أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى يعني ابن سعيد القطان عن يحيى يعني ابن سعيد الأنصاري حدثني ذكوان أبو صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لولا أن أشق على أمتي لم أتخلف عن سرية، ولكن لا يجدون حمولة، ولا أجد ما أحملهم عليه، ويشق عليهم أن يتخلفوا عني، ولوددت أني قتلت في سبيل الله، ثم أحييت، ثم قتلت، ثم أحييت، ثم قتلت، ثلاثاً)].
يقول النسائي رحمه الله: تمني القتل في سبيل الله. أي: ما جاء في تمني القتل في سبيل الله عز وجل، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم تمناه، وورد في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(لولا أن أشق على أمتي ما تخلفت عن سرية، ولا أجد حمولة أحملهم)]، يعني: لا يجد من الرواحل، والدواب ما يحمل هؤلاء الذين لا يستطيعون الذهاب معه للجهاد في سبيل الله، ولا يستطيعون.
قوله: [(ويشق عليهم أن يتخلفوا عني)].
يعني: لو ذهب عليه الصلاة والسلام، وهم باقون، وهم لا يجدون ما يركبون، وهو لا يجد ما يحملهم، ويشق عليهم أن يتخلفوا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لما تخلف عن سرية، أي: أنه يكون مع كل سرية، ولكنه كان يترك ذلك رفقاً بأمته وشفقة عليها، ولكونه عليه الصلاة والسلام لا يجد ما يحملهم عليه، وهم لا يجدون ما يتمكنون به من السفر، ويشق عليهم أن يتخلفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من شفقته بأمته، ورأفته بها، ورحمته بها عليه الصلاة والسلام، وقد وصفه الله عز وجل بأنه بالمؤمنين رءوف رحيم، كما قال عز وجل: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128].
ثم قال عليه الصلاة والسلام: [(ولوددت أني قتلت في سبيل الله، ثم أحييت، ثم قتلت، ثم أحييت، ثم قتلت ثلاثاً)]؛ وذلك لعظيم أجر الشهادة، وعظيم ثواب الشهادة عند الله عز وجل، فإن النبي عليه الصلاة والسلام يتمنى أن يقتل ويحيا، ثم يقتل، ثم يحيا، وإن كان الله عز وجل قدر أن من مات فإنه لا يعود؛ ولكن هذا لبيان عظيم شأن الشهادة، وحرص الرسول صلى الله عليه وسلم، على ذلك، وبيان عظيم شأن ذلك عند الله عز وجل، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم تمنى أن يقتل، ثم يحيا، ثم يقتل، ثم يحيا، ثم يقتل؛ وذلك لعظيم شأن الشهادة، ورفعة درجتها عند الله عز وجل، وهذا من كمال بيانه عليه الصلاة والسلام، وإلا فإنه عليه الصلاة والسلام على أي حالة كانت هو أعلى الناس درجة، وهو خير الناس، وأفضل الناس، وسيد الناس، وهو أعلى الناس درجة عند الله عز وجل، سواء حصل له هذا الذي تمناه، أو لم يحصل له عليه الصلاة والسلام، ولكن هذا لبيان عظيم شأن الشهادة في سبيل الله عز وجل، وأن شأنها عظيم، حتى تفهم ذلك أمته، وحتى تحرص على نيلها إذا استطاعت إلى ذلك سبيلاً.
هو عبيد الله بن سعيد السرخسي اليشكري، وهو ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والنسائي .
[حدثنا يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكلمة: يعني ابن سعيد القطان، هذه التي قالها من دون عبيد الله بن سعيد، أي: النسائي، أو من دون النسائي؛ لأن التلميذ لا يحتاج إلى أن يقول: يعني، وإنما ينسب شيخه كما يريد، يمكن أن يأتي بنفسه، ويطيل في نسبه وأوصافه، ولا يحتاج إلى أن يقول: يعني، وإنما الذي يحتاج أن يقول: يعني من دون التلميذ، إذا اقتصر التلميذ على لفظ معين، فمن دونه يأتي بما يوضح ويبين، فيأتي بكلمة يعني.
[حدثني ذكوان].
هو ذكوان أبو صالح، وقد ذكر باسمه وكنيته، وهو أبو صالح السمان، ويقال: الزيات، اسمه ذكوان وكنيته: أبو صالح ولقبه: السمان، ويقال أيضاً: الزيات؛ لأنه كان يجلب السمن، والزيت، ويبيعها، فوصف بهذا الوصف الذي هو السمان نسبة إلى بيع السمن، والزيات نسبة إلى بيع الزيت، والنسب تأتي على هذه الصيغة التي هي على لفظ المبالغة، وإن لم يكن فيه مبالغة، أي: منسوب إلى كذا، وتأتي بالياء المضافة في آخر الكلمة، كأن يقال: البصري وغير ذلك، ويأتي بهذا الوصف الذي هو الزيات والسمان، أي: المنسوب إلى بيع الزيت، أو إلى بيع السمن، وذكوان أبو صالح السمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً عنه.
أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل الطريق السابقة.
هو الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
[حدثنا أبي].
هو عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
[عن شعيب].
هو ابن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني سعيد بن المسيب].
وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.
أورد النسائي حديث ابن أبي عميرة رضي الله تعالى عنه، وفيه قوله عليه الصلاة والسلام: [(ما من الناس، من نفس تقبض، وتحب أن ترجع إلى الدنيا)]، أي: أنها تحصل خيراً عند الله عز وجل في الآخرة، فهي لا تود أن ترجع إلى الدنيا، ولو أعطيت الدنيا، إلا من قتل في سبيل الله، فإنه يحب أن يرجع إلى الدنيا ليقتل، وليجاهد، ثم يقتل؛ وذلك لما يرى من عظم أجر الشهادة، فهو يريد أن يزداد رفعة بذلك، فهو يتمنى أن يرجع إلى الدنيا؛ لا ليحصل ما فيها، بل ما عند الله خير، وأبقى، ولكن يريد أن يحصل درجات في الجنة، وعلو درجات في الجنة بسبب تكرار الشهادة، وتكرر الشهادة لو كان ذلك ممكناً؛ وذلك لا يكون، ولكن هذا من بيان النبي صلى الله عليه وسلم، لعظيم شأن الشهادة، وعظم أجرها عند الله عز وجل، وأنه ما من إنسان يقبض ويجد خيراً في الآخرة يود أن يرجع إلى الدنيا، ولو أعطي الدنيا بما فيها، إلا الشهيد فإنه يود أن يرجع لا ليحصل الدنيا، ولكن ليحصل قتلاً في سبيل الله مرة أخرى؛ لما في ذلك من علو الدرجة، وعلو المنزلة عند الله عز وجل لمن يكون كذلك.
وفي آخره يقول النبي صلى الله عليه وسلم: [(ولأن أقتل في سبيل الله، أحب إلي من أن يكون لي أهل الوبر والمدر)].
أي: أنه يملكهم عبيداً، ويعتقهم في سبيل الله عز وجل؛ ذلك خير له من هذا، أي: خير له من أن يرجع إلى الدنيا، وله هذا القدر من المماليك الذين يملكهم، ويعتقهم، والمراد بأهل الوبر: أهل البوادي، وأهل المدر: أهل الحاضرة؛ لأن المدر هو اللبن، وهو البنيان، أي: إشارة إلى البنيان، والوبر إشارة إلى بيوت الشعر التي تتخذ من وبر الإبل، ويتخذونها بيوتاً يحملونها، ويستفيدون منها، فكنى عن البادية بأهل الوبر، وكنى عن الحاضرة بأهل المدر، أي: أنه لو كان له هذا المقدار، وهذا العدد الكبير، فإنه لا يريد أن يرجع إلى الدنيا، وأن يكون له هذا المقدار.
قوله: [(ولأن أقتل في سبيل الله أحب إلي من أن يكون لي أهل الوبر والمدر)].
يعني: معنى ذلك أن قتله في سبيل الله خير له من هذا المقدار الذي هو أهل الوبر، والمدر، يملكهم، ويعتقهم.
وقد مر ذكره.
[حدثنا بقية].
هو ابن الوليد، وهو صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن بحير بن سعد].
ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، وفي الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن خالد بن معدان].
ثقة، يرسل، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جبير بن نفير].
ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن ابن أبي عميرة].
هو عبد الله بن أبي عميرة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه الترمذي، والنسائي.
أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان عن عمرو سمعت جابراً رضي الله عنه، يقول: (قال رجل يوم أحد: أرأيت إن قتلت في سبيل الله، فأين أنا؟ قال: في الجنة، فألقى تمرات في يده، ثم قاتل حتى قتل)].
أورد النسائي : ثواب من قتل في سبيل الله، أي: أنه يكون في الجنة، وأورد فيه حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: (أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم، يوم أحد: أرأيت إن قتلت في سبيل الله، أين أنا؟ قال: في الجنة، وكان بيده تمرات فألقاهن -يعني: ولم يأكلهن- وقاتل حتى قتل)، رضي الله تعالى عنه.
وهذا يدل على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، من الحرص على الجهاد في سبيل الله، وعلى نيل الشهادة، وعلى زهدهم في الدنيا وإقبالهم على الآخرة، فإنه كان بيده تمرات، ومع ذلك لم يأكلها، وقاتل في سبيل الله حتى قتل.
هو محمد بن منصور الجواز المكي، وأخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا سفيان].
هو ابن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو].
هو ابن دينار المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت جابراً].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأن أعلى الأسانيد عند النسائي هي الرباعيات، وأنزل ما عنده العشاريات، وقد سبق أن مر بنا حديث في فضل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وهو مشتمل على عشرة أشخاص بين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعلى الأسانيد عند النسائي الرباعيات، وأنزلها عنده العشاريات.
أخبرنا محمد بن بشار حدثنا أبو عاصم حدثنا محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يخطب على المنبر، فقال: أرأيت إن قاتلت في سبيل الله صابراً، محتسباً، مقبلاً غير مدبر، أيكفر الله عني سيئاتي؟ قال: نعم، ثم سكت ساعةً، قال: أين السائل آنفاً؟ فقال الرجل: هاأنا ذا، قال: ما قلت؟ قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله صابراً، محتسباً، مقبلاً غير مدبر، أيكفر الله عني سيئاتي؟ قال: نعم، إلا الدين، سارني به جبريل آنفاً)].
أورد النسائي : من قتل في سبيل الله وعليه دين، يعني: هل يكفر ذلك عنه، أو أن الدين باقٍ عليه؟ فالمقصود بالدين هو المظالم التي تكون للناس، يعني: من مال، أو غير مال؛ لأن هذا كله يقال له: دين، وحقوق الناس مبنية على المشاحة، ومن المعلوم أن من كان له حقوق على الناس، فإنه يحرص على أن يحصلها في الدار الآخرة؛ لأنه اليوم الذي لا ينفع فيه إلا الأعمال الصالحة، وليس فيه إلا الحسنات والسيئات، ولهذا إذا تجاوز أهل الجنة النار، فإنهم يوقفون على قنطرة بين الجنة والنار، ويقتص من بعضهم لبعض، أي: أن ذلك يكون بأخذٍ من الحسنات تضاف إلى آخرين، وهم سلموا من العذاب؛ لأنهم تجاوزوا النار، ولكن الفرق بينهم هو إنما هو بالدرجات، فإذا كان لأحدٍ على أحدٍ شيء، فإنه يؤخذ من الذي له إلى الذي عليه، فيكون ذلك رفعةً في درجة ذلك الذي حصل هذه الحسنات من غيره، ويحصل نقص على من حصل منه، أو عليه حقوق لغيره، ثم أخذ ذلك الغير مقابلها حسنات.
وعلى هذا فإن هذا الذي يكون لأهل الجنة، والذين يتجاوزوا النار للاقتصاص، إنما هو فيما يتعلق بالحسنات، ويترتب على ذلك رفعة الدرجات، وعلو الدرجات.
فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يخطب فجاءه رجل وقال: [(أرأيت يا رسول الله، إن قاتلت في سبيل الله صابراً محتسباً، أيكفر ذلك سيئاتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: نعم، ثم إنه مكث ساعةً، ثم قال: أين السائل آنفاً؟ قال: هاأنا ذا يا رسول الله، فقال: ماذا قلت؟ فأعاد إليه السؤال، فقال: نعم إلا الدين سارني به جبريل آنفاً)]، يعني: الجواب الذي قاله له من قبل فيه استثناء، وهذا الاستثناء ساره به جبريل، يعني: أسر به إليه جبريل، وأن الدين باقٍ لصاحبه، ويكون الاقتصاص بين الناس إنما هو بالحسنات، وإلا فإنه لا يؤثر ذلك عليه، إذا كان نال الشهادة في سبيل الله عز وجل، وكان من أهل الجنة، فإن كون عليه دين لا يكون سبباً في دخوله النار؛ لأنه يتجاوز النار، ولكن يكون هذا الحساب، وهذا الاقتصاص من بعضهم لبعض؛ إنما هو بعلو الدرجات، ورفعة الدرجات، فيترتب على ذلك علو الدرجات ورفعة الدرجات.
وهذا الحديث يدل على خطورة الدين، وأن المسلم عليه أن يحرص على أن لا يبتلى به، وأن يبتعد عنه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وأن لا يقدم عليه إلا لضرورة لابد منها، وأما التساهل في ذلك، وكون الإنسان يقدم عليه لأمور ليست بضرورية، فإنه يعرض نفسه لخطر عظيم.
وقوله: [(إلا الدين سارني به جبريل)]، يدل على أن ما يأتي به النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث إنما هو من عند الله، وأنه وحي من الله عز وجل، وأنه ليس من تلقاء نفسه عليه الصلاة والسلام، كما قال عز وجل: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4]، وهنا قال: [(سارني به جبريل آنفاً)]، يعني: أن كلمة (الدين) استثنيت بوحي جاء به جبريل إليه وساره به، فهذا يدل على أن السنة هي من الله، وأنها وحي من الله، وأنها مثل القرآن، إلا أن القرآن وحي متلو متعبد بتلاوته والعمل به، وأما السنة فمتعبد بالعمل بها، فهي مثل القرآن في العمل، والله تعالى يقول: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، فالحديث يدل على أن السنة إنما هي وحي من الله، ولهذا قال: [(سارني به جبريل آنفاً)]، يعني: هذا الاستثناء جاء به جبريل واستثناه له من الإطلاق الأول، الذي أوحي إليه به أولاً.
وقد سبق أن مر بنا الحديث الطويل في الزكاة، في قصة الأنصبة، وفيه قال: [(هذه فريضة الصدقة التي فرضها الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم)]، وقد ذكر تفاصيلها، ولكن في أولها: [فرضها الله على رسوله]، يعني: أنها وحي من الله، وأن هذا الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو من الله سبحانه وتعالى.
هو الملقب: بندار البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو عاصم].
هو الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأبو عاصم هو من شيوخ البخاري، ولم يدركه النسائي، وعلى هذا فإذا جاء في طبقة شيوخ شيوخ النسائي من يكنى بأبي عاصم فالمراد به: النبيل الضحاك بن مخلد، وإذا جاء في طبقة شيوخه أبو عاصم فهو: خشيش بن أصرم النسائي الذي يأتي ذكره مراراً، من شيوخ النسائي أبو عاصم.
[حدثنا محمد بن عجلان].
هو محمد بن عجلان المدني، وهو صدوق، حديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سعيد المقبري].
هو سعيد بن أبي سعيد المقبري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.
أورد النسائي حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، وهو مثل حديث أبي هريرة المتقدم، يعني: السؤال، والجواب، والاستثناء، مثله تماماً.
قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].
هو محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه . ومحمد بن سلمة شخصان في طبقة شيوخ النسائي، وفي طبقة شيوخ شيوخه، فالذي من طبقة شيوخه هو: محمد بن سلمة المرادي المصري، والذي من طبقة شيوخ شيوخه هو: محمد بن سلمة الباهلي، فهذا من طبقة شيوخ شيوخه، فإذا جاء في طبقة شيوخ النسائي محمد بن سلمة فالمراد به: المصري المرادي، وإذا جاء في طبقة شيوخ شيوخه محمد بن سلمة فالمراد به: الباهلي.
[و الحارث بن مسكين].
هو الحارث بن مسكين المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي .
[عن ابن القاسم].
هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، وحديثه أخرجه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي .
[حدثني مالك].
هو مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام، المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة.
[عن يحيى بن سعيد].
هو الأنصاري، وقد مر ذكره.
[عن سعيد بن أبي سعيد].
هو المقبري، وقد مر ذكره.
[عن عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو الحارث بن ربعي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مشهور بكنيته أبو قتادة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث أبي قتادة رضي الله عنه، وهو مثل الذي قبله، إلا أن فيه بيان سبب سؤال هذا السائل للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر لهم فضل الجهاد، والإيمان بالله عز وجل، فعند ذلك سأل هذا الرجل هذا السؤال؛ لأنه قاله بعدما سمع ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، في فضل الجهاد في سبيل الله، فسأل كونه يقاتل في سبيل الله، فيقتل، فأجابه عليه الصلاة والسلام بأنه إذا صار صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر، فإن ذلك يكفر سيئاته، إلا الدين، كما قال ذلك جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث بن سعد المصري].
ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن أبي سعيد عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه].
سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه، وقد مر ذكرهم.
أورد النسائي حديث أبي قتادة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله: [أخبرنا عبد الجبار بن العلاء].
لا بأس به، وهي بمعنى صدوق، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي .
[حدثنا سفيان].
هو ابن عيينة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن دينار].
وقد مر ذكره.
[أنه سمع محمد بن قيس].
هو محمد بن قيس المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه .
[عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه].
وقد مر ذكرهما.
أخبرنا هارون بن محمد بن بكار حدثنا محمد بن عيسى وهو ابن القاسم بن سميع حدثنا زيد بن واقد عن كثير بن مرة: أن عبادة بن الصامت رضي الله عنه حدثهم: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ما على الأرض من نفس تموت ولها عند الله خير، تحب أن ترجع إليكم، ولها الدنيا إلا القتيل، فإنه يحب أن يرجع فيقتل مرة أخرى)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: ما يتمنى في سبيل الله عز وجل، وهو الشهادة، وتكرار الشهادة.
أورد النسائي حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال: [(ما على الأرض من نفس تموت ولها عند الله خير تحب أن ترجع إليكم، ولها الدنيا إلا القتيل)].
يعني: لا أحد من الناس يموت، ويجد خيراً عند الله عز وجل، يحب أن يرجع إلى الدنيا، إلا القتيل، فإنه يحب أن يرجع إلى الدنيا لا من أجل الدنيا، والرغبة فيها، بل من أجل أن يجاهد مرةً أخرى، ثم يقتل؛ وذلك لعظم شأن الشهادة، وعظم أجرها عند الله عز وجل.
صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي .
[حدثنا محمد بن عيسى وهو ابن القاسم بن سميع].
صدوق يخطئ، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه .
[عن كثير بن مرة].
ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة.
[أن عبادة بن الصامت حدثهم].
صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا أبو بكر بن نافع حدثنا بهز حدثنا حماد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يؤتى بالرجل من أهل الجنة فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم، كيف وجدت منزلك؟ فيقول: أي رب، خير منزل، فيقول: سل وتمن، فيقول: أسألك أن تردني إلى الدنيا، فأقتل في سبيلك عشر مرات؛ لما يرى من فضل الشهادة)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: ما يتمنى أهل الجنة، وقد أورد النسائي فيه حديث: أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(يؤتى بالرجل من أهل الجنة، فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم، كيف وجدت منزلك؟ فيقول: أي رب، خير منزل، فيقول: سل وتمن)].
يعني: يؤتى بالرجل من أهل الجنة، فيقال له: كيف وجدت منزلك؟ فيقول: أي رب، خير منزل، فيقال: تمنى، فيتمنى أن يرجع إلى الدنيا، فيقتل عشر مرات؛ لما يرى من عظيم أجر الشهادة، وثواب الشهادة. وهو مثلما تقدم من الأحاديث في معناها.
هو محمد بن أحمد، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي .
[حدثنا بهز].
هو بهز بن أسد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد].
هو حماد بن سلمة، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن ثابت].
هو ثابت بن أسلم البناني البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو أنس بن مالك، رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا عمران بن يزيد حدثنا حاتم بن إسماعيل عن محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الشهيد لا يجد مس القتل، إلا كما يجد أحدكم القرصة يقرصها)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: ما يجد الشهيد من الألم، أي: صفته وبيان وصفه، ثم أورد النسائي حديث أبي هريرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: [(الشهيد لا يجد مس القتل إلا كما يجد أحدكم القرصة يقرصها)].
يعني: أنه شيء يسير يحصل له كالقرصة التي تحصل للإنسان، ثم بعد ذلك لا يحس بها، ومعنى هذا: أن القتيل يحصل له هذا القتل الذي به تنتهي حياته، ولا يجد من الألم إلا مثلما يجد من قرص قرصة، وانتهت تلك القرصة، فلا يحس بشيء بعد ذلك.
هو عمران بن خالد بن يزيد، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا حاتم بن إسماعيل].
صدوق يهم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عجلان].
وقد مر ذكره.
[عن القعقاع بن حكيم].
ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي صالح].
هو ذكوان السمان، وقد مر ذكره.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.
أخبرنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا ابن وهب حدثني عبد الرحمن بن شريح: أن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف حدثه عن أبيه، عن جده رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من سأل الله عز وجل الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه)].
ثم أورد النسائي : مسألة الشهادة، يعني: كون الإنسان يسأل الشهادة، ويطلب الشهادة، ويرجو الشهادة من الله عز وجل، أورد فيه حديث سهل بن حنيف رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه)]، يعني: أنه سأل الله عز وجل وطلب منه أن يرزقه الشهادة راغباً في ذلك محتسباً، فإن الله تعالى يبلغه منازل الشهداء، وإن مات على فراشه.
هو يونس بن عبد الأعلى الصدفي، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني عبد الرحمن بن شريح].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف].
ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو أبو أمامة، وله صحبة، وأخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن جده].
هو سهل بن حنيف صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(خمس من قبض في شيء منهن فهو شهيد، من قتل في سبيل الله شهيد)]، وهذا شهيد المعركة، [(ومن غرق في سبيل الله شهيد)].
قوله: [(والمبطون في سبيل الله شهيد)].
أي: الذي أصابه البطن، وداء البطن شهيد.
قوله: [(والمطعون شهيد )]، أي: الذي أصابه الطاعون، الذي أصيب بمرض الطاعون.
قوله: [(والنفساء في سبيل الله شهيد)]، يعني: هذا الحديث فيه ذكر خمسة وصفوا بأنهم شهداء، وفيه وصف كل واحد منهم بأنه في سبيل الله والأول أمره واضح، في سبيل الله الذي قتل، وأما الباقون، فيمكن أن يكون المراد بذلك في سبيل الله، وأنه إذا حصل ذلك لهم ولو لم يحصل قتل، فإنهم يكونون شهداء، كما مر بأن الذي يموت في سبيل الله، ويحصل ذلك الأجر، وإن لم يحصل له القتل، وقد جاء في بعض الأحاديث ذكرها مطلقة بدون تقييد في سبيل الله، والمقصود: أن هؤلاء وإن لم يكونوا في سبيل الله، وإن لم يجاهدوا في سبيل الله، وإنما ماتوا على فرشهم، فلهم أجر الشهداء؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث ذكر ذلك مطلقاً بدون تقييد بأن يكون في سبيل الله، ولا شك أن من حصل له ذلك في سبيل الله، فهو شهيد، وله أجر الشهادة، ولكن أيضاً من لم يكن ذلك وهو سائر للجهاد، ومات بهذه الأسباب فهو شهيد، أي: له أجر الشهادة.
وقد عقد النووي في كتاب رياض الصالحين ترجمة أورد فيها أحاديث، قال في هذه الترجمة: باب: ذكر جماعة من الشهداء في ثواب الآخرة، ويغسلون ويصلى عليهم، يعني: أنهم شهداء في ثواب الآخرة، وليسوا شهداء معركة، ولكنهم ملحقون بالشهداء في الثواب، ولكن ليسوا كالشهداء الذين لا يغسلون، ولا يصلى عليهم، بل هؤلاء يغسلون ويصلى عليهم، ولكنهم ألحقوا بالشهداء، ونسبت إليهم الشهادة، وحصلت لهم الشهادة، أي: من حيث الأجر، والثواب، لا من حيث أنهم حصل لهم ما حصل لمن قتل في سبيل الله عز وجل.
وقد مر ذكرهم.
[عن عبد الله بن ثعلبة الحضرمي].
مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[أنه سمع ابن حجيرة].
هو عبد الرحمن بن حجيرة، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[يخبر عن عقبة بن عامر].
هو عقبة بن عامر الجهني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث أبي نجيح العرباض بن سارية رضي الله عنه أنه قال: [(يختصم المتوفون على فرشهم إلى ربهم في الذين ماتوا في الطاعون، فيقول الشهداء: إنهم مثلنا قتلوا كما قتلنا)] يعني: أنهم أصابهم الطاعون الذي به هلكوا، وماتوا، كما حصل لهم القتل، أي: أنه يشبه هذا الذي جرى لهم ما جرى للشهداء، [(وقال المتوفون على فرشهم: هم إخواننا ماتوا كما متنا على فرشنا)]، والمقصود من ذلك: أنهم يريدون أن يلحقوا بهم، كما أن أولئك شهداء، فهم يريدون أن يكونوا مثلهم في الأجر والثواب، يعني: هذا هو المقصود من كون المتوفين على فرشهم، يقولون: إنهم مثلنا، أي: فنحن نرجو أن تعطينا ما أعطيتهم، وأن تثيبنا ما أثبتهم؛ لأنهم ماتوا على فرشهم، ونحن مثلهم متنا على فرشنا، فيقال: انظروا إلى جراحهم، فإن أشبهت جراح الشهداء فإنهم منهم ومعهم، فإذا جراحهم قد أشبهت جراحهم، يعني: أنهم مثل الشهداء.
وقد مر ذكرهم.
[عن ابن أبي بلال].
هو عبد الله بن أبي بلال، وهو مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والترمذي، والنسائي .
[عن العرباض بن سارية].
هو أبو نجيح، حديثه أخرجه أصحاب السنن الأربعة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر