً يسيراً جداً، الذي هو فواق الناقة، وجبت له الجنة.
ثم أورد حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من قاتل في سبيل الله فواق ناقة، وجبت له الجنة، ومن سأل الله القتل من عند نفسه صادقاً، ثم مات أو قتل، فله أجر شهيد).
أي: من عند نفسه من قلبه، صادقاً، وأكد بقوله: [من عند نفسه، فمات أو قتل، فله أجر شهيد]، سواء حصل القتل في سبيل الله، أو أنه مات بدون قتل في سبيل الله، فله أجر الشهيد.
والمقصود من هذا: أنه إذا جرح في سبيل الله، أو حصل له نكبة، بأن حصل له جرح في سبيل الله من غير الأعداء، فإنه يأتي يوم القيامة بهذا الوصف الذي بينه رسول الله عليه الصلاة والسلام، اللون لون الزعفران، والريح ريح المسك.
قوله: [(ومن جرح جرحاً في سبيل الله، فعليه طابع الشهداء)].
أي: الخاتم الذي يختم به، معناه: عليه العلامة التي تدل على الشهادة، والجرح إذا حصل للإنسان، ثم استمر معه، ثم مات، فإنه يكون بذلك شهيداً، ولو لم يمت في الحال ولو ما كان إلا بعد مدة طويلة، ولهذا قصة سعد بن معاذ رضي الله عنه، سيد الأوس لما طعن، أو لما جرح يوم الخندق، وكان في خيمة في المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فكاد أن يبرأ، ثم سأل الله عز وجل الشهادة، فانفجر الجرح ومات، فصار شهيداً بذلك رضي الله تعالى عنه وأرضاه؛ لأن هذا الجرح حصل في سبيل الله، ولكنه اندمل، ثم انفتح ومات بسبب ذلك، فيكون له أجر الشهادة، وهنا يقول: [فله طابع الشهداء]، أي: هذه علامة الشهادة.
هو يوسف بن سعيد المصيصي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[سمعت حجاجاً].
هو حجاج بن محمد المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وبالمناسبة سبق أن مر في حديث مضى عن إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني عن حجاج عن حماد بن سلمة، وذكرت في ذاك الوقت أن حجاجاً هذا هو ابن محمد الأعور المصيصي هذا الذي معنا في الإسناد، وكنت قلت: إن هذا في تحفة الأشراف نص عليه أنه الأعور، لكن الأمر ليس كذلك، إنما الذي نص على ذكر الأعور في ترجمة إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني في تهذيب التهذيب، فإنه ذكر في شيوخه حجاج بن محمد الأعور ولم يذكر غيره، فأنا فهمت من هذا أنه هو، لكن عند الرجوع إلى ترجمة حجاج بن محمد الأعور في تهذيب التهذيب ليس فيه أنه روى عنه إبراهيم الجوزجاني، ولا روى عن حماد بن سلمة، لكن كونه روى عنه إبراهيم الجوزجاني موجود في تهذيب التهذيب، بل لم يذكر من شيوخه ممن يسمى حجاجاً إلا حجاج الأعور، لكن في تهذيب التهذيب في ترجمة حجاج بن منهال البصري روى عنه إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وهو روى عن حماد بن سلمة، وكذلك عن حماد بن زيد، فعلى هذا الشخص الذي سبق أن مر في الإسناد السابق هو: حجاج بن منهال، روى عنه أصحاب الكتب الستة، وليس حجاج بن محمد الأعور الذي روى عنه أصحاب الكتب الستة، فيصحح الخطأ هناك.
[أخبرنا ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سليمان بن موسى].
صدوق في حديثه بعض لين، أخرج حديثه مسلم في المقدمة، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا مالك بن يخامر].
له صحبة، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن.
[أن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه حدثهم].
حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير حدثنا بقية، عن صفوان حدثني سليم بن عامر عن شرحبيل بن السمط أنه قال لـعمرو بن عبسة رضي الله عنه: يا عمرو، حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من شاب شيبةً في سبيل الله تعالى كانت له نوراً يوم القيامة، ومن رمى بسهم في سبيل الله تعالى، بلغ العدو أو لم يبلغ، كان له كعتق رقبة، ومن أعتق رقبةً مؤمنةً، كانت له فداءه من النار عضواً بعضو)].
أورد النسائي الترجمة وهي: ثواب من رمى بسهم في سبيل الله، أي: بيان هذا الثواب، وأورد النسائي حديث عمرو بن عبسة رضي الله تعالى عنه أن شرحبيل بن السمط قال: [حدثنا بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال عمرو رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من شاب شيبة في سبيل الله، كانت له نوراً يوم القيامة)].
وفسر ذلك: بأنه عمل في الجهاد في سبيل لله، فحصل له الشيب، أو حصل له شيء من الشيب، وهو في هذا العمل الجليل الذي هو الجهاد في سبيل الله، وفسر بما هو أعم من ذلك، لكن الأقرب، والمتبادر أن المقصود به: الجهاد في سبيل الله، وأنه عندما ينصب، ويتعب، ويكثر الجهاد، ويحصل له الشيب في هذا السبيل الذي هو سبيل الله عز وجل، فإنه يكون له نوراً يوم القيامة.
قوله: [(ومن رمى بسهم في سبيل الله تعالى، بلغ العدو أو لم يبلغ، كان له كعتق رقبة)].
يعني: هذا السهم بلغ العدو فأصابه، أو لم يبلغه ولم يصبه، كان له كعتق رقبة؛ لأنه عمل هذا العمل الذي هو في سبيل الله، وسواء أصاب العدو، أو لم يصب العدو، كان كعتق رقبة؛ لأن هذا العمل القليل، وهذا العمل اليسير في سبيل الله عز وجل الذي هو إرسال سهم واحد يكون كعتق رقبة.
قوله: [(ومن أعتق رقبةً مؤمنةً كانت له فداءه من النار عضواً بعضو)].
يعني: أنه إذا أعتق عبداً، فإن الله عز وجل يعتق من النار أعضاء ذلك المعتق عضواً بعضو، يعني: كل عضو من أعضاء العتيق يعتق الله به عضواً من أعضاء المعتق، ويكون ذلك فكاكاً من النار، وفداءً له من النار، وقد جاء في بعض الأحاديث (أن من أعتق جاريتين كانتا فكاكه من النار، وأن من أعتق عبداً كان فكاكه من النار)، وهنا ذكر إعتاق العبد، وأنه يكون فكاكه من النار، وهو من المواضع التي يفرق فيها بين الذكور والإناث.
وقد ذكر ابن القيم: أن النساء على النصف من الرجال في خمسة أمور، منها العتق: (أن من أعتق عبداً كان فكاكه من النار، ومن أعتق جارتين كانتا فكاكه من النار)، فجعل الجاريتين فيهما الفكاك، والعبد فيه الفكاك، فالمرأة على النصف من الذكر، وكذلك في الميراث، وكذلك في الشهادة، وفي العقيقة؛ الغلام يعق عنه شاتين، والجارية يعق عنها بشاة، والخامس في الدية، فإن المرأة على النصف من الرجل، فهذه خمسة أمور النساء فيها على النصف من الرجال، في العتق، والميراث، والعقيقة، والشهادة، والدية.
هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا بقية].
هو بقية بن الوليد، وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن صفوان].
هو صفوان بن عمرو، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثني سليم بن عامر].
ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن شرحبيل بن السمط].
صحابي، له وفادة، أي: له صحبة، وقال في تحفة الأشراف: له صحبة، والوفادة يعني: أنه وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقيه، فيكون صحابياً، هذا هو المقصود بالوفادة، وحديثه أخرجه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عمرو بن عبسة].
رضي الله عنه، وحديثه أخرجه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
أورد النسائي حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه، وهو أبو نجيح، وهي كنيته ذكره في الأول باسمه، وذكره في هذه الطريق بكنيته، وهو شخص واحد.
ومعرفة الكنى نوع من أنواع علوم الحديث، وفائدتها: أن لا يظن الشخص الواحد شخصين، فيما يأتي في الإسناد، مثلاً: عمرو بن عبسة، ويأتي في الإسناد الثاني: أبو نجيح السلمي، فمن لا يعرف يظن هذا شخص وهذا شخص، لكن الواقع أنه شخص واحد ذكر مرة باسمه ومرة بكنيته، ويوافق عمرو بن عبسة في هذه الكنية: العرباض بن سارية رضي الله عنه، فكنيته أبو نجيح كـعمرو بن عبسة.
وأورد النسائي حديث عمرو بن عبسة أبي نجيح رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(من بلغ بسهم في سبيل الله، فهو له درجة في الجنة)].
أي: من أرسله إلى العدو، فله درجة في الجنة، وهذا ثوابه وهذا أجره.
قوله: [(فبلغت يومئذ ستة عشر سهماً)]. أي: ويكون له بذلك ست عشرة درجة؛ لأن من بلغ سهماً إلى العدو، كان له به درجة في الجنة، فـعمرو بلغ ستة عشر سهماً، أي: فيكون له بذلك ست عشرة درجة في الجنة.
قوله: [(وسمعته يقول: من رمى بسهم في سبيل الله، فهو عدل محرر)].
أي: عتق رقبة، وهنا قال: [عدل محرر]، وهناك قال: [عتق رقبة]، وهما بمعنى واحد.
ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا خالد].
هو خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا هشام].
هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سالم بن أبي الجعد].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن معدان بن أبي طلحة].
ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن.
[عن أبي نجيح].
هو أبو نجيح عمرو بن عبسة، وقد مر ذكره.
أورد النسائي حديث كعب بن مرة رضي الله عنه، وفيه: أن شرحبيل بن السمط سأل كعب بن مرة أن يحدثه حديثاً عن رسول الله ويحذر، أي: يحذر من السهو، أو الزيادة، أو النقصان، أي: يأتي به على وجهه، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [(من شاب شيبة في الإسلام في سبيل الله كانت له نوراً يوم القيامة)].
وهذا مثلما جاء في حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه المتقدم.
قوله: [(ثم قال له: حدثنا واحذر، قال: سمعته يقول: ارموا، من بلغ العدو بسهم رفعه الله به درجة)].
وهذا أيضاً مثلما جاء في حديث عمرو بن عبسة الذي قال: (فبلغت ستة عشر سهماً)، أي: فيكون له ست عشرة درجة، [ثم قال ابن النحام: وما الدرجة؟ قال: أما إنها ليست كعتبة أمك، إنما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض]، أي: أن الدرجة في الجنة المسافة فيها بعيدة، وليست كالدرجات التي تكون فيما يشاهده الناس، وهي عتبة الباب، أو الدرج الذي يكون عند الباب، وهي مسافة قصيرة، فقال: [إنها ليست كعتبة أمك]، أي: ليست كعتبة داركم، و[إنما بين العتبتين كما بين السماء والأرض].
قوله: [(ولكن ما بين الدرجتين مائة عام)].
يعني: مسيرة مائة عام.
هو محمد بن العلاء أبو كريب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو معاوية].
هو محمد بن خازم الضرير، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الأعمش].
هو سليمان بن مهران الكاهلي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن مرة].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سالم بن أبي الجعد عن شرحبيل بن السمط].
وقد مر ذكرهما.
[عن كعب بن مرة].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب السنن الأربعة.
[قال: ابن النحام].
وهو صحابي ولكن ليس من رواة الحديث، والحديث عن كعب بن مرة، وهو يحكي عن الذي حصل، وابن النحام سأل عن الدرجة، والرسول أجاب بالذي أجاب، وما أدري في تسميته.
ولكن هناك واحد جزار يقال له: ابن النحام.
قوله: قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من رمى بسهم في سبيل الله فبلغ العدو أخطأ أو أصاب، كان له كعدل رقبة، ومن أعتق رقبة مسلمة، كان فداء كل عضو منه عضواً منه من نار جهنم، ومن شاب شيبة في سبيل الله، كانت له نوراً يوم القيامة)].
وهذا حديث عمرو بن عبسة مثلما تقدم من الطرق التي اشتملت على حديثه رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
وقوله: [ليس فيه نسيان ولا تنقص] والمقصود بالنقص: أن لا يكون فيه سهو، ولا يكون فيه زيادة ولا نقص.
محمد بن عبد الأعلى، قد مر ذكره، والمعتمر هو ابن سليمان بن طرخان التيمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت خالداً يعني: ابن زيد أبا عبد الرحمن الشامي].
لا بأس به، وهو بمعنى صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[يحدث عن شرحبيل بن السمط عن عمرو بن عبسة].
وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه: [(إن الله يدخل ثلاثة نفر الجنة بالسهم الواحد: صانعه يحتسب في صنعه الخير، والرامي به، ومنبله)]، أي: الذي صنع السهم، وهو مسلم يحتسب الخير بصنعه إياه، أي: ليجاهد به في سبيل الله؛ فعله لهذا الغرض، وكذلك الذي يرمي به ويباشر الرمي، وكذلك منبله، وفسر بأنه هو الذي يكون معه يعطيه ويناوله، أو الذي مكنه من ذلك بشرائه وتزويده به، يعني: بكونه اشتراه من ماله، وأعطاه إياه كل هذا يصلح أن يكون منبله، سواء كان يناوله، أو يشتريه ويعطيه إياه، يشتريه بماله ويعطيه من يجاهد به في سبيل الله.
وقد مر ذكره.
[عن الوليد].
هو الوليد بن مسلم، وهو ثقة، كثير التدليس والتسوية، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جابر].
هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلام الأسود].
هو ممطور الحبشي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن خالد بن يزيد].
هو خالد بن يزيد الجهني، وهو مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن عقبة بن عامر].
هو عقبة بن عامر الجهني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، والحديث ذكره الألباني في الضعيفة في سنن النسائي، ولعل السبب في ذلك هو خالد بن يزيد الجهني الذي يروي عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله تعالى عنه.
أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دماً؛ اللون لون دم والريح ريح المسك)].
أورد النسائي الترجمة وهي: من كلم في سبيل الله، أي: ما هو ثوابه، والكلم: هو الجرح، ثم أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: [(لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دماً اللون لون دم والريح ريح المسك)].
[لا يكلم]، يعني: لا يجرح أحد في سبيل الله، ثم قال: [والله أعلم بمن يكلم في سبيله]، يعني: الله أعلم بمن يكون مجاهداً حقاً إذا كلم يكون له هذا الثواب، وإذا جرح يكون له هذا الثواب؛ لأن هذا مشروط بالإخلاص؛ لأن هذا الثواب الذي يحصل عليه من يُكلَم في سبيل الله، أن يكون مخلصاً في قصده لله عز وجل، يريد بذلك وجه الله عز وجل والدار الآخرة، لا يريد رياءً ولا سمعةً، ولا يريد غنيمةً، ولا يريد شيئاً من تلك الأمور، وإنما يريد بذلك إعلاء كلمة الله، وحصول الثواب والأجر من الله سبحانه وتعالى في الدار الآخرة: [والله أعلم من يكلم في سبيله]، هذه مثل: والله أعلم من يجاهد في سبيله، يعني: أن هذا الثواب إنما يكون لمن أخلص لله عز وجل في قصده ونيته [إلا جاء يوم القيامة يثعب جرحه]، يعني: يسيل ويصب [اللون لون الدم، والريح ريح المسك].
هو محمد بن منصور الجواز المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا سفيان].
هو ابن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزناد].
هو عبد الله بن ذكوان لقبه: أبو الزناد وكنيته: أبو عبد الرحمن، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعرج].
هو عبد الرحمن بن هرمز، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق.
وهذا الحديث مثل الذي قبله، وقوله: [(زملوهم)]: يعني: غطوهم، وادفنوهم بثيابهم.
قوله: [(فإنه ليس كلم يكلم في الله إلا أتى يوم القيامة جرحه يدمي، لونه لون دم، وريحه ريح المسك)].
يعني: ليس جرح يجرح في سبيل الله، إلا أتى يوم القيامة جرحه يدمي، لونه لون دم، وريحه ريح المسك، هو مثل الحديث الذي مر قبل هذا.
هو هناد بن السري أبو السري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن ابن المبارك].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن معمر].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن ثعلبة].
صحابي له رؤية، وحديثه أخرجه البخاري، وأبو داود، والنسائي. قال الحافظ: له رؤية ولم يثبت له سماع، ومن المعلوم الذين لهم رؤية فقط أنهم من حيث الصحبة صحابة، ولكن من حيث الرواية هم من كبار التابعين، ولكن الحديث مثل الذي قبله؛ لأنه بمعنى الذي قبله من جهة أن صاحب الكلم وهو الجرح، يأتي جرحه يوم القيامة يدمى، اللون لون الدم، والريح ريح المسك، فهو بمعنى حديث أبي هريرة المتقدم قبل هذا.
أخبرنا عمرو بن سواد أخبرنا ابن وهب أخبرني يحيى بن أيوب وذكر آخر قبله، عن عمارة بن غزية عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (لما كان يوم أحد وولى الناس، كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في ناحية في أثنى عشر رجلاً من الأنصار، وفيهم
أورد النسائي ما يقول من يطعنه العدو، يعني: أنه يقول: بسم الله، هذا هو المقصود من الترجمة؛ لأنه أورد الحديث، وفيه: [أنه لو قال: بسم الله، لرفعته الملائكة] عندما طعن، فالمقصود: أنه يقول: بسم الله.
أورد النسائي حديث جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم، لما كان يوم أحد، وكان معه جماعة اثني عشر، وفيهم طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه، وأكثرهم من الأنصار، أو غالبهم من الأنصار [والرسول صلى الله عليه وسلم قال: من للقوم؟ فقال طلحة رضي الله عنه: أنا، فقال: كما أنت]، يعني: ابق كما أنت، فقال واحد من الأنصار: أنا يا رسول الله، فقال: أنت، فتقدم وقاتل حتى قتل، ثم كل مرة يقول: من للقوم، حتى انتهى الإحدى عشر من الصحابة الذين كانوا معه، وبقي رسول الله عليه الصلاة والسلام وطلحة، [ثم قال: من للقوم؟ فقال: أنا، فقاتل حتى قطعت أصابعه، وقال عند ذلك: حس]، وهي كلمة تقال عند الوجع، وعند التألم، فالنبي صلى الله عليه وسلم، قال له: [لو قلت: بسم الله، لرفعتك الملائكة والناس ينظرون]، ماذا بعد ذلك؟ انصرف المشركون..
قوله: [(ثم رد الله المشركين)].
والمقصود من الحديث هو قوله: [(لو قلت: بسم الله، لرفعتك الملائكة، والناس ينظرون)]، وهذا الذي أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، يمكن أن يكون ذلك خاصاً بـطلحة بن عبيد الله، ولا يلزم أن يكون كل من يجاهد في سبيل الله فيصاب، ثم يقول: بسم الله، فالملائكة ترفعه، والناس ينظرون، وإنما هذا حصل لـطلحة، وقد يحصل لغيره، لكنه لا يلزم أن يكون كل من يكلم في سبيل الله، ويقول هذه الكلمة، أن الملائكة ترفعه، والناس ينظرون.
هو عمرو بن سواد المصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
وهو مصري، مكتوب البصري في نسخة أبي الأشبال، والتصحيف بين البصري والمصري يكثر، وهو المصري، وفي تهذيب التهذيب: المصري، ويروي عن ابن وهب، وهو مصري، فنسبته مصري وليس بصري.
[عن ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني يحيى بن أيوب].
صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وذكر آخر قبله].
يعني: مذكور معه، وهو قبله في الذكر، يعني: ليس بعده وإنما قبله، ولكن النسائي حذفه، ولم يذكره.
[عن عمارة بن غزية].
لا بأس به، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي الزبير].
هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي، وهو صدوق، يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر بن عبد الله].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا عمرو بن سواد أخبرنا ابن وهب أخبرنا يونس عن ابن شهاب أخبرني عبد الرحمن، وعبد الله ابنا كعب بن مالك: أن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: (لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالاً شديداً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فارتد عليه سيفه فقتله، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في ذلك، وشكوا فيه: رجل مات بسلاحه، قال
أورد النسائي الترجمة، وهي: باب: من قاتل في سبيل الله فارتد عليه سيفه فقتله، أي: فإنه لا يكون قاتلاً لنفسه؛ لأن ارتداد سيفه عليه، وكونه حصل له قتل بذلك، لا يعتبر قاتلاً لنفسه، ولا يعتبر غير مجاهد، بل هو مجاهد، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(إنه جاهد مجاهد)]، وقد أورد النسائي حديث سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنه: أن عمه عامر، وجاء في الحديث أنه أخوه، لكن في الحقيقة عمه، ولعل الأخوة، يعني: أخوة إسلام أو تجوز، وإلا فإنه عمه كما ثبت ذلك، واسمه عامر، وهو الذي كان يرتجز بهذا الرجز الذي أنشده سلمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، [(لما كان يوم خيبر قاتل أخي قتالاً شديداً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتد عليه سيفه فقتله)].
فشكوا فيه وتكلموا فيه، وقالوا: ارتد عليه سيفه، فقتله، يعني: فكأنه قاتل لنفسه، ولما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: [ائذن لي -يعني: سلمة - أن أرتجز، فأذن له، وأتى بهذا الرجز، ولما فرغ قال: من قال هذا؟ قال: أخي، قال: يرحمه الله]، فلما قال يرحمه، قال: [(إن ناساً ليهابون الصلاة عليه، يقولون: رجل مات بسلاحه)].
والمقصود: أنهم يهابون الصلاة عليه، أي: الدعاء عليه، والرسول صلى الله عليه وسلم، دعا له، حيث قال: [يرحمه الله]، فهو عندما قال: يرحمه الله، قال: [إن الناس يهابون الصلاة عليه]، والمراد بالصلاة: الدعاء، يعني: أنهم شكوا فيه، وأنه قتله سلاحه، أو قتل بسلاحه، فيكون كأنه قاتل لنفسه، والرسول صلى الله عليه وسلم، بين أنه جاهد مجاهداً، وأنه ليس قاتلاً لنفسه، وأنه لا يشك فيه، بل هو كما قال عليه الصلاة والسلام الصلاة والسلام: [(جاهداً مجاهداً)]، جاهداً يعني: جاهداً مجتهداً في الجهاد في سبيل الله، مجاهد للأعداء ومقاتل للإعداء.
[قال ابن شهاب: ثم سألت ابنا لـسلمة بن الأكوع فحدثني عن أبيه مثل ذلك، غير أنه قال: (حين قلت: إن ناساً ليهابون الصلاة عليه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كذبوا، مات جاهداً مجاهداً، فله أجره مرتين، وأشار بأصبعيه)].
ثم ذكر هذه الطريق الأخرى من ابن شهاب وسؤاله أحد أبناء سلمة بن الأكوع، وأنه قال مثلما قال ذاك، وفيه زيادة.
وقد مر ذكرهما.
[أخبرنا يونس].
هو ابن يزيد الأيلي ثم المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
وقد مر ذكره.
[أخبرني عبد الرحمن وعبد الله ابنا كعب بن مالك].
عبد الرحمن بن كعب بن مالك، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأخوه: عبد الله، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[أن سلمة بن الأكوع].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر