أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إن الله عز وجل يعجب من رجلين يقتل أحدهما صاحبه، وقال مرة أخرى: ليضحك من رجلين يقتل أحدهما صاحبه، ثم يدخلان الجنة)].
يقول النسائي رحمه الله: اجتماع القاتل والمقتول في سبيل الله في الجنة، المقصود من هذه الترجمة: بيان ما اشتمل عليه الحديث الذي سيق تحتها من جهة أن قاتلاً ومقتولاً في سبيل الله عز وجل اجتمعا في الجنة، القاتل الذي هو كافر قتل مسلماً يجاهد في سبيل الله، فكان ذلك المقتول في سبيل الله شهيداً، ويكون من أهل الجنة، ثم إن هذا الكافر القاتل من الله عليه بالإسلام، وقاتل حتى استشهد في سبيل الله، فاجتمع القاتل والمقتول في الجنة.
وقد أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (يعجب الله من رجلين يقتل أحدهما صاحبه، وقال مرة: ليضحك من رجلين يقتل أحدهما صاحبه، ثم يدخلان الجنة)، والحديث جاء بلفظ العجب، وجاء بلفظ الضحك، وهما صفتان لله عز وجل ثابتتان؛ العجب ثابت في السنة، والضحك ثابت في السنة كما في هذا الحديث، والعجب أيضاً ثابت في القرآن على إحدى القراءتين، أو على إحدى القراءات الثابتة في قول الله عز وجل: بل عجبتُ ويسخرون، على قراءة أن المتكلم بذلك هو الله عز وجل، وهي من آيات الصفات، أما على قراءة: بَلْ عَجِبْتَ [الصافات:12]، يكون الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهي ليست من آيات الصفات، وعلى هذا، فالعجب والضحك صفتان من صفات الله عز وجل ثابتتان لله عز وجل، وهما على ما يليق بكماله وجلاله دون مشابهة لخلقه على حد قول الله عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة في جميع الصفات؛ يثبتون لله عز وجل كل ما أثبته لنفسه، وأثبته له رسوله عليه الصلاة والسلام من غير تشبيه ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل، بل على ما يليق بكمال الله وجلاله، على حد قول الله عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، فإن هذه الآية الكريمة هي عمدة أهل السنة والجماعة في إثبات الصفات مع التنزيه؛ لأن قول الله عز وجل في آخر الآية: وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، فيه الإثبات للسمع والبصر، وقوله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11]، التنزيه لله عز وجل من أن يكون سمعه وبصره كأسماع المخلوقين وأبصارهم؛ بل سمعه وبصره كما يليق به من غير مشابهة لخلقه.
وأهل السنة والجماعة في باب الصفات وسط بين المعطلة والمشبهة، فالمشبهة أثبتوا وشبهوا، والمعطلة عطلوا ونزهوا، وأهل السنة والجماعة أثبتوا ونزهوا، فالمشبهة عندهم حق وهو الإثبات إذ لم يعطلوا، ولكن عندهم باطل وهو التشبيه، والمعطلة عندهم نفي وعندهم تنزيه، وأهل السنة والجماعة تركوا النفي وتركوا التشبيه، وصاروا إلى الإثبات مع التنزيه؛ فيثبتون لله عز وجل ما أثبته لنفسه، وأثبته له رسوله على وجه يليق بكماله وجلاله، مع تنزيهه عن مشابهة المخلوقين، بل صفاته كما يليق به سبحانه وتعالى، فهم وسط بين المشبهة والمعطلة، المشبهة أثبتوا وشبهوا، وأهل السنة أثبتوا ولم يشبهوا، والمعطلة نفوا ونزهوا، وأهل السنة أثبتوا ونزهوا، فلم ينفوا ولم يعطلوا، بل هم مثبتة منزهة، ومثبتة غير معطلة ومشبهة، بل هم منزهة لله عز وجل عن مشابهته لخلقه سبحانه وتعالى، هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة في صفات الله عز وجل على سبيل العموم، أي: بالنسبة لجميع الصفات، كلها من باب واحد، وكلها على طريقة واحدة، كل ما ثبت في الكتاب والسنة يثبت على ما يليق بالله عز وجل من غير تشبيه ومن غير تعطيل، بل على حد قول الله عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].
هو محمد بن منصور الجواز المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي.
[حدثنا سفيان].
هو ابن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزناد].
هو عبد الله بن ذكوان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأبو الزناد لقب، وكنيته: أبو عبد الرحمن، واسمه: عبد الله بن ذكوان.
[عن الأعرج].
هو عبد الرحمن بن هرمز المدني، مشهور بلقبه: الأعرج، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدخل الجنة؛ يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل، ثم يتوب الله على القاتل فيقاتل فيستشهد)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: تفسير ذلك، يعني: تفسير كون القاتل والمقتول في سبيل الله عز وجل يجتمعان في الجنة، تفسير ذلك هو كما قال: يقاتل المسلم في سبيل الله، فيقتل، ثم الكافر الذي قتله يتوب الله عز وجل عليه فيسلم، ثم يجاهد في سبيل الله عز وجل فيستشهد، فيلتقي القاتل والمقتول في الجنة.
هو محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
[و الحارث بن مسكين].
هو مصري ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي.
[عن ابن القاسم].
هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[حدثني مالك].
وهو إمام دار الهجرة، المحدث، المشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهم.
قال الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب أخبرني عبد الرحمن بن شريح عن عبد الكريم بن الحارث عن أبي عبيدة بن عقبة عن شرحبيل بن السمط عن سلمان الخير رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من رابط يوماً وليلة في سبيل الله كان له كأجر صيام شهر وقيامه، ومن مات مرابطاً أجري له مثل ذلك من الأجر، وأجري عليه الرزق، وأمن من الفتان)].
أورد النسائي فضل الرباط، أي: الرباط في سبيل الله، والرباط: هو المكث في الثغور التي فيها الحراسة لبلاد المسلمين من الكفار حتى لا يهجموا عليها، وحتى يكونوا على علم بما يحصل من تحركات الأعداء، فهم مرابطون ماكثون مقيمون في المكان يحرسون المسلمين من أن يهجم عليهم أعداؤهم، أو يتعرفون إلى ما يحصل من الأعداء حتى يخبروا المسلمين بذلك، فيستعدوا ويتهيأوا لصدهم عن المسلمين، فهذا هو الرباط.
وقد أورد النسائي حديث سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [(من رابط يوماً وليلة في سبيل الله كان كأجر صيام شهر وقيامه)]، وهذا يدل على فضل المرابطة في سبيل الله، وأن يوماً وليلة مرابطتها في سبيل الله تعدل صيام شهر وقيامه، وهذا فضل عظيم وثواب جزيل؛ فهو يدل على سعة الثواب، وعلى كثرة الثواب لمن رابط في سبيل الله عز وجل.
قوله: [(ومن مات مرابطاً أجري له مثل ذلك من الأجر)].
يعني: أنه كل يوم وليلة يحصل له أجر كأجر صيام شهر وقيامه، وهذا من فضل الله عز وجل وكرمه، وأنه إذا مات وهو في هذا العمل الجليل الذي هو المرابطة في سبيل الله عز وجل فإن الله تعالى يجري له ذلك الثواب الذي هو كون كل يوم وليلة يحصل له أجر يعدل صيام شهر وقيامه.
قوله: [(وأجري عليه الرزق)].
يعني: أنه يرزق بعد موته، كما قال الله عز وجل عن الشهداء: بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169]، يعني: ويجري لهم الرزق والعطاء الذي يعطيهم الله عز وجل وينعمهم به، فهو ينعم، ويجري الرزق الذي هو تنعيمه، وكونه ينعم في نعيم الجنة، هذا هو رزقه، كما قال الله عز وجل في حق الشهداء: بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169].
قوله: [(وأمن من الفتان)]، والفتان: هو الشيطان الذي يأتي بأسباب الفتن؛ فهو يؤمن من الفتان الذي يوقعه في الفتن ويوصله إليها، فيكون سالماً من ذلك، وقيل: أنه الفُتان بالضم، وأن المراد بذلك: فتنة منكر ونكير التي تحصل للناس في قبورهم، فإنهم يأمنون من ذلك، بمعنى: أنهم يسلمون، وأنه لا يضرهم ما يحصل منهم من الفتنة والاختبار للناس؛ لأن هذا مات مرابطاً في سبيل الله، وله هذا الأجر العظيم والثواب الجزيل، وله السلامة من الفتان أو الفُتان.
مر ذكره، وهذه العبارة التي هي: [قال الحارث بن مسكين] سبق أن ذكرت، ومعناها: أن النسائي له مع الحارث بن مسكين حالتان: حالة قد رضي وأذن له في حضور مجلسه وتلقي الحديث عنه، فهو في هذه الحال يقول: أخبرنا الحارث بن مسكين، وحالة كان يمنعه من أن يحضر درسه، وأن يتلقى عنه الحديث لوحشة حصلت بينه وبينه، فكان يحضر من وراء الستار، ويسمع ويروي بهذا اللفظ، ولا يقول: أخبرنا؛ لأنه لم يقصد إخباره، ولم يقصد تحديثه، فكان يقول العبارة المطابقة للواقع التي يعزو فيها الشيء إليه، وليس فيها ذكر التحديث والإخبار.
[عن ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني عبد الرحمن بن شريح].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الكريم بن الحارث].
[عن أبي عبيدة بن عقبة].
هو أبو عبيدة بن عقبة بن نافع، وهو مقبول، أخرج حديثه مسلم والنسائي.
[عن شرحبيل بن السمط].
له صحبة، وحديثه أخرجه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سلمان الخير].
هو سلمان الفارسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث سلمان من طريق أخرى، وهو مثل الطريق السابقة.
قوله: [أخبرنا عمرو بن منصور].
هو عمرو بن منصور النسائي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا عبد الله بن يوسف].
هو عبد الله بن يوسف التنيسي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا الليث].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب بن موسى].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مكحول].
هو مكحول الشامي، وهو ثقة يرسل كثيراً، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن شرحبيل بن السمط عن سلمان].
وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث عثمان رضي الله عنه المتعلق بفضل الرباط، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: [(رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل)]، يعني: من الأعمال، فإن رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم في عمل آخر.
وقد مر ذكرهم.
[عن زهرة بن معبد].
ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثني أبي صالح مولى عثمان].
مقبول، أخرج حديثه الترمذي والنسائي.
[سمعت عثمان بن عفان].
هو عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثالث الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، ذو النورين رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو مثل الطريق السابقة.
قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].
هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الرحمن بن مهدي].
هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن المبارك].
هو عبد الله بن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبي معن].
هو محمد بن معن، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن زهرة بن معبد عن أبي صالح مولى عثمان قال عثمان].
وقد مر ذكرهم.
أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم حدثني مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا ذهب إلى قباء يدخل على
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: فضل الغزو في البحر، يعني: كون الجهاد في سبيل الله يكون بركوب البحر، والانتقال إلى البلدان التي يراد جهاد أهلها، وركوب البحر للوصول إلى ذلك، هذا هو المقصود من الترجمة. وقد أورد النسائي حديث أنس رضي الله تعالى عنه، [(أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يذهب إلى قباء، ويمر على
والمقصود من الحديث هو أن النبي عليه الصلاة والسلام بين أن هؤلاء الغزاة الذين يغزون في سبيل الله، والذين رآهم النبي صلى الله عليه وسلم في رؤيا مرتين، وأنهم يركبون ثبج هذا البحر، أي: وسطه أو معظمه، معناه: أنهم يتعمقون في البحر، ويذهبون إلى الجهات التي يريدون فتحها وإدخال أهلها في الإسلام، وأنهم بهذا الوصف الذي هو أهل شرف وعزة، وأنهم ملوك على الأسرة، أو كالملوك على الأسرة، وفيه فضيلة هذه المرأة وهي: أم حرام، وهي أنها طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله أن يجعلها منهم، فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهبت وحصل لها الموت في سبيل الله بعد أن خرجت من البحر عائدين، وركبت على دابة، فسقطت منها، وماتت رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
وما جاء في الحديث من دخول النبي صلى الله عليه وسلم عليها، وكونه يجلس معها وتفليه، هذا الذي ورد في الحديث أحسن ما قيل فيه: أنه من خصائصه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه جاء عنه عليه الصلاة والسلام ما يدل على امتناع الخلوة، وعدم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية، وكذلك كون المرأة تمس الرجل وهي أجنبية منه، هذا الذي حصل في الحديث من قيامها بهذه المهمة، وكونه يقيل عندها، وكونها تفليه وتفتش رأسه، فتخرج ما فيه من القمل وتقتله، قيل: إن هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم، وهو لا يحل في حق أمته، ومن العلماء من قال: إن فيه محرمية من جهة أن أخوال الرسول صلى الله عليه وسلم من الأنصار، وهي أنصارية، لكن الأمر الواضح الذي هو الأقرب والأظهر، والأمر الذي هو بين أن يقال: إن هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم، وليست الأمة مثله في ذلك؛ لأنه جاء ما يدل على منعها من ذلك فيما يتعلق بتحريم الخلوة، وفيما يتعلق بمس المرأة للرجل الأجنبي.
وقد مر ذكرهم.
[عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس].
هو أنس بن مالك رضي الله عنه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
[عن أم حرام بنت ملحان].
هي خالة أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه وعنها وعن الصحابة أجمعين، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
ثم أورد النسائي حديث أم حرام بنت ملحان، وهو من مسندها، قالت: [(أتانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال عندنا)].
يعني: نام في القيلولة، (قال) من القيلولة، وليس من القول؛ لأن قال تأتي من القيلولة وتأتي من القول، وهنا بمعنى القيلولة: (أتانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال عندنا)، أي: أنه نام في القيلولة عندنا، وهذا من جنس ما جاء في الحديث: (مثل الدنيا كراكب قال في ظل دوحة)، يعني: نام في القيلولة تحت ظل شجرة ثم قام وتركها، فهذا هو مثل الدنيا.
قوله: [(قالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما الذي أضحكك؟)].
يعني: أنت مفدي بأبي وأمي، وليس قسم بالأب والأم، وإنما هو تفدية، أنت مفدي بأبي وأمي يا رسول الله! ما الذي أضحكك؟ فأخبرها عليه الصلاة والسلام بالقوم الذين عرضوا عليه يركبون البحر غزاة في سبيل الله، فقالت: ادع الله أن يجعلني منهم، قال: أنت منهم، ثم نام مرة أخرى، واستيقظ وهو يضحك، فأخبرته، وأخبرها كالخبر الذي قاله أولاً، فقالت: ادع الله أن يجعلني منهم، قال: أنت من الأولين، يعني: مع الجماعة الأولى الذين رآهم في النومة الأولى، فذهبت مع زوجها عبادة بن الصامت، ولما خرجت من البحر عائدين قدمت لها بغلة تركبها فركبتها، فسقطت منها واندقت عنقها وماتت رضي الله تعالى عنها وأرضاها، فالحديث مثل الذي قبله، إلا أن هذا من مسند أم حرام خالة أنس، والأول من مسند أنس.
وقوله: [(كالملوك على الأسرة)].
يعني: ملوكاً على الأسرة، معناه أنهم عندهم شرف وعندهم عزة وعلو ورفعة، فهم ملوك على الأسرة أو كالملوك على الأسرة، يعني: شك الراوي، هل قال ملوك أو قال: كالملوك.
ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا حماد].
هو حماد بن زيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن سعيد].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن يحيى بن حبان].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك عن أم حرام].
وقد مر ذكرهما.
أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم حدثنا زكريا بن عدي حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن سيار، ح وأخبرنا هشيم عن سيار عن جبر بن عبيدة، وقال عبيد الله: عن جبير عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (وعدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غزوة الهند، فإن أدركتها أنفق فيها نفسي ومالي، فإن أقتل كنت من أفضل الشهداء، وإن أرجع فأنا
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: غزوة الهند، يعني: ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من كون المسلمين يغزون الهند، وأورد فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: [(وعدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غزوة الهند، فإن أدركتها أنفق فيها نفسي ومالي)]، يعني: أنه يخرج بنفسه وماله.
قوله: [(فإن أقتل كنت من أفضل الشهداء وإن أرجع فأنا أبو هريرة المحرر)].
يعني: المحرر من الذنوب، والذي تخلص من الذنوب، يعني أنه إن قتل فهو من أفضل الشهداء، وإن عاد فإنه يرجع سالماً وخالياً من الذنوب، هذا هو معنى هذا الحديث.
ثقة، أخرج له البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه.
[حدثنا زكريا بن عدي].
ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود في المراسيل، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا عبيد الله بن عمرو].
هو عبيد الله بن عمرو الرقي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زيد بن أبي أنيسة].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن سيار أبو الحكم].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ح وأخبرنا هشيم].
(ح) هذه تدل على التحول من إسناد إلى إسناد، وهذا الإسناد الثاني لا يرجع إلى النسائي، بل هو تحول من إسناد إلى إسناد، ولكن في أثنائه وليس من أوله؛ لأن هشيم بن بشير الواسطي من طبقة شيوخ شيوخ النسائي، يعني: متقدم ولم يدركه، فالتحويل هو للتحول إلى إسناد من أثنائه، وليس من أوله. وهشيم هو ابن بشير الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سيار].
وقد مر ذكره.
[عن جبير].
هو جبير بن عبيدة، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
وقال: عبيد الله، يعني: وفي السياق الذي تقدم أنه جبر بن عبيدة، وهذا بإسناد هشيم، وقال: عبيد الله، أي: ابن عمرو الذي هو في الإسناد الأول، والذي روى عنه زكريا بن عدي، قال: قال جبير بن عبيدة، ويقصد بذلك جبر بن عبيدة الذي تقدم في إسناد هشيم؛ لأنه في إسناد هشيم: جبر بن عبيدة، وفي إسناد عبيد الله بن عمرو الرقي الذي هو الأول: جبير بن عبيدة؛ لأنه باسمه واسم أبيه، يعني: إما يقال: جبر بن عبيدة، أو جبير بن عبيدة.
[عن أبي هريرة].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد مر ذكره.
أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم.
قوله: [حدثني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم].
هو المشهور أبوه بـابن علية، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا يزيد].
هو يزيد بن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا هشيم حدثنا سيار عن جبر بن عبيدة عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهم.
أورد النسائي حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (عصابتان من أمتي أحرزهما الله من النار)، أي: أنجاهما من النار وخلصهما من النار: (عصابة تغزو الهند، وعصابة تكون مع ابن مريم عليهما السلام)، والمقصود من ذلك هو الجملة الأولى التي هي قوله: (عصابة تغزو الهند)؛ لأن هذا هو محل الشاهد لغزوة الهند، والجماعة التي تغزو الهند، والجماعة التي ستكون مع عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام عندما ينزل في آخر الزمان من السماء، ويقتل الدجال، ويحصل ما يحصل على يديه، فهاتان العصابتان أحرزهما الله عز وجل من النار، أي: خلصهما من النار، ونجاهما من النار.
قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم].
ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي.
[حدثنا أسد بن موسى].
المشهور بـأسد السنة، وهو صدوق يغرب، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا بقية].
هو بقية بن الوليد، وهو صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء، فحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثني أبو بكر الزبيدي].
هو أخو محمد بن الوليد الزبيدي، وهو مجهول الحال، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن أخيه محمد بن الوليد].
هو محمد بن الوليد الزبيدي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن لقمان بن عامر].
صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه في التفسير.
[عن عبد الأعلى بن عدي البهراني].
ثقة، أخرج له أبو داود في المراسيل، والنسائي، وابن ماجه.
[عن ثوبان].
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
وهذا الحديث الأخير في إسناده أبو بكر الزبيدي أخو محمد بن الوليد الزبيدي، وهو مجهول الحال، لكن الحديث جاء من طريق أخرى فيها شخص آخر ثقة قرن بأبي بكر الزبيدي هذا، وقد صححه الألباني، وذكره في الأحاديث الصحيحة برقم: (1934)، وجاء في بعض الطرق أنه قرن به شخص ثقة، فإذاً: المعول على الثقة، وليس على هذا المجهول الحال.
أما الحديث الذي قبله فقد ضعفه الألباني، ولعله بسبب جبر بن عبيدة، أو جبير بن عبيدة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر